ادب الطف الجزء العاشر ::: 106 ـ 120
(106)
ويلهم قد نقضوا العهد وما عهدهم غير هوى مندرس
* * *
اعلنـوا الحرب عـلى من بايعوا واذا خـاطبـهـم لـم يـسـمعوا قال ياقوم عن الحـرب ارجعوا انـكـم بايـعتـمـونا فـدعـوا والـى الله تـعـالى الـمرجـع أطـلقـوا آل الـنـبي كـرمـا قـبل أن أمـلأ دنـياكـم دمـا واستباحـوا دمـه منقلبين أعلنوا الحرب عليه ثائرين لم نجئ أوطانكم مغتصبين شأننا ان كـنتم منتقضين وغدا عنكم ترونا راجعين لهم مـن شر هذا المحبس بحـسام دمه لـم يحـبس
* * *
سمع القـوم فصالـوا كـالذئاب حكم السـيف بأغـماد الـرقاب فرمـوه فهـوى مثل الشـهاب صارخا الموت في عهد الشباب نحن آل البيت لم نرض العذاب واذا مـتـنا حـيـينا وسـمـا ان مـن رام خـلـودا دائـمـا فتـصدى لهم شـبل هصور عله يـدفع عنهم مـن يجور غـارقا في دمـه وهو يفور في سبيل الحق بعث ونشور وعـلى مملكة الظـلم نـثور ذكرنا من بعـدنا لـم يطمس عـشق الـموت ولـم يبتئس
* * *
وهـنا دوى صـراخ وعويل من أب يصرخ من هذا القتيل ويحـكم هذا ذبيـح أو مسيل غسلـوه بـدم مـنه يسـيل انـني من بعده ارجو الرحيل أضرمت في القلب نارا بعدما من فـؤاد بالاسى متـقد ويلكم هـذا القـتيل ولدي من دم فوق الثرى منجمد وادفـنوا جثمانه في كبدي عن حياة شـب فيها كمدي قلبت ظهر المجن الانـحس


(107)
في عدو زدت فيه سأما وبلاد ضاق فيها نفسي
* * *
فأجـاب القائـد الفـظ العنـيد انـما عـندي سـلاح وحـديد فـأجاب الاب ما ذنـب الوليد أسقـه من دمـه كـأس صديد غـارقا في دمـه وهـو شهيد هل ترى في الناس يوما مجرما أغضب الارض وسـكان السما ما لكم عندي طعام أو شراب وبـلاء وشـقـاء وعـذاب قال ذنب الاب لـلابن عقاب ورمـاه فهوى مـثل الشهاب لم يخـف قاتله يوم الحساب مثل هـذا المـجرم المفترس وهـو في ذلك لـم يبـتئس
* * *
آب بالطفل الـى الام الحنون فتعالـى صوتها بـعد سكون ذبحـوا طفلي وهم لا يخجلون وهنا فاضـت قـلوب وعيون حيث آل البيت ضجوا يندبون لا تـرى الا ظـلاما خـيما يحسبون الصبح ليـلا مظلما غـارقا في دمـه المنـحدر ووجـوم وأسـى منـفـجر ويلـهم في ذبـحه مـن بشر بـدمـوع أو دم مـنـهـمر مصرع الشمس وخسف القمر في نفـوس ما لها مـن قبس مكفـهرا وهـم فـي حنـدس
* * *
مشهد لان لـه قلب الجماد غير قلب لفتى ( حر ) جواد أغمد السيف ونادى يا عباد لم يكن حـربكم هذا جهاد لم يكونوا اهل بغي وفساد بهم الـدين تـعالى وسما وقلوب القـوم غضبى لا تلين خاف من غضبة رب العالمين اتقـوا الله وكـونوا راحمـين بل هو الباطـل والظـلم المبين انهم كـانوا كرامـا مـؤمنين مشرق الـنور وطـيد الاسس


