ادب الطف ـ المجلد الثاني ::: 151 ـ 165
(151)
اطرح تحت المطرح ديناراً ودرهماً ، لئلا ينساه ، فبقي على هذا مدة. ثم أن الفرّاش نسي ليلة من الليالي ان يطرح له الدرهم والدينار. فانتبه وصلى وقلب المطرح ليأخذ الدرهم والدينار ففقدهما فتطيّر من ذلك ، فقال للفراشين : خذوا كل ما هنا من الفراش وأعطوه لأول فقير تلقونه ، فخرجوا وإذا بهاشمي أعمى تقوده زوجته ، فقالوا هلمّ لتأخذ مطرح ديباج ومخاد ديباج ، فأغمي عليه. فأعلموا الصاحب بأمره ، فأحضره ورشّ عليه الماء ، فلما أفاق سأله عن أمره ، فقال : سلوا هذه المرأة إن لم تصدقوني ، فقالوا له : اشرح فقال : انا رجل شريف لي ابنة من هذه المرأة خطبها رجل فزوجناه ، ولي سنتين آخذ ما يفضل عن قوتنا واشتري جهازا لها فقالت أمها : اشتهيت لها مطرح ديباج ، فقلت لها : من أين لي ذلك. وجرى بيني وبينها نزاع حتى خرجت على وجهي. فلما قال لي هؤلاء هذا الكلام حقّ لي أن يغمى عليّ. فقال الصاحب لا يكون الديباج إلا مع ما يليق به ، ثم اشترى له جهازا ثمينا واحضر الزوج ودفع له بضاعة سنية ليعمل ويربح.


(152)
أظلـم في كـربلاء يـومـهم لا بـرح الغـيث كـل شارقة على ثرى حلّه غريب رسـول ذلّ حمــاه وقــلّ ناصـره يا شـيع الغي والضـلال ومَن عفرتـم بـالثـرى جبين فـتى يُطّل مـا بيـنكم دم ابن رسول سـيـان عـند الإله كـلـّكـم ثم تجلـى وهـم ذبـائحه تخمي غواديـه أو روائحه الله مـجروحة جـوارحـه ونال أقصى مناه كاشـحه كلّهم جـمـة فضـائـحه جبريل بعد الرسول ماسحه الله وابن السفـاح سافـحه خاذلـه منكـم وذابـحه (1)

1 ـ رواها السيد الامين في الاعيان عن يتيمة الدهر للثعالبي ص 170 أقول وقد تقدمت هذه الأبيات في ترجمة كشاجم من جملة قصيدة ، والشاعران في عصر واحد. وربما نظم أحدهما قطعة وجاراه الآخر فنظم على القافية فكانتا قصيدة واحدة.

(153)
    أبو بكر محمد بن هاشم بن وعلة الخالدي الكبير أحد الخالديين والآخر اخوه ابو عثمان سعيد.
    توفي حدود 386 في حلب.
    والخالدي نسبة الى الخالدية من قرى الموصل ، له ديوان المراثي وشارك أخاه الخالدي الصغير أبا عثمان سعيد في ديوانه وقيل انه شاركه في كتاب الحماسة.
    ومدح الخالديان الشريف أبا الحسن محمد بن عمر العلوي الزبيدي فابطأت عنهما جائزته فأرسلا اليه قصيدة ـ وكان قد أراد السفر :
قـل للشريف المستجار به وابن الأئمة مـن قـريش أقسمـت بـالرحمـن و لئن الشريف مضى ولـم لنشاركـن بـني أمـيـة ونقول لـم يـغصب أبو ونـرى معـاويـة إماما ونقـول إن يـزيـد مـا ونعـد طلـحة والزبـير ويكون في عنق الشريف اذا عــدم الـمـطـر والـميامـيـن الغـرر النعم الـمضاعف والوتر ينعـم لعبديـه الـنظـر في الضلال المشتهــر بكـر ولـم يظلم عـمر مَـن يـخالـفـه كفـر قـتل الحسيـن ولا أمر مـن الميامـين الـغرر دخـول عـبديه سقـر


