ادب الطف ـ المجلد الرابع ::: 31 ـ 45
(31)
المولود سنة 572 والمتوفي 629
    قال يرثي الحسين
يا واقـفا بدمـنـة ومـربـع يكفيك ما عانيـتَ من مصابهم تُحبّهم قلـتَ وتبـكي غـيرَهم أما علمت أن إفـراط الأسـى أقوت مـغانيـهم فهـنّ بالبُكا يا ليت شعـري من أنوح منهم أللوصي حـينَ فـي محـرابه أم للـبـتول فـاطـمٍ إذ مُنعت وقولُ مَـن قال لها يـا هـذه أبوكِ قـد قـال بأعلى صوته إبـكِ عـلى آل الـنبـي أودع مـن أن تـُبكـّى طـللاً بلعلع إنـك فيمـا قُـلـتـَه لمـدّع عليـهم عـلامـة التـشـيـع أحقّ من وادي الغضا والأجرع ومَـن لـه يَنهل فيضُ أدمعي عُمّمَ بالسـيف ولمـّا يـَركـع (1) عـن إرثها الحق بأمرٍ فـجُمع لقـد طـلبتِ باطـلا فارتدعي مصـرّحاً فـي مجـمع فمجمع

1 ـ عن ديوانه المطبوع بمصر سنة 1383 هـ 1963 م.

(32)
نحن جميـع الأنبياء لا نرى وما تركـناه يـكون مغـنماً قالت فهاتوا نحلتي من والدي قالوا فهل عندك مـن بيّـنةٍ فقالت إبنايَ وبعلـي حيـدر فأبطلوا إشهادهم ولـم يكـن ولم تزل مهضومة مظـلومة وأُلحِدت في ليلها لغيـضهـا أبناءنـا لإرثـنا من موضع فارضي بما قال أبوك واسمع خيرِ الانام الشافـع المـشفّع نسمع معناها جميـعاً ونـعي أبوهما أبـصر بـه وأسمـِع نص الكتـاب عنـدهم بمقنع بردِ دعـواها ورضّ الاضلع عليهم سـرّاً بـأخفى موضع (1)
ومنها :
أم لـلـذي أودت بـه جُـعدتـهم وإنّ حُـزنـي لقـتـيـل كـربلا اذا ذكــرتُ يـومـه تـحـدّرت يـا راكباً نحـو الـعراق جرشعاً إذا بلـغـتَ نـينـوى فقـف بها والبس إذا اسطعتَ بها ثوب الأسى فإن فيـهـا للـهـدى مصـارعاً فاسفـح بهـا دمـعك لا مستـبقياً فكـلّ دمـعٍ ضـائـع مـنك على يومـئذٍ بـكأسٍ سُـمٍّ منـقـع ليس علـى طول البلى بمقـلع مدامعـي لأربـع فـي أربـع يُنمى لعبديّ النـجـار جـرشع (2) وقوفَ محزون الفـؤاد مـوجع وكلّ ثوبٍ للعزاء المـُفـجـع رائعةً بمثلـها لـم يُـسـمـع في غربه وبح غرامـاً واجزع غيرِ غريب المصطفى المضيّع

1 ـ هذه القطعة من القصيدة التي تخص الزهراء فاطمة عليها السلام رواها صاحب كتاب ( إثباة الهداة ).
2 ـ الجرشع : العظيم من الابل والخيل.


(33)
لله يوماً بالطـفوف لـم يـدع يومٌ بـه اعتلت مصابيح الدجى يومٌ به لم يـبق مـن دعـامةٍ يومٌ به لم يـبق مـن داعيـة يومٌ به لـم يبـق مـن غمامة يومٌ به لم تبق قـطٌ رايـةً يوم به لـم يبـق قـطّ مارنٌ (1) يوم به لم تبـق مـن وسيـلة يوم بـه الكلـب الدريع يَعتدي يوم بـه غودرَ سبطُ المصطفى لهفى لـه يدعو الطـعان مُعلناً يقـول يـا شـر الأنـام أنتـم كاتبتمـونـي بالمسيـر نحوكم فنـحن طـوعٌ لك لم ننس الذي حتـى إذا جئـت لمـا يُصلحكم لقيتمونـي بسيوفٍ فـي الوغى هل كان هـذا في ســجلاتكم هل لكـم في أن تفــوا ببيعتي قالوا لـه هيـهـات ذاك إنـه بايع يزيـداً أو تـرى سيـوفنا فعندها جـرّد سيـفـاً لم يضع لمسلم في العيش مـن مـستمتع بِعارضٍ مـن الضلال مُـفزع تشدّ ركن الـدين لـم تُضعضع تدعـو إلى الشـيطان لم تُبتدع تحيى ثـرى الاسـلام لم تُشيّع تهدي إلى ضلالـةٍ لـم تُـرفع ومعـطسٌ للحق لـم يَنـجـدع حقاً لآل المصطـفى لـم تُقطع على هزبـر الغابـة المُـدرّع للعاسـلات والسباع الخـُـمّع دعـاءَ مـأمـون الفرار أروع أكفر مـن عـاد وقـوم تـُُبّع وقلتم خُـذ في المسـير أودع لكم مـن الـعهد ولم نُضـيّع من إرث جـدي وذراريه معي منتـضياتٍ ورمـاحٍ شـُرّع يا شـر مرأى للورى ومسمع أن تسمـحوا لي عنكم بمرجع مالك في سلامـةٍ مـن مطمع هامكم يقعـنَ كـل مـوقـع نجاده مـنه بـأيّ مـوضـع