(108)
واذا ما بات ليلا مظلما ما لنا غير الهدى من قبس
* * *
يا الـهي انـهم قـد غـدروا قد نصـحناهم فـلم يعـتبروا وأردنا وصلـهم فاستـنكروا وخطـبنا ودهـم فـاستنكروا وصبرنا في الوغى فانفجروا لسـت أدري ما يريدون لما قد رضـينا بالـذي قد قسما واستباحوا دمنا واضطهدوا وطلـبنا قربهـم فاتبـعدوا ورجونـا عطفهم فاستأسدوا وحفـظنا عهدهم فاستبعدوا وعصمنا دمهـم فـاستنفدوا فيهم مـن جـنة أو هـوس في الورى من أنعم او ابؤس
* * *
وهوى كالشمس في بحر الدماء فعـلا من نسوة البـيت البكاء ثم نادى ابتـغي قـطرة مـاء غـير أن الـقوم كانوا لؤمـاء فتوارى غـارقا ذاك الضـياء ومـضى من ظـمأ مضطرما وتعـالت روحـه نـحو السما بعـدما قد فتـكت فيه الجروح هـذه تنـدب والاخـرى تنوح عـلني أشـربـهـا ثـم أروح قطعوا الرأس وفي القلب قروح واخـتفى ذيالك الوجه الصبوح غـارقا فـي دمـه المنـبجس يحتسي مـن دمـه ما يحتسي
* * *
وهنا ضجت من الحزن الفواطم لا تـرى غـير سبايا ومـآتـم غنـموهن ومـا هـن غـنائم واذا ما طفـن يوما بالعـواصم انـنا يا ويلـكم أولاد هـاشم أيـها القـوم اطـلقونا كـرما مـا خلقـنا أعبـدا أو خـدما عندما غاب عن الدنيا الشهيد وقتـيل وذبـيح وشـريـد لـيزيـد أو لاتـباع يـزيد قلن هل نحن سبايا أو عـبيد سيد الاحرار ذي المجد التليد انـنا قـوم كـرام الانفـس انـنا آل الـنـبي الاقـدس


(109)
    ولد حسين بن علي بن حبشي العبيدي الاعظمي سنة 1325 ه‍ والمصادف 1907 م في محلة الحارة في الاعظمية وتعلم قراءة القرآن الكريم ثم أكمل الدراسة الابتدائية ، وبعدها دخل مدرس الامام أبي حنيفة وتخرج عام 1924 م فدخل جامعة آل البيت وتخرج سنة 1927 م فعين مدرسا بكلية الامام الاعظم ثم أكمل دراسة الحقوق وتخرج فيها سنة 1936 م واشتغل بالمحاماة فترة من الزمن ، ثم عين مدرسا بالغربية المتوسطة ، ثم عين مدرسا معيدا في كلية الحقوق ثم رئيسا لقسم الشريعة وبعدها تولى عمادة كلية الحقوق.
    كان اديبا شاعرا فاضلا محبا للخير متواضعا ، غزير العلم محبوبا لدى الخاص والعام ، يسعى في مصالح الناس. له مؤلفات قيمة منها :
    ( أحكام الاوقاف ) بغداد 1947 و ( اصول الفقه ) بغداد 1948 و ( مع ابن سينا ) بغداد 1352 و ( الوصايا ) بغداد 1942 و ( احكام الزواج ) بغداد 1949 و ( الاحوال الشخصية ) بغداد 1947 وعلم الميراث بغداد ـ 1941 وغيرها كثير ، وديوان شعر فخم ، ما يزال مخطوطا. توفي في 5 ـ 9 ـ 1955 ودفن في مقبرة الخيزران بالاعظمية (1).
    وطبعت له رسالة بعنوان ( مع ابن سينا ) وهي قصيدة عصماء فلسفية مع شرحها وقد القاها في المهرجان الالفي الذي عقد باهتمام الجامعة العربية وقد اختاره العراق ليمثله في هذا المهرجان وأول القصيدة.
هلا هبطت من المحل الارفع روحا لتشهد مهرجان المجمع
    وهو يباري قصيدة ابن سينا الفلسفية والتي أولها :
هبطت اليك من المحل الارفع ورقاء ذات تعزز وتمنع

1 ـ اعلام العراق الحديث ـ باقر أمين الورد المحامي.

