ادب الطّفّ الجزء الخامس ::: 16 ـ 30
(16)
مفلح بن حسن رشيد بن صلاح الصيمري اما والده فلعله لم يكن من العلماء لأن الشيخ سليمان في الرسالة المذكورة ذكر الشيخ مفلح وابنه الحسين بن مفلح ولم يذكر والده ولو كان من العلماء لذكره ويحتمل سقوطه من قلمه أو تركه له ككثير من مشاهير البحرانيين ويحتمل اتحاده مع الحسن بن محمد بن راشد البحراني صاحب نظم ألفية الشهيد أو الحسن بن محمد بن راشد صاحب كتاب مصباح المهتدين.
أقوال العلماء فيه
    في أمل الآمل : فاضل علامة فقيه معاصر الشيخ علي بن عبد العالي الكركي وفي رسالة للشيخ سليمان البحراني وصفه بالفقيه العلامة. قال المؤلف : وأقواله وفتاواه مشهورة مذكورة في كتب الفقهاء المبسوطة.
مؤلفاته
    في الرسالة المتقدمة : له التصانيف المليحة الفائقة (1) غاية المرام في شرح شرائع الاسلام ، في أنوار البدرين ولعله أول شروح الشرائع وفي الرسالة المتقدمة : وقد أجاد فيه وطبق المفصل وفرق فيه بين الرطلين في الزكاتين وفاقاً لابن فهد الحلي في المهذب والعلامة في التحرير (2) شرح الموجز لابن فهد الحلي وهو المسمى كشف الالتباس في شرح موجز أبي العباس. في الرسالة المتقدمة انه أظهر فيه اليد البيضاء (3) مختار الصحاح (4) منتخب الخلاف أو تلخيص الخلاف منه نسخة في مكتبة الحسينية بالنجف الأشرف (5) رسالة جواهر الكلمات في العقود والايقاعات. في الأمل وهي دالة على علمه وفضله واحتياطه وفي الرسالة المتقدمة : مليح كثير المباحث غزير العلم.
اشعاره
    له شعر كثير في مناقب أهل البيت وفي المثالب ومن شعره قوله :


(17)
أعدلك يا هذا الزمان محرم أم الجور مفروض عليك محتم
    وله :
الى كم مصابيح الدجى ليس تطلع يقولون في أرض العراق مشعشع وحتّام غيم الجور لا بتقشع وهل بقعة إلا وفيها مشعشع (1)
    وقال الزر كلي في الأعلام : مفلح بن الحسن بن رشيد بن صلاح الصيمري : فقيه أمامي. نسبته إلى صيمر بقرب خوزستان. له كتب منها : جواهر الكلمات في صيغ العقود والايقاعات ، فرغ من تأليفه سنة 870 و ( التبيينات ) رسالة في الفرائض والتنبيه على غرائب من لم يحضره الفقيه ، وأجازة بخطه كتبها سنة 873.
    أقول وترجم له الشيخ علي البلادي في ( أنوار البدرين ) ص 74 وقال : وقبره في قرية سلما باد من البحرين وقبر ابنه الصالح الشيخ حسين بجنبه. أقول وذكر ترجمة ولده الشيخ حسين ابن الشيخ مفلح المتوفي سنة 933.
    وذكر البحاثة المعاصر الشيخ آغا بزرك الطهراني في عدة مواضع من ( الذريعة ) كتب الشيخ مفلح واجازاته.
    وترجم له السيد الخوانساري في روضات الجنات وقال توفي سنة 933 وعمره يزيد على الثمانين ، وكان له فضائل ومكرمات وكان يختم القرآن في كل ليلة الاثنين والجمعة مرة.
    قصيدة الشيخ مفلح :
الى كم مصابيح الدجى ليس تطلع وحتّام غيمُ الجو لا يتقشع

1 ـ عن أعيان الشيعة ج 48 ص 91.

