ادب الطّفّ الجزء الخامس ::: 301 ـ 315
(301)
أحشاشة الـزهراء بل يا مهجة الـ أأخـي هـل لك أوبـة تعـتادنـا أتـرى يعود لنا الـزمان بـقربكم أأخـيّ كيـف تركتني حلف الأسى رهـن الحوادث لا تـزال تصيبني تنـتاب قاصـمة الرزايا مهجتي قـلب يقلـّب بـالأسى وجـوانح يا دهر كيف اقتاد صرفـك للردى عجباً لأرضك لا تميد وقـد هوى عجباً بحارك لا تغور وقـد مضى عجباً لصبحك لا يحول وقد مضى عجباً لشمس ضحاك لم لا كوّرت عجباً لـبدر دجـاك لـم لا يدّرع عجباً جـبالك لا تـزول ألم تكن عجباً لذي الافلاك لم لا عـطلت عجباً يقوم بها الوجـود وقد ثوى عجباً لـمال الله أصبـح مكـسباً عـجـباً لآل الله صاروا مغـنماً عجـباً لحـلم الله جـل جلالـه عجباً لهذا الـخلق لـم لا أقبـلوا لكـنهم مـا وازنـوك نفـاسـةً اليـوم أمحـلت الـبلاد وأقلـعت اليـوم برقعت الهـدى ظلم الردى ـكرار يـا روح النبـي الهادي فيـها بفـاضل بـرّك المعـتاد هيـهات ما للقـرب مـن ميعاد مشـبوبـة الأحـشاء بالإيقـاد بسهامهـنّ روائـحاً وغـوادي ويبيت زاد الهـمّ ملء مـزادي ما بين جمر غضى وشوك قتاد من كـان ممـتنعاً على المقتاد عن منكـبيها أعـظم الأطـواد مَن راحتـاه لها مـن الامـداد مَن في محياه استضاء النـادي وتبرقعت مـن خفـرها بسواد ثوب السـواد الى مـدى الآباد قامـت قيامـة مصرع الأمجاد والشهب لم تبـرز بثوب حداد في الترب منـها عـلة الإيجاد في رائـح للظالمـين وغـادي لنبي يـزيـد هـديـّة وزيـاد هتكوا حجابك وهـو بالمرصاد كل إليـك بـروحه لك فـادي أنى يـقـاس الـذرّ بالأطـواد ديم القطـار وجفّ زرع الوادي وخبا ضـياء الكوكـب الـوقاد


(302)
اليوم أعـولت المـلائك في الـسما بحر تـدفّـق ثـم غـاض عبابـه روض ذوى بعـد النـضارة والبها بـدر هـوى بعـد التمـام وطالما سيـف تعـاوره الفلـول وطالـما جبل تصـدّع وهـو كان لنا حمى مولاي يا ابن الطهر رزؤك جاعلي يا مهـجة المخـتار يا مـَن حـبّة مولاي خذ بيـد الضعيف غـداً إذا واشفـع لأحـمد في الورود بشِربة لا أختشـي ضيماً ومثـلك ناصري صلى الإلـه على جنابـك ما حدا وتـبـدّل التسبـيح بـالتعـداد مـن بـعـده واخيـبة الـورّاد مـن بعـده واخـيبـة الـوراد بـالأمس كـان دليلنا والهـادي كان القضاء على الزمان العادي من مصعبات في الامـور شداد دمـعي شرابي والتحـسر زادي أعـددتـه زادي لـيوم معـادي وافـى بأعبـاء الـذنوب ينادي يطـفي بسلـسلها غلـيل فـؤادِ لا أتـقي غيّاً وأنـت رشـادي بجميل ذكرك في البـرية حادي


