ادب الطف الجزء العاشر ::: 46 ـ 60
(46)
خذوا الماء من عيني والنار من قلبي ولا تحسبوا نـيران وجدي تنـطفي ولا أن ذاك الـسـيل يـبرد غـلتي ولا أن ذاك الـوجد مـني صـبابة نفى عـن فؤادي كل لهـو وباطل ابيت لها أطوي الضلوع على جوى رزاياكـم يـا آل بـيـت محـمد عمى لعـيون لا تفـيض دمـوعها وتعسا لقـلب لا يـمزقـه الاسـى فواحـرتا قلبي وتلكـم حشاشـتي أأنسى وهل ينسى رزايـاكم الـتي أأنساكم هـوى القـلوب على ظمى أأنسى بأطـراف الرمـاح رؤوسكم أأنسى طراد الخيل فوق جسومكم و أأنـسى دمـاء قد سفـكن وادمـعا أأنسى بـيوتا قـد نهـبن ونـسوة أأنسـى اقتـحام الظـالمين بيـوتكم ولا تحـملوا للـبرق منا ولا السـحب بطـوفان ذاك المدمـع السافح الغرب فـكم مـدمع صب لـذي غـلة صب لغانـية عـفـراء أو شـادن تـرب لواعج قد جـرعنني غصـص الكرب كأني على حـجر الغضا واضع جنبي أغـص لذكراهـن بالمنـهل العـذب عليـكم وقد فاضت دماكم على الترب لحـرب به قـد مزقتـكم بنو حـرب تطـير شـظاياها بواحـرتـا قلـبي ألبـت عـلى ديـن الهـداية ذولـب تذادون ذود الخـمس عن سايغ الشرب تطلع كالاقـمار في الانـجم الشـهب ما وطأت من موضع الطعن والضرب سكـبن واحرارا هتـكن مـن الحجب سلـبن وأكـبادا اذبـن من الرعــب تـروع آل الله بـالـضرب والنـهب


(47)
أأنسى اضطرام النار فيها وما بها أأنسى لكم في عرصة الطف موقفاً تشاطـرتم فـيه رجـالا ونـسوة فأنتم بـه للقـتل والنـبل والقـنا اذا أوجبت أحـشاءها وطأة العدى وان نازعتها الحلي فالسوط كم له وان جذبت عنها البراقـع جددت وان سلـبت منها المـقانع قنعت وثاكلة جنت فما العيـس في الفلا تروي الثـرى بالدمع والقلب ناره تثير عـلى وجه الثرى من حماتها نيام عـلى الاحقاف لكن بلا كرى فكم غـرة فـوق الرمـاح وحرة وكـم من يتـيم مـوثـق ليتـيمة بني الحسب الوضاح والنسب الذي اذا عـدت الانساب للفخر أو غدت فـما نسـبي الا انتـسابي اليـكم سوى صبـية فرت مذعـرة الـسـرب على الهضب كنتم فيه أرسى من الهضب ـ عـلى قلة الانصار ـ فادحة الخطب ونـسوتـكم للاسر والسـبي والسـلب علا ندبها لـكن على غـوثها الـنـدب على عضديهـا مـن سوار ومـن قلب براقـع تعلـوهن حـمرا من الضـرب اذا بثـت الشكـوى عـن السلب بالسب وناحت فما الورقاء في الغـصن الرطب تشب وقد يخطي الحيا مـوضع الجـدب لـيوث وغى لـكن مـوسدة الـتـرب ونـشوانة الاعـطاف لكن بـلا شرب لآل رسـول الله سيقـت عـلى النجب ومسـبية في الحـبل شدت الى مسبي تعالى فـأضـحى قـاب قوسين للرب تـطاول بالانسـاب سـيارة الشـهب وما حـسـبي الا بـأنـكم حـسـبي
    الشيخ محمد الحسين ابن شيخ العراقين البحاثة الشيخ علي ابن الحجة الشيخ محمد رضا ابن المصلح بين الدولتين الشيخ موسى ابن شيخ الطائفة الشيخ الاكبر جعفر ابن العلامة الشيخ خضر بن يحيى بن سيف الدين المالكي الجناجي النجفي.
    من كبار رجالات الاسلام ومن أشهر مشاهير علماء الشيعة ومن الشخصيات العالمية التي دوت في الخافقين.


