ادب الطّفّ الجزء الخامس ::: 316 ـ 330
(316)
المتوفى 1185
ألا إننـي بـادي الـشجـون مـتيمُ ودمـعي وقـلـبي مطـلق ومقـيد أبيت ومـا لي فـي الغرام مساعـد وأكـتم فرط الوجـد خيـفة عاذلي ويا لائـمي كـفّ الـملام وخـلّني فلو كنت تدري مـا الغـرام عذرتني إلى الله أشـكو ما لقـيت من الجوى ويا جيرة شـطت بهم غـربة النوى أجيروا فؤاد الصب من لاعج الأسى وحقكم إنـي عـلى العـهد لـم أزل وقربكـم أنسي وروحـي وراحـتي رعى الله عصراً قد قضيناه بالحمى وحيـا الحيا تـلك المعاهـد والربى إلى ان قضى التفريق فـينا قضاءه وشأن اللـيالي سلب مـا سمحت به وما زال هـذا الدهر يخـدع أهـله ونار غرامـي حرهـا يتـضرمُ وصبري ووجدي ظـاعن ومخيم سوى مقلة عبرى تفيض وتسجم فتبدي دمـوعي ما أجـنّ وأكتم وشأني فإن الخطب أدهى وأعظم وكـنت لأشجاني تـرقّ وترحم فـربي بـما ألـقاه أدرى وأعلم وأقـفر ربع الأنس والقرب منهم وجودوا علـيه باللـقا وتكرموا وما حلـت بالتفريق والبعد عنكم وأنتم مـنى قلبي وقصـدي أنتم بطيب التـداني والحـواسد نوّم فقد كنت فيـها بالسـرور وكنتم وأشـمت فيـنا الحاسدون وفيكم ومن عـادة الأيـام تبنـي وتهدم ويقضي بجـور في الأنام ويحكم


(317)
ويرفع مفضولاً ويخفض فاضلاً أصاب بـسهم الغدر آل محـمدٍ وكانـوا ملاذالخلق في كل حادث وأبحر جود لا تغـيض سـماحة وأقمار فضل في سماء من التقى هم حـجج الرحمن من بين خلقه وعندهم التبيان لا عنـد غيرهم ومنهم إليـهم فيهم الـعلمُ عندهم ومن مثلهم والطـهر أحمد جدهم وصي رسـول الله وارث علمه وناصر ديـن الله والأسـد الذي وقاتل أهل الشرك بالبيض والقنا وأول من صلى إلى القـبلة التي وينصـب في غدر الكرام ويجزم وأمـكن أهل الجور والبغي منهم نجـاة الـورى فيما يسوء ويؤلم وأطـواد حـلـم لا تكاد تـهدم واعـلام إيمان بـها الحق يعلم وعروته الوثقى التي ليس تفصم ومودع سرّ الله لا ريـب فـيهم وأحكام دين الله تؤخـذ عنـهم ووالـدهم أزكى الأنـام وأعظم وفارسه المقدام والحرب تضرم هو البطل القرم الهمام الغشمشم ومـن كان أصنام الطغاة يحطم إليـها وجوه العارفـين تـيمم
    ومنها في الامام أبي عبد الله الحسين عليه السلام :
فلما رأى ان لا محيص من الردى سطا سطوة الليث الغضنفر مقدماً وصال عليـهم صولـة عـلوية إلى أن دنـا مـا لا مـردّ لحكمه فلله يـوم السـبط يـا لك نكـبة وطاف به الجـيش اللهام العرموم وفي كفه ماضـي الغرارين مخذم فولوا على الأعقاب خوفاً وأحجموا وذاك عـلى كـل الأنـام محـتم لها في فؤاد الـدين والمـجد أسهم (1)

1 ـ أعيان الشيعة ج 8 ص 496.