(303)
    الشيخ أحمد ابن الشيخ حسن الحلي النجفي المعروف بالنحوي وبالشاعر هو أبو الرضا توفي سنة 1183 بالحلة ونقل الى النجف ودفن بها
    ورثاه السيد محمد زيني بقصيدة مؤرخاً فيها عام وفاته مطلعها :
أرأيت شمل الدين كيف يبدد ومصائب الآداب كيف تجدد
    ويقول في التاريخ :
أظهرت أحزاني وقلت مؤرخاً الفضل بعدك أحمد لا يحمد
    ( وآل النحوي ) بيت من بيوت العلم والأدب نبغ منهم في أوائل القرن الثالث عشر في النجف غير واحد. وتعرف بقيتهم وأحفادهم الى اليوم في النجف ببيت الشاعر وكانوا يترددون بين النجف والحلة.
    كان الشيخ النحوي من كبار العلماء وأئمة الأدب في عصر الشهيد السيد نصر الله الحائري معروفاً عند العامة والخاصة بالفضل والتوغل في العلوم العربية وآدابها ، ويظهر من بعض أشعاره انه كان معدوداً من شعراء السيد مهدي بحر العلوم ومحسوباً من ندمائه (1).
    وفي نشوة السلافة ومحل الإضافة للشيخ محمد علي بشارة من آل موحي الخيقاني النجفي كما في نسخة مخطوطة رأيناها في مكتبة الشيخ محمد السماوي النجفي : اطلع من الادب على الخفايا وقال لسان حاله ( أنا ابن جلا
1 ـ أخذنا الترجمة عن أعيان الشيعة ج 3 ص 15.

(304)
وطلاع الثنايا ) تروّى من العربية والادب ونال منهما ما أراد وطلب ، له نظم منتظم يضاهي ثغر الصبح المبتسم أهـ. وفي هامش نسخة نشوة السلافة المخطوطة المذكورة ما لفظه : الشيخ الجليل أبو الرضا الشيخ أحمد ابن الشيخ حسن النجفي ثم الحلي عالم عامل وفاضل نال الغاية وجاوز من الكمال النهاية أخذ من كل فن من العلوم النقلية والعقلية ما راق وطاب ورزق من الاطلاع على غرائبها ما لم يرزق غيره والله يرزق من يشاء بغير حساب اهـ.
    وقال عصام الدين العمري الموصلي في كتابه الروض النضر في ترجمة علماء العصر ، كما في نسخة مخطوطة رأيناها في مكتبة عباس عزاوي المحامي في بغداد من جملة كلام طويل مسجع على عادة أهل ذلك العصر : الشيخ أحمد النحوي الذي نحا سيبويه وفاق الكسائي ونفطويه لبس من الأدب بروداً ونظم من المعارف لآلئً وعقوداً صعد الى ذروة الكمال وتسلق على كاهل الفضل الى أسنمة المعالي فهو ضياء فضل ومعارف وسناء علم وعوارف.
غمام كمال هطـله العلم والحجى له رتبة في العلم تعلو على السهى ووبل معال طلـّه الفضل والمجد فريد نهى أضحى له الحل والعقد
    لم ترق رقيّه الأدباء ولم تحاكه الفضلاء وصل من الفصاحة الى أقصاها ورقى منابر الفضائل وأعوادها ووصل أغوار البلاغة وأنجادها ، وهو تلميذ السيد نصر الله الحائري وكنت أراه في خدمته ملازماً له أتم الملازمة ، له اليد العالية في نظم الشعر مشهور عند أرباب الأدب اهـ. وفي الطليعة : كان أحد الفضلاء في الحلة وأول الأدباء بها ، هاجر الى كربلاء لطلب العلم فتلمذ على يد السيد نصر الله الحائري وبعد وفاته رحل الى النجف فبقي مدة فيها ثم رجع الى الحلة وبقي بها حتى توفي ، وله مطارحات مع أفاضل العراق وماجريات ، وكان سهل الشعر فخمه منسجمه وعمّر كثيراً وهو في خلال ذلك قوي البديهة سالم الحاسة ، وكان أبوه الحسن ايضاً شاعراً فلذا يقال لهم بيت الشاعر كما يقال لهم بيت النحوي اهـ.