(48)
    ولد في النجف الاشرف 1294 في بيئة طافحة بالعلم والعلماء ولم يتجاوز العقد الاول من عمره المبارك حتى كرع من العلوم وانغمس بالدراسات الاسلامية بعد العلوم العربية وأتم دراسة الفقه والاصول وهو بعد شاب ولازم حلقات دروس الاعلام كالملا كاظم الخراساني والسيد محمد كاظم اليزدي والشيخ اغا رضا الهمداني حتى عد من المبرزين وشهد له الجميع بالتفوق وتلمذ في الفلسفة والكلام على الميرزا محمد باقر الاصطهباناتي والشيخ أحمد الشيرازي والشيخ علي محمد النجف ابادي وغيرهم من أساطين الحكمة والفلسفة ، وشرع بالتأليف والتدريس فكانت حوزة محاضراته لا تقل عن مائة عالم من خيرة المحصلين وكتب ( شرح العروة الوثقى ) كما ألف ( الدين والاسلام او الدعوة الاسلامية ) الذي طبع ببغداد ولماهاجمته وداهمته سلطة الاتراك بأمر الوالي ناظم باشا وبايعاز المفتي الشيخ سعيد الزهاوي فصمم على طبعه خارج العراق فسافر الى الحج وكتب في سفرته رحلة ممتعة اسماها ( نزهة السمر ونهزة السفر ) وبعد عودته من الحج عرج على لبنان فطبع الكتابين بمطبعة العرفان ـ صيدا ، واتصل بكبار العلماء وقادة الفكر كما جرت له مناظرات مع فيلسوف الفريكة امين الريحاني وتم طبع ( المراجعات الريحانية ) كما نشرت له الصحف والمجلات من المناظرات مع الاب انستاس الكرملي وجرجي زيدان وما دار بينه وبين علماء الازهر الشيء الكثير ، وفي الحرب العالمية الاولى والحركة الوطنية سنة 1332 كان في طليعة المجاهدين بالسيف والقلم ، ولم يزل اسمه يلمع وشهرته تتسع في الاوساط حتى اصبح المفزع للامة في كل مهمة ، وطالبه الناس عامة وخصوصا مقلدوه بنشر رسالته العملية فنشر ( وجيزة الاحكام ) باللغتين العربية والفارسية ، و ( السؤال والجواب ) و ( التبصرة ) و ( حاشية العروة الوثقى ) الى غير ذلك. يتحلى بهمة عالية فقد قام بكثير من المهام والاسفار التي احجم الكل عن القيام بها وما ذاك الا لاعتماده على الله واعتداده بنفسه ، ولما انعقد المؤتمر الاسلامي العام في القدس الشريف في شهر رجب سنة 1350 ه‍ والمصادف كانون الاول سنة 1931 م دعي من قبل لجنة المؤتمر عدة مرات فأجاب وسافر الى القدس وهناك ما روته الصحف وكتبت عنه الكتب من نصر واقبال في خطبه التاريخية واذعان المسلمين عامة لآرائه وافكاره بكلمته حول كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة.


(49)
    وبعد الفراغ من خطبته الارتجالية التي دامت ساعتين أو أكثر تقدم للصلاة فائتم به في الصلاة أكثر من عشرين الفا بينهم اعضاء المؤتمر وهم مائة وخمسون عضوا من أعيان العالم الاسلامي.
    زار ايران سنة 1352 ه‍ فمكث نحو ثمانية اشهر متجولا في مدنها داعيا الى التمسك بالمبادئ الاسلامية والأخلاق المحمدية ، فكان أين ما حل التفت حوله القلوب ولخطبه النارية في المدن الاسلامية حرارة يحسها السامعون فقد خطب باللغة الفارسية في همدان وطهران وخراسان وشيراز وكرمانشاه والمحمرة وعبادان واجتمع يومذاك بملك ايران رضا شاه بهلوي وعاد من طريق البصرة فكانت له مواقف خطابية في البصرة والناصرية والحلة ما تحدثك عنه كراسة ( الخطب الاربع ) وفي سنة 1371 ه‍ 1952 م دعي لحضور المؤتمر الاسلامي في كراجي فاحتفلت به الباكستان واذاعت دار الاذاعة خطبته الاصلاحية وعند عودته استقبلته النجف على اختلاف طبقاتها على بعد 30 كيلومترا وكنت في جملة المستقبلين فحييته في منتصف طريق ـ كربلاء ـ النجف بقصيدة وذلك يوم 22 جمادى الثانية 1371 ه‍ وكان في مقدم الرتل للسيارات المستقبلة متصرف كربلاء والمفتش في وزارة الداخلية العراقية امين خالص فانشدت :
كـذا يلـمع القـمر النـيـر كذا ترتـقي عالـيات النفوس كذا يعذب العمر فـي مثل ذا كذا يشمخ العلم فـوق السهى أشيخ الشريـعة بـل رمزها أقـدس شخـصـك اذ أنـه اذا مـا انتـسبت الـى جعفر لئن حسبتك الـورى واحـدا نهضت فبوركت من ناهض وابلغت في النصح في مجمع تحـدث ابا الصالـحات التي تحدث اليـنا فكل الـحواس أتينا لنـصدر عـن مـورد تـلقـتك تفـرش أكـبادها ابـا الشرع هـذي يـد برة كذا ينهض المصـلح الاكـبر وهـام الاثـيـر لهـا منـبر والا فما قـدر مـن عـمروا فما عرش كسرى ومـاقيصر ومفـخرها عـشت يا مفـخر مـثال الكـمال مـتى يـذكر فحسـبك منـتسـبا جـعـفر ( ففـيك انطـوى العالم الاكبر ) فـما وثـبة الليـث اذ يـزأر تـردد تـاريـخـه الاعـصر تعالـت سـنـاء فـلا تسـتر شـعـور وأكـبادنـا حـضر ومنك حلى الـورد والمـصدر وخـفـت للـقـياك تستـبشر يـوافـيك فيـها الفـتى شـبر