(110)
    وللاستاذ حسين علي الاعظمي في الامام الحسين قصيدة عنوانها : ( الشهيد ) القاها في صحن الكاظميين يوم عاشوراء.
نظمـت وما غير المناحات لي شعر نظـمت دم الاحـرار لي قصـيدة نظـمت دم الاحـرار من آل هاشم نظمت دمـوع الهاشـميات نـادبا فـتى هاشمـي ثار حـين تعـطلت بمـمـلـكة فـيها يـزيـد خلـيفة يزيد طغى في الارض حتى تزلزلت وعـاث فسادا فـي البلاد وأهلـها أيرضى امام الحـق والدين أن يرى يريـدون مـنه أن يـبايع فـاجرا أبى بيـعة الباغي وخـف لحـربه أتى الكوفـة الحـمراء ليثا محررا هـنالك أنـصار دعـوه فجاءهـم فخانوا عـهودا أبـرموها ولم يكن وقد منـعوه الماء وهـو أسيـرهم يرى النهر والاطفال يبكون حـوله قد اضطرمـت أكبادهم فـتساقطوا وجفـت ثدي المرضعات من الظما يناديـن قومـا لا تـلين قـلوبـهم وهل يرتـجى مـاء بقـفر عدوهم أب في يديـه طفـله جـاء يستقي رضيـع كمـثل الطير يخـفق قلبه سقـوه دما مـن طعـنة في وريده أب فـي يـديه طفـله يـذبحـونه وهل يقتل الطفل الرضيـع بشرعهم أب رفع الطفل الرضـيع الى السما وآب غريقـا في دمـاء رضيـعه فـدوى صراخ الام تـلقى وليـدها له من دمي شطـر ومن أدمعي شطر تنوح بها الـدنيا ويبـكي بهـا الدهر اذا ما جرى والطـف من دمهـم بحر بدمـع لـه مـد وليـس لـه جـزر شريعـته الغـراء واستفـحل الـشر لـه النـهي دون الهاشمـيين والامر بطـغيانه وانهد مـن ظلـمه الصبر فـمادت وعم الناس في حكمه الجور عدو الهـدى والـدين في يـده الامر وفي بيـعة الفـجار لـو علـموا فجر بـآل لهـم في النـصر آمـاله الـغر وفي الكوفة الحـمراء ينـتظر النصر بقـلب شـجاع لا يـداخـلـه ذعـر لـه منـهم الا الخـصومـة والغـدر فضاقت بـه الدنيا وضـاق به الاسر عـطاشى وما غـير السراب لهم نهر على الارض لا حول لديهم ولا صبر وأصبحن في عسر يضـيق به العسر وقد لان لـو نادين صـماءه الصخر ألا ليـت لا كـان العـدو ولا القـفر له المـاء اذ أودى بـمهـجته الـحر فما رحموا الطفل الرضيـع وما بروا فـخـر ذبيـحا لا وريـد ولا نـحر فـهل لهـم فيه وفـي طفـله وتـر فـان كـان هـذا شرعهم فـهو الكفر ليعـلن فـي آفـاقـها دمـه الطـهر تمـج دمـا مـنه الحـشاشة والثـغر ذبيـحا قد احـمرت وريـداه والشعر


(111)
تـقبـله مـن جـرحـه وتضـمه ورددت الآفـاق صـوت صراخها وهـبت صقور الهاشمـيين للـوغى الى أن هوى الليث الهصور مضرجا فتى أغـرقته في الـدماء جـروحه هـنالك قـامت في الخـيام مناحـة ودوى صـراخ الهاشميات في السما مشين اسـارى خـلف رأس معـلق قـد اضطرمت اكبادهـن من الاسى سـبايا وهـل تسـبى بنات محـمد الى قلبـها والقلب مسـتعر جمر وفي أذن الباغين عن سمعه وقر اذا ما هـوى صقر تـقدمه صقر على الارض لا فـر لديه ولا كر وهد قواه الضـرب والطعن والنحر وشبت بها النيران وانهـتك الستر فناحـت عليـهن الملائكة الغـر على الرمح لا وعي لهن ولا صبر وحل بهن الموت والرعب والذعر وهن بتاج المـجد انجمه الـزهر
* * *
شهيد العلى ما أنت ميت وانما وما دمك المسـفوك الا قيامة وما دمك المسـفوك الا رسالة وما دمك المسـفوك الا تحرر وثورة ايمان على ظلم عصبة وهدم لبنيان عـلى الظلم قائم فأين يزيد وهـو فيـها خليفة لقد غصب الدنيا ولـم يدر أنه يموت الذي يبلى وليـس له ذكر لها كل عام يوم عـاشوره حشر مخلدة لم يخل من ذكرها عصر لدنيا طغت فيها الخديعة والختر اطاعتـها شر وعصـيانها خير بناه الهوى والكيد والحقد والغدر وهل ليـزيد في خـلافته فخر اذا مات مـن دنياه ليس له قبر (1)
    ولسعادة الاستاذ حسين علي الاعظمي استاذ الشريعة الاسلامية بكلية الحقوق قصيدة حسينية وقد ألقاها صبيحة يوم عاشوراء سنة 1365 وأولها
أي دمع نظمته الشعراء ودماء ذرفتها الخطباء

