أدَبُ الطّفّ ـ المجلد الثالث ::: 61 ـ 75
(61)
أمر الفتوى بها وذكره العماد الاصفهاني في كتاب الخريدة. اقول ثم ذكر له قطعاً شعرية مستملحة.
    قال الشيخ القمي في الكنى : وقد يطلق الحصكفي على علاء الدين محمد بن علي بن محمد الحصكفي الدمشقي العالم المحدث النحوي كان يدرس ويفتي بدمشق وله شرح على المنار للنسفي وشرح على ملتقى الابحر في الفروع الخفية لابراهيم الحلبي المتوفي سنة 956 وغير ذلك توفي سنة 1088 انتهى.
    وقال ابن الجوزي في المنتظم : هو إمام فاضل في علوم شتى وكان يفتى ويقول الشعر اللطيف والرسائل المعجبة المليحة الصناعة وكان ينسب الى الغلو في التشيّع ومن لطيف قوله :
جدّ ففي جدّك الكمال فما تنال المراد حتى والهزل مثل اسمه هزال يكون معكوس مـا تنال
    وقوله :
أي لا تنام                
اذا قلّ ما لي لم تجدني ضارعا ولا بطـراً إن جـدد الله نعمة كثير الاسى مغرىً بعضِّ الانامل ولو أنّ ما آوى جمـيع الانام لي
    قال السمعاني في الانساب ص 184 :
    الحَصكفي بفتح الحاء المهملة وسكون الصاد المهملة وفتح الكاف وفي آخرها الفاء ، هذه النسبة إلى ( حصن كيفا ) وهي مدينة من ديار بكر ويقال لها بالعجمية حصن كيبا ، والمشهور بالنسبة إليها أبوالفضل يحيى بن سلامة بن الحسين بن محمد الحصكفي الخطيب بميافارقين أحد أفاضل الدنيا ، وكان إماماً بارعاً في قول الشعر جواد الطبع رقيق القول ، اشتهر ذكره في الآفاق بالنظم والنثر والخطب ، وعمرّ العمر الطويل ، وكان غالياً في التشيع ويظهر ذلك في شعره ، كتب إليّ الإجازة بجميع مسموعاته بخطه في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة ، وروى لى عنه أبو عبدالرحمن عسكر بن أسامة النصيبي ببغداد وأبو الحسن علي بن مسعود الإسعردي بالرقة ، وأبو الخير سلامة بن قيصر الضرير بقلعة جعبر ، والخضر بن ثروان الضرير الأديب ببلخ ، وساعد بن


(62)
فضائل المنبجي بنيسابور وغيرهم ، وكانت ولادته في حدود الستين والاربعمائة وتوفي بعد سنة 551 بميافارقين.
    فمن شعره ، كما في المنتظم لابن الجوزي ج 10 ص 187 وفي خريدة القصر ص 490.
حنـت فـاذكـت لوعتـي حنـينا قد عاث في أشخاصها طول السرى فخلَّها تمشـي الـهُويـنا طـالمـا وكيف لا نـأوي لهـا وهـي التي ها قد وجدنـا الـبرَّ بحـراً زاخراً إن كنَّ لا يُفـصحن بالشـكوى لنا قد عذبت لـها دمـوعـي لم تبت وقد تيـاسـرتَ بـهنَّ جـائـرا تحن اطـلالا عـفـا آيـاتـهـا يقول صحبـي أتـرى آثـارهـم لو لم تجـد ربـوعهـم كـو جدنا ما قدر الحـي علـى سفـك دمي أكـلـمـا لاح لعيـنـي بـارق لا تأخـذوا قـلـبي بـذنب مقلتي ما استترت بـالورق الورقاء كي قد وكلت بـكـل بـاك شجـوه هذا بكاهـا والـقـرين حاضـرٌ أقسمت ما الـروض اذا ما بعثت وأدركت ثـمـاره وعـذبــت وقابلته الشمـس لـما أشـرقت أذكى ولا أحـلى ولا أشهى ولا أشـكو من البـين وتشكـو البينا بقدر مـا عـاث الـفـراق فينا أضحت تبارى الريـح في البرينا بها قطـعنـا السهـل والحزونا فهل وجـدنـا غيـرهـا سفينا فـهـنَّ بـالإرزام يـشتـكيـنا هيماً عطاشا وتـرى الـمعـينا عن الحـمى فاعـدل بـها يمينا تـعـاقـب الايـام والسـنـينا نعم ولكـن لا تـرى القـطـينا للبيـن لـم تـبل كـما بَـليـنا لو لم تكـن أسـيافـهم عـيونا بكت فابـدت سـرّي الـمصونا وعـاقـبوا الخـائن لا الأمـينا تصـدق لـما علـت الغصـونا تعـيـنه إذ عـدم الـمعــيـنا فكـيف مـن قد فـارق القـرينا أرجاؤه الخـيري والـنـسـرينا أنـهـاره وأبـدت الـمكـنـونا وانقـطـعت أفـنـانه فـنـونا أبهى ولا أوفـى بعيـنـي لـينا