(50)
اذا جمع الناس نيروزهم (1) فطـرت ولـكن بآمالنا فنيروزنا وجهك الانور ورحت بارواحـنا تعبر
    قال رحمه الله في مقدمة كتابه ( الدين والاسلام ) : ليس الشرف الا أن يكدح الانسان في معركة الحياة حتى يكتسب امتلاك مال أو ملكة كمال اياما كان ، علما او صناعة ، خطابة او شجاعة او غير ذلك من ماديات الشرف وطلايعه ثم يخدم المرء بمساعيه تلك ومكتسباته امته وملته خدمة تعود بالهناء والراحة عليهم ، أو دفع شيء من الشرور عنهم. الشرف حفظ الاستقلال وتنشيط الافكار وتنمية غرس المعارف ، والذب والمحاماة عن نواميس الدين وأصول السعادة ، الشريف من يخدم أمته خدمة تخلد ذكره وتوجب عليهم في شريعة التكافؤ شكره ، كل يؤدي جهده وينفق مما عنده.
    حياته مليئة بالحسنات وختمها بكتابيه القيمين ( الفردوس الاعلى ) و ( جنة المأوى ) طبع الاول في الارجنتين وما زلت احتفظ بنسخة الاهداء منه رحمه الله بأنامله المرتعشة قبل وفاته بشهرين فقط ، اشار عليه البعض بالسفر الى كرند للاستجمام والراحة فوافاه الاجل فجر يوم الاثنين 18 ذي القعدة الحرام 1373 ونقل جثمانه الى النجف بحفاوة قل ما شوهد نظيرها ودفن بمقبرة خاصة أعدها لنفسه في وادي السلام ، وكانت الخسارة فادحة وبقي مكانه شاغرا وتجاوبت اذاعات الشرق تنعاه ويجدر بنا أن نذكر أسماء مؤلفاته لا على سبيل الحصر :
    1 ـ اصل الشيعة وأصولها ، طبع أكثر من عشرين طبعة.
    2 ـ الارض والتربة طبع اكثر من مرة.
    3 ـ الآيات البينات.
    4 ـ العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية مخطوط.
    5 ـ تحرير المجلة في الفقه كتاب ممتع تحتاجه جميع الطبقات
1 ـ كان قدوم الشيخ قبل عيد النيروز بيوم واحد.

(51)
وانما ألفه حيث رأى ( مجلة العدلية ) أو ( مجلة الاحكام ) المقرر تدريسها في كلية الحقوق ببغداد من زمن الاتراك وهي بحاجة الى التنقيح والتحرير ، فألف تحرير المجلة بخمسة أجزاء :
    6 ـ المثل العليا في الاسلام لا في بحمدون وبهذا الكتاب أوجد وعيا عاما.
    7 ـ الميثاق العربي الوطني.
    8 ـ مختارات الاغاني.
    9 ـ ديوان شعره. الى غير ذلك.
    وهناك من أدبه المنثور والمنظوم ما تتألف منه المجلدات اذ أنه كان دائرة معارف وهذه رائعة من روائعه نظمها في ( كرند ) ليلة وفاته وقبل أن يوافيه الاجل بعشر ساعات.
يدهـش اللب مـن كرنـد جبال غـير أن العـيون منـها جوار كم دروس منها استفـدت فكانت يا جبال الاجـيال والـدهر يعدو وقفـت والـزمان يمشي علـيها قد سبقن ( الشعرى العبور ) عبورا هي مثـل الحـديد صم ولـكن ويـنابيـعها تـفـيـض زلالا وعليها الطيـور تـشدو بلـحن نطـحت جبـهة السماء ولاحت وحـدة والسـيول قـد فـرقتها كل طود كالشيخ قد غالب الكون سائلوها عن المـلوك الخـوالي مثل قلب البخيل جلمود صخره وعيـون البخـيل لم تند قطره فـكرة ثـم عـبرة ثـم عبره للفنا وهـي للبـقا مسـتـقره راكضا وهي في العلى مشمخره لجة الكون واحـترزن المجرة (1) قد كستها الاشجار أينع خضره صفق الـريح بالعـذوبة نهره جـالـب للثكـول كـل مسره في جبين التاريخ للارض غره قطـعا فهي وحـدة وهي كثرة عراكا فقـوس الدهـر ظـهره أيـن تيـجانـها وأيـن الاسره

