ادب الطف ـ المجلد الثاني ::: 136 ـ 150
(136)
وتشـدّد يـوم الـوغـى وتـشرُّرٍ وتقـدّم في الـعلـم غيـر محـلأٍ وعـبادة مـا نـال عبـد مثلـها هـل كالوصـيّ مقارع في مجمع شَهَرَ الحسـامَ لحسم داءٍ معـضل لـمّا أتـوا بـدراً أتـاه مـبادرا كـم باسل قـدردّه وعليـه مـن كـم ضربة من كفّـه في قرنـه كـم حـملة وآلى علـى أعدائـه هذا الجهاد ومـا يـطيق بجـهده يا مرحبا اذ ظـل يردي مرحـباً واذا انثنيـت الـى الـعلوم رأيته ويـقوم بـالتنزيل والتأويـل لا لولا فتـاويـه الـتي نجّـتهـم لم يسأل الأقوام عن أمـرٍ وكـم كان الـرسول مـدينةً هـو بابها [ قد كان كـرّارا فسـُمّي غـيره هذي صدورهم لبغض المصطفى نصبت حقودهم حروبا أدرجـت حلّوا وقد عـقدوا كما نـكثوا وقد وافـوا يخبرنا بضعف عقولـهم هــل صيّر الله النساء أئــمة دبـت عقــاربهم لصنو نبـيهم أجـروا دمـاء أخي النبي محمد ولتصـدر اللعنـات غير مزالـةٍ وتفـضل يـوم الندى وتسهل وتـحقق بالعلم غـير محلحل لأداءِ ـ فرضٍ أو أداء تـنفّل هل كالوصي منازع في محفل وحمى الجيوش كمثل ليل أليل يسخو بمهـجة محربٍ متأصل دمـه رداء أحـمر لـم يصقل قد خيل جري دمائها من جدول ترمي الجبـال بوقعها بتزلزل خصـم دفاع وضوحـه بتأوّل والجيـش بيـن مكـبّر ومهلّل قـرم الـقروم يفوق كل البزّل تعدوه نكتة واضـح أو مـشكل لـتهالكـوا بتـعسّف وتجهـّل سألـوه مـدرّعين ثوب تـذلّل لو أثبت النصّاب قول المـرسل في الوقت فرّارا فهل من معدل ] تغلي على الأهلين غلي المرجل آل النبي على الخطوب الـنزّل عهدوا فقل في نكث بـاغ مبطل أن المدبـر ثَـمّ ربـةُ محمـلِ يـا أمـة مثل الـنّعام المهـمل فاغتالـه أشقى الـورى بتـختّل فلتجـرِ غـرب دموعها ولتهمِل لعداه من مـاض ومـن مستقبل


(137)
لـم تشفـهم مـن أحـمد أفعالـهم فـتجـرّدوا لبـنـيه ثـم بـناتـه مـنعوا حسينَ الماء وهـو مـجاهد منـعوه أعـذب منـهل وكذا غـداً يـسقون غسليناً ويحشـر جمعهـم أيحزّ رأس ابن الرسول وفي الورى تـسبى بـنات مـحمد حتـى كأنّ وبنوا السـفاح تحكموا في أهل حيّ نكـت الدعـيّ ابن البغي ضواحكا تمضي بنو هنـد سيوف الـهند في ناحـت ملائـكة السـماء عليهـم فـأرى البكاء مدى الزمان مـحللا قـد قلت للأحـزان : دومـي هكذا يـا شيعة الهـاديـنَ لا تتـأسّـفي فعـداً تـرون الناصـبين ودارهـم وتـنعمـون مـع النــبي وآلـه هـذي القلائـد كالـخرائـد تجتلى لـقريحـةٍ عــدليـّةٍ شيـعـيـةٍ مـا شاقهـا لـما أقمـت وزانهـا رام ابـن عبـادٍ بـها قـربًي الـى مـا ينكر المعنى الـذي قصـدت له وعـليك يـا مكيّ حسنُ نشـيدهـا بوصيّه الطهر الزكي المفـضل بعظائم فاسمع حديث المقــتل في كربلاء فنح كنوح المعـولِ يردون في النيران أوخم منهـل حشراً متيناً في العقاب المجمل حيّ أمـام ركابـه لـم يـقتل محـمدا وافـى بملّـة هرقـلِ علـى الفلاح بـفرصة وتعجّل هي للنبيّ الخير خـيرُ مقـبّـل أوداج أولاد النـبيّ وتـعتلـي وبكوا وقد سقـّوا كؤوس الذبّل والضحك بعد السبط غير محلّل وتـنزّلي بالقلـب لا تـترحّلي وثقـي بحـبل الله لا تتعجـلي قعـر الجحيم من الطباق الأسفل في جنة الـفردوس أكـرم موئل في وصف علياء النبي وفي علي أزرت بشـعر مـزرّد ومهلـهل أن لـم تكن لـلأعشيين وجرول ساداتـه فأتـت بحـسن مكمـل إلا الـذي وافـى لعـدة أفـحل حتى تحوزَ كـمالَ عيش مقبـل (1)