1 ـ مجلة الغري : السنة الثامنة.

(112)
في مصاب مادت الارض له وله اهتزت من الهول السماء (1)
    ورائعته رابعة القاها يوم العاشر من المحرم سنة 1364 أولها :
الدمع ينطق والعيون تترجم اليوم قـد ذبح الحسين وآله عما يضـم اليوم هـذا المأتم ظلما وفاض الدمع وانفجر الدم (2)

1 ـ مجلة البيان : السنة الاولى.
2 ـ مجلة البيان : السنة الاولى.


(113)
الشيخ قاسم محيي الدين
المتوفى 1376 ه‍
بسـبط محمـد قـل ما تـشاء تـعاظـم في مكـارمـه علاء لقد ضـربت بـه أعـراق مجد يناجـز آل سفـيـان ضـرابـا يكـهم كل مصـقـول صنـيع ولـولا أن حـكـم الله يـجري الـى أن خـر بدر هـدى رمته هـوى سبط الهدى تـربا جبينا وقـد نسجت عليه الـريح بردا ورضت منه جرد الخيل صدرا فوا لهفي عـلى الرأس المعلى به الضراء تـدفـع والـبلاء حسين مـن بـه شرف العلاء بلغن لخيـر مـن تلد النـساء كـأن حسـامه فـيه القـضاء يحـل بمـن يناجـزه الفـناء لـجاراه القـضاء كـما يشاء على عفر مـن الارض السماء عـلى عـفر تغـسله الـدماء وعاري الجـسم حجبه السناء فصدري دون أضلـعه الفداء عـلى رأس السنان لـه سناء
    وقال :
بنفسي صريعا بكـته السما بنفـسي عار كسته الـرياح طريحا على حرها والعيون وأمـست لقى حوله صحبه فلهـفي على كل صدر غدا وحـمل الفواطم فوق المطى يطاف بها فوق عجف النياق ونـاحت علـيه بسكانها بـرودا تردى بقمصانها تمنـت تقـيه بانـسانها تعادى العدا فوق أبدانها لخيل العدا صدر ميدانها تقـاسي لواعج اشجانها بأمصارها وببلـدانـها


(114)
تصـوب المدامـع عـن عندم ثواكـل تـدعـو أسـى جدها فمن شـأن أعـدائها زجـرها سبوها الى الشام سبي الاماء سوافر من فوق عجف المطي بنفسي مـن روعـتها العـدا لقد أدخـلوها عـلى مجلـس تـنوح وتنـحب مـن ثكلها وتسبى كسبي الاما ، والحبال فكم مـن رضيع غـذته يد وكم من فـتاة سـباها العدا وكم من كـرائم للمصطفى وتشجي الصخور بألحانها وتنـعى لـه غر شـبانها وطول النياحة مـن شانها وقد ربقـوها بأشطـانها تطوي النـجود بغيطانها فطاشت خطاها كأذهانها تعاني بـه آل مـروانها وتنعى بـها ليل عدنانها بـأكـتافـها وبأيمانـها المـنايا بـدرة ألـبانهـا تستر فـي فضل أردانها نوائح عـجت بألـحانها
    الشيخ قاسم ابن الشيخ حسن ابن الشيخ موسى ابن الشيخ شريف بن محمد بن يوسف بن جعفر بن علي بن الحسين بن محيي الدين الاول ابن عبد اللطيف بن علي نور الدين بن أحمد شهاب الدين ابن محمد بن أحمد بن علي بن أحمد جمال الدين بن ابي جامع العاملي الحارثي الهمداني.
    توفي والده بعد سنة من ولادته فكفله جده الشيخ جواد ثم خاله الشيخ أمان ومن السنين الاولى لنشأته كان معقد آمال الاسرة وموضع تعهدها ، وفي سن مبكرة بدت علائم نبوغه عليه وظاهرة صلاح ونجابة في سلوكه الامر الذي اكسبه حب الناس واعجابهم باستقامته وفضله.
    ولد في 25 رمضان سنة 1314 وتوفي 1376 ه‍.
    نشأ في النجف الاشرف ودرس المقدمات من العربية وما اليها على الشيخ جواد محيي الدين وتلمذ في الفقه والاصول على الشيخ احمد كاشف الغطاء والميرزا حسين النائيني والسيد أبي الحسن الاصبهاني يقتصر شعره على أهل البيت عليهم السلام طبع له أكثر