1 ـ المارن : الانف أو طرفه أو ما لا ن منه. والمعطس : الانف أيضاً ، وجدع الانف قطعه وهو كناية عن القهر والارغام.

(34)
وعاث في أبطالهم حتـى اتـّقى وحوله من صحبه كـل فـتـى كـم غـادرٍ غـادره مـجـدّلاً حتى رماه الرجس شُلـت يـدُه فـخـرّ والهـفا لـه كـأنـما من بعد أن لم يبق من أنـصاره ثَمَتّ مـالوا للـخيام مَـيلــةً ضرباً ونهباً وانتهـاك حـرمةٍ لقد رأوا في الفكـر تعـساً لهم وأين عَقر ناقـة مـما جَـنوا ما مثلها في الدهر من عظيمة تسبى ذراري المصطفى محمد يا لهف نفسـي للحسين بالعرا لهفي لمـولاي الشهيد ظـامئاً لم تسمح القـوم لـه بشـربةٍ لهفي له والشمر فـوق صدره لهفـي لـه ورأسه فـي ذابل لهفي لثـغر السـبط إذ يقرعه يا لهف نفـسـي لبـنات أحمدٍ يُسقن في ذل السـبا حـواسراً من بـأسه الحاسر بـالمقـنّع حامـي الـذمار بطـلٍ سَميدع والخيل تـردى والكـماة تَدّعي عن بارع الرمية صُلبِ المنزع علـيـه ردع أو خَلـوقٌ أودع (1) غيـرُ طعـام أنسـُرٍ وأضبـعِ قالت لركن الديـن إيـهاً فـقع وذبـحُ أطفـالٍ وسلـب أذرعِ راي قـُدارٍ (2) رأيهـم فيصدع يا للرجـال للفعـال الأشـنـع لقد تـعـدّت كـل أمـر مفظع رضاً لشانيـه الزنيـم الأوكـع وقـد أقـيـم أهلـه بـجعجـع يذاد عـن ماء الفرات المـترع حتى قـضى بغلّـةٍ لـم تـنقع لـحَـيَنِ أوداج وهـشـم أضلع كالبـدر يَزهـى في أتمّ مطـلع مَـن سيـودُ أنـه لـم يَقـرع بين عـطاش في الفـلا وجُوّع إلى الـشام فـوق حسرى ضُلّع

1 ـ الردع : الزعفران أو لطخ من الدم. والخلوق ضرب من الطيب.
2 ـ قدار اسم امرأة سعت في عقر ناقة النبي صالح.


