ادب الطف ـ المجلد الرابع ::: 151 ـ 165
(151)
غير قصد. وله ديوان شعر كبير اكثره في مدح اهل البيت (ع) ورثائهم ، لا تكاد تخلو معظم المجاميع المخطوطة عن شيء منه واشهر قصائده السبع الطوال التي رآها صاحب « رياض العلماء » بخط العلامة محمد بن علي الجبعي تلميذ ابن فهد الحلي المتوفي سنة 841 وهي عندي ايضاً بخط جميل على ورق صقيل ضمن مجموعة كبيرة كتبها الأديب الشيخ لطف الله الجد حفصي البحراني سنة 1201 ولو تصدى ( مؤرخ أديب ) لشرحها وسرد ما تضمنته من القضايا التأريخية والفضائل العلوية والمواقف الحيدرية لكانت خيرة كتب الأدب والتاريخ.
    اقول وهذه السبع الطوال نذكرها بالتسلسل.
    القصيدة الاولى.
يا عين ما سفحت غـروب دماكِ ولطـول إلفـك بالـطـلول أراك ما ريق دمعك حين راق لك الهوى لك ناظرٌ في كل عضـو ناضـرٍ كم نظرة أسـلفت نـحو سوالف فجنيتِ دون الـورد ورداً مـتلفاً يا بانة الـسعدي ما سَلت ظُبـاك شعبت فؤادي فـي شعـابك ظبية تبدو هلال دجى وتلحـظ جؤذراً شمس تبـوّءت القـلوب مـنازلاً سكنت بـها فسكـونهـا متـحرك أسـديـّة الآبـاء الا أن منتسـب إلا بمـا أُلهـمت حُـبّ دمـاك أقماراً بزغنَ على غصون أراكِ إلا لأمـر فـي عـناك عـناكِ منّاك تـسويـفاً بلوغ مـنـاك سامت أسـاك بهـا علاج أساك وانهار دون شـفاك فـيه شفاك علـيّ الا مـن جـفون ظِبـاك تصمـي القـلوب بـناظـر فتاك وتميس دلاً فـي منيـع حمـاك مأنـوسة عـوضـاً عن الأفلاك وجسومها ضعفـت بغير حـراكِ الخؤولة مـن بـنـي الاتـراك


(152)
أشقـيقه الحسبيـن هـل مـن زورة مـاذا يضـرّك يـا ظـبــيّه بابل أنكـرت قـتل متيـم شهــدت له وخضـبت مـن دمـه بناتك عنوة حجبتك عن أسد اسـود عـريـنها حجبوك عن نظـري فـيـا لله ما ضنّ الكرى با لطيف منك فلم يكن ليت الخيـال يجـود منك بنـظرة فأرقت أرض الـجامعين فلا الصبا كـلا ولا بـرد الكلابيـد الحـيـا ودّعت راحـلة فكـم مـن فـاقد أبـكى فـراقكـم الفريق فأعـين كنّا وكنت عن الفـراق بـمعزل وكذا الأولى من قبـلنا بـزمانهم يا نفس لو أدركتِ حظـا وافـراً وعرفت من أنشاكِ من عدم إلى وشكرتِ منّته عليك وحسـن ما أولاك حـبّ محـمد ووصيـّه فهما لعمرك علـّماك الديـن في وهما أمانك يـوم بعثك في غدٍ وإذا وقفتِ على الصراط تبادرا وإذا انـتهيت إلى الجـنان تلقّيا فيها يُبـلّ مـن الضـنا مضـناكِ ؟ لـو أنّ حـسـنك مثـله حسنـاكِ ؟ خدّاك مـا صنـعت بـه عيـناك ؟ وكفاك مـا شـهـدت بـه كـفاكِ ؟ وحماك لـحظك عن اسود حـماكِ أدنـاك مـن قلبي ومـا أقـصاك إسـراك بـل هجر الكرى أُسراكِ ان كان عـزّ علـى المحب لقـاكِ عذب ولا طرف السـحائب باكـي فيها يحـاك ولا الحمـام يحاكـي باكٍ وكم مـن مسـعف متـباكـي المشـكوّ تبكـي رحمـة للشاكـي حتّى رمـانـا عـامـداً ورمـاكِ وثقوا فصيّرهم حكـاية حـاكـي لنهـاكِ عـن فـعل القـبيح نهاك هذا الـوجـود وصـانـعاً سوّاك أولاك مـن نـعـمائـه مـولاك خيـر الأنـام فنـعـم مـا أولاكِ الأولـى وفي الأخرى هما عَلماك وهما إذا انـقطع الـرجاء رجاك فتـقـدّمـاك فلـم تـزل قدماك ك وبشـّراكِ بـها فـيا بـشراك


