ادب الطّفّ الجزء الخامس ::: 181 ـ 195
(181)
ومنهم المجلسي صاحب بحار الأنوار. وتوفي بشيراز سنة 11220 هـ ودفن عند جده غياث الدين المنصور صاحب المدرسة المنصورية المتوفي سنة 948 هـ وله مؤلفات كثيرة منها :
    1 ـ سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر : ويشتمل هذا المؤلف على تراجم شعراء القرن الحادي عشر ، وهو ذيل لريحانة الالباء لشهاب الدين الخفاجي انتهى من تأليفه سنة 1082 هـ وجمع فيه أخبار المعاصرين ونخباً من أقوالهم وممن تقدمهم وقسمه إلى خمسة أقسام ، وهومجموعة أدبية قيمة ، طبعت في مصر بمطبعة الخانجي سنة 1324 هـ في 607 ص.
    2 ـ سلوة الغريب واسرة الأريب وهي رحلته إلى حيدر آباد سنة 1068 هـ فرغ منها في جمادى الثانية سنة 1075 هـ منها نسخة في برلين وكربلاء في كتب السيد محمد باقر الحجة كتبت سنة 1204 هـ وأخرى في طهران عند السيد محمد باقر بحر العلوم وطبعت سنة 1306 هـ.
    3 ـ الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة منه نسخة في برلين ومنه نسخة في النجف في مكتبة آية كاشف الغطاء بخط علي الشيرازي الحائري فرغ من كتابتبها سنة 1326 هـ في كربلاء. والكتاب جامع كبير في التاريخ والتراجم والآداب وغيرها وهو مرتب على اثنتي عشر طبقة : الصحابة. والتابعين. والمحدثين. وعلماء الدين. والحكماء. والمتكلمين. وعلماء العربية والصفوية. والملوك والسلاطين. والأمراء. والوزراء. والشعراء. والنساء.
    وقد طبع الكتاب في النجف ـ المطبعة الحيدرية سنة 1382 هـ 1962 م في 590 ص ويحتوي المطبوع على الطبقة الأولى والرابعة والحادية عشرة.
    4 ـ بديعية : وهو كتاب حافل بغرائب الأدب شرع فيه بديعيته وسماها « أنوار الربيع في أنوار البديع » فرغ من الشرح سنة 1093 هـ وطبع في إيران سنة 1304 هـ (1)
1 ـ وأخيراً طبع في النجف بتحقيق البحاثة المعاصر هادي شاكر ، يقع في سبعة أجزاء.

(182)
    5 ـ حديقة العلم : طبع في حيدر آباد الدكن سنة 1266 هـ.
    6 ـ الطراز الأول فيما عليه من لغة العرب المعول : وهو من الكتب اللغوية النفيسة ، وفيه نبذ تأريخية وعلمية وغيرها ، جاء في المجلد الأول « ان أبلغ ما نطقت به البلغاء بادئ بدأ ، وأفصح ما بدأت الفصحاء به الكلام أبداً حمد الله الذي أنطق العرب بأعرب لسان وشرف منهم النسب بأشرف إنسان وأحل العربية من اللغات محل الغرّة من الجبين .. وجاء في مقدمته :
    « ولغة العرب نوعان ، احدهما عربية حمير ، وهي التي تكلموا بها منها من عهد هود ومن قبله وبقي بعضها إلى اليوم. وثانيهما العربية المحضة التي نزل بها القرآن ، وأول من أنطق لسانه بها اسماعيل بن ابراهيم ، وهي أوسع اللغات مذهباً ، وأكثرها ألفاظا .. ».
    ويبدو أنه كان مشتغلاً بتأليفه إلى يوم رحلته من الدنيا ولم يتمّه ، ومن هذا الكتاب نسخة نفيسة في مكتبة آل كاشف الغطاء المجلد الأول في 552 ص والثانية ـ أوله باب الجيم ـ فصل الهمزة يزيد على الأول قليلاً وكلاهما بخط مؤسس المكتبة الشيخ علي بن محمد رضا آل كاشف الغطاء ، فرغ من كتابة الأول في رجب 1322 هـ ومن كتابة الثاني في ربيع الآخر سنة 1330 بالقطع الكبير ، والثالث وهو بخط مؤلفه الجيد بالقطع الكبير ، وكان قبلاً في حيازة الشيخ محمد السماوي.
    7 ـ الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية ، والفوائد الصمدية للشيخ البهائي الحارثي في النحو ، وهو شرحه الكبير لها وله شرحان آخران متوسط وصغير. طبع كتاب الحدائق سنة 1297 هـ ومنه نسخ كثيرة وتوجد نسخة عصر المصنف في إيران ، وكان فراغه منه سنة 1079 هـ.
    8 ـ نغمة الأغاني ورنة المثاني ، أرجوزة ذكرت برمتها في كشكول الشيخ يوسف البحراني المطبوع المتداول ، ومنها نسخة بخط السماوي في


