ادب الطف الجزء العاشر ::: 166 ـ 180
(166)
أأبا العقـيدة والنـضال الـدامـي وجعـلت يومـك رمز كل بـطولة وعرفت أنـك فـي القلوب مصور هيـهات تـسلـبك الخـلود منـية دين ابن عـبد الله ما سـاد الورى صفحات تحرير الشعوب من الاذى فالقـادسـية لـم تـزل أخـبارها وأرى الـدماء الحـمر خير وسيلة قدست ذكرك يـا ابن خير امام غـراء تعـبق فـي فم الايـام لـم تمح من لوح الخلود السامي ذهـبت بـدولـة جــائر هدام لـولا دم الشـهداء فـي الاسلام مكـتوبة بالســيف لا الاقـلام تروى بـرغـم تـقادم الاعـوام لطـهارة الـدنـيا مـن الآثـام
* * *
أأبا العقـيدة ، والعقيدة مركب لما رأيـت البغـي مـد رواقه ضحيت بالدنيا لاجل كل عقيدة أفديك من بطل ابى الا الردى هل كنت الا الليث ديس عرينه والنفس ان كبرت تعاظم همها مـا ذل الا للـفـتى الـمـقــدام والظـلم صال عـلى الورى بحسام لـم يعـتـنقها غـير كـل هـمام فمـضى يكافـح دونـه ويـحامي فمضي يكافح دونه ويحامي في العيش بل سخطت على الاجسام


(167)
يا ابن الاولى نزل الكـتاب مبشرا الطـاهـرين وكـلهـم داع الـى من فارس قاد الجـحافل في الوغى انا ان بكـيتك لـست أبـكي فانيا لي من مـصابـك وهـو نبع خالد الاربعون تصرمـت بمـواكب الا وكأنـها والحـزن غـال ضياءها بهم ويا ابن السادة الاعلام سبل الهدى أو حافظ لذمام أو مالك للحق فضل زمام تطوي مفاخره يـد الايام وحي يحيي مرقمي بسلام تـراح والتـذكار والآلام قـبر يجلله الـردى بقتام
* * *
يا أيـها الفلك المـشع قـداسة غنيت في ذكـراك أروع آيـة وهتفت والدمع الهتون يقول لي أنى التفـت رأيت جرحك ماثلا فاذا غفوت فأنت ملء نواظري واذا تمـثلك الضـمـير فانما الناظـر الـدنـيا بعـيـن وئـام هبطت على وتري الجريح الدامي هــذا أوان روائــع الانـغـام لنـواظـري في يقـظتي ومنامي واذا صحـوت فأنـت انت أمامي ملك يـحاط بهالـة الاعـظـام (1)
    ولد في لواء السليمانية سنة 1920 م الموافق 1339 ه‍ وأكمل دراسته الثانوية في بغداد. واشتغل في الصحف والاذاعة. له ديوانان : الحان الالم ، وصوت فلسطين. ومن شعره تغريدة جراح.
أحبـك والهـوى وتـر صدوح ومـجـمرة دم العشاق فـيـها وفـردوس من المـتع الغـوالي أحبك هل علمت سـلي دموعي احبك هل علـمت بـأن روحي وأني قـد عصرت دمي غراما وانـي لـو ابـوح بسر حـبي وهل تدري الشقائق في الروابي أحبك يا سهـيل فـكل عـرق تـناهـى في هـواك فـكل آه اذا عـانقت طيـفك في خيالي وأنـسام مـعـطـرة وروح بخور كلـما احترقـت تفوح على شـطآنه يحـلو الصبوح علـى كفيك لـو سئلت تبوح عـلى شفـتيك ذائبة تـنوح فأزهر من دمي طـلح وشيح لناح على فمي الـوتر الذبيح بأن دمـي بمبسـمها يلـوح من الاشـواق ملـتاع جريح يضيق بنارها الصدر الفسيح وطيفك باللقا أبـدا شحـيح

1 ـ مجلة البيان النجفية ـ السنة الثالثة ص 227.

