ادب الطف ـ المجلد الثاني ::: 106 ـ 120
(106)
    وكان الثاني حاضرا فلطم على وجهه وتبعه المزوّق والناس كلهم وكان اشد الناس في ذلك الناشي ثم المزوّق ثم ناحوا بهذه القصيدة في ذلك اليوم الى أن صلى الناس الظهر وتقوض المجلس ، وجهدوا بالرجل أن يقبل شيئا منهم ، فقال والله لو أعطيت الدنيا ما أخذتها فانني لا أرى أن أكون رسول مولاتي عليها السلام ثم آخذ عن ذلك عوضا ، وانصرف ولم يقبل شيئا قال : ومن هذه القصيدة وهي بضعة عشر بيتا.
عجب لكم تفنون قتلا بسيفكم‌ كأن رسول الله أوصى بقتلكم ويسطو عليكم من لكم كان يخضع وأجـسامكم في كـل ارض توزع
    وجمع العلامة السماوي شعر الناشي في أهل البيت عليهم السلام وهو يزيد على ثلثمائة بيتا وهو اليوم في مكتبة الامام الحكيم العامة بالنجف الأشرف أقول ودفن الناشي في مقابر قريش وقبره هناك معروف. وهو ممن نبش قبره في واقعة سنة 443 وأحرقت تربته.
    وقال الشيخ القمي في الكنى والألقاب : الناشي الاصغر هو ابو الحسن علي بن عبد الله بن وصيف البغدادي الحلاء الفاضل المتكلم الشاعر البارع الإمامي المشهور له كتاب في الإمامة وأشعار كثيرة في أهل البيت (ع) لا تحصى حتى عرف بهم ولقب بشاعر أهل البيت (ع) ، ولد سنة 271 ويروي عن المبرد وابن المعتز قال ابن خلكان وهو من الشعراء المحسنين وله في أهل البيت (ع) قصائد كثيرة وكان متكلما بارعا اخذ علم الكلام عن أبي سهل اسمعيل بن علي بن نوبخت المتكلم وكان من كبار الشيعة وله تصانيف كثيرة وكان جده وصيف مملوكا وابوه عبد الله عطارا وقيل له الحلاء لأنه كان يعمل حلية من النحاس ومضى إلى الكوفة سنة 325 وأملى شعره بجامعها وكان المتنبي وهو صبي يحضر مجلسه بها وكتب من إملائه لنفسه من قصيدة :
كأن سنان ذابله ضمير‌‏ وصارمه كبيعته بخم فليس عن القلوب له ذهاب مقاصدها من الخلق الرقاب


(107)
    ونظم المتنبي هذا وقال :
كأن الهـام في الهيجاعيون‌‏ وقد صغت الاسنة من هموم وقد طبعت سيوفك من رقاد فما يخطرن إلا فـي فؤادي
    وقال النجاشي والشيخ في الفهرست ، له كتاب في علم الكلام. وعده ابن النديم في المتكلمين من الشيعة وقال : كان متكلما بارعا.
    قال الحموي : وكان الناشي يعتقد الامامة ويناظر عليها باجود عبارة فاستنفد عمره في مديح أهل البيت حتى عرف بهم ، واشعاره فيهم لا تحصى كثرة ، ومدح مع ذلك الراضي بالله وله معه اخبار ، وقصد كافور الأخشيدي بمصر فامتدحه وامتدح ابن حِنزابَةَ وكان ينادمه.
    وفي الاعيان : وقيل وفد الناشي على عضد الدولة بن بويه وامتدحه فأمر له بجائزة سنيّة وأحاله على الخازن فقال ما في الخزانة شيء فاعتذر اليه عضد الدولة وقال : ربما تأخر حمل المال الينا وسنضاعف لك الجائزة متى حظر فخرج من عنده فوجد على الباب كلابا لعضد الدولة عليها قلائد الذهب وجلال الخز قد ذبح لها السخال والقيت بين يديها فعاد الى عضد الدولة وأنشأ يقول :
رأيـت بـباب داركـم كـلابا فهل في الأرض أدبر من أديب تغذيـها وتـطعمها السخالا يكون الكلب أحسن منه حالا
    ثم حمل الى عضد الدولة مال على بغال وضاع منها بغل ووقف على باب الناشي فأخذ ما عليه ثم دخل على عضد الدولة وأنشده قصيدته التي يقول فيها :
ومن ظن أن الرزق يـأتي بمطلب يفوت الغنى من لا ينام عن السرى فقد كذبته نفسه وهـو آثم وآخر يأتي رزقه وهو نائم
`    فقال له هل وصل المال الذي على البغل فقال نعم قال هو لك بارك الله لك فيه


