ادب الطف ـ المجلد الثاني ::: 256 ـ 270
(256)
    قال يذكر مصرع جده الحسين عليه السلام :
أأُسـقى نمـيـرّ المـاء ثم يلذّ لي وأنتم كما شـاء الشتـات ولسـتم تذادون عن مـاء الفرات وكـارع تنشرّ منكـم فـي القَواءِ معاشـر ألا إن يوم الطـف أدمى محاجراً وإن مصيبـات الـزمان كـثيرة أرى طخيـةً فيـنا فأين صباحها وبيـن تراقينا قلـوب صديـئة فيما لائماً في دمعتي أو « مفنداً » وهل لـي سلـوان وآل محـمد تصدّ عن الروحات أيدي مطيهم كأنهـم نـسل لـغيــر محمدٍ فيا أنجماً يهدى الـى الله نورها فإن يـك قوم وصـلة لجهـنم ودوركم آل الرسـول خَلاء ؟ كما شئتم فـي عيشةٍ وأشاء به إبلٌ للـغادريـن وشـاء كأنهم للمـبصريـن مـُلاء وأدوى قلوباً ما لـهـنّ دواء ورب مصابٍ ليس فيه عزاء وداء علـى داءِ فأين شفـاء ؟ يراد لها لـو أعطيته جـلاءُ علي لوعتي واللوم منه عناء ؟ شريدهم مـا حان منه ثـواء ويزوى عطاء دونهم وحـُباء ومن شعـبه أو حزبه بـعداءُ وإن حال عنها بالغبي غبـاءُ فأنتم الى خُـلد الجنان رشاءُ


(257)
دعـوا قلبي المحـزون فيكم يهيجه فليس دموعي مـن جفونـي وإنما اذا لم تـكونـوا فـالحيـاة منـية وإما شقيتم فــي الـزمان فـإنما لحا الله قوماً لـم يجازوا جميـلكم ولا انتاشهم عـند المكاره منهض سقى الله أجــداثاً طـوين عليكم يسـير إليـهـن الـغمام وخلـفه كأن بـواديه العـشار تـروحت ومَن كان يسقى في الجنان كرامة صـباح على أُخـراكم ومساء تقاطرن من قلبي فهـنّ دمـاء ولا خير فيــها والبقاء فـناء نعيمي اذا لـم تـلبسـوه شقاء لأنـكـم أحسـنـتم وأسـاؤا ولا مسهم يـوم الـبلاء جزاء ولا زال منـهلاً بـهـن رواء رماجــر من قعقاعـِه وحُداء لهنّ حـنينٌ دائـمٌ ورغـــاء فلا مسّه من [ ذي ] السحائب ماء (1)
    وقال يرثي جده الحسين عليه السلام ويستنهض المهدي عليه السلام لثاره في الأنام :
قف بالـديـار المـقفـرات فـكـأنـهـن هــشـائم فإذا سـألت فليــس تسـ خرسٍ يخـلن مـن الـسكو عج بالمطـايــا الناحـلا الــدارســات الـفانيـا واسأل عـن القـتلـى الألى شُعثٌ لهم جُـممٌ عــصيـ وعـهــودهـن بعـيـدة لعبت بهـا أدي الشـتات بمرور هوج العاصـفات ـأل غير صمٍ صامتات تِ بهن هام المصغيـات تِ على الرسوم الماحلات ت شبـيهة بالبـاقـيات طرحوا على شطّ الفرات ـن على أكف الماشطات بدهـان ايــدٍ داهـنات

1 ـ عن الديوان.