(63)
مـن نشـرها وثغـرهـا ووجـهها يا خـائفـا علي أسـباب العـدى إني جعـلتُ في الـخطوب موئلي أحببتُ ياسـين وطـاسـين ومن سـر النـجاة والـمنـاجـاة لمن وظن بـي الاعـداء إذ مـدحتهم يا ويحـهم ومـا الـذي يريـبهم رفد مديـح قـدر وافـى رافـد وإنما أطــلب رفـداً بـاقــياً يا تائهيـن فـي أضـاليل الهوى تـجاهـكم دار الـسلام فـابتغوا لجـوامـعي الـباب وقولوا حطة ذروا العـنا فـان أصحاب العبا ديـني الـولاء لست أبغى غيره هما طـريـقان فامـا شـأمـة سجنكـم سجّـين إن لـم تتبعوا وقدّهـا فاستـمـع اليـقـينا أما عرفتَ حِصنـي الحصينا مـحمـداً والانـزع البـطينا يـلوم فـي ياسيـن أوطاسينا أوى الى الفـلك وطـور سينا ما لم أكـن بمـثلـه قمـيـنا مني حتى رجمـوا الـظـنونا فـلم يجنـوا ذلك الــجنـونا يوم يكون غيـري الـمغـبونا وعن سـبيل الرشـد ناكبيـنا في نهجـها جبـريلـها الأمينا تغفـر لنـا الـذنـوب أجمعينا هم النـبا إن شئـتم التبيـيـنا ديناً وحسـبي بالـولاء ديـنا أو فالـيميـن ( فاسلكوا ) اليمينا عَلـينا دلـيـل عِلـيــيـنا
    قال العماد الاصفهاني في الخريدة : وأنشدني الفقيه عبدالوهاب الدمشقي الحنفي ببغداد سنة خمسين وخمسمائة قال : أنشدني الخطيب يحيى بن سلامة بميافارقين لنفسه من قصيدة شيعية شائعة ، رائقة رائعة ، أولها :
حنّت فأذكت لوعتي حنينا أشكو من البَين وتشكو البَينا
    ومنها في مدح أهل البيت عليهم السلام. أقول وذكر أربعة أبيات ثم أورد أكثرها في آخر الترجمة وذكر له من الشعر والنثر شيئاً كثيراً.
    وكتب الى ابي محمد الحسن بن سلامة يعزيه عن أبيه أبي نصر :
لما نعى الـناعي أبـا نصر وجرت دموع العين ساجمة سدَّت عليَّ مطالع الصبرِ منهـلة كتتابـع القـطر


