ادب الطف الجزء العاشر ::: 136 ـ 150
(136)
يا ليل طـلت ورحت تمـتد انـي لاسمع بالصـباح فهل هـل أوقف الافلاك مبدعها أو كان نظم الكون مضطربا أو أنت ذيـاك القـديم فـلا كـلا فـأنـت الـكم متصلا أو أنـت انت وان يومي من أرزاء هذا الـكون تعبث في أنا لا أغالـط في حـقائقها لكن رزايا الطـف ليس لها طوت الحقوب حدودها ولها هـل انها نـوع وكـان له أو أنهـا فـرد وكـان لـه نزلت بحـومة كربـلا ولها وتمـثـلت ومثالـها شـعل قـل لي أهل لك في غد عهد ذاك الصـباح لمقـلتي يبدو أو حال دون مسـيرها سـد لا العكس متـجه ولا الطـرد قبل لـديك يـرى ولا بعـد حـتم عـلى أجـزائك الـعد أرزاء يـوم الطـف مسـود سـر الحـياة ومـا لها حـد كلا فـأمـر عـيانـها جـد فـي نوعـها مثـل ولا نـد فـي كـل آونـة لـنا حـد في قـلب كـل موحد فـرد بعـد لـيـوم الحشر ممـتد آل الـنـبي محـمـد قـصد وتمثـلوا ومـثالـهـم وقـد
    الشيخ محمد جواد الجزائري.
    ابن الشيخ علي الجزائري ولد في النجف سنة 1298 وفيها نشأ


(137)
وتوفي سنة 1378.
    هو من أسرة عربية وبيت علم استوطن النجف الاشرف قبل القرن التاسع الهجري وكانت فيه الزعامة الروحية متوجة بالعلم. قوي القلب صلب الارادة لا يخاف في الله لومة لائم ما رأيت مثله من يغار على النجف وكرامتها وعلى العمة وحرمتها. له مؤلفات مطبوعة ومخطوطة وحديثة عن الثورة ومواقفه الجريئة وكيف حكم عليه بالاعدام من قبل الانكليز حديث ملذ معجب. مرض ودخل المستشفى ببغداد للتداوي فأرسلت اليه قطعة شعرية نشرتها مجلة الغري النجفية في سنتها 14 اذكر منها :
حن الفـؤاد الى لـقـائك قفـص الاضالـع عـاقه فـمـتى البشـير يـسرنا عـيدي بمـطـلعك الاغر متسلسلا بـحديثك العـذب ويزيـنـه في نـدوة العلم وتـضـم حفـلك صفـوة وكان هيـكلك الـملائـك فالفضل ما ضمت شفاهك تصغـي لمقـولك البـليغ أأبا المعز ، وعزك المعقود مـاقيـمة الجـبل الاشـم فـاقبل تحـية مخـلـص متطـلعا لسـما عـلائك من أن يطـير الى فنائـك فالانس في بشرى شـفائك وأن أراك عـلى روائـك الـمسـلسل كـالسـبائك الصحـيح سـنى بـهائك مثل الغصون على الارائك أو انت من بعض الملائك والفـضائل فـي ردائـك بحـسن لفـظك في أدائك فــي عـالـي لـوائـك بجـنب عزمك أو مضائك لا زال يلـهـج في ثـنائك
    وحين صدور ( حل الطلاسم ) ردا على ايليا ابي ماضي كان له صدى اعجاب في الاوساط الادبية في بلاد العرب ، وكان لادباء لبنان السبق الى التنويه بفضل هذا الديوان واكباره لما فيه من المحاكمات العقلية حول أي موضوع شك فيه الشاعر الكبير ايليا أبو ماضي في طلاسمه. ومن أدباء لبنان البارزين بأدبهم العالي الاستاذ حسان حليم دموس صاحب الاثار الشعرية الرائعة والمقامات الادبية العالية والمواقف الدينية في سبيل اسلامه وقد