(115)
من ديوان ، الاول نشر سنة 1955 م وكتاب البيان في غريب القرآن كما طبع من نظمه العلويات العشر تحتوي على عشر قصائد في مدح أمير المؤمنين عليه السلام قضى ردحا من الزمن وهو الموجه المرشد لقبائل الجبور في قضاء ( الحمزة ) و ( القاسم ) وسعى في تعمير هاتين البقعتين وكتب عن حياة القاسم ابن الامام موسى بن جعفر عليه السلام كما كتب كتابة مفصلة عن حياة الحمزة بن القاسم بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس ابن الامام امير المؤمنين المكنى بأبي يعلى ، والكتابة عن علمه وفضله استفدت منها. والشيخ قاسم يتحلى بصفات عالية قل من يتحلى بها وهذا هو الذي جعل له هذا الاثر الكبير في نفوس عارفيه ولم يزل أبناء تلك المنطقة يذكرونه ويتأسفون عليه فهو أبي الى أبعد حدود الاباء حتى لو التهم التراب لم يظهر عليه ولم يطلب من أحد بالرغم من سعيه المتواصل لاغاثة المحتاجين فكم اغاث الارامل وكم بنى الدور للطلاب وكم سعى في ايفاء ديون المعسرين لكنه لنفسه لا يطلب شيئا وشخصيته شخصية محبوبة جذابة معروف بلطف المعشر لا تجده متبرما ولا غضبانا يستحيل ان يجافي احدا ويقاطعه ومجلسه العامر في كل ليلة بالمذاكرات العلمية والنوادي الادبية يجمع بين العالم والاديب والوجيه والموظف الى جنب مكتبته العامرة التي ملأت رفوفها جوانب المجلس ، والشيخ قاسم أشهر العروضيين في النجف ومن قدماء الشعراء سافر الى جنوب لبنان وكان موضع الحفاوة من طبقات اللبنانيين وساجل الادباء والشعراء هناك وكانت له مناظرات علمية وسجل من الذكريات ملحمته الشهيرة في مناظر جباع وأولها :
بوركت يا جباع ذات الشجر جباع جنـات وصاف ماؤها حياك منـهل الحـيا المنهمر يمتد من سلسال عذب الكوثر
    كان لا يعتز بكل ما نظم الا شعره في اهل بيت النبي صلوات الله عليهم فقد جمعه ونشره في مطابع النجف بجزئين وأسماه ( المقبول في رثاء الرسول وآل الرسول ) توفي يوم السابع عشر من ربيع الثاني ودفن بوادي السلام مع الزفرات والحسرات وما أروع المرثية التي ألقاها الدكتور عبد الرزاق محيي الدين يوم اربعينه في مسجد اّل الجواهري واليكم المقطع الاول منها :