(153)
هذا رسـول الله حـسـبك فـي غدٍ ووصيّه الـهـادي أبـو حسـنٍ إذا فهو المشفّـع في المعاد وخـير من وهو الذي للـديـن بعد خـمولـه لولاه ما عرف الهـدى ونجوتِ من هو فلك نوح بين مــمتـسك بـه كم مارقٍ من مازقٍ قــد غـادرت سل عنه بدراً حـين بـادر قـاصم مَن صبّ صوب دم الوليد ومن ترى واسئل فوارسها بـأحد مـَن تـرى وأطاح طلحة عـند مشتـبك القـنا واسئل بخـيبر خابـريها مَن ترى وأذاق مـرحـبك الـردى وأحـلّه واستخبري الأحـزاب لماجـرّدت واستشعرت فرقاً جمـوعك إذ غدت قد قلتُ حين تـقـدّمـته عصـابة لا تفرحي فبكثر ما سـتعـذبتِ في يا أمّة نـقضت عـهـود نـبيـّها وصاك خـيراً بـالوصـي كـأنّما أو لم يـقل فـيه الـنبي مبلـّغـاً وأمين وحـي الله بـعدي وهو في والمؤثـر المتـصدق الـوهاب إذ إيـاك ان تـتـقـدّمـيـه فإنـه يـوم الحساب إذا الخليل جفاك أقبلت ظـاميـة إليـه سـقاك عاقت به بـعد الـنبي يـداك حقـاً أراك فـهـذّبـت آراكِ متضايق الأشـراك والإشراك ناجٍ ، ومطّرح مـع الهُـلاكِ مزقاً حدود حسـامـه الـفتاك الأملاك قائد مـوكب الأملاك أخلا من الدهم الحـماة حماك ؟ ألقاك وجه الحتف عنـد لقاكِ ؟ ولواك قسرا عند نكـسِ لواك ؟ عفّي فناك ومن أبـاح فنـاك ؟ ضيق الشباك وفل حد شـباكِ ؟ بيض المذاكي فوق جرد مذاكي فرقاً وأدبـر إذ قـفـاك قفـاك جهلوا حـقوق حقـيقة الادراك أولاك قـد عذّبت في أخـراك أفمن إلى نقض العهـود دعاك متعمداً في بـغـضه وصّـاك هذا عليـّك فـي العلى أعلاك إدراك كـل قـضيـة أدراكِ الهاك فـي دنيـاك جمع لهاك في حكم كلّ قـضيّة أقـضاك


(154)
فأطعـت لـكن باللـسان مخـافةً حتى إذا قـبض الـنبي ولم يطـل وعدلت عنـه إلى سـواه ضلالةً وزويت بضعة أحمد عـن إرثهـا يا بضعة الـهادي النبي وحق من لا فاز من نـار الجحيـم معـاندٌ يا يتم لا تمت عليك سعادة لولاك مـا ظفـرت عـلوج أُمية تالله مـا نـلت الـسعادة إنـمـا أنّى استـقلت وقـد عـقدت لآخر ولأنت اكــبر يـا عديّ عـداوة لا كان يـوم كـنت فيـه وساعة وعـليـك خـزي يا اميـة دائما هلا صفحت عـن الحسين ورهطه وعففت يـوم الطف عفّـة جـدّه أفهل يدٌ سـلبت إمـاءك مثل ما أم هل برزن بفتـح مكّة حـسّرا يا أمة باءت بقــتل هـداتـها أم اي شيـطان رمـاك بغــيّه ؟ بئس الجـزاء لأحـمد فـي آله فلئن سررت بخدعة أسررت في ما كان فـي سلب ابن فاطم ملكه من بأسـه والغـدر حـشو حشاكِ يومـاً مـداك لـه سننـت مـداكِ ومـددت جهـلاً في خطاك خطاك ولـبـعـلـها إذ ذاك طـال أذاك أسمـاك حيـن تقدّسـت أسمـاك عن إرث والـدك النـبـي زواك وعـداك متمسكا بحبل عداك لكن دعاك الي الشقاء شقاذ أهواكِ فـي نـار الـجحيم هواك حُكماً فكيف صدقت فـي دعـواك والله مـا عضـد النـفاق سـواك فض النـفـيل بها خـتام صهـاك يبـقى كما فـي الـنار دام بقـاك صفـح الوصـي أبيـه عن آباك ؟ المبعوث يـوم الفتح عن طلـقاك ؟ سلبت كريـمات الحسـين يـداك ؟ كنسـائه يـوم الطفـوف نـساك ؟ أفـمن إلـى قـتل الـهداة هداك ؟ حتـى عـراك وحـلّ عقد عُراك وبنيه يوم الـطـف كان جـزاك قتل الحسين فقـد دهـاك دُهـاكِ ما عنه يـوماً لو كـفاك كـفـاك