1 ـ الشعرى العبور : كوكب. قال في القاموس : الشعرى العبور ، والشعرى الغميصاء من اخوات سهيل.

(52)
قصـر شيريـن هاهنـا وعليها كم ملـوك تنعمـت فـي ذراها وبهذي الشعاب كـم عاش شعب أين ( شبديز ) حين يعلو ( أبروي‍ أيـن ساسان والـسلاطـين منه قـد أقـمنـا بـها زمانـا نعمنا نحن في الصـيف والشتاء علينا خـير أوقـاتـنا الظهـيرة فيها أوقفـتنا تلك الجـبال حـيارى يذهب الفكر صاعـدا ثم يـهوي يابديع الجـمال فـي كل قـلب قـد سقتـنا تلك الشـمائل كأسا ان هذا الـوجود بـحر ولـكن ولهـذي الاكـوان لـب ولكن ولهـذي الحـياة معـنى ولكن ذاب ( فرهاد ) حسرة بعد حسره ثم راحـت في عالـم الذرذره قد جهلـنا حـتى بـناه وذكره ‍ز ) عليه فيسبق العدو فـكره (1) ملأوا الارض بسط علم وقدره بـرده والـعراق يلفح حـره قارص يجلب الاذى والمضره نتسلى ظـهر النـهار وعصره نتحرى سر الجـلال وسـفره واجـدا في طريقـه كل عثرة نور ذاك الجـمال أودع جمره فـسكرنا ولم نـذق قط خمره اين من في الوجود يسبر قعره ما عـرفنا حتى لـحاه وقشره علـنا بالمـمات نعـرف سره
    كتب عنه الكثير وترجموا له ولعل خير من كتب وأسهب الكاتب على الخاقاني في موسوعته شعراء الغري فقد ذكر له جملة من المنظوم والمنثور واثبت انطباعاته عنه واليكم نتفا من شعره ، قال في قصيدة عنوانها : ساعة الوداع.
سر على اليمن والشرف أيـها الظاعـن الـذي ودع النفس والكلـف أخذ القلب وانصرف

1 ـ شبديز اسم فرس خاص كان قد أهدي للملك خسرو ابرويز من الروم ، وكلمة ( شبديز ) في الفارسية معناها لون الليل ، والتسمية تشعر بسواده الغامق ، ولهذا الفرس خصائص منها قوته الخارقة حتى انه كان عندما يرسل الى البيطار لا يقوى عليه أقل من عشرة رجال لامساكه ، ومنها انه كان أطول من مستوى ارتفاع خيول العالم بأربعة أشبار ، ولشدة اعتزاز الملك به كان يطعمه من كل ما يطعم منه ، ولما مات شبديز أمر الملك بتغسيله وتكفينه ودفنه ونقش صورته على الحجر تخليدا لذكراه. عن فرهنك برهان قاطع ج 2 / 859.

