أدَبُ الطّفّ ـ المجلد الثالث ::: 76 ـ 90
(76)
    منها في مدح نور الدين :
وأراك مـن بعـد الشـهيد أباً له وهو الذي ما زال يفعل في العدا وجعلته من أقرب الإخوان ما لم يكن ليعدّ في الإمكان
    ومنها في وصف قتله البرنس ويصف رأسه على الرمح بمعنى بديع :
قتل البـرنس ومَـن عسـاه أعانه وأرى الـبريـة حيـن عاد برأسه وتعجبوا من زرقـة فـي طـرفه فليـهـنه أن فـاز مـنك بسيـدٍ قد صاغ من أرماحه لمسامع الـ لما عتـا فـي البغي والعدوان مرَّ الجنَى يبدو علـى الـمرَّان وكأنَّ فوق الرمح نصلاً ثـاني أوفى برتـبته عـلى كيـوان أملاك أقراطـاً من الخرصان


(77)
    الحسن بن علي بن ابراهيم بن الزبير.
    جاء في معجم الادباء : ابو محمد المصري اخو الرشيد احمد بن علي ، من أهل اسوان من غسان. وكان يلقب بالقاضي المهذب ، مات في ربيع الآخر سنة احدى وستين وخمسمائة بمصر ، وكان كاتباً مليح الخط فصيحاً جيد العبارة ، وكان أشعر من أخيه الرشيد ، وكان قد اختص بالصالح بن رزيك (1) وزير المصريين وحصل له من الصالح مال جم.
    وصنف المهذّب كتاب الانساب وهو كتاب كبير اكثر من عشرين مجلداً كل مجلد عشرون كراساً ، رأيت بعضه فوجدته مع تحققي هذا العلم وبحثي عن كتبه غاية في معناه لا مزيد عليه ، يدل على جودة قريحة مؤلفه وكثرة اطلاعه.
    وقال العماد الاصبهاني ،
    المهذب ابو محمد الحسن بن علي بن الزبير.
    هو أخو الرشيد محكم الشعر كالبناء المشيد ، وهو أشعر من أخيه وأعرف بصناعته وإحكام معانيه. توفي قبل أخيه بسنة ، لم يكن في زمانه أشعر منه أحد وله شعر كثير ، ومحل في الفضل أثير. انشدني له نجم الدين
1 ـ تأتي ترجمة الصالح وزير مصر في ايام الفائز الفاطمي والعاضد من بعده والذي استقل في مصر بالامور وتدبير أحوال الدولة ، وكانت ولايته سنة 49 هـ.

(78)
ابن مصال ببعلبك في رمضان سنة سبعين من قصيدة في الصالح بن رزَّيك يعرض بشاعره المعروف بالمفيد (1) :
لقد شك طرفي والركائب جنح أأنت أم الشمس المنيرة أملح
    ومنها في الغزل :
يظلُّ جنى العناب في صحن خده عن الورد ماء النرجس الغض يمسح
    ومنها :
فيا شاعراً قد قال ألف قصيدة ليهنك ـ لاهنئت ـ أن قصائدي ولكنها من بيته ليس تبرح مع النجم تسرى أو مع الريح تسرح
    أنشدني زين الحاج أبو القاسم قال : أرسلني نور الدين إلى مصر في زمان الصالح بن رزيك فلقيت المهذب بن الزبير فانشدني لنفسه :
وشادن ما مثله في الجنان لم أرَ إلا عينه جعبة قد فاق في الحسن جميع الحسان للسيف والنصل وحد السنان
    ووجدت في بعض الكتب له من قصيدة في مدح الصالح طلائع ابن رزيك بمصر :
وتلقى الدهَر منه بليث غابٍ تخال سيوفه إمَّا انتضاها وتحسبُ خيلَهُ عقبان دجنٍ إذا قدحت بجنح الليل أورت وإن جنحت مع الإصباح عدواً كأن الشمس حين تثير نقعاً غدت سمرُ الرماح له عرينا جداولَ والرماحَ لها غصونا يرحن من الظلام ويغتدينا سناً يُعشى عيونَ الناظرينا أثارت للعجاج به دجونا تحاذر من سطاه أن تبينا

1 ـ المفيد هو ابن الصياد احد شعراء طلايع.

