ادب الطف الجزء العاشر ::: 226 ـ 240
(226)
فأشفـت به ظـغن طاغوتها بنفـسي صريعا نضت نفسه بكـته السـماء ولو خـيرت يوى بين صرعى برغم العلى فأمسـت وقد غسلـتها الدماء فـباتـت تقيها حـطـيم القنا لقـى فوق جرعـائها قد أبت وهل كيف اسرار رب السماء سـل الطـف عنها فمـنها به فكم من حـشا غادرتـها القنا وكم من جبـين جلـته الظبى وكم مـن فـتاة دهـتها العدى تبـدت حـواسر تـعـدو الى فـوافـتـه تـكـبو بأذيـالها وألـفــتـه فـي صـرعـة جريح الجـوارح غيـر القرى كأن الظـبى وهـي تهفو عليه فـأهـوت علـيه واحـشاؤها تصعـد أنـفاسـهـا والحـشا وتـشرق طـورا بـأشـجانها وتحـثو التـراب عـلى أرؤس لحـمل الفـواطم عجف السرى تـساق صـوارخ مـا بـينها ونالـت بـه ثـار اوثـانها للبس العـلى ثوب جـثمانها بـه لافـتـدته بسـكـّانها ثـوت بعد تشيـيد اركـانها تـولى الصبا نـسج أكـفانها على قـفره بأس سـرحانها لهم أن يـروا تحت كـثبانها ثرى الارض يحظى بكتمانها فجـائع يشـجى بتـبيانـها على الطـف نهلة ظـمآنها فالقـته قبـسة عـجلانـها فـفـرت تـعـج بفتـيانها كريـم النقـيبة غـيرانـها وتكـسو الـوجوه بـأردانها البـرايا سـواه بـأحـزانها قتـيل العـدى غير اقـرانها نـار أطـافـت بقـربانـها كـأبياتـها نـهـب نـيرانها تصـوب دمـوعا باجـفانها وطـورا تلـضى بأشـجانها ثـواكل أمـست بتيـجانـها بـأكـوارهـا لا بأضـعانها تغـني الـحداة بألـحـانـها
الشيخ محمد طه الحويزي
    المتولد سنة 1317 ه‍ والمتوفى سنة 1388 ه‍ في النجف الاشرف عشية الخميس سادس محرم الحرام ، دفن يوم الجمعة سابع محرم في مقبرتهم التي اقتطعت من دارهم بمحلة العمارة بالنجف وفي مجلة الاعتدال ان ولادته بالنجف حوالي سنة 1320 وهو من اسرة عريقة بالعروبة وسلالة متخصصة بالعلم والادب وممتازة


(227)
بالتقوى والصلاح. ترعرع في كنف أبيه الشيخ نصر الله الحويزي مضرب المثل في التقوى وعلو النفس ، فأحسن الاب تربية نجله الوحيد الذي كان يتوسم فيه النبوغ والنجابة والعبقرية الفياضة فقام بنفسه على تثقيفه واعداد مواهبه فأقرأه القرآن وعلمه قواعد الخط وأصول الاملاء وغرس في نفسه حب الفضيلة ثم درسه كثيرا من النحو والصرف والفقه.
    تدرج على هذا المنوال وظهر بمظهر الاستاذ الذي تلتف حوله حلقات المبتدئين وجماعات المتعلمين يدرسهم باتقان ومهارة. بدأ هذا النجم يتألق في سماء العلم والادب وتفتحت قريحته الوقادة في صفحات الكون وهذه رائعته ( اشعاع النفس ) تدل على فلسفته وعبقريته وكل شعره على هذا المنوال ، وقد حباه الله جمال الخلقة والاخلاق وصباحة الوجه وطلاقة اللسان.
    تخرج على مشاهير علماء عصره فقد قرأ جملة من كتب الاصول على العلامة الكبير الشيخ عبد الرسول الجواهري كما قرأ الفقه عليه وحضر في الحكمة والفلسفة على الحجة الشيخ محمد حسين الاصفهاني وكان من خواصه والمقربين عنده. سافر ومكث أعواما في ( الحويزة ) فكان فيها الزعيم المطاع والعالم المسموع الكلمة ويحسب في عداد ملاكيها وأعيان أهل العلم فيها ثم رجع للنجف بحلة التقوى والصلاح ، ثم كثر عليه الطلب بالعودة للحويزة فعاد اليها حتى وافاه الاجل فيها. كانت وفاته عشية الخميس سادس محرم ودفن يوم الجمعة سابع محرم في مقبرتهم الخاصة بهم وقد نعته دار الاذاعة في الاهواز ودار الاذاعة في بغداد وعقدت مجالس التعزية على روحه الطاهرة في سائر البلدان الاسلامية ولا يفوتنا أن نذكر انشودة الهيئة العلمية في النجف وهي تحف بالجثمان :
يا فقـيدا فجـع الـدين به رفعوا التقوى على جثمانه واكتـست أنـدية العـلم حداد وطووا في النعش أعلام الرشاد


