أدَبُ الطّّفّ ـ المجلد الثالث ::: 271 ـ 285
(271)
    وقوله في ذم مغن :
ومغـن لـو تغـنىِّ سمـج الخلـقة غثٌ ويغـني مـا اشتهاه كلما قال اقترح قلـ لك صـوتيـن لمـتا ينـحت الآذان نحـتا لا يغـني مـا اردتـا ـت اقتراحي لو سكتا
    وقوله في مثله :
غنّى كمن قد صاح في خابيه ما أحـدٌ يسمـعـه مــرة لا وهب الله له العافيه فيشتهي يسمعه ثانـيه
    وقوله في مثله :
ومغن قـد لقيـنا هو من برد غناء منـه كربـاً وبلاء يجعل الصيف شتاء
    وقوله في مثله :
يغني فنهوى انسداد الصماخ دعـاه رجال الى عـرسهم ونبصره فنحبُّ العمى فصيّر عرسهم مـأتما
    وقوله في اعتزاله عن الناس :
يا لائمي في انتزاحى لا أستـطيع على أن عن الورى وانقطاعي أكـون بين الافاعـي


(272)
    وقوله في الخضاب :
يا خاضب الشيب دعه حـصلت منه على أن فليس يخفى المشيب يُقال شيـخ خضيب
    وفي انباه الرواة للقفطي ج 3 ص 107 ما يلي : محمد بن الحسن الطوبي الصقلي مقيم بصقلية يتولى الانشاء نحوي اربى في النحو على نفطويه. وفي الطب على [ ابن ] ماسويه. جامع للفضائل. عالم بالرسائل ، وكلامه في نهاية الفصاحة وشعره في غاية الملاحة. وله « مقامات » تزرى « بمقامات البديع » وإخوانيات كأنها زهر الربيع مع خط كالطرز المعلمة ، والبرود المئمنة. وكان الشعر طوع عنانه ، وخديم جنانه. ومدحه ابن القطاع الصقلي بقوله :
أيهـا الاستاذ في الـ لك فـي النحو قياس ثم فـي الطب علاج أنت في النثر البديهـ فاضـل الآباء والنفـ ـطب وإعـراب الكلام لا يسـامـيه مـسـام دافـع الــداء العـقام ـي وفي النظم السلامي ـس عـظامي عصامي
    ومن شعر محمد بن الحسن قوله :
أخشى عليك الحسن يا من به ألا ترى يـوسف لما انتهـى أصبح كل الناس في كرب في حسنة ألقي فـي الجبّ
    وقال في صبي نصراني من نصارى الفرنج واسمه نسطاس :
اقول وقد مر نسطاس بي وقلبي فيه عذاب اليم


(273)
وقد ماس كالبان فوق الكثيب لئن كان في النـار هذا غداً وأقبل يرنو بالحـاظ ريم فاني أحب دخول الجحيم
    كان هذا الفاضل موجودا في سنة خمسين واربعمائة بصقلية ، واظنه عاش بعد ذلك مدة ، انتهى.
    وفي الخريدة في حاشية ص 56 قال : وأورد له السلفي البيتين الآتيين :
يا ولداً حلَّ داخـل الكبد والله يا قوم ما عققت أبي خالفت أمري فزدت في كمدي فليت شعري لم عقَّنـي ولدي

أدب الطف ـ م (18)


(274)
بلغ أميـر الـمؤمنيـن تـحيتـي وزر الحسيـن بكربلاء وقل لـه صاموك وانتهكوا حـريمك عنوة ولو أنني شـاهدت نصـرك أولاً مني السلام عليك يا بن المصطفى واذكر له حبي وصدق توددي يا بن الوصي ويا سلالة أحمد ورموك بـالامر الفظيع الانكد روّيت منهم ذابـلي ومهنـدي أبـداً يروح مع الزمان ويغتدي (1)

1 ـ دمية القصر للباخرزي ص 385.