(154)
    فضحك الشريف لهما وأنجز جائزتهما.
    ومن شعره ما رواه النويري في نهاية الأرب :
ان خانك الدهر فكن عائذاً‌‏ ولا تكن عبد المنى فالمُنى بالبيد والظلماء والعيس رؤوس أموال المفالـيس
    وقال أيضا :
وأخٍ رخصتُ عليه حتى ملّني ما في زمانك ما يعزّ وجـوده والشيء مملول اذا ما يرخصُ إن رمـته إلا صديق مخلص


(155)
أبا حوا دم المقتول بالطف بعدما وتالله ما أنسـاه بالـطف صائلا يُنهنه عـنه القوم يُمنـاً ويسرة فلهفي لـمن كـان النبي قلوصه يقبّل فـاه مـرةً بـعـد مـرّة سقوه كؤوس الموت بالبيض والاسل كما الليث في سرب النعاج اذا حمل ويصبر للحرب الشـنيع اذا اشـتعل فيا خير محمول ويا خير مَن حـمل وينكتـه أهـل الـبدائـع والـزلل
    والقصيدة تربو على الستين بيتا. جاء في أولها :
دع المرهـفات البيض والطعن بالاسل فمـا للصفـاح المشرفيـات والـقنـا فـما البيض إلا البيض يلمعن كالـدُما فخلّ حديث الطعن والضرب في الوغا وسل عن دمي في مذهب الحب لِم يحِل فعـال كفـعل الاعين النـجل والمـقل ويشـرقن كالاقمـار فـي حـلل الحلل فـمـا لك فيـها نـاقـة لا ولا جمل (1)

1 ـ عن المجموع الرائق المخطوط للسيد احمد العطار ص 207.

(156)
    الحسين بن الحجاج المتوفي سنة 391 :
    ابو عبد الله الحسين بن احمد بن الحجاج النيلي البغدادي الامامي الكاتب الفاضل من شعراء أهل البيت ، كان فرد زمانه في وقته. يقال انه في الشعر في درجة امرئ القيس وانه لم يكن بينهما مثلهما. كان معاصرا للسيدين وله ديوان شعر كبير عدة مجلدات ، وجمع الشريف الرضي رحمه الله المختار من شعره سماه ( الحسن من شعر الحسين ) وكان ذلك في حياة ابن الحجاج ، وفي أمل الأمل للحر العاملي قال : كان إمامي المذهب ويظهر من شعره أنه من اولاد الحجاج بن يوسف الثقفي وعدّه ابن خلكان وابو الفداء من كبّار الشيعة ، والحموي في معجم الأدباء يقول : من كبار شعراء الشيعة ، وآخر من فحول الكتّاب ، فالشعر كان أحد فنونه كما أن الكتابة إحدى محاسنه الجمّة وعدّه صاحب رياض العلماء من كبراء العلماء وكان ذا منصب خطير وهو توليه الحسبة ببغداد ـ والحسبة هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين الناس كافّة ولا تكون إلا لوجيه البلد ولا يكون غير الحر العدل والمعروف بالرأي والصراحة الخشونة بذات الله ومعروفا بالديانة موصوفا بالصيانة بعيدا عن التهم ، وشاعرنا ابن الحجاج قد تولاها مرة بعد أخرى ، قالوا إنه تولى الحسبة مرتين ببغداد ، مرة على عهد الخليفة العباسي المقتدر بالله ، واخرى أقامه عليها عز الدولة في وزارة ابن بقيّة الذي استوزره عز الدولة سنة 362 وتوفي سنة 367 والغالب على شعره الهزل والمجون ، وكان ذا استرسل فيهما فلا يجعجع به حضور ملك أو هيبة أمير ، كما أن جلّ شعره يعرب عن ولائه الخالص لأهل البيت والوقيعة في مناوئيهم.
    ومن شعره قصيدته الغراء التي أنشدها في حرم أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام وأولها :
يا صاحب القـبّة البيضا على النجف‌ زوروا أبا الحـسن الـهادي لـعلكم مَن زار قبرك واستشفي لديك شُفي تحظون بالأجر والأقبال والزلـف


