ادب الطف الجزء العاشر ::: 196 ـ 210
(196)
بالشعب قد عاثت يد عادية فجددوها نهضة ثانية
    وهناك دواوين حققها بعد أن جمعها ودققها امثال ديوان الملا حسن : القيم ، والشيخ صالح الكواز ، وديوان الشيخ عباس الملا علي ، وديوان الشيخ يعقوب الحاج جعفر ( والد المترجم له ) وديوان الشيخ عباس شكر وديوان الشيخ محمد حسن أبو المحاسن فهذه الآثار كان سبب نشرها وظهورها الى متناول الايدي هو شيخنا الراحل ولولا جهوده ومساعيه في طبعها وتحقيقها لكانت مندثرة كما اندثر من تراثنا الكثير.
    ويعجبني من الشيخ اليعقوبي جانب الولاء لاهل البيت عليهم السلام ، فقد كان من وصيته ان يكون رفيقه في القبر ديوان ( الذخائر ) اذ هو الذي ينفعه يوم لا ينفعه مال ولا بنون وقد صدر ذخائر بالبيتين التاليين :
سرائـر ود للنـبي ورهطه وعندي مما قلت فيهم ذخائر بقلبي ستبدو يوم تبلى السرائر ستنفعني في يوم تفنى الذخائر
    وقوله في قصيدة له :
ما لي سوى الهادي النبي وآله أنا مرتج لهـم وان نزل الرجا حصن اليه لدى الشدائد التجي بسواهم يـنزل ببـاب مرتج
    ودخلت عليه مرة أعوده وكان يشكو ألما حادا من عينه ورأسه ولا أنسى أنه كان يوم 27 من رجب يوم توافدت الوفود لزيارة مخصوصة لامير المؤمنين علي بن أبي طالب فأنشدني هو :
أبا حسن عذرا اذا كنت لم أطق فلولا أذى عيني ورأسي لساقني زيارة مثـواك الكريم مـع الناس اليك الولا سعيا على العين والراس
    وقال :
غرسـت بقـلبي حـب آل محمد ومن حاد عنهم واقتفى اثر غيرهم فلم أجن غير الفوز من ذلك الغرس فقد باع منه الحـظ بالثـمن البخس


(197)
    في فجر يوم الاحد 21 جمادي الثانية 1385 ه‍ الموافق 17 ـ 10 ـ 1965 سكت هذا اللسان وانطفأ هذا الضوء فقد ودع الحياة عن 73 عاما فنعته الجمعيات في النجف وفي مقدمتها جميعة الراطة الادبية اذ فقدت عميدها وأقيمت له الفواتح في كثير من البلدان العراقية وغيرها.


(198)
    قال في الامام الحسين عليه السلام :
روحي فـداك حسين ما بـدا قمر انت الشـهيد الـذي أدميـت أفئدة صدوك عن مورد الماء المباح فلا يا كربلاء سقتك الـمزن هـاطلة يلـقى المـنية عطـشانا ومبتسما صلى عليه آله العـرش ما بزغت بالليل أو أشرقت في الصبح أنوار لـولاك لـم يـدمها والله بـتار سالت بأرضـهم سحـب وانهار على رفاة حسـين فهو مغـوار ان المنـية فـي عينـيه أقـدار شمس وما طـلعت بالليـل أقمار
    القائد الكبير الكولونيل حبيب غطاس المسيحي اللبناني ، اعتنق الاسلام وتمسك بمذهب أهل البيت وأعلن باسلامه بكل فخر واعتزاز ، ومبدأ أمره أنه كان سائرا مع والدته وكان عمره نحو الثانية عشرة فصادف مرورهما بشارع ( البسطة ) في بيروت فسمع الاذان وقت الظهر من احدى المآذن الاسلامية فأثر فيه وقال لامه : قفي قليلا حتى نسمع ما يقول : وحاولت أمه صرفه عن ذلك
1 ـ لماذا اختار هؤلاء العظماء مذهب اهل البيت (ع) ، للشيخ محمد حسن القبيسي العاملي.

