ادب الطف ـ المجلد الرابع ::: 316 ـ 330
(316)
رجل يحـبّ الله وهـو يحبـه كانت هـدايـا الله تـأتيـه بها تفنى الصفات وليس يدرك فضله واليتـه وبرئـت مـن أعـدائه واليكهـا تجلـى القلوب بحسنها فيها ابن حماد يعـارض اختهـا فعـليـه منـه تحية وسلام منه مـلائكـة عليه كـرام وتضـلّ دون بلوغه الأوهام أفهـل عليّ بمـا فعلت ملام وتبلّـج الاذهـان والافهـام ( كم قد طوتك الكوم والاكام )
    وفي يتيمة الدهر روى الابيات التالية وانها لابن حماد البصري.
ان كـان لا بد من أهل ومن وطن يا ليتنـي منكـر مـَن كنت اعرفه لا اشتـكي زمني هـذا فـاظلمـه قد كان لي كنز صبر فافتقرت الى وقد سمعـت أفانيـن الحديث فهل فحيث آمنُ من ألقـى ويـأمننى فلست اخشى إذاً من ليس يعرفني وانما اشتكي من اهل ذا الـزمن إنفاقه في مـزاراتـي لهم وَفَني سمعت قط بحـرٍّ غيـر ممتحن


(317)
حدود 900
اسهـر طرفـي وأنحـل البـدنا ذكرى غريب الطفوف يوم سرى واجتاح صبري وزادني حزنا بالأهـل والمـال يعنف البدنا
    ويقول فيها :
يا آل طه وهـل اتـى وسبـا عبدكم الـدرمكـيّ بـاعكـم في قولكم لا يخاف من مسكت ومَن الى قصدهم توجهنا مهجتـه إذ نقـدتم الثمنا كفاه في حشـره ولايتنا
    وقال ايضا :
قلب المتيم بالاحـزان موغـور ودمعه فوق صحن الخد منحدرٌ ومنزل الصبر فيه مقفر خرب قد عاهـد الله ايمـانا مغلظـة وطرفه عـن لذيذ النوم محجور وجسمه بقيـود السقـم مقهـور وعمره بالبكاء والنـوح معمـور لا يترك الحزن حتى ينفخ الصور


(318)
    ويقول فيها :
لله درهـم مـا كـان اصبـرهـم من كل محتزم بـالصبـر مـدرع كانوا كاصحاب بدر في الوغى لهم كأنهم في الوغى اسد مغاوير بالفضل متشح بالخير مذكور شأن ومجد وتعظيم وتوقيـر


(319)
    عبد الله بن داود الدرمكي
    توفي في حدود سنة 900 في عمان ودرمك قرية منها.
    كان فاضلاً اديباً شاعراً فمن شعره في رثاء الحسين (ع) قوله :
أسهر طرفـي وأنحـل البـدنـا ذكرى غريب الطفوف يوم سرى واجتاح صبري وزادني حزنا بالاهل والمـال يعنـف البدنا


(320)
حدود 900
سألتكـم بـالله هـل تـدفـنـونـي فاني به جـار الشهيـد بـكـربـلا فاني به في حفـرتـي غير خائـف أمنتُ بـه فـي موقفـي وقيـامتـي فإني رأيـتُ العـرب تحمـي نزيلها فكيف بسبط المصطفـى أن يردّ مَن وعار على حامي الحمى وفي الحمى اذا مـتّ في قبـر بأرض عقير (1) سليل رسـول الله خيـر مجيـر بلا مريـة ، مـن منكـر ونكير اذا الناس خافوا من لظى وسعير وتمنعـه من أن يصـاب بضير بحـائره ثـاوٍ بـغيـر نصيـر اذا ضـلّ فـي البيدا عقال بعير
    وللشيخ ابراهيم الكفعمي ،
    لما قدم الى كربلاء ووقف أمام الحائر الحسيني وهزّه الشوق ارتجل قصيدة
1 ـ ذكر المترجم له في بعض حواشيه على المصباح انه حفر له أزج في كربلاء لدفنه فيه بأرض تسمى ( عقيراً ) فقال في ذلك وهو وصية منه الى أهله واخوانه بدفنه فيه ، انتهى عن أعيان الشيعة ج 5 ص 350.

