ادب الطف الجزء العاشر ::: 61 ـ 75
(61)
واسـتنزل الـبدر المشعـشع مـشرقا واستخـطف الاسـد الملـبد بـاسـلا وانحـط عـن أوج الفـخار بنـسرها من سام هضب علاك يا سامي الذرى هـذا الـذي خطـبته أبـكار العـلى ذا حـائز قصب المـفاخر أن جـرى منه البـدور تـغار في اشراقها تعـنوا لـه الآساد مـن اشفاقها مردي نسور الجـو في آفـاقها هضما فحطك عن سماء رواقها عـن رغـبة في مجده بصداقها كان المجـلي فائـزا بسـباقهـا
    وفي كتاب جنة المأوى من مؤلفات المترجم له قصيدة في يوم الغدير نظمها قبل أربعين سنة وتحتوي على 25 بيتا مثبتة في ديوانه الموجود في مكتبته العامة ، أولها.
امام الهـدى هـل أبـدع الله آيـة كم استصرخ الاسلام يدعو فلم يجد لمعناه أسمى منك شأنا وأشمخا لصرخـته الا حسامك مصرخا (1)

1 ـ أثبتناها في سوانح الافكار في منتخب الاشعار ج 4.

(62)
يا راكبا هيـماء اجهـدها السرى عرج عـلى وادي البقـيع معزيا اسد فـرائـسها الاسود اذا سطت ماذا القعود وجـسم سيدكـم لقى تعـدو علـيه العاديات ضـوابحا وتساق نسوتكم على عجف المطي قوموا فقـد ظفرت عـلوج أمية رامت ودون مرامها بيض الضبا رامت تقود اللـيث طوع قـيادها فسطاعليـهم كالعـفرني مـفردا يسطو فيختطف النفـوس بعضبه فتـراه يخـطب والسـنان لسانه فـجلا عجاجـتها ولف خـيولها وأباد فيلقـها ابن حـيدر بالظبى حـتى اذا شاء القـضا انـجازه ومضى نقي الثوب تكـسوه العلى سهـم أصابك يا ابن بنـت محمد وأمـض داء اي داء معـضـل سبي الفواطـم للشـام حواسـرا ولـرب زاكـية لاحـمد ابرزت تطـوي مناسمها ربـى ووهادا أسد العريـن السـادة الامـجادا ولـرب اسـد تفـرس الآسـادا فـي كربلا تخذ الـرمال وسادا جـريا فـتوسع جانبـيه طرادا أسرى تكابد في السرى الاصفادا بزعيمـكم وشفـت بـه الاحقادا مشحـوذة لـم تألـف الاغـمادا وأبـى أبـو الاشـبال ان ينقـادا وأبـادهـم وهـم الرمـال عدادا الماضـي الشبا ويوزع الاجسادا فيهـم وظـهر جـواده أعـوادا وطوى الرجـال وفرق الاجنادا والسمر طعـنا مخـلسا وجلادا العـهد القديم فأنـجز المـيعادا فخـرا طرائـف عـزة وتلادا قلـبا أصاب لـفاطـم وفـؤادا أوهى القلوب وزعـزع الاطوادا أسـرى تجـوب فدافـدا ووهادا حسـرى فجلببـها الحـيا أبرادا


(63)
تدعـو أباها النـدب نادبة له أتغض طرفا والحرائر أبردت والطرف منها بالمدامع جادا من كربلا نحو الشام تهادى
    الشيخ محمد علي قسام خطيب شهير ، فارس المنابر شارك في الثورة العراقية وجلجل صوته الجهوري وكنا نستمد من براعته واساليبه ونتعلم منه أساليب الخطابة ويظهر من أسلوبه الخطابي أنه درس المبادئ وأتقن النحو والصرف والمنطق والبلاغة والفقه والاصول وأضاف الى ذلك مطالعة الكتب الحديثة فأكسبته مرونة وعذوبة فكان يمتاز بتجسيد القصة وتجسيم الوقعة التي يتحدث عنها كواقعة كربلاء أو غيرها حتى كأنك تشاهدها وهو أقدر الخطباء على التأثير في النفوس.
    كتب كثيرا والف ولا زلنا نحتفظ بمجاميع من خطه الجيد الذي يفوق ببراعته على الخطاطين وكل مؤلفاته في التاريخ والاخلاق والسيرة وقد طبع له بعد وفاته ( الدروس المنبرية ) ونظم الشعر في شبابه وراسل اخوانه وأخدانه وقد وقفت على مجموع له فيه عدة قصائد في آل الجواهر وآل القزويني وآل السيد صافي وال الكيشوان وفي قصاصات بخطه احتفظ بقصيدة له قالها في زواج السيد محمد الكيشوان مادحا بها عمه السيد كاظم الكيشوان ومطلعها :
قد قلب الصب في لحظ وقد ريم صقيل العارضين ذو غيد
    وأخرى في زفاف الشيخ محمد حسين نجل المرحوم الشيخ علي آل الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر وأولها :
برزت لنا من خدرها تتهادى ورنت بمـقلة جؤذر متذعر نار الجمال توقدت في خدها بيضاء تعـطف اسمرا مـيادا في مسقط الوادي رأى صيادا شعلا فشـبت بالحـشى ايقادا