(79)
وماكسف بدور الأفق إلا وما اضطربت رماح الخطَّ إلا وما تندقُّ يوم الروع حتى عجبتُ لها تصافح من يديه ويوردها ولا يحظى برأي وهل يشفى لها أبداً غليل إذ لقيت عيون الروم زرقاً وقائع في العداة له تبارى وإرغامٌ به أبكى عيوناً أسىً إذ أبصرت منه الجبينا مخافة أن يحطمها مُبينا يدُقَّ بها الكواهل والمتونا ـ وتوصف بالظما ـ بحراً مَعينا نطافاً من دروع الدار عينا وقد شربت دماء الكافرينا حسبت نصالها تلك العيونا صنائع في العفاة المجتدينا وإنعامٌ أقرَّ به عيونا
    وله فيه قصيدة :
أقصر ـ فديتك ـ عن لومي وعن عَذَلى من كل طرفٍ مريض الجفن تنشدنا إن كان فيه لنا وهو السقيم شفاً إن الذي في جفون البيض إذ نظرت كذاك لم يشتبه في القول لفظهما وقد وقفت على الأطلال أحسبها أبكي على الرسم في رسم الديار فهل وكل بيضاء لو مسّت أناملها يغني عن الدر والياقوت مبسمها بالخد مِنيّ آثار الدموع كما أو لا فخذ لي أماناً من يد (1) المقل ألحاظه « ربَّ رامٍ من بني ثُعل » فربما صحّت الأجسام بالعلل نظير ما في جفون البيض والخلل (2) إلا كما اشتبها في الفعل والعمل جسمي الذي بعدَ بُعدِ الظاعنين بُلى عجبت من طلل يبكي على طلل قميص يوسف يوماً قدَّ من قُبُل لحسنها فلها حَلىٌ من العطل لها على الخدّ آثارٌ من القُبُل

1 ـ في الفوات والطالع السعيد : ظبا.
2 ـ لخلل جمع خلة وهي جفن السيف ، أو بطانة مطرزة بالذهب.


(80)
كأن في سيف سيف الدين من خجل هو الحسام الذي يسمو بحامله إذا بدا عارياً من غمده خلعت وإن تقلد بحراً من أنامله من السيوف التي لاحت بوارقها فجاءنا لبني رُزّيك مُعجزُها تبدو شموساً هُم أقمارُها وترى قد غايرت فيهم السمرَ الرقاق رقا إن عانقوا هذه في يوم معركةٍ وقد لقوا كلَّ من غاروا بمشبهه وضارب الروم رومٌ من سيوفهم وهزَّهم لصهيل الخيل تحت صهيل فالدمُ خمرٌ وأصوات الجياد لهم والخيل قد أطربتها ـ مثلما طربوا ـ من كل أجرد مختالٍ بفارسه وكل سلهبة (4) للريح نسبتها أفارس المسلمين أسمع فلا سميت مقال ناءٍ غريب الدار قد عدم يشكوا مصائب أيام قد اتسعت يرجوك في دفعها بعد الإله وقد وكيف ألقى من الأيام مرزئةً من عزمه ما به من حمرة الخجل زهواًً فيفتك بالأسياف والدول غمدَ الدماء عليه هامةُ البطل رأيت كيف اقتران الرزق بالأجل في أنملٍ هي سحب العارض الهطل بآية لم تكن في الأعصر الأول شهبَ القنا في سماء النقع لم تفل (1) قُ البيض خلف سجوف النقع في الكلل لاحت لهم بتلظي تلك كالشعل حتى لقوا النُجلَ عند العرض بالنُجُل (2) وطاعن العربَ أعرابٌ من الأسل البيض ما هزَّ أعطاف القنا الخطل (3) أصوات معبد في الأهزاج والرمل أفعالهم فهي تمشي مشية الثمل إلى الطعان جريح الصدر والكفل لكنها لو بغتها الريح لم تُنَل عداك غير صليل البيض في القلل الأنصار لولاك لم ينطق ولم يقل فضاق منها عليه أوسع السبل يرجى الجليل لدفع الحادث الجلل جلَّت ولي من بني رزيك كلُّ ولى

1 ـ تفل : تأفل.
2 ـ النجل الاولى : العيون. والثانية ، الطعنات.
3 ـ الخطل : من الخطل ، وهو الاضطراب والتحرك.
4 ـ السلهبة من الخيل ، ما عظم وطال عظامه.


