ادب الطّفّ الجزء الخامس ::: 76 ـ 90
(76)

    الشيخ جعفر الخطي
    هو العالم الفاضل أبو البحر شرف الدين الشيخ جعفر بن محمد بن حسن بن علي بن ناصر بن عبد الإمام العبدي من عبد القيس الخطي ، أحد المشاهير علامة فاضل من الصلحاء الأبرار وكان مع وفور تقواه أديب رقيق وشاعر مطبوع جزل اللفظ منسجم الأسلوب قوي العارضة من شعراء أوائل القرن الحادي عشر وأحد المعاصرين لمفخرة الشيعة الشيخ بهاء الدين العاملي ورد عليه في أصفهان خلال زيارته لثامن الأئمة علي بن موسى الرضا عليه السلام ومدحه بقصيدة عصماء وجاراه في رائيته في مدح صاحب الزمان سلام الله عليه حيث اقترح عليه ذلك فقال على البديهة وفي مجلس البهائي :
هي الدار تستسقيك مدمعها الجاري ولا تسـتضع دمعاً تـريق مصونه فأنت امرء بالأمس قد كنت جارها فسقياً فأجدى الدمع ما كان للدار لعزته مـا بين نـؤي واحـجار وللجار حق قد علمت على الجار
    إلى آخرها وهي مماثلة لقصيدة البهائي التي مطلعها :
سرى البرق من نجد فجدد تذكاري عهود بحزوى والعذيب وذي قار
    له من الآثار المنشورة بين الناس ديوان شعره المشهور.
    قال يعتذر إلى الشريف أبي عبد الله بن عبد الرؤوف الحسيني العلوي حين أنكر منه ما كان يألفه من أنسه وعنايته وتوسم فيه المكافاة على ما يجن فقال يعتذر عن هذا الوهم وبعث بها اليه سنة 1019 :
يا سيداً عظمت موا هذي مواهبك التي قع فضـله عندي وجلّت سقت الورى نهلا وعلت


(77)
ما بالـها كـثـرت على لـم أدر أي خـطـيئـة خطب لعمر أبي ، تضيـ والأرض تعجز عن تحمـ وسيوف عتـبك يا أعـز أحـسيـن إنـي والـذي لعـلى الـوفاء كما علمـ تربت يـد عـلقت بغيـ هـذا وأن مـدت يـدي غيـري وعـني اليوم قلت عثرت بها قـدمي وزلـت ـق به السماء ومـا أظلت ـلها جـفـاك وما أقـلت العـالميـن عـلـيّ سـُلت عنـت الـوجوه لـه وذلت ـتَ وان جفت نفس ومـلت ـرك أو بفـضل سواك بُلت لســواك تـسألـه فـشُلت (1)
    وقال عندما عبر البحر من قرية كتكان توبلي قاصداً قرية بوبهان (2) وذلك حالة الجزر ولما توسط معظم الماء وثب بعض السمك واسمه ( السبيطي ) نافراً في وجهه فشق وجنته اليمنى فنظم هذه القصيدة الغراء سنة 1019 هـ :
بـرغم العـوالي والمـهندة البتـر ألا قد جنى بـحر البلاد وتـوبلى فويل بني شنّ ابن أقصى وما الذي دم لم يرق من عهد نوح ولا جرى تحـامته اطـراف القنا وتعرضت لعـمر أبي الأيام ان بـاء صرفها فـلا غرو فالأيام بيـن صروفها ألا أبلـغ الحيـين بـكراً وتغـلباً دمـاء أراقتـها سبـيطية البـحـر عليّ بمـا ضاقت بـه ساحـة البر رمته به أيدي الحـوادث مـن وتر على حـدّ نـاب للعـدو ولا ظـفر له الحوت يا بؤس الحـوادث والدهر بثار امـرئ من كل صـالحة مثري وبين ذوي الأخطار حرب إلى الحشر فـما الغوث إلا عند تـغلب أو بـكر

1 ـ عن أعيان الشيعة : ج 16 ص 202.
2 ـ كتكان وبوبهان من قرى البحرين.