(64)
    وله في زفافه أيضا مهنيا بها ابن عمه الشيخ محمد حسن مطلعها :
أهاج قلبي بارق على أضم ألم في جنح من الليل ادلهم
    وقد أثبت في مؤلفي سوانح الافكار في منتخب الاشعار ، الجزء الثالث صفحة 73 قصيدته التي يرثي بها الامام الحسين عليه السلام ، ومنها :
قلبي تـصدع مـن وجـد ومن ألم وها فـؤادي بعـد الظاعنـين وها كم لي وقد صوت الحادي بركبهـم يا راكـبا حرة هيـماء قـد طبعت تشق قلـب الفـيافي فـي مناسمها عج بالمدينة وانـدب اسـد غابتها والضاربين بيـوت العز فوق ذرى هـبو بني مضر الحـمراء وانبعثوا لا صبر حتى تقودوا الخيل مسرجة لا صبر حتى تهزوا السمر مشرعة فما لـكم قـد قعدتـم والحسين لقى ورأسه فـوق رأس الرمح مـرتفع ما بال هاشـم قد قـرت ونسوتهـا تغض طرفا وقـدما كـنت أعهدها ومهجتي لـم تزل مشـبوبة الـضرم انـسان عيـني بعـد البـين لـم ينم مـدامع قـد جـرت مـمزوجـة بدم عـلى المسير وقـطع البـيد والاكـم فلا تـكاد تـرى مـن خـفة القـدم من طبق الكون فـي باس وفـي كرم العلـياء مثبـتة الاطـناب والـدعـم كالاسـد تحت شـبا الهـندية الـخذم جردا علـيها من الفـرسان كـل كمي من كـل أسـمر فـي اللبـات منحطم في كربلا قد قضى صادي الفؤاد ظمي كالبـدر اشرق فـي داج مـن الظـلم بيـن العدى لم تجد مـن كافل وحـمي عـلى المـذلـة لـم تهـجع ولـم تنم
    وفي آخرها خطاب للامام الحسين عليه السلام :
ان تمس منعفرا فوق الصعيد لقى فقـد قتلت نقي الثـوب من دنس دامي الوريد برغم المجد والكرم مهذبا من مسيس العار والوصم
    والخطيب قسام يستحق أن يكتب عنه أكثر من هذا لان هناك جوانب من حياته مليئة بالعبقرية وما ظنك بخطيب جال أكثر المدن وملأها يقظة وكمالا ، ولد سنة 1299 بالنجف الاشرف في اسرة شريفة معروفة في الاوساط ولاشتهاره بالخطابة فقد حبب الى ابني


(65)
اخيه الشيخ جعفر والشيخ جواد ان يسلكا مسلكه فكانا خطيبين ناجحين مرموقين. عاش الخطيب قسام 74 عاما فقد وافاه الاجل ببغداد في المستشفى الملكي ليلة الجمعة 24 جمادي الاولى 1373هـ 29 كانون الثاني 1954 م وكان يوم مجيء جثمانه للنجف من الايام المشهودة فقد اقيمت على روحه عدة فواتح كما تبارى الخطباء والشعراء يوم أربعينه في مسجد الهندي بالنجف وكنت ممن شارك بقصيدة مطلعها :
سند الشريعـة في جـميع الاعصر ذاك الـذي يمـسي ويصبح ناشرا أمعـلم الاجـيال تنـثر جـوهـرا يـا منـبر الاسلام دمـت متـوجا يـا منبر الاسـلام دمـت مـنورا يا منـبر الاسلام دمـت مضـمخا ومجالـس هي كالمـدارس روعة المنـبر الـعالي حـكـيم مبـصر يا فـارس المـيدان عـز علي أن يا مـن اذا أرسلت لفـظك لـؤلؤا أو قمت فـي أعلى المـنابر خاطبا هذي الروائع من خطيب المنبر علم الجـهاد كقائـد في عسكر فكأن صدرك معدن من جوهر بالانجبين وكـل ليث قـسور طول الـزمان بكل عقل انور بالرائـعات من الفـم المتعطر أم لـكـل مـهـذب متنـور يصف الدواء بحكمة المتبصر تهوي وحولك سابغات الضمر جرت العـيون بلؤلؤ متـحدر فـكأن قولك ريـشة لمصور
    والقصيدة بكاملها نشرتها مجلة العرفان اللبنانية م 41 / 1164 وكانت رائعة الاستاذ حسن الجواهري ـ أمين مكتبة النجف يومذاك هي من أفخر الشعر ويحضرني مطلعها :
قالوا نعيت فقلت المنبر اضطربا غاض البيان ومصباح الندي خبا