(155)
لهفي عـلى الجـسد المـغادر بالعرا لهـفي على الـخد الـتريب تـخدّه لهفـي لآلـك يـا رسـول الله فـي مـا بيـن نـادبة وبيـن مـروعة تـالله لا أنـسـاك زيـنب والـعدا لم أنـس لا والله وجهـك إذ هـوت حتـى إذا همّوا بسلبك صحت باســم لهفـي لنـدبك باسـم نـدبـك وهو تستـصرخيـه أسـى وعز عليه أن والله لـو أن الـنـبـي وصـنـوه لم يمس منهتكا حـماكِ ولـم تـمط يا عين إن سفـحت دموعك فلـيكن وابكي القتيل المستضـام ومَن بكت اقسمت يـا نـفس الحـسيـن أليّة لو ان جـدك فـي الطفـوف مشاهد ما كان يؤثر أن يـرى حـر الصفا أو أن والـدك الـوصـيّ بكـربلا لـفـداك مـجـتـهداً وودّ بـأنّـه قـد كنت شمـساً يستضـاء بنورها وحمىً يلوذ بـه المـخوف ومنـهلاً ما ضرّ جسمـك حـرّ جنـدلها وقد فلئن حرمـت من الفـرات وورده ولئن حرمـت نعيـمها الفاني ؟فمن شـلواً تـقلبـّه حـدود ظُـباك سفـهاً بـأطـراف القنا سُفهاك أيدي الطغـاة نـوائـحاً وبواكي في أسـر كـل معـانـدٍ أفـّاك قسراً تجاذب عنكِ فضـل رداك بـالـردن ساتـرةً لـه يمنـاك أبيك واسـتصرخت ثمّ أخاك مجروح الجوارح بالـسياق يراك تستصرخيه ولا يـُجـيب نـداك يوماً بعـرصة كربـلا شهـداك يوماً اميّة عنك سـجـف خـباك أسفاً على سبط الرسـول بـكاكِ لمـصابـه الأملاك في الأفـلاك بجميل حسـن بلاكِ عـند بـلاك وعلـى التـراب تريـبة خـدّاك يوماً وطاك ولا الـخيول تـطاك يوماً على تـلك الـرمول يـراك بالنفس مـن ضيق الشراك شراك يعلو على هـام السـماك سـماك عذبـاً يصـوب نداك قبـل نداك أضحى سـحيق المسك ترب ثراك فمن الرحيق الـعذب ريّ صـداك دار الـبقـاء تضـاعفـت نعماك


(156)
ولئن بكتـك الطـاهرات لوحشة ما بتّ في حمر الـملابس غدوةً اني ليقلقنـي التلهـف والأسـى لأقيك من حر السـيوف بمهجتي ولئن تطـاول بعـد حينك بيننا فلا بكينك ما اسـتطعت بخاطرٍ وبمقول ذرب اللسان أشـد من ولقد علمـت حقيـقة وتـوكلاً وولاء جـدّك والـبتول وحيدرٍ قوم عليهم في المـعاد تـوكّلي فليهن عبدكـم « علـيّاً » فوزه صلّى عـليك الله ما أمـلاكه فالجور تـبسم فـرحـةً بلقاك إلا انثنت خضراً قبيل مسـاك إذ لم أكن بالطف مـن شهداك وأكون إذ عـز الـفداء فـداك حينٌ ولم أك مسـعداً سـعـداك ؟ تحكي غرائبه غـروب مـداك جند مجـنّدة عـلـى أعـداك أنّي سأســعد فـي غدٍ بولاك والتسعة النجبـاء مـن أبـناكِ وبهم من الأسر الوثيـق فكاكي بجنان خلد فـي حنـان علاك طافت مقـدّسة بقـدس حماك
    القصيدة الثانية :
أبرق تـراءى عن يمـين ثغـورها ومرّت بـليل في بـَليل عـراصها وطلعة بدرٍ أم تراءت عـن الـلوى نعم هـذه ليـلى وهاتـيك دارهـا سلام علـى الدار التي طالما غدت وما عطفت بالصب ميلاً إلى الصبا قضيت بـها عصـر الشباب بريئة أتم جـمـالاً من جمـيل وسـودداً أم ابتسمت عن لؤلؤ مـن ثغورها بنا نسمـةٌ أم نـفحة مـن عبيرها لعينيك ليلى من خـلال ستـورها بسقط اللوى يغشـاك لئلاء نورها جـلاءاً لعيـني درّة من درورها بها شـغفـاً إلا بـدور بـدورها من الريب ذاتى مع ذوات خدورها وأكثر كسـباً للعـلى مـن كثيرها