(78)
أيـرضيكما أن امرءاً مـن بنـيكما يـراق على غير الضـبا دم وجهه وتنـبو نيوب اللـيث عنه وينـثني ليقضي امرؤ من قصتي عجباً فمن أنا الـرجل المشهور مـا من محلة فان أمسي في قطرمن الأرض إن لي تولع بي صـرف القضاء ولـم تكن توجهت من ( مري ) ضـحى فكأنما تلجلجت خـور القـريتين مشـمراً فما هـو إلا أن فـئـت بطـافـر لقد شق يمـنى وجـنتي بـنطـحة فخـيّل لـي أن السمـوات أطبـقت وقمت كهـدي ندّ مـن يـد ذابـح يطـوحني نـزف الـدماء كـأنني فمن لا مرئ لا يلبس الوشي قد غدا ووافيت بـيتي ما رآني امـرؤ ولم فها هو قـد ألقى بـوجهي عـلامة فان يمـح شيئاً مـن محـياي إثرها فلا غرو فالبيض الـرقـاق أدلـها وقل بعـد هـذا للسبيطية افخـري وقل للضبا فيـئي اليك عـن الطِلا فلـو همّ غير الـحوت بي لتـواثبت فـاما إذا مـا عـنّ ذاك ولم أكـن وأي امـرئ للخـير يـدعى وللـشر ويجـري على غير المـثقفة الـسمر أخـو الحوت عنـه دامي الفم والـثغر يرد شرح هذا الحال ينـظر الى شعري مـن الأرض إلا قـد تخللـها ذكـري بريد اشـتهار فـي مـناكبها يسـري لتجـري صروف الدهر إلا على الحر توجـهت مـن مـري إلى العلقم المر وشبـلي معي والـماء في أول الجزر من الحوت في وجهي ولا ضربة الفهر وقعت بها دامـي المحيا عـلى قطري عليّ وأبصـرت الـكواكب في الظهر وقـد بلـغت سـكّينة ثغـرة الـنحر نـزيف طـلى مالت بـه نشوة الخمر وراح مـوشّى الجيـب بالنقـط الحمر يقل أوَ هـذا جـاء مـن ملتقى الـكر كما اعترضت بـالطرس إعرابة الكسر بمـقدار أخـذ المحو من صفحة البدر على العتـق ما لاحـت به سمة الاثر على سائر الشـجعان بالفتـكة الـبكر وللسمر لا تهـززن يوماً إلى الـصدر رجال يخوضـون الحمام إلى نصري لأدرك ثاري منـه ما مـدّ في عمري


(79)
فلست بمـولى الشعران لـم أزجّه أضرّ على الأجفان من حادث العمى يخاف على من يركب البحر شرها تجـوس خلال البحر تطـفح تارة تـناول مـنه ما تعالى بســبحه لعمر أبي الخـطي ان بات ثـاره فثـار علي بات عـند ابـن ملجم بكل شـرود الذكر أعدى مـن العرّ وأبلى على الآذان من عارض الوقر ولـيس بمأمـون على سـالك البر وترسو رسو الغيـص في طلب الدر وتـدرك دون القـعر مبـتدر القعر لذي غـير كفوٍ وهـو نادرة العصر وأعقـبه ثار الحسـين لـدى شمـر (1)
    وترجم له المحبي في ( خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ) ج 1 ص 483 وقال : ولما نظم القصيدة المعارضة لقصيدة الشيخ البهائي واطلع عليها البهائي قرضها تقريضاً حسناً ، ذكره في السلافة وذكر له بعض أشعاره أوردتُ منها قطعة في ( النفخة ) التي ذيلت بها على الريحانة ومطلعها ( عاطنيها قبل ابتسام الصباح ). وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين وألف رحمه الله.
1 ـ عن ديوان الخطي.