(18)
لقـد طبـّق الآفاق شرقاً ومـغرباً وأمطر فـي كل البلاد صواعـقاً منازل أهـل الجور في كـل بلدة يقولون في أرض العراق مشعشع وأعـظم مـن كل الرزايا رزيـة فما انـس لا أنس الحسين ورهطه ولم أنسه والشمر من فوق رأسـه ولم أنس مظـلوماً ذبيحاً من القفا يقبلـه الـهـادي الـنبي بنـحره إذا حزّ عضـواً مـنه نادى بجدّه تـزلزلت بأفلاك من كـل جانب وضجـت بأفلاك السما وتناوحت وترفـع صوتاً أم كـلثوم بـالبكا وتـندب من عظم الرزية جدهـا أيـا جدنـا نشكـو إلـيك أمـية أيا جدنـا لو أن رأيت مصابـنا أيا جـدنا هـذا الحسين معـفراً فجثمـانه تحـت الخيول ورأسه أيا جدنا لـم يتركوا مـن رجالنا أيا جـدنـا لـم يتركوا لنـسائنا أيا جدنا سـرنا سبـايا حواسراً أيا جـدنـا لـو ان تـرانا أذلة أيا جـدنا زيـن العـباد مـكبّل فـلا ينـجـلي آنـاً ولا يتقــطـع وهـبت لـه ريـح مـن الشر زعزع عمار وأهــل العـدل فـي تلك بلقع وهـل بقـعة إلا وفـيهـا مشـعشع مصارع يـوم الـطـف أدهى وأشنع وعتـرته بالطـف ظـلـماً تصـرع يهـشم صدراً وهــو للعـلم مجـمع وقد كان نـور الله فـي الأرض يلمع ومـوضـع تـقـبيل النـبي يقـطع وشـمر عـلى تصمـيمه ليس يرجع تكاد السـما تنـقض والأرض تـقلع طيـور الفلا والـوحش والجن أجمع وتشـكو الـى الله العـلي وتـضرع فـلو جـدنـا يـرنـو إلينا ويسمـع فقـد بالغـوا فـي ظلـمنا وتبـدعوا لكنت تـرى أمـراً له الصخر يصدع عـلى التـرب محزوز الوريد مقطع عنـاداً بـأطـراف الأسـنة يـرفع كبيراً ولا طـفلاً على الـثدي يرضع خماراً ولا ثـوبـاً ولـم يبـق برقع كأنّا سبايا الـروم بـل نحن أوضـع أسـارى الى أعـدائـنا نـتضـرع علـيل سـقـم مـدنـف مـتوجـع


(19)
فما فعـلت عـاد كفـعل أمـية فما قـتل السبط الشـهيد ورهطه ومـا ذاك إلا سامـري وعجـله ألا لـعن الله الـذيـن تـوازروا أيا سادتـي يـا آل بيت محـمد وانتم مـلاذي عند كـل كريـهة اذا كنتم دُرعي ورمحي ومنصلي بكم أتقـى هول المهمات في الدنا فـدو نكمـوها من محب ومبغض ولا طاقتـي إلا المدائـح والهجا الا ساعـة فـيها أجـرد صارماً فحيـنئذ يشفى الفـؤاد وحـزنه أيا سادتـي يـا آل بـيت محمد ألا فـاقبلوا من عبدكـم ومحبكم فإن كان تقـصير بـما قـد أتيته فـلست بقـوال ولست بشاعـر ولكـنهـم آثـار قـوم تـتبـع سوى عصبة يوم السقيفة أجمعوا أهم أصلّوا للظلم والقـوم فرعوا على ظلم آل المصطفى وتجمعوا بكـم مفـلح مستـعصم متـمنع وأنـتم لـه حصن منيع ومفـزع فـلا اختشي بـأساً ولا أتـروع وأهوال روعـات القيامـة أدفـع لـه كبد حـرّى وقـلب مفـجع ولـيس بهـذا علة القـلب تنـقع وأضرب هام القوم حتى يصرعوا مقيم ولو لم يـبق للقوم مـوضع ويا من بـهم يعـطي الإله ويمنع قليلاً فإن الـحر يـرضى ويقنع فساحتة عذري يا مـوالي مـهيع ولـكنّ مـن فـرط الأسى أتـولع (1)

1 ـ عن منتخب الطريحي 145.