(321)
تربو على مائة وثلاثين بيتاً منها :
أتيتُ الامام الحسين الشهيد اتيـت ضـريحاً شريفاً به أتيتُ إمـام الهـدى سيدي بقلب حزين ودمـع غـزير يعود الضرير كمثل البصير بشوق هو الكهف للمستجير


(322)
    تقي الدين الكفعمي المتوفي سنة 900 قال صاحب كتات ( أعلام العرب )
    تقي الدين ابراهيم بن زين الدين علي بن بدر الدين حسن بن محمد بن صالح ابن اسماعيل .. الحارثي الهمداني (1) ، الكفعمي اللويزي الجبعي (2) ، العلامة الفقيه الحافظ الزاهد الأديب.
    ولد بقريه كفر عيما أوائل القرن التاسع ونشأ فيها ، وروى العلم اجازة عن جماعة منهم والده زين الدين علي والسيد الحسين بن مساعدالحسيني الحائري والسيد علي بن عبد الحسين بن سلطان الموسوي والشيخ زين الدين النباطي العاملي ، وكان تقي الدين محدثاً ثقة عالماً فقيهاً زاهداً مشهوراً بالاصلاح واسع الاطلاع متضلعاً في اللغة والأدب ، شاعراً بارعاً ، قال المقري : « ما رأيت مثله في سعة الحفظ والجمع » ، ووجد بخط المجلسي انه من مشاهير الفضلاء والمحدثين والصلحاء المتورعين. وكانت له مكتبة كبيرة ضمت كثيراً من الكتب الغريبة المعتبرة. ويقال انه قدم النجف وطالع في كتب الخزانة الغروية ، ومن تلك الكتب ألف تصانيفه الكثيرة في أنواع العلوم وغرائب الأخبار ، وكان حسن الحظ وقد وجد بخطه كتاب ( الدروس ) للشهيد فرغ منه سنة 850 هـ.
    سكن تقي الدين كربلاء مدة من الزمن وأوصى أن يدفن فيها في مكان أعده
1 ـ نسبة الى الحارث الهمداني صاحب اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام.
2 ـ لويزه وجبع من قرى لبنان كذالك كفعم.


(323)
لنفسه اسمه ( عقير ) ويظهر ان السيد الأمين يرى انه دفن في جبل عامل وذكر انه سكن كربلاء مدة وعمل لنفسه أزجاً بها بأرض تسمى عقيراً وأوصى أن يدفن فيه ثم عاد الى جبل عامل وتوفي فيها في قريته وانه عثر على قبره بعد زمن بعيد بما كتب على صخرة فوق قبره فعمر وصار مزورا يتبرك به.
    ومما يؤسف له ان تقي الدين وهو من الاعلام المشاهير لم يضبط تاريخ ولادته ولاتاريخ وفاته ، والمظنون انه توفي سنة 900 هـ أو حوالي هذا التأريخ.
    وله تصانيف كثيرة ومهمة ، عني بها الناس كثيراً ، منها : الفوائد الشريفة في شرح الصحيفة ـ صحيفة الامام السجاد. القصد الأسنى في شرح الأسماء الحسنى ، نهاية الأرب في أمثال العرب ، قراضة النضير في التفسير فروق اللغة ، المنتقى في العوذ والرقى ، الحديقة الناضرة ، نور حدقة البديع ونور حديقة الربيع في شرح بعض قصائد العرب. النحلة ، فرج الكرب وفرح القلب ، الرسالة الواضحة في شرح سورة الفاتحة ، الكواكب الدرية ، زهر الربيع في شواهد البديع ، حياة الأرواح في اللطائف والأخبار والآثار فرغ منه سنة 843 ، أرجوزة في مقتل الحسين وأصحابه ، مقاليد الكنوز في اقفال اللغوز ، رسالة في وفيات العلماء ، ملحقات الدروع الواقية ، اللفظ الوجيز في قراءة الكتاب العزيز ، حديقة أنوار الجنان الفاخرة وحدقة أنوار الجنان الناضرة ، مشكاة الانوار ، التلخيص في مسائل العويص. وغيرها .. وله فصول كثيرة مسجعة ذكر بعضها المقري في نفح الطيب ، والأمين في الأعيان. وله شعر كثير جداً.
    ومن مؤلفاته عدا ما ذكرناه :
    1 ـ البلد الامين والدرع الحصين ، وهو في السنن والآداب والادعية