(35)
يقدمهـنّ الـرأس فـي قناتـه ينـدبن يـا جـداه لـو رأيتنا نُهدى الى الطاغي يـزيدَ لُعَناً يَحدي بـنا حادٍ عنيفٌ سـيره يتعبنـا الـسير فيـستـحثّنا ولو ترى السـجاد فـي كبوله يعزز علـيك جدّنـا مقـامنا استأصلوا رجالنا ومـا اكتفوا ثم يَصحن يـا حسـيناه أمـا خلفتنا بعدك وقفاً مُـحجَـراً واعجباً للأرض كيف لم تسخ فلعنة الرحمن تغـشى عصبةً يـا آل طـه أنتم وسيـلتـي واليـتكم كـيما أكون عندكم وإن منعتم مَن يوالي غيـركم إليكـم نـفثة مصـدور أتت مقـربيّ عـربـيٌ طـبعـه يُنمى الى البيـت العيونيّ إلى عليـكم صلى الإله وسـقـى هديّةً إلى الـدعـي ابـن الـدعي نُسلَـبُ كـل مِعـجـرٍ وبـُرقـع شـعثـاً بأسـوا حـالـةٍ وأبـدع لـو قيل إربـع ساعـةً لم يَربـع إذا تخلّـفنا بـضـربٍ مـوجـع يضـرب ضـرب النـعم المسلّع ومصرعٌ في الطـف أيُ مصرع بسـبي نسـوانٍ وذبـحُ رضـع بعـد فـراق اليـوم مـن تجمّع على الحـنين والـنوى والـجزع وللسمـاء كـيف لـم تـُزعزع غزتهـم وعـصـبة لـم تـَدفع عـند الإلـه وإلـيكم مـفـزعي تحت لـواء الأمـن يـوم الفزع إن يرد الحـوض غـداً لـم أُمنَع من مصـقعٍ نـدب وأيّ مصـقع ونجـره ، وليـس بـالـمـدرّع أجـل بيـتٍ فـي العلـى وأرفع أجـداثـكم بـكل غـيث مُمـرع
    أقول وهذه القصيدة ذكر قسماً من أبياتها السيد الامين في الجزء 41 من أعيان الشيعة ورواها عن كتاب ( مطلع البدور ومجمع البحور ) لصفي الدين احمد بن صالح بن أبي الرجال.


(36)
علي بن المقرب الاحسائي
    توفي سنة 629 وله ديوان شعر مطبوع. ذكره صاحب أنوار البدرين قال : ومن أدبائها البلغاء وامرائها النبلاء الامير علي بن مقرب الاحسائي ينتهي نسبه الى عبد الله بن علي بن ابراهيم العيوني الذي ازال دولة القرامطة لذلك قال في بعض قصائده
سل القرامط من شطى جماجمهم وما بـنوا مسـجداً لله نـعلـمه طراً وغادرهم بعد العلا خدما بل كلمـا وجـدوه قائما هدما
    له شعر كثير في أهل البيت عليهم السلام وفي الحسين عليه السلام خاصة منها المرثية في نظم مقتل الحسين (ع) ومنها القصيدة المشهورة التي أولها
من أي خطب فادح نتألم ولأيّ مرزية ننوح ونلطم
    وقال الحر العاملي في ( أمل الامل ) : الامير الكبير علي بن مقرب ، عالم فاضل جليل القدر شاعر أديب ، له ديوان شعر كبير حسن ، فمن شعره قوله يا واقفا بدمنة ومربع. القصيدة
    اقول : ذكره السيد الأمين في الأعيان في ثلاثة مواضع


(37)
    1 ـ الجزء 41 ص 327 وقال : هو من آل عيون أمراء الاحساء ، توفي في حدود سنة 651 ومن شعره قوله
خذوا عن يمين المنحنى أيها الركبُ لنسأل ذاك الحي ما فعل السرب
    2 ـ الجزء 42 ص 164 وقال : كان المترجم أديبا فاضلا ذكيّا أبيّاً شاعراً مصقعاً من شعراء أهل البيت ومادحيهم المتجاهرين ، اذا النفس الأبيّة والأخلاق المرضية والشيم الرضية ، وقد كشف جامع ديوانه وشارحه كثيراً من أحواله بتفصيله وإجماله ثم ذكر أبياتاً من قصيدته التي أولها
من أيّ خطب فادح نتألّم ولأي مرزية ننوح ونلطم
    وفي نظمه الحماسة والأمثال الجيدة مع البلاغة المستحسنة ، وقد أصابته من بني عمه نكبات أوجبت له تجشم الغربات.
    3 ـ الجزء 56 ص 3 وقال : نشرتُ له ترجمة موجزة في الجزء الواحد والاربعين ثم نشرت له ترجمة أكثر تفصيلا في الجزء الثاني والاربعين ولكن وقع خطأ في تاريخ وفاته ، ونضيف هنا الى ما في الجزء الثاني والاربعين ما جاء في كتاب : ( ساحل الذهب الاسود ) وقد جعل تاريخ وفاته سنة 629 نظم الشعر في سنّ مبكرة وهو لا يتجاوز العاشرة من العمر وقضى أيام شبابه بالاحساء ، وكان طموحاً للملك وقد شاهد بأم عينه مدى التناحر والانشقاق في الأسرة العيونية وطمع كل امير في الاستئثار بالملك حتى تجزأت بلاد البحرين الى امارات بين أسرته وظلّ كل امير يثب على ابن عمه او اخيه فيقاتله او يقتله. وقد اصاب الشاعر شيء من هذه المحنة فصادر ابو المنصور املاكه وسجنه ، ولما اطلق سراحه غادر الاحساء الى بغداد ، وحين تولّى محمد بن ماجد عاد الى مسقط رأسه فمدحه أملاً منه في استرجاع أملاكه فماطل في وعده ووشى به بعض الحساد من جلساء الأمير فخاف الشاعر على نفسه