(183)
مكتبة الحكيم في النجف ـ قسم المخطوطات برقم 29.
    9 ـ أغلاط الفيروز آبادي في القاموس ، نقل عنه السيد مرتضى الزبيدي في تاج العروس.
    10 ـ ملحق السلافة أو ذيل السلافة وهو تراجم كثيرة ألحقها بالسلافة وكانت من مراجع السيد الأمين في أعيان الشيعة. منها نسخة في « قم » عند السيد شهاب الدين التبريزي.
    11 ـ ديوان شعره ، وتوجد منه نسخ كثيرة في مكتبات النجف وغيرها (1).
    12 ـ رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين ـ الإمام علي بن الحسين بن علي عليهم السلام ، واشتهرت هذه الصحيفة باسم « الصحيفة السجادية الكاملة » وكان شروع السيد المدني في الشرح سنة 1094 هـ وفرغ منه في 1116 هـ. ورتبه على أربع وخمسين روضة ، لكل دعاء روضة ، ويعتبر هذا الشرح أطول الشروح ، وأوله : « اللهم إنا نحمدك حمداً تؤتينا به من نعمك الحسان نعمة شاملة » ألّفه للسلطان حسين الصفوي ، ومن هذا الشرح نسخ كثيرة منه في مكتبة السيد الحسن الصدر نسخة نفيسة على حواشيها خط المؤلف ، وطبع الشرح في العجم سنة 1271 هـ.
    وترجم له الشيخ اغا بزرك الطهراني في ( الذريعة ) عندما ذكر ديوانه المخطوط في قسم الديوان وفي الضمن ذكر أخاه السيد محمد محيى ابن السيد نظام الدين أحمد ، وان من شعره قوله :
يا راحلين وقلبي راحل معهم مهلاً فلولاكم والله ما رحلا
    وان للسيد علي خان مع أخيه هذا مراجعات سنة 1078.
1 ـ أقول : لم نعثر على نسخة تامة وكل ما رأيناه هو بعض الديوان.

