ادب الطف الجزء العاشر ::: 91 ـ 105
(91)
الكتاب والحجاب
    نظمها الازري معارضا لقصيدة ( المرأة في الشرق ) التي أنشدها الاستاذ معروف الرصافي على أحد مسارح بغداد.
أمـنازل الخـفـرات بـالـزوراء قـري فـانـك للـفـتاة أريـكـة لا تحـزني مـما رمـاك به الهوى أيـن الاسارة مـن عـفاف طاهـر أكريمة الـزوراء لا يذهـب بك ال‍ أو يخـدعـنـك شاعـر بخـيالـه حصروا علاجك بالسفور ومـا دروا أو لـم يـروا ان الفـتاة بطـبعهـا من يكفل الفـتيات بعـد ظـهورهـا ومـن الـذي ينهى الفـتى بشـبابه ليـس الحـجاب بـمانـع تهـذيبها أولـم يـسغ تعلـيمـهن بـدون أن ويجلن ما بيـن الـرجال سـوافرا فـكأنما التهـذيـب ليـس بممـكن وكـأنـما الاصـلاح عـز بـناؤه ان المـسارح لا تـديـر شؤونـها مثـل بهـا دور الفـضيـلة انـها وانظر الـى شـأن المحـيط وأهله نص الكـتاب على الحجاب ولم يبح قـل لي فماذا يصـنع العلـماء لو مـاذا يريـبك مـن حجاب سـاتر مـاذا يـريـبك من ازار مـانـع ما في الحجاب سوى الحياء فهل من هل في مجالسة الفـتاة سوى الهـوى شـيد مـدارسهن وارفـع مسـتوى وافحص عن الاخلاق قبل حـجابها هـلا اختـبرت الاقـوياء خـلاقهم أسفـينة الـوطن العـزيز تبـصري وحـديقة الثـمر الجـني تـرصدي لا زعزعتك عواصف الاهواء ضربت سرادقـها على النجباء ظلـما وظـنك معـقل الاسراء أين المـعاقل مـن كناس ظباء ‍نهتج المخالف بيـئة الزوراء ان الـخـيال مطـية الشـعراء ان الذي حصروه عـين الـداء كالماء لـم يحـفظ بغـير اناء مما يجـيش بـخاطر السفـهاء عن خدع كـل خريـدة حسناء فالعـلم لم يـرفع على الازياء يملأن بالاعطاف عـين الرائي بـتجـاذب الارداف والاثـداء الا اذا بـرزت بـدون غـطاء مـا لم يشـيد مسـرح بنـساء مـن كلفت بـرعايـة الابـناء تغنـيك عـن تمثـيل دور اباء كيـلا تفوتك حكـمة الحـكماء للمـسـلـمين تـبرج العـذراء نزهتـهم مـن سيـرة الجـهلاء جـيد المـهاة وطـلعة الـذلفاء وزر الفـؤاد وضلـة الاهـواء التهذيب أن يهـتكن سـتر حياء لو أصـدقتك ضـمائرالجلـساء أخـلاقهـن لـصالـح الابـناء أو ما سمـعت بطائـر العـنقاء لو كـنت تأمن عـفة الضـعفاء بالقـعر لا يغـررك سطح الماء عـبث اللصـوص بليلة لـيلاء