1 ـ عن ديوان الصاحب بن عباد ص 85.

(138)
    وقال رحمه الله :
مـا بـال عـَلوى لا تـرد جـوابـي أتـظـن أثـواب الـشبـاب بـلمـتي أوَ لـَمّ تـرَ الـدنـيا تطيـع أوامـري والـعيـش غَـض والمسـارح جـمّة وولاء آل مـحمـد قـد خيــرَ لـي مـن بـعد ما اسـتدّت مطـالب طالب عـاودت عـرصـة أصبهان وجهـلُها والجـبـر والتشبيه قـد جثـما بـهـا فكفـفتـهـم دهـراً وقـد فـقّـهتـهم ورويـتُ مـن فـضـل النـبـيّ وآله وذكـرت مـا خـصّ النـبي بـفضله وذر الـذي كـانـت تـعــرف داءه يا آل احـمـد انتـم حــرزي الـذي أُسعـدت بـالـدنيا وقـد والـيتكــم انـتم سـراج الله فـي ظـلم الـدجى ونجومـه الـزهـر التي تهدي الورى لا يرتجـى ديـن خـلا من حـبّكـم أنتـم يـمـين الله فـي أمــصـاره تركوا الـشراب وقد شكوا غلل الصدى لـم يعلمـوا أن الهوى يـهـوي بـمن لـم يعلـمـوا أن الـوصيّ هـو الذي لـم يعلـموا أن الـوصيّ هـو الـذي لـم يعلمـوا أن الـوصـي هو الـذي هـذا وما ودعـت شـرخ شـبابي دَورَ الخضابِ فما عرفت خـضابي والدهر يلزمُ ـ كيف شئت ـ جنابي والهمّ اقـسـم لا يَطــور ببـابـي والـعدل والتـوحيد قد سعـدا بـي بـاب الـرشاد الـى هدىً وصواب ثبـت الـقواعد مـحكـمُ الأطنـاب والـدين فيهـا مـذهـب النصّـاب الا أراذل مـــن ذوي الأذنـــاب مـا لا يبـقـي شبهـة الـمرتـاب مـن مـفخر الاعـمال والانســاب انّ الشفـاء لــه استمـاع خطـابي أمِـنَت بــه نفسي مـن الأوصـاب وكـذا يـكـون مـع السعـود مأبي وحسامـه فـي كـل يـوم ضـراب ولـيوثـه إن غـابَ لـيثُ الغـابِ هـل يرتجى مَطـُر بـغير سـحاب لـو يعرف النـصّاب رجـع جواب وتـعلّلوا جـهلا بلـمـع ســراب تـرك العقـيدة ربــة الانـسـاب غَـلَبَ الخـضارم كـلّ يـوم غلاب آخـى النـبي اخــوّة الانـجـاب سـبق الجــميع بـسنـّةٍ وكتـاب