(20)
قـلبي لطــول بعـادكـم يتفـطرُ وإذا مـررت على مـعـاهـدكم ولا هاجت بـلابل خاطـري ووقفت في غـدر الـزمان بـنا فـفرّق شـملنا ردّوا الـركـاب لـعـلّ مَن يهواكُم قـد كـدتُ لـما غبتم عن نـاظري لـكـن مـصاب محـمد فـي آلـه الـسـادة الأبـرار أنـوار الـهـدى اهـل المـكارم والـفوائـد والـندى الحـافـظـون الشـرع الهادون من أفـهل سمـعت بهـل أتى لسـواهُم فهـم النجاة لـمن غــدا متـمسكاً والـرجس أذهبـه المهـيمن عـنهم كـم مـثل مـيكـال وحـق أبـيهم وكفـاهـم فـخراً بـأنّ أبـاهم الـ وبـه تشـرّفـت البسيطة واغتـدى ومـدامعي لفراقكم تتـقطّرُ ألفي بها من بعدكم من يخبر أرجائها ودمـوع عيني تهمر والغـدر طبع فـيه لا يتغير يومـاً بقربكم يفـوز ويظفر لأليـم هجركـم أموت وأقبر أنسى سـواه فـغيره لا يذكر قـومٌ مآثر فضلهـم لا تنكر وبـذلك القرآن عنهـم يخبر أمسى بنور هـداهُم يتـبصر مـدحاً وذلك بـيّن لا ينـكر بهـم وهـم نورٌ لـمن يتحيّر من فضله فتقدّسوا وتتطهّروا بهم يسـود وجبرئـيل يفخر ـمتبتل المـزمـّل المدثـر ايوان كـسرى هـيبة يتفطّر


(21)
مـولى تظلله الغـمامة سائراً وبكفه نطق الحصى ولكم غدت قـد كـنـتُ أهـوى ان أراك لترى الحسين بكربلاء وقد غدا وغدا الحسين يقول في أصحابه مـن كل أشوس باسل لا ينثني باعوا نفوسهم لأجل تجارة الـ جـادوا أمام إمامـهم بنـفائس واستعذبوا مرّ الحتوف وجاهدوا وتقيه مـن حـرّ الهـجـير وتسـتر منـها الـمـياه فـضيلـة تتـفـجر غدات يوم الطف حياً في البرية ينظر لقـتالـه الـجيـش اللــهام يُسـبّر قـوموا لحرب عـدوكم واستبـشروا مـن فـوق مـهر سابـق لا يـدبر أخـرى فـنعم جـزاؤهـم والـمتجر مـن أنفـسٍ طهرت وطـاب العنصر حـق الـجهاد وجـالـدوا وتـصبروا (1)

1 ـ كتاب ـ ( مدينة الحسين ) السيد محمد حسن كليدار ج 3.

(22)
    عز الدين حسين بن مساعد
    هو السيد النسابة من أجلّة العلماء وأكابر الفضلاء الشاعر الأديب حسين ابن مساعد بن الحسن بن مخزوم بن أبي القاسم ، هكذا ورد نسبه في آخر ( عمدة الطالب ) الذي نسخه بخطه وفرغ منه في 25 ربيع الثاني عام 893 هـ. وجدته في مكتبة المرحوم الشيخ عبد الرضا آل شيخ راضي في النجف حيث ذكر ابن مساعد في نسخته هذه بقوله :
    « إني كتبتها عن نسخة مكتوبة بخط المؤلف عام 812 هـ وقبل وفاة السيد الداودي بـ 16 سنة ».
    ثم كتب على نسخته هوامش في خلال سنين كما يظهر من تواريخ بعضها.
    وجاء في بعض تلك الهوامش بيان اتصال نسب بعض من أدركهم من السادة المذكورين في ـ عمدة الطالب ـ مع بيان نسب بعض السادة الآخرين الذين تعرّف عليهم ( ابن مساعد ) في سفره الى سبزوار وسمنان من مدن ايران عندما كان متوجهاً في طريقه لزيارة الإمام الرضا (ع) عام 917 هـ ، ويقرأ ختمه : ( الاحقر حسين بن مساعد الحائري ) على كثير من المشجرات المخطوطة العائدة لبعض السادات العلويين ومنها مشجرة ـ آل دراج ـ نقباء كربلاء.
    جاء في هامش ( عمدة الطالب ) المطبوع في ذكر العقب من عيسى بن يحيى بن الحسين « ذي الدمعة » ما نصه :
    العقب من عيسى في ولده ابو الحسن علي ويقال لهم ( بنو المهنا ) وهو