(258)
نسج الزمان بـهـم سـرا تطوى وتـُمحـى عنـهم فـهم لأيـدٍ كـاســيـا ولـهم أكـفّ ناضــرا ما كـن إلا بـالـعطــا كم ثَمّ مـن مهجٍ ســقيـ والى عصائب سـاريـا غرثـان إلا مـن جـوّى وإذا اســتمـد فـمـن واذا استعان علـى خطو فبكلّ مغلــولِ اليـديـ قـل للألى حـادوا وقد وسروا على شعب الركا نـامت عيونـكم ولـ وظـننتم طـول المدى هيهات إن الضـغـن لا تأمنوا غض النـوا إن السيوف المُــعريا والمـثقلات المعيـيـا والمصميات من المـقا وكأنني بالكمت تـردى وبكل مقـدام علـى الأ بـيلاً بحـوك الرامسـات (1) محـواً بهطـل المعصرات ت تـارة أو مـعـريـات تٌ بيـن صـمٍ يابـسـات يا والـمنايا جـاريــات ـن الحتف للقوم السـرات ت فـي الدآدي عاشـيات (2) عـريـانَ إلا مــن أذاةِ أكف بالعطايـا باخـلات بٍ أو كروب كـارثـات ـن هنـاكَ مفلول الشّباة ضلوا الطريق عن الهداة ئب في الـفلاة بلا حداة ـكن عن عيون ساهرات يمحو القلوب من التِرات توقـده الليـالي بالغداة ظر من قلوب مرصدات ت من السيوف المغمدات ت من الأمـور الهيّنات تل هنّ نفـس المخطئات في الـبسيـطة بالكماة (3) هوال مـرهوب الشذاة

1 ـ الرامسات : الرياح الدوافن للآثار الطامسة لرسوم الديار.
2 ـ الدآدي : جمع الدأدأة وهي آخر ليالي الشهر المظلمة.
3 ـ الكمت جمع الكميت وهو من الخيل أو الابل بين الاشقر والأدهم.


(259)
ومثـقفٍ مثـل الــقــنا أو مـرهــف ساقت إليـ كرهوا الفرار وهم علــى يـطوينَ طـيّ الأتحـميّ وتـيقــّنوا أن الحـيـا ورزيـة للـديـن لـيـ تركـت لـنا منها الشوى يا آل أحـمـد والـذيـ ومنيـتي فـي نـصرهم حتى مـتى أنـتم عـلى وحقـوقكـم دون البريـ وسروبكـم مـذعـورة ووليّكم يضحـى ويمـ يلوى وقـد خـبط الظلا فإذا اشـتكى فالـى قلو قـرمٍ فـلا شبِـعٌ لـه وكـأنـه متـنمــراً والرمح يفتق كلّ نجلاء تهمي نجيعـاً كـاللـغا تؤسـى ولـكن كلـها حتى يعود الـحقّ يقـ ولكم أتى من فـرجةٍ ة أتـى الــمنـية بالـقناة ـه ردىً « شفارُ » المرهفات « أقتـادِ نُـجبٍ » ناجــيات لهــنّ أجـواز الــفـلات ة مـع المـذلّة كـالـمـمات ـست كالـرزايـا الماضيات ومضت بما تـحت الشـواة ـنَ غدا بـحبّهـم نجــاتي أشهى غـليّ مـن الحـيـاة صهوات حـُدبٍ شـامصات ؟ (1) ـة في أكـفٍّ عـاصيـات وأديمــكـم لـلفـاريـات (2) ـسي فـي أمور معضلات مَ على الليـالي المقـمرات بٍ لاهـيـات سـاهيـات إلا بــأرواح الـعــداةِ صقرٌ تشرف مـن عَـلاة كــأردان الـفـــتـاة مِ علـى شـدوق اليعملات (3) أبداً يبـرّح بـالأســاةِ ـظاناً لنـا بعـد السِنـات قد كان يحسـب غيـر آتٍ

1 ـ الشامصات : النافرات.
2 ـ الأديم : الجلد ، الفاريات : الشاقات ، من فرى الاديم أي شقه.
3 ـ اللغام : زبد افواه الابل ، والشدوق : الأفواه.