(138)
بعث بتحية الاعجاب الى العلامة الجواد في رسالة شعرية رائعة وعنوانها :
    الى العلامة الجزائري :
سلام على النجف الاشرف قرأت كـتابك يا ابن العرا قواف رقـاق كذوب الندى حللت الطـلاسم حلا عجيبا سلام مشوق محب وفي ق بثغر بسيم وقلب حفي أزاحت لنا كل سر خفي فعـدت اليـها ولم اكتفي
    سيدي الجليل الجواد ، الآن قلبت آخر ورقة بل آخر صفحة وانتهيت من تنسم ألطف نفحة من آخر مقطع من حل الطلاسم وأنا اردد قائلا مع الناظم :
بهداه سرت في الدرب وأدركت المراما وتمشيـت مع المنـق بـدءا وختـاما كل سار تخذ المنطق في السيـر اماما فاز من ناحية الحكمة فيـه انا ادري
    فشكرا لهيتك الشعرية الثمينة يا شيخ العصر فلقد عرفنا منها كيف يستخرج الدر من البحر وكيف يلمع العقد النظيم الكريم في النحر .. ورأينا كيف تتكشف الحقائق الروحية شعرا ويعصر الشعر خمرا بل يذوب سحرا. ان من الشعر لحكمة وان من البيان لسحرا. فمن جار السماء (1) وجارة الوادي (2) الى واديك وناديك ، ومن سماء بلادي ابنة الارز اهتف وأناديك ومن أرض أجدادي احييك وأناجيك
1 ـ جبل لبنان الاثم.
2 ـ زحلة مسقط رأس الناظم وقد ولد فيها عام 1888.


(139)
سلاما ، فخر آل الشيخ احمد اليـك تـحن أرواح تمـنت سأذكـر ساعة فيها اجتـمعنا تزيد وداعـة وتزيـد فيضا فيا لمجرب خـبر اللـيالـي وأعـلن أن سر الكون روح فـيدري انه يـدري ويجري يطل على الطـبيعة مثل نسر وهذي الروح من انوار ربي فمرحى أيـها الاسدي مرحى عرفت الـدرب والدير المعلى حللت طـلاسم الماضي بشعر أزحت عـن الحقائق كل ستر وخضت غمارها وبلغت شوطا فحـلك حكـمة والقول فصل فمن وطني الى النجف المفدى وعـد لربوعنا والعود احمـد بـقاءك بـيـنها والله يشـهد وانـت علـى ربى لبنان فرقد بـنور نباهـة وشعاع سـؤدد وطـار الى كـواكبها وصعد هو النـور اللباب وما تـردد ويعرض مشهدا في اثر مشهد برأي مـن صحائفـها مسدد وهذا الجسم مـن ذرات جلمد فمـثلك من جرى ابدا وعبد عرفت الكوخ والقصر المشيد أعـدت به لنا اعـجاز احمد بمرهـف خاطر وبنيل مقصد علـيه رايـة الآمـال تعـقد وشعرك نغـمة والوحي معبد تحـياتي لآل الشـيخ احـمد
    وطبع ديوانه في لبنان سنة 1389 ه‍ وهو طافح بالوطنيات والوجدانيات سيما أحاسيسه ومواهبه عن ثورة الحرب العالمية وما عاناه من سجن وتعذيب يقول :
ولما ادلهمت علينا الخطوب لقيـنا زعازع ريب المنون ولم نلـو للدهر جـيد الذليل وحقـقت الحادثات الظـنونا وهان على النفس ما قد لقينا وان يكـن الدهر حربا زبونا
    ونظم ملحمة ( حل الطلاسم ) نشرتها المجلات مع شرحها ثم نشرت مستقلة في بيروت كما نشر له ( نقد الاقتراحات المصرية في تيسير العلوم العربية ) و ( فلسفة الامام الصادق ) وألف في الفقه والاصول والفلسفة ولا زلت اتصوره واستشهد بأحاديثه وأكبر روحه الدينية ومواقفه الوطنية كتب عنه باسهاب زميلنا الباحث علي الخاقاني في شعراء الغري وأسهب في الحديث عنه وجاء بألوان من شعره سيما وطنياته ووجدانياته ومما هو جدير بالذكر ان الخاقاني زامل الشيخ الجزائري وجالسه فترة طويلة. وقد انطفا هذا المصباح الوقاد يوم الاثنين 15 ـ 10 ـ 1378 المصادف 23 ـ 4 ـ 1959 م.