(64)
ولزمـت قلـباً كـاد يلـفـظه ولّى فأضحى العصر في عطل حفروا له قـبراً ومـا علـموا ما أفردوا في الترب وانصرفوا تطويه حـفرتـه فـيـنشـره يـبديـه لـي حُـّباً تـذكـره تبـَّاً لـدار كلـها غـصـص تنـسي مـرارتهـا حلاوتـها صدري لفرقة ذلك الصدر منه وكـان قـلادة العصر ما خلّفوا فـي ذلك القـبر إلا فريد النـاس والـدهر في كل وقت طيب النشـر حتـى أخطـاه وما أدري تأتي الوصال بنـية الهجر وتكرُّ بعد العـرف بالـنكر
    وللخطيب المذكور الخطب المليحة والرسائل المنتفاة ولم يزل على رياسته وجلالته وإفادته إلى أن توفي سنة احدى وقيل ثلاث وخمسين وخمسمائة ، وكانت ولادته في حدود سنة ستين واربعمائة رحمه الله تعالى.
    قال العماد الاصبهاني في حقه : كان علامة الزمان في علمه ، ومعرّي العصر في نثره ونظمه ، له الترصيع البديع ، والتجنيس النفيس ، والتطبيق والتحقيق ، واللفظ الجزل الرقيق ، والمعنى السهل العميق ، والتقسيم المستقيم ، والفضل السائر المقيم.
    ثم قال العماد بعد كثرة الثناء عليه وتعداد محاسنه : وكنت أحبّ لقاءه وأحدث نفسي عند وصولي إلى الموصل بالاتصال به ، وأنا شغف بالاستفادة كلف بمجالسة الفضلاء للاستزادة ، فعاق دون لقائه بعد الشقة وضعفي عن تحمل المشقة. ثم ذكر له عدة مقاطيع منها.
والله لو كانت الـدنيـا بأجمعها ما كان من حق حرٍّ أن يذلَّ لها تُبقي علينا ويأتي رزقها رغدا فكيف وهي متاع يضمحلُّ غدا
    ثم قال العماد الاصبهاني وانشدني له بعض الفضلاء ببغداد خمسة أبيات كالخمسة السيارات مستحسنات مطبوعات مصنوعات وهي :


(65)
اشكو الى الله مـن ناريـن : واحدة ومن سقامين : سـقم قـد أحلّ دمي ومن نمومين : دمـعي حـين أذكره ومن ضعيفين : صبري حين أذكره مهفهف رق حتـى قلت من عجب في وجنتيه ، وأخرى منه في كبدي من الجفون وسـقم حلَّ في جسدي يذيع سـري ، وواشٍ مـنه بالرصد ووده ويراه النـاس طـوع يـدي أخصره خنصري أم جلـده جلدي
    ومن مليح شعره أبيات في هجو مغن رديء وهي :
ومـسـمـع غـنـاؤه شهدتـه فـي عـصبة أبصـرتـه فـلم تخب وقـلت : مَـن ذا وجهه ورمـتُ أن أروح للـ فقـلـت مـن بـينهم ويـوم سـلع لـم يكن فانشـال منه حـاجب وامـتلأ المجلـس من أوقـع إذ وقّع في الأ وقـال لـما قال من وما اكتفى باللحن والتـ هذا وكم تكـشخنَ الو يوهـم زمـراً انـه وصـاح صوتاً نافراً ومـا درى محضره فـذا يسـدّ أنـفـه ومـنهـمو جمـاعة يـبـدل بالفـقر الغنى رضـيـتهم لي قـرنا فـراسـتي لـما دنـا كيـف يكـون محسنا ـظن به ممـتـحـنا هات أخى غَـنَّ لـنا يومي بسـلع هــينا وحاجب منه انحـنى فيه نسيـما مـنـتنا نفس اسبـاب العنا يسمع في ظـل الغنا ـخليط حتى لـحـنا غد وكـم تـقـرننا قطعـه ودنــدنـا يخرج من حـدِّ البنا ماذا على القوم جنى وذا يـسـد الاذنـا تستر عـنه الاعينا