(228)
اشعاع النفس
بربك أرشفني ولو رشفة صرفا الم تدر ان الراح روح لطيفة فلا تخف في خبث العناصر لطفها وهب أنها تصفي المزاج بمزجها يقولون لي امزج قد ضعفت وما دروا مررت عليها وهي قطف بكرمها وما الخمر صرفا غير مارج جذوة فلست أرى الساقي ظريفا كما ترى ولست أراه للنديم كما ترى فليت فمي وقف بيمنى مديرها فمن صرفها املأ لي صحافا وأروني فما هي الا قوة ان تكهربت تجلت على حسي فوحدت خمسه فكم غادرتني مذ ترشفتها فما فأبصرتها من كل وجه وذقتها وتحسبها في الكأس ماء وان جرت فكم احرقت للغيب سجفا وأظهرت تجلى على طور الطبيعة نورها لتوسعني سكرا فأوسعها وصفا اذا امتزجت بالقلب زاد بها لطفا فها هي كادت من لطافتها تخفى أليس بها صرفا يبيت الحجى أصفى تضاعف عقلي مذ وهى جسدي ضعفا فكدت حذار المزج اشربها قطفا اذا صهرت روح به تبرها شفا اذا لم يغادرني لصهبائه ظرفا وفيا اذا لم يسقني كأسه الاوفى كما لم يزل عقلي على كأسها وقفا تجدني لكم أروي بتوصيفها صحفا قواي بها زادت أشعتها ضعفا وفي كل حس صرت قوته صرفا ومذ أشرقت عينا ومذ طبقت أنفا فأصبحت لم يفضل أمامي بها الخلفا بقلبي ذكت نارا أضاءت له الكهفا حقائق غرا دونها ظاهر السجفا فدكته واستقصت جراثيمه نسفا


(229)
فالقيت أطمار العناصر لابسا هنالك فاسألني عن السر تلفني ولا تتهم خبري بسكري فذوا الحجى فما سكرتي الا ابتهاجي بفكرتي وان حجبت عني الطبيعة غرة واني لاستشفي بسكري اذا على وليس كما ظن الغبي نديها فيا صاح عش بالسكر فالسكر صحة فمن يصح لم يستوف لذة عيشه هلم معي واشرب بكأسي تجد بها تجد نشأة ضاءت وضاعت بقدسها تجد نشأة لا يعوز العلم أهلها تجد نشأة الغى القوى الخمس أهلها تجد نشأة ليست تحيط بوصفها وهل يدرك الكمه الجمال بوصفه ويا راكبي البحر اتقوه فقد طغى ركبتم وتيار الطبيعة هائج فما فلك نوح غير كأسي وما ابنه ويا سائلي المريخ عن حال أهله ارى البرق غيظا قد ورى مذ رآك قد هلموا الى كأسي فكاسي مجهر ومن لم يجد في مجهر عدسية ويا من بمنطاد القذائف ازمعوا أراكم سلكتم للمنى غير طرقها ولو سلكوا سبلي الى القمر ارتقوا لجلوتها من وشي سندسها شفا نبيا حفيا يعلم السر أو أخفى اذا ما انتشى صاح ويقظان ان أغفى وما فكرتي الا مشاهدتي الالفا من العلم سامت سكرتي حجبها لفا شفا جرف صحو الصحاة بهم أشفى بمنتزه للشرب بل هو مستشفى وما الصحو الا علة تنشئ الحتفا بلى من توفته الطلى فقد استوفى حياة ترى هذي الحياة لها منفى وما استصبحت شمسا ولا استصحبت عرفا وما زاولوا فيه خلافا ولا خلفا رأو ووعوا لا سمع اصغوا ولا طرفا لغات الورى طرا وان مازجت ظرفا بلى ان قضوا سكرا رأوا ما وعوا وصفا هلموا اركبوا كأسي معي تبلغوا المرفا زوارق انقاضا نواتيها ضعفى سوى من بغى مأوى سواها فما ألفى بألسنة البرق التي أفصحت خطفا سئلت وأحفيت الذي بك لا يحفى يريكم من المريخ ما دق واستخفى زجاجة كاسي لا يحاول به كشفا الى القمر المسرى فطارت بهم قذفا فحتى المنى نادت على القوم والهفا بمنطاد كاسي واتقوا ذلك العسفا