(260)
يـا صاحبـي فـي يوم عا لا تـسقــِني بـالله فـيـه مـا ذاك يـوماً صــيـّباً وإذا ثـكـلت فـلا تــزر وتنحّ في يــوم المصـيبـة ومتى سمعت فمن عــويـل وتـداوَ مـن حـزنٍ بقـلبـك لا عطـلـت تلـك الحفــائر وسقين من وكـفِ التـحيـة ونـفـحن مـن عبق الجـنا فلقـد طوَيـن شمـوسـنـا شوراء والـحِدب المواتي سوى دموعِ الباكيات فأسمـح لنا بـالصيبـات إلا ديـار الـثـاكـلات عن قلـوبٍ سـاليات للنسـاء المـعولات بالمراثي المحزنـات مـن سلامٍ أو صلاةٍ عن وكيف السارياتِ أريجـه بالـذاكـيات وبدرونا فـي المشكلات (1)
    وقال يرثي الحسين عليه السلام في عاشوراء سنة 429 هـ :
من عذيـرى مـن سَقامٍ وهــمومٍ كـأوار وكـروبٍ ليـتهـنّ وخــطوبٍ معـضلاتٍ شـيبـت مـنـي فـود ورمت في غصني بـان عـني وتـنـاءى وتعـرّيتُ مـن وسقــاني الدهر من فر إن يـوم الـطف يـوم لم أجـد مـنه طبيبـا الــنّار يسـكنّ القـلوبا اليــوم أشـبهن الكـروبا بتن ينسـين الخـطوبا ى ولـم آتِ المشيـبا إليبــس وقـد كان رطيبا كل مَن كـان قريـبا الاحبــاب في الدنيا عزوبا قة من أهـوى ذَنوبا (2) كان للـدين عصيبا

1 ـ عن الديوان.
2 ـ الذنوب بالفتح الدار الكبير.


(261)
لم يدع فـي القلـب مني إنـه يـوم نـحيــبٍ عـطّ تامورك واتـرك واهجر الطيب فلم يترك لـعــن الله رجـالاً سالموا عجـزاً فـلـما في الـمعرّات يـهبـون كلما ليموا علـى عيبهم ركبوا أعوادنا ظـلـما ودعونا فــرأوا مـنا يقطع الحزن ويطـوى بـمطـىٍ لا يـباليـن لا ولا ذقن على البعـد وخيولٍ كـرِئال الـدوّ فأتـتونا بجــموعٍ بوجـوه بعــد إسفا فنشبنـا فيهـم كـر بقلوبٍ لـيس يـعـرفن ولقد كـان طويل الـباع بالضبا ثـم القنا يفـري لا يرى والحربُ تُغلى للمـســرّات نصيـبا فالتزم فيـه النـحــيبا معشراً عـطّوا الجيـوبا (1) لنا عــاشـور طـيـبا أترعوا الدنــيا غُصوبا (2) قدروا شنّـوا الحـروبـا شـمـالاً وجنوبـا ازدادوا عــيــوبــا وما زلـنـا ركــوبـا علـى البعـد مجـيبا في الديـاجيـر السـهوبا علـى الأين الدّءوبـا كــلالاً ولغـوبــا ـدوّ يـهززن الـسبـيبا (3) خـالـها الراءون روبـا (4) رٍ تبـرقعـن الـعطـوبا هاً وما نهـوى الـنـشوبا خفـوقــاً ووجيبا طعّـانــاً ضروبا وريــداً وتـريبا قدرُهـا منـها هيـوبـا

1 ـ عط : شق ، والتامور : غشاء القلب.
2 ـ اترعوا : ملأوا ، والغصوب الظلم.
3 ـ الرئال : فرخ النعام ، والدو : المفازة. والسبيب : شعر عرف الفرس أو اذنيه.
4 ـ الروب : القطع من الليل.