(140)
هـلال مـحـرم قـد أوجــرا هـلال بـه هـل دمـع العيـون بكيـنا لـما حـل فـي كـربـلا وقـد كسفـت شمـسنا والنجـوم على ما جرى في عراص الطفوف غـداة ابـن سـعـد اتـى فائـدا يـناجـز سـبـط نـبي الـهـدى ودارت رحـى الحرب في موقف فـفـرت كــتـائـبـها نكـصا ومـذ اثخـنوا جسـمه بـالجراح وجالـت عـلى جسـمه خـيلـهم فؤادي بنار جـوى مسعرا فكان لطـرفي قـد أسهرا ودمع العيون دمـاء جرى تساقطن حزنا على ما جرى بعترة احـمد خير الـورى لجيش كثيف بـها عـسكرا ويطـمع في الـري اذ أمرا بـه قـابل الادهـم الاشقرا وفي وجهـها السبط قد غبرا ثوى يا بنفـسي لقى بالـعرا ورضت له الصدر حتى القرا
    الشيخ كاظم ابن الشيخ سلمان بن داود بن سلمان بن نوح ابن محمد من آل غريب الاهوازي الكعبي الحلي الكاظمي ، تخرج على يد أبيه الخطيب الشهير الشيخ سلمان الذي انتقل من الحلة الى الكاظمية وعمره خمسة عشر سنة وتوفي وهو ابن ثلاث وأربعين سنة وذلك عام 1308 ه‍ وحمل الى النجف ودفن بوادي السلام.


(141)
    ولد المترجم له في اوائل شهر رجب سنة 1302 ه‍ وتلقى الكتابة والقراءة عند الكتاتيب ويقفو أثر أبيه في المجالس الحسينية ويستمع اليه بكل لهفة ويكتب القطعة من المراثي ويحفظها ويتلوها على أبيه على الطريقة المألوفة في المآتم الحسينية. درس النحو على السيد محمد ابن السيد محسن العاملي ، والشيخ محمد رضا اسد الله ، كما درس الفقه عليهما وعلى السيد احمد الكيشوان وكتاب تجريد الاعتقاد في علم الكلام على الشيخ مهدي المراياتي وبرع في الخابة حتى عرف ب‍ خطيب الكاظمية ومن أجلى المواقف خطابه في ( حسينية الشيخ بشار ) ببغداد يوم جاء الوفد المصري وعلى رأسه الكاتب الشهير احمد أمين يستمعون الى حديثه وخطابه ففتح باب المناظرة وأخذ يحاسب الدكتور احمد أمين على مفترياته على الشيعة في كتابه ( فجر الاسلام ) وكان الموقف موفقا والمجتمع يصغي اليه بكل شوق وهو مستمر في بيانه واحتجاجه وقوة استدلاله وتفنيده لتلك المفتريات والتهم مما دعى الدكتور أحمد أمين ان يصرح بأنه سيعيد طبع الكتاب خاليا من هذه الاغاليط ، قال المرحوم السيد محسن الامين في ( أعيان الشيعة ) ج 1 ـ 135 ما نصه : ومن العجيب ان احمد أمين زار العراق بعدما انتشر كتابه ( فجر الاسلام ) في زهاء ثلاثين رجلا من المصريين وحضر في بغداد مجلس وعظ الشيخ كاظم الخطيب الشهير فتعرض لكلام أحمد أمين في كتابه وفنده بأقوى حجة وأوضح برهان ووفى المقام حقه وهم يسمعون فاعجبوا ببيانه واذعنوا لبرهانه.
    وفي سنة 1376 ه‍ دعي للمشاركة في الاحتفال العالمي في الباكستان بمناسبة مرور أربعة عشر قرنا على ميلاد أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ، وكان وفد العراق يتألف من السادة الاعلام وهم : السيد علي نقي الحيدري ، السيد حسن الحيدري ، الشيخ محمد علي اليعقوبي ، الشيخ كاظم نوح ، الشيخ محمد رضا المظفر ، السيد محمد تقي الحكيم ، السيد عبد الوهاب الصافي ، السيد ابراهيم الطباطبائي. أما آثاره العلمية فمنها ديوانه المطبوع بمطابع بغداد في ثلاثة أجزاء وديوان رابع وهو يختص بأهل البيت عليهم السلام وقد طبع بمطابع بغداد أيضا غير شعره الذي لم يطبع والذي يزيد على ( 10000 ) بيتا ومن


