ادب الطف الجزء الاول ::: 316 ـ 330
(316)
وسل عنه خيبر ذات الحصونِ سبـطـاه جـدهمـا أحـمد ولاعجب غير قـتل الحسين فيا أسـداً ظـل بين الكلاب لئـن كـان روَّعـنا فقـده كم قـد بـكيـنا عـليه دماً وبـيضٍ صـوارم مصقولة وكـم من شعـارٍ لنا باسمٍه وكم مـن سـواد حددنا به ونوحٍ عليه لنـا بـالصهيل وذاك قـليل لـه مـن بني تخبـّرك عنه وعن مرحبِ فبـخ لـجـدهـمـا والابِ ظمان يقصي عـن الشرب تنـهشـه دامـي المـخلبِ وفاجأ من حيث لم يحـسب بسمر مثـقـفة الأكـعـبِ متى يمتَحن وقعها تشـربِ يُجدد منها علـى الـمذنبِ وتطويل شعر على المنكب وصلصلة اللجم فـي منقبِ ابـيه ومنـصبه الاقـربِ (1)
    وقوله تحت عنوان ، لو أنه ابيه :
من دام هجو عليّ لـو أنـه لأبـيه فشعره قـد هجاه ما كان يهجو أباه (1)
    الشاعر :
    ابو العباس عبد الله بن المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي اخذ الادب عن ابي العباس المبرد وابي العباس ثعلب وغيرهما ، قال ابن خلكان كان اديبا بليغا شاعراً مطبوعا مقتدراً على الشعر قريب المأخذ سهل اللفظ جيد القريحة حسن الابداع للمعاني الى ان جرت له الكائنة في خلافة المقتدر واتفق معه جماعة من رؤساء الاجناد ووجوه الكتاب فخلعوا المقتدر يوم السبت لعشر
1 ـ عن ديوانه.

(317)
بقين وقيل لسبع بقين من شهر ربيع الاول سنة ست وتسعين ومائتين وبايعوا عبد الله المذكور ولقبوه المرتضى بالله واقام يوما وليلة ثم ان اصحاب المقتدر تحزبوا وتراجعوا وحاربوا اعوان ابن المعتر وشتتوهم واعادوا المقتدر الى دسته واختفى ابن المعتز في دار ابن الجصاص التاجر الجوهري فاخذه المقتدر وسلمه الى مؤنس الخادم الخازن فقتله وسلمه الى اهله ملفوفا في كساء ، وذلك يوم الخميس ثاني شهر ربيع الآخر سنة ست وتسعين ومائتين ، ودفن في خرابة بازاء داره ، ومولده لسبع بقين من شعبان سنة سبع واربعين ومائتين.
    وجاء في مقدمة ديوانه المطبوع في دار صادر ببيروت سنة 1381 هـ : عبد الله بن المعتز ، الخليفة العباسي ، ولد في بغداد ونشأ فيها ، وثار الرؤساء للجند والكتاب فخلعوا المقتدر وجعلوا ابن المعتز مكانه وبايعوه بالخلافة ولّقبوه المرتضى بالله ، غير ان خلافته لم تدم الا يوماً وليلة ، ذاك بأن انصار المقتدر لم يلبثوا أن تغلبوا على انصاره وفتكوا بهم وأعادوا صاحبهم الى عرشه ، ففرّ ابن المعتز واختبأ كما ذكرنا سابقاً.
    اقتبس ابن المعتز اداب العرب وعلومهم من ابي العباس المبرد وابي العباس ثعلب فخرج شاعراً مطبوعا جيد القريحة ، وكانت حياته حياة انس وطرب ، ومعازف وقيان فظهرت صور هذه في شعره.
    قال صاحب روضات الجنات ، وكان ذا نُصب وعداوة شديدة مع اهل البيت عليهم السلام ، وذكر له ابن خلكان عدة مؤلفات منها طبقات الشعراء ، ومنها كتاب الزهر والرياض ، وكتاب البديع ، وكتاب مخاطبات الاخوان بالشعر ، وكتاب اشعار الملوك ، وكان يقول : لو قيل لي ما احسن شعر تعرفه لقلتُ قول العباس بن احنف :
قد سحب الناس اذيال الظنون بنا وفرّق الناس فينا قولهم فرقا