(157)
وبـتُّ بريـئـاً مـن دنـوّ دنــاءة لعلـمي بـأنـّي في المـعاد مـناقش وما كـنت مـن يسـخو بنفس نفيسة وأجمل ما يـعزى الى المجد عـزوة أعذرٌ لمبيــض الـعذار إذا صـبا ؟ كفى بنذير الـشيب نهـياً لذي النهى وما شبت إلا مـن وقـوع شـوائب ولولا مصاب الـسبط بالطف ما بدا رمته بـحرب آل حـرب وأقبـلت تقود الـيه القـود فـي كل جحـفل وما عدلـت في الحكم بل عدلت به وعاضـدهـا في غيّها شـرّ أمـّة خلاف سطور في طروس تطـلّعت فحين أتاهـا واثق الـقلب أصبحت فما أوسعت في الدين خرقاً ولا سعت بنفسي إذ وافى عصـاة عصـابـة قـؤولاً لأنصـارٍ لـديـه وأسـرةٍ أعيذكم أن تطعموا الموت فاذهـبوا فاجمل فـي رد الندا كلّ ذي نـدى أعن فرق نبـغي الفراق وتصطلي وما العذر في اليوم العصيب لعصبة وهل سـكنت روح الى روح جنّة أبـى الله إلا أن تـراق دمـاؤنـا أعـاتب مـن محظورها وخطيرها حساباً على قطمـيرها ونـقـيرها فأرخص بـذلاً سـعرها بسعـيرها غداً سفراً بالبـشر وجـه بشـيرها وأكـبر مقتاً صـبوة مـن كبـيرها وتبصـرةً فيهـا هـدى لبـصيرها لأصغرها يبـيض رأس صغـيرها بليل عذاري السبط وخط قـتـيرها إليه نـفـورا فـي عـداد نـفورها إلى غـارة مـعـتـدَّة مـن مغيرها وقايع صـفيـن وليـل هـريـرها على الكفـر لـم تسعد برأي مشيرها طلايع غدرٍ فـي خـلال سـطورها نواظـرهـا مـزوِّرة غـبّ زورها إلـى جـورها إلا لـترك ُأجـورها غرار الضبا مشـحوذة مـن غرورها لذي العرش سِرّ مـودع في صدورها بمغفرةٍ مرضـيـّة مـن غـفـورها ينافس عن نفـس بـما في ضميرها وحـيداً بلا عون شـرار شـرورها ؟ وقد خـفرت يـومـاً ذمـام خفيرها ؟ وقد خالفت في الديـن أمـر أميرها ؟ وتصبـح نهـباً فـي أكـف نسورها