(318)
    الشيخ ابراهيم بن عيسى العاملي الحاريصي
    توفي يوم السبت 16 شعبان سنة 1185
    عالم فاضل شاعر مجيد ، يعد في طليعة شعراء جبل عامل في ذلك العصر ، وعقبه في حاريص إلى اليوم ، وكان شاعر الشيخ ناصيف بن نصار شيخ مشايخ جبل عامل في ذلك العصر ، أي أمير أمرائه ، قال السيد الامين في الاعيان : ويظهر من شعره انه قرأ في مدرسة ( جويا ) (1) لقوله في ختام بعض قصائده في مدح الشيخ ناصيف :
إليك فريدة رقت وراقت هدية شاعـر داع مراع فتى حاريص مغناه ولكن وكان له بهـا شيخ جليل وفي تبنين ما يرجو وأنتم بجيد الدهر قد أمست حليّا أجاد بك ابن نصار الرويّا تلقى العلم وفراً من ( جويا ) جميل حاز علـماً أحمديا له ذاك الـرجا ما دام حيا
    قال : وتدل قصائده على اطلاع واسع وعلم بالوقائع التاريخية القديمة ومعرفة برجال التاريخ ، وفي شعره شيء كثير من الحكم والأمثال.
    أقول وذكر جملة من شعره في الفخر والحماسة والمناظرة وأغراض أخر.
1 ـ قرية من قرى جنوب لبنان.

(319)
المتوفى 1186
مـرابعهـم بعـد القطـين دواثـرُ ولا زال مـعـتلّ النسيم إذا سـرى وقـفت بها أدعوا النزيل فـلم أجد فناديـت فـي تلك المعاهـد والربا عهدت بـها قومـاً كـأن وجوههم فسرعـان ما أودى بهم حادث الردى كأن لـم تكن للمـجد مأوى وللـعلا لئن رحـلوا عنها وشطوا فقـد بقى هم القوم لا يشقى الجـليس بهم ولا هم القـوم إن نـودوا لـدفع كريهة هُم منبع التـقوى هُـم منـبع الهدى اذا جلـسوا يُحـيوا النفـوس معارفاً مساميح في اللأوا جحاجيح في الوغا سـقاها وحياها مـن المزن هامرُ يراوحها فـي سـيره ويـباكـر سوى رسم دار قد عفته الأعاصر ألا أين هاتيـك الوجـوه النواضر مصابيح أمـثال النـجوم زواهـر ودارت عـلى تلك الـديار الدوائر محلاً ولم يسمر بـها قـط سامـر محامـد لا تفـنـى لـه ومـآثـر يفاخـرهـم في العالمـين مـفاخر أجـابوا صراخ المستغيث وبادروا وفي أزمات الدهـر سحبٌ مواطر وفـي صهوات الخـيل أسدٌ قساور مصابيح اذ ليل الـضلالـة عـاكر


(320)
نجوم الهـدى رجم العـدى معدن الندى تخطّـفهم ريــب المـنون فأصبـحوا وألقـى عـصاه فـي خـلال ديـارهم فـهم بيـن مقــتول وبيـن مـحـلأ اليـك ولـكن هـوّن الخـطـب وقعة ويـوم أتـيـح الـديـن منـه بـفادح وشقّت له الشــمس المنـيرة جيـبها فلا افـترّ ثغـر الـدهر من بعده أسى وصـدع دهـى الاسـلام لـيس بملتق مصاب ابن بنت المصطفى مفخر العلا كأنـي بـه في كربـلا مـع عـصابة مغـاوير كالليـث الغـضوب جـرآءة يرون المنى خـوض المنايا الى الردى فكـم مـارق أردوه فـي حومة الوغا الى أن قضوا من بعـدما قـصدوا القنا وحفت بسبط المصـطفى زمـر العدى فـظلّ يخـوض المـوت تحسب أنـه ويمشي الى الهيـجاء لا يرهـب الردى فـلـم أرَ مكـثوراً أبيـدت حـماتـه الى أن ثوى لـما جـرى قلم القـضا فلله مـلقـى فـي الثـرى متـسـنّما ولله عـار بـالعـرى تحـسد السـما تـنـوح المـعالـي والعـوالي لفـقده لكفّ الأذى يدعوهـم مَن يحاذر والدهـر تـابٌ فيـهم وأظافـر مقيماً كما ألقـى عصاه المسافر وبين أسير قد حـوته المـطامر تفـطر منها مهـجة ومـرايـر وعطل أفـلاك السـماء الدوائر لعظم أسىً واستـشعرته المشاعر ودمع العلا مـن اجله متـحادر به طـرفاه ما لـه الـدهر جابر ومَن كرمت أحسابه والعـناصر لهـم جنن مـن باسـهم ومغافر مساعير نيران الحروب صـوابر وقتـلهم في الله نعـم الـذخـائر وغودر في البوغآء رجس وغادر وفـلّ من الضرب الدراك البواتر وقـد شرعت فيه الرماح الشواجر هو الليث أو صقر اذا انقض كاسر وقد زاغت الابصار بل والبصائر بأشجع مـنه حـين قلّ المـظاهر عـليه وخـانـته هـناك المـقادر عـلى غارب العـليا تطاه الحوافر بـه الارض إذ ضمته فيها مقابـر وتبكى لـه عيـن التقى والمنابـر