(38)
فغادرها الى القطيف ولبث فيها فترة مدح اميرها الفضل بن محمد دون جدوى ، ثم عاد اخيراً الى الاحساء أملاً منه في اصلاح الوضع فلما يئس غادرها الى الموصل حيث مدح اميرها بدر الدين بقصائد كما هجاه اخيراً إذ لم يصل منه الى غاياته ـ وكان هذا الأمير مملوكا أرمنيّا ، فمما قال فيه
تسلّط بالحدباء عبد للؤمه اذا ايقظته لفـظة عربيّة بصير بلا عن كل مكرمة عمي الى المجد قالت ارمنـيّـته نَم
    أقول وكتب عنه الدكتور مصطفى جواد في مجلة البلاغ الكاظمية العدد الثاني من السنة الاولى ص 15 تحت عنوان : شعراء منسيون من محبي آل البيت عليهم السلام فقال :
    كمال الدين علي بن مقرب العيوني من قرية العيون بالبحرين وبها ولد سنة 572 ولكنه طوّف في بلاد العرب ووزع شعره بينها ومدح الخلفاء والملوك والامراء والكبراء والعلماء بشعره العربي الناصع العروبة البدوي اللهجة المفعم كياسة وحماسة.
    قدم ابن المقرب بغداد وأقام بها سنة 610 وسنة 614 وسمع الرواة والادباء عليه شعره أو كثيراً منه ، وكانت ولادته بالاحساء من البحرين وتوفي بالبحرين في المحرم سنة 631 وكان لبداوته يعقد القاف كافا فيقول ( الكلب ) بدلا من القلب
    أقول وذكر قسما من قصيدته التي أولها
يا باكيا لدمنة في مربـع والله ما تكذيبهم لفـاطـم بل للنبي والكتـاب والذي ابكِ على آل النبي أودع والحسنين والإمام الانزع أنزله لوحيه الممـتنـع


(39)
    وقال ، وهي مما قاله بالاحساء.
إلى مَ انتضاري أنجمَ النحس والسعد لقد ملّ جنبي مضجعي مـن إقامتي ولَجّ نجيبـي في الحـسين تـشوّقاً واقبل بالتصهال مـهري يقـول لي لقد طال إغضائي جفوني على القذى عذوليّ جوزا بـي فلـيس عليـكما أجدّكمـا لا أبـرح الـدهر تابـعاً أمثلي مَـن يعـطى مـقالـيد أمره إذا لـم تـلدني حـاصـنٌ وائـليّة خئولتها للـحوفـزان وتنـتــمي يظن نحـولي ذو السفاهــة والغبا وحتى م صـمتي لا أُعـيد ولا أُبدي وملّ حسامي من مجهـاورة الـغمد إلى الرحل والأنساع والبيد والـوخد أأبقى كـذا لا فـي طـراد ولا طرد وطال امترائي الدر مـن بـُحُر جُدّ غواي الذي أغـوى ولا لكما رشدي وعندي من الغرم الهمامـيّ ما عندي ويرضى بأن يُجدى عليه ولا يـُجدي مقـابـلـة الآباء مـنجـبة الـولد إلى المـلك الـوهّـاب مسلمة الجعد غراماً بـهندٍ واشـتياقـاً الـى دعد