(230)
فهـلا اقتـفوا اثري فآبـوا بـرحلة ويا من بشهب الكهربا رجموا الدجى وزانت عروس الارض من كهربائهم وباتـت لهـا ترنو السـماء فتعتري فما النور ما يجلو عن البصر الدجى ولو اترعوا من زيت كأسي كؤوسهم ولو بسـناه استـصحبوا لتصـفحوا وكـم مـن كـتاب للطبيـعة اهملوا ويا محـضري الارواح من رقداتها حنانا بـها لا تفـزعـوهـا فـانها فان تك شاقتكم فـمن كأسي اشربوا تروا تلـكم الارواح كـيف تناقلت تـروا تلكم الاخـلاق كيف تكونت تروا صور الاعـمال كيـف تنكرت تروا كيف أسرار القلوب تصورت تروا نية الانـسان كيـف تـأولت تروا نية الانـسان كـيف تـدينه تروا نـية الانـسان كيف تديـنه وخـارطـة كـلتاهـما أثر يقـفى فباتت تـسر الجـن حولـهم العزفا عقـود لآل مذ كـساها الدجى وحفا اترنـو الـى المـرآة أم ضـرة ذلفا بل النورما ينضي عن البصر السجفا لعادت مصابيحا تضيء ولا تطـفى عليه كتاب الافـق حرفا يـلي حرفا مغازيه واسـتطرفـوا الخـط والغلفا ومستنطقيها ليـس يعفى من استعفى لتـحسبـكم تلك الزبـانيـة الغـلفا تروا وتناجوا ذا الهـوان وذا الزلفى كـساها فكـل في قـبا غـيره التفا جـزاءا وفاقا انـصف الشهم والجلفا فعرف بـدا نكرا ونـكر بـدا عرفا على مهجة زغفا وفي مهـجة رضفا فأخفت لما أبـدى وأبدت لـما أخفى به وهو لا يستطيع نصرا ولا صرفا ولم تتقبل منـه عـدلا ولا صـرفا
    وللشيخ محمد طه الحويزي :
خليلي هذي كربلاء وهذه هلما نذيب الدمع مع ذائب الحشا ألا فاذكرا ما حل فيها وما جرى قبور بني الزهراء فيها قفا نبكي ونسقي به بوغاء هيلت على النسك على عصبة التوحيد من عصبة الشرك
    وقال :
بآل أحـمد ارجـو نيل أمنيتي هم عدتي وعديدي والولاء لهم بحيث لا مرتجى يرجى سوى الباري كنز بـه افتدي نفـسي مـن الباري