(66)
فاغتظـت حتى كدت من وقـلت يـا قـوم اسمعوا أقـسـمت لا أجلـس أو جرُوا بـرجل الـكلب إن قـالـوا لـقـد رحـمتنا فحزت فــي اخـراجه وحـين ولـى شخـصه الحــمـد لله الــذي غيظي أبث الشجنا إما المغنـي أو أنا يخرج هذا من هنا السقم هـذا والضنا وزلت عنـا المحنا راحة نفسـي والثنا قرأتُ فيهـم معلنا أذهب عنـا الحزنا
    ولم اسمع مع كثرة ما قيل في هذا الباب مثل هذا المقطوع في هذا المعنى وللخطيب المذكور ايضاً في هذا المعنى وهو :
ومسمع قـوله بالكره مسموعُ غنَّى فبرَّق عينيه وحرك لحييه وقطَّع الشـعر حتى ودّ اكثرنا لم يأتِ دعـوة أقـوام بأمرهم محجّب عن بيوت الناس ممنوعُ فقلنا الفتى لا شك مصروع أن اللسان الـذي في فيه مقطوع ولا مضى قَطُّ إلا وهو مصفوع
    قال العماد الاصبهاني : وله بيتان كأنهما درَّتان او كوكبان دريان و هما :
ما لطرفي وما لذا السهر الدا هجرتني وفاز بالوصل أقوا ثم فيه و ما لليلي ولَيلي مٌ فطوبى لواصليها وويلي
    قال : وأنشدني بعض الاصدقاء له من أول كلمة.
هل من سبيل إلى ريق المريق دمي فليس يشفي سوى ذاك السّلمي ألمي
    وله من قصيدة :
جلَّ مَن صوَّر من ماءٍ مَهين وأرانا قُضُبـاًُ فـي كثبٍ صوراً تسبي قلوب العـالمين تخجلُ الاغصان في قدٍّ ولين


(67)
وله :
مَن كان مـرتـدياً بالـعقل متزراً فقد حوى شرف الدنيا وإن صَفِرت هو الغنيّ وِإن لـم يـمس ذا نشبٍ بالعـلم ملتفعـاً بالـفضل والأدب كفَّاه من فضـة فـيها ومن ذهب وهو النسيب وإن لم يمس ذا نسب
    وله :
غريق الذنـوب أسير الخطايا تَـغـرُّ وتـعطي ولكنـها وفـي كـل يوم تُسرِّي اليك أما وعظـتـك بـأحـدثها ترى الـمرء في أسر آفاتها وإطلاقه حيـن تـرثـي له ويا راحلاً وهو ينوي المقام تنبَّه فـدنـيـاك أمُّ امـدنـايا مكدِّرة تــستـردُّ الـعـطايا داءً فجـسمـك نهـب الرزايا وما فعلت بـجـمـيع الـبرايا حبيساً على الهمَّ نصب الرزايا وحسبك ذا أن تـلاقـي المنايا تـزوَّد فـان الليـالي مطـايا
    ومن شعره ما كتبه الى كمال الدين الشهرزوري بالموصل مشتملة على معاني أهل التصوف ـ كما في الخريدة :
أداروا الهوى صِرفاً فغادرهم صرعى وما عـلـموا أن ألهـوى لـو تكلّفوا ولمـا اسـتلذوا مـوتـهم بـعذابـه إذا فـقدوا بـعض الـغرام تـولّهوا وقد دفعوا عن وجـدهـم كل سـلوةٍ وطاب لهم وقـع السـهام فـما جلواً فكيف يـعدّ الـلوم نصـحاً لديـهم فلما صحوا من سكرهم شربوا الدمعا محبة أهليـه لصـار لـهم طبـعـا وعيشهم في عدمـه سـألوا الرُجعى كأنّ الهوى سنَّ الغـرام لـهم شرعا ولو وجدته ما أطـاقـت لـه دفـعا لصائبها بيـضاً ولا نسَجـوا درعـا إذ كان ضُـرُّ الحـبَّ عنـدهـم نفعا