(157)
زوروا لمن تسمع النجـوى لديه فمن إذا وصـلت فـأحـرم قبـل تدخله حتى إذا طــفت سبعا حول قـبته وقل : سلام مـن الله السـلام على إني أتيـتك يا مــولاي مـن بلدي راج بأنك يـا مـولاي تــشفع لي لأنك الـعروة الــوثقى فمن علقت وإن أسماءك الـحسنى إذا تـليـت لأن شـأنك شـأن غــير منتقص وإنك الآيـة الكبـرى التي ظهرت هذي ملائكـة الـرحمـن دائمــة كالسطل والجـام والمنديـل جاء به كان النبي إذا استـكفاك معــضلة وقصّة الطائر المشـويّ عـن أنسٍ والحب والقضب والزيتون حين أتوا والخيل راكعـة في الــنقع ساجدة بعثـت أغـصان بانٍ في جمـوعهم لو شئت مسخـهم في دورهم مسخوا والموت طـوعك والأرواح تـملكها لا قـدّس الله قومــا قـال قائلهم : وبايـعـوك « بـخمٍّ » ثـم أكـّدهـا عاقوك واطـرّحوا قـول النبي ولم هذا وليكم بـعدي فمـن عـلقــت يزره بـالقبر ملـهوفا لديـه كُفي ملبيـا واسع سعيا حـوله وطـُف تـأمـّل الباب تِلقا وجـهه فقـف أهل السلام وأهـل العلم والـشرف مستمسكا مـن حبال الحق بالطرف وتسقني مـن رحيـق شافي اللهف بهـا يـداه فلن يشقـى ولـم يخَف على مريض شفي من سقـمه الدنف وإن نورك نـور غـيـر منكسـف للعارفين بـأنـواع مـن الـطرف يهبطـن نحـوك بالألطاف والتحف جبريـل لا أحـد فـيه بـمختلـف من الامور وقـد أعيـت لـديه كُفي تخبر بما نصّه المختار مـن شرف تكرّماً من إله الـعرش ذي اللـطف والمشرفيات قد ضجّت على الحجف فـأصبحوا كـرمادٍ غـير منـتسف أو شئت قلت لهم : يا أرض انخسفي وقـد حكمت فلـم تظلم ولم تـجـف بخ بخ لك مـن فضـل ومن شـرف « محمد » بمقال مـنه غـير خـفـي يمنعهم قـوله : هـذا أخـي خلَـفي بـه يداه فلن يـخشى ولـم يخــف
    قال الشيخ الأميني سلمه الله ان السلطان عضد الدولة بن بويه لما بنى سور المشهد الشريف ودخل الحضرة الشريفة وقبّل اعتابها واحسن الأدب فوقف


(158)
ابو عبد الله الحسين بن الحجاج بين يديه وأنشد هذه القصيدة فلما وصل منها الى الهجاء أغلظ له الشريف سيدنا المرتضى ونهاه أن ينشد ذلك في باب حضرة الإمام عليه السلام فقطع عليه فانقطع فلمّا جنّ عليه الليل رأى إبن الحجّاج الإمام عليّا عليه السلام في المنام وهو يقول : لا ينكسر خاطرك فقد بعثتا المرتضى علم الهدى يعتذر إليك فلا تخرج إليه حتى يأتيك ، ثم رأى الشريف المرتضى في تلك الليلة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة صلوات الله عليهم حوله جلوس فوقف بين أيديهم وسلم عليهم فحس منهم عدم إقبالهم عليه فعظم ذلك عنده وكبر لديه فقال : يا مواليّ أنا عبدكم وولدكم ومواليكم فبمَ استحققت هذا منكم ؟ فقالوا : بما كسرت خاطر شاعرنا أبي عبد الله إبن الحجاج فعليك أن تمضي إليه وتدخل عليه وتعتذر إليه وتأخذه وتمضي به إلى مسعود بن بابويه وتعرّفه عنايتنا فيه وشفقتنا عليه ، فقام السيد من ساعته ومضى إلى أبي عبد الله فقرع عليه الباب فقال إبن الحجاج : سيدي الذي بعثك إليّ أمرني أن لا أخرج إليك ؛ وقال : إنه سيأتيك ، فقال : نعم سمعاً وطاعة لهم. ودخل عليه واعتذر إليه ومضى به الى السلطا وقصا القصّة عليه كما رأياه فأكرمه وأنعم عليه وخصّه بالرتب الجليلة وأمر بأنشاد قصيدته.
    وله من قصيدة ردّ بها على قصيدة ابن سكرة محمد بن عبد الله بن محمد الهاشمي البغدادي من ولد علي بن المهدي العباسي وقد تحامل بها على آل رسول الله (ص) فقال ابن الحجاج في الرد عليه.
لا أكذب الله إن الصدق ينجيني يد الامير بحمد الله تحييني
    الى ان قال :
فما وجدت شفاءً تستفيد بـه‌‏ كافاك ربك إذ أجرتك قدرته فقر وكفر هميع أنت بينهما إلا ابتغاءك تهجو آل ياسيـن بسبّ أهل العلا الغر الميامين حتى الممات بلا دنيا ولا دين