(139)
لم يعلموا أن الوصي هو الـذي لم يعلموا أن الوصي هو الـذي لم يعلموا أن الوصي هو الـذي لم يعلموا أن الوصي هو الـذي لم يعلموا أن الوصي هو الـذي لم يعلموا أن الوصي هو الـذي ما لي أقصّ فضائل البحر الـذي لكنّـني مـتروّح بيسـير مـا وأريـد اكـمادَ النـواصب كلّما يـحلـو اذا الشيعيّ ردّد ذكـره مـدح كـأيـام الشـباب جعلتها حُبّـي أميــر المـؤمنين ديانة أدّت اليـه بـصائـر أعملتـها لم يعـبث التقلـيد بي ومحبتـي يا كفؤ بنـت محـمد لولاك مـا يا أصـل عترة احمدٍ لولاك لـم وأفئـت بالحسنيـن خير ولادة كان النـبي مديـنة العلـم التي ردّت عليك الشمس وهي فضيلة لـم أحك إلا ما روته نواصـب عومـلتَ يـا صنو النبي وتلوه عـوهدتَ ثم نكثت وانفرد الألى حـوربتَ ثـم قتلتَ ثم لعنت يا أيشك فـي لعـني أمـية إنهـا لم يرضَ بالاصنام والانصـاب آتى الزكاة وكان في المحـراب حَكمَ الغدير له على الأصحـاب قد سام أهل الشرك سوم عـذاب أزرى بـبدر كل أصيـد آبـي تـرك الضـلال مغلّل الأنيـاب علياه تسبقُ عـدّ كـلّ حسـاب أُبـديـه أرجو أن يزيدَ ثـوابي سمعوا كلامي وهو صوت رباب لكن على النصّاب مثل الـصاب دأبـي وهُـنّ عـقـائـد الآداب ظهرت عليه سـرائري وثيابي اعـمال مرضيّ اليقين عقابـي لـعمارة الأسـلاف والأحساب زفّـت الـى بشرٍ مدى الأحقاب يـك أحمد الـمبعوث ذا أعقاب قـد ضمنت بحقائـق الأنـجاب حوت الكمال وكنت أفضل باب بَهَـرت فلم تستر بلـفّ نقـاب عادتـك وهي مبـاحة الأسلاب بـأوابـد جاءت بكـل عجاب نكصـوا بحربهم على الأعقاب بعـداً لأجمعهم وطـول تَبـاب نفرت على الاصرار والاضباب (1)

1 ـ وفي نسخة : جارت على الاحرار والاطياب.

(140)
قـد لقبوكَ يا أبا ترابٍ بعدمـا قتلوا الحسيـن فيا لعولي بعده وهـم الألى منعـوه بلـّة غُلةٍ أودى به وباخوةٍ غُـرّ غـدت وسبـوا بنات محمد فكـأنهـم رفقـا ففي يوم القيامـة غنية ومـحمد ووصيّه وابناه قــد فهناك عضّ الظالمون أكفّهـم ما كفّ طبعي عن إطالة هـذه كلا ولا لقصور علياكم عن الا لكن خشيت على الرواة سأمةً كـم سامع هـذا سليم عقـيدة يـدعو لقائلها بأخلص نيّــة ومناصب فارت مراجل غيظه ومقابل ليَ بالجمـيل تصنّعـا انّ ابـن عبـّادٍ بـآل محـمد فـالـيك يا كوفيّ أنشِد هـذه باعـوا شـريعتهم بكفّ تـراب ولطـول نوحي أو أصير لما بي والحتف يخطبه مـع الخطّـاب أرواحهـم شـَوراً بكفّ نهـاب طلبـوا دخـول الفتح والأحزاب والنار بـاطشة بـسوط عقـاب نهضوا بحكـمِ الـقاهر الغـلاب والنـار تلقاهـم بغـير حـجاب مَـلَل ولا عجـز عـن الاسهاب كـثارِ والـتطويـل والاطـناب فقصـدت ايجـازاً على اهـذاب صدق التشيع من ذوي الألـباب متخشّعـا للـواحد الـوهّــاب حنقاً علـيّ ولا يطـيق معابـي وفـؤاده كـره علـى ظَبظـاب يرجو (1) برغم الناصب الـكذّاب مثلَ الشباب وجـودَةِ الأحبــاب (2)
    وقال :
بلغت نفسي مناها‌‏ برسول الله من حا وأخيه خير نفـس بالموالي آل طـه ز المعالي وحواها شرّف الله بناهـا

1 ـ لعله : يزجو او ينجو.
2 ـ عن الديوان.