(68)
ومنها :
خلا الربـع مـن أحبابهـم وقلـوبهم سل الـورق عـن يـوم الفراق فإنه إذا صدحـت فـاعـلم بأن كـبُودها وذاك بـأن البيــن بـان بـإلفـها وأهل الهوى إن صافحتهم يـد النوى رعى وسقى الله القلوب التـي رعت وحيَّاً وأحيا أنفساً أحيـت الـنهــى سحائب إن شيمت عن الموصل التي أوائلها من شـهرزور إذا اعتـزت وجدت الحيا عـنها بنـجـعة غيره ونلنا به وتـر الـعطـاء وشـفعه ملاءٌ بهم فالربـع مـن سأل الربعا بأيسر خطب منه علّـمهـا السجعا مؤرثّة غــماً تكـابـده صـدعى وكيف ينال الوصل من وجد القطعا رأوا نهيـها أمـراً وتفريـقها جمعا فأسقت بما ألقت وأخرجت المرعى وحيت فاحيتنـا منـاقبـها سـمعاً بها حلَّت الانـواء أحسنـت الصنعا جزى الله بالخير الأراكـة والفرعا فأعقـبـنا ريّـا وأحسـبنا شـبعا كأنا أقمنا نـحوه الوتـر والشـفعا
    وللحصكفي من قصيدة :
أتـرى علـموا لمـا رحلوا خدعـوا بالمين قتيـل البـ وبسمعي ثـوّرَ حـاديهـم فمتى وصلوا حتـى قطعوا قد زاد جنون النفـس بمن إن قـام أقـام قـيامـتها كقضيب البان وفي الاجفا أشكوا زمنـاً أولـى محناً العلم يهان وليـس يصـا ماذا فعـلوا أم مـن قتلوا ـين فدمـع العين لهم ذللُ وبعيني قـربـت الـبزل ومتى سمـحوا حتى بخلوا للعـقل محاسنـه عـقل أو جال فجولتـه الأجـل ن مـن الغـزلان له مثل وجنى حزناً فعفـت سُبُل ن فاي لسانٍ يـرتـجلُ
وفي سير النبلاء قال : العلامة الامام الخطيب ذو الفنون معين الدين ابوالفضل


(69)
يحيى بن سلامه بن حسين بن أبي محمد عبدالله الديار بكري قال العماد الاصبهاني وله من قصيدة قصد فيها التجنيس الظريف :
ألبَّ داعـي الهـوى وهناً فلبّاها تلت علينا ثنايـاها سطور هوىً وعرفتنا معانيـها الـتي بهرت عفتُ الأثام وما تحت اللثام لها يا طالبَ الحب مهلا إن مطلبه ولا تمنَّ أموراً غبَّـها عطـبٌ فأنفع العدد التقـوى وأرفعـها قلب أتاها ولـولا ذكـرها تـاها لم ننسـها مـذ وعيناها وعيناها سبل الـغرام فهـمنا إذ فهمناها وما استبحتُ حمـاهابل ِحميّاها ينسي بأكثـره اللاهـي بـه الله فـربّ نـفسٍ مناها في مناياها لأنفس إن وضعـناها أضعناها
    وفي اعيان الشيعة قال :
    وكان بمدينة آمد شابان بينهما مودة أكيدة ومعاشرة كثيرة ، فركب أحدهما ظاهر البلد وطرد فرسه فتقنطر فمات وقعد الآخر يستعمل الشراب فشرق فمات في ذلك النهار فعمل فيهما بعض الادباء :
تقاسما العيش صفوا والردى كدراً وحافظا الود حتـى فـي حمامها وما عهدنا المنايا قط تقتسم وقلما في المنايا تحفظ الذمم
    فقال المترجم له :
بنفسي أخـيّان من آمـدٍ فهذا كميتٌ من الصافنات أصيـبا بيوم شـديد الاذاة وهاذا كميت من الصافيات
    ومما نسب اليه ويقال انها للمرزوقي قال ابن شهراشوب في المناقب : المرزوقي ويقال للحصكفي :
يا ربِّ القدم التي أوطأتها من قاب قوسين المحلَّ الاعظما