(80)
المتوفى 1028
بكى ولـيس على صـبر بمـعذورِ وان يـوماً رسـول الله سـاء بـه أليّـة بالهـجان الـقـود حـامـلة يـؤمّ مـكة يبغـي ربـح متـجره ما طاف بي طـرب بعد الانيس ولا مـا للسرور وللـقنّ الـذي ذهـبت يا غيرة الله والـسادات مـن مضرٍ أسيـدٌ هاشـميّ بـعــد سيدكـم أمسى بحـيث يحـل الضيم ساحته يا حسرة قد أطالت في الحشا شغفي وا حسرتا لصـريع الموت محتضر يا عـقر الله تـلك الصافنات بـما كـأنه ماقـراها فـي الطـعان ولا ولا سـماهـا بباع غـير منقـبض من قـد أطلّ عليه يـوم عاشـور فابعـد الله عـنه قلـب مسـرور شعثاً تهادى على الاقتاب والكـور مـواصلاً بيـن تـرويح وتبكـير لاحت سماة سروري في أساريري ساداتـه بيـن مسـموم ومنـحور أولي البسـالة والاسـد المـغاوير أحـق منـه بـإبـراز المذاخـير ويـبلغ العقد مـنه كـل مـوتور وقصّـرت في العزا عنه مقاديري قـد قلّبته يـد الـجرد المحـاضير جنت فـما كـان أولاها تبـعـقير أرخى الأعنـة عنها في المضامير يوم الـوغى وجنان غـير مذعور


(81)
من مبـلغنّ قـريشاً ان سـيدهـا من مـبلغنّ قـريشاً ان سيـدهـا قـومي الى ميّتٍ ما لفّ في كـفن تلك الدماء الزواكي السائلات على تلك الرؤوس أبـت إلا العلا فسمت كأنـه حيـن يسـوّد الـدجى علم تلك الطواهر لم يـضرب لها كلل كم فيهم من بني المختار من غرر إذا تباكـين لم يفصحن عـن كمد وان تـشاكين لـم يسمن داعيـة يا فجـعة أوسعت في قلب فاطمة وان ذات خـمـار مـن عقـائلها بني أمـية قـد ضـلّت حلومـكم أدوحـة قـد تفـيأتـم أظـلـّتها بنـي أميـة لا نـامـت عيـونكم سمـعاً بني الحسب الوضاح مرثية ثـوى ثلاث ليال غـير مقبـور تنحوه في القـفر زوار اليـعافير يوماً ولا نـال مـن سدرٍ وكافور سمر اليعاسـيب والبيض المباتير على رفيع من الخرصان مشهور سام تشـب لـه أنـوار مقـرور ولا تمـد لهـا أطناب تـخـدير مجـلـوّة ووجـوه كالدنـانـير إلا تـحدّر دمـع غيـر مـنزور إلا تصـعّد أنـفـاس وتـزفـير الزهراء جرح مصاب غير مسبور تهـدى الى مستـفز العقل مخمور ضلال منغـمس في الغـيّ مغمور نلتم بـواسـق أعـلاهـا بـتكسير فثـمّ طـالب وتـر غيـر مـوتور يعـنو لها كـل منطيق ونـحـرير


(82)
    السيد ماجد ابن السيد هاشم العريضي الصادقي البحراني ، تلمذ عليه الفيض الكاشاني صاحب الوافي وآخرون من علماء البحرين الاعلام. من مؤلفاته الرسالة اليوسفية ، ورسالة في مقدمة الواجب وحواشي على المعالم ، وخلاصة الرجال ، والشرائع ، واثنى عشرية البهائي وغيرها.
     توفي في 1028 هـ بشيراز ودفن بمشهد شاه جراغ. ترجم له في لؤلؤة البحرين وسلافة العصر وجاء في أنوار البدرين ص 85 في ترجمته ما يلي :
    هو السيد العلامة الفهامة محرز قصب السبق في جميع الفضائل والمالات الكسبية والوهبية من بين فحول الأواخر والأوائل السيد ابو علي السيد ماجد ابن السيد العالم السيد هاشم ابن العريض الصادقي البحراني كان أوحد زمانه في العلوم أحفظ أهل عصره ، نادرة في الذكاء والفطنة وهو أول من نشر علم الحديث في دار العلم شيراز المحروسة وله مع علمائها مجالس عديدة ومقامات مشهورة أخبرني شيخنا الفقيه ببعضها وأقبل أهلها عليه إقبالاً شديداً وتلمذ عليه العلماء الأعيان مثل مولانا العلامة محمد محسن الكاشاني صاحب ( الوافي ) والشيخ الفقيه ذو المرتبة الرفيعة في الفضل والكمال الشيخ محمد بن حسن بن رجب البحراني والشيخ الفاضل المتبحر الشيخ محمد علي البحراني والشيخ زين الدين الشيخ علي بن سليمان البحراني والشيخ العلامة الأديب الخطيب الشيخ احمد بن عبد السلام البحراني والسيد العلامة السيد عبد الرضا البحراني والشيخ الفاضل الشيخ أحمد بن جعفر البحراني وغيرهم وخطب على منبر شيراز خطبتي الجمعة بديهة لما نسي تلميذه السيد الفاضل السيد عبد الرضا الخطبتين اللتين أنشأهما والقصة مذكورة في كتاب ( سلافة العصر في محاسن الدهر ) للسيد الفاضل السيد علي بن الميرزا أحمد وختمها بأبيات في غاية من البلاغة