(184)
    ومن غرر شعر شاعرنا المدني قوله يمدح أمير المؤمنين عليه السلام لما ورد إلى النجف الأشرف مع جمع من حجّاج بيت الله : اخذناها من ديوانه المخطوط :
يا صاح ! هذا المشهد الأقدسُ والنجف الأشـرف بانت لـنا والقـبة البيضاء قد أشـرقت حضـرة قدسٍ لم ينل فضلها حلّـت بمن حلّ بـها رتـبة تود لو كـانت حصا أرضها وتحـسد الأقـدام مـنّا على فقف بها والثم ثـرى تـربها وقل : صـلاةٌ وسـلامٌ على خليفـة الله العـظيـم الـذي نفس النبي المصطـفى أحمد المعـلم العـيلم بـحر الـنّدا فليـلنا مـن نـوره مقـمر أقـسـم بـالله وآيـاتــه إن عـليّ بـن أبي طـالب ومـن حباه الله أبنـاء مـا أحاط بالعـلم الذي لم يحـط قرّت بـه الأعيـن والأنفـسُ أعلامـه والمـعهـد الانـفسُ ينجاب عـن لألائـها الحندس لا المسجد الأقصى ولا المقدس يقصـر عنها الـفلك الأطلس شهـب الدجى والكنّس الخنس السعي إلـى أعتابـها الأرؤس فهـي المقام الأطهـر الأقدس من طاب منه الأصل والمغرس من ضوئه نـور الهدى يقتبس وصـنـوه والـسـيد الأرؤس وبــرّه والـعالـم النـقـرس (1) ويـومنا مـن ضوءه مشـمس أليّـة تـنجـي ولا تـغـمس مـنـار ديـن الله لا يطـمس فـي كتـبه فهـو لها فهرس بمثلـه بـليـا ولا هـرمـس (2)

1 ـ النقرس : الطبيب الماهر.
2 ـ الهرامسة ثلاثة : هرمس الأول وهو عند العرب ادريس. وعند العبرانيين اخنوخ وهو أول من درس الكتب ونظر في العلوم وانزل الله عليه صحائف. هرمس الثاني : كان بعد الطوفان وهو بارع في علم الطب والفلسفة. هرمس الثالث : سكن مصر وكان بعد الطوفان مشهور بالطب والفلسفة.


(185)
لولاه لـم تخـلق سـماء ولا ولا عـفى الرحمن عـن آدم هذا أمـير المـؤمنين الـذي وحجـّة الله الـتي نـورهـا تالله لا يـجـحدهـا جاحـد المعلن الحـق بـلا خـشـية والمقحم الخيل وطيس الوغى جلبابه يـوم الفـخار التـقى يرفـل من تـقواه فـي حلّة يا خيـرة الله الـذي خـيره عبـدك قد أمـّك مستوحشاً يطوي إليك البحر والبـر لا طـوراً على فلك به سابـح فـي كل هيماء يـرى شوكها حتـى أتى بـابك مستـبشراً أدعوك يا مولى الورى موقناً فنجـني من خطب دهرٍ غـدا هـذا ولـولا أملي فـيك لـم صـلّى عليك الله مـن سيـد ما غرّدت ورقاء في روضـة أرض ولا نعمى ولا ابـؤس ولا نجا مـن حوتـه يونس شـرايـع الله بـه تحـرس كالصـبح لا يخفى ولا يبلس إلا امـرء في غيـّه مركس حيث خطـيب القوم لا ينبس وإذا تناهى البـطل الأحرس لا الطيلسان الخـزّ والبرنس يحسدهـا الديبـاج والسندس يشـكره الناطـق والأخرس مـن ذنبه للعفـو ويستأنس يـوحشه شيء ولا يـونس وتـارة تسـري به عرمس (1) كأنه الريحـان والنـرجس ومـن أتى بابك لا ييـأس انّ دعـائي عنك لا يحبس للجسـم منّي أبـداً ينـهس يقرّ بي مثوى ولا مجـلس مولاه في الدارين لا يوكس وما زهت أغصانها المـيّس

1 ـ العرمس : الناقة الصلبة.