(305)
    له شرح المقصورة الدريدية وديوان شعره المخطوط. وله غزل ومديح ورثاء كبير وله في الحسين عليه السلام وفي غيره من الأئمة عليهم السلام مراث ومدائح كثيرة وله مقدمة الفرزدقية وهي للشاعر الفرزدق :
يا ربّ كاتـم فـضل لـيس ينـكتمُ والـحاسـدون لمن زادت عـنايته أما رأيت هشاماً إذ أتى الحجر السـ أقـام كـرسيـه كيـما يخـفّ لـه فلم يفده وقد سدّت مذاهبه حتى أتى الحـبر زين العابـدين إما فأفـرج النـاس طـراً هائبين لـه تجاهـلاً قال مـن هذا فقـال لـه والشـمس لـم يمحها غيـمٌ ولا قتمُ عقباهم الخزي في الدنيا وإن رغموا ـامي ليلـمسه والنـاس تـزدحـم بعض الزحام عـسى يـدنو فيسـتل عنه ولم تستطع تخطو له قدم م التابعـين الـذي دانـت لـه الأمم حـتـى كـأن لـم يـكن بهـا إرم أبـو فـراس مقـالاً كـلـه حكـم
    ( هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ) إلى آخر القصيدة.
    وخمسها الشيخ محمد رضا والشيخ هادي إبناه.
    وقال مخمساً هذه الابيات في مدح أهل البيت عليهم السلام (1) :
بنيتم بني الزهراء في شامخ الذرى أناديكم صـدقاً وخاب مـن افترى مقاماً يردّ الحاسـدين إلى الورا بني أحمدٍيا خيرة الله في الورى
سلامي عليكم إن حضرنا وإن غبنا
لقد بيّن الباري جلالة أمركم أمرتم فشرفنا بطاعة أمركم وأبدى لنا في محكم الذكر ذكركم طهرتم فطهرنا بـفاضل طهركم
وطبتم فمن آثار طيبكم طبنا

1 ـ أقول : الاصلي لأبي هاشم الجعفري وهو داود بن القاسم بن اسحاق بن عبد الله بن جعفر توفى سنة 252 هـ.

(306)
مواليّ لا أحصـي جميل ثنائكم ظفرنا بكنز من صفايا صفائكم ولا أهتدي مدحاً لكنه بهائكم ورثنا من الآباء عقد ولائكم
ونحن إذا مِتنا نورّثه الابنا
    وله يمدح صاحب نشوة السلافة بهذه القصيدة :
برزت فيا شمس النهار تستري فهي التي فاقت محاسن وجهها خجلاً ويا زهر النجوم تكدري حسن الغزالة والغزال الأحورِ
    يقول فيها :
من آل مـوح شهـب أفـلاك العلى وهـم الغـطارفـة الـذين لبأسـهم وهـم الـبرامكة الـذين بجـودهـم لـم يخـل عـصر منهـم أبـداً فهم لا سيما الـعلم الـذي دانت لـه الـ ولقـد كـسا نهـج الـبلاغة فـكره وعجبت مـن ريحانـة النـحو التي فـذروا السـلافـة ان فـي ديـوانه ودعـوا اليتـيمة ان بـحر قريضة ما ( دمية القصر ) التـي جمع الأولى يا صاحب الشرف الأثيل ومعدن الـ خـذها إلـيك عـروس فـكرٍ زفّها فاسلك على رغـم العدى سبل العلى وبدور هـالات النـدى والمفخر ذهل الورى عن سطوة الإسكندر نسي الورى فضل الربيع وجعفر مثل الأهـلة في جـباه الأعصر أعلام ذو الفـضل الذي لم ينكر شرحاً فأظهر كـل خاف مضمر لم يذو فاخرها مـرور الأعصر في كل بيـت منه حـانة مسكر قذفت سواحـله صنوف الجوهر كخرائد بـرزت بأحسن منـظر ـكرم الجـزيل وآية المستبصر صدق الوداد لكم وعذر مقـصر واسحب على كيوان ذيل المفخر
    وله في تقريظ القصيدة الكرارية والمنظومة الشريفية الكاظمية أوردها صاحب نشوة السلافة وأولها :
ألفظك أم أزهار جنة رضوان ومعناه أم آثار حكمة لقمان