(83)
والجزالة وكان شيخنا العلامة معجباً كثيراً بقصيدته الرائية في مرثية الحسين (ع) سيد الشهداء التي مطلعها :
بكى وليس على صبر بمعذور من قد أطلّ عليه يوم عاشور
    واجتمع في سنة بالعلامة الشيخ البهائي في دار السلطنة اصفهان المحروسة فأعجب به شيخنا البهائي حكى بعض مشائخنا انه سأل السيد عن مسألة بمحضر الشيخ فأوجز السيد الجواب تأدباً مع الشيخ فأنشد الشيخ ( قدس الله سره ) :
حمامة جرعا حومة الجند اسجعي فأنت بمرأى من سعاد ومسمع
    فأطال السيد الكلام فاستحسنه الشيخ واستجاز منه الشيخ فكتب له اجاة طويلة تشتمل على تأدب عظيم في حقه وثناء جميل وتقريظ عظيم وقد وجدت الاجازة في خزانة بعض كتب الاعيان سنة 1103 ولولا ضيق المقام لنقلتها.
    وللسيد ( قدس سره ) ( الرسالة اليوسفية ) جيدة جداً وعليها له حواشي مفيدة ورأيتها بخط تلميذه الفاضل الشيخ أحمد بن جعفر البحراني وقد قرأها عليه ( قدس الله سره ) في دار العلم شيراز وعليها الأنهاء والأجازة بخطه وله رسالة في مقدمة الواجب مليحة كثيرة الفوائد ورأيتها مرة واحدة في يد بعض الفضلاء في مجلس شيخنا سنة 1109 ولم يعطها صاحبها للاستنساخ ثم أنه مات فطلبتها من ورثته ففتشوا عنها ولم يروها ، وله حواشي على المعالم وحواشي متفرقة على خلاصة الرجال ورأيتها بخطه عند بعض الأصحاب وله حواشي على الشرائع وعلى اثني عشرية شيخنا البهائي وحواشي على كتابي الحديث وفي نسخة التهذيب التي عندي جملة منها وله فتاوى متفرقة جمعها بعض تلامذته وهي عندي وله رسالة سماها ( سلاسل الحديد في تقييد أهل التقليد ) ومنه أخذ العلامة السيد هاشم البحراني هذا الاسم فانتخب من شرح


(84)
عز الدين ابن أبي الحديد كتاباً سماه ( سلاسل الحديد في التقييد لأهل التقليد من كلام ابن أبي الحديد ) ورأيت له ( صورة وقف ) تتضمن وقف الخان وموقوفاتها في غايةالبلاغة ونهاية البراعة رأيتها في يد السيد الأديب النجيب صاحبنا السيد عبد الرؤوف ابن السيد حسين الجدحفصي البحراني. توفي ( قدس سره ) بالليلة الحادية والعشرين من شهر رمضان بدار العلم شيراز سنة 1028 هـ انتهى كلام شيخنا العلامة الشيخ سليمان البحراني.
    وهذه أبياته التي ارتجلها بعد خطبتي الجمعة :
نـاشـدتك الله إلا مـا نـظرت إلى تجـد صفـيح سـماء من زمـردة ترى الـدراري يدانين الجـنوح فما والأرض طاشت ولـم تسكن فوقّرها فقـرّ ساحتها مـن بعـدما إمتـنعا وأرسل العـاديات المعـصرات لها هـذا ونفسك لـو أمّ الخبـير لـها وليس فـي الـعالم العلوي مـن أثر صنيع ما ابتدأ الباري ومـا ابتدعا خضراً وفيها فريد الدر قد رصعا يجدن غبّ السـرى عيّاً ولا ضلعا بالراسيات التي من فوقـها وضعا وانحط شامخـها من بعدما ارتفعا فقهقهت ملء فيـها واكتست خلعا لارتد عنها كليل الطرف وإرتدعا يحيـّر اللـب إلا فيك قـد جمعا
    انتهى ، قال السيد في السلافة : وهذه الأبيات لو كانت عن رويّة لأفحمت مصاقع الرجال فكيف وهي عن بداهة وإرتجال ومن شعره في الموعظة :
طلعـت عليك المـنذرات البيضُ صرّحن عنـدك بالنذارة عنـدما ست مضين وأربعون نصحن لي وافى المشـيب مـطالباً بحـقوقه وأبيض منها الفاحم الممحوض لم يُغنـها الايماء والتعـريض ولمثّلهن على التقى تحضـيض وعليّ من قبل الشباب قروض