(70)
وبحرمة القدم التي جعلت لها اجعلهما ربي الـيك وسيلتي كتفُ المؤيّد بالرسـالة سُـلما في يوم حشر أن ازور جهنما
    اقول وانا أروي هذا الشعر وبعد البيتين الأولين :
ثبّت على متن الصراط تكرماً واجعلهما ذخري فمن كانا له قدمي وكن لي محسنا ومكرِّما أمِنَ العذاب ولا يخاف جهنما
    وقوله ملغزاً في نعش :
أتعرف شيئاً فـي السمـاء نظيره فتلقاه مركـوباً وتـلـقاه راكـباً يحض على التقـوى ويكره قربه ولم يستزر عن رغبة فـي زيارة اذا سار صاح الناس حيث يسير وكـل أميـر يعتليـه أسـيـر وتنفر منه النفس وهـو نذيـر ولكن على رغـم المزور يزور
    وله :
يا بن ياسين وطاسين يا بن من أنزل فـيه وحاميـم ونـونـا السابقون السابقونا


(71)
    أبو محمد الحسن بن علي بن الزبير يرثي الحسين عليه السلام ويمدح الملك الصالح بن رزِّيك سنة 553.
أعلمـتَ حــين تـجاور الحيـانِ وعرفتَ أن صدور ناقـد أصبحت وعيوننـا عـوض العيـون أمدَّها ما الوخـدُ هـزَّ قبابـهم بل هزَّها وتراه يكره أن يـرى أضـعانـهم وبمهـجـتي قمـر إذا ما لاح للـ قد ابان للـعـشـاق أن قـوامـه وأراك غصناً في النعيـم يميـل إذ للرمح نَـصـلٌ واحـدٌ ولـقـدَّه والسيف ليـس له سوى جفنٍ وقد والسهم تكفي القوسُ فيه وقد غدا ولرُبَّ ليل خلتُ خـاطـفَ برقه كالمايل الوسنان من طول السرى أنَّ القـلوب مـواقـدُ النـيران في القوم وهي مرابض الغزلان ما غـادروا فيهـا من الغدران قلبي لما فيـه مـن الـخفقـان فكأنما أضحـت مـن الاضغان ـساري تضاءَلَ دونه القمـران سرقت شمائِلـهُ غصـون البان غصن الأراك يميل فـي نعمان (1) من ناظريه إذا رنـا نـصـلان اضحـى لـصارم طرفـه جفـنان من حاجبيه للحظه قوسان نـاراً تلـفـّعُ للدجـى بدخـان جـوزاؤه والراقـصِ السـكران

1 ـ نعمان : واد وراء عرفة.

(72)
ما بان فـيه مـن ثـريـاه سـوى وترى المـجرَّة فـي النـجوم كأنما لو لم تـكن نـهراً لـما عـامت به نادمت فـيه الـفرقـديـن كأنـني وترفَّعت هِممي فما أرضـى سوى وأنفتُ حين فجـعتُ بالأحبـاب أن وهجرت قُوماً مـا استجاز سواهم إلا الأولى نـزل الحسيـنُ بدارهم فجنـوا عـلى الإسلام والإيمان إذ جعـلوا الجـفان المترعات لغيره وسقوه إذ منـعوا الشـريعة بعدما حتى لقد ورد الحـمام على الظما لا الديـن راعـوه ولا فعـلوا به تالله مـا نقـضوا هـناك بقـتله فثوى وآل المصـطفى من حوله نزلوا على حكم السيوف وقد أبوا وتخيروا عز المـمـات وفارقوا يا لهفتي لمصرعّيـن قـبورهـم بزّت سوابـغ عنـهم وتمزقـت وأنيخ في تـلك الـقفار حمامهم إن لم تجن جسومهم فـي تربها كم روح ثاوٍ منهم قد أصـبحت إعـجامها والـدال فـي الدبران (1) تسقي الـريـاض بجـدول ملآن أبداً نجـوم الحـوت والسـرطان ـ دون الورى ـ وجذيمة أخوان (2) شهبِ الدجـى عِوضاً من الخلان ألهـو عـن الإخـوان بالـخوَّان قدماً قـرى الضيفـان بالـذيفان واختـار أرضهـم علـى البلدان أجنوه مـرَّ جنـاً مـن الـمران وقروه مـا سلـِّوا مـن الاجفان رفضوا الشريعة مـاء كان يمان أكـرم بـه مـن وارد ظـمآن ما يفـعل الجـيران بـالجيران الايمان بل نقضوا عرى الإيمان يكبون لـلجـبـهات والأذقان في الله حكـم بـني أبـي سفيان فـيـه حـياة مـذلـة وهـوان ـ في كربلاء ـ حواصل العقبان أشلاؤهـم بسـواغـب الـذؤبان فأتيح لحـم اللـيث للسـرحـان فلأنها اعتاضـت بخـير جـنان تختال فـي روح وفـي ريـحان