(23)
ابو الحسن علي بن محمد بن أحمد الناصر بن أبي صلت يحيى بن أبي العباس أحمد بن علي بن عيسى المذكور ـ كان له عقب بالحائر ولهم النقابة والبأس والشجاعة ، وعقبه محصور في ولده ـ أبي طاهر محمد الذي كان متوجهاً بالحائر والعقب منه في ولده ( عيسى بن طاهر ) ويعرفون بالحائر ( بني عيسى ) وباسمهم سمي قديماً طرفهم ( محلة آل عيسى ) في كربلاء ، والعقب منه في بني المقري أبي عبد الله الحسين بن محمد بن عيسى بن طاهر المزبور ويقال لولده : ( بنو المقري ) وكلهم بالحائر.
    والعقب من بني المقري في الحائر « بنو طوغان » منهم السيد بدر الدين حسن بن مخزوم بن أبي القاسم طوغان بن الحسين المقري ومنهم السيد الكامل الحافظ كمال الدين ( حسين بن مساعد ) واخوته عماد الدين وعبد الحق ومحمد اولاد السيد العالم المدرس إمام الحضرة الحسينية الحائرية شمس الدين محمد المعروف بـ « مساعد » بن حسن بن مخزوم بن أبي القاسم طوغان ووالده العلامة الفاضل النسابة المترجم ( حسين بن مساعد الحائري ).
    ثم يقول : اني ألحقت آل طوغان الذين هم من بني المقري عند كتابي لهذه المبسوطة في سنة 893 هـ تجسيداً لعهدهم والحمد لله تعالى وحده.
    ولم يضبط مؤرخو الامامية تاريخ وفاة الإمام العلامة حسين بن مساعد الحائري.
    إلا ان السماوي جاء في أرجوزته تاريخ وفاته نظماً كما يلي :
ثم الحسين بن مساعد الأبي الموسوي الحائري قد مضى وجامع الأخبار بعد النسب لربه بها فارخـه قـضى
    ويفهم من ذلك ان وفاته كانت في سنة 910 هـ.
    وقال فيه صاحب الذريعة في تصانيف الشيعة :
    كان حياً عام 917 هـ وهو من أجلّة العلماء وأكابر الفضلاء في عصره في


(24)
كربلاء ، وكان شاعراً بليغاً له عدة تصانيف منها تحفة الأبرار في مناقب أبي الأئمة الأطهار ـ أخرجه من كتب ( أهل السنة ) وذكر أسماءها في آخر الكتاب وهو من مآخذ كتاب البحار للمجلسي.
    ونقل عنه الكفعمي وقال في وصفه في ذيل حاشيته « المصباح » : هو السيد النجيب الحسيب عز الاسلام والمسلمين أبو الفضائل أسد الله ثم يقول كان بينا في المراسلات نظماً ونثراً.
    وقال فيه صاحب ـ رياض العلماء ـ « هو السيد عز الدين الحسين بن مساعد وكان والده السيد مساعد عالماً فاضلاً ألف كتاب « بيدر الفلاح » ولكن لم يذكر اسمه في ذيل الكتاب إلا ان تلميذه الشيخ ابراهيم الكفعمي (1) كان عارفاً بشأنه وشأن والده ومطلعاً على تصانفهما.
    وكذلك يروي الكفعمي عن كتاب ـ بيدر الفلاح ـ قائلاً ان كتاب « بيدر الفلاح » من تصانيف والد العلامة حسين بن مساعد واتخذهما من مصادر تآليفه.
    وللمترجم قصيدة مطولة قالها في مدح أهل البيت (ع) ورثاء الامام الحسين (ع) أولها :
    ( قلبي لطول بعادكم يتفطر ) انتهى عن كتاب مدينة الحسين ج 3 ص 35.
    وفي أعيان الشيعة ترجم له السيد الأمين ترجمة واسعة تحت عنوان : السيد
1 ـ كانت وفاة الشيخ الكفعمي سنة تسعمائة للهجرة على الاكثر اما ابن مساعد بالرغم من انه أستاذ الكفعمي فان وفاته سنة العاشرة بعد التسعمائة ، فربما توهم البعض كيف يكون الاستاذ في القرن العاشر والتلميذ في القرن التاسع فكثيراً ما يموت التلميذ قبل أستاذه ، على أن بين الوفاتين عشر سنين فقط وقبر الشيخ الكفعمي بكربلاء المقدسة بمقبرة ( العتيقة ) تقع اليوم في جهة الطريق الذاهب الى ( طويريج ) وكان قبره مشيداً والى جنبه سابلة ماء ثم شيدت عليه مدرسة رسمية للاطفال ولم تزل.