(231)
بوركت يا شـعبان في الشهور يا ثالـث الايـام مـن شعبان عم السرور فيه بيت المصطفى فلتـهن فاطـم بمـا قد ولدت مولـده ازدانـت به الافـلاك وزينـت لاجـلـه الجـنـان فيك تجلى نور وادي الطور ابشر لقد نلت عظـيم الشان اتحفهم رب العلى مـا أتحفا فانها روح الوجـود أوجدت واستبشرت بنـوره الاملاك وأطفـئت لنـوره النـيران
    العالم الجليل والموجه الديني الشيخ حسين نجل العلامة الكبير الشيخ مشكور الحولاوي النجفي كان شخصية لامعة وقدوة في الاخلاق والورع والديانة ما طلع عليه الفجر وهو نائم وما ارتفع صوته طيلة حياته ولا قهقه في ضحكه مدة عمره يبدو عليه الجلال والوقار ، وحديثه كاللؤلؤ المنظوم وكله ارشاد ونصائح وكانت سيرة أبيه الحجة الشيخ مشكور على نموذج عال من التقوى والفتى سر ابيه.
    ولد الشيخ حسين في شهر رجب سنة 1313 ه‍ في النجف الاشرف ونشأ في حجر العلم والتقى ودرس العلوم العربية والمنطق وشرع في


(232)
الاصول وهو ابن ثلاث عشرة سنة ودرس على المرحوم آية الله السيد عبد الهادي الشيرازي ( كفاية الاصول ) كما درس كتاب ( الرياض ) و ( المكاسب ) وفرغ من السطوح وحضر بحث الشيخ ضياء العراقي في الفقه والاصول ، وكان جده العالم الباحث الشيخ محمد جواد الحولاوي يتعاهده ويختبر معلوماته وسير دراسته واشتغل بالتدريس برهة من الزمن وذلك في حياة ابيه المقدس واستقل باقامة امامة الصلاة بتاريخ 1353 ه‍ لمدة 35 سنة يقيم امامة الجماعة صبحا وظهرا ومغربا وهومحل ثقة الجماهير واطمئنان الطبقات المؤمنة مضافا الى دروسه وتدريسه فكتب تعليقة على المكاسب كما كتب تقرير بحث الشيخ اغا ضياء وتعليقة على العروة الوثقى للمرحوم السيد محمد كاظم اليزدي وكتب رسالة في حديث : من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها الى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة ونظم ارجوزة في الزكاة وارجوزة في ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأرجوزة في الصديقة فاطمة الزهراء والامام أمير المؤمنين والحسن والحسين والائمة من أهل البيت صلوات الله عليهم أما أرجوزته في حادثة كربلاء فهي أوسع أراجيزه وكان يعقد مجلسا في داره عندما تمر ذكرى أحد المعصومين ونجتمع من سائر الطبقات ممن يرتاحون الى سماع أرجوزته بهذه المناسبة اذ كان يتحرى نظم الصحيح من سيرته وكان له دور مهم في الثورة العراقية بل في كل الامور الدينية ، فان ذلك الشخص الهادئ الوادع تراه كالاسد الهصور عندما يمس تراث محمد صلى الله عليه وآله فيغضب غضبة الاسد الهصور فلا يصبر على التهاون بالدين والتسامح في الشرع المبين ولقد دعى جماعة من كبار العلماء الى مقاطعة الذين يتزيون بزي العلماء الروحانيين ويتلبسون بلباسهم وليس منهم وقام بعقد مجلس خاص اسبوعي للتذاكر في واجبات العلماء ومن هذا المجلس انبثقت فكرة تفسير القرآن فقام المجتهد الكبير الشيخ محمد جواد البلاغي بتأليف ( آلاء الرحمن في تفسير القرآن ) وفكرة ( جماعة العلماء ).
    ودع الحياة في السابع من ربيع الاول سنة 1388 ه‍ وهو في ال‍ 75


(233)
من العمر فكان يوما مشهودا في النجف وزحفت الناس أفواجا لتشييعه ودفن بمقبرة جده في الصحن الشريف وقد أرخت وفاته.
أودى حسين فنعاه الهدى وحينما ألحد في قبره والعلم يذري مدمعا صيبا أرخت عن محرابه غيبا