1 ـ الدبران : منزل للقمر.
2 ـ كان جذيمة الابرش ملك الحيرة لا ينادم الا الفرقدين تكبراً عن منادمة الناس.


(73)
ما ضرّهم والخـلد مـن أوطـانـهم ولقد دنـا بهم الـتقى مـن ربـهـم وأتى الـيهم قـومهـم مـا لـم يكن لم يـتركـوا لـهـم قتيـلاً واحـداً حتـى غـدت لمـسامـع الاطفال فو عجباً لـهم نقـلـوا رؤسـهم وقـد وتفرقوا في بـغضهـم فـرقاً وهـم الجـاهليـة قبـلـهم لـم يـغـدروا أيخـاف آل محـمـد فـي أمــة ومحمـد فـي قـومـه مـع كفرهم فالمـشركـون أخف جرمـاً منـهم ومـن العـجائـب انـهم عدّوا الذي ورجوا به الزلفى كما زعموا ونَـ واحـق مـن خـابـت مطامع جهله أبـني أمـية خـاب مـؤتـم بـكم سقطـت غـداة وليـتـموها جهزة وغدت أمـارتـكم دمـاراً يـستعاذ لو كـان فـي عصـر ملكتم أمره الصالح المردى الجـبابـرة الأولى ومبيد أحـزاب النـفاق بـصارم لأذال أهل الحـق مـن طلـقائكم ولأصبح المخـتار مـعدودا لـه ما مالك النـخعـى فـي أفـعاله كـلا ولا قيـس يـقاس بـه إذا أذ أزعجـوا كـرهـاً عن الاوطان ونـأت رؤسـهـم عـن الابـدان يأتيـه اهـل الــكفر والطـغيان إلا له رأس بـــرأس ســنـان ق السمر اخـراصٌ من الخرصان نقلوا فـضائلهـم عـن الـقـرآن يروون معجزهـم عـن الـفرقان بهم وكـانـوا عابـدي أوثــان شهدت له بالـصدق والـبرهـان لما يـزل فـي مـنعـة وأمـان وأشف يوم الحشـر فـي الميزان فـعلوه قربـانـاً من الـقربـان ـيل ألمن عند الـواحـد الـمنان من يرتجي الغفـران بـالـكفران فيما مضى من سـالـف الازمان بالغصب هـاء خلافـة الـرحمان الله إن ذكــرت مـن الـشيطان وقضيتـم بالـجــور والعـدوان قدماً عشـوا في الـبغى والعصيان هو في الحروب وعـزمـه سـيان بـشـبا سنـان قـاطع ولـسـان في جملـة الاتــبـاع والاعـوان أبداً كذا الملـك الـعـظـيم الـشان ما عـد فـي الحـلمـاء والـشجعان