(108)
فعجب الحاضرون من فطنته.
    وفي الأعيان : قال ياقوت حدث الخالع قال حدثني ابو الحسن الناشي قال كنت بالكوفة سنة 325 وأنا أملى شعري في المسجد الجامع بها والناس يكتبون عني.
    قال السيد الأمين في الاعيان : الظاهر أن ذلك الشعر كان في مدح أهل البيت عليهم السلام والا فغيره من الشعر لا يقرأ في المسجد الجامع بالكوفة ، وكان الناس الذين يكتبون عنه هم الشيعة ، لان جل اهل الكوفة كانوا شيعة في ذلك الوقت.
انتهى
    وللناشي يمدح امير المؤمنين عليه السلام :
ألا يا خليفـة خـير الورى خلافـهـم بــعد دعواهم طغوا بالخـريبة واستنجدوا أناس هم حـاصـروا نعثلا فيا عجـبا منـهم إذ جـنوا ولو أيقنوا بنـبي الــهدى ولو أيقنـوا بمــعاد لـها ولو أنـهم آمـنوا بـالهدى ولكنـهم كتموا الشـك فـي فلم لـم يثـوروا ببدر وقـد ولم عـردوا إذ ثنيت العدى ولم أحجـموا يوم سلـعٍ وقد ولِم يوم خيـبر لـم يثـبتوا فلاقيت مرحب والعنـكبوت لقد كفر القوم اذ خـالفـوكا ونكثهم بـعدمـا بايـعـوكا بصفين والـنهر إذ صالتوكا ونـالوه بالقتل مـا استأذنوكا دمـا وبثـاراته طـالـبوكا وبالله ذي الطول ما كـايدوكا أزالوا النصوص ولا مانعوكا لما مانعوك ولا زايــلوكـا اخـيك النـبي وأبـدوه فـيكا قتلت من القوم مـن بارزوكا بمهراس أُحـد ولـِم نازلوكا ثبّت لعمرو ولـِم أسلـموكـا براية أحمـد واستدركـوكـا واسداً يحامــون إذ وجهوكا


(109)
فدكدكـت حصــنهم قاهرا ولم يحـضروا بحـنين وقد فأنت المقدم فـي كـل ذاك فيا ناصر المصطفى أحـمد وناصبـت نصـابه عـنوة فانت الخــليفة دون الأنام ولا سيـمـا حـين وافـيته فقـال أنـاس قـلاه الـنبي فقـال النـبي جـوابا لمـا ألـم ترض أنّا على رغمهم ولـو كان بعـدي نبيّ كـما ولكـنني خاتـم المرسليـن وأنت الخليفة يـوم انتـجاك يـراك نجيـا لـه المسلمون على فـم أحمد يوحى الـيك وأنت الـخليفـة في دعـوة ويوم الغـدير ومـا يومــه فـهم خـلف نصروا قـولهم اذا شاهدوا لنـص قالوا لـنا فقلنا لهـم نـص خير الورى ولـو آمـنوا بـنبيّ الهـدى ولوّحت بالباب اذا حاجـزوكا صككت بنفسك جيشا صكوكا فيا لـيت شـعري لم اخرّوكا تعلـمت نـصرته من أبـيكا فلعـنة ربـي علـى ناصبيكا فما بالهـم فـي الورى خلّفوكا وقـد سار بالجيش ببغي تبوكا فصرت الى الطهر إذ خفضوكا يؤدي الى مسمع الطهر فـوكا كموسى وهـارون إذ وافقوكا جعلت الخليفة كنت الشريـكا وأنـت الخلـيفة إن طاوعوكا على الكـور حينا وقدعاينوكا وكان الإلـه الـذي يـنتجيكا وأهل الضغائـن مستشرفوكا العشيرة إذ كان فيـهم أبوكـا ليتـرك عذرا الى غـادريكا ليبغوا عليك ولم ينـصروكا توانى عن الحق واستضعفوكا يزيل الظنون وينفي الشكوكا وبالله ذي الطول مـا خالفوكا