(234)
ان كـنت تحـزن لادكـار قتيل واجـزع لنازلة بخـير مفـضل واندب قتيلا ما انجلى ليلى الوغى هـو ليث غالب مسلم من أسلمت شـهم تحدر مـن سلالـة هاشم متـفرعا مـن دوحة مـضرية فاحزن لذكرى مسلم بن عقيل أبكى عيـون الفضل والتنزيل أبدا لـه عـن مشبه وبـديل مهج العدى لفرنده المـصقول خير البيوت على وخـير قبيل تنمى لاصل في الفخار أصيل
* * *
أم الـعراق مبـلـغا بـرسـالـة وأتى الـى كـوفـان ينقـذ أمـة فاكتض مـسجدها بهم وعـلت به وتـقاطروا مثل الفـراش تهافتا يفـدونـه بنفيسـهم والنفـس لا باتـوا وبات مـؤملا للنصر من لكنهم مـا أصبـحوا حتـى غدا خذلوه اذ عدلـوا الى ابـن سمية وتجـمعوا لقـتاله مـن بعـدما وأتوه منـفردا بمـنزل طـوعة فغدا يفرق جمعهم ويفرق الابطال يلقى الكـماء بعـزمة مضـرية أكرم بـمرسله وبالمـرسول طلبت اغاثتهم على تعـجيل أصواتهـم بالحـمد والتهليل طلبا لبيـعته عـلى التـنزيل يبغون دون رضـاه أي بديل أشياخهـم يا خيـبة المأمول في مصرهم لا يهـتدي لسبيل واستبدلوا الارشـاد بالتضليل عرفوه للارشـاد خـير دليل وقلـوبهم تغـلي بنار ذحول فـي عـزم لـه مـسلـول اجمالها يغني عـن التفـصيل


(235)
ان صال أرجعـهم على اعقابهم حتى اذا كض الظـما أحشـاءه وافـوه غدرا بالامان وخـدعة لكنـهم حفـروا الحفـيرة غيلة وأتـوا به قـصر الامارة مثخنا فغـدا يقـارعه الزنيم عـداوة ودعـا ابن حـمران به ولسانه فأبـان رأسـا كان يرفعه الابا ورماه من أعلى البناء الى الثرى فقضى شهيدا في مواطن غربة في بطش ليث في الزحام صؤول وغدت دمـاه تسـيل كل مـسيل منهم فلـم يخـضع خضوع ذليل فهوى بهـا كالليث جنـب الغيل بجـراحـه ومـقـيدا بكـبـول ويغـيـظه سـبا بـأقبـح قـيل لـهج بـذكـر الله والـتهـلـيل عن جسم خـير مـزمل مقـتول كالطـود اذ يهـوي لبطن رمول متـضرجـا بنجـيعه المطـلول
    الاستاذ محمد الخليلي ابن الشيخ صادق بن الباقر بن الخليل الطبيب ولد في النجف سن 1318 ونشأ فيها في حجر والده فغذاه بروح الاخلاق ، درس المقدمات من النحو والصرف والمعاني والبيان والادب على أفاضل عصره ثم دخل المدرسة الاهلية العلوية حتى حصل على شهادة الصف الثالث الاعدادي المعادل للصف الخامس الثانوي ـ اليوم ـ ثم درس الطب على والده وتخرج على يده ثم سافر الى بغداد فحضر في الطب على بعض الدكاترة الشهيرين هناك كالدكتور عبد الرحمن المقيد وغيره لمدة سنتين ثم على الدكتور الايراني المعروف ب‍ ( وثوق الحكماء ) خريج باريس وحضر قليلا على الطبيب المعروف بمسيح الاطباء في النجف حتى برع في الطب ففتح عيادته أولا بالكوفة لمدة عشر سنين ثم رجع للنجف بعد وفاة والده فكانت عيادته تغص بالمراجعين والذي حببه للناس حسن أخلاقه ولين جانبه وعذوبة لسانه. انتهى ما كتبه عنه الكاتب محبوبة في ماضي النجف. وفي عقيدتي ان الميرزا محمد هو اديب أكثر منه طبيب فهو شاعر ناثر ، اريحي الطبع خفيف الروح لطيف العبارة حاضر النكتة ذو فهم وذكاء اذا نظم أجاد واذا كتب أفاد ، له مطارحات ومساجلات مع الادباء وتشهد له جريدة الهاتف ، فقد كتب الاستاذ جعفر الخليلي سلمه الله ( عندما كنت قاضيا ) وجاء المترجم له فنظم ذلك في