(74)
ان فـاتـه بالـطف يـومٌ أوَّلُ لولاه اذ بـسـط العدى أيديهم والخيل تعلم فـي الكريهة أنـه عجباً لجود يديـه إذ يبني العُلى وَلَنار فطنته تريـك لشـعـره وعقود دُرٍ لو تـجسّـم لـفظها وتنزهت عـن أن ترى أفرادُها من كل رائقة الجمال زهت بها سيارة فـي الأرض لا تعـتاقها يا منعماً مـا للثنـاء ولـو غلا قلَّدت أعـناق الـبريـة كـلَّها حق تساوى الناس فيك واصبح ورحمت أهل العجز منهم مثلما فلـه بنـصر القـصر يوم ثان لم يـثـنهـا عـن أهله يد ثان إن شاء أثكلـها عـلى الفرسان والسيل يهدم شـامـخ البنيـان عذباً يـروي غُلَّـةَ العطشـان ما رُصعت إلا عـلى الـتيجان بمواضـع الاقراط فـي الآذان بين القـصائد غُـرَّة السـلطان في سيرها قَـيـدٌ مـن الاوزان يوماً بما تـولــي يـداه يدان مننا تـحمل ثقلـهـا الـثقلان القاصي بمنزلة القـريب الداني أصبحـت تغفر للمسيء الجاني
    ومنها يحثه على قصد شام الفرنج
يا كاسر الأصنام قم فانهض بنا فالشام ملكك قـد ورثـت تراثه فإذا شـككت بأنـها أوطانـهم أورمت أن تتلو محاسن ذكرهم حتى تصير مكسِّر الصُـلبان عن قومك الماضين مـن غسان قدماً فسل عن حادث الجـولان (1) فاسنـد روايـتها إلـى حسـّان
    ومنها في وصف الزلزلة
ما زلزلت ارض العدا بل ذاك ما وأقـول إن حصونهم سجدت لما بقلـوب أهلـيها من الخفقان أوتيت من ملكٍ ومن سلطان

1 ـ اسم اقليم في شمال شرقي الاردن.

(75)
والناس أجـدر بالـسجـود إذا غدا ولقد بعـثت الـى الفـرنـج كتائباً لبسوا الـدروع ولـم نخل من قبلهم وتـيمـموا أرض الـعدو بقـفرة عشرين يوماً فـي الـمغار وليـلة حتـى إذا قطعوا الـجفـار بجحفل أغـريتهم بحـمى الـعدا فجـعلته عجـلت في تلـك الـعجول قراهم لما أبوا ما في الجفان قريتهم وثللـت في يـوم العريش عروشهم ألـجأتهـم للبحـر لمـا أن جرى مدح الورى بالبأس إذ خضبوا الظبا ولأنـت تخـضب كـل بحر زاخر حتى تـرى دمـهم وخضـرة مائة لعـلاك يـسجـد شامـخ البنيان كالاسد حين تصـول فـي خفان أن البـحار تـحل فـي غـدران جـرداء خـاليـة مـن السـكان يسيرون تحت كواكـب الخرصان هو في الـعديـد ورمـله سـيان بسطاك بعـد الـعز دار هـوان ـ وهم لك الضـيفان ـ بالذيفان بصوارم سلت مـن الأجـفـان بشبا ضراب صـادق وطـعان منه ومن دمهـم مـعاً بـحران في يوم حربهـم مـن الأقـران ممن تحـارب بالنجيـع القانـي كشقائق نـثرت عـلى الريحان
    ومنها في وصف الإسطول ونصرته في البحر على الروم :
وكأن بـحـر الـروم حـلّقَ وجهه ولقد أتـى الأسـطول حين غزابما أحبب إلـيَّ بهـا شـواني أصبحت شُبَّهنَ بالغـربـان فـي ألـوانـها أوقرتها عـدد القـتال فقـد غدت فأتـتـك مــوقـرة بسـبيٍ بينه حرب عـوان حكمـتك مـن العدا وأعـدت رسل ابن القسيم اليه في والفال يشهد باسمه أن سوف يغـ وطفـت علـيه منابت المرجان لم يأتِ في حـينٍ مـن الأحيان من فتكها ولـها العـداة شواني وفعلنَ فعل كـواسـر العقـبان فيها القنا عوضاً من الأشطـان أسراهـم مـغـلـولة الأذقـان في كـل بكـر عنـدهم وعوان شعـبان كي يـتلاءم الشـعبان ـدو الشام وهو عليكما قسمان
أدَبُ الطّفّ ـ المجلد الثالث ::: فهرس