ادب الطف ـ المجلد الرابع ::: 286 ـ 300
(286)
ووالده الساقي على الحوض في غد فيا لهف نفسـي للحسيـن وما جنى تجرّ علـيـه العاصفات ذيـولهـا فرّجت لـه السبـع الشداد وزلزلت فيا لك مقتولاً بكتـه السـمـا دماً ملابسه في الحرب حمرٌ من الـدما ولهفي لزين العابدين وقـد سـرى وآل رسـول الله تسـبى نساؤهـم سباياً باكوار المطايـا حـواسـراً وفاطمة مـاء الفـرات لـهـا مهر عليه غداة الطف في حربـه الشمر ومن نسج أيدي الصافنـات له طمر روامي جبال الأرض والتطـم البحر فمغبّر وجه الأرض بالـدم محمـر ومن غداة الحشر من سندس خضر أسيراً عليـلاً لا يفـكّ لـه أسـر ومن حولهن الستـر يهتك والخـدر يلاحظهـن العبـد في الناس والحر
    ويقول في ختامها :
مصابكم يـا آل طـه مصيبـة سأندبكم يـا عدتـي عنـد شدتي وأبكيكم مادمت حياً فـان أمـت وكيف يحيط الواصفون بفضلكم ومولدكم بطحـاء مكـة والصفا جعلتكم يـوم المعاد ذخيـرتـي عرائس فكر الصالح بن عرندس عليكـم سـلام الله ما لاح بارق ورزء على الاسلام أحدثه الكفر وأندبكـم حـزناً إذا أقبل العشر ستبكيكم بعـدى مراثيّ والشعر وفي مدح آيات الكتاب لكم ذكر وزمزم والبيت المحرم والحجر فطوبى لمن أمسى وأنتم له ذخر قبولكم يا آل طـه لهـا مهـر وحلّت عقود المزن وانتثر القطر


(287)
    ابن العرندس وفاته في حدود 900 كما ذكر اليعقوبي ، الشيخ صالح بن عبد الوهاب المعروف بابن العرندس.
    عالماً ناسكاً أديباً بارعاً متظلعاً في علمي الفقه والأصول وغيرهما مصنفاً فيها ، له كتاب كشف اللآلي وكان ممن نظم فأجاد وقصر شعره على رثاء أهل البيت. قال الشيخ اليعقوبي رحمه الله : وكانت وفاته في حدود التسعمائة هجرية. وعن الطليعة أنه توفي في سنة 840 وقبره في الحلة مشيد عليه قبة بيضاء في محلة ( جبران ) إحدى محلات الحلة في شارع يعرف بـ ( شارع المفتي ) الى جنب دار الأديب الشيخ محمد الملا. ويقول السيد الأمين في الاعيان : توفي في حدود سنة 840 في الحلة.
    وقال من قصيدة يرثي الحسين عليه السلام.
بات العذول على الحبيب مسهداً ورأى العـذار بسالفيـه مسلسلا هذا الذي أمسى عذولي عاذري ريم رمى قلبي بسهـم لحـاظه قمرٌ هلال الشمس فـوق جبينه وقوامه كالغصن رنّحـه الصبا فاذا أراد الفتك كـان قـوامـه تلقاه منعطفاً قضـيبـاً أميـدا في طاء طرّتـه وجـيم جبينه ليلٌ وصبحٌ أسـودٌ فـي أبيض فأقام عـذري في الغـرام وأقعدا فأقام في سجـن الغـرام مقيـدا فيـه وراقـد مقلتيـه تسـهـدا عن قوس حاجبه أصاب المقصدا عال تغار الشمـس منه اذا بـدا فيه حَمام الحـيّ بـات مغـرّدا لدنا وجرّدت اللحـاظ مـهـندا وتراه ملـتـفـتاً غـزالاً أغيدا ضدّان شأنهما الضـلالة والهدى هذا أضلّ العاشقيـن وذا هـدى