(85)
أيقـوم أقـوام بمسـنون الـصبا لأحق هـذا قـد نهـضت به ولا ان الشباب هـو المطار الى الصبا بادرته خِلـس الصبا إذ لاح لـي فمشى وحاز السبق إذ أنـا قارح واسودّ في نظر الكواعب منظري والليل محـبوب لـكل ضجـيعة عريت رواحل صبوتي من بعدما قد كنت أجمح في العنان فساسني عبث الربـيع بلملتيّ وعـاث في مـا دام طـرفك لا يصح فـإنما متوافراً ويـفوتني المـفـروض أنا بالذي يبغي المـشيب نهوض فإذا رماه الشيب فـهو مهـيض بمفارق الفوديـن مـنه ومـيض جذع بمسـتن الـعذار ركـوض إذ سـوّدتـه الـنائبات البيـض تهـوى عناقَك والصباح بغـيض أعـيى المناخ بـهن والتـقويض وال يـذلل مصـعبي ويـروض تلك المـحاسن كلـهـن مقـيض قلبي على الحدق المراض مريض
    ومن شعره رحمه الله يحن الى الفه ووطنه حنين النجيب الى عطنه يقول :
ياساكني جـد حفص لا تخطـفكم ولا عدت زهرات الخصب واديكم ما الدار عندي وان الفيـتها سكنا مـا لي بـكل بـلاد جئتها سـكن الدهـر شاطر مـا بيني وبيـنكم ما لي وما لك يـاورقاء لا انعطفت مثير شجوك اطراب صدحت بها وجيرتي لا اراهـم تحت مقدرتي هذا وكم لك مـن اشياء فزت بها ريب المـنون ولا نالتكم المـحن ولا أغب ثـراه الـعارض الهتن يرضاه قلبي لـولا الالف والسكن ولـي بكـل بلاد جـئتها وطـن ظلما فكـان لكم روح ولـي بدن بك الغصون ولا استعلى بك الفنن ومصدر النوح مني الهم والحزن يوما والفك تحت الكشح محتضن عنـي وان لزنا في عولـه قرن
    وقال وقد سمع مليحاً يقرأ على القبور ويتلو القرآن بنغم الزبور :
وتالٍ لآي الذكر قد وقفت بنا تلاوته بين الضلالة والرشد


(86)
يلفظ يسوق الزاهدين الى الخنا ومعنى يسوق الفاسقين الى الزهد
    وللسيد ماجد ابن السيد هاشم يرثي الحسين :
أمربع الطف طـوّفت المصـائب بي يهواني الرزء حتى قلت مـن عجب لا كان جـيد مصابي عـاطلاً ولـه لا زال فيك ربوع الطف منـسحبـاً يا كربـلا أين أقـوام شرفـتِ بـهم أكربلا أيـن بدر قـد ذهــبتِ بـه صدّقت فيك كلام الفيلـسوف بـأن كان الغمام علوما جمّـة وسـخـى لله وقـعـتك الـسوداء كم سَتـرت أعجبت مـن حالك البرق اللموع فما لا غـرو إن خربت أفـلاكهـا فلقد كـم شمس دجن لفـقد البدر كاسفة فكيف قـيل بأن الـبدر مكــتسب وصرت مني مكان النـار للحطب بيني وبين الرزايا أقـرب الـنسب من الدمـوع عقود اللؤلؤ الرطـب ذيل النسـيـم وبلّته يـد الـسحب وكنت فيهم مـكان الأفـق للشهب حتى تحجّب تحت الأرض بالحجب البـدر يخسف مـن حيلولة الترب روّويت مـن مائة المغدودق العذب بغيمها قـمراً مـن قـبل لـم يغب تريـنه ضاحكاً إلا مـن العـجـب فقـدن قطباً فهل تسري بـلا قطب وكان منه سنـاها غيـر محـتجب بالشمس نوراً وهـذا غـير مكتسب
* * *
لله من نائحـات بالطفوف فذي كنت الزلال بـروداً للظماة فلم لعلّ ذلك مـن لطف الخليقة إذ بحرٌ تروّي العطاشا من جداوله تدعو أخي ولديها من تقول أبي أشعلت قلبي بجمر منك ملتهب جمعتَ يا بدر بين الماء واللهب حتى الصوارم يرويها من السغب (1)