(168)
فاني قد نذرت اليك عمري وما رتلت أشـعاري غناء وعمري في هناك سنى لموح ولكن غردت فيك الجـروح
    نشرت له الصحف العراقية قصائد كثيرة وطبع له ديون بعنوان ( آثام ) وتوفي بتاريخ 11 ـ 5 ـ 1962 وبعد وفاته قام كامل خميس بنشر ديوان له غير هذه الثلاثة. ومن شعره في الامام الحسين عليه السلام قصيدته التي عنونها ب‍ ( اشراقة من نور الحسين ) نشرت في الجزء الثاني من ديوانه وقصيدته الاخرى عنوانها ب‍ ( الدهر يصغي والزمان يردد ) وثالثة في الإمام الحسين أيضا نشرها في مجلة البيان النجفية ، السنة الثانية : أولها :
لك في الجوارح حسرة لا تخمد تخبو السنون ونارها تتوقد


(169)
حكـم الغرام تـضاحك وبـكاء ضـدان يكـتنفان سر صـبابتي واذا اقـتربت فمن مـذهب خدها ومن الجـعود فلـيل هـمي أسود أدنـو وأيـن مـن العـناق متيم وأقول قـد قبلـت منـها مبسما وتنازلـت نفـسي لعدل قـوامها ان قـد من صخر فـؤاد معذبي سفها يخيل لـي الوصال وانـما فأغوص في بحر الخيال طماعة واذا انكـفأت فللحقـيقة اهـتدي شمـس لها يـوما هـنا ورزية شعبان منـه على المـحب لذاذة نشـدو على فـرح وبيـن قلوبنا بشـراي انـي في ولاك متـيم يخضر عيشي في ادكارك مشرقا يـوم بـه خـص النـبي وآلـه والشمس تشرق في السماء بعيدة بيض الثغور ودمعـتي الحمراء ضيق النـجاء وعيـنها النجلاء نار وفـي النحر اللجيـن الماء ومـن الخـدود نهاري الوضاء أدنـى لـه أن تذهب الحـوباء فيه المـنى لـو تفـعل الشعراء فـرجعت وهو الصعدة السمراء فـأنا عـلى تعـذيبه الخنـساء انا والحقـيقة واصـل والـراء وأعـود لا صـفر ولا بيـضاء فبـها الحسين السبط وهـو ذكاء وأنـا عـلى حاليـهما الحـرباء طابـت ، ورزء فيـه عاشوراء شرر عـلـيه من الـرماد غطاء تقـتادني الـسـراء والـضراء ضحـكت لك الخضراء والغبراء فرحا فعـمت فـي الورى الآلاء وبنورهـا تتـضاحك الارجـاء


(170)
ما شـأن فـطرس أن يقـال تمدحـا بـالمـدح تكـتسب الانـام تـرفعـا اما سكـت فليـس مـن ذهـب كـما فـالـجـد ذاك الــجـد والأب ذلك يـا سره الـعالي الجـلي تـقاصرت في الارض في الآفاق أنت وفي السما فـي جمـع هـذي الكائنات وان تسل أنجاه وهو مـن القضاء قـضاء وعـلاه منه عـلى الثـناء ثناء ذهبوا ، وامـا فهـت فالـفأفاء النبا العـظيم وامـه الـزهـراء عـن كـنهـه الافـكار والآراء في الشمس في البدر المنير ضياء سـل آدما مـن تلـكم الاسـماء
    الشيخ محمد رضا ابن الشيخ محمد بن عبد الله آل مظفر عالم فيلسوف ومصلح من المصلحين ولد في النجف خامس شعبان 1323 ه‍ بعد وفاة والده بستة أشهر فكفله أخواه الشيخ عبد النبي والشيخ محمد حسن فنشأ عليهما وتعلم المبادئ وقرأ مقدمات العلوم على افاضل عصره وقد قضى ردحا من الزمن وهو مكب على دروسه في مدرسة السيد كاظم اليزدي الكبرى ، وحضر في الفقه والاصول دروس الميرزا حسين النائيني والشيخ ضياء العراقي ، كما حضر في الفلسفة على الشيخ محمد حسين الاصفهاني سنوات عديدة. وأضاف الى دراسة العلوم الدينية العلوم الرياضية العالية ومبادئ العلوم الطبيعية على الطريقة الحديثة كما برع في الفنون العربية كالعروض وقرض الشعر في شبابه فأجاد فيه ونشر في الصحف والمجلات. اذا عد أفاضل الطلاب فهو في الطليعة وقد ساهم في الحركة الفكرية في النجف واشتغل في كثير من المسائل الدينية العامة واسس ( جميعة منتدى النشر ) عام 1354 ه‍ وانتخب لرئاستها من سنة 1357 وجدد انتخابه في كل دورة ، وله آثار علمية خالدة منها :
    1 ـ السقيفة ألفه سنة 1352 ه‍ بحث علمي منطقي وقد طبع أكثر من مرة.
    2 ـ المنطق ، في ثلاثة أجزاء ، طبع مرات ولم يزل يتدارسه الطلاب.