(288)
لا تـحـسـبـوا داود قـدّر سـرده لكـنـمـا يـاقـوت خـاء خـدوده يا قـاتـل العـشـاق يـا من طرفه قسماً بـثاء الثـغـر مـنـك لأنـه وبـراء ريـق كالـمـدام مـزاجـه إني لقد أصبحـت عبـدك في الهوى فاعدل بعبدك لا تـجـر واسمح ولا وابدِ الـوفا ودع الجفـا وذرِ العـفا وفجعـت قلبـي بـالتفـرق مثـلما سبط النبي المصطـفى الهـادي الذي وهو ابن مولانـا علـي المـرتضى أسما الورى نسبـاً وأشرفهـم أبـاً بحرٌ طما. ليث حمـى. غيثٌ هما السـيـد السنـد الحسين أعـم أهـ لـم أنسـه فـي كـربلا متـلظيـا والمقنب الأمـوي حـول خـبائـه عصبٌ عصت غصّت بخيلهم الفضا حمـّت كتـائبـه وثـار عجـاجه للنصب فيه زماجـر مـرفـوعـة صامـت صوافنـه وبيض صفاحه نسج الغبـار علـى الاسود مدارعاً والخيـل عابسـة الـوجـوه كأنها حتى اذا لمعـت بـروق صفاحها فـي سـين سـالفـه فبات مسرّدا نمّ العـذار بـه فصـار زبـرجدا الرشّاق يرشقنا سهامـاً مـن ردى ثغرٌ به جيـم الجـمـان تنـضـّدا شهدٌ به تروى القلوب مـن الصدى وغدوت في شرح المحبـة سيـّدا تبخل بقـربٍ مـن وفـاك الأبعدا فلقد غدوت أخا غـرام مـكـمـدا فجعت أميـة بـالحسيـن محمـدا أهدى الانام من الضـلال وأشـردا بحر الندى مروي الصدا مردي العدا وأجلّـهـم حسبـاً وأكـرم محتـدا صبح أضا. نجـم هدى. بـدر بدا ـل الخافقين ندى وأسمحهـم يـدا في الكـرب لا يلقـى لمـاءٍ موردا النبوي قد مـلأ الفـدافـد فـدفـدا غصبت حقوق بنـي الوصي وأحمدا فحكى الخضّم المـدلهـمّ المـزبـدا جزمت بها الأسماء من حرف النـدا صلّت فصيـرت الجمـاجـم سجدا فيه فجسـّدت النجيـع وعسـجـدا العقبان تختـرق العجـاج الأربـدا وغدا الجبان من الـرواعـد مرعدا


(289)
صال الحسيـن علـى الطغاة بعزمه وغدا بـلام اللـدن يطعـن أنجـلا فأعاد بالـضـرب الحسـام مفلـلا فكـأنمـا فتـكاتـه فـي جيشهـم جيشٌ يريـد رضـى يزيد عصابة جحـدوا العلـي مـع النبي وخالفوا وغواهم شيـطانهــم فأضـلّهـم ومن العجـائـب أن عذب فراتـها طام وقلب الـسبـط ظـام نـحوه وكأنـه والطـرف والبتـار والخر شمس على فلـك وطـوع يميـنه والسيد العباس قـد سلـب العـدا وابن الحسين السبـط ظمآن الحشا كالبدر مقطوع الـوريـد لـه دم والسادة الشهداء صرعى في الفلا فأولئك القـوم الـذين على هدى والسبط حران الحشـا لمصـابهم حتى اذا اقتربت أباعيـد الـردى دارت علـيه عـلـوج آل اميـّة فرموه عـن صفـر القسيّ بأسهمٍ فهوى الجواد عـن الجواد فرجّت واحتزّ منه الشمر رأسـاً طـالما فبكته أمـلاك السمـاوات العلـى لا يختشي من شـرب كـاسات الردا وبغين غرب العضب يضـرب أهودا وثنى السنان من الطعـان مقـصـّدا فتكات ( حيدر ) يوم أحـد فـي العدى غصبت فاغضبـت العلـيّ وأحـمدا الهادي الوصي ولم يخـافوا الموعدا عمداً فلـم يجـدوا وليـاً مـرشـدا تسـري مسلسـلةً ولـن تتـقـيـدا وأبـوه يسقـي النـاس سلسله غـدا صـان فـي ظلـل العجاج وقد بدا قمرٌ يقابـل فـي الظـلام الفـرقدا عنـه اللبـاس وصيـروه مجـرّدا والمـاء تنهلـه الـذئـاب مبـرّدا أمسى علـى تـرب الصعيد مبـددا كل لأحـقـاف الـرمال تـوسـدا مـن ربهم فمـن اقتدى بهم اهتدى حيـران لا يلـقى نصيـراً مسعدا وحياتـه منهـا القريـب تبـعـّدا من كل ذي نقـص يـزيـد تمردا من غير ما جرم جنـاه ولا اعتـدا السبع الشـداد وكـان يـوماً أنكدا أمسى له حجـر النبـوة مـرقـدا والدهر بات عليـه مشقـوق الردا