(262)
فجرى مـنّا ومـنهـم وصلينا من حريق كان مرعانا خصيبـاً لم نكـن نألـذف لولا لا ولا تبـصر عيـن طلـبوا أوتار « بَـدر » ورأوا فـي ساحة الـ قد رأيـتـم فأرونـا أو تـقياً لا يـرائـى كلما كـنّا رؤوســاً ما رأيـنا منكم بالحـق وصدوقـاً فإذا فـتّشـته وخليـعـاً خالـياً عن وبعيــداً بمـخازيـ ليت عـوداً من غَشومٍ وبـودّى أن أنّ مَن يأ في غـدٍ ينـضب تيّا ويقـئ البـاردَ السلـال ويعود الخَـلقُ الـرّث والذي أضحى وأمسى آل ياسين ومَن فضـلهم أنتم أمني لدى الحشـر عندم الطّـعن صبيبـا الــطعن والضرب لهيبا فبهـم عـادَ جديــبا جورهم فـينا خطـوبا في ضواحـينا نـدوبا (1) عندنا ظـلمـاً وحوبـا الـطف وقد فات القلـيبا منـكـم فـرداً نجيـبا بتـقـاه أو لـبـيـبـا للــورى كنتم عـجوبا (2) إلا مسـتـريـبـا كــان كـذوبـا مطمع الخـير عـزوبا ـهِ وإن كان نـسيـبا حقّـنا كـان صلـيـبا صـلنا كـان ضريـبا رُ لكـم فــينا نضوبا مَن كـان عبـوبا مــن الأمـر قـشيبا ناكبـاً يـضحـى نكيبا أعـيـا اللـبيـبا إذا كـنت نـخيـبا (3)

1 ـ الندوب هو اثر الجرح.
2 ـ العجوب : جمع العجب وهو العقب أو العجز.
3 ـ النخيب : الخائف.


(263)
انتم كشـّفــتم لـي كم رددتم مخـلباً وبكم « أنـجو » إذاعـو واليـكـم جَـمحـاني وعليـكم صـلواتــي يا سـقـى الله قبـوراً حُـزنَ خير الناس جدّاً لـقـي الله وظـنّ وهـو في الفردوس لمّا بالتـباشــير الـغيوبا عـني حـديداً ونـيوبـاً جلتُ مـوتـاً أن أنوبـا ما حـدا الحادون نـيبـا (2) مـشـهداً لـي ومغـيبا لــكـم زِنّ الـكثـيبا وأباً ضــخماً حسـيبا النـاس أن لاقـى شعـوبا قيل قد حـلّ الجبـوبـا (3)
    وقال يرثي جده الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء سنة 413 :
لك الليـل بعـد الذاهبـين طويلا ودمعٍ إذا حبسـته عـن سـبـيله فياليت أسرابَ الدموع التي جرت أُخال صحيحـاً كـل يومٍ وليلـةٍ كأني وما أحببت أهــوى ممنّعاً فـقل للـذي يبكـي نُؤياً ودِمـنة عداني دمٌ لي طلّ بالطف إن أُرى مصابٌ إذا قابلت بالصبر غر به ورُزءٌ حملت الثقـل مـنه كأنني وجدتم عُداة الـديـن بعـد محمد كأنكم لـم تنـزعـوا بمـكانـه وأيّكـم مـا عـزّ فيـنا بدينـه ؟ ووفـد همـومٍ لـم يردن رحيلا يـعود هتونـاً في الجفون هَطولا أسون كلـيـماً أو شفيـن غليـلا ويأبى الجـوى ألا أكـون علـيلا وأرجو ضنيـنا بالوصـال بخيلا ويندب رسماً بالعـراء مـحمـيلا شجــيّاً أُبـكّـي أربعـاً وطلولا وجدت كثيـري فـي العزاء قليلا مدى الدهر لم أحـمل سواه ثـقيلا الى كلمه في الأقـربيـن سبـيلا خشوعاً مبـيناً في الورى وخمولا وقد عاش دهراً قــبل ذاك ذليلا

2 ) الجمحان : القصد.
3 ـ الجبوب : جمع جب وهو الحفرة.