(66)
هل المـحرم فاستـهلت ادمعي مذ أبصرت عيني بـزوغ هلاله وتنغصت فيه عـلي مـطاعمي الله يا شهـر المحرم مـا جرى الله من شهر اطـل على الورى شهر لقـد فجـع النـبي محمد شهر به نـزل الحسـين بكربلا فـتلألات تلك الـربوع بـنوره وورى زناد الحـزن بين الاضلع ملأ الشجا جسمي ففارق مضجعي و مـشاربي وازداد فـيه توجعي فـيه على آل الـوصي الانـزع بمـصائب شيبن حـتى الـرضع فـيه واي مـوحـد لـم يفـجع في خير صـحب كالبـدور اللمع و علت عـلى هام السماك الارفع
    هو أحد الفضلاء وعلماء المنطق والبيان يتحلى بالنباهة والفقاهة ، ولد سنة 1319 وتوفي سنة 1373 ودفن بكربلاء المقدسة وكانت دراسته في النجف الاشرف اكثرها عند المصلح الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء رحمه الله ، ومن آثاره وتآليفه كتاب ( الدر النضيد في رد مستنكر مأتم الامام الشهيد ) وديوان شعره الذي اسماه ب‍ ( سبحات القدس ) و ( تعليقة على الكفاية ) للسيد الخونساري. ترجم له الخطيب الاديب صديقنا الشيخ سعيد آل ابي المكارم في مؤلفه ( اعلام العوامية في القطيف ) وذكر جملة من القصائد التي قيلت في تأبينه كما ذكر عدة قصائد من شعره في الامام الحسين عليه السلام جزاه الله خير الجزاء.


(67)
سما فـوق النجـم محـتده الاسمى وأرمد أجـفان العـلا من طـلابه وجارته هـوج الـريح تبغيه ضلة حسين ومـن مـثل الحسـين وانه أبـوه عـلي نـافـح الشرك قبـله بناها فـأعـلى والسـوابق تـرتمي وصبحـها هيجاء من حيث شمرت فصار لـه ذاك الفـخار الـذي به ولم يخش يوم الـغار ان أرصدوا له فـقام وفي بـرديـه أنـوار غـرة فلـما رأوه عايـنوا المـوت جاثما وقالـوا : عـلي سـله الله صارما عـلي بـنـاه الله اكرم مـا بـنى حوى بالحسين الحمد والمجد والندى ولـكن قـومـا تـبر الله سعيـهم فاخفوا دبيـب الكيد عنه وجـردوا فلـما رأى أن لا مـقـام وانـهـا تيمم مـن ارض الفراتيـن مـزجيا عليهن مـن آل الـرسول عـصابة كواكب حول ابن البتـول اذا اعتزوا وحير في آثـاره النـظـم والنـثرا معاقد مجـد توهن العـزم والحزمـا فما أدركت شأوا ولا بـلغت مرمـى لمن نبعة الوحي المقـدس اذ يسمـى ورد على أعـقابه الجور والظلـمـا بابطال بـدر دونها تعـلك اللجـمـا فانسى الجبان الحرب والبطـل القدما علت شوكة الاسلام دون الورى قدما على الحتف سيفا او يرشوا له سهمـا يكاد لـدى اشراقها يبصر الاعـمـى فـطاروا شعاعا لم يجـد لهم عزمـا ليوسع دار الكفـر من بـأسه هدمـاً وعلـمه مـن فضله العـلم والحلمـا ونور الهدى والبأس والجسـد الضخما أرادوا بـه حربا وكان لـهم سلـمـا كتائب تسـتسقي الدماء اذا تظـمـى لنفس الابـي الحر لا تحمل الضيمـا قلائص لم يعرفن في دوهـا وسمـا تـدانى عليـها مـن يـمانية رقمـا توسـمته مـن بينـهم قـمرا تـمـا