(290)
وارتد كـفّ الجـود مـكفـوفاً وطر والوحش صاح لما عـراه من الاسى وسروا بزين العـابـديـن السـاجد وسكينة سكـن الأسـى فـي قلبهـا وأسال قـتـل الطـف مدمع زينب ورأيت سـاجـعـةً تنـوح بأيكـة بيـضاء كالـصبـح المضيء أكفها ناشـدتهـا يـا ورق مـا هذا البكا والطوق فـوق بياض عنقـك أسود لمـا رأت ولهــي وتسـآلـي لها رفعت بمنصـوب الغصون لها يداً قتل الحسيـن بـكـربـلا يـا ليته فاذا تـطـوق ذاك دمعـي أحمـر ولبست فوق بياض عنقي من أسى فالآن هـاذي قصتـي يا سائلـي فانـدب معـي بتقـرّحٍ وتحـرّق فلألعـنـن بـنـي أمية ما حـدا ولأبكـيـنّ عليـك يـابـن محمد ولأحليـنّ عـلى عـلاك مـدائحاً عرباً فصاحاً في الفصاحة جاوزت قلّدتهـا بقـلائـد مـن جـودكـم يرجو بها نجل العرندس صـالح وسقى الطفوف الهامرات من الحيا ف العلم مطـروفـاً عليـه أرمدا والطير ناح علـى عـزاه وعـددا الباكي الحزيـن مقيـداً ومصفـدا فغدا بضامرهـا مقـيـماً مقعـدا فجرى ووسـط الخـد منهـا خددا سجعت فأخرست الفصيـح المنشدا حمرٌ تطوقـت الظـلام الأسـودا ردّي الجواب فجعت قلبـي المكمدا وأكفك حمـرٌ تحـاكـي العسجـدا ولهيـب قلبـي نـاره لـن تخمدا جزمت به نـوح النـوائـح سرمدا لاقى النجاة بها وكنـت لـه الفـدا قـانٍ مسحـت بـه يـديّ تـوردا طوقـاً بسيـن سواد قلبي أسـودا ونجـيـع دمعـي سائل لن يجمدا وابكي وكن لي في بكائـي مسعدا حادٍ وما غار الحجيـج وأنـجـدا حتى أوسد في التـراب ملـحّـدا من ردّ ألفاظـي حسـانـاً خرّدا قَسّاً وبـات لـهـا لبـيد مبلـّدا أضحى بها جيـد الزمـان مقلّدا في الخلد مع حور الجنـان تخلّدا سحباً تسحّ عيونها دمـع النـدى