(141)
وببنتِ المصطفـى مَـن وبـحب الحسـن الـبا والـحسين المرتضى يو ليـس فيـهم غيـر نجمٍ عتــرة أصبحـت الدّنـ لا تُـغرّوا حين صارت أيهـا الحاسـد تـعسـا هـل سنـاً مثل سنـاها أو لـيست صفـوة اللّـ وبـراهـا إذ بـراهـا شجرات العلـم طوبـى أيهـا الـناصب سـمعا استمـع غــرّ معـال مَـن كـمولاي عـلـيٍ وخُصى الأبطال قـد لا مَـن يصيد الصـيد فيها انـتضاهـا ثـم أمـضا من لـه فـي كـل يـوم كـم وكـم حـرب عقام يـا عــذولـيّ عـليه اذكـرا أفـعــال بـدر اذكـرا غــزوة أحــد [ اذكـرا حـرب حنيــنٍ اذكـرا الأحـزاب تعلـم اذكـرا مـهجـة عمـرو أشـبهت فـضلا أباها لـغِ فـي العليا مداهـا م المسـاعـي إذ حواها قـد تـعالـى وتـناهى ـيا جميـعا فـي ذراها باغـتصـاب لـعـداها لـك إذ رمــت قـلاها هـل عُـلا مثل عـلاها ـه على الخلق اصطفاها وعـلى الـنجم ثـراهـا للــذي نـال جنـاهـا أخـذ القـوس فـتاهــا في قـريضي مجـتلاهـا فـي الوغى يحمي لظاها صـقـن للخـوف كلاها بالظبي حيـن انتـضاها هـا عليهــم فـارتضاها وقـفـات لا تـضـاهى قـد بـالصمـصام فاهـا رمتـما منـي سـفـاهـا لست أبغـي مـا سواهـا انـه شـمس ضحـاهـا انـه بـدر دجــاهــا ] انــه لـيـث شـراهـا كـيف أفنـاهـا تجـاهـا


(142)
اذكـرا أمــر بــراة (1) اذكـرا مـن زوج الزهـ اذكـرا لي بـكرة الطيـ اذكـرا لــي قلل العلـ كـم امــور ذكـراهـا حـالـه حـالـة هـارو ذكـره فـي كتـب اللـ أمّتـا مـوسى وعـيسى أعـلـى حـب عـلـي لـم يلـج اذ انهـم شعـ أهمـلوا قـربـاه جـهلا نـكثـوه بـعـد أيـمـا لـعنــوه لــعنــات ومـشوا فـي يـوم خـمٍ طـلبوا الـدنيا وقـد أعـ وهـو لـولا الـدين لم يأ واحتمـى عنـها ولـو قد يـا قسـيم الـنار والجنـ ردّت الشـمـس عـليـه ولـه كـأس رسـول الـ أول الـنــاس صــلاة عـرفَ الـتأويـل لـمـّا واصدقاني مـن تلاها ـراء كيمـا يتبـاهى ـر فقد طـار سنـاها ـم ومن حـل ذراها وأمـور نسيــاهـا ن لموسى فافهـماهـا ـه دراهـا من دراها قد بلته فاسـألاهــا لامني القوم سـفاهـا ـريَ لا صـمّ صداها (2) وتخـطوا مقتضـاها نٍ أغاروا من قواهـا لزمتهــم بعـراهـا لا جلا الله عـشـاها ـرضَ عنـها وجفاها سف على مَن قد نفاها قام كلبُ فـأدعاهــا ـة لا تخشى اشتباها بعد ما فـات سـناها ـله من شـاء سقاها جعل التقـوى حلاها أن جهلتم ما « طحاها »

1 ـ براة : اي براءة. ويعني بها سورة براءة ، ولعل الأصوب ( براء ).
2 ـ لعل المقصود : يا صم صداها.