(158)
وثابوا الى كسب الثـواب كـأنـهـم تهـشّ إلـى الاقـدام علـماً بـأنهـا قضت فقضت في جنة الخـلد سـؤلها وهان عليها الصعب حـين تـأمـلت وما أنس لا أنسى ( الحسين ) مجـاهداً يصول إذا زرق النـصـول تأوّهـت ترى الخيل في أقدامـها منه مـا ترى فتصرف عن بأس مـخافـة بـأسـه يفلّق هـامـاة الــكـماة حـسامـه فلا فـرقـه إلا وأوســع ســيفـه أجدّك هل سمر العـواسـل تـجتـنى أم اسـتنكرت انـس الحـياة نفاسـة بنفسي مجـروح الـجـوارح آيسـاً بنفسي محـزوز الـوريـد مـعفـّراً يـتـوق إلى مـاء الفـرات ودونـه قـضـى ظامـياً والـماء يلمع طامياً هـلال دُجاً أمسى بـحدّ غـروبـها فيـا لك مقتولاً علت بـهجة العـلى وقـارن قـرن الشمس كسف ولم تعد وأعـلـنت الأمـلاك نوحاً وأعولت وكادت تمور الأرض من فرط حسرة ومـرت علـيهم زعـزع لتذيقـهم أسـفت وقد آبو نجـيّاً ولـم تـرح أسود الشَّـرى فـي كـرّها ورئيرها تحلُّ مـحلَّ القـدس عند مصـيرها وسادت علـى أحبـارهـا بحبورها إلى قاصرات الطـرف بين قصورها بنفسٍ خلت من خلّـها وعـشيـرها لنزع قني أعـجـمت من صريرها محاذرة إن أمّـها مـن هـصورها كما جفلت كدر القطا من صقـورها له بـدلاً مـن جفـنـها وجـفيرها بها فرقـاً أو فـرقـة مـن نفورها لكم عسلاً مستعذباً مـن مـريـرها ؟ نفوسكُم فاسـتبدلت أنـس حـورها ؟ من النصر خلواً ظهره من ظهـيرها على ظمأ من فوق حـرّ صخـورها حـدود شـفـار أحـدقت بشفيـرها وغودر مقـتـولاً دويـن غـديرها غـروبـاً على قيعانـها ووعـورها به ظـلمـة مـن بعد ضوء سفورها نظارتها حـزنـاً لفـقد نـظـيرها له الجنّ في غيـطانهـا وحـفيرها على السبط لولا رحمة مـن مُميرها مريـر عـذاب مـهلـك بمريـرها لهـم دابر مقـطوعــة بـدبورها


(159)
واعجب إذ شـالت كـريـم كريمها فيا لك عيـنـاً لا تجـفُّ دمـوعها على مثل هـذا الرزؤ يستحسن البكا أيقـتل خـير الخلـق أمـّاً ووالـداً ويمـنع مـن مـاء الفرات وتغتدي أجلّ ( حسيـناً ) أن يمـثل شخصـه يدير علـى رأس السـنان بـرأسه ويؤتى بزيـن العـابـدين مكبـلاً يقاد ذلـيلاً فـي القـيود مـمـثّلا ويمسى يزيـد رافـلاً فـي حريره ودار بنى صخر بن حـرب أنيسة تظلُّ على صوت البـغايا بـغاتها ودار علـيّ والـبـتول واحـمد معالمهـا تبـكي علـى علـمائها منازل وحي أقـفرت فصـدورها تظل صيـاماً أهـلـها ففـطورها إذا جنّ لـيل زان فيـه صـلاتهم وطول على طول الصلاة ومن غدا قفا نسأل الدار التـي درس الـبلى متى أفلت عنها شـموس نهـارها بدور بأرض الطف طاف بها الردى كواسر عقـبان علـيها تـعاقبـت قضت عطـشاً والـماء طام فلم تجد لتكبيرها فـي قتلـها لكبـيـرها وناراً يذيب الـقلب حـرُّ زفيرها وتقلع منَّا أنفـس عـن سـرورها وأكرم خلـق الله وابـن نـذيرها ؟ وحوش الفلا ريّـانةً مـن نميرها ؟ بمثلة قتل كـان غيـر جديـرها سنان ألا شلّـت يمـين مـديرها أسيراً ألا روحـي الفدا لأسـيرها لأكفر خلق الله وابـن كـفـورها ويمسي حسينُ عارياً في حرورها بنشد أغانيـها وسـكب خمـورها بها زمر تلـهو بـلحن زمـورها وشبّرها مولـى الـورى وشبيرها وزائـرهـا يبكي لفقـد مـزورها بوحشـتها تـبكي لفـقد صدورها التلاوة والـتسبيح فضل سحورها صلات فلا يـحصى عداد يسيرها مقيماً على تقصيره في قـصيرها معالمها من بـعد درس زبـورها وأظلم ظلماً أفقـها مـن بـدورها فأهبطها مـن جـوّها في قبورها بغاث بـغات إذ نأت عن وكورها لهـا منهـلاً إلا دمـاء نـحورها