(199)
ولكنه أصر وجعل يردد مع المؤذن كلمة : الله اكبر الله اكبر ثم انصرف وقد جللته الغشية وقام يصغي في أوقات الصلاة ويحب لقاء المسلمين ويرتاح للمصلين.
    ودخل مسلك الجيش اللبناني وينال المراتب ويسمو حتى استحق وسام الارز ورتبة ( كولولنيل ) في الجيش اللبناني واحبه كل من عرفه وعاشره. وكان لا يمل من مطالعة الكتب والعقائد حتى أصبح مقتنعا بدين الاسلام متمسكا بأوامر القرآن الكريم فأعلن اسلامه على رؤوس الاشهاد وذلك سنة 1960 م وكان رئيس الجمهورية اللبنانية يوم ذاك الرئيس فؤاد شهاب فأرسل اليه يستوضح منه ذلك فأجابه بصراحة بأنه مسلم وان الاسلام هو دين الله ، قال الرئيس : ان هذا الاعتراف سيحملك حملا ثقيلا فهل انت مستعد ، فأجابه القائد : لا أبالي بكل ما يكون بعد أن أكون مع الله ، فقال له الرئيس شهاب : اذا كان كذلك يلزمك اما أن تتنازل عن رتبتك أو تستقيل نهائيا من سلك الجيش لان المرتبة التي أنت فيها من مختصات المسيحيين حسب اتفاق الاستقلال اللبناني وما نص عليه الدستور ، فاعلن القائد استقالته من خدمة الجيش.
    وكان لحبيب غطاس وقت ذاك زوجة مسيحية وولد قد بلغ مبلغ الرجال فعرض الاسلام عليهما فأبت الزوجة واجاب الولد ثم أثرت عليه المؤثرات فرجع الولد والتحق بوالدته ، فما كان من حبيب غطاس الا انه اعرض عن زوجته وولده وتركهما وشأنهما وتزوج بامرأة مسلمة.
    توفي رحمه الله يوم الثلاثاء 27 ـ 8 ـ 1965 م في المستشفى العسكري ـ الساعة العاشرة قبل الظهر. انتهى عن كتاب ( لماذا اختار هؤلاء العظماء مذهب اهل البيت ) للشيخ محمد حسن القبيسي العاملي.
    ذكر الشيخ القبيسي جملة من أشعاره وقال : وجدتها بخط الناظم ، فمن شعره قوله بعنوان ( رسول الله ).


(200)
أحبك يا رسـول الله حـبا وما أبقى بقلبي غـير روح عشقتك مذ رأيت النور يبدو ووحدت الذي سـواك أحلى جمالك سالب عقـلي ولبي وكل جـوانحي لبهاك تفهو عليك صلاة ربك مع سلام برى جسدي وفتت لي عظامي تود لقـاك فـي دار الـسلام من القـرآن للعـرب الـكرام من القـمرين يا بـدر التـمام وحسـنك ماثل دومـا أمـامي فعـجل بـالشـهادة والحـمام تضوع منـهما مسـك الخـتام
    ومن شعره قوله تحت عنوان : سيدتنا فاطمة الزهراء (ع).
أفاطمة الـزهراء ان محـمدا فلا غرو ان دانت بحبك شيعة فأنت مـن المخـتار حبة قلبه حفظت لنا نسل النبي ومن بهم هو الحسن المغوار مـن بجبينه وثانية مولاي الحسـين وسيدي عليكم صـلاة الله ثـم سلامه أحبك حـبا لا يفـيه التـصور تفاخر أهـل الارض فيك وتكبر وأنت من الاطهار أصفى وأطهر على كـل مخلـوق نتيه ونفخر مهابة أهل البيت تزهـو وتزهر ومن فيه اخـلاق النـبوة تظهر بـكـل أذان فـيـه الله اكـبر
    وله شعر في ائمة اهل البيت عليهم السلام في كل امام منهم قطعة شعرية عاطرة.