(186)
    وقال في كتابه ( أنوار الربيع في أنواع البديع ) : طبعة النجف ج 1 ص 64. ومن براعاتي في الرثاء قولي في مرثية الحسين بن علي عليهما السلام.
كل نجـم سيعتريه أفولُ لا حق إثر سابق والليالي وقصارى سفر البقاء القفول بالمقاديـر راحـلات نزول
    وقال أيضاً : وقولي من قصيدة مرثية في الحسين بن علي عليهما السلام :
يا مصاباً قد جرّع القلب صابا كل صبر إلا عليك جميل
    ان الديوان المخطوط في مكتبة المدرسة الشبرية بالنجف الاشرف ـ قسم المخطوطات ـ والذي هو بخط البحاثة الشيخ محمد السماوي رحمه الله قد جمع الكثير من شعر السيد علي خان وجاء مرتباً على حسب حروف الهجاء لكن هاتين القصيدتين لم نعثر عليهما لا في الديوان ولا في غيره بالرغم من مواصلة البحث ، وتوجد نسخة تحتوي على قسم من شعره في الغزل والفخر والمديح والمراسلات في مكتبة كاشف الغطاء العامة بالنجف الأشرف ـ قسم المخطوطات ـ تسلسل 930.
    وهذه احدى روائعه وهي في روضة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم :
يا عين هذا المصـطفى أحـمدُ وهـذه القـبة قـد أشـرقـت وهـذه الـروضة قد أزهـرت وهـذه طـيبة فـاحـت لـنا وعينها الـزرقاء راقـت فـلم فـما لاحـزانـي لا تنـجلـي هذا المصـلّى والبقـيع الـذي أرض زكـت فخراً وفاقت علىً خير الورى والسـيد الأمجدُ دون عـلاها الشمس والفرقد فيها المنى والسئول والمقصد أرجـاؤها والسـفح والفرقد يحلّـها الاثـمـد والـمرود ومـا لنـيرانـي لا تخـمد طاب بـه المنـهل والمورد فالأنجم الـزهر لـها حُـسّد


(187)
حصباؤها الـدر وأحجارها تمنّت الأقـمار والشهبُ لو فـما على من كحلـت عينه بها مزايا الفضل قد جمعت يغـبطها البـيت وأركـانه مشهد سعـدٍ فـضله باهـرٌ وكيف لا وهـو مـقام لمن وموطن الصفوة مـن هاشم خير قريش نسباً في الورى وخـيرة الله الذي قـد علا غرّتـه تجلو ظـلام الدجى الفاتـح الخاتم بـحر الندى فـضّلـه الله على رسلـه آيـاته كالشمس في نـورها حنّ اليه الجـذع مـن فرقه والـماء مـن بين أصابيعه والقـمر انشـق لـه طائعاً والشمس عـادت بعد ليل له وكم له مـن آية في الورى حـديثها مـا كان بالمفترى فيا رسـول الله يـا خر مَن سمعاً فدتك النفس من سامع دعاك والـوجد بـه محـدق وتـربها الجـوهر والعـسجد كانـت نـواصيها بـها تعقد بـتربها لـو عـافها الاثـمد وفـضلها في وصفـه مفـرد وزمـزم والحـجر والمـسجد مـلائـك الله بـه سـجـّـد لـه عـلى هـام العلا مقـعد يا حـبذا المـوطن والمـشهد زكا بـه العنـصر والمحـتد بـه العلى والمجـد والسودّد وهو الاعـزّ الاشرف الاسعد وبـرّه والمـنهج الاقـصـد وسائـر الرسل بـه تشهـد أبـصرهـا الاكمـه والأرمد وفـي يـديـه سبّح الجـلمد فاض إلـى أن رُوي الـورّد وراح بالطـاعـة يستسعـد وعـودها طـوعاً لـه أحمد دان لـها الأبيض والأسـود والصبح لا يخـفى ولا يجحد يقـصده المتهــم والمنجـد دعـوة داعٍ قـلـبـه مكـمد لعـل رحـماك لـه تـنجـد