(81)
لولاهم كنت أفري الحادثات اذا وكيف أخلع ثوب الذل حيث كفيل فما تخاف الردى نفسي وكم رضيتٍ إني امرؤ قد قتلت الدهر معرفةً إن يُروِ ماءُ الصبا عودي فقد عجمت تجاوزت بي مدى الأشياخ تجربتي وأول العمر خيرٌ من أواخره دوني الذي ظن اني دونه فله والبدر تعظم في الابصار صورته ما ضرَّ شعري أني ما سبقتُ الى فإن مدحي لسيف الدين تاه به نابت بنهضة ماضي العزم مرتجل ؟ ـيل الحرّ بالعزَّ وخد الأنيق الذلل بالعجز خوف الردى نفس فلم تبل فما أبيت على يأسٍ ولا أمل منى طروقُ الليالي عود مكتهل قدماً وما جاوزت بي سنَّ مقتبل وأين ضوءُ الضحى من ظلمة الأصل تعاظمٌ لينال المجد بالحيل ظناً ويصغر في الأفهام عن زحل ( أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل (1) ) زهواً على مدح سيف الدولة البطل
وله ايضاً :
لا ترج ذا نقص ولو أصبحت كيوانُ (2) أعلى كوكب موضعاً من دونه في الرتبة الشمسُ وهو إذا أنصفته نحسُ
    وترجمه السيد الامين في الأعيان فقال : أورد له صاحب الطليعة أشعاراً
1 ـ هذ الشطر للمتنبي يقول ما ضر شعره انه لم ينظم ما نظمه المتنبي كناية عن أنه لا يقلّ عنه.
2 ـ كيوان اسم يطلقونه على زحل وهو أشهر الكواكب على الاطلاق ، وقد كان المعتقد الى اوائل القرن التاسع عشر الميلادي انه نهاية المجموعة الشمسية لبعده السحيق وطول فلكه الذي يقطعه في نحو من سنة ، وكان عند العرب مثلاً في العلو والبعد كما قال الطغرائي :
وإن علاني من دوني فلا عجب لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل
كما أنهم ظلموه فجعلوه كوكب النحس.
أدب الطف م (6)

(82)
في أمير المؤمنين عليه السلام وفي أهل البيت عليه السلام لكنه لم يذكر من أين نقلها قال ومن شعره في أمير المؤمنين عليه السلام قوله :
أمير المؤمنين وخير ملجأ كأني إن جعلتُ اليك قصدي وخيل لي بأني في مقامي أيا مولاي ذكرك في قعودي وأنت اذا انتبهت سمير فكري وحبّك ان يكن قد حلّ قلبي فلولا أنت لم تُقبَل صلاتي عسى أسقى بكاسك يوم حشري وأُنعَمُ بالجنان بخير عيش صلاة الله لا تعدوك يوماً يسار الى حماه وخير حامي قصدتُ الركن بالبيت الحرام لديه بين زمزم والمقام ويا مولاي ذكرك في قيامي كذلك أنت أنسي في منامي وفي لحمي استكنّ وفي عظامي ولولا أنت لم يُقبَل صيامي ويروي حين أشربها أوامي بفضل ولاك والنعم الجسام وتتبعها التحية بالسلام
وقوله من أخرى في أهل البيت عليهم السلام :
خيرة الله في العباد ومن يعـ والأولى لا تقر منهم جنوب ولهم في القرآن في غسق الليـ وبكاء ملء العيون غزير ـضد ياسين فيهم طاسين في الدياجي ولا تنام عيون ـل اذا طرب السفيه حنين فتكاد الصخور منه تلين
    ومما قاله في الوزير ابي شجاع شاور بن مجير السعدي وزير الخليفة العاضد الفاطمي ـ كما رواه الحموي في معجم الادباء.
اذا أحرقت في القلب موضع سكناها وإن نزفت ماء العيون بهجرها وما الدمع يوم البين إلا لآلىء وما أطلع الزهر الربيع وإنما فمن ذا الذي من بعد يكرم مثواها فمن أيِّ عين تأمل العين سقياها على الرسم في رسم الديار نثرناها رأى الدمع أجياد الغصون فحلاها