(159)
فكان قـولك فـي الـزهراء فاطمه عيّرتهـا بالـرحا والـزاد تطحـنه وقـلت : إن رسـول الله زوّجـها كذبت يابن التي باب إستها سلس الأ ستّ النساء غداً في الحشر يخـدمها فقلت : إن أميـر الـمؤمنين بـغى وإن قـتل الحسين السـبط قـام به فلا ابـن مرجانـة فـيه بمحتقـب وإن أجر ابن سعـدٍ فيـه استباحته هـذا وعـدت الـى عثمان تندبـه فصرت بالطعن من هذا الطريق الى وقلت : أفضل من يوم « الغدير » إذا ويـوم عيدك عـاشورا تعـدّ لـه تأتي بـيوتكم فيـه الـعجوز وهل عـانـدت ربـك مغـتراً بنـقمته فقال : كن أنت قرداً فـي استه ذنب وقال : كـن لي فتى تعـلو مراتبه والله قـد مسخ الأدوار قبلـك فـي بـدون ذنبك فالحق عندهـم بـهم قول امرئ لهج بالنـصب مـفتون لا زال زادك حبّـاً غـير مطحون مسكيـنة بنـت مسكيـن لمسكين غـلاق بالليل مفكـوك الزرافيـن أهـل الجنان بحور الخـرّد العين علـى معاويـة فـي يـوم صفين في الله عـزمٌ إمام غير مـوهـون إثـمَ المسـيء ولا شمرٌ بـملعون آل النبـوة أجـر غـير ممنـون بكـل شعر ضـعيف اللفظ ملحون مـا ليس يخفى على البُله لمجانين صـحّـت روايـته يـوم الشعانين ما يستـعد النــصارى للـقرابين ذكر العجـوزو سوى وحي الشياطين وبـأس ربـك بـأسٌ غير مأمـون وأمـر ربــك بين الكـاف والنون عنـد الـملـوك وفي دور السلاطين زمـان مـوسى وفـي أيـام هارون ودع لحاقك بـي إن كـنـت تنويني
    قلنا سابقا ان السيد الشريف الرضي قد جمع شعر ابن الحجاج ورتبه على الحروف فقال ابن الحجاج يشكر السيد ـ كما في الجزء الاخير من ديوانه ـ قوله :
أتعرف شعري الى مَن ضوي‏ إلي الـبدر حسناً إلى سيـدي فأضحـى علـى ملكه يحتوي الشريف أبي الحسن الموسوي


(160)
الـى مــن أعــوذّه كـلّمـا فتىً كنتُ مسخاً بشعري السخيف تـأملته وهـو طـوراً يـصحّ فـميـّز مـعـوجـه والـردي وصحّـح أوزانه بـالـعروض وأرشــده لطـريـق السـداد وبيـّن مـوقع كـفّ الـصناع فـأقـسم بـالله والشيـخ فـي لـو أن زرادشـت أصغى لـه وصـادف زرع كـلامي البليغ فما زال يسقـيه مـاء الطـرا فلا زال يحيـى وقـلب الحسود لـه كبدٌ فـوق جـمر الـغضا تلقيـته بـالعـزيز الـقوي وقـد ردّني فيه خلـقاً سوي وطـوراً بصحّـته يـلتوي فيـه مـن الجـيّد المستوي وقرّر فيه حـروف الـروي فأصلح شيطان شعري الغوي فـي نسج ديباجه الخسروي اليمين على الحنث لا ينطوي لأزرى على المنطق الفهلوي فيـه شديد الظمـا قـد ذوي ومـاء الـبشاشة حتى روي بالغيظ من سـيدي مكـتوي على النـار مطروحه تشتوي
    لم يختلف اثنان في تاريخ وفاته وانها في جمادي الآخرة سنة 391 بالنيل وهي بلدة على الفرات بين بغداد والكوفة وحمل الى مشهد الامام موسى الكاظم عليه السلام ودفن فيه ، وكان أوصى أن يدفن هناك بحذاء رجلي الامام (ع) ويُكتب على قبره ( وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد ) ورثاه الشريف الرضي بقصيدة توجد في ديوانه ومنها :
نعَوه عـلى حُسن ظـني به رضـيع ولاءٍ لـه شـعبة وما كنتُ احسب أن الزمان ليـبكِ الزمان طويلا عليك فلله مـاذا نعـى النـاعيان من القلب مثل رضيع اللبان يفلّ بـضارب ذاك اللـسان فقد كـنتَ خفَة روح الزمان
    وبرهن الشيخ الاميني أن الرجل عمّر عمراً طويلا تجاوز المائة سنة رحمه الله وأجزل ثوابه.