(307)
    وله أرجوزة في مدح شيخه السيد نصر الله الحائري جاعلاً أعجاز أبياتها من ألفية ابن مالك وهي 120 بيتاً (1).
    خلف ثلاثة أولاد كلهم علماء شعراء أدباء مشهورون وهم : الشيخ محمد رضا والشيح حسن والشيخ هادي.
    ونظم هذه القصيدة في طريق سرّ من رأى بمشاركة ولده الشيخ محمد رضا فالصدور له والاعجاز لولده ، وتتضمن مدح الامامين : علي الهادي والحسن العسكري :
أرحها فقد لاحـت لديك المعاهد وتلك القباب الـشامخات ترفعت وقد لاحت الأعلام أعلام من لهم حثثنا اليها العيس قد شفها النوى مصاب المطايا عندنا فرحة اللقا نؤمّ دياراً يحـسد المـسك تربها نؤم بها دار العلى سـر من رأى ديار بها الهادي إلى الرشد وابنه أقاموا عمـاد الدين ديـن محمدٍ فلـولاهـم مـا قـام لله راكـع ورب غبي يجحد الشمس ضؤها تلـوح له منهم عليهـم دلائـل بدا منكراً من غيّه بعض فضلهم قصدت معاليهم ولي في مديحهم وعـما قلـيل لـديـار تـشاهـد ولاحت عـلى بعد لـديك المشاهد حـديث المعالي قـد رواه مـجاهد وقـد أخذت منها السـرى والفدافد مصائـب قـوم عنـد قوم فـوائد وتـغبـط حـصباء بـهـن القلائد ديـار لآل الله فـيـهـا مـَراقـد ونجل ابنه والكل في الفـضل واحد وشـيدت بهـم أعلامـه والقـواعد ولـولاهـم مـا خـرّ لله سـاجـد فتحـسبه فـي يقـظة وهـو راقـد وتبدو لـه منهــم عـليهم شـواهد ولا ينـفـع الإنـكـار والله شـاهد قصائـد مـا خابـت لهن مـقاصد

1 ـ منها :
همت بنون الصدغ حيث زانا افدي الذي صناه أضحى قمراً والفم حيث الميم منه بانا أو واقع موقع ما قد ذكرا

(308)
أؤمـل للـدارين منهـم مـساعـداً بني الوحي حاشا أن يخيب الرجا بكم صلوني وعـودوا بالجميل على الذي فإن تسعـدوني بالرضا فزت بالرضا وظنّي كـلٌ لي يمـين وساعـد وأن ينثني في خيبة القصد قاصد له صلة منـكم لـديـه وعـائد وإلا فـدلوني على مـن يساعـد
     وللشيخ أحمد النحوي قصيدة في مدح الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام أولها :
مهلاً بحقك لا تزجّ العيسا قف نشفِ منهم بالوداع نفوسا
    45 بيتاً أثبتها العلامة السيد أحمد العطار في مخطوطه ( الرائق ) ج 2 ص 340
    أقول ولأن الشاعر كان يعرف بالخياط كما يعرف بـ ( النحوي ) فقد وقع السيد الامين في الاشتباه فترجم له مرتين ظناً منه ان الشيخ أحمد بن حسن الخياط هو غير أحمد بن حسن النحوي فترجم له مرة ثانية في الجزء السابع من المجلد الثامن ص 479.
    وترجم له الشيخ اليعقوبي في ( البابليات ) وقال : كان يحترف الخياطة في أوائل أمره فلازمه لقب ( الخياط ) كما لازمه في كبره لقب النحوي والشاعر ولما وقف معاصره السيد صادق الفحام على قصيدة المترجم له التي تبلغ خمسين بيتاً ، وكل بيت فيه تاريخان قرّض عليها الفحام بمقطوعة كل بيت منها تاريخان مثبتة بديوانه المخطوط ، منها :
فـرقان أحمـد أعـجاز مثانـيه من كان كذّب دعوى ( أحمد ) سفهاً سما وليس له ضـدٌ يساميه الآن صحّت له دعوى تبنّيه
    ومن شعره في الغزل :
قد قال لما قلت هـل قبلة بالجيد أم بالخد أم مبسمي تشفى بها قلب معنى هواك قـلت بهـذا وبهـذا وذاك