(110)
    ( الابيات ) توفي ببغداد سنة 366 أو 360 والناشي كما عن أنساب السمعاني يقال لمن نشأ في فن من فنون الشعر واشتهر به والمشهور بهذه النسبة علي بن عبد الله ، وقيل انه توفي يوم الأربعاء لخمس خلون من صفر ومولده في سنة إحدى وسبعين ومائتين.
    ومن شعره كما روى ابن خلكان :
إني ليهجرني الصديق تجنُّباً‌‏ وأخاف إن عاتبتـه أغريته واذا بليت بجاهـل مـتغافل أوليته منـي السكوت وربما فـأريه أن لهـجـره اسبـابا فأرى لـه ترك الـعتاب عتابا يدعو المحال من الامور صوابا كان السكوت عن الجواب جوابا


(111)
    وللناشي في مدح أمير المؤنين عليه السلام :
بآل محمد عُـرف الصواب هـم الكلمات للأسماء لاحت وهم حجج الآله على البرايا بقيّة ذي العلى وفروع أصل وأنوار يـرى في كل عصر ذرارى أحــمد وبـنو عليّ تناهوا في نـهاية كـل مجد إذا مـا أعـوز الطلاب علم محبتهـم صـراط مـستقيم ولا سيما أبـو حسن علـي كـأن سنان ذابـله ضـمير وصارمـه كبـيعته بـخُـمّ اذا نادت صوارمـه نفـوسا فبـين سنانـه والـدرع سلم هـو البكاء في المحراب ليلا ومَن في خفـه طرح الأعادي وفـي أبياتهم نــزل الـكتاب لآدم حين عـزّ لـه الـمـتاب بهـم وبحكـمهم لا يــستراب لحسـن بيانهم وضح الـخطاب لا رشاد الورى منهـم شـهـاب خليفتـه فهــم لبّ لـــباب فطـهّر خلقـهم وزكوا وطـابوا ولـم يوجـد فعنـدهم يـصاب ولـكن فـي مسالكـها عـقاب لـه في الـحرب مرتبة تـهاب فلـيس لها سـوى نعم جـواب معاقدهـا مـن القـوم الرقـاب فليس لهـا سوى نعـم جـواب وبين البيض والبيض أصطحاب هو الضحّاك إن وصل الضراب حُـبابا كي يُلــسبه الحُبـاب (1)

1 ـ الحباب : الأفعى.

(112)
فحين أراد لبس الخف وافى وطـار بـه فاكفـأه وفيـه ومَن ناجـاه ثعبـان عظـيم رآه النـاس فانجفلوا برعب فلمـا أن دنـا منـه علـيّ فكلّـمه علـي مستطيــلا ورنّ لحاجـز وانساب فـيه أنا ملـك مسخت وأنت مولى أتيتك تائبا فاشفع الـى مـَن فاقبل داعيـا واتـى اخـوه فلما أن أُجيـبا ظـل يـعلو وانبت ريـش طـاوس عليه يقول لقد نـجوت بأهل بيت هم النبأ العظيم وفـلك نوح يمانعـه عـن الخـف الـغراب حبـاب في الصعيد له انسـياب بباب الطهـر ألقـته السـحاب وأغلقت الـمسالـك والـرحاب تداني الـناس واستولـى العجاب واقـبل لا يـخاف ولا يـهـاب وقـال وقـد تغــيبه الـتراب دعـاؤك إن مـننت به يـجاب اليه في مــهاجرتـي الإيـاب يؤمن والعيـون لـها انسـكاب كما يعلو لـدى الـجو العـقاب جواهر زانـها الـتبر الـمذاب بهم يصلـى لظى وبهـم يـثاب وناب الله وانـقطع الخــطاب
    وللناشي يمدحه سلام الله عليه :
الا إن خير الخلق بعــد محـمد وصي النبي المصطفـى ونجـيّه ومَن لم يقل بالنـص فـيه معاندا يعرّفه حق الوصـي وفـضــله هو البحر يغنى من غدا في جواره هو الفـخر في اللأوا اذا ما ندبته حجـاب آله الـخلق أحكـم رتقه وباب غدا فـينا لخـير مديــنة وعيبة علم اللـه والصـادق الذي علي الذي بالـشـمس ازرت دلائله ووارثه علم الغـيوب وغـاســله غدا عقله بالرغـم منـه يـجادلـه على الخلق حتى تضمحـل بواطله ولا سيما إن أظــهر الـدر ساحله ولا عجــب أن يندب الفخر ثاكله وستر على الاسلام ذو الطول سابله وحبل ينال الفوز في البعث واصله يقول بـحر القول إن قال قائــله