(318)
فكاذب قد رمى بالظن غيركم وصادق ليس يدري انه صدقا
    ومن شعره :
« طار نومي »
طار نـومـي ، وعـاود القلب عيدُ جلّ ما بي ، وقل صبري ففي قلـ سهر يفـتق الجـفـون ، ونـيـران لامني صـاحـبـي ، وقلبي عمـيدُ شيّبتني ، وما يشـيّـبـني الـسـن فتراني مثل الصحيفة قد أخـلصـها أين اخواني الأولـى كنت أصفيـهم شردتهم كـف الـحـوادث والأيـام فلقد أصبحـوا ، وأصـبـحت منهم هل لـدنيـا قـد أقبلت نحونا دهراً من مـعـاد أم لامـعـاد لـديـنا ربمـا طـاف بـالـمـدام عليـنا أكـرع الـكـرعـة الـرويـة في أيها السائلي عـن الحسـب الاطيب نحن آل الرسول والـعـترة الحـق ولنـا مـا أضـاء صـبـحُ علـيه وملـكـنـا رقّ الامـامـة ميـراثا وأبـونـا حـامـي الـنبي ، وقـد وأبـى لـي الـّرقـادَ حزن شديد (1) بي جراح ، وحشو جفني السهود تلـظـى ، قـلـبي لهـنّ وقـود أيـن مـمـا يـريـده مـا أُريـد هـمـوم تتـري ، ودهـر مريـد عـنـد صـقـلـهـا تـرديـد ودادي ، وكـلـهـم لـي ودود مـن بعـد جـمعـهم تـشـريـد كـلخـاء أسـتـلُّ مـنه الـعود (2) فـصـدّت ، وليـس منا صـدود فأسل عنـها فـكـل شـيء يـبيد عسكري كغـصـن بـانٍ يمـيـد كـاس ، وطرفـي بـطرفه معقود مـا فـوقـه لخـلـقٍ مـزيـد وأهـل الـقربـى فـماذا تـريـد وأتـتـه ايـات لـيـل سـود فـمـن ذاعّنـا بـفـخر يجـيـد أدبر مـن تعـلـمون ، وهـو يذود

1 ـ العيد : ما اعتادك من مرض او حزن او هم ونحو ذلك.
2 ـ اللخاء : قشر العود.


(319)
ذاك يوم إستطار بالجـمع ردع كان فيهـم منا المكـاتـم ايماناً رسل القـوم حـين لدّوا جميعاً في حنين ، وللوطيس وقود وفرعونُ غافـل والـجنود غيره ، كيف فُضِّلَ الملدود (1)
    ومن شعر ابن المعتز قصيدته التي يهجو بها الطالبيين ويتحامل على العلويين وهي مثبتة في ديوانه تتكون من اربعين بيتاً ، فردّ عليه انصار العلويين ومنهم تميم بن معدّ الفاطمي المتوفى 374 نظم قصيدته التي أولها :
يا بني هاشم ولسنا سواء في صغار من العلى وكبار
    وكانت هذه القصيدة رداً على قصيدة ابن المعتز التي أولها :
أي رسم لال هند ودار درسا غير ملعب ومنار
    ومنهم القاضي التنوخي (2) بقصيدته التي رواها الشيخ الاميني في موسوعته عن كتاب ( الحدائق الوردية ) كما جاء ذكرها في ( نسمة السحر ) و منها
مـن ابـن رسول الله وابن وصيه نشأ بين طنـبورٍ وزقٍ ومـزهـر ومن ظهر سكران الى بطن قـينة بعيب عليا خير مـن وطيء الحصا ويزرى على السبطين سبطي محمد وينسب افعال القـراميـط كاذبـاً الى معشر لا يبـرح الـذم بيـنهم الـى مدغل (3) في عقدة الدين ناصب وفي حجر شاد أو على صدر ضارب علـى شـبه في ملـكـها وشوائب واكرم سـارٍ فـي الانـام وسـارب فقل في حضـيض رام نيل الكواكب الى عشرة الـهادي الـكرام الاطائب ولا تـزدرى أعـراضهـم بـالمعائب

1 ـ لدوا : خاصموا. الملدود : المخاصم.
2 ـ هو ابو القاسم علي بن محمد المعروف بالقاضي التنوخي المتوفي سنة 342 من افذاد القرن الرابع الهجري ، له اليد الطولى في كثير من العلوم ، قال الثعالبي : كان يتقلد قضاء البصرة والأهواز بضع سنين. وله عدة تصانيف في مختلف العلوم ، كعلم العروض والقوافي ، وذكر السمعاني واليافعي وابن حجر وصاحب الشذرات له ديوان شعر ، واختار منه الثعالبي ما ذكر من شعره.
3 ـ ادغل في الامر : افسد فيه.