(83)
ولما أبان البين سر صدورنا عددنا دموع العين لما تحدّرت ولما وقفنا للوداع وترجمت بدت صورة في هيكل فلو أننا وما طرباً صغنا القريض وانما ليالي كانت في ظلام شبيبتي تأرج أرواح الصبا كلما سرى ومهما أدرنا الكأس باتت جفونها وأمكن فيها الأعين النجل مرماها دروعاً من الصبر الجميل نزعناها لعيني عما في الضمائر عيناها ندين بأديان النصارى عبدناها جلا اليوم مرآة القرائح مرآها سراي وفي ليلي الذوائب مسراها بأنفاس ريا آخر الليل رياها من الراح تسقينا الذي قد سقيناها
    ومنها :
ولو لم يجد يوم الندى في يمينه فيا ملك الدنيا وسائس أهلها ومن كلَّف الأيام ضد طباعها عسى نظرة تجلو بقلبي وناظري لسائله غير الشبيبة أعطاها سياسة من قاس الأمور وقاساها فعاين أهوال الخطوب فعاناها صداه فاني دائماً أتصداها
    قال العماد في الخريدة : وانشدني الشريف ادريس الحسني للمهذب بن الزبير من قصيدة في مدح ابن رزيك ايضاً أولها :
أمجلسٌ في محلّ العزَّ أم فلك هذا ؟ وهل مَلِكٌ في الدست أم مَلِكُ
    ومنها في المدح :
أغنى عيان معانيه النواظر عن يا واحد الدهر لا رد على إذا ما كان بعد أمير المؤمنين فتىً فالفعل منه ومنك اليوم متفق قول يُلفق في قوم ويؤتفك ما قلتُ ذلك في قولى ولا دَرَك (1) فيه الشجاعة ـ إلا أنت ـ والنسك والنعت منه ومنك اليوم مشترك

1 ـ الدرك : التبعة

(84)
يدعى بصالح أهل الدين كلهم لم ترض أسماء قوم أصبحوا رمما وأنت صالح من بالدين يمتسك كأن القا بهم من بعدهم تُرُك
    ومنها :
وافى فأردى رجالاً بعدما نعموا دهراً وأحيا رجالاً بعدما هلكوا
    قال العماد :
    ليس في هذا البيت مدح ولا ذم ، ولا له في الثناء والإطراء سهم ، أحسن بالإحياء ، أساء بالإرداء ، فكفّر بهلاك أولك حياة هؤلاء ولو قال : أردى لئاماً بعدماً نعموا ، وأحيا كراماً بعد ما هلكوا ، لوفىّ الصنعة حق التحقيق ، وأهدى ثمرة المعنى على طبق التطبيق.
طلعتَ والبدرَ نصف الشهر في قرن وأسفر الجوُّ حتى ظنَّ مبصره يقود كل مجن ضغن ذي ترةٍ حتى أعاد بحد السيف ملك بني فلو يكون لهم أمثاله عضداً فأشرقت بكما الأرضون والفلك بأن لمع السنا في افقه ضحك يكاد من حره الماذىُّ ينسبك الزهراء واسترجع الحق الذي تركوا فيما مضى ما غدت مغصوبةً فدك
    وأنشدني الأمير مرهف بن أسامة بن منقذ للمهذب بن الزبير من أبيات :
بالله يا ريح الشما وحملتِ من نشر الخزا ونسجت في الأشجار هُبّي على بردى عساه أحبابنا ما بالكم وحياة ودّكُم وتر ل إذا اشتملت الليل بردا مى ما اغتدى للندِّ ندَّا بين غصونهنَّ هوىً وودَّا يزيد من مسراك بردا فينا من الأعداء أعدى بة وصلكم ما خنتُ عهدا


(85)
وأنشدني له من قصيدة أولها :
رِبعَ الفؤادُ خلال تلك الأربع فكأنها أَولى بها من أضلعي
    منها في المديح في ابن رزيك الصالح وكان يغري الشعراء بعضهم بالبعض :
يا أيها الملك الذي أوصافه لا تطمع الشعراء فيّ فإنني إن لم أكن ملء العيون فإنني فليمسكوا عني فلولا أنني وأهمُّ من هجوي لهم مدحُ الذي ولو أنه ناجى ضميري في الكرى وإذا بدا لي الهجر لم أر شخصه والناس قد علموا بأني ليس لي غُرَرٌ تجلّت للزمان الأسفع لو شئتُ لم أجبن ولم أتخشَّع في القول يا ابن الصِّيد ملء المسمع أُبقي على عرضي إذن لم أجزع رفع القريض إلى المحل الأرفع طيف الخيال بريبة لم أهجع وإذا يقال لي الخنا لم أسمع مذ كنت في أعراضهم من مطمع
    ومنها في صفة الشعر :
فلأكسونَّ علاك كلَّ غريبةٍ خُتمت بما ابتدئت به فتقابلت والشعر ما إن جاء فيه مطلع كالورد : أوَّله بزهرٍ مونقٍ ولجت بلطفٍ سَمعَ مَن لم يسمع أطرافها بموشح ومرصَّع حسن أُضيف إليه حسنُ المقطع يأتي ، وآخره بماءٍ مُمتع
    وأنشدني له القاضي الأشرف أبو القاسم حمزة بن القاضي السعيد بن عثمان قال أنشدني والدي علي بن عثمان المخزومي ، قال أنشدني المهذب بن الزبير لنفسه في ابن شاور المعروف بالكامل :
وخاصمني بدر السما فخصمته أتى في انتصاف الشهر يحكيك في البها فقلت له يا بدر إنك ناقص بقولي فاسمع ما الذي أنا قائل وفي النور لكن أين منك الشمائل سوى ليلةٍ والكامل الدهر كامل