(275)
    قال الباخرزي في ( دمية القصر ) أنشدني ابنه الاديب سلمان له قال : وانما قاله على لسان الامير حسام الدولة فارس بن عنَّان وكان ينقش في فص خاتمه : أعدَّ للبعث أبوطالب حبَّ علي بن ابي طالب.
بــمحمـد وبـحـب آل مــحمـد يـا آل أحـمد يـا مـصابيح الدجى لكـم الحـطيم وزمـزم ولـكم منى انـي بـكم مـتوسـل وبـحبـكـم وعــليكـم نـزل الكتـاب مفصلاً إن ابن عنان بـكـم كبـت الـعدى ولئـن تـأخـر جسـمـه لضرورة يـا زائـراً أرض الغــرى مسدداً وزر الحسيـن بـكربلاء وقـل لـه بــلـغ أمـيرالــمؤمنين تـحيتي صـامـوك وانتهكـوا حريمك عنوة ولـو اننـي شـاهـدت نصرك أولا منـي السـلام عليك يا ابن المصطفى وعلى أبيـك وجـدك المـختار والثـ وبأرض بـغـداد عـلى موسى وفي وبسر مـن را فـالسـلام على الهدى بـالعسكـريـين اعـتصامي من لظى يـجلـو الـظلام بنوره ويـعيـدهـا اني سعـدت بـحبـكـم أبـداً ومـن مـستبصـراً والله عـون بــصيرتي علقت وسـائل فـارس بن محمد ومــنار منهاج السبيل الأقصـد وبـكـم الى سبل الهدايـة نهتدي متـمسـك لا تنثنـي عنـه يدي من ذي المعـارج بالمنير المرشد وعــلا بحبكـم رقـاب الحُسّد فالقلـب مـنـه مـخيم بالمشهد سلـم سلـمت على الامام السيد يا ابـن الوصي ويا سلالة أحمد واذكـر له حبي وصدق توددي ورمـوك بالأمـر الفظيع الأنكد رويت منهـم ذابلـي ومـهندي أبـداً يروح مـع الزمان ويغتدى ـاوين منهـم فـي بـقيع الغرقد طـوس على ذاك الرضى المتفرد وعلى التقى وعلى الندى والسؤدد وبقائم بالحق يـصدع فـي غـد علـويـة فـينـا بأمـر مرصد يـحببكـــم يـا آل أحمد يسعد مـا ذاك إلا مـن طهارة مولدي


(276)
وانشدني الشيخ ابو محمد الحمداني له : (1).
ما شك في فضل آل فاطمة نغل اذا الحـر طاب مولده خـدي لاقـدام آل فـاطمة إلا امـرء مـا لأمـِّة بـعل وكيف يهوى ذوي الهدى نغل إذا تخطوا على الثـرى نعل (2)

1 ـ الابيات في تلخيص مجمع الاداب الجزء الرابع ، القسم الثالث ص 47 ولما كان الباخرزي صاحب الدمية قد سمع من ابن الشاعر فهو والشاعر من عصر واحد فحق لنا ان نعده من شعراء القرن الخامس.
2 ـ الدمية ص 155.


(277)
صنو الرسول وزوج فاطمة التي وابو الذين تجردوا ما بين مسمو وأراك تنقص يا يزيد ، اذا علـت تغشى التظلّم من مريق دم ابنهـا مـا بـال اولاد النبـي تـركتهم لو كنت ترعى جانب الأب لم تكن ظمئوا ومـا أوردتهم ، ودماؤهـم وأخـس من سؤر الاناء عصابة بمجنّحـات شُـرّد يسلـكـن من والله امـلاهــم ليـزدادوا بـه خجلا لهـم من قوم صالح الاولى فتـعـاودتهـا رجفة جثمـت بها ملئـت ملاءتها من العلياء م ومذبوح ـ عـن الحوباء يوم القيـامة رنـة الزهراء سحـّابـة للخرقـة الحمراء نـهبـاً لقتل شايـع وسبـاء لتضيَّع الحرمـات في الابناء عمّت ظمـاء السمر بالارواء حجروا على الظمأن سؤر إناء لهواتـهم طـرقـاً الى الاقفاء إثماً فقل في حـكمـة الاملاء لـم يفتكـوا إلا بـذات رغاء فـكأنـها لـم تغن في الاحياء
* * *
وأرى المسيحيين بعد مسيحهم ما قصروا في طاعة ووفاء


(278)
ظفروا بأرض حماره فاستبشروا وقتـال سبـط الـهاشمي وقاحة أرداه مـصـرع كـربلا فكأنها لا عشت إن لم أرثـه بـقصائد مدحي لاصحاب النبـي ومذهبي واذا جزى الممدوح بالاموال شا فكـأنهــم ظفروا بنجم سماء لم تند قـط صفـاتـها بحياء مشتقة مـن كــربــة وبلاء يطوي الرواة بهن ذكر ( الطائي ) للشـافعـي وكـلهــم شفعائي عره فـمغـفرة الآله جزائي (1)

1 ـ عن مخطوط الرائق الجزء الثاني ص 141 والقصيدة مطلعها
حتى م أنشر في الغرام لوائي وأعير بعض الغانيات ولائي