(161)
لله مـا صنــعت فـينا يـد البـينِ مـالـي وللبين ؟ لا أهـلاً بطلعـته كانا كغصـنين فـي أصلٍ غـذاؤهما كـأنّ روحيهمـا مـن حسن إلفهـما لا عـذل بينهما في حفظ عـهدهمـا لا يطمع الدهر فـي تغيـير ودّهـما حـتى إذا أبصرت عيـن النوى بهما رمـاهـما حـسدا مـنه بـداهـيـةٍ في الشرق هذا وذا في الغـرب منتئياً والـدهر أحسـد شـيء للقـريبـين لا تأمـن الدهـر إن الدهر ذو غـيرٍ أخنى على عتـرة الهادي فشـتّتـهم كـأنّمـا الـدهر آلا أن يـبـدّدهـم بعض بطيبـة مـدفـون وبعضـهم وأرض طـوس وسامرّا وقد ضمنت يـا سادتي ألمـن أبكي أسىً ؟! ولمن كم من حشاً أقرحت منا ومن عينِ كـم فرّق البين قـدمـاً بين إلفينِ ؟! مـاء النعـيم وفـي التشبيه شكلين روح وقد قسّمـت مـا بين جسمين ولا يـزيلهـما لـوم الـعـذولـين ولا يـميـلان مـن عهـدٍ إلى مَينِ خِلّين فـي العـيش مـن هـم خليّين فأصبحـا بعد جـمع الـشمل ضدّين مـشرّديـن عـلى بـُعـد شـجّيين يـرمـي وصـالهما بالـبعد والبين وذو لسـانيـن فـي الدنيا ووجهين فمـا تـرى جامعا منهـم بشخصـين كعـاتب ذي عـناد أو كـذي ديـن بكـربـلاء وبـعـض بـالغريـّين بـغـداد بـدرين حلا وسط قبـرين أبـكي بحفنين مـن عيني قريـحين ؟!


(162)
أبكي على الحسن المسموم مضطهدا ؟! أبكي عليـه خضيب الشـيب من دمه وزينب فـي بنـات الــطهر لاطمة تدعوه : يا واحــدا قـد كـنت أمله لاعشت بعدك مـا إن عشـت لانعمت أنظر إليّ أخـي قبــل الفراق لـقد أنظر الى فاطـم الصغرى أخي تَرها اذا دنت منك ظل الـرجس يـضربها وتستغيث وتـدعـو : عمّـتا تلـفت ضرب على الجسد البالي وفـي كبدي أنظر عـلياً أسيرا لا نـصيـر لـه وارحمتا يا أخي مـن بـعد فقدك بل والسبط في غمرات المـوت مُشتغل لا زلـت أبكي دماً ينـهلّ مـنسجماً ألسيّديـن الشــريفين اللذين هـما ألضـارعـين الـى الله المـنيبيـن ألعالمـيـن بذي العرش الحكيمـين ألصابرين علـى الـبلوى الشكورين ألشـاهدين على الخـلق الإمـامين ألعابديـن التـقيــّين الـزكيـّين ألحجّتين عـلى الخلق الأميـريـن نورين كانا قديما فـي الظلال كما تفّاحتي احمد الهادي وقـد جـعل صلى الإله على روحـيهما وسـقا أم الحـسيـن لقى بيـن الخميسـين ؟ معفّـر الـخـد محـزوز الـوريدين والدمـع فـي خدّها قـد خـدّ خدّين حتى استـبدّت بـه دونـي يد البـين روحي ولا طعمت طعم الكرا ، عيني أذكـا فراقـك في قـلبي حـريقـين للـيُتم والسبي قـد خـصّت بـذلّـين فتـلتقي الـضرب منها بالذراعــين روحي لرزئين في قلـبي عظـيميـن للثـكل ضرب فما اقـوى لضربـين قــد قيـّدوه علـى رغم بـقيـدين وارحـمتا للأسـيرين الـيتــيـمين ببسط كفـّين أو تـقبـيض رجـليـن للـسيــّدين الـقتيلـين الشهيـديـن خير الورى مـن أب مـجد وجـدّين ألمـسرعيـن الـى الحـق الـشفيعين ألــعادليـن ألحلـيمين الرشيـديـن ألمـعرضين عـن الـدنـيا المـنيبين ألصادقـين عـن الله الـوفـيـّيــن ألمؤمنين الشـجاعيــن الـجريّــين ألطيّبين الـطهـوريـن الـزكيـــّين قــال النبـي لـعرش الله قـرطيـن لفـاطـم وعلـيّ الـطهـر نسـليـن قبريـهـما ابـداً نـوء الـسمـاكـين