(188)
طال بي الاسـر وطال الاسى قد نـفـذ الصبر لمـا نالنـي فالغـارة الغـارة يا سيـدي حبك ذخـري يـوم لا والـد وأنت في الدارين لـي موئل فاكشف بـلائي سيدي عاجلاً وأدنـني منك جـواراً فقـد وبـوّأنـي طيـبةً مـوطـناً وهي لعمري مقصدي والمنى ثـم سـلام الله سـبحـانـه وآلك الغـر الكـرام الاولـى ما غـردت في الروض ايكية ومـا غــدا ينـشدنا منـشد ومـا على ذلك لي مسـعد وكيـف لا يفـنى ولا ينفد فـانك الملـجأ والمقـصد يغـني ولا والـدة تـسعد إذا جفـى الأقرب والأبعد عـلّ حرارات الاسى تبرد ضاق بي المضجع والمرقد فـانهـا لي سـابق مولـد لا الا بلق الفـرد ولا الاثمد عليك صـب دائم سـرمـد لهم احاديـث الـعلى تسنـد وما زكت أغصانهـا الميـّد يا عين هذا المصطفى أحمد
    وله في أبي طالب عمّ النبي ، ومؤمن قريش. عن ديوانه المخطوط في مكتبة المدرسة ا لشبرية بالنجف الأشرف :
أبـو طالب عـم النـبي محـمد كفـاه فخاراً في المـناقب انـه لئـن جهلت قـوم عظيـم مقامه فلـولاه ماقامت لاحمـد دعـوة أقـرّ بـدين الله سـراً لحـكمةٍ وماذا عليه وهو في الدين هضبةٌ وكيـف يحلّ الـذم ساحة ماجد عـليه سلام الله مـا ذرّ شـارق بـه قام أزر الـدين واشـتد كاهـله مــوازره دون الانـام وكـافـلـه فما ضرّ ضوء الصبح من هو جاهله ولا انجاب ليل الغـيّ وانزاح باطـله فقـال عـدوّ الحق مـا هـو قائـله اذا عصـفت مـن ذي العناد أباطـله أواخــره مـحـمـودة وأوائـلـه ومـا تليـت أحـسـابـه وفضائلـه


(189)
     وقال واصفاً حاله في خروجه من الهند وسفره إلى الحج وزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
اذا ما امـتطيت الفلك مقتحم الـبحر فما لملـيك الهنـد إن ضاق صدره ألم يصغ للأعـداء سمعاً وقد غدت فأوتر قوس الظلم لي وهـو ساخط وسدّ عليّ الطـرق مـن كل جانب إلـى أن أراد الله إنــفـاذ أمـره فردّ عـليه سهـمـه نحـو نحـره واركبني فلك النـجاة فـاصـبحت فـامسيت مـن تلك المخاوف آمـناً وكم كاشـح قد راش لي سهم كـيده وما زال صنع الله مـا زال واثـقاً كأني بفـلكي حيـن مـدت جـناحها أسفت على المرسى بشـاطئ جـدّة وهـبّ نسيم الـقرب من نحـو مكّةٍ وسارت ركابي لا تملّ مـن السرى إلى الكعبة البـيت الحـرام الذي علا فطـفت به سبـعاً وقبّـلت ركنـه ولو ساغ لي من مـاء زمزم شـربة هـنالك الفيـت المسـرة والهــنا وقمت بفرض الحج طوعاً لمن قضى ووليت ظهري الهند منشرح الصدر عليّ يـدٌ تقضـي بنهي ولا أمـر عقاربهـم نحـوي بكيـدهم تسري وسدّد لي سهم التغـطرس والكـبر وهـمّ بما ضاقت به ساحـة الصبر على الرغم منه في مشيـئته أمـري وقلّد بالنـعماء مـن فضله نحـري على ثبـج الـدامآء سابحة تجـري وعادت امـوري بعد عسر إلى يسر هناك فاضـحى لا يريش ولا يبري به عبـده ينجيه من حـيث لا يدري وطارت مـطار النسر حلّق عن وكر فجـددت الافـراح لي طلعة الــبر ولاح سـنا الـبيت المحرّم والحـجر إلى مـوطن التقـوى ومنـتجع البر على كل عالِ مـن بناء ومـن قصر واقبلت نحـو الحجر آوي إلـى حجر نقعت بها بـعد الصدى غلـة الصدر وفـزت بمـا أملت في سـالف الدهر علـى الناس حـج البيت مغـتنم الاجر