1 ـ عن مجموعة الشيخ لطف الله بن علي التي كتبها بخطة سنة 1201 هـ.

(87)
المتوفى 1030
كيف ترقى دمـوع أهل الـولاء جـده المصطفى الأمـين عـلى وأبـوه أخــو النـبي عــلي أمـه البضعـة البـتول أخـوه ليت شعري ما عـذر عبد محب وابن بنت النبي أضحى ذبـيحاً وحريـم الوصي في أسـر ذلّ وعلـيٌ خـير الـعبـاد أسـير مثل هـذا جـزاء نصـح نبـيٍّ أسس السـابقون بـيعة غـدر واستـبدّوا بـإمـرة نصبوهـا منعـوا فاطـم البـتول تـراثاً يا بني الوحي لا يخفـف وجداً غــير ذي الأمر نور وحي آله لهف نفسي على زمان أرى فيه أتـرى يسمح الـزمان بـهـذا والحسين الشهيد في كربلاء الوحي من الله خاتم الأنبياء آيـة الله سيـد الأوصيـاء صفوة الأولياء والأصفـياء جامد الدمع ساكن الأحـشاء مستهـاماً مـرملاً بـالدماء فاقـدات الآبـاء والأبـناء في قيود العدى حليف العناء كـلّ عن نـعته لسان الثناء وبَـنى اللاحقون شـرّ بناء شـركاً للأئـمة الــنجباء مـن أبـيها بفاسـد الآراء نالـنا من شمـاتة الأعداء حـجة الله كاشف الغمـاء مـزيلاً لـدولة الأشقـياء ويحوز الراجون خير رجاء (1)

1 ـ عن آمل الامل : للحر العاملي.

(88)
    الشيخ محمد بن الحسن بن زين الدين ـ الشهيد الثاني.
    قال الحر العاملي في ( أمل الآمل ).
    الشيخ محمد بن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني علي بن احمد العاملي.
    كان عالماً فاضلاً محققاً مدققاً متبحراً جامعاً كاملاً صالحاً ورعاً ثقة فقيهاً محدثاً متكلماً حافظاً شاعراً أديباً منشئاً جليل القدر عظيم الشأن حسن التقرير ، قرأ على أبيه وعلى السيد محمد بن علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي وعلى ميرزا احمد بن علي الاسترابادي وغيرهم من علماء عصره ، له كتب كثيرة منها : شرح تهذيب الأحكام ، وشرح الإستبصار ثلاث مجلدات في الطهارة والصلاة ، وحاشية على شرح اللمعة مجلدان الى كتاب الصلح ، وحاشية المعالم ، وحاشية أصول الكافي ، وحاشية أصول الفقيه ، وحاشية المختلف وشرح الإثنى عشرية لأبيه ، وحاشية المدارك ، وحاشية المطول وكتاب روضة الخواطر ونزهة النواظر ثلاث مجلدات ، ورسالة في تزكية الراوي ، ورسالة التسليم في الصلاة ، ورسالة للتسبيح والفاتحة فيما عدا الأوليين وترجيح التسبيح ، وكتاب مشتمل على مسائل وأحاديث ، وكتاب مشتمل على مسائل جمعها من كتب شتى ، وحاشية كتاب الرجال لميرزا محمد ، وديوان شعره ، ورسالة سماها تحفة الدهر في مناظرة الغنى والفقر ، وغير ذلك. وله شعر حسن.
    ثم قال : أروي عن عمي الشيخ علي بن محمد بن علي الحر وعن خال والدي الشيخ علي بن محمد العاملي وعن ولده الشيخ زين الدين وغيرهم عنه.
    وقد ذكره ولده الشيخ علي في كتاب الدر المنثور في الجزء الثاني فقال : كان عالماً عاملاً وفاضلاً كاملاً وورعاً عادلاً وطاهراً زكياً وعابداً تقياً وزاهداً مرضيّاً ، يفرّ من الدنيا وأهلها ويتجنب الشبهات ، جيد الحفظ والذكاء