(92)
الانانية
غمـر السرورفـؤادها بـزواجه قد كان من أقصى الاماني عندها حتى اذا نعـمت بلـيلة عـرسه نظرتهـما مـسرورة وتجاهلت لم تدر ما هـو ؟ غير أن فؤادها ظنـته وهـما عارضا فاذا بـه وطغت علـيها وحشة من بيتها وكـأنها ندمـت وودت لو أبى كـان ابنها ملكا اليـها خـالصا وتوهمت شبحا يـحاول فصلها وأعاد شاحـب وجهها متهللا يوم تـرى فيه ابنـها مـتأهلا وتفـيأ الضيف الجديد المنزلا قلـقا افاق بنفـسها فتمـلملا قد عاد لا يجد السرور الاولا داء على مـر الليالي استفحلا فـكأنه بعـد العـشي تـبدلا ليعـيش معـها راهبا متـبتلا واليوم ها هـو للغريب تحولا عنه ويطلب مـنه أن يتنصلا
* * *
رجعـت لعـزلتها تـناجي نفـسها فأجـابها القـلق الذي شعرت به أنا ذلك الغـرض الانـاني الـذي حـب الامـومـة لابـنها حب لها نـار الحروب تـوقدت مـن لذعتي لـو لـم اكن لم تشـهدي متظـلما لا يستـطيع العـلم جـذم أواصري بل كلما ارتقت الحضارة في الورى وتـود عـما نالها أن تـسألا مهلا فـاني لـم اجئ متطفلا في كـل نفس لم أزل متأصلا فـاذا تلمـست العـقوق تسللا والحرص يختلق الذنوب تعللا من جائـريه ولا بطاغ مبتـلى ولـو أنه بلغ السـموات العلى اشتدت قوادحها وزادتني صلى
* * *
أنا كاللظى والناس في غليانهم كالماء والدنيا استحالت مرجلا


(93)
فترة
أضحكتنا ورب ضحـك بكاء فترة ضاعـت المقايـيس بين خلقت من خشارة الناس رهطا لمة من بـني الشوارع عاشت حشرات طـلعن مـن طبقات وجراثـيم حين لاءمـها الماء رفعتها من الحضيض ولم تـر وكذاك اعـتلاء من ليس اهلا فـترة مـن زماننا رعـناء الناس فيـها وسادت الاهواء عرفت بعـد خلقـه الآبـاء حيث عاش الاعيار واللقطاء الارض لما استتبت الظلماء تفـشى من سمـهن الـوباء فـع نهاها فمسها الخـيلاء للمـعالـي مصـيبة وبـلاء
* * *
يا لها فترة من الدهر فـوضى كـثر الانتحال فـيها وبـاتت كـيف لا تـرقبن كـل عثار غـره الـمرتـقى فـظن بأن وله وحـده الكرامة ، والعزة تقرأ العجب فيه من نظـرات مطـرق ان مشى كمن اشغلته لو تصفـحته وجـدت ثـيابا مجـدبا كالسباخ من كل خـير ان تسل منه فالجواب اقتضاب يستـوي الهدم عـندها والبناء تستـغل الانـساب والاسـماء من قـصير علـيه طال الرداء الناس ـ حـاشاه ـ اعبدو اماء والمجـد، والنـهى ، والـعلاء ملـؤها الاحـتـقار والازدراء لـحـلـول المـشاكـل الآراء فـوق جسـم كأنـه المـومياء (1) جل ما فـي جرابـه الـكبرياء أو تــسـلـم فـرده ايـمـاء
* * *
واذا مـا استـنسبـته قـال انا نحن من حاملي اللواء بذي ( قار ) من أياد وغيرنا الادعياء أبونا ، وأمـنا الـبرشاء

1 ـ المومياء دواء يحنط به الاجسام كالهياكل القديمة.

(94)
وبـنو عمـنا الاراقـم من تغلب دارنا الغور ، والعذيب ، ووادي وجبل الـسـراة تـشـهـد أنا هـكذا تفعل المـهازل في الدنيا وكذا يبطر الرخاء خفيف الوزن والاعـشـيان والخـنـسـاء الجزع ، والابرقان ، والدهناء عـرب ليس غـيرنا عـرباء وتـقـضي الغـباوة العمـياء مـن حيث لـم يسـعه الاناء
* * *
تتغنى بـه البلاهة والطـيش لا تلـمه فقد رأى فوق ما لم من رياش تحفه في المقاصير وبعـض مـن الغـناء رثـاء يتصور ، وانجاب عنه الشقاء وكـانـت تلـفه القرفـصاء
* * *
وتـخـب السـيارة الـيوم فـيه يوجد الخير حيث يوجد في المرء بعد ما خد أخمصيه الحفاء ضمير يـشع منه الضـياء
* * *
أيها الفـترة اقـترفت ذنـوبا ليس هـذا الـزمان الا كـتابا فيك راح الهـوى يخط ويملي طالما غرت الظـواهر عيني ثم دارت رحى الزمـان فأبدت رب داء ترى من العار شكواه قد تلـقى عـقابها النـبلاء انت مـنه الصحيفة السوداء لـم تقيده ذمـة أو حـياء وغطى على الظنون الرياء لي ما ينطوي عليه الخـفاء وشكوى يثـنيك عنها الاباء