(190)
وسـرت إلـى تلك المشاعر راجـياً وجئت منى والقلـب قد فـاز بالمنى وبـاكـرتُ رمـياً للجـمار وإنـّما أقمـنا ثلاثاً ليـتها الـدهـر كـلـه فأبـتُ إلى البـيت العتـيق مـودعاً ووجهت وجـه ينحو طيبة قاصـداً إلى السـيد البر الـذي فاض بـره إلى خـيرة الله الذي شهـد الـورى فـقبلت مـن مثـواه أعتـابه التـي وعفـّرتُ وجهي في ثـراه لوجـهه فقـلت لقلبـي قد برئت مـن الهوى وقلت لعيـني شاهدي نـور حضرة اتدرين مـا هذا الـمقام الـذي سما مقام النبي المصطفى خـر من وفى رسول الهدى بحر الندى منبع الجدى هو المجـتبى المختار مـن آل هاشم به حـازت العلـيا لوي بـن غالب قضى الله ان لا يجمـع الفضل غيره و أرسـه الرحـمن للخـلق رحـمة وأودعـه الـعـلام أسـرار علـمه واسـرى بـه في لـيلة لسـمائـه وأوحى الـيه الذكر بـالحق ناطـقاً مـن الله غفـران المآثم والـوزر وما راعني بالخيف خوف من النفر رميت بـها قلب التـباعد بالجـمر إلى أن نفرنا مـن منى رابع العشر له ناوياً عـودي الـيه مـدى العمر إلى خـير مقصود مـن البر والبحر فوافيت مـن بحر اسـير إلى بـر له أنه الـمختار مـن عالـم الـذر أنافـت على هـام السماك بل النسر وطاب لـي التعفير اذ جئت عن عفر وقلت لنفـسي قـد نجوت من العسر اضائت بـها الأنوار في عالما الأمر على قمـم الافلاك أم أنت لـم تـدر محمد المـحمود في مـنزل الـذكـر مبيد العدى مروي الصدا كاشف الضر فـيالك مـن فـرع زكي ومن نـجر وفاز بـه سهـما كـنانـة والنـضر فكـان الـيه منتـهى الفـضل والفخر فانقـذهـم بالنـور من ظلمـة الكـفر فـكـان علـيها نعـم مستودع الـسر فعاد وجيـب الليل مـا انشق عن فجر بما قد جرى فــي علمه وبما يـجري


(191)
فانـزله في ليـلة الـقـدر جـملة ولقّــنه أيـاه بـعـدُ منجـّـمـاً مفـصّل آيـات حـوت كل حكمة وأنهــضه بالسيف للحـيف ماحياً فضائت بـه شمس الهداية وانجلت له خلق لـو لامس الصخر لاغتدى وجودٌ لـو أن البحر اعطي مـعينه إذا عبس الـدهر الضـنين لبـائس وان ضنّ بـالغيث السحاب تهلهلت ففاضـت على العافين كـفّ نواله وكـم للـنبي الهاشـمي عـوارفٌ اليك رسـول الله أصـبحت خائضاً على ما بـراني من ضناً صحّ برؤه فانعم سـريعاً بـالشفـاء لمـسقـم وخـذ بنـجاتي يـا فديتك عاجـلاً عليك صلاة الله ما اخـضرت الربا وآلك أربـاب الطــهارة والنقـى بعـلم ومـا أدراك مـا ليلة الـقـدر نجوماً تضيء الأفق كـالانجم الـزهر ومحكم أحكـام تجـلّ عـن الحـصر وأيـده بـالفـتـح مـنه وبـالنـصر عـن الدين والـدنيا دجى الغي في بدر أرق من الخـنساء تبكي علـى صخر جـرى ماؤه عـذباً بـمد بـلا جـزر تـلقاه مـنـه بالطـلاقـة والبــشر سـحائـب عشر مـن أنامـله العـشر فكم كفّ من عـسر وكم فـك من اسر يضـيق نطاق الحـمد عنـهن بالشـكر بحـاراً يفيض الصبـر في لجـها الغمر وليس سـوى رحمـاك من رائـد بري تقلـّبه الاسـقـام بطـنـاً إلـى ظـهر مـن الضر والبلوى ومـن خطر البـحر وماست غصون الروض في حلل خضر وصـحبك أصـحاب النـزاهة والطـهر
    وهذا لون من غزله ، أخذناه من ديوانه المخطوط :
بنفسي من قد جاز لون الدجى فرعا بدي فـكأن الـبدر فـي جنـح ليلة نمته لنـا عشـر المـحرم جـهرة ولـم يكفـه حـتى تقمـصه درعـا أو الشمس وافت في ظلام الدجى تسعى تطـارح أتـرباً تـكنفـه سـبـعـا