(236)
أرجوزة في مطولة أبدع في التصوير وأجاد في التعبير ، ومن مؤلفاته ( معجم أدباء الاطباء ) طبع منه جزءان ، وله رسالة طب الصادق عليه السلام ودليل الطبيب في الطب وكتاب في الصحة وكتاب أوصاف الاشراف مترجم عن الاصل الفارسي للحكيم الفيلسوف الخواجة نصير الدين الطوسي رحمه الله وكتاب المغريات العشر في العادات الذميمة وكتاب الانسان والمدنية مترجم ومنظومة في الطب اليوناني.
    وافاه الاجل في النجف يوم السبت 8 ـ 6 ـ 1968 المصادف 1388 له ديوان مخطوط فيه ألوان من الشعر ومختلف فنونه وفيه قصيدة في ابي الفضل العباس ابن أمير المؤمنين واخرى في علي الاكبر ابن الحسين عليه السلام.


(237)
صـبا للحمى والخيـف قلبي المعذب فـكم لامني فيـمن هـويت عواذلي ألا لا تلومـوا مـن تعـلـق قـلبه غداة بسـفح الخـيف بت ولـلاسى فيا ليلة قـد بـت فيـها ولـم أجد تعلمت الـورق البكا مـن صبابتي فبتـنا كـلانا دأبنـا النـوح والاسى وان بـكائي للـذي سـار ضـحوة غـداة أتـى ارض العـراق بصفوة وأخـرى وقد خانـته غدرا واقبلت فجـال بـها في غلـمة أي غلـمة الى أن قضوا دون ابن احمد ضحوة وأصبح في جمع العـدى فرد دهره بموقـفـه أحـيا مـواقف حيـدر ومذ شـاقه الرحـمن خـر لوجهه فـيا عجـبا للارض لـما تزلزلت وشـيل على العـسال مـنه كريمه ونسـوته سيرن اسـرى بلا حمى فها أنـا في جـمر الغـضا اتقلب فقلت دعـوني فالهوى لي مذهب بمن قـد هوى فالحب للعقل يسلب بقلـبي نـيران الجـوى تتـلهب مجيبا سوى دمع على الخد يسكب فباتت تنـوح الليل مثـلي وتنحب سوى أنها للالـف تبـكي وتندب بأقمار تـم في ثرى الطف غيبوا عليها من الحرب المثارة مضرب تجر جمـوعا بالهـداية تنـصب اسود وغى بالكر تطـفو وترسب على عطش منهم وبالارض تربوا فريدا ومنه القـلب بالـوجد يلهب بيوم به الامـثال للحـشر تضرب صريعا على البوغاء وهو مخضب وصدر حسين فـوقه الشمر يركب وقد كان يتلو الذكر فـيهم ويخطب سبايا كسبي الـروم والزنج تجلب (1)

1 ـ مجلة العدل النجفية ـ السنة السابعة.

(238)
    الشيخ كاتب ابن الشيخ راضي بن علي بن محمد بن حسين الطريحي المنتهي نسبه الى حبيب بن مظاهر الاسدي قائد ميسرة الامام الحسين في معركة كربلاء وأفضل الانصار الذين قال فيهم الشاعر الكواز :
هم خير أنصار براهم ربهم للدين أول عالم التكوين
    ولد الشيخ كاتب في النجف الاشرف صباح الجمعة 26 ذي الحجة 1305 ه‍ ونشأ نشأة عالية وتطبع بالجو الروحي والدراسة الدينية الاخلاقية أخذ الاصول على الشيخ ضياء الدين العراقي والشيخ محمد حسين الاصفهاني والفقه على الشيخ احمد كاشف الغطاء واختلف على السيد باقر الهندي فدرس عليه علم العروض كما لازم شيخ الادب الشيخ محمد جواد الشبيبي وحضر مجالسه الادبية ونوادره الفكاهية وشذراته الشعرية شارك في الثورة العراقية فصحب شيخ الشريعة والسيد الكاشاني في جبهتي القورنة والكوت ولا زال يقص على رواد مجلسه من وثائق الثورة وروائعها. له عدة بحوث وتعليقات في النحو والصرف والفقه وحاشية على المنطق له ديوان شعر أكثره في أهل البيت عليهم السلام.
    توفي لية السبت 21 جمادى الاولى سنة 1388 ه‍ وشيع جثمانه صباح السبت الى مثواه الاخير في النجف ودفن بمقبرته الخاصة تغمده الله برحمته وأقيم له حفل تأبيني ضخم بالكوفة لمرور اربعين يوما على وفاته وذلك في 4 رجب 1388 والمصادف 27 أيلول 1968 تبارى فيه الخطباء والشعراء حيث كان من أبرز رجال القلم في مدينة الكوفة.