(279)
    علي بن الحسن بن علي بن أبي الطيب الباخرزي
    ترجم له في طبقات الشافعية ج 3 ص 298 فقال :
    هو أبو الحسن الباخرزي الاديب ، مصنف دمية القصر ، وباخرز ناحية من نواحي نيسابور ، والدمية ذيل على يتيمة الثعالبي. تفقه على الشيخ أبي محمد الجويني ، ثم أخذ في الادب وتنقلت به الاحوال الى ان قتل بباخرز في ذي القعدة سنة سبع وستين واربعمائة.
    وقال ياقوت في معجم الادباء : كان واحد دهره في فنه وساحر زمانه في قريحته وذهنه ، صاحب الشعر البديع والمعنى الرفيع. وأثنى عليه. وورد الى بغداد مع الوزير الكندي. واقام بالبصرة برهة ثم شرع في الكتابة معه مدة ، واختلف الى ديوان الرسائل وتنقلت به الاحوال في المراتب والمنازل ، وله ديوان كبير فمن شعره :
يا فالق الصبـح فـي لألاء غرته لاغرو إن أحرقت نار الهوى كبدي وجاعل الليل من أصداغه سكنا فالنار حقٌ على من يعبـد الوثنا
    وقال أيضاً :
عجبت من دمعتي وعيني قد كان عيني بغير دمع من قبل بينٍ وبعد بيـن فصار دمعي بغير عين


(280)
وقال أيضاً :
أصبحت عبداً لشمس اني لأعشـق شيء ولست من عبد شمس وحق من شق خمسي
    يريد اني لأعشق انسان.
    اقول وذكر ياقوت له شعراً كثيراً في الجزء 13 ص 33.


(281)
عبدالله البرقي
اذا جاء عاشورا تضاعف حسرتي بيـوم بـه اغبرت به الارض كلها مصائب ساءت كل من كان مسلما اذا ذكرت نـفسـي مصيبة كربلا أضـاقت فؤادي واستباحت تجلدي بنفسي خــدود في التراب تعفرت بنفسـي رؤس مشرقات على القنا بنفسي شفاه ذابــلات على الظما بنفسي عيـون غائرات شواخص لآل رسول الله وانـهلّ دمعتـي شجـونا عليهم والسماء اقشعرت ولكـن عيــون الفاجرين أقرت وأشلاء سـادات بهـا قد تـفرّت وزادت على كربي ، وعيشي أمرت بنفسي جـسـوم بالعـراء تعرّت الى الشام تهـدى بـارقات الاسرة (1) ولم ترو من مـاء الفـرات بقطرة الى الماء منها نظـرة بعـد نظرة
* * *
كأني ببنت المصطفى قد تعلَّقت يداها بساق العرش والدمع أذرت

1 ـ الاسرة : غصون الجبهة.

(282)
وفي حجرها ثوب الحسين مضرّجاً وعنها جميع العالمين بحسرة
* * *
لأل رسول الله وديّ خـالصـاً وها أنا قـد أدركتُ حدَّ بلاغتي وقول النبي : المرء مع من أحبّه كما لمواليهم ولائي ونصرتي أصلي عليهم في عشيٍّ وبكرة يقويّ رجائي في إقالة عثرتي (1)

1 ـ عن مقتل الخوارزمي ج 2 ص 137. والقصيدة طويلة انتخبنا منها هذه الابيات.

(283)
    ابو محمد عبدالله بن عمار البرقي :
    قتل سنة 245 هـ وذلك أنه وشي به الى المتوكل العباسي وقرأت له قصيدته النونية الشهيرة التي قالها في أهل البيت عليهم السلام والتي اولها :
    ليس الوقوف على الاطلال من شاني.
    الى ان يقول :
فهـو الذي امتحـن الله القلوب به وهو الذي قـد قضى الله العلـيُّ له وإن قومـاً رجـوا إبطال حـقكـم لـن يـدفـعوا حـقكـم إلا بدفعهم فـقلـدوهـا لاهل البيت إنـهــم عما يجمـجمن مـن كـفر وإيمان أن لا يكون لـه في فضلـه ثاني أمسوا من الله في سخط وعصيان مـا أنـزل الله مـن آي وقرآن صنـو النبـي وانتم غير صنوان
    فأمر المتوكل بقطع لسانه وإحراق ديوانه. ففعل به ذلك ، فمات بعد ايام.
    ذكر الخوارزمي وابن شهراشوب وغيرهما ، وفي الطليعة : سماه في المعالم : علي بن محمد ، وكناه ابا عبدالله وليس به ، كما ذكره الخوارزمي في رسالته لاهل نيشابور والثعالبي والحموي كان شاعراً اديباً ظريفاً مدح بعض الامراء في زمن الرشيد الى أيام المتوكل ، وأكثر في مدح الائمة الاطهار حتى جمع له ديواناً أكثره فيهم وحرق.
    حدث حماد بن اسحاق عن أبيه قال قلت في معنى عرض لي : ( وُصف الصدُّ لمن أهوى فصد ) ثم أجبلت فمكثت عدة أيام مفكراً في الاجازة فلم يتهياً لي شيء ، فدخل علي عبدالله بن عمار فاخبرته فقال مرتجلا ( وبدا يمزح في الهجر فجد ) انتهى عن الاعيان ج 39 ص 24.