(201)
روع الـكون وادلـهـم السـماء يالخـطب من دونـه كل خطب لبـس الـدهـر فيه ثـوب حداد ليت شعـري وهل يبلغني الشعر انـما غـايـتـي رثـاء امـام سبط خير الانام والصفوة الكبرى كنـز سر العـلـوم مـذ لقنـته بـطــل حـازم أبـي كـمـي خذلتـه العـراق لـما استـبانت وبكـته مـن بعـد ذاك طـويلا موقف للحسين جل عـن الوصف سار نحـو العراق يـزحف نحو ضـربـت حـوله العـداة نطاقا قادة حرب ان لظى الحرب شبت لهـف نفسي عـلى ليوث تصدت ثبتت في مـواقف المـوت حتى جدد الحرب بعد ذاك أخو الحرب أم نحو الصـفوف ظـمآن صاد وقـضى بينـها فـخر صريـعا يوم ضـجت بخطـبها كـربلاء ومـصاب قـد عز فيه العزاء فهـو والـدهر مـا له انـضاء مقامـا يجـود فـيه الـرثـاء يقصر الشـعر عـنه والشعراء أبــوه وأمــه الـزهــراء وهو في المهـد سـرها الانبياء أريــحــي مـنـزه وضـاء آية الـحق وهـي مـنها بـراء بعد غيـض الدمـوع منها الدماء ولـم تـرو مثـلـه الامـنـاء الموت تحـدوه عـزة قـعسـاء مـزقـتـه بعزمـها الخلـصاء ولـدى السلـم ساسـة خطبـاء لعـديد مـا ان لـه احـصـاء فنـيت ، والفـناء منـها وفـاء ومـا كـل عـزمه المـضـاء ويـل أم الـعـدو لولا الظـماء وعـلـيـه مـن الـجلال رداء


(202)
ان صرعى الطفوف لا شك عندي عجـبا يقـتل الحسـين وتـبقـى وتـضام الابـاة ان طلـبوا الحق النسـاء المطـهرات مـن العيب لا رعـى الله يـا حسـين زمانا قـاتـل الله مـن أمـيـة فـردا بأبي الطاهـر الـزكي ونفـسي فـصـلاة مـن الالـه عـلـيه أنهـم عنـد ربـهم أحياء في هناء من بعده الاشقياء وتسبى مـن الخدور النساء اللواتي شعـارهن الحـياء أخذت فيه ثارها الاعـداء كمنت في ضميره الشحناء وبيوم طالبت به الظـلماء وسـلام ورحـمة وثـناء
    الشاعر هلال بن بدر البوسعيدي ، ولد في مدينة مسقط 1314 ه‍ وتلقى علومه على يد علمائها الاباظيين. وتدرج في المناصب من سكرتير والي الى أن أصبح رئيسا لاول بلدية انشئت في مسقط عام 1374 ه‍ ثم انتقل في مناصب اخرى حتى أصبح سكرتيرا خاصا للسلطان سعيد بن تيمور ، ثم اعتزل العمل وتقاعد حتى وافاه الموت في 6 شهر رمضان عام 1385 ه‍. له جملة قصائد غير أنها لم تجمع في مجموع خاص ، وانه اتلف الكثير منها.


(203)
    قال : ينحو باللائمة على أحد قتلة الحسين بن علي عليه السلام ، ذلك هو بجدل بن سليم الكلبي الذي حارب الامام الحسين (ع) وجاء اليه بعد قتله لينال من سلبه شيئا فلم يجد حيث سلبه القوم جميع ثيابه ، لكن رأى خاتمه في خنصره حاول انتزاعه فلم يقدر لجمود الدم عليه فتناول قطعة سيف وجعل يحز الخنصر حتى قطعه وأخذ الخاتم ، فقال شيخنا الشبيبي :
ما بال بجدل لا بلت مضاجعه لو كان يطلـب منه بذل خاتمه قد حز اصبعه في مخذم ذرب لقال هاك ، وهذا قبل فعل أبي
    أشهر أعلام الادب ووجه العراق الناصع هو الشيخ محمد رضا ابن الشيخ جواد ابن الشيخ محمد بن شبيب بن ابراهيم صقر البطائحي النجفي ، ولد في النجف 6 شهر رمضان عام 1306 ه‍ ونشأ على والده الجليل نشأة سامية ، تعلم المبادئ وقرأ المقدمات وقرض الشعر فأجاد فيه من بداية عهده وحضر في الفقه والاصول على علماء وقته كالشيخ محمد كاظم الخراساني وغيره ، ولخصوبة ذهنه وسعة آفاقه الفكرية لم يقتصر على العلوم القديمة بل شارك في فنون اخرى فبرع في البلاغة والفلسفة حتى نبغ في سن مبكرة واشترك مع شيوخ الادب يومذاك وجال في ميادينه بين النابهين من رجاله وهو في طليعة حاملي مشعل الحركة الفكرية


