ادب الطّفّ الجزء الخامس ::: 106 ـ 120
(106)
كـل صـبح ومسـاء لا تـزال كـل داع خـيـة ذات الـتقـام ان تكن من لسعها تبغي الخلاص فاقتل النفـس الكفـور الجانـية أيـها الساقـي أدر كأس المـدام خلص الأرواح من قـيد الهموم فـالبـهائي الحـزين المـمتحن من دواعي النفس فـي قيل وقال قل مـع الحيات كم هـذا المقام أو ترم من عض هاتيك المناص قــتـل كـرديٍ لأمٍّ زانـيـة واجـعلن في دورها عيشي مدام أطلـق الأشباح من أسر الغموم من دواعي النفس في أسر المحن



(107)
كان حياً 1036
    رواها الشيخ فخر الدين في ( المنتخب ) :
جاد ما جاد مـن دموعي السجام قلّ صبري وزاد حزني ووجدي إنما حسـرتي وهـمـّي وحزني لسلـيل البتول سبـط رسول الله لست أنسى الحسين بالطف ملقىً لست أنساه وهـو فيهـم وحـيداً لمصاب الكريم نجل الكـرام فهمومي كأسي ودمعي مدامي ونحيبي وزفرتي واضطرامي نـور الإله خــيـر الأنـام عافر الخد نـاحر النحر دامي قد أحاطت بـه عـلوج اللئام
* * *
يا بـني أحمـد عـصام البرايا أنـتم عـدتي لـيـوم مـعادي أنتم العارفـون مقـدار حبـي قلت في مدحكم وأخلصت ودّي فـخـذواها مـن مسلمـي وفيٍّ أنتم النور فـي دياجى الظلام لست أخشى من الذنوب العظام فهو كافٍ عن منطقي وكلامي ورجائـي وملجأي واعتصامي نجـفي مـهـذب بـالنـظـام (1)

1 ـ أورد السيد الامين في الاعيان هذه القصيدة ونسبها للشيخ محي الدين بن الشيخ محمود وهو وهم.

(108)
محمد علي الطريحي
كان حياً 1036 هـ
    هو الشيخ محمد علي بن أحمد بن علي بن أحمد بن طريح بن خفاجي بن فياض ابن حيمه بن خميس بن جمعه بن سليمان بن داود بن جابر بن يعقوب المسلمي العزيزي. من أعلام أسرته المشاهير ووالد الشيخ فخر الدين ذكره المحقق الطهراني في الروضة النضرة في المائة الحادية بعد العشرة ص 114 في ذكر اجازة حفيده الشيخ حسام الدين ابن الشيخ جمال الدين لتلميذه الشيخ محمد جواد بن كلب علي الكاظمي بقوله : الشيخ الورع التقي النقي. وذكره صاحب مخطوطة من كتاب ( من لا يحضره الفقيه ) وعليها اجازات متعددة وهي اليوم بتملّك الشيخ محمد علي القمي الحائري بكربلاء.
    ومن شعره الذي يرثي به الإمام الحسين (ع) قوله :
    حاد ما جاد بالدموع السجام (1).
1 ـ عن شعراء الغري ج 9 ص 455.

(109)
وفاته 1064
    قال يرثي الحسين عليه السلام بقصيدة مخمسة (1) :
سلبت لوعتي لذيذ الـرقاد ورماني دهري بسهم العناد وكستني ثوب الضنا والسهاد وغرامي ما إن له مـن نفاد
كل يوم وليلة في ازدياد
لي حزن في كل آن جديد والتهاب يذوب منه الحديد وعناء يشـيب مـنه الـوليد قد بكى رحمة لحالي الحسود
ودموع تسح سحّ الغوادي
لست أبكي لفقد عصر الشباب وصدود الكواعـب الاتـراب وتقضي عهد الهوى والتصابي وتنـائي الخلـيط والاحبـاب
من سليمى وزينب وسعاد
قد نهاني النهى عن التشبيب فتفـرغت للأسـى والنحيب وادكار الهوى وذكر الحبيب مذ أتى زاجراً نذير المشيب
معلماً بالفناء حين ينادي

1 ـ ذكرها الشيخ علي بن محمد بن الحسن. شقيق المترجم له في كتابه ( الدر المنثور ) والشيخ الاميني في شهداء الفضيلة ص 157.