(291)
ثم السلام عليك يابن المرتضى ما ناح طير في الغصون وغردا
    وفي مجموعة الشيخ محمد رضا الحساني رأيت قصيدة للشيخ ابن العرندس مطلعها :
عين سحي سحائب الأجفان واسعديني بمدمع هتان
    ومن شعره في أهل البيت عليهم السلام.
أيا بنـي الوحـي والتنزيل يا أملي حزني عليكـم جـديـد دائـم أبداً ومـا تذكـرت يوم الطف رزأكـم وأصبح القلب مني وهـو مكتئـب لكم لكم يا بني خيـر الورى اسفي يا عدتي واعتمـادي والرجاء ومن إني محبكم ارجـو النجـاة غـدا وعاينت مقلتي مـا قـدّمتـه يدي صلى عليكم إله العرش ما سجعت يا من ولاكم غدا في القبر يؤنسني ما دمت حياً إلى أن ينقضي زمني إلا تجدد لـي حـزن على حزن والدمع منسكب كـالعارض الهتن لا للتنائي عـن الاهليـن والوطن هم أنيسـي إذا أُدرجـت في كفني اذا اتيت وذنبـي قـد تكـأدنـي من الخطيئات فـي سرٍ وفي علن حمامة أو شـدا ورق على غصن
    واول هذه القصيدة كما ذكرها السيد احمد العطار في مخطوطه ( المجمو الرائق ) :
نوحوا أيا شيعة المولى أبا حسن على الحسين غريب الدار والوطن


(292)
    وقال :
أضحى يميس كغصن بان في حُلا سلب العقول بناظـر فـي فتـرة وانحـل شد عـزائمي لـما غدا وزها بها كافور سـالـف خـده وتسلسلت عبثاً سلاسـل صـدغه وجناته جـوريـةٌ ، وعـيـونـه جارت وما صفـحت على عشاقه ملكت محاسنـه ملـوكـا طالمـا كسرى بعينيـه الصحـاح ، وخده كتب الجمال على صحيفـة خـده فرمى بها من عيـن غنـج عيونه فاعجب لعين عبير عنبـر خـاله وسلى الفؤاد بحر نيـران الجـوى قمرٌ اذا ما مـرّ في قلبـي حَلا فيها حرام السحـر بـان محللا عن خـصره بنـد القباء محللا لما بريحان العذار تســلسـلا فلذاك بـتّ مقيـداً ومسـلسـلا حورية ، شبه الغـزال الاكحـلا فتكـاً وعـادل قـدّه مـا أعدلا أضحـى لها الملك العزيز مذللا النعمان ، بالخال النجاشي خوّلا نوني قسـيّ الحاجبيـن ومثـّلا سبق السهام أصاب مني المقتـلا في جيم جمـرة خـده لن تشعلا مني فذاب وعن هـواه مـا سلا
    ومنها في الرثاء :
حامـت عليـه للحمـام كواسر امست بهم سمر الرماح وزرقها عقدت سنابك صافنـات خيوله ودجـت عجاجته ومدّ سـواده وكأنمـا لمـع الصوارم تحته ظمئت فاشربها الحمام دم الطلا حمراً وشهـب الخيل دهما جفّلا من فوق هامات الفوارس قسطلا حتـى أعـاد الصبـح ليلا أليلا بـرق تألق في غمـام فانجلـى
    ومنها :
فرس حوافره بغير جماجم الفرسان في يوم الوغى لن تنعلا


(293)
اضحى بمبيّض الصباح محجلا وغدا بمسوّد الظلام مسربلا
    ومنها :
فـكـأنـه وجواده وحسامه شمس على الفلك المدار بكفه يوم الكفاح لمن اراد تمثلا قمر منازله الجماجم منزلا