(53)
سر معافى كـما تـشا فـلك الفـوز بـالهـنا سـار عـدوا ولـيـته فتـلـفت عـسـاك أن يا كـراما سـروا ومـا فـي وداع ولـم نـضع لهـف نفـسي لـساعة سـاعـة للـوداع مـا فـرحلـتم مـع الاسـى يا مـصـابيـح أوجـه يا مـفاتـيـح الـسـن لاعـدمـناك للخـطابة انـت ريـحانة العـلوم انت ريحـانة المـشوق انت يا شمس لا كـسفت انـت تلك العـصا التي انـت يا جـملة الجمال انت حر كـما عرفـت لـؤلؤ انـت قـد صفا ايـن لبـنان والعـراق فـسـلام لك الـبـقاء ناعم الـبال والكنف ولنا بعـدك الاسـف لو قلـيلا لنا وقـف تنعش النفس من تلف زودوني سوى الدنف فـيه كفا لـنا بـكف مـنك لو ينـفع اللهف نلت منها ولا طـرف وبقـينا مـع الاسـف لا عدمناك في السرف لا فـقـدناك للغـلف للحـكـم للـنـصـف وريـحانـة الـظرف اذا شـفـه الشـغـف ويـا بـدر لا انخسف قال ( خـذها ولا تخف ) ويـا شـرفة الـشرف وحـر ومــا عـرف فحـكـاه لـنا الصدف وأمـريـك والنـجـف وللـبـاطـل التـلـف
    وقال وقد وقف على قبر اقبال الشاعر الفيلسوف عام 1371 ه‍ عندما زار الباكستان.
يا عارفا جـل قـدرا في مـعارفـه ان كان جسمك في هذا الضريح ثوى تحـية لك مـن خـل اتـاك عـلى لا خـيل عـندك تهديـها ولا مـال حياك مـني اكـبار واجـلال فالروح منك لها في الخلد اقبال بعد الـمزار بقول مثل ما قالوا فليسعد النطق ان لم يسعد الحال
    هذا البيت مطلع قصيدة من شعر المتنبي ، وقال : وعنوانها ( عزمات العرب ) وقد بعث بها الى امين الريحاني.


(54)
يـا عـزمات الـعرب الـبواسل قـومي فلا مـوضع للقعـود أو انت رعـيت الـملك فـي شبابه فـكيف لا تحتمـلـيه كـاهـلا هـذي الذئاب اعـترضت لغابكم ما المـلك الا صـارم وانـتـم أيـن الحـميات الـتي تسـعرت دكدكتم أمـس عـروش قيـصر فـيا بقـايا يعـرب حـسـبـكم عودوا لاصل عنصر العرب الذي انـتـم فـروع دوحـة واحـدة مـا فـرقـت اديـانكـم بيـنكم ألا مـساعـير يـثـورون لـها ترقص عند الحرب مهما سجعت عـلى الاخاء العـربي اجتـمعوا ان كان لا بـد من المـوت فمت تمـوت كـي تحـيا وتـحيا امة تـطامـنت للـذل بـعـد عـزة واليوم عـادت فضلة مـن بعدما يا دارهـم أيـن بـنوك والاولى وقفـت في آثار آبائـي الاولـى اسألـها عـن باهـر المـجد الذي اسـألـها عـن قاهر الـعز الذي فكـيف أضحى خاملا مـن بعدما أضـاءت الشـرق مـصابيح له دونـكـها هـديـة مـن واقـف تزف مـن مـصر الى نـيورك مـن خـالص الاخاء لامـداهن هـبي لحـل هـذه المـشاكـل يسـكن غـلي هـذه الـمراجل حتى احتمـلته عـلى الـكواهل مهـدد الحـوزة بـالـغـوائـل تـعـرض البـغـاث للاجـادل مـن صـدره بمـوضع الحمائل منـكم بتلك الاعـصر الاوائـل وطاق كـسرى وصـروح بابل مـن رقـدة الجـهل او التـجاهل كنتم بـه من اشـرف الـسلائل فكـيف قطـعتم عـرى التواصل لكـنهـا سـياسـة مـن خاتـل بسـلـة البـيض وهـز الـذابل (1) مـن الحـديد سـجـعة العـنادل فـيـا لـهـا اخـوة لـعـاقـل بالـعز تحـت عثـير القـساطل أودت بـها سخيمـة التـواكـل هزت رواسـي الارض بالزلازل كـانـت لها سابقـة الفـواضل بنـوك بـالعلـوم والفضـائـل أسـأل والـدمع كـنهـر سـائل قـطـوفـه دانـيـة العـثاكـل أغنى عـن الحـصون والمـعاقل زها كروض الروض في الخمائل واستـشرق الغـرب مـن الفتائل بـيـن رجـاء آيــس وآمــل مـن نجـفي بـهـواك حـافـل وصـادق الـولاء لا مـصاقـل
    ومن شعره الذي لم ينشر ( حماسيات روض الحزين ) وقد نظم
1 ـ اقتبس هذا البيت من شعر منصور النمري حيث قال :
الا مصاليت يغضبون لها بسلة البيض والقنا الذابل