(110)
بل بكائي لأجل خطب جليل ورمـى بالعناء قـلب البتول أضرم الحزن في فؤاد الخليل وأسـال الدمـوع كـل مسيل
فتردى الهدى بثوب الحداد
رزء من قدبكت له الفلوات وهوت من بروجها النيرات واقشعرّت لموته المكرمات والمعـالي لفـقده قائلات
غاب والله ملجأي وعمادي
فجعة نكست رؤوس المعالي ورمت بالقذى عيون الكمال واستباحت حمى الهدى والجلال قد أناخت بخـير صـحب وآل
عترة المصطفى النبي الهادي
يا لها فجعة وخطباً جسيما وبقلب الامير حزناً مـقيما أوقعت في حشى الكليم كلوما وأعـادت جسم القسيم سقيما
جفنه للأسى حليف السهاد
لهف نفسي على رهين الحتوف ثاوياً جسمه بـأرض الطفوف حين أمسى نهب القنا والسيوف وهو ذو الفضل والمقام المنيف
وسليل الشفيع يوم المعاد
منعوه ورود ماء الفرات بعد تقتيل اهله والحمات وسقوه كاس الفنا والممات وأحاطت به خيول الطغات
بمواضي الضبا وسمر الصعاد


(111)
الشيخ زين الدين ابن الشيخ محمد شارح ( الاستبصار ) ابن الشيخ حسن صاحب المعالم ابن الشيخ زين الدين الشهيد الثاني العاملي الجبعي المكي المتوفى سنة 1064
    ولد بجبع سنة 1009 وتوفي بمكة المكرمة 29 ذي الحجة الحرام سنة 1064 ودفن مع والده بالمعلّى عند أم المؤمنين خديجة الكبرى. في أمل الآمل : شيخنا الأوحد كان عالماً فاضلاً متبحراً محققاً ثقة صالحاً عابداً ورعاً شاعراً منشئاً أديباً حافظاً جامعاً لفنون العلم العقلية والنقلية لا نظير له في زمانه ، قرأ على أبيه وعلى الشيخ الأجل بهاء الدين العاملي وجماعة من علماء العرب والعجم وجاور بمكة مدة وتوفي بها. له شعر جديد (1).
    أورد الشيخ زين الدين ـ هذا ـ السيد علي خان المدني ترجمة في سلافة العصر وذكر الكثير من شعره ، وترجم له أيضاً المحبي في خلاصة الأثر في القرن الحادي عشر ج 2 ص 191 ، وترجم له أيضاً سيدنا الصدر الكاظمي في تكملة أمل الآمل ، وجاء ذكره في خاتمة مستدرك الوسائل ص 390.
    وفي كتاب ( شهداء الفضيلة ) عندما ذكر أحفاد الشهيد الثاني قال :
    الشيخ زين الدين بن محمد بن الحسن بن زين الدين ـ الشهيد الثاني.
    هو أستاذ صاحب الوسائل ، قال في أمل الآمل : شيخنا الأوحد كان عالماً فاضلاً متبحراً ، مدققاً محققاً ثقة صالحاً عابداً ورعاً شاعراً منشياً أديباً جامعاً حافظاً لفنون العلم النقليات والعقليات ، جليل القدر عظيم المنزلة لا نظير له في زمانه ، قرأ على أبيه وعلى الشيخ بهاء الدين العاملي وعلى مولانا
1 ـ عن أعيان الشيعة ج 33 ص 302.

(112)
محمد أمين الاسترابادي وجماعة من علماء العرب والعجم ، جاور مكة وتوفى بها ودفن عند خديجة الكبرى. قرأت عليه جملة من كتب العربية والرياضة والحديث والفقه وغيرها ، وكان له شعر رائق وفوائد وحواشي كثيرة وديوان شعر صغير رأيته بخطه ، ولم يؤلف كتاباً مدوناً لشدة احتياطه ولخوف الشهرة. انتهى.
    وأطراه صاحب الدر المنثور وذكر كثيراً من شعره. وقال صاحب السلافة : انه زين الأئمة وفاضل الأمة وملث غمام الفضل وكاشف الغمة ، شرح الله صدره للعلوم شرحاً وبنى له من رفيع الذكر صرحاً إلى زهد أسس بنيانه على التقوى وصلاح أهلّ به ربعه فما أقوى وآداب تحمر خدود الورد من أنفاسها خجلاً وشيم أوضح بها غوامض مكارم الأخلاق وجلا.
    رأيته بمكة شرفها الله تعالى والفلاح يشرق من محياه وطيب الاعراق يفوح من نشر رياه وما طالت مجاورته بهاحتى وافاه الأجل ، وانتقل من جوار حرم الله إلى جوار الله عز وجل فتوفى سنة اثنتين وستين وألف رحمه الله تعالى. وله شعر خلب به العقول وسحر ، وحسدت رقته أنفاس نسيم السحر ، فمنه ما كتب إلى الوالد من مكة المشرفة مادحاً وذلك عام 1061 :
شام بـرقا لاح بالابرق وهنا وجـرى ذكـر اثيلات النقا دنف قد عاقه صرف الردى شفّه الشوق إلى بـان اللوى أسلمته للـردى أيدي الأسى طالما أمـّل إلـمام الـكرى كـلما جنّ الـدجى حنّ إلى وإذا هـبّ نسـيم مـن رُبا يا عريـباً بالحـمى لولاكم فصبا شوقاً الى الجزع وحنّا فشكى من لاعـج الوجد وأنّا وخطوب الدهر عـما يتمنى فغـدا منهـمل الدممع معنى عنـدما أحسن بالأيـام ظنا طمعاً في زورة الطيف وأنى زمن الوصل فأبدى مـا أجنا حاجر أهدى له سقـماً وحزنا ما صبا قلبي إلى ربع ومغنى