(142)
الجدير بالذكر انه أرخ اكثر من 500 حادثة تاريخية اضافة الى أغراض أخر.
    2 ـ محمد والقرآن ذكر شهادات الاجانب في القرآن الكريم والنبي العظيم.
    3 ـ الحضارة والعرب وما ذكره الاجانب في ذلك.
    4 ـ المدنية والاسلام.
    5 ـ ملاحظات على تاريخ الامة العربية لدرويش المقدادي.
    6 ـ الحسم لفصل ابن حزم.
    7 ـ رد الشمس لعلي بن أبي طالب من طرق أهل السنة.
    8 ـ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفيه أربعة مسائل تتضمن حديث ( الائمة من قريش ... ).
    9 ـ المواعظ الدينية الصحية ، نشرته مديرية الصحة العامة بغداد 1936 م. توفي رحمه الله فجأة على أثر ضيق في التنفس وذلك في شهر جمادى الآخرة من سنة 1379 ه‍ فكان يوما مشهودا في الكاظمية وبغداد واقيمت له الفواتح في أماكن عديدة ، وأقيمت له حفلة تأبينية في الكاظمية بمناسبة الاربعين شارك فيها الدكتور حسين علي محفوظ والسيد محمد علي الحيدري القاضي ، والسيد سعيد العدناني والخطيب جواد شبر ( كاتب هذه الترجمة ) واليكم قطعة من القصيدة أو المقدمة :
حياتـك كلـها غيـث عمـيم ونـثرك يمـلأ الاجواء طيـبا مربي الجيل أنـت ، وكان حقا تذيع على الـورى ستين عاما وانـك خالد الـذكرى ويـبقى ولفـظك كله در نظـيم كأن حروفـه عطر شميم رثاؤك أيها الرجل العظيم دروسا نهجها جزل قويم حديثك تستطيب به النسيم
* * *
أبا الاعواد والحكم اللواتي تمثل فيها الادب الصميم


(143)
ترف عـلي روائعـها قلوب رأيتك تـسحر الالباب وعظا وآلاف الانـام اليك تصـغي ودوى صوتك المرهوب فيها وقد ضاق المكان بهم فضلت مواقف لسـت احصـيها بعد لرقتـها ، وتنتـعش الجـسوم فكانـت في يـديك كما تـروم ووجـهـك لاح مطـلعه الوسيم كـأنـك في اللقـا أسد هـجوم عـلـى مرآك أرواح تـحـوم على الدنيا وهـل تحصى النجوم
* * *
أبا الاعـواد منـبرك المرجى فهـل اسنـدتـه لفـتـى أبي فمن لشباب هذا العصـر يهدي تجاذبـه العوامل لـيس يدري لنفع الناس يعـلوه الوجوم وهل أحـد يقوم بما تقـوم اذا عصفت بفكرته السموم عـلي أي المبادئ يستـديم