(95)
يا ليالي بأعلى الكرخ عودي ان أيامـي كانـت خـدمي فزت فيه بجـنان جمـعت كلما هـبت صـبا قلت لها بيـد الناهـد من رمـانهـا أحسـب الطلع نضيدا مثلما انشـق التفاح فيـها خجلا وأخد الروض أبـغي ورده كلـما في الـكون فـيه لذة وأقم ان شئت في كوخ بلا وادرع طـمرا اذا كنت به عله يخضر في عودك عودي فيه لما كنت من بعض عبيدي بيـن قضـبان غصون وقدود يا غصون اعتنقي عطفا وميدي واليـد الاخرى بـرمان النهود طلـع اللؤلؤ في الثغر النضيد لم لا أرشـف تـفاح الخـدود أفلا تغني خـدود عـن ورود لك ان متـعت بالعيش الرغيد كدر أو شئت في قـصر مشيد وادعا تستغن عن وشي البرود
    الى أن يقول :
بهدى آل الهدى استمسك فقد عترة الوحي الـذين ابتهجت قـد كـفاهم انهم مـن نوره وكفى عن مـدح الناس لهم فقـضوا بين سـميم وقتيل جمعوا الفائت للفضل العتـيد لهـم الدنيا بأنـوار الـوجود خلقوا والناس طرا من صعيد مدحهم في محكم الذكر المجيد ومـضوا بين شـريد وطريد


(96)
يا بـني الزهراء انتم عدتي بيتكم قصدي ومـدحي لكم انتم المـحور مـن دائـرة انتم حبل اعتصامي ان تكن ليـس لي الا ولاكـم عمل ما لنقـصي جـابر غـيركم لـكم مـني الهـنا ممـتزجا هزه في مـهده الروح ومن فرحت اهل السـماوات بـه وبه الله عـفا عـن فطرس واصل الله به البـشرى وما قتلوه ظامـئا دون الـروى تتراماها الـنواحي في الفلا أزعجت من خدرها حاسرة فقـدت كل عـماد فـدعت لـبدور بـدمـاها شـرقت قد تواروا بقـنا الخـط أهل يا أبا الصيد المـيامين وهل أنت لي ركـن شديد يوم لا هـذه مني يـد مـدت فخذ أنا في حشـري عليكم وافد لا أكـن بين عداكم ضائعا وبكم يكـثر ان قـل عـديدي هو في نظم الثنا بيت قصـيدي أكملت قوسي نزولي وصعودي بلغت نفـسي الى حبل الوريد آمن الهـول بـه يوم الـوعيد يوم تدعـو سقر هل من مزيد بالاسى في مولد السبط الشهيد هـزه الـروح به خـير وليد وغـدت تزهر جـنات الخلود فأمـيطت عـنه اغلال القيود تنفع البشرى بمقـطوع الوريد ثم ساقـوا أهله سوق العبـيد حـسرا لابـن زيـاد ويـزيد كالقـطا روع مـن بعد هجود من بني عمرو العلى كل عميد وبها اشـرق مغـبر الصعـيد قصد الخطي غـاب للاسـود ينجب الاصـيد ولدا غير صيد يلتـجى الا الـى ركن شـديد بيـدي مـنك الى ظـل مـديد طـالبا حـق ولائـي ووفودي في غد ضيعة عيسى في اليهود
    الشيخ عبد الحسين الحلي علم الاعلام له المكانة المرموقة في الكمال والتضلع في العلوم وقد هجر الحلة مهبط رأسه ومحل أسرته وهو في الثالث عشر من سنه وقصد النجف حيث العلم والمعارف ، وحيث الدرس والتدريس فقرأ ما شاء أن يقرأ من العلوم العربية والمنطق والفقه وأصوله والكلام والحكمة والتفسير والحديث وغير ذلك وأصبح استاذا يشار اليه بالبنان وحصلت له ملكة نحت الشعر وقرضه عندما كان في أيام شبابه يتردد على الحلقات الادبية والنوادي الشعرية ، ولا ابالغ اذا قلت ان العلامة الحلي قليل النظير