(264)
فـقل لـبنـي حـربٍ وآل أمـيـّةٍ سـللتم عـلـى آل الـنـبي سيـوفه وقُـدتـم الى مَن قادكم من ضـلالكم ولم تـغدروا إلا بـمن كـان جـده وترضون ضد الحـزم إن كان ملككم نساء رسـول الله عـُقـر ديـاركم فهـنّ بـبوغـاء الـطفـوف أعزةٌ كأنهم نـوار روضٍ هـَـوَت بـه وأنـجمُ لـيلٍ مـا علـون طـوالعاً فأي بـدورٍ ما مـحـين بكـاسفٍ أمن بعـد أن اعطـيتـموه عهودكم رجعـتم عن القصد المبين تناكصاً وقعـقعـتم أبـوابَه تخـتـلـونه فمـا زلـتم حتـى أجـاب نداءكم فـلـما دنا ألـفاكـم فـي كتـائب متى تـك منـها حجزةٌ أو كحجزة فلم يُرَ إلا نـاكثــاً أو مـنكـبّاً وغلا قعـوداً عن لـمام بنصـره وضغن شـغافٍ هـبّ بعد رقاده وبيضاً رقيقات الشـفار صقيـلةً ولا انتم أفرجــتم عن طـريقه عزيزٌ على الثاوي بطيبة أعظـم وكل كريم لا يـــلم بـريـبة يذادون عن ماء الفرات وقد سُقوا الـ رُموا بالردى من حيث لا يحذرونه إذا كنتَ ترضـى ان تكـون قؤولا مُلئن ثُلومـاً فـي الطـلى وفلـولا فأخرجــكـم من واديـيه خيـولا اليكـم لتحـظـوا بالنـجاة رسولا [ بدينـاً ] ودينـاً دنـتمـوه هـزيلا يرجّـعن منكـم لـوعة وعـويـلا سقوا الموت صـرفاً صبيةً وكهولا ريـاحٌ جـنـوباً تـارةً وقـبـولا لأعيـنـنا حـتى هبـطـن أفـولا واي غصـون مـا لـقـين ذبـولا خـفافـاً الى تلـك العهـود عجولا وحُلتـم عن الـحق المنير حـؤولا ومَن لـم يرد خـتلاً أصاب ختولا وأيّ كريم لا يـجيـب سَــؤولا ؟ تطاولـن أقطار الـسباسـب طولا سمعت زُغاءً « مضعفاً » وصهـيلا وإلا قـطوعـاً لـلذمـام حـلولا وإلا جــَبوهـاً بالـردى وخذولا وأفـئدةً ملأى يفـضـنَ ذُحـولا وسمراً طـويلات المتون عُـسولا إليـكـم ولا لـما أراد قـُـفـولا أنبذن على أرض الـطفوف شُكولا فإن سيم قول الفحـش قال جمـيلا ـشهادة مـن مـاء الفرات بديـلاً وغرّوا وكم غـر الـغفول غفـولا


(265)
أيـا يـوم عاشـوراء كم من فجيعة دخلت عـلـى بـياتـهم بمصابهـم نـزعـت شهيــد الله مـا وإنـما قتيــلا وجـدنا بعـده ديـن احمد فلا تبـخسـوا بالجور مَن كان ربّه أُحـبكم آســل النـبـي ولا أرى وقلت لمن يُلحي عـلى شغـفي بكم روَيدكم لا تنـحلـونـي ضـلالكم عليكم سـلام الله عيشـاً ومــيتةً فما زاغ قلبي عن هواكم ، وأخمَصى على الغـُر آل الله كـنت نـزولا ! ألا بئسـما ذاك الـدخول دُخـولا نزعـت يمـيناً أو قـطعت قلـيلا فقيـداً وعـز المسـلمين قـتـيلا برجعِ الـذي نازعتــموه كفيـلا وإن عـذلوني عن هـواي عـديلا وكـم غير ذي نصحٍ يكون عذولا فلن تُرحـلوا مني الـغداةَ ذلـولا وسَفراً تـطيعون النـوى وحلولا فلا زلّ عمـا ترتـضون زلـيلا