(25)
عز الدين حسين بن مساعد بن الحسن بن المخزوم بن أبي القاسم ابن عيسى الحسيني الحائري.
    قال السيد في الأعيان ج 27 ص 271 : ومن شعره قوله في مدح أهل البيت ورثاء الحسين عليه السلام :
لطيّ قريضي في مديحكم نشرُ ومنثور شعري في علاكم له نشرُ
    أقول والقصيدة جاري بها قصيدة الشيخ صالح العرندس المتوفى سنة 840 هـ ونذكر البيتين الأخيرين من قصيدة الحسين بن مساعد :
بني أحمد سيقت اليكم قصيدة حسيـنية تزهـو بكم حائرية مهذبة ألفاظـها الدرر الغرُّ منزهة عما يعاب به الشعر
    وترجم له المرحوم السيد عبد الرزاق كمونة في ( منية الراغبين في طبقات النسابين ) وذكر سلسلة نسبه الى عيسى بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة بن زيد ابن الإمام علي زين العابدين (ع) وقال : كان له تضلّع في علم النسب ، وهو من أهل ( عيناثا ) من جبل عامل ثم انتقل هو واخوته : السيد عبد الحق والسيد زين العابدين الى العراق لطلب العلم ، وله تآليف منها ( تحفة الأبرار في مناقب الأئمة الاطهار ). اما والد المترجم له وهو السيد مساعد بن حسن بن محمد ولقبه شمس الدين ، ذكره ابنه السيد حسين في تعليقه على العمدة بقوله : السيد العالم المدرس إمام الحضرة الحسينية الحائرية. انتهى


(26)
مشـيب تـولّى الشبـاب وأقبـلا ترى الناس منهم ظاعناً إثر ظاعن ترحـلّت الجـيران عنه إلى البلى ولكنه لما مـضى العمر ضايعـا تذكّر ما أفـنى الـزمان شـبـابه ولـم يبكِ من فقـد الشباب وإنـما تصرّمـت اللذات عـنه وخـلفت حنانيك يا من عاش خمـسين حجة وليس له فـي الخيـر مثـقال ذرة أعاتب نفسي فـي الخلاء ولـم يفد فيا ليت أني قبل مـا قد جنت يدي ويا ليت شعري هـل تفيد نـدامتي عذيري من الدنيا الذي صار موجباً يدي قد جنت يا صاحبيّ على يدي ولا تعـذلا عيناً على عينها بـكت سأبكي على مـا فات مني نـدامة نذير لمـن أمسى وأضحى مغفلا فظن سـواه الظـاعن المتـحملا وما رحـل الجيران إلا ليـرحلا بكى عـمره الماضي فحنّ وأعولا فبات يـسحّ الدمع في الخد مسبلا بكى مـا جناه ضارعـاً متنصلا ذنوباً غـدا مـن أجلـها متوجلا وخمساً ولم يعدل عن الشر معدلا وكم ألف مثقال مـن الشر حصّلا عتابي على ما فات في زمن خلا على نفسها لاقـيت حـتفاً معجّلا على ما به أمسى وأضـحى مثقّلا عـذاب إلهي عـاجلاً ومؤجـّلا ونفسي لنفسي جرّت العذل فاعذلا فطـرفي على طرفي جنا وتأملا إذا الليل أرخى الستر منه وأسبلا