(55)
على حروف الهجاء.
يا أمـنا الدنيا التـي لم تزل تستـهدف الطـفل وترمـيه غايتنا الـموت ولا يعـرف نحن بنو الارض وكل امرء من جسـمه تأخذ عند البلى أعق مـن ضـب لاولاده بالازراء من ساعة ميلاده الانسان ما حكـمة ايجاده اصـداره من عين ايراده كل الذي اعطته من زاده
* * *
يـا زمـني اعطيـتني وردة وعـدت فـاسترجعتـها آخذا قذفت بي في غـمرات الاسى أودعـتني السـجن وقـيدتني وهكذا القوة والضعف والناس ارتاح منها بالنسيم الشذي ليـتك لم تعـط ولم تأخذ ولجـة الوجد فمن منقذي وقلت لي ان تستطع فانفذ على نامـوسها تحـتذي
* * *
أقرة عيني قصمت القرى رحلت فاجريت دمعي دما تحامل جـورا علي الزمان ولم يكـف حتى سطا ثانيا خطوب تمزق صبر الحليم غداة رحلت معا والكرى وليتك تعـلم مـاذا جرى فاسقـط من أفـقي نيرا فألحق بالاكـبر الاصغرا وتأمرني بعد أن أصـبرا
* * *
بغداد ما سحـرك عـال ولا لكن رجـال الشعب الـوانهم خدعـتم في الخـدع أمثالكم دعهم وما جروا على شعبهم ستنجـلي الغـبرة عما جنوا بـبالغ الـذروة فـي الافك في حمق تضـحك بل تبكي فالتأم الـحاكي مـع المحكي من قاصمات الظهر بالضنك وخبـثهم يظـهر بـالسـبك
* * *
تحـمل ولـداننا للـرحيل أتونا ضيوفا وقـد أبطأوا ثـلاث سنـين وكانوا بها وما أفـضل القوم كبارها فدى لهم تالدي والطريـف ونحن غدا بعدهم نرحل ولكن بـرحلتهم عجلوا من ابن ثلاثين هم أكمل ولكنـما الاكبر الافضل لو أن الردى بالفدا يقبل


(56)
الى كم على الدنيا الدنية تحرص تكـد لكي تـزداد بالـمال ثروة بني المال قد أخـلصتم لحسابه تفحصت عـن سر القضاء تيقنا ودنياكـم ما متعـتـني بخيرها سر الحقيقة في الخليقة غامض ان كان آدم قـد نـسي ميثاقه لا الانبـياء عظاتـهم قد أثرت والناس سكرى من مدامة جهلهم خفض عليك فليس فيهم مبصر وظـلك منها لـم يزل يتـقلص وفي كل يوم حبل عمرك ينقص وأنى لكم يوم الحـساب التخلص فما زادني غير الشكوك التفحص ويا ليـتني مـن شـرها اتخلص تنـبو المـعاني عـنه والالـفاظ أيـكـون في ابـنائـه حـفـاظ فيـهم ولا النصـحاء والـوعاظ لا نـائـمـون هـم ولا أيـقاظ عمت العيون وأعـشت الالحـاظ
    وقال يرثي الامام الحسين عليه السلام :
في القـلب حر جوى ذاك تـوهجه أفدي الاولى للعلى اسرى بهم ظعن ركـب على جنة الـمأوى معرسه مثل الحسين تضيق الارض فيه فلا ويطلب الامن بالبطـحا وخوف بني وهو الذي شرف البـيت الحرام به يا حائـرا لا وحاشا نـور عزمته وواسـع الحـلم والـدنيا تضيق به ويا مليـكا رعـاياه عـليه طغت يا عاريا قد كساه النور ثوب سنى يا ري كل ظـمى واليوم قلبك من يـا ميـتا مـات والـذاري يكفنه ويا مسيح هـدى للراس منه على ويا كليما هوى فوق الثرى صعقا ويامغيـث الهدى كم تستغيث ولا فأين جـدك والانـصار عنك ألا وأيـن فرسان عدنان وكـل فتى وأين عنك ابوك الـمرتضى أفلا الدمـع يطفـيه والـذكرى تؤججه وراه حاد مـن الاقـدار يـزعجه لكن على مـحن البلـوى معرجـه يـدري الى أين ملـجاه ومـولجه سفـيان يقـلقه عنـها ويخـرجه ولاح بعد العـمى للـناس منهـجه بمـن سواك الهدى قد شع مسرجه سواك ان ضاق خطب من يفرجه وبـالخـلافة بـاريـه مـتوجـه زما بصـبغ الـدم القاني مـدبجه حر الظما لو يمس الصخر ينضجه والارض بالتـرب كافورا تؤرجه الرماح معراج قـدس راح يعرجه لكن محـياه فـوق الـرمح أبلجه مغـيث نحـوك يلـويه تحرجـه هبت له أوسـه منـهم وخـزرجه شاكي السلاح لدى الهيـجا مدججه يهـيجـه لك اذ تدعـو مهـيجه