(266)
    السيد مرتضى علم الهدى المولود سنة 355 والمتوفى سنة 436.
    هو ذو المجد بن ابو القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن ابراهيم بن الامام موسى الكاظم عليه السلام مفخرة العصور ومعجزة الدهور ، نواحي فضله زاخرة بالعظمة ، فهو إمام الفقه ومؤسس أصوله ، واستاذ الكلام ونابغة الشعر وراوية الحديث وبطل المناظرة والقدوة في اللغة وبه الاسوة في العلوم العربية كلها وهو المرجع في كتاب الله العزيز ، وجماع القول انك لا تجد فضيلة الا وهو ابن بجدتها أضف الى ذلك نسبه الوضاح وأواصره النبوية الشذية ومآثره العلوية وحسبك شاهداً مؤلفاته السائرة مسير الأمثال.
    يلقب بالمرتضى ، والأجل الطاهر ، وذي المجدين ، ولقّب بعلم الهدى سنة 420 وذلك ان الوزير أبا سعيد محمد بن الحسن بن عبد الرحيم مرض في تلك السنة فرأى في منامه امير المؤمنين عليه السلام يقول له :
    قل لعلم الهدى يقرأ عليك حتى تبرأ. فقال : يا أمير المؤمنين ومَن علم الهدى ، فقال علي بن الحسين الموسوي : فكتب اليه فقال رضي الله عنه : الله الله في أمرى فإن قبولي لهذا اللقب شناعة عليّ فقال الوزير : والله ما كتبت اليك إلا ما أمرني به أمير المؤمنين عليه السلام (1).
    وكان يلقب بالثمانين لما كان له من الكتب ثمانون الف مجلد ، ومن القرى ثمانين قرية تجبى اليه ، وكذلك من غيرهما حتى أن مدة عمره كانت ثمانين سنة وثمانية أشهر ، وصنف كتاباً يقال له الثمانون. ومن تصانيفه المشهورة منها الشافي في الامامة لم يصنف مثله في الإمامة وكتاب الشيب والشباب وكتاب
1 ـ ذكره الشهيد في أربعينه.

(267)
الغرر والدرر وله ديوان شعر يزيد على عشرين الف بيت وقد طبع اخيراً في بغداد وقد قيل : لولا الرضي لكان المرتضى أشعر الناس ، ولولا المرتضى لكان الرضي أعلم الناس. قال آية الله العلامة : وبكتبه استفادت الإمامية منذ زمنه رحمه الله الى زماننا هذا وهو سنة 693 وهو ركنهم ومعلّمهم قدس الله روحه وجزاه عن أجداده خيراً. انتهى.
    وذكره الخطيب في تاريخ بغداد واثنى عليه وقال : كتبت عنه وعن جامع الأصول انه عده ابن الأثير من مجددي مذهب الإمامية في رأس المائة الرابعة.
    قال ابن خلكان في وصف علم الهدى : كان نقيب الطالبيين وكان إماماً في علم الكلام والأدب والشعر وهو أخو الشريف الرضي وله تصانيف على مذهب الشيعة ومقالة في أصول الدين وله الكتاب الذي سماه ( الغرر والدرر ) وهي مجالس أملاها تشتمل على فنون من معاني الأب تكلم فيها على النحو واللغة وغير ذلك وهو كتاب ممتع يدل على فضل كثير وتوسع في الاطلاع على العلوم وذكره ابن بسام في أواخر كتاب الذخيرة فقال :
    كان هذا الشريف إمام أئمة العراق اليه فزع علماؤها ومنه أخذ عظماؤها ، صاحب مدارسها وجماع شاردها وأنسها ، ممن سارت أخباره وعرفت به أشعاره وتصانيفه في أحكام المسلمين ممن يشهد انه فرع تلك الأصول ومن ذلك البيت الجليل ، وأورد له عدة مقاطيع. اقول وأمه هي فاطمة بنت الحسين ابن احمد بن الحسن بن الناصر الاصم وهو ابو محمد الحسن بن علي بن عمر الأشرف ابن علي بن أبي طالب وهي ام اخيه ابي الحسن الرضي.
    حكي عن القاضي التنوخي صاحب السيد المرتضى انه قال : إن مولد السيد سنة 355 وخلف بعد وفاته ثمانين الف مجلد من مقررآته ومصنفاته ومحفوظاته ومن الأموال والأملاك ما يتجاوز عن الوصف ، وصنف كتاباً