(68)
ومن مثله في الـناس أكرم والـد مشى ركـبه لو تعـلم البـيد أنه كما مسحـت ركن الحطيم يد ابنه فالقى على الطف الرحال ومادرى فيا بؤس يوم الطف لم يبق مشرق ولا بقـعة الا مـضرجـة دمـا ومال الضحى بالشمس فيه وبدلت لمستشهد في كـربلاء زهـت به لافضل من لبى وأكرم مـن سعى فشلت يمين أيتـمت مـن بـناته من الخفرات البيض ماذقن ساعة رأتها الفيافي سادرات ومـارعوا عتاقا على الاقتاب يخمشن أوجها وفيهن مـرنان النحـيب تولهت اذا رجعت منـها الحنين تقطعت ومن يك مثـلي بالحسـين متيما مناط مـثوبات ومهـبط حـكمة ومن هي كالـزهراء فاطـمة اما الحسين لعـلت من مـواطئه لثما فكاد اشتياقا يمسك الراحة العظمى بأن القضاء الحتم في سـبطه حما ولا مغرب لم يسقه الحـزن والهما ولا قلب الا وهـو منفـطر يدمى من النور في الافـاق أرديه سحما مفاخر عدنان لخـير الورى ينمى وأطهر مـن ضم الحجيج ومن أما عقائل لـم يعرفن مـن قبله اليتما هوانا ولا بـؤسا رأيـن ولا عدما لهـن ذماما لا ولا عـرفـوا رحما ملـوحة تشـكو بأعيـنها السقـما فأنحـت بكفيها عـلى خدها لطما نياط وهزت من قـواعـدها الشما فلا عجب أن يحرز النـصر والغنما وكنز تـقى تمـت بـه وله النعمى
    محمد هاشم عطية استاذ بارع وأديب كبير له شهرته في مصر والعراق والعالم العربي فهو أستاذ الادب العربي بجامعة فؤاد الاول بالقاهرة ، وهو استاذ الادب العربي بدار المعلمين العالية في بغداد يعجبك أسلوبه وأدبه ظهر ذلك في مواقف له منها رائعته التي نشرتها مجلة الاعتدال النجفية عنوانها : النجف الاغر وهذه هي :
أمن بغـداد أزمعـت الركابا وأنت بغيدها كـلف تمـنـى وانك كـنت لا تقـني حيـاء لخود قد زهاها الحسن حتـى يرحن موائسا ويفحن عـطرا وخليت المنازل والصحابـا لو أنك قد لبست بها الشـبابا ولا تخـشى على فند عتابا خلعن له مـن الدل النـقابا وما ضمخن من عطر ثيابا