(40)
ولم يدر أنـي ماجـدٌ شـفّ جسمه قليل الكرى ماض على الهول مقدم عدمتُ فـؤاداً لا يـبيـتُ وهـمّه لعمري ما دعدٌ بهـمى وإن دنـت ولكنّ وجـدي بالعـلا وصبـابتي إلى كم تقاضاني العلا مـا وعدتها وكم أندب الموتى واسترشح الصفا وأمنح سـعـي والـمودة معشـراً الى الله أشكو عثرةً لـو تـدوركت مديحى رجـالاً بعـضهـم أتقى به فلا الودّ كافي ذا ولا ذا كـفى الاذى لـقاءُ هـمومٍ خيلـها أبـداً تـردي على الليل والبـيداء والحـرّ والبردِ كرام الـمساعي وارتقاءٌ الى المجد ولا لي بهندٍ مـن غـرام ولا وجد لعارفةٍ اسـدى ومكـرمـةٍ أجـدي وغير رضاً إنـجازك الوعد بالوعد وأستنهض الزمنى وأعـتان بالرمد أحقّ بمقـتٍ من سـواعٍ ومن وَدّ (1) بتمزيق جلدي ما أسفت على جلدي أذاه وبعـضاً للـمراعـاة والـودّ ولا نظروا فـي بـاب ذم ولا حمد

1 ـ اسمان لصنمين من اصنام الجاهلية.

(41)
فكيـف بـهم لـو جئتـهم متـشكياً فكـنت وإهـدائـي المديـح إليـهم وقـائـلـه هـوّن علـيك فـإنهـا فإن علـت الروس الذنابـى لسكرةٍ فقد تملك الانثى وقـد يـلثم الحصى ويعلو على البحـر الـغثاء ويلتـقى وكم سيدٍ أمـسى يُـكفـّر طـاعـةً ولا بد هذا الدهر من صحو ساعـةٍ فقلـت لـهـا : عني إليـك فقـلّما أبى الله لي والـسوددان بـأن أرى ألم تعـلمى أن العـتـوّ نـبـاهـةٌ وأن مــداراة الـعـدو مـهـانـة أأرضى بما يرضى الدنيّ وصارمى سأمضي : على الأيام عزم ابن حرةٍ فـإن أدرك الامر الـذي أنـا طالب وإن اختـرم مـن دون ما أنا آمـل خصاصة أيامي وسمـتـهُم رفـدي كغـابـط أذنـاب المـهلـّبة الـعقد متـاع قلـيل والـسـلامة في الزهد من الدهر فاصبر فهـو سكرٌ الى حدّ ويتـّـبع الاغـوى ويُسجـد للـقرد على الدر أمـواج تزيد عـلى الـعد لأسود لا يزجى لـشكـمٍ ولا شكـد يبـين لنا فيـها الـضلال من القصد يعيش الـفتى حتـى يوسدّ في اللحد بأرضٍ بها تعدو الـكلاب على الاسد وأن الرضـا بالـذل من شيمة الوغد إذا لم يكن من سكـرة الموت من بُد حسامٌ وعزمي عـزم ذي لُـبدة ورد يُفـدّى بآباء الرجـال ولا يـُفـدى فيـاجد مستـجدٍ ويا سعـد مستـعد فيا خيبة الراجي ويا ضيعـة الـوفد


(42)
وإنـي مـن قـوم يبـين بطفـلهـم فإن لم يكن لي ناصر مـن بـني أبي وإن يـدرك العـليا هـمامٌ بقـومـه وإني لبدر ريـع بالنـقص فاسـتوى إذا رجـفـت دار الـعدو مخـافـتي فآه لقـومـي يـوم أصبـح ثـاويـاً وإني فـي قومي كعـمرو بن عـامر أراهم أمـارات الخـراب ومـا بـدا فلم يرعووا مع ما لقـوا فتـمـزقـوا وكم جرذٍ في أرضـنا تقـلع الصـفا خليليّ مـا دار الـمـذلـة فـاعلمـا ولا لي في أن أصحب الـنذل حـاجة أيذهب عمـري ضلـّة فـي معـاشر سهـادهـم فـيمـا يسوء صـديقـهم اذا وعدوا الأعداء خيـراً وفـوا بـه وشـرهم حـق الــصديق فإن هذوا ستعلم هنـد أننـي خـير قـومـهـا وأنـي إذا مـا جـلّ خطـب وردتـه وأن أيـادي الـقـوم أبسـطها يـدي لذى الحدس عنوان السيادة في المهد فحزمى وعزمى يغنيان عـن الحشد فنفسي تناجيني بادراكهـا وحـدي كمالاً وبحر يعقـب الـجزر بالـمد فلا تسألانـي عن سـعيدٍ ولا سعد على ماجد يحيى مكارمهـم بـعدي ليالي يعـصى فـي قبـائـله الازد من الجرذِ العيّاث في صخرها الصلد أيادي سبا في الغور منها وفي النجد وتقذف بالـشم الرعان على الصمد بداري ولا مـن ماء أعدادها وردي لصحة علـمي أنه جربٌ يـعـدي مشائيم لا تُهدى لخـير ولا تـَهدي وأنوَمَ عن غـمّ العـدو من الفهـد وفاء طغـام الـهند بالـنذر للـبد بخير له فلـينتـظر فتـحة الـسد وأني الفتى المرجـو للـحل والعقد بعـزمـة ذي جد وإقـدام ذي جد وإن زنـاد الحـي أثقـبها زنـدي