(27)
سأبكي عـلى ذنبي وأوقـات غفلتي سأبكي على مـا فـات مـني بعـبرة حنيـني على ذاك القتـيل وحسـرتي حنينـي على الملـقى ثلاثـاً معـفراً سأبكي عـليه والمـذاكي بركـضهـا سأبكي عليه وهـي من فوق صـدره سـأبكي على الحران قلباً من الظـما إلى أن قضى يا لهف نفسي على الذي سـأبكي عليه يـوم أضحى بكربـلا وقـد أصبحـت أفراسـه وركـابـه فـقـال بأيّ الأرض تُعــرَف هـذه فقال على إسم الله حطّـوا رحـالـكم ففـي هـذه مهـراق جـاري دمـائنا وفـي هـذه والله تضحـى رؤوسـنا وفي هـذه والله تـسبى حـريمــنا فلهفي على مضروبة الجسم وهـي من ولهـفي على أطـفالها في حجـورها ولهـفي على الطـفل المفـارق أمـه وأبـكي قتيلاً بـالطفوف مجدّلا تجـود إذا جـاء المـحرّم مقبلا عليه غـريباً في المهـامة والفلا طريحـاً ذبيحاً بـالدمـاء مغسلا تكفـنه مـما أثـارتـه قسـطلا ترضّ عظاماً أو تفصّل مفـصلا وقد منـعوه أن يـعلّ وينـهـلا قضى بغليل يشـبه الجمر مشعلا يكابد من أعـدائه الـكرب والبلا وقـوفاً بهم لـم تنـبعث فتوجلا فقـالوا لـه هذي تسمى بكربـلا فلـيس لنا أن نسـتقل ونرحـلا ومهراق دمـع الهاشمـيات ثكـلا مشهّـرة تعـلو مـن الخـطّ ذبلا وتضحى بأنواع العـذاب وتبـتلى ضروب الأسى تبكي هماماً مبجلا تمجّ عقيب الثدي سهـماً ومنصلا ولهفي لها تبكي على الطفل مطفلا
* * *
أشيعة آل المصطفى مَن يكون لي قـفا نبك من ذكرى حبيب محمد قفـوا نبك من تـذكاره ومصابه وما أنس في شـيء تـقادم عهده عـوينا على رزء الشهيد مولولا وخلوا لـذكراكـم حبـيباً ومنزلا فـتذكاره ينسي الدخول فحوملا ولا أنس زيـن العابديـن مكبلا


(28)
سأبكي له وهـو العليل وفـي الحشا سأبكي لبنت السـبط فاطـم اذ غدت تحنّ فيشـجـي كـل قــلب حنينها تقول أبي أبكـيك يـا خير مَن مشى أبي يـا ثمـال الأرمـلات وكهـفها أبي يا ربيـع المـجـدبيـن ومَن به أبي يـا غياث المـستغيثين والـذي أبي ان سلا المـشـتاق أو وجد العزا سابـكي وتبكـيك العقايـد والنـهى سأبـكي وتبكيك المـحاريب شجوها سأبـكي وتبكـيك المناجاة في الدجى سأبكيك إذ تـبـكي عليـك سكيـنة ونـادت ربـاب أمـتاه فــأقبـلت وقـالت لـها يا أمتـا ما لـوالـدي أنـادي به يـا والـدي وهو لم يجب أظـن أبي قـد حـال عما عهـدته ايـا أبتا قـد شتـت البـين شملـنا ونـادى الـمنادي بـالرحيل فقرّبوا تسير ورأس السـبط يسـري أمامها فلهفي لها عـن كـربلا قـد ترحّلت ولهـفي لهـا بيـن العـراق وجلـق ولهفي لها في أعـنف السير والسرى ونادى برأس السبـط ينكـث ثغره غلـيل بـبرد الـماء لن يتـبللا قـريحة جفـن وهي تبكيه معولا وتصرع من صمّ الصياخـد جندلا ومن ركب الطرف الجواد المحجلا اذا عاينت خطباً من الدهر معضلا يغاث من السقـيا اذا الناس أمحلا غـدا لهم كنـزاً وذخراً ومـوئلا فـان فـؤادي بعد بعـدك ما سلا سابكي وتبكيك المكـارم والعـلى وقـد فقدت مفـروضها والـتنفلا سـأبكي ويـبكيك الكتاب مـرتّلا ومـدمعها كـالغيث جـاد وأسبلا وقـد كضّها فقد الحسـين واثكلا مضى مزمعاً عنا الرحيل إلى البلى وقـد كان طلـقاً ضاحـكاً متهللا وإلا فقـد أمسـى بـنا مـتـبدلا وجرّعنا في الكاس صبراً وحنظلا من الهـاشميات الـفواطم بـزلا كبدر الـدجا وافى السعود فأكملا مخـلفـة أزكـى الأنـام وأنبـلا اذا ( هوجلا ) خلفـن قابلن ( هوجلا ) تـؤمّ زنـيما بـالشـئام مظـللا وينـشد أشعـاراً بـها قـد تمثلا