(320)
اذا ما انتدوا كانـوا شمـوس بيوتهم وإن عبسوا يوم الوغى ضحك الردى نشوا بـيـن جبريل وبـين محـمد وزير الـنبي الـمـصطفى ووصيه ومن قـال في يـوم الـغديـر محمد امـا اننـي أولـى بـكم من نفوسكم فقـال لهـم : مـن كنت مـولاه منكم اطيعوه طـراً فـهـو مـني بمنزلي وان ركبـوا كانوا بـدور الركائب وإن ضحـكوا ابكوا عيون النوادب وبين عـلي خيـر مـاش وراكب ومشبهه فـي شيـمـة وضـرائب وقد خاف من غدر العداة النواصب فقالوا بلى ، قول المريب الموارب فهذا اخـي مـولاه بعدي وصاحبي كهرون من موسى الكليم المخاطب
    منها :
وقلت : بنو حرب كسوكم عمائماً صـدقتَ منـايانا السيوف وإنما ونحن الاولى لا يسرح الذم بيننا ومـا للـغواني والوغى فتعوذّوا ويوم حنين قلت حـزنا فـخاره أبوه مناد والـوصي مـضارب (1) وجئتم من الاولاد تـبغون إرثه وقلتم : نهضنا ثائرين شـعارنا فهلا بابـراهيـم كان شـعاركم من الضرب في الهامات حمر الذوائبِ تموتون فوق الفرش مـوت الكواعب ولا تَـدّري أعـراضـنا بـالمعائب بقـرع الـمثاني مـن قراع الكتائب ولو كـان يـدري عدّها في المثالب فـقل في منادٍ صيّـتٍ ومضـارب فأبعد بمحـجوب بحـاجب حـاجب بثارات زيد الخـيـر عند التحارب فتـرجـع دعـواكـم تَعـلَّةَ خائب
    ومنها :
فـكـم مـثل زيد قد أبادت سيوفكم ما حمل المنصور من ارض يثرب وقطعـتم بـالبغـي يـوم محـمد بلا سبب غير الظنون الكواذب بدور هدى تجلو ظلام الغياهبِ قرائن أرحـام لـه وقـرائب

1 ـ يريد العباس وعليا امير المؤمنين عليه السلام.

(321)
وفي ارض باخمرا مصابيح قد ثوت وغادر هاديـكم بفـخ طوائـفاً وهارونـكم أودى بغيـر جـريرة ومأمـونكم سمّ الرضـا بـعد بيعة فـهذا جـواب للـذي قال : مالكم متربة الهامات حمر الـترائب يغاديهم بالقـاع بقع النـواعب نجوم تقى مثل النجوم الثـواقب تهدّ ذرى شمّ الجبال الـرواسب غضاباً على الاقدار يا آل طالب
    واليكم قصيدة الشاعر صفي الدين من شعراء القرن الثامن و ستأتي ترجمته في هذه الموسوعة ، والقصيدة من غرر الشعر :
    الشاعر صفي الدين الحلي المولود سنة 677 والمتوفي 752 يردّ على قصيدة ابن المعتز العباسي التي أولها :
ألا من لعين وتسـكابها ترامت بنا حادثات الزمان ويارب ألسنة كالـسيوف تشكّي القذا و بكا هابها ترامـي القسي بنشابها تقطّع ارقـابَ اصحابها
    ويقول فيها :
ونحن ورثنا ثياب النبي لكم رحـم يابني بـنته فكم تـجذبون بأهـدابها ولكن بنو العم أولى بها
    ومنها :
قتلنا امية في دارها إذا ما دنوتم تلقّـيتم ونحن أحق بأسلابها زبونا أقرت بجلابها
    فأجابه الصفي بقوله :
ألا قل لشـر عـبيد الإله وباغي العباد وباغي العناد وطاغي قريش وكذّابها وهاجي الكرام ومغتابها