(239)
    قال يرثي أبا الفضل العباس :
من كالزكي أبي الفضل الذي ملكت ولم يذق برد طعم الـماء حين رأى قيل ابن مـامة قلت اخسأ فذاك أما ابكيه حـين رأى فـردا أخـاه ومن وكل طفل بـه قـد راح مـن ظمأ منـاظر الهـبت احـشاءه وغـدى فاستل مخـذمه وانصاع يـرفل في يستقبل القـوم فردا لا يـهاب وفي أفناهـم بشـبا الهـندي فـانقشعوا سقاهم الموت قـسرا حينـما حسبوا عليـهم هـو مهـما شـد خـلـتهم مهما ادلهمت خطوب الحرب كان ابو بسيفه مـلك الـماء الفـرات وكـم وراح يغـرف فـي كـفـيه بـارده هيـهات مـا ذاق منه قـطرة ورأى وراح يـحـمل للاطـفـال قـربته أفـنى الطـغاة وكـم أبـقى بمخذمه افنـاهم بشبـا عـضـب لـه ذكـر لـولا القضاء لافـناهـم ولابـن ابي مـاء الفـرات يـداه حينمـا انـدفعا عـنه ابن بـنت رسـول الله قد منعا لـو أدرك الـماء لم يـتركه بل كرعا فرط الظما أصـبحت احـشاؤه قطعا يصـيح واللـون منه عـاد ممتـنعا لهولها مـنه ركن الصبر منـصرعا ثوب الحـديد ومنه القلـب مـا هلعا مـاضيه للعيـش ما أبقـى لهم طمعا عـنه وعـاد لـه المـيدان متـسعا ان الفـرات عـلـيه بـات مـمتنعا مثل الحمام علـيها الصـقر قد وقعا الفضل السميدع بدرا في الوغى سطعا من الـرؤوس عـلى شـطآنه قطعـا وقلـبه لاخـيـه السـبط قـد خشعا أمامـه عـطش المـظلـوم فامتنـعا كالليث في حمل أعباء الوغى اضطلعا منهم جلـيدا على البـوغاء قـد طبعا من عزمه لفـنـاء الصيد قـد طبعا سفيان لـم تلق منهـم واحـدا رجعا


(240)
ابكـيه حيران مقـطوع اليـدين بلا والسـهم بالعـين قد أوهـى عزيمته وراح يهـتف بابن المصـطفى ولها فجاءه السبط كالطـير الذي انكسرت يصيح قـد طال منى يا اخي جزعي أطلت مني اذا لاح الـدجى سـهري أخي مـن لبنات المصـطفى وبـمن من لليـتامـى ومـن للارمـلات اذا كسرت ظهري وجذت مذ قضيت يدي ما كنت أحسب ترضى بالنعـيم ولي فاذهب سعـيدا لجـنات الخـلود فلا جرم سوى انه بالحـق قد صـدعا وللثرى مـن عمـود البغي قد ركعا ادرك أخاك فكأس الموت قد جرعا منه الجناحان لا يقـوى اذا ارتـفعا وكنت قـبلك لما اعـرف الجـزعا لكن عـدوي وقـد فارقتني هجـعا يلذن بعـدك اذ داعـي الحفاظ دعا أصبحن نهبا لمن في النهب قد طمعا وكـنت درعا بـه لا زلت مـدرعا دارت خطوب وناعـي البين في نعا اقـول الا هنـيئا دائـمـا ولـعـا
ادب الطف الجزء العاشر ::: فهرس