(171)
    3 ـ عقائد الامامية ، طبع سنة 1773 ه‍ وأعيدت طبعته مرات.
    4 ـ أصول الفقه ما زال يتدارسه الطلاب.
    5 ـ أحلام اليقظة محاضراته التي ألقاها في قاعة المجمع الثقافي وهي بحوث فلسفية حول ترجمة الحكيم الملا صدرا الشيرازي صاحب الاسفار.
    توفي بالنجف ليلة 16 رمضان سنة 1383 ه‍ وشيع تشييعا حافلا بالعلماء والوجوه من النجف وخارجها ، وأقبر مع أخيه الحجة الشيخ محمد حسن بمقبرتهم الخاصة.


(172)
    قال يعاتب يزيد ويتفجع على الامام الحسين الشهيد عليه السلام :
ارم السـماء بنـظـرة استهـزاء واسحق بظلك كـل عرض ناصع وامـلأ سراجـك ان تقضى زيته واخلـع عليـك كما تـشاء ذبالة واسدر بغـيك يا يـزيد فقد ثوى والليل أظلم والقـطيع كـما ترى أحنى لسوطك شاحبات ظـهوره مثلت غـدرك فاقشـعر لهـوله واستقطرت عيني الدموع ورنقت يطفو ويرسب فـي خيالي دونها حيران في قـعر الجحـيم معلق أبصـرت ظلك يـا يـزيد يرجه رأس تكـلل بالخنا واعتاض عن ويـدان مـوثقتان بالـسوط الذي قم فاسمع اسمك وهـو يغدو سبة واجعل شرابك مـن دم الاشلاء وأبـح لنعلك أعظـم الضـعفاء مـما تـدر نـواضب الاثـداء هـدب الـرضيع وحلمة العذراء عنـك الحـسين ممزق الاحشاء يرنـو اليـك بـأعيـن بلـهاء شأن الذليل ودب فـي استرخاء قلبي وثـار وزلزلت أعـضائي فيـها بـقـايا دمـعة خـرساء ظـل أدق مـن الجناح النائـي ما بيـن ألسنـة اللظى الحمراء موج اللهـيب وعاصف الانواء ذاك النضـار بحـية رقـطاء قد كان يعـبث أمـس بالاحياء وانظر لمجدك وهو محض هباء