(324)
المأثورة وغيرها ، عنيت بنشره مكتبة الصدوق في طهران للمرة الثانية بالاوفست سنة 1382 هـ ص 613 حجر ، بالقطع الكبير ، وفي صدره مقدمة قيمة مع شجرة نسب الكفعمي.
    2 ـ جنة الامان الواقية وجنة الايمان الباقية ، المعروف بـ « مصباح الكفعمي » وهو كتاب ضخم كبير طبع مرتين في بمبئ ، وطبع في طهران بالمط الفخرية سنة 1320 على الحجر بقطع كبير ص 774 وهو يضم طوائف من المعارف ، والاخبار وما يؤثر من الاعمال ، وفي ص 466 ـ 472 أرجوزة في مستحبات الصوم ، وفي ص 701 ـ 711 قصيدة رائية رائعة للمؤلف في مدح الامام علي عليه السلام يذكر فيها مواقفه ومناقبه ومبايعته يوم غدير خم ، وفي الكتاب أنواع اخرى من شعره ، ونماذج من بيانه وأساليبه في البديع ، ومن هذا الكتاب نسخ مخطوطة بخطوط رائعة تدل على العناية به ومنها نسخة كتبت سنة 1057 بخط الحاج مؤمن بن محمد المشهدي مجدولة بخطين : ذهبي عريض وآخر أزرق ، والصفحة الاولى والثانية في منتهى الروعة والجمال مزخرفة بالذهب واللون الازرق ، وهي في ( مكتبة آية الله الحكيم ) في النجف.
    3 ـ محاسبة النفس اللوامة وتنبيه الروح النوامة ، رسالة طبعت في العجم وترجمت إلى الفارسية ، ونشرت ضمن كتابه ( البلد الامين ).
    4 ـ مجموع الغرائب وموضوع الرغائب ، بمنزلة الكشكول منه نسخة مخطوطة في المكتبة الرضوية وهي من وقف ابن خاتون العاملي وقفها سنة 1067 ( الاعيان 5 / 343 ).
    5 ـ صفط الصفات في شرح دعاء السمات ، ذكر في حواشي المصباح فرغ


(325)
منه في شعبان 875 هـ ومنه نسخة في طهران في مكتبة الشيخ ضياء الدين النوري ، ونسخة في مكتبة ( آية الله الحكيم ) بخط السماوي سنة 1355.
    6 ـ مجموعة كبيرة كثيرة الفوائد ، ضمت مؤلفات عديدة ، قال صاحب الرياض : رأيتها بخطه في بلدة ايروان من بلاد آذربيجان وكان الفراغ من كتابه بعضها سنة 848 وبعضها 849 وبعضها سنة 852 فيها : كتاب الغريبين للهروي. ومغرب اللغة للمطرزي ، وغريب القرآن لمحمد بن عزيز السجستاني وجوامع الجامع للطبرسي ، وتفسير علي بن ابراهيم وعلل الشرائع للصدوق ، وقواعد الشهيد ، والمجازات النبوية للرضي ، والحدود والحقائق في تفسير الالفاظ المتداولة في الشرع وتعريفها ، ونزهة الالباء في طبقات الادباء للانباري ، ولسان الحاضر والنديم .. وكل هذه قد اختصرها ووجدت له !
    قال : وقد عرف تقي الدين بنفسه في آخر ( المصباح ) بقوله : الكفعمي مولداً اللويزي محتداً ، الجبعي ابا الحارثي نسباً ، التقي لقبا ، الامامي مذهبا.
    وقال الشيخ الاميني :
    الشيخ تقي الدين ابراهيم ابن الشيخ زين الدين علي ابن الشيخ بدر الدين حسن ابن الشيخ محمد ابن الشيخ صالح ابن الشيخ اسماعيل الحارثي الهمداني العاملي الكفعمي اللويزي الجبعي.
    أحد أعيان القرن التاسع الجامعين بين العلم والادب تشهد له تآليفه القيمة منها : المصباح الّفه سنة 895 ـ ثم البلد الامين وشرح الصحيفة إلى 49 مؤلفاً. توفي بكربلاء المقدسة وكان يوصي أهله بدفنه في الحائر الحسيني.