(204)
والنهضة الوطنية في العراق ، فقد جاهد في احياء الثقافة والآداب العربية على عهد الاتراك يوم كانت معالم اللغة مطموسة ، وطرق جميع الفنون فنظم في التربية والسياسة والوصف والغزل والوجدانيات والوطنيات ، وحسبك ما نشرته الصحف والمجلات ، وله في البلاغة والبيان ملكة نادرة حيث لا يقل نثره عن شعره وبحوثه الممتعة الطافحة بالمادة ترويها امهات المجلات وهو بالاضافة الى محاسنه الكثيرة لغوي كبير ومن الخبراء المتضلعين. قام أيام الثورة العراقية بخدمات جليلة ومهام خطيرة وانتدب من قبل وجوه العراق من علماء وزعماء واحرار فأوفد الى الحجاز لمقابلة الملك حسين وتسليمه المضابط التي نظمها العراقيون ووقعوا عليها وذلك عام 1337 ه‍ سافر الشيخ فوصل الحجاز بعد عناء شديد واجتمع بالشريف وأطلعه على الحال فأرسلها الشريف الى نجله الامير فيصل في باريس ، ولم يعد المترجم له حتى تم تعيين فيصل ملكا على العراق فجاء معه هو وجملة من الزعماء.
    والشبيبي شخصية متعددة الجوانب وقد تقلب في المناصب وهي تزدهي به وتفتخر بكماله وببزته الروحية وكأنه زان المناصب ولم تزنه.
    رشح لعضوية نادي القلم البريطاني في سنة 1356 وشغل وزارة المعارف عدة مرات ، ومنحته مصر شهادة الدكتوراه في الآداب دون أن يطلبها ، وترأس المجمع العلمي العراقي ، وكان عضو المجمع العلمي العربي بدمشق ، وعضو المجمعين العلمي واللغوي بمصر وغير ذلك.
    وله آثارعلمية وأدبية وفلسفية وتأريخية منها ( تاريخ الفلسفة ) من أقدم عصورها ومنها ( أدب النظر ) في فن المناظرة و ( التذكرة ) في بعث ما عثر عليه من الكتب والآثار النادرة وديوان شعر طبع سنة 1359 و ( فلاسفة اليهود في الاسلام ) و ( المأنوس في لغة القاموس ) ويقصد بالمأنوس ما كان مألوفا عند فصحاء العرب وفي المختار من كلامهم. ويقابله الغريب الذي يستهجن استعماله ويعد من عيوب فصاحة الكلام و ( المسألة العراقية )


(205)
وهو تاريخ مطول لبلدة النجف الاشرف مع تطور العلم والآداب فيها و ( مؤرخ العراق ابن الفوطي ) في اجزاء طبع الاول في سنة 1370 قام بنشره المجمع العلمي العراقي وقد ذكر أغلب هذه الآثار روفائيل بطي في كتابه ( الادب العصري ) وهذه بعض روائعه :
فتنة الناس ـ وقيـنا الفـتنا ـ رب جـهـم حـولاه قـمـرا أيـها المصـلح مـن أخـلاقنا كلـنا يطـلب مـا ليـس لـه ربـمـا تـعـجـبنا مخـضرة لم تزل ـ ويحـك يا عصر أفق حـكم الناس عـلى الـناس بما فاستـحالت وأنـا مـن بيـنهم انـنا نـجـني عـلى أنفـسـنا بلـغ الـنـاس الامـاني حقـه أخـطأ الـحـق فـريق بـائس خسـرت صفقـتكم من معـشر أرخـصوه ولـو اعـتاضوا به يـا عبـيد المـال خـير منكم انـني ذاك الـعـراقـي الـذي انـني اعـتد نجـدا روضـتي ايها الجـيل اكتشف لي حاضرا ينهـض الشـعب فيمـشي قدما غير راقي النفس والـروح فتى حالـة النفـس التـي تـسعدها فـفـقـير مـن غـناه طـمع باطـل الحـمد ومـكذوب الثـنا وقـبـيـح صـيـراه حـسنـا أيـها المـصلـح الـداء هـنـا كـلـنا يطـلـب ذا حـتى أنا أربـع بـالامـس كـانـت دمنا عـصر ألـقاب كـبار وكـنى سمـعوا عنهم وغـضوا الاعينا أذنـي عـيـنـا وعـيني أذنـا حين نجني ، ثم ندعو : من جنى وبـلغـناهـا ولـكن بـالمـنى لـم يلـومونا ولامـوا الـزمنـا شـروا العـار وباعـوا الوطـنا هـذه الـدنـيا لقـلـت ثـمـنا جـهـلاء يـعـبدون الـوثـنا ذكـر الـشام ونـاجـى اليـمنا وأرى جـنة عـدنـي عـدنـا كلـما خـرب مـاضيـك بـنى لـو مـشى الدهـر اليه ما انثنى وضـع الـروح ورقى البـدنـا وتـريـها كـل صـعب هيـنا وغني مـن يـرى الفقر غنى (1)
    وقوله وعنوانها : رجال الغد :
1 ـ الى ولدي للمؤلف طبع النجف 1373 ه‍.