(29)
( نفلـق هامـا مـن رجـال أعـزة ألا فاعجبـوا مـن ناكث ثـغر سيدٍ بني الوحي والتنزيل ومَن لي بمدحكم ولكـنني أرجـو شفاعـة جـدكـم فهنيتموا بالـمدح من خالق الـورى فسمـعاً مـن ( السبعي ) نظم غرايب غـرايب يهواها ( الكميت ) و ( دعبل ) أجـاهـر فـيها بالـولاء مصرّحاً لقد سيط لحمي في هواكم وفي دمي عليكم سلام الله يا خـير مـن مشى فـما ارتضـي إلاكُم لـي سـادة علينا وهـم كانوا ) أحـق وأجملا له أحمـد يمسي ويضـحى مقبّلا ومـدحكم في محكـم الذكر أنزلا لـما فقت فيه دعبلا ثم جـرولا فقد نلتم أعلـى محـلٍّ وأفـضلا يظل لديها أخطل الفحل أخطـلا كما فيكم أهـو الكميت ودعـبلا وبغضي لشانيكم مزجت به الولا وما قلّ منـي في عـدوكم القلا ويا خير مـن لبّى وطافَ وهللا وأمـا سـواكـم فالبراءة والخلا (1)

1 ـ رواها الخاقاني في ( شعراء الحلة ) عن منتخب الطريحي وروى بعضها السيد الامين في الاعيان.

(30)
محمد السبعي الحلي
المتوفى سنة 920 هـ
    هو أبو أحمد بن عبد الله بن حسن بن علي بن محمد بن سبع بن سالم بن رفاعة السبعي البحراني الحلي الملقب بفخر الدين والمعروف بالسبعي. من شعراء القرن العاشر الهجري.
    تفرد بذكره صاحب الحصون فقد ذكره في ج 9 ص 337 فقال : كان فاضلاً جامعاً ومصنفاً نافعاً وأديباً رائعاً وشاعراً بارعاً زار العتبات المقدسة وسكن الحلة لطلب العلم وكانت إذ اذك محط ركاب الأفاضل ومأوى العلماء الأماثل ومن شعره قصيدة طويلة التزم في أول البيت ذكر النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وفي آخره ذكر الإمام علي ـ ع ـ منها :
أصخ واستمع يا طالب الرشد ما الذي محـمـد مشـتق من الحـمد إسـمه محمـد قـد صفـاه ربي من الورى محـمد محـمـود الـفـعال ممـجّد محـمد السبع السمـوات قـد رقـى محـمد بالقـران قـد خـص هـكذا محـمد يكـسى في غـد حلّة البـها محـمد شق الـبدر نصفـين معجزاً محـمد آخـى بين أصحابـه ولـم محمد صلى ربنا مـا سجى الـدجى به المصطفى قد خص والمرتضى علي ومشتـق من اسم المـعالي كـذا علي كـذلك صفّى مـن جمـيع الورى علي كـذلك عـال في مـراقي العـلى علي كـذاك بهـا في سـدرة المنتـهى علي بمضـمونه قـد خص بيـن الملا علي كذا حـلة الـرضوان يكسى بهـا علي لـه وكـذاك الشـمس قـد ردّهـا علي يواخي من الأصحاب شخصاً سوى علي عـليه وثـنى بالصلـوة علـى عـلي
ادب الطف الجزء الخامس ::: فهرس