(192)
تبـدى على رزء الحسين مسوّدا وقد سلّ من جفنيه عضبا مهنداً هناك رأيت الموت تندى صفاحه ومـا زال يـولي في الهوى كربلا منعا كـان له فـي كـل جـاريـة وقـعـا وناعي الهوى ينعى وأهل الهوى صرعى
    أقول : وهذه الأبيات من السيد جواب على أبيات جاءت من عفيف الدين بن عبد الله بن حسين الثقفي المتوفى بشيراز سنة تسع عشرة ومائة وألف وهي :
بروحي مجبـولاً عـلى الحب طبعه يراقبُ أيـام الـمحـرّم جـاهـداً كلُـفت بـه أيـام دهري منصـف جنينا ثمار الوصل من دوحة المنى فـلـله أيام تـقضت ولـم تـعـد وقلبي مـجـبول علـى حـبّه طـبـعا فيطلع بـدراً والمـحب له لـه يرعـى ووجه الصبا طلق وروض الهوى مرعى ليـالـي لا واشٍ ولا كـاشح يسـعـى يحق لـعـيني ان تـسحّ لهـا دمـعا (1)
    أقول ومن هذا نعرف ان الحداد على الحسين عليه السلام ولبس السواد قديماً يرجع إلى القرون المتقدمة.
1 ـ عن نفحة الريحانة للمحبي ج 4 ص 141.

(193)
المتوفى حدود 1120
أيفـرح بالحـياة شـجٍ حزين تحـرك قلبه أيـدي الـرزايا يميناً بالـذي بـرء الـمـنايا إذا ما هـلّ عاشـور استهلت لك الويلات من شهر مشـوم أيمسي فيك مغصوباً حـسين وأسرته الأكارم مـن طريح بنفسي وهو خـلوٌ من مُعين بنفسي صحبة الاطهار دارت بأشفار الضبى هـذا جـريح بنفسي السبط مجروحاً ومنه ومنه الخيل تعلو فـوق صدر وزينـب حـوله ولهـا عليه وتطمع بـالـرقاد له جـفونُ وللحزن الطـويـل به سكون وتلـك يـمـين برٍّ لا يمـين عيون مـن دم منـي العـيون وان طالـت بمدتـها السـنين وقد أودى بـه الـداء الـدفين ذبيح منه قـد قطـع الـوتين عليـه حـرّم المـاء المعـين عليـهم للمنـون رحىً طحون وأطـراف الـقنا هذا طعـين بحرّ الترب قـد عفر الجـبين يهزّ سريـره الـروح الامـين عيون قـد جرت منها عيون (1)

1 ـ المجموع الرائق مخطوط السيد أحمد العطار ج 2 ص 289.