(206)
انتـم متعـتـم بـالسـؤدد يا شبابا درسـوا فـاجتهدوا وعـد الله بـكـم أوطـانكم أنتـم جيـل جـديد خلـقوا كونـوا الوحـدة لا تفـسخها أنا بـايعت عـلى أن لا أرى عقـد العالم شـتى فاحصروا لتـكـن آمـالـكم واضـعة لتعـش افـكاركـم مبـدعة لا يـنال الضـيم منكم جانبا أو تخـلون ـ وأنتـم سـادة الـوفا حـفـظم أو رعـيكم لا تمـدوهـا يـدا واهـيـة تشبه الارض التـي تحمونها دبروا الارواح فـي أجسادها ان عقبى العـلم من غير هدى من أتانا بالهـدى من حيث لم غير مجد ـ ان جهلـتم قدركم واذا لـم تـرصـدوا أحوالكم واذا لـم تـسـتقم أخـلاقـكم عد عنك الـروض لا أرتاد لي يا شباب اليوم ـ أشياخ الغد ليـنالـوا غـايـة المـجتهد ولقـد آن نجـاز المـوعـد لعـصور مـقـبلات جـدد نزعـات الـرأي والمعـتقد فرقة ، هـاكم على هذا يدي همـكم في حـل تلك العـقد نصـب عينـيها حـياة الابد دأبـها ايـجاد مـا لـم تجد غـير مـيسور منال الفرقد لاعـاديكـم ـ مـكان السيد ـ بعدعهد الله ـ عهـد البلد ليـد مفـرغـة فـي الزرد عبث الاعـداء غـاب الاسد فاق داء الـروح داء الجـسد هذه العقـبى الـتي لـم تحمد يتأدب حـائـر لـم يـهـتد عـدد العلـم وعـلـم الـعدد لـم تـفدكم درجات الرصـد ذهـب العـلم ذهـاب الـزبد غير أخلاق هي الروض الندي
* * *
بـوركـت نـاشـئة ميمونـة من جـنى مـن علـمه فـائدة ما يرجى ـ ليت شعري ـ والد سـيـرة الآبـاء فيـنا قـدوة ليس هـذا الشـعر ما تروونه نشأت في ظل هذا المعهد غير من عاش فلـم يستفد أهمل التعـليم عنـد الولد كل طـفل بأبـيه يقـتدي ان هذي قـطع من كبدي (1)

1 ـ الى ولدي للمؤلف طبع بالنجف الاشرف 1373 ه‍.

(207)
    ومن منظومه الذي جرى مجرى المثل ولا زال الادباء يستشهدون بها قوله :
ما العبقري الفذ الا فـكرة لا بد من نقد الزمان فانما ان مات عاش بها الرميم الهامد نحن المـعادن ، والزمان الناقد
    وقوله :
خيرا لك أن أخاف وتأمني لي نية في الدهـر فيها نية يا نفس ، من أن تأمني لتخافي والحـكم للمستـقبل الكـشاف
    وقوله :
الشـعر شيء ناطق في ذاته ولربما روت الطبيعة شعرها أو قـوة في نفسـها تتـكلم خرساء لا ثغر هناك ولا فم
    وقوله :
قالوا : أتكـره نقـد الناس قلت لهم قالوا : فناظر ، وصوت الحق مرتفع اذا استعار عدوي ثوب منتقد فقلت ، هذا قياس غير مطرد
    وقوله :
ولربما عرف المحبون التي شأن الفراشة واللهيب فانها تجني الشقاء فأصبحوا عشاقها تغـشاه وهـو مسبب احراقها
    وقوله :
تفاهـمتا عيـني وعيـنك لحظة مشت نظرة بيني وبينك وانبرى أحاديث لم تلفظ ، وللنفس منطق دواوين أهل الحب تفنى وللهوى وأدركـتـا أن القـلوب شـواهـد مـن القلب مدلول عـلى القلب رائد وجـيز ، وألـفاظ اللـسان زوائـد هوى الروح ، ديوان من الشعر خالد