(173)
وانـظر الى الاجيال يأخذ مقـبل كـالمـشعل الـوهـاج الا أنهـا عصفت بي الذكرى فألقـت ظلها مبهورة الاضواء يغـشي ومضها أضـفى عليه الليل سترا حيك من أسـرى ونـام فلـيس الا هـمسة تلك ابنـة الزهراء ولـهى راعها تنبي أخـاها وهي تخـفي وجهها عـن ذلك السهل المـلبد يـرتمي يكتـض بالاشباح ظمأى حشرجت مـفــغـورة الافواه الا جـثـة زحفـت الى مـاء تـراءى ثم لم غير الحسـين تصده عـما انتوى من للضعاف اذا استـغاثوا والتظت بأبي عطاشـى لاغبـين ورضـعا أيـد تمـد الـى السـماء وأعـين عز الحسين وجل عن أن يشـتري آلـى يمـوت ولا يـوالي مـارقا فلـيصرعـوه كـما أرادوا انـما عاجت بي الـذكرى عليـها ساعة خفقت لتكشف عـن رضيع ناحل ظـمآن بـين يـدي أبيـه كـأنه لاح الفـرات لـه فأجهـش باسطا واستشفع الاب حابسيه على الصدى رجي الرواء فـكان سهما حز في فاهـتز واختلج اخـتلاجة طـائر عن ذاهـب ذكـرى أبي الشهداء نور الالـه يـجـل عـن اطفاء في ناظـري كواكـب الصحراء أشـباح ركـب لـج في الاسراء عرف الجـنان ومن ظلال ( حراء ) باسم الحـسين وجهـشة استـبكاء حلـم ألـم بـها مـع الـظـلماء ذعـرا وتلـوي الجيد مـن اعياء في الافق مثـل الغـيـمة السوداء ثم اشـرأبت فـي انـتـظار الماء مـن غيـر رأس لطـخت بـدماء تبلغه وانكـفأت عـلى الحـصباء رؤيـا فكـفي يا ابـنة الـزهراء عينا يزيـد سـوى فـتى الهيجاء صفر الشـفاه خـمائص الاحشاء ترنـو الى الـماء القـريب النائي جم الخـطايا طـائـش الاهـواء ري الغـلـيل بخـطة نـكـراء مـا ذنب أطـفال وذنـب نـساء مـر الزمان بها عـلى استـحياء ذبلـت مـراشـفه ذبـول حـباء فرخ القـطاة يـدف في النـكباء يـمـناه نـحو اللـجة الـزرقاء بالطفل يـومـي باليـد البـيضاء نحر الرضيـع وضحـكة استهزاء ظـمآن رف ومـات قـرب الماء
* * *
ذكرى ألمت فاقشعر لهولها قلبي وثار وزلزلت أعضائي


(174)
واستقطرت عيني الدموع ورنقت يطفو ويرسب فـي خيالي دونها حيران فـي قعر الجـحيم معلق فيـها بقايا دمـعة خرساء ظل أدق مـن الجناح النائي ما بين السنة اللظى الحمراء (1)
    ولد الشاعر بدر شاكر بن عبد الجبار بن مرزوق السياب في قرية ( جيكور ) من قرى أبي الخصيب في لواء البصرة والواقعة على شط العرب وذلك سنة 1344 ه‍ 1926 م ، فنشأ في محل ولادته ، ثم دخل المدرسة الابتدائية في ابي الخصيب ثم انتقل الى المدرسة المحمودية التي أسسها المرحوم محمود باشا عبد الواحد سنة 1910 حيث تخرج فيها سنة 1938 ثم أكمل دراسته المتوسطة والاعدادية في البصرة وبعدها التحق بدار المعلمين العالية في بغداد حيث ظهرت مواهبه بانتمائه الى جماعة اخوان ( عبقر ) عن طريق الندوات والاحتفالات التي كانت تقام في دار المعلمين العالية وعمل مترجما في جريدة ( الجبهة الشعبية ) كما شغل وظيفة رئيس الملاحظين في مديرية الشؤون الثقافية في مديرية الموانئ العامة ، وعين عضوا في هيئة تحرير مجلة الموانئ ـ عام 1961 و1962 ثم سافر الى بيروت للمعالجة وحضر مؤتمر الشعراء العرب ودخل مستشفى الجامعة الاميركية ، وعاد الى البصرة ثم سافر الى لندن للاستشفاء وقد خصصت مديرية الموانئ العامة دارا له ولعائلته.
    وله مؤلفات منها : ( ازهار ذابلة ) القاهرة 1947 و ( أساطير ) النجف 1950 و ( انشودة المطر ) بغداد 1960 و ( حفار القبور ) بغداد 1952 ، مختارات من الادب البصري ـ البصرة 1956 والمعبر البصري ـ البصرة 1956 او المعبد العريق بيروت 1962 ومولد الحرية الجديد ( ترجمة بيروت 1961 ) و ( المومس العمياء ) بغداد 1954 و ( منزل الاقنان )
1 ـ عن ديوانه ( أساطير ) المطبوع بمطبعة الغري الحديثة 1369 ه‍ 1950 م.