(322)
أأنـت تُفـاخـر آل الـنبـي بكـم باهل المـصطفى أم بهم أعنكم نـفي الرجـس أم عنهم أما الرجس والخـمر من دأبكم وقلت : ورثنـا ثـياب ( النبـي ) وعندك لايُـوَرثُ الأنـبـيـا فكذبـت نفـسك في الحالتـين أجَدَّك يرضـى بمـا قـلـته ؟ وكان بصـفين مـن حـزبهم وقد شمّر الموت عـن سـاقه فأقـبل يدعو إلـى ( حيدر ) وآثـر أن ترتضيـه الأنـام ليعـطي الـخلافة أهلاً لـها وصلى مع الناس طول الحياة فـهلا تقـمّـصها جدّكـم إذا جعل الأمر شـورى لـهم أخامسـهم كـان أم سـادساً ؟ وقـولك : أنتم بـنو بنـته بنـو البـنـت ايضا بنو عمه فدع في الخلافة فصل الخلاف وما أنتَ والفحص عن شأنها وما ساورتك سـوى ساعـة وكـيف يخصّوك يوما بها ؟ وقلت : بأنّـكـم الـقاتـلون وتجـحدها فضـل أحـسابها ؟ فردّ الـعـداة بأوصـابـها ؟ لطـهر النـفوس وألبـابـها ؟ وفـرط العـبادة مـن دابـها فكـم تجذبـون بأهـدابهـا ؟ فـكيف حظـيتم بأثـوابهـا ؟ ولم تعلـم الشّـهد من صابها وما كـان يـوماً بـمرتابـهـا لحربِ الطـغـاة وأحزابـهـا وكـشّرت الحرب عن نابـها بارغـابـهـا وبارهـابـهـا من الحكـمين لأسـبابهـا فـلم يرتـضوه لايـجابـهـا و ( حيدر ) في صدر مـحـرابها إذا كـان إذ ذاك أحـرى بـها ؟ فهل كـان من بعض أربابـها ؟ وقد جـليت بين خطـّابـها ولكن بـنو الـعم أولـى بـها وذلـك أدنـى لأنسـابـها فليـست ذلـولاً لركّـابـها وما قمّصـوك بأثـوابـهـا فما كـنتَ أهلاً لأسبـابـها ولـم تـتأدّب بـآدابـها أُسـود أُمـية فـي غابـها


(323)
كذبتَ وأسرفت فيما أدّعـيت فكم حـاولتهـا سُراةُ لـكم ولولا سيـوف أبي مـسـلم وذلـك عـبدُ لـهم لا لـكـم وكنتم اسارى ببطـن الحبوس فأخرجـكـم وحـباكم بـها فجازيتـموه بـشرِّ الـجزاء فدع ذكر قوم رضـوا بالكفاف هـم الزّاهدون هم الـعابـدون هم الصائمون هـم القائـمون هُـم قطـب مـلّـة ديـن الاله عليـك بلـهـوكَ بالغـانـيات ووصف العذارى وذات الخـمار وشعربك في و مدح ترك الصلاة فـذلك شـأنـك لا شـأنهـم ولم تنـهَ نفسك عن عابـها فـردّت على نكـص أعقابها لـعزت على جـهـد طلابها رعى فيكـم قـرب أنـسابها وقد شـفكم لـثم أعـتابها وقمّصكم فـضـل جلـبابـها لطـغوى النـفوس وإعجـابها وجاؤا الخلافـة مـن بـابـها هم السـاجـدون بمحـرابـها هـم الـعالـمـون بآدابـهـا ودور الرحـى حول أقـطابها وخلّ المـعالي لأصحـابـها ونعـت العـقار بألقـابـها وسـعي السّـقاة بأكـوابـها وجـري الجيـاد بأحـسابها
    ومن شعره :
بلوتُ أخلاء هذا الزمان وكلهـم إن تصـفحتهم فاقللت بالهجر منهم نصيبي صديق العيان عدو المغيب
    ويقول :
يقولون لي ، والبعد بيني وبينها فقلت لهم ، والسر يظهـره البكا نأت عنك شرُ ، وانطوى سببُ القرب لئن فارقت عيني ، فقد سكنـت قلبي


(324)
    وقوله :
أهدت إليّ صحيـفة مكتوبة يا ليتني ضمنت طيّ جوابها أرضت بها سخط الـضمير العاتبِ حتـى أقـبل كف ذاك الكـاتبِ
    وقوله :
أيا من حسنه عذر اشتياقي أعنّي بالوصال فدتك نفسي ويحسن سوء حالي في سواهُ فقد بلغ الـهوى بي منتهـاه