(116)
تطاردني الذكرى فما الطرف هاجع رؤى لست بالمحصي مداها تواكبت تعرفتها طفلا صبيا ويافعا أطلت تناغي المهد اذ انا راضع تتابع خطوي ما استقام فان هفا وتدفعني دفعا الى حيث ترتقي تعهدتني نبتا تزعزعه الصبا تزيد ارتكاسي في التراب تواضعا وتعرضه للشمس في وقدة الضحى وتورده من بعض ما أنت وارد وتعتده ظلا وعودك شاخص تريه المنى ما ذر في الافق طالع وترميه للجلى وان ناء منكب فينهض لا مستحقبا غير عزمة تقاصرت الابعاد دون مراده مراح طويل سهده متواصل أناف على العهد التليد بطارف متى احتضنته الجامعات تنفست وما كان فقدي يوم فقدك واحدا وتاريخ قوم ما انثنوا عن ولاية مشوا يوم صفين بما زحم الوغى وحين تغشى الناس شك وابلسوا وشيلت على أعلى الرماح مصاحف ابت قومه همدان الا صلابة وظلوا على عهد الجهاد وشوطه رواة حديث او بناة عقيدة على حين كان النطع والسيف مركبا ولا أنت منسي ولا أنت راجع وحشد طيوف مرزمات تدافع فتيا فكيف الحال والشيب ناصع وتدرج بي في البيت اذ أنا راتع اخذن بضبعي فاستوى لك ضالع سموا وحاشا لا أقول المطامع فكيف اذا هبت عليه الزعازع فيزهي لك العود الذي هو فارع ليقوى على ما بيتته الزوابع نميرا تساقي او مريرا تقارع ورجع الصدى الحاكي وصوتك ساجع وعقبى العنا ماحط في الارض واقع وحالت معاذير واقصر شافع ولا زاد الا ما تجن الاضالع فسيان داني غايتيه وشاسع وصبح حثيث خطوه متتابع خبا ماتع منه فاشرق رائع وقد صبأت غيري عليه الجوامع ولكن منايا جمة ومصارع ولا قطعتهم عن علي قواطع وضاق به سهل ودكت متالع وخالطهم من كيد عمرو مخادع وقيل ارجعوا فالحكم لله راجع وان زلزلت بكرو طاشت مجاشع وان بذلت ساحاته والذرائع وحفاظ سر ضقن عنه المسامع وكان ارتدادا ان يقال مشايع
* * *
وعاد لهم من عامل وهضابها حصون منيعات الذرى ومصانع


(117)
ونقـطـة بعـث للـولاء مـجدد وكان انطـلاق بعـد فـترة شجعة سروا كالنجوم الزهر تقتحم الـدجى تقاسـمت الآفـاق هـذا مـحـدث جريئون ما هابـوا الملـوك كـأنما وهـذا الذي أثرى وذاك الذي اقتنى الى أن رسـا اصل وقامـت معالم أخا الصالـحات الـباقيات مـناثرا ورب النـدي الرحب ضـاق بأهله يصد بها الغازي ويحمى المدافع وبعث على أرض العراقين طالع فيهـدى بها سار ويـأمن فازع وذلك محـتج وهـذاك شـارع مـمالكهم مـما أفاضـوا قطائع فقـير الـى ماعندهـم متواضع وسنت قوانين وسـادت شـرائع أصـات بـها داع وأمـن سامع فأوسـعه خلق على العسر واسع
    والقصيدة بكاملها نشرها الدكتور عبد الرزاق في مؤلفه ( الحالي والعاطل تتمة لملحق أمل الآمل ) مع ترجمة وافية للمترجم له.


(118)
السيد حسين القزويني البغدادي
المتوفى 1376 ه‍
ما لي أرى الدمن الخوالي اني عهـدت ربـوعـها وفناءها مـأوى الضـيو مـا بـالها حـكم الـبلى ومـحا الجـديد رسومها واسـتبدلت وحـش الفلا ورياضـها قـد صوحت شجـوا لخـطب قد جرى أهل المـناقـب والفـضا وذووا الفـصاحة والسجا قد غالهـم ريـب الـزما من كل اشـوس باسـل وأشـم أغــلـب أروع تلـقاه في لـيـل القـتا فـاذا الجـموع تـكاثرت وقـفوا لعـمري وقفـة حتى قـضوا في كـربلا صم المسامـع عن سؤالي كانـت محـطا للـرحال ف ومركز السمر العوالي بعراصها فغدت خـوالي فغـدت مـسارح للرئال سكنا من البـيض الحوالي بعد الغـضارة والجـمال فـي آل أحمد خيـر آل ئل والفـواضل والمعالي حة والسـماحة والـنوال ن فصرعوا بشبا النصال جم العـلى سـامي المنال شهم لنـار الحرب صالي م كأنـه بـدر الـكـمال رد الرعال عـلى الرعال أرسـى مـن الشم الجبال عطشا على الـماء الزلال