(97)
في النجف من الوجهتين العلمية والادبية فهو الاستاذ الذي تحضر لديه جملة من طلاب العلم ورواده ، وهو الاديب الذي تتبارى أمامه الشعراء والحكم الذي تذعن لحكمه الادباء ، خفيف الروح حسن المعشر لا يظهر بمظاهر العظمة والرفعة ومن هنا يأنس به كل واحد ، تعرض عليه شعرك فيعيرك أذنا صاغية أما اذا اراد أن ينبهك على خطأ من بيت غير موزون أو قافية لا تلائم اخواتها تزداد ابتساماته ويلتفت اليك قائلاً : أيقال هكذا وللشيخ الحلي مؤلفات كثيرة في مواضيع شتى منها ( نصرة المظلوم ونقد التنزيه ، ترجمة الشريف الرضي ) دراسة قيمة كانت مقدمة لكتاب حقائق التأويل في متشابه التنزيل للسيد الرضي الى غير ذلك.
    ولد في الحلة عام 1301 ه‍ ولما ابتدأ بدراسة العلوم العربية هاجر للنجف كما تقدم يقول صاحب الحصون : كانت هجرة الشيخ عبد الحسين عام 1314 وعند وصوله النجف ارتجل هذه الابيات في مدح الامام أمير المؤمنين عليه السلام :
يا علي الفـخار فيـك هـدانا كن مقـيلي من العـثار فإني لا أبالي وقـد تخـذتـك كهفا أنت من لاعج الحميم مجيري أنـت من خير معـشر وقبيل الله بعـد العـمى سـواء السبيل جاعل في ثـرى حـماك مقيلي عاصما لي من كل خطب جليل والى نـافـح النـعـيم دلـيلي بحماهـم يحمى ذمـار الـنزيل
    والمترجم له قد درس على الشيخ محمود ذهب الفقه والاصول ولازم شيخ الشريعة ملازمة الظل فأخذ عنه كثيرا من العلوم منها علمي الدراية والرجال وكثيرا من الحديث والحكمة والكلام والهيئة والحساب وقد أجازه في الاجتهاد ولكن الظروف القاسية اضطرته الى قبول القضاء في البحرين كمميز لاحكام المحاكم الشرعية فاستفاد منه الخليج. هذا ولم يفتر عن نشراته وبحوثه في المجلات فقد واصل في نشر موضوع الشعوبية والشعوبيين وبين فترة واخرى يتحف الادب والادباء برائعة من روائعه امثال رائعته التي اولها.
لولا هوى وطني وحسن وفائي ما كان فيه ولا يكون ثوائي


(98)
حب له ما انفك حشو حشاشتي حلت به ايدي الشـباب تمائمي أبـدا وتـلك سجـية الامـناء وعلى الكمال عقدت فيه ردائي
    وقوله في الغزل قصيدته التي مطلعها :
أطلع لي قده وخده فخلت غصنا عليه ورده
    وفي قصيدته اسرار الهوى يقول :
ما للظـبا نظرات من هوى فيها ولست الثم ثغر الكاس عن شغف وارقب الشمس في الآفاق أرمقها يا ويـح نفـسي من نفس معذبة يا من جلت لي معنى البدر طلعته كم لي بها نـظر جلت مظاهـره اني لاصبو الى اغـصان مائسة وأعشق الوردة الحـمراء احسبها لـكن لعينيك تمثـيلا وتشـبيها لـكن لريـقة ثغر منـك تحكيها لان مـن خدك الاسـنى تلاليها منها عليها غدا في الحب واشيها ممـثلا وهوبعـض من معانيها من بعده فـكر دقـت مـعانيها لما غـدا عنـك مرويا تثنـيها خـدا فألثـمه افـكا وتمـويها
* * *
يجلو السلافة لي في خـده رشأ ورديـة لم أخلها في زجـاجتها حـمراء في فلك الاقداح مطلعها رقـت فلم أدر في كاساتها جليت عذراء باتت وبات القس يحرسها ما زوجت بسوى ابن المزن والدها شعت فقامـت لها الحرباء ترمقها شمس تفوق شموس الافق ان بهـا تحكـيه في رقـة المعـنى ويحكيها ـ استغـفر الله ـ الا خـد ساقيـها وفي العقـول اذا سارت مجاريـها ام كاسها لصـفاء او دعـت فيـها والصلب من حولها في الدير تحميها حكم المجوس بـها القسـيس يفـتيها كأنـها الشـمس في أبـهى تجلـيها كمـثل ايامـهـا ضـوءا لـياليهـا
    كان الشيخ عبد الحسين رحمها لله زميلا لوالدي وبينهما صداقة ومودة وتبادل الزيارة والمذاكرات العلمية متصلة فلا يمر اسبوع الا