(69)
يساقـطن الـحديث كأن سـلكا وانـك اذ تـرجـيـها لـوعـد وان لبـست عبائـتها وأرخـت ارتـك اذا انـثنت للحـين كـفا وجـيدا حـاليا ورضـاب ثغـر تسـائلـني وانـت بـها علـيم أجـدك هـل سألـت بها حفـيا وهل أخفـيت شـجوك عن مليم وهل ارسلت مـن زفرات قـلب وأقـصر عـنه باطـله ومـاذا وليس لـه عـلى الستـين عـذر فعد عـن الصبا والغـيد واطلب ففي النجـف الاغـر أروم صدق عشقت لهم ـ ولم أرهم ـ خلالا مـتى مـاتأث منـتجعا حـماهم لقـيت لديهـم أهـلى وسـاغت وهل انا ان أكـن أنـمى لمصر عـجـبت لـمادح لهـم بشعـر وان ينـظم ولـيدهم قـريـضا غـرائب منهـم يطـلعن نـجدا أولئك هم حـماة الضاد تـعزى واوفـاهـا اذا حلفـت بـعهـد وكـيف وفيـهم مثـوى عـلي وقـدمـا كان للبطـحاء شـيخا نجي رسـالـة وخـدين وحـي وماكأبي الحسـين شهاب حرب وليس كمثلـه ان شئـت هديـا ولا كبـنيـه للـدنـيا حـلـيا متى تحـلل بساحتـهم تجـدها وان شيـمت بـوادقهم لغـيث نـثرن بـه لآلـئه الـرطابـا لكا الضـمأن اذ يرجـوالسرابا مـآزرهـا وآثـرت الحـجابا تـزين من أناملـها الخـضابا تـذم لطـعمه الشـهد الـمذابا كـأنك لست معـمودا مـصابا فصدق عـن دخيلـتها الجوابا تهانـف حينـما شهدت وغابا تعلـقها عـلى مـقة (1) وتـابا يرجي الـمرء ان قـوداه شابا اذا قالوا تـغازل أو تـصابى الى الاشياخ في النجف الرغابا حـلا صفو الـزمان بها وطابا تر الاحـساب والـكرم اللـبابا تربـعت الاباطـح والهـضابا الى قلـبي مـوتـهـم شـرابا لغير نجارهم أرضـى انتـسابا ولا يخـشى لقـائلـهم مـعابا أراك السحر والعـجب العـجابا ويزحمن الكـواكب والسـحابا عروقـهم لاكـرمـها نـصابا واطولهـا اذا انتسبـت رقابـا بنوا مـن فـوق مـرقده قبابا وكـان لـقـبـة الاسـلام بابا اذا ضلـت حلومـهم أصـابـا اذا الاسـتار ابـرزت الكـعابا ولا ان شئت في الاخرى ثوابـا ومـرحـمة اذا الحـدثان نـابا فسـيحات جـوانبـها رحـابـا تحدر مـن سحائـبه وصـابـا

1 ـ المقة : الحب.

(70)
هم خير الائمة من قريش حباهم ربـهم حلما وعلما وحببهم الـى الثقلين طرا فمن يك سائلا عنهم فاني فلن تلقى لهم ابـدا ضريبا مصابيح على الافواه تتلى وما دعي الالـه بهم لامر واذكاهم وأطهرهم اهابـا ونزل في مديحهم الكتابـا وزادتهم لسدتـه اقترابـا أنبئه اذا احتكم الصوابـا اذا الداعي لمكرمة أهابـا مـدائحهم مرتـلة عذابـا تعذر نيله الا اسـتجابـا
    نشرت مجلة البيان النجفية في سنتها الاولى صفحة 521 تحت عنوان : الاستاذ هاشم عطية في النجف. وقال زار سعادة الاستاذ الكبير هاشم عطية الاديب الكبير والاديب المصري المشهور وأستاذ الادب العربي بدار المعلمين العالية ببغداد وزار جمعية الرابطة الادبية وقوبل بالترحاب والتقدير وحفاوة بالغة وكانت زيارته مساء 4 / 4 / 1947 وقد دعت الجميعة طبقات الادباء والشعراء والشباب المثقف وكان مع المحتفى به الاستاذ حسين بستانة فحياه من أعضاء الرابطة الاستاذ صالح الجعفري بكلمة والعلامة الشيخ علي الصغير بقصيدة والشاعر عبد الرسول الجشي بقصيدة والشاعر الرفيق السيد محمودالحبوبي سكرتير الجمعية بقصيدة ثم تقدم المحتفى به الاستاذ هاشم عطية فألقى قصيدة عنوانها : تحية النجف وكانت من الشعر العالي. ولا عجب فالشاعر عطية أديب كبير وشاعر فحل وعالم فذ ، وأعقبه الشاعر هادي الخفاجي بقصيدة جارى بها قصيدة المحتفى به وزنا وقافية وفكرة فكانت مفاجئة بديعة سارة ، وفي صباح اليوم الثاني زار الاستاذ عطية مرقد الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وانجذب كثيرا لتلك الروحانية.
    توفي بتاريخ 13 / 10 / 1953 ترجم له الاستاذ يوسف اسعد داغر في كتابه ( مصادر الدراسة الادبية في البلاد العربية ) المطبوع ببيروت سنة 1972.