(57)
يروك بالطف فردا بين جمع عدى تخوض فـوق سفين الخيل بحر دم حاشا لوجـهك يا نـور النـبوة أن وللجـبين بـأنـوار الامـامة قـد أعيذ جسـمك يا روح النـبي بأن عار يحوك لـه الذكر الجميل ردى والـراس بالـرمح مـرفوع مبلجه حديث رزء قديـم الاصل اخرج اذ تالله مـا كـربـلا لـولا سقيفـتهم ففي الطفوف سقوطا لسـبط منجدلا وبالخـيام ضرام الـنار مـن حطب لـكن أمـية جـاءتـكم بأخـبث ما سرت بـنسوتـكم للـشام في ظـعن مـن كـل والـهة حـسرى يعـنفها كم دملج صاغه ضرب السيـاط على ولا كفـيل لها غـير العلـيل سرت تشـكوعـداها وتنـعى قومـها فلها فنعـيها بشـجى الشـكوى تـؤلفـه ويدخل الشجو في الصخر الاصم لها فيـا لارزائكـم سـدت على جزعي يفـر قـلبي مـن حر الغلـيل الـى أود أن لا أزال الـدهر انشئها ومقـولي طـلق في القـيل أعهـده ولا يـزال على طـول الـزمان لكم البغـي يلجـمه والـغي يسـرجه بالبيـض والسـمر زخار مموجه يحمي على الأرض مغـبرا مبلجه زهـا وصخر بني صـخر يشججه يبقى ثـلاثا على البـوغا مضرجه ايـدي صنايـعه بالفـخر تنـسجه والثـغر بالعـود مقـروع مفلـجه عـن الاولى صـح اسنادا مخرجه ومثل ذا الفرع ذاك الاصل ينـتجه من سقط محسن خلف الباب منهجه ببـاب دار ابـنة الـهادي تأجـجه كانـت عـلى ذلك المنوال تنسـجه قبابـه الـكور والاقـتاب هـودجه على عجاف المـطي بالسـيرمدلجه زند بـأيدي الجفـاة ابتـز دمـلجه تـرثي لـه ألـم البـلوى وتنشـجه حال مـن الشجو لف الصبر مدرجه ودمعـها بـدم الاحـشاء تمـزجـه تزفـر من شـظايا القلـب تخـرجه بابا مـن الصبر لا ينـفك مـرتجـه طول العـويل ولكن ليـس يثـلجـه مـراثـيا لو تمـس الطـود تزعجـه لـكن عـظيـم رزاياكـم يلجـلجـه فـي القلب حـر جـوى ذاك توهجـه
    وقال يرثي الامام الحسين عليه السلام :
لك الله من قلب بأيدي الحوادث تمر به الافـراح مـرة مسرع تذكـر مـن أرزاء آل محـمد عشية خان المصطفى كل غادر لعبن بـه الاشجان لعبة عابث وتوقفـه الاتراح وقـفة ماكث مصائب جلت من قديم وحادث وبز حقوق المرتضى كل ناكث


(58)
    إلى ان يقول :
الى أن دبت تسري بسم نفاقهم فأخنت على آل النبي بوقعة غداة استغاث الدين بابن نبيه بحلم اذا اشتد البلا غير طايش ونجدة عزم من لوي وجوههم رمى لهوات الخطب فيهم فجردوا وهاجوا اشتياقا للهياج كأنما وأطربهم وقع الظبى فكأنه لقد ثبتوا في موقف هان عنده ولما قضوا من ذمة المجد حقها مضوا تأرج الارجاء من طيب ذكرهم الى كربلا رقش الافاعي النوافث بها عاث في شمل الهدى كل عابث فهب له من نصره خير غايث وعزم اذا الداعي دعى غير رايث تعد لكشف النائبات الكوارث من العزم أمثال الرقاق الغوارث لهم في الوغى خود الظباء الرواعث رنين المثاني عندهم والمثالث زوال الجبال الراسيات المواكث وصانوا حمى التوحيد من شعث شاعث وتستدفع اللأوا بهم في الهنابث
    والقصيدة بكاملها خمسون بيتا.
    وقال أيضا في رثاء الامام ، وهذا المقطع الاول من القصيدة.
دع الـدنيا فـما دار الفـنـاء متى تصـفو وتصفـيك الليالي تروقـك في مسرتـها صباحا تـناهى كل ذي أمـل فـهلا وفازت في سـعادتـها نفوس فويـلي ما أشـد اليوم ضعفي ويـا خجـلي ولم أعبأ بذنب هـداة الله خـص بهم لـواء كفتهم ( انما ) في الذكر فاكفف أريـد بـأن أوفيـهم ثـناءا قضوا مـا بين مقـتول بسم برغم الـدين أولاد الـزواني بـأهـل للمـودة والصـفاء وقد كونت مـن طين ومـاء وتطرق بالمساءة في المسـاء لعينك يا شـباب من انتـهاء وليتك لو قصرت عن الشقاء واعـصائي لجـبار السـماء وأهـل مـودتي أهل العـباء الهدى والحمد بورك من لواء فعـنك لهم بها خـير اكتفاء (1) وان عظموا وجلـوا عن ثناء ومحـزوز الوريد مـن القفاء تشفـت من ذراري الانبـيـاء

1 ـ اشارة لقوله تعالى « انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل اليبت ويطهّركم تطهيرا ».