(163)
    الى ان يقول فيها :
ما لابن حمّادٍ العبديّ من عمل‌‏ فـالمـيم غاية آمالي محمّدها صلى الإله عليهم كلما طلعت إلا تمـسّكه بالمــيم والـعين والعين أعني عـليّا قـرة العين شمس وما غربت عند العشائين (1)
    ولأبن حماد :
حـيّ قـبرا بـكربلا مُستنيـرا وأقـم مـأتـم الشـهيد وأذرف والتثـم تـربة الحسين بـشجوٍ ثم قل : يا ضريح مولاي سُقيّـ تـِه على ساير القبور فقد أصـ فـيك ريـحانة النبي ومـن حل فـيك يـا قبر كل حلـم وعلـم فيـك مَن هدّ قتله عمـد الـدين فيك مـن كان جبـرئيل يُناغـيه فيك مَـن لاذ فطـرس فتـرقّى يوم سارت له جـيوش ابـن هند آه واحـسرتي لـه وهو بالسيف آه إذ ظل طرفه يرمـق الفسطاط آه إذ أقبل الجواد عـلى النسوان فتـبادرون بـالعويل وهتـّكـن وتبـادرن مسرعـات من الحذر ولطمن الخدود مـن ألـم الثـكل ضمّ كنز التقى وعلـما خطيرا منك دمعا في الوجنتين غزيرا وأطـل بعـد لثمك التـعفيرا ـت من الغيث هاميا جمهريرا ـبحت بـالتيه والفخار جديرا مـن المصطفى محـلا أثـيرا وحـقيق بـأن تكون فخـورا وقـد كـان بالهـدى معـمورا ومـيكال بالـحباء صغــيرا بجناحي رضى وكان حـسيرا لذحول أمست تحـل الصدورا نحـير أفـديت ذاك النحـيرا خـوفا علـى النساء غيـورا ينعاه بـالصهــيل عـفيـرا الأقراط بـارزات الـشـعورا ومن قـبلُ مُسبلات السـتورا وغـادرن بـالنياح الخـدورا

1 ـ عن شعراء الغدير ج 4 ص 162.