(268)
يقال له الثمانين وخلّف من كل شيء ثمانين وعمّر احدى وثمانين سنة من أجل ذلك سمي الثمانيني وبلغ في العلم وغيره مرتبة عظيمة قُلّد نقابة الشرفاء شرقاً وغرباً وإمارة الحاج والحرمين والنظر في المظالم وقضاء القضاء وبلغ على ذلك ثلاثين سنة. انتهى.
    وفي أمل الآمل مولده في رجب وتوفي في شهر ربيع الأول ، وفي روضات الجنات لخمس بقين منه وذكر قسماً من مؤلفاته ومنها : التنزيه في عصمة الأنبياء ، الرسالة الباهرة في العترة الطاهرة ، إنقاد البشر من القضاء والقدر وقال :
    وذكره الشيخ في الفهرست واثنى عليه وذكر من مؤلفاته ثمانياً وثلاثين وكذلك النجاشي والعلامة.
    وقال صاحب روضات الجنات : كان الشريف المرتضى أوحد أهل زمانه فضلا وعلما وكلاماً وحديثاً وشعراً وخطابة وجاها وكرماً الى غير ذلك. قرأ هو وأخوه الرضى على ابن نباتة صاحب الخطب وهما طفلان ، ثم قرأ كلاهما على الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان قدس سره وكان المفيد رأى في منامه أن فاطمة الزهراء عليها السلام دخلت عليه وهو في مسجده بالكرخ ومعها ولدها الحسن والحسين عليهما السلام وهما صغيران فسلّمتهما اليه وقالت : علّمهما الفقه ، فانتبه الشيخ وتعجب من ذلك فلما تعالى النهار في صبيحة تلك الليلة التي رأى فيها الرؤيا دخلت عليه المسجد فاطمة بنت الناصر وحولها جواريها وبين يديها ابناها علي المرتضى ومحمد الرضي صغيرين فقام اليهما وسلّم عليهما فقالت له : ايها الشيخ هذان ولداي قد أحضرتهما اليك لتعلمهما الفقه فبكى الشيخ وقصّ عليه المنام وتولى تعليمهما وأنعم الله عليهما وفتح الله لهما من أبواب العلوم والفضائل ما اشتهر عنهما في آفاق الدنيا وهو باق ما بقي الدهر.
    وكان رحمه الله نحيف الجسم حسن الصورة كما في روضات الجنات وقال :