(59)
ولا يـوم أشـد بلا وكربا غداة اتت تحـف أبا عـلي تسارع كالشهاب الى هياج أبـوا الا الى الـعز انتسابا كيـومهـم بعرصة كـربلاء فوارس من بني عمرو العلاء وتنـبت كالهضاب لدى اللقاء فلـيس لهم أب غيـر الابـاء
    وله في رثاء الامام الشهيد ما تزيد على السبعين بيتا وهذه قطعة منها :
نفس أذابتها أسى زفراتها وتذكرت عهد المحصب من منى وأنا العصي من الابا وخلائقي بأبي وبي من هم أجل عصابة عطرى الثياب سروا فقل في روضة وبعزمها من مثل ما بأكفها فكأن من عزماتها أسيافها آحادهم ألف اذا ضمت على يسطون في الجم الغفير ضياغما كالليث أو كالغيث في يومي وغى حتى اذا نزلوا العراق فأشرقت فجرت بها محمرة عبراتها فتوقدت بضلوعها جمراتها في طاعة الحر الكريم عصاتها سارت تؤم من العلى سرواتها غب السحاب سرت به نسماتها قطع الحديد تأججت لهباتها طبعت ومن أسيافها عزماتها الف المعاطف منهم لاماتها لكنما شجر القنا أجماتها وندى غدت هباتها وهباتها بوجودهم وسيوفهم ظلماتها
    وينتهي به المطاف فيقول :
واحر قلبي يا ابن بنت محمد منعتك من نيل الفرات فلا هنا وعلى الثنايا منك يلعب عودها ونساؤكم أسرى سرت بسراتها هاتيك في حر الهجير جسومها بأبي وبي منهم محاسن في الثرى لك والعدى بك أنجحت طلباتها للناس بعدك نيلها وفراتها و برأسك السامي تشال قناتها تدعو وعنها اليوم أين سراتها صرعى وتلك على القنا هاماتها للحشر تنشر فخرهم حسناتها
    وله في رثاء علي الاكبر ابن الامام الحسين (ع) أول الشهداء من بني هاشم ، مطلعها :
هو الوجد يذكيه الجوى في الجوانح فيجري بمنهل الدموع السوافح


(60)
    66 بيتا.
    وقال في مطلع مرثية في الحسين عليه السلام :
بناء المجد في شرف المساعي تأس بـآل احـمد يـوم خفوا وعز النفس في كرم الطباع اليها وثـبة الاسد الـمراع
    37 بيتا.
    وأخرى يرثي بها العباس بن علي تحتوي على 74 بيتا مثبتة في مخطوطنا ( سوانح الافكار ) أولها.
أبا صالح ان العزا لمحرم ومنكم بني الزهرا استحل به الدم
    ومن قصائد الشيخ كاشف الغطاء في الحسين عليه السلام وتنشر لاول مرة.
ماذا يذم المرء من أخلاقها بينا تريك بشاشة واذا بها ما راق منها مشرب الا وقد معشوقة لم ترتض في مهرها خضراء تهواها العيون ولم تكن ما تم بدر مشرق في جوها كم من وفي العهد قد غدرت به طرقت علي بمستقر ملمة نزلت بأقصى الري الا أنها لهفي على الظعن المجد الى العلى سيقت ظعائنهم تخب وما دروا حتى اذا بلغوا وما بلغ المنى دنيا ذعاف السم در فواقها (1) حشدت عليك الرزء من آفاقها سلت عليه بارقات رقاقها الا ببذل العمر من عشاقها في الخبر الا حنظلا بمذاقها الا رمته بخسفها ومحاقها والغدر خير سجية بخلاقها ما خلت أن ابقى على استطراقها قد سودت بالحزن وجه عراقها متحمل الاقمار فوق نياقها أن الحتوف تساق اثر مساقها عثر القضا فكبت على أعناقها

1 ـ الفواق فرع الناقة أو ثديها.
ادب الطف الجزء العاشر ::: فهرس