(294)
المتوفي حدود 850
لعمـرك يـا دنيــا ثنيـت عناني ومن كان بـالايام مثلي عـارفـا نعيت الى نـفسـي زمـان شبيبتي لقد ستر الستـار حـتـى كـأنـه ولو أنني فـي ذاك أديـت شكـره ولكـننـي بارزتـه بـجـرائـم اقول لنفسـي إن اردت سـلامـة فاني لأخشى أن يقـول امـرتـه ولي عنده يوم النشـور وسيـلـة بنو المصطفى الغر الذين اصطفاهم أناف بهم فـي الفخـر عبد منافهم أبرّ وأحمـى مـَن يُرجّى ويُتّقـى وان لهم في سالـف الـدهر وقعة غداة ابن سعد يستعـد لحـربهـم وذاك لأمر مـن عَناك عَناني لواه الذي عن حبهـن لـواني وشيبي الى هذا الزمـان نعاني بعفو من اسم المذنبيـن محاني لكنت رعيت الحق حين رعاني كأن لم يكن عن مثلهـن نهاني فديني فمالـي بالعـذاب يـدان بامـري وقـد أمهلته فعصاني بها انا راج محـو ما أنا جاني وميّزهم من خلقـه بمعـانـي فما لهم عبد المـدان مـدانـي ليوم طعـام أو ليـوم طعـان لدى الطف تغري الدمع بالهملان بكـل معـديٍّ وكـل يمـانـي


(295)
    ومنها :
بنـي صفـوة الجبار ، عيناي كلما واني من حزني على فوت نصركم ولكنه ان أخـر النـصـر عنكـم وانتم موالي الأولى اقتـدى بهـم ولي موبقات من ذنـوب أخـافها وما انا مـن عفـو الاله بقـانط فكيف وقد ابدعت إذ قمت خاطيا ولم يخش يوما من عذاب مغامس عليكـم سلام الله ما ذرّ شـارق ذكرتـم لهـا بالدمع تبتدران لأقرع سنـي حسـرةً ببناني ففات سناني لا يفـوت لساني فما بفـلان يقتـدى وفـلان اذا ما إلهي للحسـاب دعاني ولكنـه ذو رحمـة وحنـان لكم في مغاني حسنكم بمغاني اذا كنتـم ممـا أخاف اماني وما قام داعـي فرضه لأذان


(296)
    الشيخ مغامس بن داغر المتوفي حوالي سنة 850 هـ
    شاعر طويل النفس بديع النظام حلو الانسجام ، أصله ـ كما في الحصون المنيعة ـ من احدى العشائر العربية القاطنة ضواحي الحلة ، استوطن الحلة حتى توفي فيها. قال الشيخ الخطيب اليعقوبي في ( البابليات ) وقفتُ أخيراً على قصائد للمترجم في أهل البيت عليهم السلام ذكرها الشيخ عبد الوهاب بن الشيخ محمد علي الطريحي ـ أخو فخر الدين صاحب المجمع والمنتخب ـ في مؤلف له كتبه بالحلة سنة 1076 وكله في مراثي آل الرسول صلي الله عليه واله ومديحهم وهو من بقايا مخطوطات كتب آل طريح ولكنه طالما عبّر فيه عن المترجم بـ البحراني فيمكن أن يكون أصله من البحرين وهبط العراق وسكن الحلة للحصول على الغاية التي أشرنا إليها. وقد استظهر العلامة الاميني في ج 7 من الغدير بأنه خطيب أديب وابن خطيب أديب. من قوله في إحدى قصائده النبوية
فتارة انظـم الاشعـار ممتـدحاً أعملت في مدحكم فكري وعلمني وتارة انثر الاقوال في الخطـب نظم المديح وأوصاني بذاك أبي
    ويوجد في المجاميع القديمة المخطوطة وبعض المطبوعات كالمنتخب والتحفة الناصرية شيء كثير مما قاله في الأئمة وقد جمع منها العلامة الشيخ محمد السماوي ديواناً باسم المترجم يربو على 1350 بيتا عدا الذي عاثت به أيدي الشتات.