(43)
وأني متى يدعى إلى البأس والندى وأن كرام الـقوم لا نُـهز العـدى فأحضرها نصري وأجزلها وردي ليوجعها عتبى ويؤلـمها فقـدي (1)
    وقال :
غداً نـغـتدي للـبيـن أو نتروّح غداً تقفز الأطـلل مـمـن نـودّه غداً تذهب الأظعان يمـنى ويسرةً فيا باكياً قبل الـنوى خشية النوى ولا تعجلن واستـبق دمعـك إنني إذا كنت تبكي والأحـبة لـم يرد فكيف إذا ما أصبـحت عين مالك فكف شئون الدمـع حتى تـحثّها خليليّ هُبّا من كرى النوم وانظرا لقد كدتُ مما كـاد أن يستـفزني ذكرت به ثغر الحـبيب وحسـنه ويا حبذا ذاك الجبـين الـذي غدا [ فكم ليلةٍ قد كـاد يـخطف ناظري وعند النوى يبـدو الغـرامُ الـمبرّح ويمسي غراب البـين فيـها ويصبح ويحـدو تـواليها نجـاح ومـنجـح رويداً بعين خـفنها سـوف يقـرح رأيت السـحاب الجون بالقطر ينزح ببـيـنـهم إلا حـديـثٌ مـطـوّح وحـبل الغـضا من دونهم والم سيّح غداً ثم تهمي كـيف شـاءت وتسفح مخـائل هذا البـرق مـن حيث يلمح أبـوح بسري فـي الهـوى وأصرّح إذا ما تجلى ضـاحـكاً وهـو يمرح يلوح عـلـيه الزعـفران المـذرّح ونـحن بميدان الـدعابـة نـمرح (2)

1 ـ عن الديوان المطبوع.
2 ـ عن الديوان ص 130.


(44)
وفاته 635
    بدر الدين عبد الرحمن الكتاني العسقلاني كان في بغداد فجاء مطر كثير يوم عاشوراء ـ وكان فصل الصيف فقال :
مطرت بعاشورا وتلك فضيلة والله ما جـاد الـغمـام وإنما ظهرت فما للناصبي المعتدي بكت السماء لـرزء آل محمد (1)

1 ـ رواها ابن شاكر في فوات الوفيات وفريد وجدي في دائرة معارف قرن العشرين.

(45)
    عبد الرحمن بن ابي القاسم بن غنائم بن يوسف ، الاديب ، بدر الدين الكتاني العقلاني ، بن المسجف ، الشاعر.
    قال ابن شاكر في فوات الوفيات ج 1 ص 537.
    ولد سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة ، وتوفي سنة خمس وثلاثين وستمائة. وكان اديباً ظريفاً خليعاً ، وتوفي فجأة وكان بدر الدين يتجر ، وله رسوم على الملوك واكثر شعره في الهجو فمن شعره قوله :
يا رب كيـف بلوتـني بعـصابة تمنافري الاوصاف يـصدق فيهم غطّى الثراء عـلى عيـوبهم وكم جُبَـنا اذا استنـجـدتـهم لمـلمّة فوجـوههم غـرف على أموالهم هم في الرخاء اذا ظـفرت بنعمة ما فيهم فضل ولا إفـضال الهاجي وتكذب فيهم الآمال من سوء غطّى عليها المال لؤما اذا استرفدتهم بُـخّـال وأكفّهم مـن دونها أقفـال آل وهم عنـد الـشدائد آل (1)
    وفي دائرة معارف فريد وجدي مادة ( سجف ) هو عبد الرحمن بن القاسم ابن غنائم بن يوسف قال : القوصى في معجمه :
    كان الشريف شهاب الدين بن الشريف فخر الدولة ابن ابي الحسن الحسيني رحمه الله تعالى لما ولاه السلطان الناصر الكتابة على الطالبيين من الأشراف
1 ـ آل الأول أصله اهل ، وآل الثاني هو السراب الذي تراه وسط النهار فتحسبه ماء وليس بماء.
ادب الطف ـ المجلد الرابع ::: فهرس