(144)
أيا عتـرة المختار والسادة الطهر ويا عـلة التـكوين والآيـة التي بني أحـمد انتم مـعادن حكـمة أدين بحب المصـطفى وولائـكم تـنوه طـه والنـبا بمـديحـكم كذا سورة الاعراف قد شهدت لكم وكم قـد أتت مـن آيـة في امية لقد لعنوا في محـكم الذكر لعـنة وقد قـتلوا سـبط النبي وسبـطه وقد رفعوا رأس الحسين على القنا بنفسي جسوما طاهرات وقد غدت وآل رسـول الله والانـجـم الزهـر تحـير فـي ادراكـهـا اللب والفـكر فـعلـمكم كـنـز وجـودكـم بـحر مدى الدهـر حتى ينقـضي منى العمر وياسـين والانفـال تـشـهد والقـدر وفـي جـل آيات الـكتاب لـكم ذكر ليخـزى بها حرب ويرمـى بها صخر يدور بها عـصر ويفـنى بـها عصر تـطالبه ثـأرا بـما فـعـلـت بـدر تطـوف بـه البلـدان عـسالة سـمر تداس بجرد الخيل مـذ رضض الصدر
    الشيخ كاظم ابن الشيخ موسى ابن الشيخ محمد رضا ابن الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء. ولد سنة 1304 ومات والده وهو طفل رضيع فكفله عمه الشيخ صاحب الحصون فنشأ نشأة علمية أدبية وحضر على اعلام عصره بحكم


(145)
بيئته وأسرته ، أدركت أيامه فكان مثالا لطهارة القلب وحسن الخلق وطيب المعشر وكنت اقرأ على اساريره النور فلا تفارقه الابتسامة واثر السجود بين عينيه كثيرا ما كان يحضر مأتم سيد الشهداء ويشجعني كثيرا على خدمة المنابر ولا زلت احتفظ بأشعاره بخط يده اذ كان يتأثر بمنابري فينظم القطعة الشعرية ويثنى على تلك الروحانية وربما فارق النجف الى البصرة اذ له هناك مزرعة ويروي جملة من الشعر الذي نظمه شعراء عصره بمناسبة قرانه بابنة عمه الشيخ صاحب الحصون سنة 1324 ه‍ وأرخ بعضهم قائلا :
قد أصبحت آيات آل جعفر حتى السماء نظمت نجومها والمجـد قد تهـللت طلعته تتـلى بلفـظ ناثـر وناظـم في مـدح تلك السادة الاعاظم بشرا فأرخه بعـرس كاظـم
    ترجم له الخاقاني في شعراء الغري وذكر قسما من شعره وجانبا من أخلاقه وتواضعه فمن شعره في أهل البيت عليهم السلام :
أرقت وماخـوفا من الموت أأرق ولسـت بحـب الغانيـات مـوله ولسـت لمخلوق من الناس راجيا ولا كنت في حرب الرياسة راغبا ولكنني فـي عفو ربـي ولطـفه وفي حـب آل الله والعترة الـتي أموت وأحـيا مستـهاما بحـبهم ولا طمعـا في الـمال مثلي يـأرق ولا للـحسان البيض قلـبي يعـشق ولا لغـنـي جـئـتـه اتـمـلـق بأثـقالـها اشـقى وفيـها اطـوق واسـأل غفران الـذنـوب وافـرق بهم سارت الافلاك والـشمس تشرق وفيهم من النيـران انجـو واعـتق
    كانت وفاته رحمه الله في مدينة الحلة وشيع جثمانه الطاهر يوم الثلاثاء 3 ـ 11 ـ 1959 من مقبرة المحقق الحلي الى النجف الاشرف وكان الناس في باب البلد عند جامع الحيدري يستقبلون الجثمان من مختلف الطبقات حتى دفن في وادي السلام.


(146)
خـلت مـن الـدار مغانـيها فـهي يباب بعـدهـم للـبلا سلها عسى تنـبيك عـن نأيهم وحيـها في صـيب كـالحيا لها على العـشاق حـق البكا يا وحـشة الدار وقـد أقفرت قطـينها خف وقـد زمزمت وقـوضت لكن عـلى اثرها حملها المجد فـشالت ضحـى شـعارها الذكـر به قـد تلت يا يـومهم وهو العـظيم الذي قد أعقـبوا فـيه لهم وقـفة سل كربلا عنهم وسل أرضها وكيف فاضت وطغت في دم أبـادهـا الـمـوت ولكـنما وثـائـر شـمر عـن وثـبة صادق طعن ليس يخطي الحشا أرخصـها دون الـهدى مهجة وأقفـرت بعـد مبانيها ما أحسن الـدار بأهليها وأين جد السـير حاديها تندى لـه العـين أماقيها فقف بـها يا سعد نبكيها خـالـية الا أثـافـيهـا تحدو الى الطف نواجيها قوضـت الدنيا بـما فيها تقـودها غـر مساعـيها ورتلـت في الآي تنشيها قد طبق الدنـيا نواعـيها تبقى الى الحشر مـعاليها مـن دك بالكر روابيـها تجري وحد السيف يجريها نشر جمـيل الذكر يحييها يقصر عنها اللـيث تشبيها والطـعنة النـجلاء يرويها ـ يا بأبي والناس ـ أفديها