(143)
ليس يحصـى مأثرات غير مَن [ قد ] وطأ الأر ناجزته عصب البغـ قـتلـته ثـم لم تقـ فـتصـدّت لبـنيـه أردت الأكـبَرَ بالسم وانبرت تبغي حسينا وهي دنياً ليس تصفو نـاوشتـه عطّـشته منعته شـربةً والطـ وأفاتت نـفسه يــا بـنته تدعـو أباهـا لو رأى أحمد ما كـا ورأى زيـنب ولهى لشكا الحـال الى اللـ والـى الله سيـأتـي لعن الله ابن حـربٍ أيها الشيـعة لا أعـ كنت في حـالِ شكاةٍ كأس حمّاها سقتنـي فتشفـّيت بـهذا الـ فـوحـق الله انّ الله وكفى نـتفسي ـ لمّا أحمـد الله كثــيرا ثم سـاداتي فإن الـ قد حماها واعـتماهـــا ض و [ من ] أحصى حصاها ـي بـأنـواع بـلاهــا ـنع بمـا كــان شقاهـا بـظبـاهـا ومـداهـــا ومــا كــان كـفاهــا وغـزتــه وغـزاهــا لابن ديـنٍ مـَشرعـاهـا جـرأةً فـي ملـتقاهـــا ـيـر قـد أروت صـداها ليــت روحـي قد فداهـا أخـته تـبكـي أخـاهــا ن دهـاه ودهــاهــــا ورأى شـمرا سـباهـــا ـه وقد كـان شـكـاهــا وهو أولى مـَن جــزاهـا لعنـةً تـكوي الـجبـاهـا ـني بقـولي مـَن عداهـا أزعـجتـنـي بـأذاهــا عن حميّاهـا حـماهـــا ـمدحِ في الوقـت ابتداهـا لـم يــثـبـت أذاهـــا تـمّ شعري ـ ما عـراهـا عـزّ ذو العرش آلـــهـا ـقـول يُلقـى فـي ذراهـا


(144)
أيها الكوفيّ أنشد‌‏ وابن عبّاد أبوها طلب الجنة فيها هـذه واحلل حُباها وإليـه منتـماهـا لم يرد مالاً وجاها (1)
    الصاحب بن عباد :
مــا لـــعلـي أشــباه مبناه مبنى النـبي تـعرفـه لو طلب النجم ذات أخـمصه أما عـرفتـم ســموّ منزله أما رأيتــم محـمدا حـدبا واختصه يـافعـا وآثــره زوّجه بـضعـة النـبوة إذ يا بأبي السيد الحسيـن وقد يا بأبي أهـله وقد قــتلوا يا قبّـح الله أمة خـذلـت يا لعـن الله جيفة نــجساً لا والذي لا اله الا هـو وأبناه عنـد التفاخر ابناه علاه والفـرقـدان نعلاه أما عرفتـم عُـلوّ مثواه عليه قـد حـاطه وربّاه وأعتامـه مخلصا وآخاه رآه خـير امرئ والـقاه جاهد في الدين يوم بلواه من حوله والعيون ترعاه سيّدها لا تريد مـرضاه يقـرع من بغضه ثناياه (2)
    وقال الصاحب ـ كما في المناقب :
برئت من الارجاس رهط أمية ولعنتهم خير الوصيين جهـرة وقتلهم السادات من آل هاشـم وذبحهـم خير الرجال أرومـة لما صح عندي من قبيح غذائهـم لكفرهـم المعدود في شر دائهـم وسبيهم عـن جـرأة لنـسائهـم حسين العلى بالكرب في كربلائهم

1 ـ عن الديوان.
2 ـ عن اعيان الشيعة.