(269)
كانت وفاته رحمه الله لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وأربعمائة وصلى عليه ابنه ابو جعفر محمد ، وتولى غسله أبو الحسين أحمد بن الحسين النجاشي ومعه الشريف ابو يعلى محمد بن جعفر الجعفري وسلار بن عبد العزيز الديلمي ودفن أولا في داره ثم نقل الى جوار جده الحسين ودفن في مشهده المقدس مع أبيه وأخيه وقبورهم ظاهرة مشهورة.
    وقال سيدنا العلامة الطباطبائي في كتابه ( الفوائد الرجالية ) عند ذكره للسيد المرتضي بعد التعظيم له. وفي زهر الرياض للحسين بن علي بن شدقم الحسيني المدني صاحب مسائل شيخنا البهائي قال : وبلغني ان بعض قضاة الاروام وأظنه سنة 942 نبش قبره فرأه كما هو لم تغيّر الأرض منه شيئاً وحكى مَن رأه أن أثر الحِنّاء في يديه ولحيته وقد قيل ان الارض لا تغيّر أجساد الصالحين.
    قلت والظاهر أن قبر السيد وقبر أبيه وأخيه في المحل المعروف بإبراهيم المجاب وكان ابراهيم هذا هو جد المرتضى وحفيد الإمام موسى عليه السلام ، وصاحب أبي السرايا الذي ملك اليمن والله أعلم. أنتهى.
    قال يذكر جده الحسين عليه السلام ومن قتل معه :
يا دارُ دارَ الـصَـوم الـقُوّم عـهدي بهـا يرتع سكـّانُها لم يُصبحوا فيها ولم يغـبُقوا بكـيتـها من أدمُعٍ لو أبَـت وعُجت فيـها راثيـاً أهلـها نَحَلـن حتـّى حالهنّ السُرى لم يـدعِ الإسآدُ هـامـاتها يا صاحبي يوم أزالَ الجَوى كيف خلا أفقك من أنجم في ظلّ عيشٍ بينها أنعَم إلا بـكأسى خمرَة الأنعَم بكيتـها واقعـة مـن دم سَواهم الأوصال والمَطلم بعض بقايا شَطَـنٍ مُبرَم إلا سقيطاتٍ على المَنسٍم لحمى بخّدى عن الأعظم


(270)
« داويت » مـا أنـت به عالمٌ ولستُ فيـما أنا صـَبّ بـه ، وَجدى بغيـر الـظن سـيّارةً ولا بلفـّاء هضـيـم الحشـا فاسمع زفيرى عند ذكر الأُلى طَرحـى فإمّـا مقعَص بالقنا نَثرٌ كـدُرٍ بَـدَدٍ مُـهـمَـلٌ كأنّمـا الغـَبراء مـَرميـّة دُعـوا فـجاءوا كَرَماً منهم حـتى رأوها أخريات الدجى كأنـهم بالصّـم مطـرورة وفوقها كـلّ مغَيظ الحشـا كأنه مـن حَـنَقٍ أجــدَلٌ فاستقبـلوا الطعـنَ إلى فتيَةٍ من كلّ نهّاضٍ بثقـل الأذى ماضٍ لِما أمّ فلو جاد في الـ وكالفٍ بالـحرب لـو أنـه مثلّم الـسيف ومـن دونـه فلم يـزالوا يُكرعـون الظبا فمثخَـنٌ يـحملُ شهـّاقـة كأنمـا الوَرس بهـا سائل ومستـزلّ بالقنـا عن قَرا لو لم يكيدوهـم بهـا كيدة فاقتضبت بالبيض أرواحهم مصيبةٌ سيقت إلـى أحمـدٍ ودائي المـعضل لـم تـعلـم مَن قَرَن السـالـيَ بالمُغـرَم ؟ من مَخرِم نـاء إلـى مـَخرم ولا بذات الـجيد والـمعـصَم بالطــفّ بين الذئب والقشعم أو سـائل النفـس على مخذَم لغفلة السـلك فلــم يـُنظَـم من قبل الخـضراء بالأنجـُم كم غـرّ قومـاً قَـسَم المُقسم طوالـعاً مـن رَهـَجٍ أقتـَم لمنجـد الأرض على مُتهِـم مُكـتَحل الطرف بلون الـدم أرشـده الحرص إلى مَطعـم خوّاض بحـرالحذر المفعَـم موكـّل الكاهل بالمُـعـظـَم ـهيجـاء بالحوباء لم يَـندم أُطعم يوم السّلـم لـم يطـعمِ عرض صحـيح الحد لم يثلم بين تراقي الـفـارس المُعلم تحكى لراءِ فُــغرةَ الاعلـم أو أنبتت من قُـضُبِ العَـندَم عبل الشوى أو عن مَطا أدهم لانقلبوا بـالخزى والـمرغم في ظل ذاك العارض الأسحم ورَهطِهِ فــي الملأ الاعظم
ادب الطف ـ المجلد الثاني ::: فهرس