(71)
هل العـيش بالدهـناء يا مي راجع ربوع عفـت من ساكنيها فأصبحت وقفـت بها والقـلب يقـطر عندما اسائلـها والوجـد يــذكـي أواره عراص الغضا أقوت ربوعك بعدما كأن لم يجـدك الغـيث بعدي بدره ولا رفرف النـسم الشـمالي موهنا ولا خـطرت فيك الظـباء سوانحا ولآئمـة قـد صارعـتني بـلومها وقالت أتبـكي أرسـما بـان أهلها امـيم فـما أبـكي لـحي ترحـلوا ولـكن بـكائي للحسـين ورهـطه بيـوم به هبت الى الضـرب غلمة بكـل فتى ما بارح الطـعن رمحه وهل بقـيت للشوق فـيك مطامع برغم أهـيل الـحي وهـي بلاقع من الجفن اذ عزت علـيه المدامع وقد حنيت مـني علـيه الاضالع بهـن لارباب الغـرام المـجامع ولا روضت منك الربى والاجارع ولا أو مضـت فيك البروق اللوامع وغنت عـلى البانات منك السواجع غـداة رأتـني للهـموم أصـارع وطـوح فيها السير والسـير شاسع ولا أنا للـدارات والـجزع جازع ومن لـهم بالطف جلـت مصارع عزائمـهم والماضـيات قـواطع ولا بارحـت منـه النزال الوقايع
* * *
اذا ما دعاه صارخ بعد هجعة تغذى بثدي الحرب إذ هي امه يروعون اما اقدموا في نزالهم كـأن الـردينيات بـين اكفهم لقد رفعت من عثير النقع خيلهم فقبـل انقطاع الصوت منـه يسارع وكلـهم مـن ذلك الثـدي راضـع وما راعهم في حومة الموت رائـع صلال ذعاف المـوت فيـهن ناقع سـماء بـها نجـم الاسنة طـالـع


(72)
الى أن هووا صرعى وما لغليلهم فعـاد ابن طه لم يجد من مدافع فأيقضت الاعداء مـنه ابن نجدة تراه الاعـادي دارعا في مضافة اذا رن طبل الحرب غنى حسامه وان أظلم المـيدان من نقع طرفه وان غيـمت يوما سحائب عزمه الى أن هـوى فوق الثرى وجبينه وغودر في عـفر الـرغام رمية فضجت له السبع الطباق وأعولت يعلى على الخـطي جهرا كـريمه عجبت لـه رأسا بأبـرجة القـنا وعـادت نساه للمغاوير مغـنمـا يعز على الندب الغـيور سـباؤها وهاك استمع ما يعقب القلب لوعة يفاوضـها شتـما يزيـد بمجلس ويوضع راس السبط تحت سريره بني الوحي لا أحصي جميل ثنائكم عليـكم سلام الله مـا بعـزاكـم بهاجـرة الرمضـا سوى الـدم ناقع فديتـك يا مـن بـان عـنك المدافع على الضيم منه الطرف ما قط هاجع ولكـنه بالصـبر في الـروع دارع قفا نبك مـن رقص الطلى يا قواطع فأحسابـه والـماضـيات نـواصع بـماء الطـلى تنـهل فـهي هوامع بلألائـه للشـمس والبـدر صـادع ورضت بقب الخـيل منه الاضـالع وعجت على الآفـاق سـود زعازع فيبصر بـدر منه فـي الافـق طالع ترائى خطـيبا فهـو بالذكـر صادع تـجـاذب ابـراد لـهـا وبـراقـع يجـاب بها فـج الـفلا والاجـارع وتسـكـب فـيه للعـيون المدامـع ومـا هـي الا للـنــبـي ودائـع فيا شـل اذ يغـدو لـه وهـو قارع وقد خـرست فيه الرجال والمصاقع من العين تهـمي فيـه سحب هوامع
    الشيخ قاسم من خطباء الحلة ناظما وناثرا وخطيبا محققا له شهرته الخطابية ، واذكر أني راسلته مرة مستوضحا منه عن قائل القصيدة الهائية التي تنسب لاحد أشراف مكة فأجابني بأنها تنسب لاكثر من واحد منهم ولا شك أنها لهم ومنهم خرجت. ولد سنة 1290 ه‍ وقد تقدمت ترجمة والده المرحوم الشيخ محمد الملا وقد سار هذا الولد على ضوء الوالد وتأدب على يده ومنه تلقى فن الخطابة ورواية الشعر ، ويقول اليعقوبي في البابليات : وكان جل تحصيله الادبي من الشاعر المجيد الحاج حسن القيم فكان يعرض عليه كثيرا من قصائده ورأيت في هذه السنة وهي سنة 1398 ه‍ وأنا في الحلة في منزل ولد المترجم له ، الملا عبد الوهاب ابن الشيخ قاسم الملا أقول رأيت من آثاره الادبية والشعرية مخطوطات كثيرة