(147)
    الشيخ كاظم ابن الشيخ طاهر بن حسن بن بندر ، ولد في النجف سنة 1303 ه‍ ونشأ بها وتلمذ على مشايخ الادب وأخذ عنهم أصول العربية وشغف بالادب الجاهلي ويعتد بنفسه كثيرا ، وكثيرا ما كان يقول اذا اسمعته شعرا لشعراء العصر الحاضر يقول وأين هذا من شعر الرضي والمهيار.
    له ديوان شعر فيه العشرات من القصائد في أهل البيت عليهم السلام والعلماء والاعيان وقد استكتبني مرة في دارنا ـ وأنا صغير السن ـ فأعجبه الخط فأعطاني ديوانه وهو أوراق مبعثرة فكتبته له بأكثر من مائتي صفحة وكان اذا نظم القصيدة في أهل البيت ينشدها بنفسه بطريقته الخاصة في مجلس المرحوم الشيخ هادي كاشف الغطاء الذي كان يعقد كل يوم خميس اسبوعيا. والشيخ كاظم أديب ولغوي ومنبري خدم المنبر الحسيني طيلة عمره وله نوادر أدبية ومساجلات شعرية كثيرة ، ومن قوله :
بادر فـطرق العلى من أوضح الطرق لا يـركـب الهـول الا قـلب ولـه ولا يـلم عـلى مـجد سـوى رجـل حاذر على المجد واحرص ان تحوط به لملـبـس خلـق فـي العـز تلـبسـه ومـن بـثوب جـديـد كان مفـخره وانفض لها ساعيا في جد مستبق قلـب جريء عـلى أمن بلا قلق مسهد الجفن مطبـوع على الارق كما أحاطت جفـون العين بالحدق أجل مـن جدة الـديباج والـسرق فـذاك ابخـس ثوب في الدنا خلق
    ترجم له الباحث المعاصر الخاقاني وأتحفنا بألوان من شعره لا اتخطر أني كتبته يوم استنسخت له ديوانه ، ومما يخطر ببالي ان المرحوم السيد مير علي ابو طبيخ قدس سره حدثني بأن الشيخ كاظم السوداني كان يطالبه بأكلة من الباذنجان المقلي وهو الذي يسمى ب‍ ( المسمى ) وطالت مطالبته فنظم :
علي القدر يا ابن أبي طبيخ طبيـخك في مسـماه والا الى اللقب الذي قد شاع اسما فاسمك والطـبيخ بلا مسمى
    ويحدثنا الخاقاني ان المترجم له كان يثور حينما يسمع بتفضيل