(113)
كان لي صـبر فـأوهاه النوى قـاتل الله النـوى كـم قرحت كـدّرت مـورد لـذاتـي وما قطعت أفـلاذ قـلبي والحـشا فإلى كـم أشتـكي جور النوى قد صحا قلبي من سكر الهوى ونهاني عن هوى الغـيد النهى وتفـرغـت إلى مـدح فتـى يجد الـربح سـوى نيل العلا سيد السادات والمـولى الـذي لـم يزل فـي كـل حين بابه غمرت سحب أياديـه الـورى نسـخ الغـامر من أفـضـاله ورث الـسؤدد عـن آبـائـه حلّ مـن أوج العلى مـرتـبة تهــزء الأقـلام في راحـته جادنا مـن راحيـته سـحب يا عـماد المجد يا من لم تزل عضني الـدهر بأنياب الأسى هائماً في لـجـّة الفـكر ولي كـلـما لاح لعـينـي بـارق تتلظـى كبدي شـوقـاً إلـى ركبـت امـالنـا شـوق الى بعدمـا أنحـلت العيس السرى وباكـنا فـك يا كهف الورى بعـدكـم يـا جيـرة الحـي وأفنـى كـبداً مـن ألـم الـشـوق وجفـنـا تركت لي مـن جـميل الـصبر ركنا وكسـتني مـن جـميـل السقم وهـنا وأقاسـي مـن هـوى لـيلى ولُـبنى بعـدمـا أزعـجـه السكـر وعـنّى وحـبانـي الـشـيب إحساناً وحـسنا سـنـّة المـعروف والأفـضـال سنّا مـن مـراقي المجـد خـسراناً وغبنا أمّ إنـعامـاً وأفــضـالاً ومــَنـا مأمناً مـن نـوب الـدهـر وحـصنا نِعـماً فهـو للفـظ الـجـود معـنى ( حاتماً ) و ( الفضل ) ذا الفضل و ( معنى ) مثل مـا قـد ورثـوا بطـناً فبـطنا صار منـها النـسر والعيـّوق أدنـى بـرمــاح الخـط لـمـا تـتثـنى تـمطر العسـجـد لامـاء ومـزنـا مـن مـعالـيه ثـمار الفضل تُجنى تـركتني فـي يـد الاسـواء رهنـا جـسـد أنحـلـه الـشـوق وأضنى من نـواحي الـشام أضناني وعـنا صبيـة خلـفـت بـالشـام و ( أفنى ) ورد انعامـك والافضـال سفـنـا وأبـادت في فـيافي البـيد بـُدنـا مـن تصاريف صـروف الدهر لذنا


(114)
ونُـهني مجدك العالي بـما وابق يا مولى الموالي بالغاً حازه بل كلـما حاز تهنى من مقامات العلى ما تتمنى (1)
    ومن شعره :
ولما رأينا منزل الحي قد عفا لبسنا جلابيب الكآبة والأسى وشطّت أهـاليه وأقوت معالمه وأضحى لسان الدمع عنا يكالمه
    وقوله :
كم ذا أواري الجـوى والسقم يبديه شابت ذوائب آمالي ومـا نجـحت ولاهب الـوجد في الاحشاء يخمده رفقاً بقلبـي المعنى في هواك فما وكيف يقوى على الهجران ذو كبد ما زال جيش النوى يغزو حشاشته يا من نأى ولـه في كل جـارحة هل أنت بالقرب بعد اليأس منعطف فقـد تمادى الجـوى فينا ورقّ لنا وأحـبس الدمع الأشـواق تجريه وليل هـجرك ما شابـت نواصيه رجا الوصال وداعي الشوق يذكيه أبقيت بـالهجر منه مـا يُعـانيه جرت لطـول التئاني مـن مآقيه حتى طواه الضنى عن عين رائيه مني مـقام إذا مـا شـطّ يدنيـه وراجع مـن لذيذ العيش صـافيه قاسي قلوب العدى مما نقاسيه (2)
    ومن قوله أيضاً كما في السلافة :
سـئمت لفـرط تنقـلي الـبيداءُ ما ان أرى في الدهر غير مودع أبلى النوى جلدي وأوقد في الحشا فقدت لطول البين عيني مـاءها وشكت لعظم ترحلي الانضاء خـلا وتوديع الخـليل عناء نيران وجد ما لهـا إطـفاء فبـكاؤها بدل الدمـوع دماء