(99)
وارى والدي في دار الشيخ الحلي وارى الحلي في دارنا أيضا وكان الوالد يقول لي : اعرض ما يعسر عليك فهمه على الشيخ عبد الحسين فكنت اثناء ذلك اسمع منه النكتة المستملحة والنادرة الادبية ولعهدي بجماعات من المشغولين بالتأليف والمعنيين بالبحوث التاريخية والادبية ومرجعهم الشيخ بكل ما يكتبون ولعهدي بشاعر من المتدرجين على نظم الشعر كان يقرأ على الشيخ شعره وشعوره وكثيرا ما كان الشيخ يداعبه فتستحيل الجلسة الى فكاهة ومرح اذ أن الشيخ يقرض ذلك الشعر بقطعة تكون على الوزن والقافية وحسبك ان تقرأ جريدة الهاتف النجفية ومجلة الاعتدال لتقف على منثور المترجم له ومنظومه انه يقول في رائعته ( عالم الغد ).
أيصدقني يومي الاحاديث في غد سقاني على التـبريح كاسا مريرة فيغدو على برحاء قلبي مسعـدي أهل بعدها يصفو ويعذب موردي
    وروت لنا جريدة الهاتف من شعره تحت عنوان ( البلبل السجين ) :
أيهـا البلبـل حيتك الغوادي والروائح وتعطرت من الزهر بأصناف الروائح مرة غنيت في دهري فردتني الصوائح وتغني أنـت دوما ثم لا تزجـر مرة ما الذي مازك لولا أن تغريدك فطره
    ومن بدائعه المرتجلة ان زار فضيلة الشيخ عبد الحسين شرع الاسلام عند رجوعه من السفر وكان في المجلس طبقة من علماء النجف فطالبوا زميلهم بهدية منه بمناسبة زيارته للامام الرضا عليه السلام بخراسان فقام الشيخ وجاء بجملة من الخواتيم الفيروزجية وقال ليختر كل واحد خاتما ، فارتجل الشيخ الحلي.
ألقى الخواتيم لنا فانتثرت فلا تسل عـنا فكل واحد حتى تزاحمنا عليها معه أدخل في خاتمة اصبعه
    لقد كانت حياة الشيخ الحلي مدرسة وكان امة في فرد لذلك عز


(100)
نعيه وتهافتت الوفود على ولده الدكتور علي تعزيه والحق انها هي الثكلى ثم اقيمت له حفلة تأبين في منتدى النشر والقى ولده كلمة ملتهبة لوعة وحسرة وانا لله وانا اليه راجعون. ومما هو جدير بالذكر ان سبط الشيخ المغفور له وهو صديقنا الاستاذ مجيد حميد ناجي قد اتحفنا بجملة من أشعار جده وروائع من منظومه احتفظنا بها في مخطوطاتنا من الاطالة.