(145)
وتشتـيتهـم شمل النـبي محـمد وما غضبت إلا لأصـنامها الـتي أيا رب جنبني المكاره وأعف عن أيا رب أعـدائي كثيـر فردّهـم أيـا رب مَـن كـان النبـي وآله حسين توسل لـي إلـى الله إنـني فكـم قـد دعوني رافضيا لحبـكم لما ورثوا من بغضهم في فنائهم أديلت وهم أنـصارها لشقائهـم ذنوبي لما أخلـصته من ولائهم بغيظهم لا يظفـروا بابـتغائهم وسائله لم يخـش مـن غلوائهم بليت بهـم فادفع عـظيم بلائهم فلم يثنني عنكم طويـل عوائهم (1)
    الصاحب بن عباد :
    أبو القاسم كافي الكفاة اسماعيل بن أبي الحسن عباد بن العباس بن حمد بن ادريس الديلمي الاصفهاني القزويني الطالقاني وزير مؤيد الدولة ثم فخر الدولة وأحد كتاب الدنيا الأربعة وقيل فيه والقائل أبو سعيد الرستمي.
ورث الوزارة كابراً عن كابر‌‏ يروي عن العباس عبّـاد وزا موصولة الأسناد بالاسناد رته وإسماعيل عن عباد
    ولد لأربع عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة سنة 326 باصطخر فارس وتوفي ليلة الجمعة 24 من صفر سنة 385 بالري هكذا أرخ مولده ابن خلكان وياقوت في معجم الأدباء وشيّع في موكب مهيب مشى فيه فخر الدولة والقواد وحمل الى اصبهان ودفن هناك.
    ولي الوزارة ثماني عشرة سنة وشهرا. عده ابن شهر اشوب في شعراء أهل البيت المجاهرين وله عشرة آلاف بيت في مدح آل رسول الله وقد نقش على خاتمه.
1 ـ عن أعيان الشيعة ج 11 ص 465.

(146)
شفـيع اسماعـيل فـي الآخـرة‏ وقال : انا وجميع مَن فوق التراب محمد والعـترة الطاهـرة فداء تراب نعل أبي تراب
    وجاء في روضات الجنات أن أمويا وفد على الصاحب ورفع اليه رقعة فيها :
أيا صاحب الدنيا ويا ملك الارض‌ لـه نسب مـن آل حـرب مؤثل فـزوّده بالـجدوى ودثّره بالعطا أتاك كريم الناس في الطول والعرض مـرائره لا تستميل الـى الـنقـض لتقضي حـق الدين والشرف المحض
    فلما تأملها الصاحب كتب في جوابها :
أنا رجل يرمونني الناس بالرفـض‌‏ ذروني وآل المصطفى خيره الورى ولـو أن عضوي مال عن آل أحمد فلا عاش حر بيّ يدب على الأرض فـإنّ لهم حبي كـما لـكم بغـضي لشاهدت بعضي قـد تبرأ من بعضي
    ومن شعره في الأمام أمير المؤمنين عليه السلام :
أبا حسن لوكان حُـبّك مـدخلي‌‏ وكيف يخاف النار مَن هو موقن جهنم كان الفوز عندي جحيمها بـأنك مـولاه وأنت قسـيمها
    ومن شعره :
مواهب الله عندي جاوزت أملي‌‏ لكـنّ أشرفها عندي وأفـضلها وليس يبلغها قولي ولا عملي ولايتي لأمير المـؤمنين علي
    وألف الثعالبي ( يتيمة الدهر ) بأسمه لذاك تجد جل ما فيها مدحا له. كانت داره لا تخلو في كل ليلة من ليالي شهر رمضان من ألف نفس تتناول طعام الافطار على مائدته.