1 ـ شهداء الفضيلة للشيخ الأميني.
2 ـ أعيان الشيعة ج 33.


(115)
فارقـت أوطاني وأهـل مودتي من كـل مائسة القـوام إذا بدت ما اسفـرت والليل مـرخٍ ستره ترمي القلوب بأسهم تصمي وما شمس تغار لها الشموس مضيئة هيفاء تخـتلس القلوب إذا رنت ومعاشر مـا شان صدق ولائهم ما كنت أحسب قبل يوم فراقهم فسقى ثرى وادي دمشق وجادها فيـها أهيل مـودتي وبـتربها ورعـى ليالينا التي في ظـلها أترى الـزمان يجود لي بايابها فإلى متى يا دهر تصدع بالنوى وتسومنـي منك الـمقام بـذلّة فأجابني لولا التغرب ما ارتقى فاصبر على مرّ الخطوب فإنما واتـرك تذكرك الشآم فإنمـا وخرائــداً غيـداً لهنّ وفاء لجمال بهجتـها تـغار ذُكاء إلا تـهتك دونـهـا الظلماء لجراحهن سوى الوصال دواء ولـها قلوب العاشقـين سماء فـكأنـما لحظـاتها الصهباء نقض العهود ولا الوداد مـِراء ان سوف يقضى بعد ذاك بقاء من هاطل الـمزن الملث حياء لجليل وجـدي والسقـام شفاء سلفت ومقلة دهـرنا عمـياء ويـتاح لي بعـد البعاد لقـاء اعـشار قـلب ما لهنّ قـواء ولهـمتي عـما تسـوم إبـاء رتـب المكـارم قبلك الابـاء مـن دون كل مسـرّة ضراء دون الشـآم وأهـلـها بيـداء (1)

1 ـ نزهة الابصار ج 3 ص 466.

(116)
المتوفى 1072 هـ
أرى الصـبر يفنى والهمـوم تبـيد وذكـرني بالـنوح والحزن والبـكا عطاشى على شاطي الفرات فما لهم لقد صـبروا لا ضـيّع الله صبرهم وجسمي يبلـى والسقام جديد غريب بأكناف الطفوف فريد سبيل إلى قـرب المياه ورود إلى أن فُنوا من حوله وأبيدوا (1)

1 ـ بطل العلقمي للشيخ عبد الواحد المظفر ، الجزء الثالث ص 336.

(117)
ابن الجمال مولده 1002 وفاته 1072 هـ
« 1593 « 1661 م
    قال الزركلي في الاعلام ج 5 ص 74 :
    علي بن أبي بكر بن علي نور الدين ابن الجمال المصري بن أبي بكر بن علي ابن يوسف الانصاري الخزرجي المكي الشافعي : فقيه فرضي ، من العلماء. مولده ووفاته بمكة. له تصانيف ، منها ( المجموع الوضاح على مناسك الايضاح ) و ( كافي المحتاج لفرائض المنهاج ) و ( قرة عين الرائض في فنّي الحساب والفرائض ) و ( التحفة الحجازية في الأعمال الحسابية ـ خ ) و ( فتح الوهاب على نزهة الحسّاب ـ خ ).
    وترجم له المحبي ترجمة واسعة وعدد مصنفاته وآراء الفقيهة وما تفرّد به من الفتاوى. قال : وكانت وفاته يوم الاثنين لثمان بقين من شهر ربيع الثاني سنة اثنتين وسبعين وألف ، ودفن بمقبرة المعلاة (1).
    وقال الشيخ القمي في الكنى : ابن جمال علي بن أبي بكر بن نور الدين علي الانصاري الخزرجي المكي الشافعي ، كان صدراً عالي القدر محققاً تشدّ اليه الرحال للأخذ عنه ، له مصنفات في الفقه والفرائض والحساب والحديث وغير ذلك ، توفي سنة 1072.
1 ـ خلاصة الاثر ج 3 ص 128.