(326)
    قال السيد الامين في الاعيان ج 5 ص 351 : وله قصيدة في مدح أمير المؤمنين عليه السلام ووصف يوم الغدير تبلغ مائة وتسعين بيتاً ويظهر من آخرها انه عملها في الحائر الحسيني على مشرفه السلام وأوردها في المصباح أيضاً ، أولها.
هينـئـاً هينـئـاً ليـوم الغـدير ويـوم الكـمـال لـديـن الاله ويـوم العقـود ويـوم الشهـود ويـوم الفـلاح ويـوم النجـاح ويـوم الامـارة للمـرتـضـى واين الضبـاب واين السحـاب علـي الوصـي وصـي النبـي وغيث المحـول وزوج البتـول أمـان البلاد وسـاقـي العبـاد همام الصفوف ومقرى الضيوف ومـن قـد هوى النجم في داره وسل عنـه بـدراً واحـداً ترى وسل عنه عمراً وسل مـرحبـاً وكم نصـر الديـن في معـرك وستاً وعشـريـن حـربا رأى أمير السرايا بـأمـر النـبـي وردّت له الشمـس فـي بابـل تـرى الـف عبـد لـه معتقاً ويـوم الحبـور ويـوم السـرور وإتـمـام نعـمـة رب غـفـور ويـوم المـدود لصنـو الـبشيـر ويـوم الصـلاح لـكـل الأمـور ابـي الحسنـيـن الامـام الاميـر وليـس الكـواكـب مثـل البـدور وغوث الولـي وحتـف الـكفـور وصنـو الـرسـول السراج المنير بيـوم المـعـاد بـعـذب نميـر وعند الزحـوف كليـث هصـور ومَن قاتـل الجـن في قعر بير لـه سـطـوات شجـاع جسـور وفي يوم صفيـن ليـل الهـريـر بسـيـف صقيل وعـزم مـريـر مـع الهـاشـمـى البشيـر النذير وليس عـليـه بـهـا مـن أميـر واثـر بالـقـرص قبـل الفطـور ويختار فـي القـوت قرص الشعير


(327)
وفي مدحـه نزلـت هـل أتى جـزاهـم بمـا صبـروا جنة وحلّـوا أسـاور مـن فضـة واي التبـاهـل دلّـت علـى وأولاده الغـرّ سفـن النجـاة ومَـن كتـب الله أسمـاءهـم هـم الطيبـون هم الطاهرون هم العالمـون هـم العاملـون هـم الحـافظـون حدود الاله لهم رتـب علـت النيـريـن منـاقبهـم كنجـوم السمـاء ترى البحر يقصر عن جودهم فدونكهـا يـا إمـام الـورى وفي ابنيه والام ذات الطهـور وملكـاً كبيـراً ولبـس الحرير ويسقيهـم من شـراب طهـور مقـام عظـيـم ومجـد كبيـر هـداة الانام إلـى كـل نــور على عرشه قبل خلق الـدهـور هـم الاكـرمـون ورفـد الفقير هم الصائمـون نهـار الهجيـر وكهـف الارامـل والمستجيـر وفضـلهـم كـسحـاب مطيـر فكيف يترجـم عنهـا ظهيــر وليس لهم في الورى من نظيـر من الكفعمـي العبيـد الفقـيـر
    ومنها :
وشيـخ كبـيـر لـه لمة أتاه النذير فأضحى يقـول أتيت الامام الحسين الشهيد أتيت ضريحاً شريفا بـه أتيت امام الهـدى سيـدي كساها التعمّـر ثوب القتير (1) اعيذ نذيـري بسبـط النذير بقلب حزين ودمع غـزيـر يعود الضرير كمثل البصير الى الحاير الجار للمستجيـر

1 ـ القتير : الشيب.

(328)
أرجّي الممات ودفن العظام لعلي أفوز بسكنى الجنان أتيت الى صاحب المعجزات بأرض الطفوف بتلك القبور وحور محجّلةٍ في القصور قتيل الطغاة ودامي النحور
    ويروي الصديق الأديب المعاصر سلمان هادي الطعمة في كتابه ( شعراء من كربلاء ) عن مجموعة خطية للعلامة السيد عبد الحسين آل طعمة بيتين الكفعمي ان قرءآ طرداً كانا مدحا ، وان قرءا عكسا كانا ذماً ، وهما :
شكروا وما نكثت لهم ذمـم صبروا وما كملت لهم قمم سروا ومـا هتكت لهم حرم نصروا وما وهنت لهم همم


(329)
    قال محمد بن عمر النصيبي الشافعي ،
حسين ان هجرت فلست أقوى ودمعي قد جـرى نهراً ولكن على الهجران من فرح الحسود عذولـي فـي محبتـه يـزيد (1)

1 ـ عن الضوء اللامع في شعراء القرن التاسع للسخاوي ج 8 ص 260.

(330)
    جاء في ( الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ) للسخاوي جزء 8 ص 259.
    محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن أبي بكر بن محمد بن احمد بن عبد القاهر بن هبة الله الجلال ابو بكر بن الزين ابي حفص بن الضياء بن النصيبي الشافعي سبط المحب بن الشحنة الحنفي ، ولد في ربيع الأول سنة احدى وخمسين وثمانمائة بحلب وقدم القاهرة وهو صغير مع أبيه.
ادب الطف ـ المجلد الرابع ::: فهرس