(160)
عـراة عـراهـا وحـشـة فـأذاقـهـا ينـوح عـليها الـوحش من طول وحشة سـيسـأل تـيـم عـنـهُـم وعدّيـهـا ويـسـأل عـن ظـلـم الـوصي وآله وما جـرَّ يـوم الـطـف جـور أمـية تقمـصـها ظـلـماً فـأعقب ظـلمـه فيا يـوم عـاشـوراء حـسـبك إنـك لأنت وإن عـظـمت أعـظـم فجـعة فما محـن الدنـيا وإن جـلَّ خـطـبها بني الوحـي هل من بعد خبرة ذي العلى كفى ما أتـى فـي ( هل أتى ) من مديحكم إذا رمت أن أجلـو جمـال جـمـيـلكم تضـيق بكـم ذرعـاً بـحور عروضها منـحتـكم شـكـراً ولـيس بـضايـع أقيلوا عــثاري يـوم لا فـيه عـثـرة فلي سيـئـات بتُّ من خـوف نشـرها فمـا مـالـك يـوم المـعـاد بمالكـي وإنـي لـمشـتاق إلى نور بـهـجـة ظهور أخي عـدل لـه الـشمـس آية متـى يجمـع الله الـشتـات وتـجـبر متى يـظـهر المهـديُّ من آل هـاشم متـى تـقدم الـرايـات من أرض مكّة وتـنـظر عيـنـي بهـجـةً علـوية وقد رميـت بالـهـجر حـرّ هجيرها وتـندبها الأصـداء عـنـد بـكورها أوائـلهـا مـا أكــَّدت لأخـيـرها مشير غواة القـوم مـن مـستـشيرها على السبط إلا جــرأة ابـن أجيرها تعقب ظلـم فـي قـلـوب حمـيرها المشوم وإن طال الـمدى من دهورها وأشهر عندي بدعـة مـن شـهورها تشاكل من بلواك عــشر عشـيرها بمدحكم مـن مـدحــةٍ لخـبيـرها وأعرافهـا للـعـارفيـن وطـورها ) وهل حصر ينهـى صفات حصورها ويحسدكـم شــحّاً عريض بحورها بضائع مدحٍ منـحة مـن شـكورها تقال إذا لم تـشـفعـوا لـعثـورها على وجل أخشـى عقاب نـشورها إذا كنتم لي جـنـّة مـن سعـيرها سنا فجرها يـجلـو ظـلام فجورها من الغرب تبدو معجزاً في ظهورها القلوب التي لا جابـر لكـسيـرها ؟ على سيرة لم يبق غيـر يسـيرها ؟ ويضحكني بشـراً قـدوم بـشيرها ؟ ويسعد يوماً نـاظري من نضـيرها


(161)
وتهبط أمـلاك الـسـماء كتائـباً وفتيان صدقٍ من لـوي بن غالب تخا لهم فـوق الخـيـول أهـلّةً هنـالك تعـلو همـّة طال همها وإن حان حيني قبل ذاك ولم يكن قضى صابراً حتّى انقضاء مراده لنصرته عن قدرة من قـديـرها تسير المنـايا رهـبة لـمسيرها ظهرن من الأفلاك أعلا ظهورها لإدراك ثارٍ سالفٍ مـن مـثيرها لنفس ( عليّ ) نصرة من نصيرها وليس يضيع الله أجر صـورها
    القصيدة الثالثة
ذهب الصبا وتصرّم العـمرُ ووهت قواعد قـوّتي وذوى وبكت حمايم دوحتـي أسـفاً وخلت من الينـع الجنيّ فلا وتبدَّلت لذهـاب سـندسـها وتغيبت شمس الضحى فخلى وجفونني بعـد الوصـال فلا وهجرن بيـتي أن يطفن به ذهبت نضـارة منظري وبدا وإذا الفـتى ذهـبت شبـيبته وعليه ما اكتـسبت يـداه إذا وإذا انقضى عمر الفتى فرطاً ما العمر إلا مـا به كثـرت ولقد وقفت على مـنازل من ودنا الرحيل وقـوّض السفرُ غصن الشبيبة وانحنى الظهرُ لمّا ذوت عذباتها الـخضـرُ قطف بها يجنـى ولا زهـرُ ذهـبيـّة أوراقهـا الصـفرُ للبيض عن أوطـاني الـنفرُ هدي يـقـرّبـني ولا نـحرُ ولهنّ فـي هجـرانـه عذرُ في جنح لـيل عذاري الفجرُ فيما يضـرَّ فـربحـه خسرُ سكن الضـريح وضمَّه القبرُ في كسب معصية فـلا عمرُ حسناته وتضاعـف الأجـرُ أهوى وفيض مدامـعى غمرُ
أدب الطف ـ م ( 11 )