(284)
    مرت في الجزء الثاني ترجمة السري الرفاء الموصلي مقتضبة مختصرة وإتماماً للفائدة نضيف اليها ما يلي :
    قال الثعالبي في اليتيمة ج 2 ص 117 :
    السريُّ وما ادراك من السري لله دره ما أعذب بحره وأصفى قطره وأعجب أمره وقد اخرجت من شعره ما يُكتب على جبهة الدهر فكتبت منه محاسن كأنها أطواق الحمام.
    ولما جدّ السري في خدمة الادب وانتقل عن تطريز الثياب الى تطريز الكتاب ، شعر بجودة شعره ونابذ الخالديين الموصليين وناصبهما العداوة وادعى عليهما سرقة شعره وشعر غيره ، وجعل يورق وينسخ ديوان شعر أبي الفتح كشاجم ، وهو إذ ذاك ريحان أهل الأدب بتلك البلاد ، والسري في طريقة يذهب وعلى قالبه يضرب ، وكان يدس فيما يكتبه من شعره أحسن شعر الخالديين ليزيد في حجم ما ينسخه ، وينفق سوقه ، ويغلي سمره ، ويشنع بذلك على الخالديين ، ويغض منهما ، ويظهر مصداق قوله في سرقتهما ، فمن هذه الجهة وقعت في بعض النسخ من ديوان كشاجم زيادات ليست في الاصول المشهورة منها ، وقد وجدتها كلها للخالديين بخطّ أحدهما وهو أبو عثمان سعيد بن هاشم في مجلدة أتحف بها الوراق المعروف بالطرسوسي ببغداد أبا نصر سهل بن المرزبان وأنفذها إلى نيسابور في جملة ما حصل عليه من طرائف الكتب باسمه ، ومنها وجدت الضالة المنشودة من شعر الخالدي المذكور وأخيه أبي بكر محمد بن هاشم ، ورأيت فيها أبياتاً كتبها أبوعثمان لنفسه ، وأخرى كتبها لأخيه ، وهي بأعيانها


(285)
للسري بخطه في المجلدة المذكورة لأبي نصر ، فمنها أبيات في وصف الثلج واستهداء النبيذ :
يا مـن أنامله كالعارض الساري أما تـرى الثلج قد خاطت أنامله نـار ولـكنهـا لـيست بمبديـة والـراح قد أعوزتنا في صبيحتنا فامنن بما شئت من راح يكون لنا وفـعلـه أبداً عـار من العار ثوباً يزر عـلـى الدنيا بأزرار نوراً وماء ولكن ليس بالجاري بيعـاً ولـو وزن دينـار بدينار ناراً فانـا بـلا راح ولا نـار
    ومن قوله أيضاً :
ألـذّ الـعيش إتيـان الصبيح وإصغـاء إلـى وتـرٍ وناي غداة دجنـة وطفـاء تبـكي وقد حديت قلائصها الحيارى وبرق مثـل حـاشيتـي رداء وعصيان النصيحـة والنصيح إذا ناحـا علـى زق جـريح إلى ضـحك من الزهر المليح بحـادٍ مـن رواعدها فصيح جديـد مُـذهبَ في يوم ريح
    وقال من قصيدة هجا بها أبا العباس النامي ، ويحكى انه كان جزاراً بالمدينة :
أرى الجـزَّار هيَّجني وولّى ورقّـع شعره بعيون شعري لقد شقيت بمديتك الأضاحي توعّر نهجها بك وهو سهل فتـكت بهـا مثقفة النواحي لها أرج السوالف حين تجلى فكاشفني وأسرع في انكشافي فشاب الشـهد بالسمِّ الذعاف كمـا شقيت بـغارتك القوافي وكدَّر وردها بك وهو صافي على فكر أشـد مـن الثقاف على الأسماع أو أرج السلاف
ادب الطف ـ المجلد الثالث ::: فهرس