(118)
المتوفى 1085
يا جـد ذا نحـر الحسين مضرج يا جد حـولي مـن يـتاما اخوتي يا جد مـن ثكلي وطول مصيبتي يا جد ذا صـدرالحسين مرضض يا جـد ذا ابـن الحسيـن مكـبّل يا جـد ذا شـمر يـروم بفـتكه بالـدم والجسم الشـريف مجرّدُ في الذل قد سلبوا القناع وجردوا ولـما أعانـيه أقـوم واقـعـد والخيل تنزل من علاه وتـصعد ومغـلل فـي قـيده ومـصفـد ذبـح الحسـين فأيّ عين تـرقد (1)

1 ـ عن نسخة مخطوطة للمنتخب.

(119)
    الشيخ فخر الدين الطريحي
    نبغ في القرن الحادي عشر الهجري الإمام الفقيه المحقق اللغوي الشيخ فخر الدين بن الشيخ محمد علي بن الشيخ أحمد إلى آخر ما مرّ في سلسلة نسب هذه الأسرة المنتهي نسبها إلى حبيب بن مظاهر الأسدي الشهيد بين يدي الإمام الحسين (ع) يوم كربلاء. وبنو أسد من أشرف القبائل وأكثرها عدداً.
    ولد الشيخ فخر الدين في النجف الأشرف سنة 979 هـ ونشأ محباً للعلم شغوفاً بالمعارف والكمالات فكتب وصنف وألّف ، وأجاد وأفاد كما شهد له أقرانه بذلك أمثال المجلسي صاحب بحار الانوار ، والحر العاملي صاحب الوسائل.
    وهذه مصنفاته تشهد له بطول الباع وسعة الاطلاع ، فهذا كتاب ( مجمع البحرين ومطلع النيرين ) في الكتاب والسنّة وقد طبع مراراً وهو المرجع للباحثين والمتأدبين وكتاب ( غريب الحديث ) وكتاب ( الضياء اللامع في شرح الشرائع ) وكتاب ( غريب القرآن ) وبالجملة فمؤلفاته تقارب الثلاثين مؤلفاً.
    قال الشيخ عبد المولى الطريحي في مؤلفه المخطوط ( تاريخ الأسرة الطريحية ) : للشيخ فخر الدين شعر جيد كثير قد ضمن أكثره في ( المنتخب ) وكأنه اقتصر في شعره على المديح والمراثي لأهل البيت عليهم السلام وأكثره في الإمام الشهيد الحسين عليه السلام ، وقد وجدتُ له أرجوزة خاصة في حديث الكساء. ومن شعره قوله كما في المنتخب :
يا عترة الهادي النبي ومَن هم عزي وكنزي والرجا والمفزعُ


(120)
وآليتكم وبرئت من أعدائكم صلى الإله عليكم ما أحييت فأنا بغير ولائكم لا أقـنع فكرٌ وأوقفت العيون الهمّعُ (1)
    وقوله من أخرى :
سقى الله قبراً بالغري وحوله ورمساً بطوس لابنه وسميه وفي طيبة منهم قبور منيرة قبور بمثوى الطف مشتـملاتِ سقته السحاب الغر صفو فرات عليها من الرحمن خير صـلاة (2)
    أقول كنت أثناء مطالعتي للمنتخب أستجلي من بعض عبارات الشيخ عظيم تمسكه بأهل البيت عليهم السلام وشدة ولائه لهم مما جعلني أعتقد انه على جانب عظيم من الولاء ، ومما جاء من قسم المنظوم قوله :
وإني لمطوي الضلوع على جوى أحـنّ إلى أنـفاسـكم ونسـيمكم فقربكم مع قـلة الـمال لي غنى متى حلّ فوق الجمر يحترق الجمر وأذكـركم والصـب يقـلقه الذكر وبعدكم مـع كثرة المـال لـي فقر
    وجاء أيضا :
يا مخزن الوحي والتنزيل يا أملي حزنـي عليـكم جديد دائـم أبداً يا مـن ولاؤهم في القـبر يؤنسني ما دمت حياً إلى ان ينقضي زمني
    كانت وفاة الشيخ الطريحي سنة 1085 هـ في الرماحية ( وهي المدينة المعروفة الواقعة في أواسط الفرات بين ربوع قبائل خزاعة يوم كانت آهلة بالسكان وماثلة للعيان. ونقل للنجف ودفن في تربته وقبره معروف مشهور في داره التي يقطنها اليوم أسرة آل الطريحي بقرب مسجده الذي صلى فيه زمناً.
1 و 2 ـ ورواها الشيخ محمد السماوي في ( الطليعة ).
ادب الطّفّ الجزء الخامس ::: فهرس