(147)
    ورثاه السيد الرضي بقصيدة لم يسمع اذن الزمان بمثلها وأولها :
أكذا المنون يقطر الابطالا أكذا الزمان يضعضع الاجبالا
    قال ياقوت الحموي : مدح الصاحب خمسمائة شاعر من أرباب الدواوين. وقال ابن خلكان :
    كان نادرة الدهر وأعجوبة العصر في فضائلة ومكارمه وكرمه وكتب عنه الكتاب وألفوا فيه واخيرا كتب العلامة البحاثة الشيخ محمد حسن ياسين عنه ثم جمع ديوانه ونشر بعض رسائله فأفاد وأجاد. ولا يكاد يخلو كتاب من كتب الادب من ذكر أحوال الصاحب بن عباد. ورثاه ابو سعيد الرستمى بقوله :
أبعدا بن عباد يهشّ الى السرى‌‏ أبـى الله إلا أن يموتا بمـوته أخو أمل أو يسمّاح جواد فما لهما حتى المعاد معاد
    ومن شعر الصاحب في ذلك قوله :
وكم شامت بي بعد موتي جاهلا‌ ولو علـم المسكين مـاذا يناله يظل يسل السيف بعـد وفـاتي من الظلم بعدي مات قبل مماتي
    لم يكن للصاحب من الأولاد غير بنت ، زوّجها من الشريف ابي الحسين علي بن الحسين الحسني ، قال الداودي صاحب ( العمدة ) : صاهر الصاحب كافي الكفاة ، ابا الحسن علي بن الحسين الاطرش الرئيس بهمدان ـ من أهل العلم والفضل والأدب ـ على ابنته ، ينتهي نسبه الى الحسن السبط عليه السلام ، وكان الصاحب يفتخر بهذه الوصلة ويباهي بها ، ولما ولدت ابنة الصاحب من ابي الحسين ابنه عبادا ووصلت البشارة الى الصاحب قال :
أحـمد الله لبشـر‌‏ إذ حباني الله سبطا مرحباً ثَمت أهلا جاءنا عند العشيّ هـو سبط للنبيّ بغـلام هـاشميّ


(148)
    وقال في ذلك قصيدة أولها :
الحمد لله حمدا دائما أبدا قد صار سبط رسول الله لي ولدا
    وكان الصاحب على تعاظمه وعلوّ مكانه سهل الجانب لأخوانه ، فانه كان يقول لجلسائه : نحن بالنهار سلطان وبالليل اخوان.
    وقال ابو منصور البيع : دخلت يوما على الصاحب فطاولته الحديث فلما ادرت القيام قلت : لعلي طوّلت. فقال : لا بل تطوّلت.
    وقال العتبي : كتب بعض اصحاب الصاحب رقعة اليه في حاجة ، فوّقع فيها ولما ردت اليهم لم يجد وافيها توقيعا. وقد تواترت الاخبار بوقوع التوقيع فيها ، فعرضوها على ابي العباس الضبي فما زال يتصفحها حتى عثر بالتوقيق ، وهو ألف واحدة. وكان في الرقعة : فان رأى مولانا أن ينعم بكذا. فعل. فأثبت الصاحب أمام كلمة : فعل ( الفاً ) يعني : أفعل.
    وفي كتاب خاص الخاص للثعالبي تحت عنوان : فيما يقارب الاعجاز من إيجاز البلغاء ، قول الصاحب بن عباد في وصف الحر : وجدتُ حراً يشبه قلب الصب ويذيب دماغ الضب وجاء في يتيمة الدهر ان الضرابين رفعوا الى الصاحب قصة في ظلامة وقد كتبوا تحتها : الضرابون. فوّقع تحتها : في حديد بارد. ودخل عليه رجل لا يعرفه ، فقال له الصاحب : أبو مَن : فأنشد الرجل :
وتتفق الاسماء في اللفظ والكنى كثيراً ولكن لا تلاقي الخلائق
    فقال له : اجلس أبا القاسم.
    قال جرجي زيدان في تاريخ اداب اللغة العربية :
    هو ابو القاسم اسماعيل بن عباد بن العباس الطالقاني كان اديبا منشئاً وعالما في اللغة وغيرها وهو اول من لقب بالصاحب من الوزراء لانه كان