(148)
المتنبي على غيره كما انه كان يقول : شعر المتنبي مسروق وحتى هجا المتنبي بقصيدة فنظم الشيخ محمد علي اليعقوبي يخاطب المتنبي :
يا ابن الحسين وقد جريت لغاية لكنما السـودان حيـن هجوتهم قد أجهدت شعراء كـل زمان ثارت عليك ضغائن ( السوداني )
    وقال أيضا :
يا هاجـيا رب القـوافي احمدا حسبي وحسبك في جوابك قوله بلواذع من نظمه وقـوارص ( واذا أتتك مذمتي من ناقص )
    وقد سجلت له في مخطوطاتي قصيدة نظمها في زفافي سنة 1356 ه‍ :
فـضائل فعل الـمرء تعرف بالاثر ولا خير فيمن همـه المـال والغنى ورب امرء خالي الوطاب من العلى يدقـر مـعنى نفـسه لا بنـفسـه تقـدم فيـها خامل الذكر مـن بـه لعـبد حقـيق حـرة ذكـريـاتـه الى م الشقا في ليلة البـؤس والعمى فعقـلك مـرآة لامـرين نـاظـر وعنـدك لـذات فـصاحـب أجلها ومهما ارتقى فيـك الكمال بـأوجه باخلاقه الانـسان لا فـي بـروده الا ان حسـن الـسير أطلـب نافع اذا غلب الطغـيان يوماعـلى امرء وفـي كـل نفـس للتكـبر خـلقة ومن كان ذا عسر فـلا يك موجسا ومن كان ذا صبر على واجـب له ومن كان ذا حرص بعيد عن الندى لك الخير فاخـتر أحسن الحـمد والـذكر وكان مـن العـلياء فـي جـانب الـفقر يزاحم ـ وهو الذيل ـ من حل في الصدر كبيت بـل معـنى أضيـف الـى الشعر أتى هل أتـى الانـسان حين مـن الدهر هو الـحر لا مـن قـد تـشـبه بالـحر أما قد تـرى من بعـدهـا طلـعة الفجر فبالخـير تـلقى الخـير والـشر بالـشر فـان فـساد العـقل مـن لـذة الخـمر فـانـك محـتاج الـى الـرأي والـفكر وفي حسـنها الحسـناء لا في حلى الدر وكم من سفـيه يطـلب الـنفع بالـضر تجـنى مسـيئا وهو يـدري ولا يـدري اذا وجدت حـظا تخـطت الـى الكـبر فمن بعـد هـذا العـسر لليسر واليـسر فبـشره بالحسـنى بعـاقـبة الـصـبر تـجاوزن عـنه الـسن المـدح والشكر


(149)
وما كـل من قد قال يفعل صادقا وما طاب يوما منبت السوء زاكيا تحذر مـن النادي ولاتـك مغمزا وسر سابقا مثل الجـواد الى العلى تجـلى وجـلى لامعا بين تـربه فتـى لعلي ينتـمي وكـفى بـه دع الخبر المكذوب فالصدق في الخبر وهل ثـمر يحـلو من الشـجر الـمر فمحـشده ضـم الـذكي مـع الغمر غـداة شآ فيـها الى حـلبة الفـخر فبان بحـسن السعد كالكوكـب الدري عـلاء ومجدا طيـب الحـجر والدر


(150)
بجنب الغـاضرية لـي ثواء تجاوبـني بـنات الدوح نوحا أقول وفي الحشا جذوات وجد أأكـناف الطفوف بأي أرض أهل دارت ثـراك هلال سعد عشـية جاء يحـمله ابن طه يلـوح عليهـما ألق وعرف فقل بالغصن يحمل منه نورا ونـادى فيـهم والقـوم صم ألا من راحـم يسقي رضيعا فلا يجـديه عن سـغب لبان وان يذنـب أبوه كما زعمتم فلم يسـقوه من ظـما ولكن وفـوق سـهمه شلت يـداه ووافـت أمـه تعـدو ولكن تقول فتسـعر الاشـجان فيه بـني تركـتني والهـم ثكلى سـأبكي ثغرك الدري ما ان والـفاي الكـتابة والـرثاء وتسعـدني الـجآذر والظباء وملء جـوانحي داء عـياء لفرخ المصـطفى منك الثواء بكت اذ غاله الخسف السماء وحـشـو فـؤاده ألـم وداء فـريا العود ينـشره الضياء وقـل بالنـجم تحـمله ذكاء فلا عن غـيهم يـلوي نداء يلوح علـيه مـن طه رواء ولا يطفي لظـى احشاه ماء فـلا ذنب علـيه ولا جزاء حـدا للبغي حـرملة الشقاء فأذبل من بـني مضر بهاء لها في نار مهجتها اصطلاء لعـبد الله يا نفـس الفـداء وما من بعد يومك لي عزاء بسمت وللسـنا فـيه ازدهاء
ادب الطف الجزء العاشر ::: فهرس