(175)
بيروت 1963 وغيرها. توفي في الكويت عام 1964 (1) وكتبت مجلة ( آفاق عربية ) العدد الاول من السنة الثالثة عن شاعرية السياب والتجدد في شعره ، والحق ان السياب شاعر من شعراء الفكرة والموضوع في الادب العراقي المعاصر ، تأثر بأليوت وايدث سيتويل وغيرهما من شعراء الانكليز ... تعلم منهم التعبير بالصور وتداعي المعاني والتعبير عنها بطرق غير مألوفة ومال أخيرا الى ادخال عنصر الثقافة والاستعانة بالاساطير والتأريخ والتضمين والغرف من الانثروبولوجيا. اذ أنه عندما درس في دار المعلمين العالية في بغداد وقضى سنتين في فرع الادب العربي انتقل الى اللغة الانكليزية فتخرج منها عام 1948.
    مات وهو لم يكمل السادسة والعشرين من عمره. وفاته 24 ـ 12 ـ 1964 رأيت في جريدة الجمهورية الصادرة ببغداد عدد 3442 ه‍ بتاريخ 1 كانون الاول 1978 الشاعر والناقد المصري حسن توفيق الذي نال شهادة الماجستير من جامعة القاهرة عن رسالته ( الشاعر بدر شاكر السياب ).
1 ـ أعلام العراق الحديث ، باقر أمين الورد.

(176)
لا حـكم الا للـقـضاء ومـا الـذي يهـفو الزمان ولا تـزال صـروفـه ويـظـل يـشـدو شـدوه فـترتـل عـوجي أمية في حضيضك واضربي خـلي الـطريـق لاهـله وتـرسـلي كبلـت أيـدي المخـلـصين بـحادث مـا اظـلـم يـوم الطـف الا لـلاولى نجـمت بعاهـل هـاشـم وتمخـضت أمـناء وحـي الله فـي العـهد الـذي صدروا ومـا انفـكوا على ورد الردى ضـربوا لـهم طـنبا بـكـل تـنوفة فتـناثرت هـامـاتـهـم بمـساقـط رقمت عـلى لـوح الوجـود وخططت جـذبتـهم الصـحرا الـى أحـضانها وتـدافـعـت فيـهم حـداتـهم فـمن مـا كـان أسـعدهم بـادراك المـنى أبقـية الخلـفاء مـن عـمرو الـعلى ضاقـت رحـاب الارض فيك وانـها يجـري بغير اشـاءة وقـضاء تهـفو بغـابـره الى الهيـجاء الاشهاد ما استـوحى ابو الشهداء صفـحا اذا شئـت عن العلياء في كل مظـلمة من الارجـاء أطلقـت فـيه هواجس الشعراء فيـهم أضاءت ليـلة الاسـراء أحـلامها عـن خيـرة الابناء ختـم القضاء على فـم الامناء متـزاحمـين تـزاحم الاكـفاء وبـنوا لـهم فلـكا بـكل سماء الاقـدار لا بمـساقط الانـواء بالنـور صدر العالـم الوضاء علـما بأنهـم بنـو الصـحراء بيـداء شاسـعـة الـى بيـداء وأحقـهم بالـمـدح والاطـراء حدبـت عليك صنايـع الخلفاء لولا القـضاء فسـيحة الارجاء