(86)
    وأنشدني بعض المصريين له من قصيدة أولها :
أغارت علينا باللحاظ عيون وسلت علينا من غمود جفونها لها الحسن من خلف النقاب كمين كذلك أسماءُ الغمود جفون
ومنها :
أعر نظم شعري منك عيناً بصيرةً فقد شاركتنا فيه كفك إذ غدت ففي طيّهِ للكيمياءِ كمينُ عليه لنا عند العَطاء تعين
    وأنشدني له أيضاً :
لقد جرَّد الإسلام منك مهنّداً إقامة حدّ الله في الخلق حدَّهُ حديداً شباه لا يداوي له جُرح إذا سلَّهُ والصفح عنهم له صفح
    وله :
وذى هَيَفٍ يدعى بموسى بطرفه وحياته أصداغه وعذاره بقيّةُ سحرٍ تأخذ العين والسمعا يُخيَّلُ لي في وجهه أنها تسعى
    وله في غلام ل خال بين عينيه :
ومهفهف أسياف مقلته عيناه في قلبي تنازعتا أبداً تريق من الجفون دما فسواده قد ظلَّ بينهما
    وله في غلام تغرغرت عيناه عند الوداع :
ومرنّح الأعطاف تحسب أنَّه إن قلت إنّ الوجه منه جنَّة ولئن ترقرق دمعه يوم النوى فالسيف أقطع ما يكون إذا غدا رمح ولكن قدَّ قلبي قدُّه أضحى يكذبني هنا لك خدُّه في الطرف منه وما تناثر عقدُه متحيرّاً في صفحتيه فرنده (1)

1 ـ فرند السيف : جوهره.

(87)
    وله :
هم نصب عيني : أنجدوا أو غاروا وهم مكان السر من قلبي وإن فارقتهم وكأنهم في ناظري تركوا المنازل والديار فما لهم واستوطنوا البيد القفار فأصبحت فلئن غدت مصر فلاة بعدهم أو جاوروا نجداً فلي من بعدهم ألفوا مواصلة الفلا والبيد مذ بقلائص مثل الأهلة عندما وكانما الآفاق طراً أقسمت والدهر ليل مذ تناءت دارهم لي فيهم جار يمت بحرمتي لا بل أسير في وثاق وفائه ومنى فؤادي : أنضفوا أو جاروا بعدت نوى بهمُ وشطَّ مزار مما تُمثّلهم لي الأفكار إلا القلوب منازلٌ وديار منهم ديار الإنس وهي قفار فلهم بأجواز الفلا أمصار جاران : فيض الدمع والتذكار هجرتهم الأوطان والأوطار تبدو ولكن فوقها أقمار ألا يقر لهم عليه قرار عني وهل بعد النهار نهار إن كان يحفظ للقلوب جوار لهم فقد قتل الوفاء إسار
    ومنها :
أمنازل الأحباب غيّرك البلى سقياً لدهر كان منك تشابهت قصرت لي الأعوام فيه فمذ نأوا يا دهر لا يغررك ضعف تجلدي فلنا اعتبار فيك واستعبار أوقاته فجميعه أسحار طالت بي الأيام وهي قصار إني على غير الهوى صبَّار
    وله :
كأن قدودهم أنبتت حججنا بها كعبة للسرور فطوراً أعانق أغضانها على كثب الرمل قضبانها ترانا نمسِّح أركانها وطوراً أنادم غزلانها