(325)
    6 ـ الفضل بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العباس ابن علي بن ابي طالب عليه السلام :
    قال وهو يرثي جده العباس بن علي (ع) :
أني لأذكر للعـباس موقـفـه يحمي الحسين ويسقيه على ظمأ ولا أرى مشهداً يوماً كمشـهده أكرم به مشهداً بانت فضيـلـته بكربلاءَ وهام القـوم تُخـتطفُ ولا يَولّي ولا يـثـنى ولا يقـف مع الحسين عليه الفضل والشرف وما أضـاع له افعـاله خلف (1)
    وفي معجم الشعراء للمرزباني ص 184 :
أكرم به سيداً بانت فضيلته وما أضاع له كسب العلا خلف
    وقال ابو الحسن العمري في المجدي : وجدت ابيات لأبي العباس الفضل بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن امير المؤمنين في جده العباس وهي : إني لأذكر للعباس موقفه.
    وقال المرزباني في معجم الشعراءص 184 :
    الفضل بن محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي ابن ابي طالب شاعر مقل متوكلي ( اي معاصر للمتوكل ). وقال هو وغيره :
1 ـ اعيان الشيعة ج 42 ص 282.

(326)
    شاعر مقل ، وكان يشبه بعلي بن ابي طالب رضي الله عنه وهوالقائل بفخر بجده العباس بن علي ( إني لأذكر للعباس موقفه ) الابيات.
    وقال السيد الامين في الاعيان ج 1 ص 379 : كان شاعراً في اواسط المائة الثالثة. اقول ويكنى بأبي العباس وكان خطيباً شاعراً وقع عقبه الى قم وطبرستان ، قال الشيخ عبد الواحد المظفر في كتابه البطل العلقمي : الفضل بن محمد الشاعر الفصيح وهو من الشعراء المجيدين في الدولة العباسية ، وجلَّ شعره بمفاخر اسلافه و مجد اُسرته.
    وقال الداودي في عمدة الطالب : فمن ولد محمد بن الفضل بن الحسن ابن عبيد الله : هو ابو العباس الفضل بن محمد الخطيب الشاعر له ولد.
    اقول اما ابوه محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله فقد كان شاعراً مجيداً ولكنه مقلّ ، وكان معاصراً للمأمون وأدرك عصر المتوكل وكان له قدر وجلالة عندهما. قال ابو نصر البخاري في سر السلسلة العلوية : محمد بن الفضل بن الحسن بن عبيد الله ، أُمه جعفرية وكان مشهوراً بالجمال. وقال المأمون ما رأيت ذكراً أتم جمالاً من محمد ابن الفضل بن الحسن.
    اقول واذا كان المترجم له من المعاصرين للمتوكل فان المتوكل مات سنة 247 هـ اي في اواسط القرن الثالث فكان الانسب ان يكون من شعراء هذا القرن.


(327)
    7 ـ البسامي علي بن محمد :
    قال ابن خلكان لما هدم المتوكل قبر الحسين بن علي عليه السلام في سنة 226 قال البسامي :
تالله إن كانـت اُمـية قد أتـت فلقد أتـاه بـنو أبـيه بـمـثله أسفوا على أن لا يكونوا شايعوا قتل ابن بنت نبيها مظلوما هذا لعمرك قبره مـهدوما في قتله فـتتبعوه رميمـا
    واورد الطوسي في الامالي ص 209 عن عبد الله بن دانية الطوري قال : حججت سنة 247 سبع واربعين ومائتين فلما صدرت من الحج وصرت الى العراق زرت أمير المؤمنين علي بن ابي طالب على حال خيفة من السلطان ثم توجهت الى زيارة الحسين فإذا هو قد حرث ارضه وفجر فيها الماء وأرسلت الثيران والعوامل في الارض فبعيني وبصري كنت ارى الثيران تساق في الارض فتنساق لهم حتى اذا حاذت القبر حادت عنه يميناً وشمالاً فتضرب بالعصى الضرب الشديد فلا ينفع ذلك ولا تطأ القبر بوجه فما امكنني الزيارة فتوجهت الى بغداد وانا اقول ـ تالله ان كانت امية قد اتت ـ الابيات.