(89)
والفكر والتدقيق ، كانت أفعاله منوطة بقصد القربة. صرف عمره في التصنيف والعبادة والتدريس والافادة والاستفادة ... وأطال في مدحته وذكر من قرأ عليهم ، وانتقاله الى كربلاء والى مكة ، وغير ذلك من أحواله ، وقد ذكر مؤلفاته السابقة وجملة من شعره ، ومنه قصيدة في مرثية السيد محمد بن أبي الحسن العاملي وقصيدة في مدحه ، ومنها قوله :
يا خليليّ باللـطيف الخبير خصصا بالثنا إماماً جليلاً وبودّ أضحى لم في الضمير وخليلاً أضحى عديم النضير
     وقوله من قصيدة :
ما لفؤادي مـدى بقائي وما لجسمي حليف سقم قد صار وقفاً على العناء بدابه اليأس مـن شفائي
    وأورد له قصائد طويلة بتمامها منها هاتان القصيدتان والسابقتان.
    وقال الشيخ القمي في الكنى عندما ذكر ترجمة والده الشهيد الثاني ما نصه : وخلفه في كل مزيّة له فاضلة ابنه الشيخ محمد بن الحسن العالم الفاضل المحقق المدقق المتبحّر الثقة الجليل القدر الذي بلغ أقصى درجة الورع والفضل والفهم صاحب المصنفات الكثيرة.
    اقول وعدد مصنفاته كما ذكرنا ، وترجم له الشيخ الأميني في ( شهداء الفضيلة ) عندما ذكر جده الشهيد الثاني فقال : ولد رحمه الله يوم الاثنين العاشر من شعبان سنة 980 وتوفى سنة 1030 بمكة المعظمة وهو ابن خمسين سنة وثالثة أشهر ودفن بها.
    اقول كما ترجم له السيد الأمين في الأعيان ولكنه مرّ عليه مرّ الكرام فاكتفى بخمسة اسطر فقط. وترجم له الخوانساري في روضات الجنات ترجمة مفصلة ، وجاء ذكره في خاتمة المستدرك على الوسائل في موارد عديدة ، وترجم له سيدنا الحجة السيد حسن الصدر في تكملة امل الآمل.


(90)
يرثي الحسين (ع)
    ذكرها ابن أخيه الشيخ فخر الدين في ( المنتخب ) :
هجـوعي وتلـذاذي علـيّ محـرمُ أجـدد حـزنـاً لا يـزال مجـدداً وأبكي علـى الأطهار من آل هاشم هم العروة الوثقى هـم معدن التقى هم العترة الداعي الـى الرشد حبهم بهم نطقت مـدحاً مـن الله هل أتى يعزّ على المـختار والطـهر حيدر وأقبـلت الأعـداء من كل جـانب رأت زينب صدر الحسين مرضضا أخـي هذه النسـوان بعـدك ضيّعٌ اذا هـلّ في دور الشهور محرّمُ ولي مـدمع هـام همـول مسجّم وما ظفرت أيدي أولي البغي منهم هم الشرف السامي ونور الهدى هم ينـبئنا فـيه الـكتـاب المـعظم وطـه ويـس وعــمّ ومـريـم وفاطـمة الزهـراء رزءٌ معـظم على الظلم واشتـاقت اليهـم جهنم فصاحت ونار الحزن بالقلب تضرم أخـي هـذه الأطـفال بعـدك يُتّم
    وفي آخرها يقول :
فيا عترة الهادي خذوها بمدحكم تـزفّ اليكم كل شهر مـحرّم مديحاً لمحمود الطريحي عبدكم خـدلّجةً كالدر حين يُنظّم يتوق اليها الشاعر المترنم مـودته في حبكم لا تكتّم
    وهي 65 بيتاً.
ادب الطّفّ الجزء الخامس ::: فهرس