(88)
على عاتق إن خبت شمسنا وإن ظهرت لك محجوبة كميت من الراح لكنما إذا وجدت حلبة للسرور يطوف بها بابلي الجفون إذا ما ادعت سقماً مقلتاه بكأس إذا ما علاها المزاج كأن الحبّاب وقد قلد ومسمعة (1) مثل شمس الضحى وراقصة رقصها للحون ولما طوى الليل ثوب النهار جلونا عرائس مثل اللجين وصاغت مدامعها حلية رماحاً من الشمع تفري الدجى بها ما بأفئدة العاشقين وقد أشبهت رقباء الحبيب وفيها دليل بأن النفو فضضنا عن الشمس أدنانها قرأت بأنفك عنوانها جعلنا من الروح فرسانها وكان مدى السكر ميدانها تفضح خداه ألوانها أقمت بجسمي برهانها أحال الى التبر مرجانها ته درٌ يفصل عقيانها أضافت إلى الحسن إحسانها عروض تقيد أوزانها وجرّت دياجيه أردانها ضنعنا من النار تيجانها عليها توشح جثمانها إذا صقل الليل خرصانها فليست تفارق نيرانها فما يدخل الغمض أجفانها س تبقى وتذهب أبدانها
ومن شعره ما أورده أخوه في ( الجنان ) وهو قوله :
لم تنل بالسيوف في الحرب إلا وعيون الظبا ظبا وبهذا مثلما نلت باللواحظ منا سُمي الجفن للتشابه جفنا
    وقوله :
وقد أنكروا قتلي بسيف لحاظه وقالوا دع الدعوى فما صَحَّ شاهدٌ ولو أنصفوني ما استطاعوا له جحدا عليها ولسنا نقبل الكفَّ والخدا

1 ـ المسمعلة ، المغنية.

(89)
ولو كان حقاً ما تقول وتدَّعي وما علموا أن الحسام بسفكِهِ على مقلتيه عاد نرجسها وردا دمَ القِرِن يوماً عُدَّ أمضى الظُبَا حدَّا
وقوله :
لقد طال الليل بعد فراقه وكيف أرجَّي الصبح بعدهم وقد وعهدي به لولا الفراق قصير توَّلت شموسٌ منهمُ وبدور
    وقوله :
ليت شعري كيف أنتم بعدنا بنتم والشوق عنا لم يبن أترى عندكم ما عندنا وظعنتم والأسى ما ظعنا
    ومنها :
قل لمسرورين بالبين ـ وقد لم يهن قط علينا بعدكم ولقد كنَّا نعزِّي النفس لو لم تبالوا إذ رحلتم غدوةً سهرت أجفاننا بعدكم لا رأت عين رأت من بعدكم شفَّنا من أجلهم ما شفَّنا ـ مثلما هان عليكم بعدنا كنتم قبلَ التنائي مثلنا أيُّ شيء صنع الدهر بنا فكأنا ما عرفنا الوسنا غير فيض الدمع شيئاً حَسَنا
    ومنها :
واخدعوا العين بطيف مثلما تخدع القلب أحاديث المنى
    وقوله :
ويا عجباً متى النسيم يخونني تحمّله سلمى إلينا سلامها ويضرم نيران الأسى بهبوبه فيكتمه ألا يضوع بطيبه


(90)
    وقوله من قصيدة :
أترى بأي وسيلة أتوسل أشكو وجوركم يزيد وما الذي إن أصبحت عيني لدمعي منهلاً لم تجملوا بي في الهوى فتجملوا (1) يغنى المتيم أن يقول وتفعلوا فالعين في كل اللغات المنهل
    وقوله في المديح من قصيدة :
عضدت الندى بالبأس تقضي على العدا سحائب جود في يديك تضمنت إذا ما عصت أمراً لهنَّ قلوبهم سيوفك أو نقضي عليك المكارم صواعقَ ظنوا أنهنَّ صوارم ضلالاً أطاعت أمرهنَّ الجماجم
    ومنها :
وغر على غر جياد كأنما إذا ابتدروا في مأقط (2) فرحت بهم قوائمها يوم الطراد قوادم صدور المذاكي والقنا والصوارم
    ومنها في صفة السيوف :
تريك بروقاً في الأكف تدلنا على ان هاتيك الأكف غمائم
    وقوله في الوزير رضوان بن ولخشى :
إذا قابلته ملوك البلا ولله في أرضه جنَّة دخَّرت على الأرض تيجانها بمصر ورضوان رضوانها
    وقوله من قصيدة في المدح :
وقبلَ كفّك ـ لا زالت مقبّلةً ـ ما إن رأينا سحاباً قطره بِدَرٌ

1 ـ تجمل بتشديد اللام تكلف الجميل ، ولم تجملوا : أي لم تصنعوا الجميل.
2 ـ المأقط ، ميدان القتال.
أدَبُ الطّفّ ـ المجلد الثالث ::: فهرس