(113)
عليم بـما لا يعلــم الناس مظهر يجيب بـحكـم الله من كل شبهة اذا قال قولا صدّق الـوحـي قوله حميد رفيع الـقـول عند مليـكه وخلصان رب العرش نفس محمد امام علا من خـتم الرسـل كاهلا ولكن رسول الله عـلاه عامــدا أيعجز عــنه من دحا باب خيبر فشرّفه خـير الانــام بحـملـه ولما دحا الأصنـام أومـى بكـفه وذلك يوم الفتح والبـيت قبــله من العلم من كـل الـبريـة جاهله فيبصر طـب الـغي منـه مسائله وكذّب دعـوى كل رجـس يناضله شفـيع وجيــه لا تـرد وسـائله وقد كان من خير الورى مَن يباهله وليس علي يحمل الطـهر كـاهلـه على كتفيه كــي تناهـى فضـائله وتحمــله أفـراسـه ورواحـلـه فبورك محمـول وبورك حـامـله فكادت تـنال الـنجم منه أنــامله ومن حولـه الاصنام والكفر شـامله
    وللناشي يمدحه (ع) :
يا آل ياسـين إن مفخـركـم لو كان بعـد الـنبي يوجد في لــولا مـوالاتـكم وحـبكم يا كلمــات لـولا تلــقّنها انتم طريـق الـى الاله بكـم آمنت فيمن مضى بكم وقضى وهو بعيـن الله الـعلي يرى ويؤمن الارض من تزلزلـها حتى يشاء الـباري فيـظهره يا غائبا حــاظرا بانفسنـا يابن البدور الـذين نـورهم وابن الهمام الـذي بسـطوته صيّر كل الـورى لـكم خـولا الخلق رسولا لــكنتـم رسـلا ما قبـل الله للـورى عــمـلا آدم يـوم الــمتاب ما قــبلا أوضــح رب المعـارج السبلا وبالـذي غــاب خـائفا وجلا ما صنع المخـتـفي ومـا فعلا إذ كان طودا لثــبتها جــبلا للقسط والعدل خـير من عـدلا وباطنا ظاهـرا لـمن عــقلا يسطع في الخافـقين مـا أفـلا قوّض ظعن الاشـراك مرتحلا


(114)
اقـام ديـن الاله اذ كـسرت علا على كاهـل النبـي ولو ولو أراد النجـوم لامـسهـا مَن يغتل فليكـن عـلاه كذا امسكت منكم حبل الولاء فما يداه في فتح مـكة هـبلا رام احتمالا لاحمد حـملا بما له ذو الجلال قـد كفلا أولا فقد بآء هابـطا سفلا أراه إلا بـالله متصــلا
    ومن شعره قوله يصف فرسا :
مثل دعاء مستجاب إن علا أو كقضاء نازل اذا هبط
    وقوله :
لا تعتذر بـالشـغل عنـا إنما‏ واذا فرغت ولا فرغت فغيرك ترجى لانك دائـما مشغـول المرجو والمطلوب والمأمول
    وسمي بالناشي الاصغر في مقابلة الناشي الاكبر وهو :
    أبو العباس عبد الله بن محمد الانباري البغدادي المعروف بابن شرشير الشاعر حكي انه كان في طبقة ابن الرومي والبحتري وكان نحويا عروضيا منطقيا متكلما له قصيدة في فنون من العلم تبلغ أربعة آلاف بيت وله عدة تصانيف وأشعار كثيرة في جوارح الصيد والامة والصيود كأنه كان صاحب صيد وقد أستشهد كشاجم بشعره في كتاب المصايد والمطارد في مواضع توفي بمصر سنة 293 انتهى ما قاله القمي في الكنى والالقاب. وقال السيد الامين في الأعيان :
    الناشي الاكبر اسمه عبيد الله بن محمد بن شرشر ولا دليل على تشيعه