(164)
وبـدا صوتهـنّ بيـن عـداهـنّ بارزات الوجوه مـن بعدما غودرن ثـم لـمّـا رأيـن رأس حسـيـن صحن بالـذل أيها الناس لـِم نُسبى ما لنا لا نـرى لآل رســول الله فعلى ظـالـميـهـم سخــط الله قـل لمـن لام فـي ودادي بــني أعلى حب معـشـر أنت قـد كنتَ وأبـوهم أقـامـه الله فـي « خُـم » حين قـد بـايـعـوه أمـراً عـن وأبـوهـم أفـضـى النبي إلــيه وأبوهـم عـلا على الـعرش لمـّا وأماط الأصنام كـلاً عـن الكـعبة قال : لو شئت ألمس النجم بـالكف وأبـوهـم ردّت له الشمس بـيضاً وقـضى فـرضـه أداءً وعــادت وأبوهم يروي على الحـوض مَن وا وأبـوهـم يقاسم الـنار والـجنـة فـإذا اشتاقـت الـملائـك زارتـه وأبوهـم قـال النبـي لــه قـولاً أنت خـدنـي وصاحبي ووزيـري أنـت مني كمثل هرون مـن موسى وأبـوهـم أودى بعـمـرو بـن ودّ وأبـوهـم لـبابِ خيـبر أضـحى حـامـل الراية التي ردّهـا بالأمس وعـفـن الحـجاب والـتـخفيرا صــون الـوجـوه والتــخفيرا فـوق رمح حكى الهـلال الـمنيرا ولـم نـأت فـي الأنـام نكــيرا ؟! فـيكـم يـا هــؤلاء نـصيـرا ؟! ولعن يـبقى ويـفنـى الــدهورا أحمد : لا زلت في لظى مـدحورا عـذولاً ولا تــكون عـذيــرا إمــامــاً وهـاديـاً وأميــرا الله فـسائل دوحاتـه والـغـديرا علـم ما كـان أولاً وأخـيــرا قـد رقى كاهـل النبي ظــهيرا لـمـّا هــوى بـهـا تكسيـرا إذن كنـت عنـد ذاك قــديـرا وهـي كادت لوقتهـا أن تـغورا لـغروب وكـوّرت تـكــويرا لاهـم ويردّ عـنـه الكــفورا فـي الحشر عـادلا لـن يجورا فنـاهـيـك زايـرا ومــزورا بـليغـاً مـكـرّرا تـكـريـرا بعد موتي أكـرم بـذاك وزيـرا لــم اكـن ابتغي سواه ظهـيرا حين لاقـاه فـي العجاج أسـيرا قـالعـا ليس عـاجزا بل جسورا مَن لــم يـزل جبـانا فـرورا


(165)
خصـّه ذو العلا بفاطمـة عـرساً وهـم باب ذي الجلال علـى آدم وبهـم قـامـت السماء ولـولاهم وبهـم باهـل النبي فـقـل لـي فـيهـم أنـزل المهيمن قـرآنـا في الطواسين والحواميم والرحمن وخــلقـناه نطـفـة نبـتلـيه لبـيان إذا تــأمـلـه العـارف ثم تفسير هل أتـى فيـه يا صاح إن الأبـرار يشـربـون بـكأس فلـهم أنــشأ المـهيـمن عينـاً وهداهم وقـال : يـوفون بالـنذر ويـخافـون بـعد ذلـك يــوماً فـوقـاهـم إلهــهم ذلـك اليوم وجزاهم بأنهم صبروا فـي الـسر فاتـكـوا مـن علـى الأرائك لا وأوانٍ وقــد أطيــفت عليـهم وبأكـواب فـضـّة وقـواريـر وبـكأس قـد مـازجـت زنجبيلا وإذا مـا رأيـت ثــم نـعيـماً وعليهم فيها ثيـاب مـن السندس ويحلّـون بالأسـاور فـيهـــا وروى لي عبد العزيـز الجلودي عن ثقاة الحديث أعـنى الـعلائي يسنـدوه عـن ابن عباس يـوماً وأعـطـاه شبـرا وشـبيـرا فارتــد ذنـبه مـغفـــورا لكـادت بأهـلهـا أن تـمورا ألهم فـي الورى عرفت نظيرا ؟! عظـيمـا وذاك جـمّا خطيرا آيـا مـا كان في الذكر زورا فـجعلـناه سامعـا وبـصيرا يبدي له المقــام الـكبيـرا قل له إن كنت تفهم التفسيرا كان عنـدي مزاجهـا كافورا فجـّروها لديـهم تفـجيـرا فمن مثلهم يـوفـي الـنذورا ؟! شرّه كان في الورى مستطيرا ويلقـون نضـرة وسـرورا والجـهر جـنةً وحـريـرا يلقون فيها شمسا ولا زمهريرا سلسبيل مقـدّر تـقـديـرا قدّروهـا علـيهم تـقديـرا لذّة الشاربين تشفي الصدورا دائماً عندهـم وملـكاً كبيرا خضر في الحشر تلمع نورا وسقاهم ربـي شراباً طهورا وقــد كان صـادقاً مبرورا هـو أكـرم بذا وذا مذكورا قال : كنا عند النبيّ حضورا
ادب الطف ـ المجلد الثاني ::: فهرس