(177)
فلئن سموت مصـفدا نحو العلى أجهدت نفسك في شؤون لم يزل رفقا بهم رفقا فلـست بمسـمع أرسلتها خطـبا ترن وما عـسى ما كنت أحسـب والمقـدر كائن فلقد هـويت مـوزع الاشلاء فيها حـسامك أبلـغ الخطباء من في القبور مواعظ الاحياء تجدي بجنب الصخرة الصماء ان العقول تصاب بالاغـماء
سـمعا أبا الشهداء نجوى شاعر أنا لـم أقـم لكم مـقام مـؤبن لكن أقول وهـل تـراني واجما ان الانـاشـيد الـتـي رتلتـها ورسمتها في صدر كل صحيفة ذهـبت ويؤسفـني ادكاري أنها فيـما تـنوء بـه مـن الارزاء فأطـيل فيكم مـدحتي وثـنائـي أما وجدتـك مصغـيا لنـدائـي قطـعا وأنـت تجـود بالحـوباء سطرين : صدر هدى وصدر دماء ذهبت وراء سفاسـف الاهواء (1)
    الشيخ حميد ابن الشيخ احمد آل عبد الرسول الشهير بالسماوي ينتهي نسبه الى قبيلة بني عبس وهي تقطن وادي السماوة من قديم العصور ، ولد المترجم له في السماوة عام 1315 ه‍ ونشأ على حب الخير بحكم بيئته وسيرة سلفه الصالح ومكانة أبيه مرشد تلك المنطقة اذ كان المرجع الديني والزمني هناك وقد أرخ ولادة المترجم له ( صاحب الطليعة ) البحاثة الشيخ محمد السماوي بقصيدة مطولة وآخرها :
أنا انشي وأنت في الناس أرخ فاق عبد الحميد فضلا ومجدا
    هاجر الى النجف الاشرف وهو شاب حدث السن وبعد أن أكمل المقدمات تخصص للدراسات العالية على اساتذة جهابذة أمثال المرحوم الميرزا حسن النائيني والشيخ محمد حسين الاصفهاني وميرزا فتاح الزنجاني صاحب الحاشية على المكاسب ، وكان يعد من الطبقة العالية في الاوساط العلمية.
1 ـ عن الديوان.

(178)
    وتوفرت له المعلومات الكافية والاحاطة التامة بعلمي الفقه والاصول فطلبه اهالي السماوة وألحوا عليه بالرجوع الى بلده ومسقط رأسه فاستجاب لطلبهم بأمر من مراجع الطائفة وعاد الى السماوة واعتزت به كاعتزاز العين بانسانها.
    والسماوي شاعر فحل بما أوتي من جزالة القول وقوة الذهنية والفكرة الوقادة وهو أحد أعلام الشعر في العالم العربي ، وفي العراق لا يوازيه في شهرته وشاعريته غير افراد عدد أصابع اليد ، ولازال الادباء يحفظون شعره ويتناشدونه ، وهذه رباعياته التي عارض بها الطلاسم لايليا أبي ماضي وعنوانها : فوق اثباج الطبيعة. نشرتها الصحف ونشرها الاديب التقي الحاج رضا السماوي في كراسة ، ومما سجلته للشاعر العالم في مؤلفي ( شعراء العصر الحاضر ) قوله يخاطب بلبلا في قفص :
يا بلبل القـفص المطل ما كان ظـني أن أراك فالحـزن أعـمق نغمة لحن النفوس الشاعرات واذا علا صـوت النعي يا ابن الاراكـة قد قتلت أنا لست من حمم الححيم أو لـم نكن أبـناء لحن نصغي الى وحي الجمال انـت الاسـير بلا فدى تشدو وأنـت بمـحبس أتصاغرت للسجن نفسك وتعاظـمت نفـسي على ما أنت مثلي في الشعور لم أعـد أحـلام الشباب انشـوة الطـفل الصغير أشدو بقـومي ان شدوت فالـريح لا تـدع السرى وشاعر الروض الاغن مغـردا ما كـان ظني من نغمة الوتـر المرن وهل تجيش بغـير لحن بمحـفل سكت المغـني مسرتـي وأثرت حزني ولست مـن جنات عدن واحــد ولـدات فـن ونشرئـب لكل حـسن وانا الطليق ـ بغير من وأنـا أنوح بمطـمئني فهـي من طرب تغني فخلت هذا الكون سجني ولست مثلك فـي التجني ان اصـرح أو أكـنـي وحـسرة اليـفن المسن وانـما ايـاك أعـنـي والغصن لا يدع التـثني