(115)
قصائد من شعر الناشي الصغير كما في ديوانه المخطوط وهذه أوائلها :
1 ـ ألا يـــــا آل يـاســـيــن 2 ـ استـمع ما أتـى بـه جـبرئــيل 3 ـ يـا آل يـاسين مَــن يـحبكــم 4 ـ ببـغـداد وإن مـلئـت قـصـورا 5 ـ اتـل آي الـكتاب للعلــم فــيه 6 ـ زيــنة الانـسـان عــقـــل 7 ـ ألا لا تـلمني فـي ولاي أبـا حسن 8 ـ روى لنا انس فيـما راى انـــس وأهــل الكـهـف والـرعـــد أحـمد المصـطفى البشير الـنذيرا بـغـير شـك لـنفسه نــصحـا قبـور غـشـّت الآفــاق نـورا وتـأمـل بــه بفـكـر النـبيـه بــضــيــاه يـــستـــدل فما تابع حقـاً يـلام علـى الزمـن وكان يروي حـديثا في الهدى عجبا


(116)
لهفي على الـسبط ومـا ناله لهفي لمن نكـّس عن سـرجه لهفي على بدر الهـدى إذ علا لهفـي على النسوان إذ أبرزت لهفـي على تلـك الوجوه التي لهـفي عـلى ذاك العذار الذي لهفي علــى ذاك القوام الذي قد مات عطشانا بكرب الظما ليـس من الناس له من حمى فـي رمحه يحكيه بدر الدجى تسـاق سوقا بالعـنا الـجفا أبرزت بعد الصون بين الملا علاه بالـطف تـراب العـدا أحناه بالـطف سيوف العدى (1)
    وله :
كم دمـوع ممـزوجه بـدماء‌‏ لست أنساه في الطفوف غريبا وكأنـي بـه وقد خرّ في التر وكأني بـه وقـد لحظ النسـ سكبتها العيون في كـربلاء مفردا بين صحبه بالعـراء ب صريعا مخضبا بالدمـاء وان يهتكن مثل هتك الإماء

1 ـ رواها ابن شهر اشوب في المناقب.

(117)
    وقوله في الحسين :
فيا بضعة من فؤاد النـبي‌‏ قتلتَ فأبكيت عين الرسول بالطف أضحت كثيبا مهيلا وأبكيت من رحمة جبرئيلا
    وقوله أيضا :
يا قمـرا حـين لاحــا يا نوب الدهر لم يـدع لي أبعد يوم الحسين ويـحيى يا سادتي يا بـني علـيّ أوحشتم الحجر والمساعي أورثني فقتدك الـمناحـا صرفك من حادث سلاحا استعذب اللـهو والمزاحا بكى الهـدى فقدكم وناحا آنستم القــفر والبطاحا
    وله وهو وزن غريب :
جودي علـى الحسين يا عين بانغزار‌ جودي على النساء مع الصبية الصغار ألا يا بـني الرسول لقدقل الاصطيار جودي على الغريب اذ الجار لا يجار جودي على القتيل مطروحا في القفار الا يا بني الـرسول أخلت منكم الديار
الا يا نبي الرسول فلا قرّ لي قرار
    وله :
لا عذر للشـيعي يرقأ دمعه يا يوم عاشـروا لقد خلّفتني فيك استبيح حريم آل محمد أأذوق ريّ الماء وابن محمد ودم الحسيـن بـكربـلاء أريقا ما عبشت في بحر الهموم غريقا وتـمزقت أسبابهـم تـمــزيقا لم يـروَ حــتى للمنون أذيـقا
    وله :
وكّل جفني بالسهاد مذ غرس الحزن في فؤادي