(328)
الشاعر
    في الكنى ابن بسام هو ابو الحسن علي بن محمد بن نصر بن منصور ابن بسام البغدادي المعروف بالبسامي الشاعر المشهور توفي سنة 303 وفي الجزء الاول من اعيان الشيعة ان وفاته سنة 302 وفي الاعيان ج 42 ان عمره ينيف على السبعين ومن شعره :
إنّ عـليـاً لم يـزل مـحـنةً أنزله من نفـسه المصـطـفى فارجع الى الاعراف حتى ترى لرابح الديـن ومـغبونِ منزلة لم تك بـالـدون ما صنع الناس بهارون
    وقال ياقوت الحموي : كان حسن البديهة شاعراً ماضياً أديباً ، وكان مع فصاحته وبيانه لاحظّ له في التطويل ، إنما تحسن مقطعاته وتنذر أبياته وهو من أهل بيت الكتابة ، كان جدّه نصر بن منصور يتولى ديوان الخاتم والنفقات والازمة في ايام المعتصم.
    وفي انساب السمعاني ج 2 ص 219.
    البسّامي. بفتح الباء الموحدة والسين المهملة المشددة بعدها الالف وفي آخرها الميم ، هذه النسبة الى بسام ، وهو اسم لجد ابي الحسن علي بن محمد بن منصور بن نصر بن بسام الشاعر البسامي ، من اهل بغداد سائر الشعر مشهور عند اهل الأدب ، روى عنه محمد بن يحيى الصولي وابو سهل احمد بن محمد بن زياد القطان وغيرهما ، وقيل طلب البسامي من بعض جيرانه دابة عارية فمنعها فكتب إليه :
بخـلت عـنا بأدهم عجف فلا تقل صنته فما خلق الله لست تراني ما عشت أطلبه مصـونا وانـت تـركـبه
    مات البسامي في صفر سنة اثنتين وثلاثمائة. قال ياقوت في معجم الادباء : وعلي بن بسام القائل يمدح النحو :
رأيـت لسان المرء وافدَ عقله وعـنوانَه فانـظر بمـاذا تُعنونُ


(329)
فلا تـعدُ اصلاح اللـسان فانه ويعجـبني زيُّ الفتى وجمـاله على أنّ للاعراب حدّاً وربـما ولا خير باللفظ الكريه استماعه يـخـبّر عـما عـنـده ويـبين فـيسقـط من عيني سـاعة يَلحَن سمعت من الاعراب ما ليس يحسن ولا في قبيح اللحن والقصـد أزين
    قال الحصري القيرواني في زهر الآداب :
    علي بن منصور بن بسام ، مليح المقطعات ، كثير الهجاء خبيثة ، وله حظ التطويل وهو القائل :
ولـكم قـطعت الياء في ديمومةٍ في ليلة فـيها السـماء مـزادة والبرق يخفق من خلال سـحابه والـقطر مـنهمل يـسحُّ كـأنه نُطف المياه بها سودا الناظر سـوداء مـظـلمة كـقلب الكافر خفـق الفـؤاد مواعـداً من زائر دمع الدموع بإثـر إلـفٍ سائـر
    وقال في العباس لما وزر للمكتفي :
وزارة العباس من نحسها شبـهته لما بـدا مقـبلا جارية رعـناء قد قدّرت ستقـلع الـدولة من أُسّها في حلل يخجل من لُبسها ثياب مولاهـا على نفسها
    وقال في علي بن يحيى المنجم يرثيه :
قد زرت قبـرك يا علي مسلماً ولو استطعت حملت عنك ترابه ولك الزيارة من أقلّ الواجب فلـطالما عني حملت نوائبي
    وكان مولعاً بهجاء أبيه وفيه يقول وقد ابتنى دارا :
شدت داراً خلـتهـا مكرمةً وأرانيـك صـريعاً وسطها سلّط الله عليـها الغرقا وأرانيـها صعيدا زلقا


(330)
    ذكر ابو الفداء في البداية والنهاية ان الماء لما أُجري على قبر الحسين عليه السلام ليمحي اثره جاء أعرابي من بني أسد فجعل يأخذ قبضة قبضة ويشمها حتى وقع على قبر الحسين فبكى وقال : بأبي أنت وأمي ما كان أطيبك وأطيب تربتك ، ثم أنشأ يقول :
أرادوا ليخفوا قبره عن عدوه وطيب تراب القبر دلّ على القبر
    وقريب منه قول المهيار الديلمي :
كأن ضريحك زهر الربيع أنشرك ما حمل الزائرون مرّ عـليه نـسيم الـخريف أم المسك خالط ترب الطفوف
ادب الطف الجزء الاول ::: فهرس