(208)
    وقوله :
أضاع صوابا عامل غير عالم أحب الى الديان من علم عالم سيسأل عنه عالم غير عامل اذا هو لم ينفع به جهل جاهل
    وقوله :
لا تـملأوا لي أقـداحا فقد ملئت أولى الخمارين بي ما كان منبعثا الى الرؤوس سـقاة الـحي أقـداحي عن سورة الشوق لا عن سورة الراح


(209)
يـا ال بيـت محـمد أنا عـبدكم بل عبـد عـبدكـم وكل مـشايع انـي فطرت عـلى محبـتكم وقد ما ان ذكـرت مصابكـم وذكرت وترنـم الطـاغي يـزيـد بقـوله الا وجللـني الاسـى وتـقرحـت أتعاقب الايام تنسيني وقوف عقائل حسرى كمـا شاء العدو قد ارتدت قرت بذلك ـ ان قبلت ـ عيوني لـكـم تـولاكـم ولاء يـقـين شابت بحـمد الله فيـه قـروني تنعاب الغراب على ربى جيرون فلقد قضـيت مـن النبي ديوني مني العـيون وجن فـيه جنوني للوحي بيـن يـدي أخـس لعين ثوب المـذلـة ضافيا والهـون (1)
    حسن ابن العلامة الكبير الشاعر الشهير الشيخ عبد الحسين الذي تقدمت ترجمته وشعره وهو ابن الشيخ ابراهيم ابن الشيخ صادق.
    ولد في النجف الاشرف سنة 1306 وتدرج على العلم والادب كسيرة آبائه يتوارثون العلم والفضيلة أبا عن جد ، وما ظنك بمن أبوه الشيخ عبد الحسين ذلك الفطحل. اشتهر المترجم له بين أخدانه بالفهم والذكاء وسرعة البديهة وحسن الخلق بهي الصورة جميل الشكل. اتقن مبادئ العلوم وهو في سن مبكرة ودرس الفقه والاصول دراسة وافية وأساتذته امثال شيخ الشريعة الاصفهاني النجفي والسيد كاظم اليزدي وغيرهما ، هاجر الى لبنان موطن آبائه وأجداده فرشحته الحكومة اللبنانية للافتاء
1 ـ ديوانه المطبوع في بيروت ـ دار الحياة.

(210)
هناك. وهو في السن أكبر من أخيه العلامة الشيخ محمد تقي واشعر منه لكنه لم يكن أفقه منه كتب عنه الكثير وقالوا : كان قوي النظم سريع البديهة يأتي بالشعر المنسجم والقافية المحبوكة طرق ابواب الشعر فأجاد وحفظ الادباء له من أنواع النظم عدة قصائد من وطنيات ووجدانيات وسياسيات فمن شعره قصيدته التي جاء فيها وقد نظمها سنة 1366 :
حاضر الامر وماضيه سواء نجـتلي عيـد جـلاء رائعا بالاهازيج وهـذا الخـيلاء فمتى من صدء القلب جلاء
    ويقول فيها :
مهـبط الايـحاء كم سـال على فيك كم طـل دم مـن مـصلح كالاولى بالطف من عمرو العلى أنجـم مطـلـعها مـن يـثرب سفح مغناك دمـوع ودماء بكت الارض عليه والسماء هاشم المجد لها نفسي الفداء ولها كـانت مغيـبا كربلاء
    جاء في مقدمة ديوانه المطبوع في لبنان والذي أسماه ( سفينة الحق ) انه درس في النجف عشرين سنة وحضر على الفطاحل من اساتذة الفقه والاصول وعلم الكلام ، اما ديوانه فيحتوي على مجموعة كبيرة من الشعر في النبي وآله عليهم الصلاة والسلام ، وقصائد مرصوصة في الوطنيات والوجدانيات والتغزل والرثاء ويتضمن جملة من خواطره.
ادب الطف الجزء العاشر ::: فهرس