(73)
تدل على أدب واسع وتضلع في الاخبار والعقائد والمناظرات كما حدثني ابن اخته السيد حبيب الاعرجي ـ احد خطباء النجف ـ بكثير من روائعه ومواقفه الخطابية.
    عاش 84 سنة حيث ودع الحياة ليلة الاربعاء رابع ربيع الثاني 1374 ه‍ وحمل الى النجف بموكب من الحليين ودفن بوادي السلام واقيمت له الفواتح ورثي بكثير من القصائد ، وقد استعرت ديوانه من الاخ البحاثة السيد جودت القزويني وتصفحته ونقلت عنه بعض ما اردت اذ أن الديوان يضم كثيرا من الشعر وهو وثيقة تأريخية مفيدة والجدير بالذكر أن أكثر ما في الديوان هو في الاسرة القزوينية المشهورة بعلمها وأدبها وشرفها في الحلة الفيحاء.
    ومن شعره في علي الاكبر بن الحسين شهيد الطف :
وحق الهوى العذري لست ارى عذرا ولسـت أرى يحـلو لعيـني مـنامها يقولون لي بالـعرف صـابر هواهم أجيـرتنا بالجـزع جـار غرامـكم سلوا اللـيل عني هـل أذوق رقاده ولـم يشجني ركـب أجـد مـسيره سروا عن مغاني طيبة وحـدت بهم الى ان اناخـوا بالطفوف قـلاصهم فما عشقوا فيـها سوى البيض رونقا فواثـكل خيرالـرسـل اكـرم فتية فيا راكـب الوجـناء تسـبق طرفه تجوب الفـيافي لا تـمل من السرى أقم صدرها ان جـئت اكناف طيبـة هنالك فاخـضع واخـلع النعل والتثم الـيك رسـول الله جـئت معـزيـا شبيهك في الاخـلاق والخلق أودعت ذوى غـصنه من بـعدما كان يانعا فيا ليل طـل حزنا فليـلى بنـوحها لصب يـواتي بعـد بعدكـم الصبرا وما عاشق من لـم تكن عينه سهرى واني أرى صبري بشرع الهوى نكرا وجرعتـموني يـوم ودعـتم مـرا وهـل انا قد سامرت الا بـه الزهرا كركب حسين حين جد بـه المسرى نجائب تطـوي في مناسـمها القفرا وحادي نـواهم بعـد شقـشقة قرا ولا سامـروا الا المثقـفة السـمرا بهم عرقـت للفـخر فاطمة الزهرا اذا ما فلت اخفافها السـهل والوعرا اذا غرد الحادي وحنت الى المسرى ومن طيبها تستـنشق الند و العطرا ثـراها وقل والعين باكـية عبـرى بقاصمة للـدين قد قصـمت ظهرا محاسـنه في كـربلا بـثرى الغبرا وبالرغم ريح الحتف تقـصمه قسرا وأجـفانها ان جـنها ليلـها سهرى


(74)
تعط الحشا لا البرد حزنا على ابنها فما أم خـشف أدركـته على ظما بأوجـد منها حين للسـبط عاينت أعـيدي دعـاء الام يا لـيل انني فأرخت على الوجه المصون اثيثها ولـم أنسـه لما عليه قـد انحنى ينادي عـلى الـدنيا العـفا ونداؤه بني جرحت القـلب مني فـلم أجد بني تركت العيـن غـرقى بدمعها اذا رمـت أن اسلو مصابك برهة وأدمت اديـم الخد من خدشها الظفرا وخوف حـبالات نأت في الفلا ذعرا ومنه صقـيل الوجه حزنا قد اصفرا أرى ابـنك في اعداه يغـتنم النصرا وطرف أبيه السبط من طرفها أجرى واحـشاؤه حـزنا مسعـرة حـرى عليه عظيم شجوه يصدع الصـخرا لجرحك طول الدهر غـورا ولا سبرا وجذوة قلبي حرها يـضرم الجمـرا تهيـجني فـيه الكـئابـة بالـذكرى
    ومن شعره في أهل البيت يذكر مصائبهم :
أغار الاسـى بين الضلـوع وأنـجدا ولـي كـبـد رفت لفــقد احبـتي وقد كنت رغد العيش في قرب دارهم اسرح طرفي فـي مـلاعب حورهم ومـا كان يعشو الطـرف قبل فراقهم وبالتلـعات الـحمر من بطـن حاجر ظـللت أنادي والـركائـب طوحت أأحـبابنا هل أوبـة لاجـتـماعـنا ولم يشجني ربع خلا مـثل ماشجى نوى العـترة الهاديـن أضرم مهجتي خلت منهم تلك العـراص فـأقفرت وكانـوا مصابيحا لخابطـة الـدجى تنـير بـه أحـسابهـم ووجـوههم ونـار قـراهـم قـد رآهـا كلـيمه وسحـب أيـاديـهم يـسح ركـامها قضوا بين من أرداه سيف ابن ملجم ومابـين من أحـشاه بالـسم قطعت وصـدوه عن دفـن بـتربـة جـده فصوب طرفي الدمع حزنا وصعـدا غداة نأوا والعيس طـار بها الحـدا فمـذ بعدوا عني غـدا العيش أنكدا فـلم أر لا خـودا هـناك وخـردا لانهـم كـانـوا لطـرفـيه اثـمدا غـرام أقـام القـلب مني وأقـعدا بصبري وماري الندا بسوى الصدى أم الشـمل بعـد الظاعنـين تـبددا فـؤادي ربع قد خلا من بني الهدى وبـين حنايا أضلعي قـد تـوقـدا وقد عصفت فيـهن عاصفة الردى اذا قطـعت فـي الليل فـجا وفدفدا فبـعدهـم ياليـت أطبـق سرمـدا فعاد بـها فـي أهله واجـدا هـدى ومنهـلهم للوفـد قـد ساغ مـوردا فأبكى أسى عـين البـتول واحـمدا وقـد نقـضوا منه عهـودا وموعدا وأدنـوا اليه مـن له كــان أبعـدا