(297)
    ومما قاله ابن داغر الحلي
حيّـا الاله كتـيبـة مـرتـادهـا قصدت أميـر المـؤمنيـن بقـبّة وفدت على خير الأنـام بحضـرةٍ فيها الفتى وابن الفتـى وأخو الفتى فلـه الفخار قـديمـه وحـديثـه مولى البرية بعـد فقـد نبيـهـا وإذا القـروم تصادمت في معرك وترى القبائـل عند مختلـف القنا والشوس تعثـر في المجال وتحتها فكأن منتشـر الرعال لدى الوغى ورماحهم قـد شظّيت عيـدانهـا والشهب تغمد في الرؤس نصولها فتـرى هنـاك أخـا النبي محمّد متردياً عنـد اللقـا بحسـامـه عضد النبـي الهـاشمـي بسيفه واخاه دونهـم وسـدّ دويـنـه وحباه في ( يوم الغديـر ) ولايةً فغدا به ( يوم الغديـر ) مفصـّلا قبلت وصية أحمد وبصـدرهـا حتى إذا مات النبـي فأظهـرت منعوا خـلافـة ربهـا ووليهـا يطوي له سهـل الفـلا ووهادها يبني على هام السماك عمـادهـا عنـد الإله مـكـرّم وفـادهــا أهل الفتـوة ربهـا مقـتـادهـا والفاضلات طريفهـا وتـلادهـا وإمامها وهمامهـا وجـوادهــا والخيل قد نسـج القتام طرادهـا منه يحذّر جمـعـهـا آحـادهـا جرد تجذ الى القتـال جيـادهـا زجل تنشّر في البلاد جـرادهـا وسيوفهم قد كسّرت أغـمـادهـا والسمرتصعد في النفوس صعادها وعليه من جهـد البلاء جلادهـا متصديـاً لكمـاتهـا يصطـادها حتى تقطّع في الـوغا أعضادها أبـوابهـم فتـّاحهـا سـدادهـا عام الوداع وكلـهـم أشهـادها بركاته ما تنتـهـي أعـدادهـا تخفـى لآل محمـد أحقـادهـا أضغانها في ظلمهـا أجنـادهـا ببصائر عميت وضـل رشـادها


(298)
واعصو صبوا في منـع فاطم حقها وتوفّيـت غصصـاً وبعـد وفاتها وغدا يسب على المنـابـر بعلهـا ولقد وقفت علـى مقـالـة حاذقٍ ( أعلى المنابر تعـلنـون بسـبـه يا آل بيـت محـمـد يـا سـادة أنتم مصابيـح الـظـلام وأنتـم فضلاءها علـمـاءهـا حلماءها أما العباد فـأنـتـم سـاداتهـا تلك المساعي للبـرية أوضحت واليكـم من شـاردات ( مغامس ) كملت بـوزن كمـالكم وتزينت ناديتها صوتاً فمـذ أسمعـتـها نفقت لديّ لأنهـا فـي مـدحكم رحـم الاله ممـدّهـا أقـلامه فتشفّعـوا لكبـائـر أسلفتـهـا جرماً لو انّ الراسيـات حملنه هيهات تمنع عن شفاعة جدكم صلّى الاله عليكـم ما أرعدت فقضت وقـد شاب الحيـاة نكادها قتل الحـسيـن وذبّحـت أولادها في أمـّة ضـلـّت وطال فسادها في السـالفين فـراق لي إنشادها وبسـيفه نصبـت لكـم أعوادها ) سـاد البرية فضلهـا وسـدادها خيـر الانام وأنتـم أمجـادهـا حكـماءهـا عبـّادهـا زهّادها أما الحروب فأنـتـم آسـادهـا نهج الهدى وشـمـت به عبّادها بكراً يقرّ بفضـلهـا حسّـادهـا بمحاسن مـن حسنـكـم تزدادها لبّت ولم يصلد عـلـيّ زنـادها فلذاك لا يخشـى علـيّ كسادها ورجـاؤه أن لا يخيـب مدادها قلقت لها نفسي وقـلّ رقـادها دكّت وذاب صخورها وصلادها نفس وحب أبـي تـراب زادها سحبٌ وأسبل ممطـراً أرعادها
    وقوله من قصيدة تناهز الاثنين والتسعين بيتا :
كيف السلامة والخطوب تنوب ومصائب الدنيا الغرور تصوبُ