(119)
    السيد حسين ابن السيد صالح ابن السيد مهدي الحسيني القزويني النجفي البغدادي المعروف بالسيد حسون.
    وأبوه صاحب القصائد المشهورة في أهل البيت عليهم السلام ولد في حدود سنة 1280 وتوفي في المائة الرابعة بعد الاف. وهو أديب شاعر سليقي لا نحوي قال الشيخ السماوي في الطليعة : رأيته فرأيت منه رجلا بهي الصورة ضخم المناكب قوي العارضة اذا انشد شعره وشعر أخيه الراضي وشعر أبيه الصالح وكان يتولى مسك الدفاتر لبعض تجار بغداد فمن شعره قوله متغزلا :
جاءتك تسـحب للهـنا أذيـالها بيضاء ناعـمة الشـبيبة غضة جعلت عقارب صدغها حراسها قد زيـن الزند البـهي سوارها حوراء حالية المـعاصم والطلى غيداء ما رأت العيون مثالها رسمت لمرآة الهـدى تمثالها من لثمها وجعودها أفعى لها حسنا وزين ساقـها خلخالها عشق المتيم غنـجها ودلالها
    ومن قوله في قصيدة الغزل :
ألؤلؤ ثغـر سـاطـع فـي المـباسم أم الكاعب الحسناء كالشمس ضوؤها يلـوح لصـب بالـجآذر هائم تميس محلاة الطلى والمعاصم
    وقوله مشطرا بيتي الشيخ محمد النقاش النجفي المتوفى في حدود 1300 ه‍ في السماور :
نديـم كـلما أجـجت نارا ومهما الماء يصلى للندامى يغـني ثم يسـقيني كؤوسا ويطربني بـصوت معبدي به شوقا يزيل الغم عني بأحشاه غدا طربا يغني معسلة المذاق بغير من ألا أفديه من ساق مغني
    وقال أحدهم : السيد حسين السيد صالح القزويني الحسيني البغدادي النجفي وقد غلب عليه اسم السيد ( حسون ). ولد سنة 1280 ه‍ ببغداد ونشأ بها ، كان طويل القامة جسيما أبيض الوجه ، بهي المنظر نظم فأجاد ومن شعره يستنهض لاخذ الثأر ومطلع القصيدة :


(120)
مـدارس وحـي الله هد مشيدها وأضحت يبابا مقفرات عراصها وشتت منها شمـلها وعـديدها يجوب بها وحش الفلاة وسيدها
    الى ان يقول :
ألم تعلمي أضحى الحسين بكربلا ألم تعلمي بالطف أضحت نساؤكم صريعا على البوغاء وهو فريدها برغم العـلى تبتز عنها برودها
    ومنها :
مضى اليوم من عليا نـزار عميدها فـيا أيها الغلب الجـحاجحة الاولى دهـاك مـن الارزاء أعظم فـادح فتلك بنو حـرب بعـرصة كـربلا لقد حـشدت مـن كل فـج لحربه وذادته عـن ورد الشريعة ظـاميا فأين لك الـرايات تقـطر بالـدما وأين لك البيض القواطع في الوغى وأين لك السـمر الطـوال التي لها وأين لك الـجرد العتاق اذا جـرت وأين الابـا منكم وتـلك نـساؤكم وقـوض عنها فخرها وسـعودها على هامة الجوزا تسامى صعودها له اسـودت الايام وابيـض فودها أحاطـت على سبط النبي جـنودها جيوش ضلال ليس يحصى عديدها الى أن قضى بالطـف وهو شهيدها اذا خفـقت يـوم الكفـاح بنـودها تذعر قلب الـموت رعـبا حدودها المـراكز لـبات العدى وكـبودها تزلزل أغـوار الـربى ونجـودها يسـير بـها جـبارهـا وعنديـها
    قال الشيخ السماوي في الطلعية : وهي طويلة وشعره في هذا الباب كثير.
    ومن قصيدة في الحماس
سأركـب للعلـياء اجـرد شيظـما وأسري بجنح الليل لا أرهب العدى واستل يوم الروع ابيض مخذما واعتقل الرمح الوشـيج المقوما
    توفي يوم الاثنين في الخامس عشر من شهر ربيع الثاني سنة
ادب الطف الجزء العاشر ::: فهرس