(75)
ولم تخـب نـيران الضغائن منـهم الى أن تقاضوا مـن حسـين ديونهم أتـته بجـند ليس يحـصى عـديده وسـامـوه ذلا أن يـسالم طـائـعا فهيهات ان يسـتسلم اللـيث ضارعا فجـرد بأسـا مـن حسـام كانمـا اذا ركـع الهـنـدي يـومـا بكـفه وأعـظم مـا أدمى مـآقـيه فقـده رآه وبيـض الهـند وزع جـسمـه فنادى كسرت الآن ظـهري فلم اطق وعـاد الى حـرب الطـغاة مـبادرا ومـازال يردي الشـوس في حملاته فمال عـلى الرمـضا لهـيف جوانح مصاب له طاشت عقول ذوي الحجى وما بعـده الا مـصاب ابي الـرضا أتهـدأ عين الـدين بعـد ابن جعـفر فـعن رشـده تـاه الـرشيد غـواية سعى بابن خير الرسل يا خاب سعيه ودس لــه سـمـا فـأورى فـؤاده وهاك استـمع ما يعـقب القلب لوعة غـداة المـنادي اعـلن الشـتم شامتا أيحـمل مـوسى والحـديد بـرجـله ولا قلب رجس من لظى الغيظ ابردا فـروت دمـاه المـشرفي المهـندا ولكـنـه مـن يـوم بـدر تجـندا يزيـد وأن يعـطي لبيـعـته يـدا ويسلـس منه لابـن ميـسون مقودا بشفرتـه المـوت الـزؤام تجـردا تخر له الهـامات لـلارض سـجدا أخاه ابا الفـضل الـذي عـز مفقدا وكفـيه ثاو في الـرغـام مـجردا نهوضا وجيـش الصبر عـاد مبددا عديم نصير فـاقد الصـحب مفردا الى أن رمي بـالقلب قلبي لـه الفدا بعيـنيه يرنـو النهر يطفح مـزبدا اذا مـا تـعفى كـل رزء تجـددا كسا الديـن حزنا سرمـديا مخـلدا وقد مـات مظـلوما غريـبا مشردا وفـارق نهج الحـق بغـيا وأبـعدا فـغادره رهـن الحـبوس مـصفدا فـكل فـؤاد منـه حـزنا تـوقـدا وينضـحه دمعا عـلى الخد خـددا على النعش يا للناس مـا أفضع الندا كـما حـمل السـجاد عـان مقـيدا
    وللشيخ جاسم الملة خطيب الفيحاء يهنئ الشيخ شمعون في عرسه ويهنئ به السيد ابراهيم السيد محمد رحمه الله.
اسفرت تخـجل ضوء القمر طاف قلبي في هواها وسعى ولـها لبى فؤادي مـسرعا بنت حسن بين أقمار الكلل حـين الفاه طـريقا مهيعا فـأظـلـته بلـيل الشعر
فاهتدى التشبيب فيها والغزل
ادب الطف الجزء العاشر ::: فهرس