(162)
وسـألتـها لـو أنهـا نطـقـت يـا دار هـل لـك بالأولى لحلوا أيـن البـدور بـدور سعـدك يا أيـن الـكفـاة ومـن أكفـّـهم أين الربـوع المخـصـبات إذا أين الغـيوث الـهاطــلات إذا ذهـبوا فـما وابـيك بعـدهـُمُ تلك المحاسن فـي القبور عـلى أبكـي اشـتـياقـاً كلـما ذكروا ورجوتـهم في منـتهـى أجلي فأنا الغـريب الـدار في وطني يا واقـفاً فـي الدار مفـتكـراً إن تمس مكـتـئباً لـبيـنـهمُ هلا صبرت على المصاب بهم وجعلت رزءك في الحسين ففي مكروا به أهل النـفاق وهـل بصحـايف كوجوههـم وردت حتّى أنـاخ بعقـر سـاحتهـم وتـسارعـوا لقتـاله زمـراً طافـوا بـأروع فـي عرينته جيـش لهـام يـوم معـركة فكـأنَّهـم سـرب قد اجتمعت أو حاذر ذو لـبدة وجـمـت أم كـيف ينـطق مـنزل قفـرُ خَـبـر ؟ وهـل لمعالم خـُبرُ ؟ مغنـى ؟ وأيـن الأنجم الزهرُ ؟ في النايـبات لمعـسر يـسـرُ ؟ عفت السنون وأعـوز الـبشرُ بخل السّـحاب وأنـجم الـقطرُ ؟ للنّـاس نيـسـان ولا غـمـرُ مـر الـدهور هـوامـدٌ دثـرُ وآخـو الـغرام يهيـجه الذكرُ خلـفـاً فاخـلف ظنّي الـدهرُ وعلـى اغترابي ينقضي العمرُ مـهلاً فـقـد أدوى بك الفـكرُ فـعـقيـب كـلِّ كـآبـة وزرُ وعلى المصيـبة يحمـد الصبرُ رزء ابن فاطــمة لـك الأجر لمنافـق يسـتـبعد الـمكـرُ ؟ سوداً وفـحو كلامهـم هجـرُ ثقـةً تـأكـّد منـهم الــغدرُ ما لا يحـيط بـعـدّه حصـرُ يحمى النـزيـل ويأمن الثـغرُ ولـيـوم سـلـمٍ واحـد وتـرُ إلفاً فـبـدّد شمـلهـا صـقـرُ لهجومـه فـي مـرتع عـفـرُ


(163)
يا قـلبـه وعـداه مـن فـرق أمن الـصّلاب الـصّلب أم زبر وكأنه فـوق الجـواد وفي متـن أسـد علــى فلـكٍ وفي يـده حتـى إذا قـرب المدى وبـه أردوه مـنعـفراً تمـجُّ دمــاً تطأ الخيول إهابـه وعلـى الـ ظـامٍ يـبـلّ أوام غــلـًتـه تـأبـاه إجـلالا فـتـزجـرها فتجول فـي صـدر أحـاط على بأبي القتـيل ومـن بمصـرعه بأبي الـذي أكـفانـه نُـسجت ومغـسّـلاً بـدم الـوريـد فلا بدر هـوى مـن سعـده فبـكا هوت النـسور علـيه عـاكفةً سلـبت يـد الطـلـقاء مغفره وبـكت مـلائكـة الـسّماء له والدَّهر مشقوق الرداء ولا والشمـس نـاشـرة ذوائـبها برزت لـه فـي زيّ ثـاكـلة وبكت عليه الـمعصـرات دماً لا عذر عندي للـسّمـاء وقـد وكريمة المقتول يوجد من فـرق وملـؤ قلـوبهـم ذعرُ طبعت وصبَّ خلالهـا قـطرُ الحسام دمـاؤهـم هـدرُ المرّيخ قانـي الـلون محمـرُ طاف العـدى وتقـاصر العمرُ منه الظـبى والذبّـل الـسمرُ ـخدّ التريـب لوطـيها أثـرُ ريّاً يـفيـضُ نجـيـعه النحرُ فئة يـقـود عـصاتهـا شـمرُ عـلـم النـبـوّة ذلك الصـدرُ ضعف الهدى وتـضاعف الكفرُ من عثيـرٍ وحـنوطـه عفـرُ مـاءُ أُعــدّ لـه ولا ســدرُ لخـمود نور ضـيائـه البـدرُ وبكاه عـند طـلوعـه النـسرُ فبكى لـسلب المـغـفر الـغفرُ حزناً ووجـه الأرض مـغـبرُّ عجبٌ يشق رداءه الدهرُ وعلـيه لا يستـقبـح الـنشـرُ أثـيابـها دمـويـَّة حــمـرُ فأديـم خـد الأرض مـحـمرُ بخلـت ولـيس لبـاخـل عذرُ دمـه عـلـى أثـوابهـا أثـرُ