(101)
أهلت دمـوعي حين هـل محرم فلهفي لال المصطفى كم تجرعوا فـوافتـهم اجـنـاد آل امـيـة فهـب بـنو العلـياء أبناء فـاطم حسين مـن الباري اجتباه وخصه فهب بها ابن المجـتبى القرن قاسم وغاص بـهم شبل الـزكي مدمرا يجـول بهم جـول الـرحى فكأنه دجى صبح ذاك اليوم نقعا ووجهه فـنكس أعـلاما وأردى قـساورا اذا مـا تجلى فـي الـنزال يريهم وقـام يسـوي بينهم شـسع نعله يقول انا ابـن المجتبى نجل فاطم فشلـت يـد الازدي كـيف بسيفه وخـر على وجه البسيطة فاحصا فلـم انـس اذ وافـاه ينـعاه عمه فقدتك بـدرا غاله الخـسف بغتة فـيا لك عـريسا تـزف مخضبا فـلو أنني بـاق بكيـتك لـوعـة فطيب الكرى فيه علي مـحرم أذى يوم وافوا كربلاء وخيموا وقـائدهـم شمر الخنا يتـقدم وسـيدهم أهدى الانـام وأكرم ظهيرا الى الدين الحنـيف يقوم يكيلـهم بالمـشرفـي ويقـسم بصارمه نـثرا وبالرمح ينـظم عليم بفـن الحـرب لا متـعلم أضاء كـبدر التم والليـل مظلم ودمر باقي جيـشهم وهو معلم ثبات عـلي جـده وهـو يبسم فلم يخـش ما بين العدى يترنم فان تنكرونـي فالوغى بي تعلم نحى رأسه ضـربا فخضبه الدم برجليه في الرمضا جديلا يخذم كمنـقض صقر والمدامع تسجم ونجـم سعود لا تـضاهيه أنجم بنبل الاعـادي اذ نـثارك أسهم ولكن الـى ما صرتـم مـتقدم


(102)
    الحسن بن الكاظم بن الحسن بن علي بن سبتي السهلاني الحميري خطيب أديب ضليع بحاثة ولد في النجف 1299 ونشأ بها على أبيه شيخ الخطباء ودرس المقدمات من علوم العربية وتخصص لخدمة المنبر الحسيني فألف ( الكلم الطيب ) و ( أنفع الزاد ) في سيرة النبي وآله الامجاد نظما ، وله ديوان شعر كبير كما له ( سلوة الجليس ) في التشطير والتخميس ونظم باللغة الدارجة باوزان مختلفة ومن منظوماته الرصينة قصيدته المشجية يستنهض بها العرب وملوك الاسلام ومن خدماته نشره ديوان والده عام 1372 وكان يقرأ ما ينظمه من ملحمته الكبيرة في أهل البيت وعدد ابياتها ( 1500 ) بيتا فرغ من نظمها سنة 1347 طبعت بالنجف سنة ( 1357 ) ومن المشهور بين المتأدبين أن في مقدمة الخطباء الذين يخلو كلامهم من اللحن هو الخطيب الشيخ حسن سبتي وكان ذواقة مدح الناس وشاركهم في أفراحهم وأتراحهم وأرخ كثيرا من الحوادث والعمارات ووفيات الاعلام.
    كانت وفاته عصر يوم الخميس 23 من شهر صفر 1374 ه‍ وشيع باجلال وتبجيل واحترام شارك فيه كافة الطبقات ودفن في الصحن الحيدري الشريف بالقرب من قبر والده وأعقب ولدا واحدا يتحلى بحسن السلوك.


(103)
    القصيدة التي القاها الاستاذ حسين علي الاعظمي وكيل عميد كلية الحقوق في حفلة التأبين الكبرى في الصحن الكاظمي.
لا تلمني ان جرت عيني دما هل ترى العـالم الا مـأتما أيها الباكون حـولي اقتربوا ان شعـري أكـبد تلتـهب ثم نوحوا واندبوا مـن ذهبوا قتلوا ظلما وهـم لم يـذنبوا لــهـم الـقـرآن أم وأب غـير أن الظلم بالغدر رمى صال كالذئب عليها مجرمـا اي دمـع ويـك لـم ينبجـس قد طغت نيرانه فـي الانفـس واسمعوا انشودة الـدمع الهتون ودمـوع غرقـت فيها العيون انهم بعد الـنوى لا يرجعـون انهم خـير الـورى لو يعلمون وعلى قـرآنهم هـم عاكفون أمـة الـحـق ولـم يبتـئس ويـله مـن مـجرم مفـترس
* * *
مصرع أو مذبـح أو مأتم ودمـوع جـاريـات ودم فهـنا الغـيد ثـكالى تلطم وهنا الابطال صرعى جثم رفرفـت فيـه نفوس الشهداء وعـويـل وصـراخ وبـكاء وهنا الاطفال غرقى في الدماء حـاربوا الظـلم فماتوا كرماء