(309)
    وله :
رمـى بسهـم ورنا قلت أصبت مهجتي واللحظ منه ممرضي فقال هـذا ( غرضي )
    وله :
تملّك رقـي شادن قـد هـويته أقول لصحبي حين يقبل معرضاً من ( الهند ) معسول اللمى أهيف القد خذوا حذركم قد سل صارمه الهندي
    وقال :
فـديـتك مـالك لـم تـُقبل أوحّـد حسنك بيـن الـورى ويا طيب هجرك لو لـم تكن فديتك مهـلاً فانـي قـضيت فديتـك رفقـاً وحـق الهوى وكيف يرى القلب حباً سواك فديتك مـن قمـر لـو بـدا فديـتك غصناً إذا ما انـثنى وحقـك يا مـن لباس الضنى لئن كـنت مستبدلاً بي سواي وان كنت يا بـدر سال هواي وإلا فلـم قـد وصلت الوشاة وقـد كان قلـبك لي منـزلاً فـآجـرك الله في مـغـرم إلـي وقـولي لـم تـقـبل ففي نار هجرك لـم أصطلي تمـكـن وصلـك من عذلي وعـن حب حسـنك لم أعدل سوى حسن وجهك لم حل لي وغيرك في القـلب لـم يحلل فـيا خجـلة القـمر الاكـمل فيا قـسوة الغـصن الامـيل وخلـع عـذاري بـه لـذّ لي فـما أنا حـاشـا بمستـبدل فـمــثلك والله لا ينـسلـي وصـيرتني عنـك في معزل فمالي نُحـيت عـن مـنزلي بغــير صـدودك لـم يقتل
    ومن شعره عن ديوانه المخطوط قوله ، وقد سلك فيه المنهج العرفاني :
أماناً يا صبا نجدِ فقد هيجت لي وجدي


(310)
ويا برقـا سـرى وهناً لقد أجـجت لـي ناراً ويـا سـاداتـنا هـلا هجرتم مغـرماً لـم يد قضى في حبـكم وجداً فيا من ودهـم قـصدي بليلات مضت مـعـكم وأيـام لـنـا كـانـت صلـوا وارثـوا لمشتاق وان قاطـعتـم المضنى فـانـي ذلك الـخـل إلى أن يجـمع الشـمل ومن وصلكـم تحـظى وتجني زهـرة الوصل وان مـت ومـا نـلت فيا وجـدي ويا حزني قريب العـهد من هند تذيب القلـب بالـوقد رعيـتم ذمـة العـبد ر بالهجران والصـد وبـاع الغـي بالرشد ويا من ذكرهم وردي وعيش ناعـم رغـد بجـيد الدهـر كالعقد حليف الدمع والـسهد وخنـتم سالـف العهد وودي فـيـكـم ودي وتطوى شـقة البـعد اذن فـي جنـة الخلد وتجلـو راحـة السعد بلقـيا سادتـي قصدي لمن قـد نـالـه بعدي