(118)
ناع نعى بالـطفوف بدراً نعى حسينا فـدته روحي في فتية ساعـدوا وواسوا حتى تفـانوا وظـلّ فردا وجاء شـمر اليـه حتى وركب الرأس فـي سنان واحتملوا أهـله سـبايـا أكـرم بـه رائحـا وغــادي لـما أحاطـت بـه الاعــادي وجاهدوا أعـظـم الجـهــاد ونــكّسـوه عــن الجــواد جـرّعه الموت وهـو صـادي كالبدر يجلـو دجــى السـواد على مطــايـا بلا مــهـاد
    وله :
أأنسى حسينا بالطفوف مجدلا‌ أأنسى حسينا يوم سير برأسه أأنسى السبايا من بنات محمد ومن حـوله الاطهار كالأنجم الزهر على الرمح مثل البدر في ليلة البدر يهتـكن مـن بـعد الصيانة والحذر


(119)
الأمير محمد السوسي
    الأمير ابو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن محمد السوسي توفي في حدود سنة 370 ودفن بحلب. كان فاضلا أديبا كاتبا بحلب وسافر الى فارس ثم عاد الى محله.
    ذكره ابن شهر اشوب في معالم العلماء في شعراء اهل البيت المجاهرين ويطلق هذا اللقب على أحمد بن يحيى بن مالك الهمداني ذكره الشيخ القمي في ( الكنى والألقاب ) فقال : كان كوفي الأصل ، سكن سر من رأى وحدّث بها ، أخذ عن جماعة كثيرة من المحدثين وروى عنه جمع منهم أبو حاتم الرازي الذي كتب عنه وسئل عنه فقال : صدوق توفي سنة 263. قال : وهو غير السوسي الذي مدح أهل البيت عليهم السلام ورثى الحسين ابن علي عليه السلام.
    والسوسي نسبة الى السوس كورة باهواز فيها قبر دانيال عليه السلام ، معرب شوش ، وبلد بالمغرب ، وبلد آخر بالروم.
انتهى


(120)
وحمائم نبـهننـي‌‏ شبهتهن وقد بكيـ بنسـاء آل محمد والليل داجـي الـمشرقين ـن وما ذرفن دموع عين لما بكين علـى الـحسين (1)
    روها الأمين في أعيان الشيعة عن يتيمة الدهر للثعالبي.
1 ـ وفي مقال للدكتور مصطفى جواد كتبه في العدد التاسع من مجلة ( البلاغ ) الكاظمية السنة الأولى. ان هذه الأبيات والتي بعدها لأبي بكر محمد بن أحمد بن حمدان المعروف بـ ( الخباز البلدي ) نسبة الى بلد من بلدان الجزيرة التي فوق الموصل وتسمى ايضا ( بلط ) وتعرف اليوم باسم تركي هو ( أسكي موصل ) اي الموصل العتيقة. كان الخباز البلدي أمّيا إلا أنه حفظ القرآن الكريم ، ذكره الثعالبي في يتيمة الدهر والعماد الاصفهاني في خريدة القصر وذكره نصر الله ابن الأثير في المثل السائر ، وكان من حسنات بلده ، وشعره كله مُلح وتحف وغرر ولا تخلو مقطوعة له من معنى حسن أو مثل سائره ذكره القفطي في كتابه المذكور غير مرة وقال :
    وكان يتشيع ويتمثل في شعره بما يدل على مذهبه كقوله :
    وحمائم نبهنّني الابيات. وقوله جحدت ولاء مولانا الوصي الأبيات.
    أقول وروى له نتفا شعرية عذبة. وقال الشيخ القمي في الكنى والألقاب : محمد بن احمد بن الحسين البلدي الموصلي شيخ عالم فاضل اديب شاعر امامي كان من شعراء الصاحب بن عباد وقد ذكر شيخنا الحر العاملي رحمه الله في أمل الآمل بعض أشعاره.
ادب الطف ـ المجلد الثاني ::: فهرس