(299)
إن الـبقـاء علـى اختـلاف طبائع العيـش أهـونه وما هـو كـائـن والـدهـر أطـوار وليـس لأهلـه ليـس اللبيـب مـن استغـر بعيشه يا غـافلاً والموت ليـس بغـافـلٍ أبديـت لهـوك إذ زمانـك مقبـل فمن النصير على الخطوب اذا أتت علل الفتـى مـن علمـه مكفـوفة وتراه يكدح فـي المعـاش ورزقه إن اللـيالـي لا تـزال مـجـدّة من سـر فيهـا ساءهُ من صرفها عصفت بخير الـخلـق آل محمد أما النبي فخانـه مـن قـومـه من بعد ما ردوا علـيـه وصاته ونسوا رعاية حقـه فـي حيـدر فأقام فيهم برهـة حتـى قضـى ورجاء أن ينجـو الفتى لعصيب حتمٌ وما هـو واصـل فقـريب إن فكّروا فـي حـالتـيه نصيب إن المفكر في الأمـور لبـيـب عش ما تشاء فانـك المطلـوب زاهٍ واذ غضّ الشبـاب رطيـب وعلا على شرخ الشباب مشيـب حتى الممـات وعمـره مكتـوب في الكائنـات مقـدّر محسـوب فـي الخلـق أحداث لها وخطوب ريـبٌ له طول الـزمـان مريب نكبـاء إعصار لهـا وهبــوب في أقربيه مجـانـب وصحـيب حتـى كـأن مقالـه مـكـذوب في « خم » وهو وزيره المصحوب في الغيظ وهو بغيظهم مغضوب
    ومنها قوله في رثاء الامام السبط عليه السلام :
بأبـي الامام المستظام بكربلا بأبي الوحيد وما له من راحم بأبي الحبيب إلى النبي محمد يا كـربلاء أفيك يقتل جهرة يدعـو وليس لما يقول مجيب يشكـو الظما والماء منه قريب ومحمـد عنـد الاله حبـيـب سبـط المطهـر إن ذا لعجيب


(300)
مـا أنـت إلا كـربة وبـليـّة لهـفي عليه وقـد هـوى متعفراً لهفـي عليـه بالطفـوف مجدلا لهفي عليه والخيـول تـرضـه لهفـي لـه والـرأس منه مميز لهفـي عليـه ودرعـه مسلوبة لهفي على حرم الحسين حواسراً حتـى إذا قطـع الكـريم بسيفه لله كم لـطمـت خـدود عنـده ما أنـس إن أنـس الزكية زينباً تدعو وتندب والمصـاب يكظها ءاخي بعـدك لاحييـت بغبطةٍ حزني تذوب له الجبـال وعنده كـل الأنـام بهـولها مكـروب وبـه أوام فــادح ولـغــوب تسفـي عليـه شمـال وجنـوب فلهـنّ ركـض حولـه وخبيـب والشيب من دمه الشريف خضيب لهفـي عليـه ورحلـه منهـوب شعثاً وقد ريعـت لهـنّ قلـوب لم يثنـه خـوف ولا تـرعيـب جزعاً وكطـم شقت عليه جيوب تبكـي لـه وقنـاعهـا مسلوب بين الطفوف ودمعهـا مسكـوب واغتالني حتـف إلـيّ قـريـب يسلو وينسـى يـوسفـاً يعقوب
    وقال في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
عرّج على المصطفى يا سائق النجبِ عرج على السيد المبعـوث من مضر عرّج على رحمـة البـاري ونعمته رآه آدم نــوراً بــيـن أربعــة فقال : يا رب مـن هـذا ؟ فقيل له هم أوليـائـي وهم ذرّيـةٌ لـكمـا أما وحـقـهـم لـولا مـكـانهـم عرّج على خيـر مبعـوث وخير نبي عرّج على الصادق المنعوت في الكتب عرّج على الابطحي الطاهـر النسـب لألاؤها فوق سـاق العـرش من كثب قول المحب وما في القول مـن ريب فقرّ عينـاً ونفـسـاً فيـهـم وطـب منـي لما دارت الأفـلاك بـالقطـب
ادب الطف ـ المجلد الرابع ::: فهرس