(311)
المتوفى 1184
ما ضـرّ من كـان ذا لبٍّ وتـفكير وكلّف الـقلب حـزناً لا يـخامـره خطب أقام عـمود الـشرك منتصباً خطب غدا منه عرش الله منصدعاً لله يـوم أقـامـت فـيه قـارعـة من كـل مقتلع الارواح مصلطم الـ حامـي الحقـيقة مـقـدام الكتـيبة صوّام يوم هـجير الصيـف ملتزم يوم ترامـت إلى حـرب الحسين به وروّت الأرض من نحر الحسين دماً يا للحـماة حمـاة الدين مـن مضر لو قطّع النفس وجداً يوم عاشور تكلف الصبر حتى نفخه الصور وشدّ أعضاد أهـل الغي والزور وكوّر الشمس حـزناً أي تكوير أهل الحفيظة والجرد المحاضير أشباح مفترس الاسـد المغاوير خوّاض الكـريهة دفّاع المقادير تلاوة الذكـر قـوّام الـدياجير أبناء حـرب على جدٍّ وتشـمير وغادرتـه طريحاً في الهياجير ويا ذوي الحزم والبيض البواتير


(312)
    الشيخ حسن آل سليمان العاملي
    قال السيد الامين في الاعيان ج 21 ص 437 :
    توفي في رجب سنة 1184 هـ. وآل سليمان بيت علم وصلاح في جبل عاملة من زمن بعيد إلى اليوم ، وأحفادهم اليوم يسكنون قرية البياض في ساحل صور وكانوا قبل ذلك في مزرعة مشرف وعندهم مكتبة يتوارثونها عن أجدادهم تحتوي على مجموعة نفيسة من المخطوطات وبعض المطبوعات النادرة وقد ذهبت إلى القرية المذكورة وبقيت فيها عندهم أياماً وطالعت محتويات تلك المكتبة ونقلت منها في هذا الكتاب. وجدهم الذي ينسبون اليه هو الشيخ سليمان بن محمد بن أحمد بن سليمان العاملي المزرعي الذي وجدنا بخطه مقتل أمير المؤمنين علي عليه السلام فرغ منه 25 صفر سنة 1033 وعليه خاتمه بتاريخ 1028 ويحتمل ان تكون نسبتهم إلى الشيخ سليمان بن محمد العاملي الجبعي تلميذ الشهيد الثاني الذي كان حياً سنة 951 وان يكون الشيخ سليمان المزرعي من أحفاده بل يحتمل ان يكونا شخصاً واحداً وان يكون أصله من جبع ثم انتقل إلى المزرعة اما الشيخ سليمان بن علي بن محمد بن محمد بن سليمان المزرعاني الذي كان حياً سنة 1152 فهو من أحفاد الشيخ سليمان المزرعي سمي باسم جده الذي كان مشهوراً كما جرت العادة بأن يسمى الاحفاد باسم جدهم المشهور ، والمترجم كان عالماً فاضلاً أديباً شاعراً من مشاهير علماء عصره وأساطين فضلائه قرأ في جبل عاملة وفي العراق ذكره بعض مؤرخي جبل عاملة في ذلك العصر فقال في رجب سنة 1184 زادت الجنان شرفاً وزينت الحور العين لقدوم العالم الفاضل الأجل المؤتمن الشيخ حسن سليمان قدس الله روحه ونور ضريحه اهـ وكان يسكن بلدة انصار وقيل قلعة مارون في ساحل صور والظاهر انه كان أولاً يسكن انصار ثم سكن قلعة مارون