(104)
مشهد يا لهف نفسي مؤلم لا ترى الا دمـا منسجما ووجوها مثل أقمار السما مفزع قد شهـدته كـربلاء وجسوما فصلت من أرؤس بعـثرت مشرقة في الغلس
* * *
مصرع فاضت به روح الشهيد هـو حرب بين شـهم وعنـيد غيرأن الـمال ذو بأس شـديد وبه قـد ربـح الـحرب يزيد غـير أن الظـلم شيطان مريد أرأيـت الظـلم كـيف انهدما وهـوى ذكـر يـزيد وسـما وهي تعلو في سماوات الخلود ما له في دولـة الظـلم حدود ولـه الـناس قـيـام وقـعود وهو لولا المال خـانته الجنود وعلـيه الـعدل لا بـد يسـود وعـلا العـدل متين الاسـس عالـيا مجد الحسـين الاقـدس
* * *
مبدأ قد خطه خـير الشباب اقـرؤه انـه خيـر كـتاب كله عـزم وحـزم وانقلاب واذا جـن ظـلام أو سراب واذا السيف تلاقى والحراب ياحسـين انك الـحي بـما انما المـيت الذي مات وما في كتاب المجد تتلوه العصور لو وعت أحكامه الغر الصدور وسـمـو وحـيـاة ونـشـور فهو للسـارين في الظلماء نور ولد المـبدأ كاللـيث الهـصور لك من مجـد سما لـم يطمس ذكـره غـير بـلى مـندرس
* * *
دولـة عـاث بأهلـيها الفساد كانت الدولة شـورى واجتهاد وطـغى فيها يـزيـد وزيـاد لا ترى فيها صلاحا أو رشاد واذا أرشـدهم اهـل الـسداد وطغى في أرضها بحر المجون فغدت ملكا كـما هم يشـتهون ونأى عـنها بنـوها الاقـربون كل ما فيها ضـلال أو جـنون أقبروهـم في غيابات السـجون


(105)
واذا الظـلم تـمادي هدما واذا ما غشي القلب العمى اي ظلم ويك لم يندرس ما له في ليله من قبس
* * *
بايع الناس الحسين بن علي انه سبـط رسـول ونبـي قرشـي هاشـمي عـربي عبقري النفس محبوب أبي وله في الحرب باس علوي بايعـوه فـاتاهـم قـدما ولـه آل النـبي العظـما وهو أولى الناس لما بايعوا أي انـسان لـه لا يخضع حسب كالشمس زاه يسطع قـائـد في قومـه متـبع أي ذي قـلب له لا يخشع لا يـبالي بالعـدا كالبيهس حرس أعظم بهم من حرس
* * *
موكب يسبح في بحر القفار هجروا الافلاك او تلك الديار وكأن الشمس في البيداء نار وكأن الليـل من نار النهار واذا اللـيل علـيهم خيـما ووجـوه مثـل أقمار السما مـن نجوم وشـموس وبـدور لـبلاد حفـرت فيـها القـبور جمرها من وهج الحر الصخور لـهـب فيـها وتـنور يـفور لا تـرى غير الظـبى من قبس طلعت مشرقـة فـي الغـلس
* * *
وصلوا الطف فحـل الموكب والدجى كالبـحر ساج مرهب كوكب يبـدو فيخـفى كوكب وبدا الصـبح فـعز المـطلب نقـضوا عهـدهـم وانقـلبوا لست أدري كيف خانوا الذمما آمنا تحرسـه تلك الاسـود ما له غير السماوات حدود عله في الليلة الاخرى يعود اذ رأوا مـوكبهم بين جنود بعدما قد أبرموا تلك العهود وهي صك ثابت في الانفس
ادب الطف الجزء العاشر ::: فهرس