(164)
بأبـي كـريمات « الحسين » وما لا ظلُّ سـجـف يكتـنفـن بـه ما بـيــن حـاسـرة وناشـرة يندبن أكـرم سـيـّد ظـفـرت ويقـلن جـهـراً للجـواد وقـد ما بال سرجك يا جـواد من النـ آهاً لـهـا نـار تـأجـج فـي أيموت ظـمآنـا « حسين » وفـي وبنوه فـي ضيـق القيود ومـن حملوا علـى الأقـتاب عـاريـة تسري بهم خوص الركاب لا راحـم لــهــم يـرقُّ ولا ويزيد فـي أعـلا القـصور له ويقـول جهلاً والقضـيب بـه يا ليـت أشياخي الأولى شهدوا شهدوا الحسين وشطر أسـرته إذ لا سـتهلوا فـيهـم فـرحاً ويقـول وزراً إذ بطـشت بهم زعـموا بـأن سنـعـود ثانية مـن دونـهن لـناظـر ستـرُ عـن كـلِّ أفـّاك ولا خــدرُ برزت يـواري شعـرها العشرُ لأقـلِّ أعـبـده بـه ظــفـرُ أمّ الخيام : عُقـرت يـا مـهرُ ـدب الجواد أخي العلا صـفرُ ؟ صـدري فلا يطفـى لها حـرُّ كلـتا يـديه مـن الندى بحرُ ؟ ثقل الـحديـد عـليهـم وقـرُ شعثاً وليـس لكسرهـم جـبرُ وللــطلقاء فـي أعقـابـها زجرُ فـيمـا أصابـهـمُ لـه نكـرُ تشـدو القـيان وتسكب الخمرُ تدمي شفـاة ( حسـين ) والثغرُ لسـراة هـاشـم فيـهم بـدرُ أسرى ومنهـم هالـك شطـرُ كأبي غـداة غـزاهـم بـسرُ (1) لا خـفّ عنـه ذلـك الـوزرُ وأبـيـك لا بعـث ولا نشـرُ

1 ـ اشارة ليوم صفين وما فعله بسر بن ارطاة من القسوة وسفك الدماء وإخافة الأبرياء.

(165)
يا بن الهـداة الأكرميـن ومن قسماً بمثواك الشـريـف وما فهم سـواء فـي الـجلالة إذ تـعنو له الألـباب تلـبيـة مـا طـائر فقد الـفراخ فلا بأشـدّ من حزني علـيك ولا ولقد وددت بـأن أراك وقـد حتّى أكـون لك الفداء كـما ولئن تفـاوت بيـننـا زمن فلا بكيـّنك ما حيـيت أسى ولا منحنّـك كـل نـادبـةٍ أبكار فكري فـي محـاسنها ومصاب يـومك يابن فاطمة أو فرحـة بظـهور قـائمكم يوماً تـردّ الشمس ضـاحيةً وتكبّر الأمـلاك مسـمعـة ظهر الإمـام العـالم الـعلم من ركـن بـيت الله حاجبه في جحـفل لجـبٍ يكاد بهم فهم النجـوم الـزاهرات بدا عجّل قدومـك يابـن فاطمة علماؤهم تحت الخمول فـلا يتظاهرون بغير ما اعتقدوا شرف الفخـار بهـم ولا فخــرُ ضمـت مـنى والركـن والحجرُ بهـم التمـام يـحلّ والـقـصرُ ويـطوف ظاهر حـجره الحجرُ يؤويـه بعـد فـراخـه وكـرُ الخنسـاء جـدّد حـزنها صخرُ قلّ النـصير وفـاتـك الـنصرُ كرمـاً فـداك بنـفـسه الحـرُ عن نصركـم وتقـادم العـصرُ حـتّى يـواري أعظـمي القبرُ يعنو لنـظم قريضـها الشـعرُ نظم وفيـض مـدامعـي نـثرُ ميـعـادنا وسلـوّنـا الحـشرُ فيهـا لـنا الإقـبال والبــشرُ في الغـرب ليـس لـعرفها نكرُ إلا لـمـن فـي أذنــه وقـرُ البر التـقي الـطاهـر الطهـرُ عيـسى المسيـح وأحمد الخضرُ مـن كثـرة يتـضايـق القـطرُ فـي تـمّـهِ مـن بـيـنها البدرُ قد مـسّ شـيعة جـدك الـضرُ نفع لأنـفـسـهــم ولا ضـرُ لا قــوة لــهـم ولا ظـهـرُ
ادب الطف ـ المجلد الرابع ::: فهرس