(313)
وكان في عصر الشيخ ناصيف بن نصار شيخ مشايخ جبل عاملة وعصر الشيخ عباس المحمد حاكم صور إلا انه كانت فيه حدة ، وذكره صاحب جواهر الحكم في كتابه وبالغ في الثناء عليه وقال بلغني ممن يوثق بنقله عن الثقات العارفين انه كان يفضل في العلم على الشيخ على الخاتوني والسيد أبي الحسن القشاقشي سوى انه كان حاد الطبيعة فلم تحمد الناس صحبته وكان الخاتوني حسن السلوك فقعد الشيخ حسن بن سليمان بيته ولم يخالط الناس لشدة ثورة طبعه.
    ومن ذريته الشيخ خليل سليمان العاملي الصوري المعاصر الذي هاجر معنا إلى النجف لطلب العلم ثم سكن كوت الامارة في العراق مدة من الزمن وتوفي في النجف وقد وجدنا لمترجم أشعاراً في بعض المجاميع العاملية المخطوطة وبعضها رد على الشيخ عبد الحليم بن عبد الله النابلسي الشويكي المتوفى سنة 1185 المعاصر لظاهر العمر ، وذكره المرادي في سلك الدرر وقال ان له رسالة في الكلام رد بها على معاصره الشيخ أبي الحسن العاملي الرافضي في تأليف له أودعه بعض الدسائس الرافضية والشيخ أبو الحسن هذا هو جد جد المؤلف وكان الشيخ عبد الحليم هذا من شعراء ظاهر العمر والمترجم من شعراء ناصيف وعلماء عصره في المجموع المشار إليه ما صورته للشيخ الفاضل والتحرير الكامل الشيخ حسن سليمان مجيباً عبد الحليم الصفدي « النابلسي » ويذكر يوم طيربيخا « وهو يوم كانت فيه وقعة بين عسكر ناصيف وعسكر ظاهر العمر وكانت الغلبة لعسكر ناصيف » ويظهر ان الشيخ عبد الحليم قال قصيدة ضد العامليين فأجابه المترجم بقصيدة ذكرها السيد الامين في ( الاعيان ) ج 21 كما ذكر له قطعة نبوية عدّد فيها صفات النبي صلى الله عليه وآله.


(314)
كان حياً سنة 1184
    قال في قصيدة تربو على المائة بيتاً وأولها :
أبـريـق الـبروق ذاك الضـياء وبـلـيل النـسـيـم مـرّ بلـيل هـي للقـلـب فتــنة وعـذاب إن يكن حـال بينـنا البعد كـرها أنا بـاق على الـوفاء وإن هـم نقضوا العهد نقض أرجاس حرب أم سنا لاح إذ سفـرن الظباء أم شذاها ضاعت به الارجاء وهي للعين روضـة غـنّاء فلهـا كان في القـلوب ثواء نقضوا العهد عندهم والـوفاء لعهود بها إلى السبط جـاؤوا
    إلى أن يقول فيها :
ولقد بـاع نفسه برضى الله خضّب الوجه بالدماء فأبدى وقضى ظامئاً وما نال ورداً وقد طـاب بيعه والشراء شفقاً منه للصباح انجلاء لكن البيض من دماه رواء
    وفي آخرها :
يا هداة الورى ويا سرّ خلق الله كنـتم علّة الـوجـود ابـتداء راجياً عـبدكم محـمد فـوزاً وعليـكم مـن السـلام سلام يا من بهـم يسود الـعلاء واليكم يـوم الجـزا الانتهاء بجـنان يـدوم فـيها البقاء كلما سحّ في الرياض الحياء


(315)
    الشيخ محمد بن عبد الله بن فرج الخطي
    نقلنا قصيدته الدالية عن مجموع لطف الله بن علي بن لطف الله بن يحيى بن راشد الجدحفصي المخطوط بقلمه سنة 1201 هـ وفي تحفة أهل الايمان ان المترجم له قد أعار كتاب ( شرح التجريد للاصفهاني ) للشيخ عبد علي بن محمد ابن حسين الماحوزي سنة 1184 هـ. ويفهم من هذا أن وفاة صاحب الترجمة بعد هذا التاريخ.
    وهذا مطلع القصيدة المشار اليها :
يميناً بـنا يا سائـق العيس يا سـعد وسر بي إلى تلك الربى علـني أرى وطف بي على تلك الطلول عسى بها وسل ناشداً في الحي عن قلب مغرم وهل منهم من بعـد ذا الهجر والقلى فلي بالحمـى حيّ بـه بعُدَ العـهد بها نخفة يـوماً بها يـذهب الوجد يزول غـرام في الفـؤاد لـه وقد ثوى عـندهم ما كان يـوماً له ردّ وصال لمضنى شفه الشوق والوجد (1)

1 ـ عن مجموعة الشيخ لطف الله الجدحفصي.
ادب الطّفّ الجزء الخامس ::: فهرس