(149)
يصحب ابن العميد فقيل له صاحب ابن العميد ، ثم اطلق عليه هذا اللقب لما تولى الوزارة وبقي علما عليه. وقد وزّر اولاً لمؤيد الدولة بن ركن الدولة بن بويه بعد ابن العميد. فلما توفي مؤيد الدولة تولى مكانه اخوه فخر الدولة فاقرّ الصاحب على وزارته وكان مبجلا عنده نافذ الأمر وكان مجلسه محط الشعراء والأدباء يمدحونه أو يتنافسون أو يتقاضون بين يديه.
    وذاعت شهرته في ذلك العصر حتى اصبح موضوع إعجاب القوم يتسابقون الى اطرائه ونظمت القصائد في مدحه :
    وله من التصانيف : المحيط باللغة سبع مجلدات رتبه على حروف المعجم والكافي بالرسائل وجمهرة الجمرة وكتاب الاعياد ، وكتاب الامامة ، وكتاب الوزراء وكتاب الكشف عن مساوئ شعر المتنبي ، وكتاب الأسماء الحسنى وكان ذا مكتبة لا نظير لها.
    وقال ابن خلكان :
    ابو القاسم اسماعيل بن ابي الحسن عباد ، بن العباس ، بن عباد بن أحمد ابن ادريس الطالقاني :
    كان نادرة الدهر واعجوبة العصر في فضائله ، ومكارمه وكرمه ، اخذ الأدب عن ابي الحسين ، احمد بن فارس اللغوي صاحب كتاب المجمل في اللغة ، واخذ عن ابي الفضل بن العميد وغيرهما ، وقال ابو منصور الثعالبي في كتابه اليتيمة في حقه : ليست تحضرني عباة ارضاها للافصاح عن علوّ محله في العلم والأدب ، وجلالة شأنه في الجود والكرم وتفرّده بالغايات في المحاسن وجمعه اشتات المفاخر لأن همة قولي تنخفض عن بلوغ أدنى فضائله ومعاليه ، وجهد وصفي يقصر عن أيسر فواضله ومساعيه ، ثم شرع في شرح بعض محاسنه وطرف من احواله :
    وقال ابو بكر الخوارزمي في حقه : الصاحب نشأ من الوزارة في حجرها.


(150)
ودبّ ودرج من وكرها ، ورضع أفاويق درّها وورثها عن آبائه وهو أول من لقب بالصاحب من الوزراء لأنه كان يصحب أبا الفضل ابن العميد ، فقيل له : صاحب ابن العميد ، ثم اطلق عليه هذا اللقب لما تولى الوزارة ، وبقي علماً عليه.
    ومن شعره في رقة الخمر :
رقّ الزجاج وراقت الخمر‌‏ فكـأنما خمـرٌ ولا قـدح فتشابها وتشاكل الأمر وكأنما قـدح ولا خمر
    وله يرثي كثير بن أحمد الوزير ، وكنيته ابو علي :
يقولون لي أودى كثير بن أحمد‌‏ فقلت دعوني والعُـلا نبكه معاً وذلك رزء في الأنام جليل فمثل كثير في الرجال قليل
    وقوله :
وقائلة لِـم عرتك الهموم‌‏ فقلت دعيني على حيرتي وأمرك ممتثل في الأمم فإن الهـموم بقدر الهمم
    والصاحب مجيد في شعره كما هو بارع في نثره ، وقلّما يكون الكاتب جيد الشعر ولكن الصاحب جمع بينهما. ومن قوله في منجم
خوّفني منـجم أخـو خـبل‌ فقلت دعني من أباطيل الحيل ودفع عني كل آفات الـدول تراجع المريخ في برج الحمل فالمشتري عندي سواء وزحل بخالقي ورازقي عـز وجـل
    وذكر صاحب البغية أنه كان في الصغر إذا أراد المضي الى المسجد ليقرأ تعطيه والدته دينارا في كل يوم ودرهما وتقول له : تصدّق بهذا على أول فقير تلقاه ، فكان هذا دأبه في شبابه الى أن كبر وصار يقول للفرّاش كل ليلة :
ادب الطف ـ المجلد الثاني ::: فهرس