(194)
    هو عبد الرضا بن أحمد بن خليفة أبو الحسن المقري الكاظمي من أفذاذ القرن الثاني عشر وعلمائه وأفاضله الجامعين لفضيلتي العلم والأدب ترجمه سيدنا أبو محمد الحسن في ( تكملة الامل ) وأطراه بالعلم والفضل ، وقال : توفي حدود سنة ألف وماية وعشرين ، وعزى إليه ديوانه المرتب على الحروف في مدح الأئمة عليهم السلام ، قال الاميني وقد وقفنا عليه ونقلنا عنه ما أثبتناه وهو يربو على الثلاثة آلاف والخمسمائة بيتاً (1). أقول قد وقفت على ديوانه الموجود في مكتبة الامام الحكيم العامة بالنجف ـ قسم المخطوطات برقم 278 وأكثره في مدح النبي صلّى الله عليه وآله وسلم ومدح أمير المؤمنين علي عليه السلام وقصائد كثيرة في الامام الحسين والأئمة الاثني عشر مرتباً على الحروف بخط المرحوم الشيخ محمد السماوي وكل ما نقلناه فهو عنه.
    اما السيد الامين في الاعيان فقد ترجم له في مكانين من موسوعته ( الاعيان ) الأول في الجزء 30 وأسماه خلف بن خليفة المقري وقال : وجدنا له قصيدة في بعض المجاميع العراقية التي فيها شعر لجملة من شعراء الشيعة ولم يذكر اسمه غير انه في آخرها ذكر نفسه وأباه ونسبته. انتهى
    أقول انه لم يذكر اسمه وإنما أراد أنه خلف عمن سلف فتخيّل السيد ان اسمه ( خلفاً ) والقصيدة التي ذكرها السيد في الاعيان أولها :
لمصاب الحسين لا تعذلوني وعلى رزئه الجليل اعذروني
    وفي آخرها يخاطب أهل البيت عليهم السلام :
أنتم أنتم دليلي دليلي أنتم أنتم أصول لديني

1 ـ الغدير ج 11 ص 361.

(195)
ويقــيني بكـم يقـيني واني ولكـم قد عـفرت لا لـسواكم وتمسكت في شذاكم كما استمسكـ هاكموها مراثياً من فتى القريّ خلف من خلـيفـة علّ يسقيه وزن ما قاله الخلـيعي فـيكم بولائـي لكـم يصـحّ يـقيني وعلى الصدق أنتم تعـرفوني في حبكـم بحبل متين فـمـنكم غـلـت بـدرّ ثمين غمامي ولـي بـكاس معـين أضرمـت نـار قلبي المحزون
     يشير إلى قصيدة للخليعي المترجم في الجزء الرابع من هذه الموسوعة وأول القصيدة :
أضرمت نار قلبي المحزونِ صادحات الحمام فوق الغصون
    اما المكان الثاني ففي الجزء 38 ص 27 قال :
    أبو الحسن الشيخ عبد الرضا بن أحمد بن خليفة المقري الكاظمي. توفي حدود سنة 1120 كان أديباً شاعراً كثير الشعر في الأئمة الاطهار ، رأيت له ديواناً مرتباً على الحروف كله في مدائح النبي وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم ، ومن عادته ان يذكر اسمه في آخر كل قصيدة. فمن محاسن قوله :
حتى متى لا تفكني الغصص شاع غرامي بآلـه وفـشـا ولي بحـبي للمـصطفى حـصص فللورى في محبتي قصص ـ انتهى.
    وللشيخ عبد الرضا المقري الكاظمي في رثاء أبي عبد الله الحسين (ع) :
لسـت أبكـي لـمـربع ومقـيل بل بكائي على الحسين سليل الـ بأبي وهو فـي الـطفـوف وقد ما له من يد البلى من مقيـل ـطهر سبط النبي وابن البتول طاف به من عـداه كـل قبيل
ادب الطّفّ الجزء الخامس ::: فهرس