(179)
مـاذا الـتأني والخطوب لم يجن من غرس الرجاء فاهدم دعـامة صرحـها ففـؤادها مـتـضـارب ولـسانـها متـلـجـلج سـريعة ، مـاذا التأني بـبلـقع غـير التمـني مـن لم يهـدم ليس يبني الحركات من خوف وأمن بيـن المـعزي والمهـني
    ولقد أبدع كل الابداع في قصيدته : عاصفة النوى ، والتي مطلعها :
وجـمت فلا نطـق ولا ايماء جذ القـضاء لسانها فتلجلجت وطوى صحيفة مجدها فتكفلت سعدت بهم دهرا فأعقبها الشقا وخبت فلا قدح ولا ايراء وتكـلم التمـتام والفأفاء بعد العيان بنشرها الانباء وكذا الحياة سعادة وشقاء
    وفيها ما سار مسير الامثال فمنها :
لا يصلح الحسن القبيح وهل ترى كف الوصيف تزينه الحناء
    وقوله :
واصدر على ظمأ فأنت بمنهل ترد الصحيحة منه والجرباء
    وقوله :
لا تنصتن بجنب كل أراكة وان استفزك ناعب فلربما ما كـل غصن فـوقه ورقاء طرب الاصم وغنت الخرساء
    وقصيدته : لمن المواكب ، ومطلعها :
لمن المواكب في ضفاف الوادي من عالم العـدم استمدت فيضها مخرت بتـيار الفـنا فتـدافعت نشرت مـطارفها عـلى الآباد حتى تخـطت عـالم الايـجاد فيها الخطوب الى محيط الهادي


(180)
    ومنها :
والنار ان يك هينا ايقادها لكن هلم الخطب في الاخماد
    وفيها عتاب لبعض الاقارب والاحباب :
ما سرني ان سدتكم بل ساءني ان لم تكونوا أنتم اسيادي
    ومنها :
هـامت باذلالي وهمت بعزها سـيان فـي الارقال الا انـنا وأهـب منفردا لجـمع شتاتها ان هزهم هذا الشعور فحسبهم ( فـأنا بواد والعذول بوادي ) شـتان في الاتهام والانجاد وتهب مجمعة على افرادي أولا فكم من نفـخة برماد
    وحسبك فاقرأ حكمياته وفي مقدمتها : طريق الخلود ، وأولها :
متى ائتلفت هذه النيرات وهل قـبل عالمنا عالم فماض ولم أدر ما كنهه وماذا أحاط بهذي الكرات وهل بعده من هن أوهنات وآت ولم أدر مـا فيه آت
    ومن براعته الفنية قوله :
اني اعيـذك والاقـلام ساغـبة من كل ساحرة الالفاظ تحسـبها فللسـياسة أبـطال تـنادمـهـا تخدرت حسب ما شاؤا مشاعرنا تلوك ما تنـضج الآراء والفـكر عصا ابن عمران لا تبقي ولا تذر والنـظم والنـثر ابطال لـه أخر حـتى تساوى لديها النفع والضرر
    وقوله :
اذا ظمئ العقل في منهل وكيف أحاول بل الصدى فلـيس يروي حديث الـرواة اذا انبت في البئر حبل السقاة
ادب الطف الجزء العاشر ::: فهرس