(321)
فـيا كـبدي حـزنـاً عـلـيه تفـتـتي ويا مهـجـتي ذوبـي أسـى لمصابـه ويا أعين الـسحب اسعـديني عـلى البكا سلوي انتقل جسمي انتحل ، نومي ارتحل غرامي أقم دمعي انسجـم صبري انصرم أيا راكـباً مـن فوق كـومـاء جـسرة أنـخـهـا عـلى قبـر النـبي محـمد ألا يــا رسـول الله آلـك قــتـلـوا وسبـطـك عـين الكـون أصبح ثـاوياً قـضى ظـمأ والـماء للوحـش منهـل وقــد قـتــلت أبنـاؤه وحـمـاتـه وكـم ثـَمّ في أرض الطـفـوف حرائر وتلك العـفيفـات الـذيـول ذوي النهى سـوافـر ما بيـن الـملا بـعد مـنعة اذا سلـبت منها الاسـاور لـم يـكـن ينـاديـن بالـزهـراء سيــدة النـسا هلـمي فقـد أودى بنـا حادث الـردى وكـم بنت خـدر كالهـلال مصونـة تـنـادي أيـا جـداه ذلّ عـزيـزنـا فـهـل لكـم يا غائـبين عـن الحـمى فتــنظر اذ يسـرى بنـا فـوق بـزلٍّ فما لك ان لـم تتلفى فـيه عاذر ويا غمـض عيني انني لك هاجر فدمعي من عـظم الرزيـة غائر فـإنـي اذا نـام الخلـيّون ساهر فما قلبي المضنى من الوجد صابر تقصّر عنها في الـوجيف الاباعر وقـل ودموع العـين منك هوامر ولم ترع فـيهم ذمــة وأواصـر على جسمه تعـدو الجياد الضوامر بـه واردٌ منـهم وآخـر صـادر وأسـرته فـي كـربلا والعـشائر من النسـوة الغـر الكـرام حوائر بـراقعـها مسلـوبـة والمـعاجر الا بأبـي تلك الوجـوه السـوافر لـهـا بـدلاً إلا القـيود أسـاور تـعالي نقاسـمك البـلا ونشاطـر وقـد حالفتنا المعضلات الفـواقر أكــلّتـها مهـتوكة والـسواتـر وحـلّ بنا ما كـان قـبل نحـاذر بـه أوبـة يومـاً فيسـعد ناظـر يحث بـها عنـفاً ويزجـر زاجـر


(322)
وان فـتى بين مـا كسرى وهاشم يقاد على رغـم العلا نحـو فاجر متى العلم المـنصور يقدم خـافقاً فقد فاض بحر الجور وانطمست به ولـم يـبـق إلا جاهـل متصـنعٌ أيا حجج الله العـظام عـلى الورى حسين بكم يـرجو النـجاة اذا أتـى وللعـفو يرجـو عـن أبـيه وأمه عليـك سـلام الله مـا ذر شـارق وافضل من تثنى عليه الخناصر ويؤسر في قيد العنا وهو صاغر أمام امام العصر والحـق ظاهر معالـم ديـن الله فـهي دواثـر يرى نفسه قطب العلا وهو قاصر ومـن بهم تمحى الذنوب الكباير بكم عائذاً في يوم تـبلى السرائر واخوانـه فالفـضل واف ووافر وما ناح فـي أعلى الأراكة طائر


(323)
    الشيخ حسين بن محمد بن يحيى بن عمران القطيفي. هو العالم الكامل والمهذب الفاضل ، له حواشي كثيرة على جملة من الكتب ، وكان من شعراء أهل البيت عليهم السلام.
    قال صاحب أنوار البدرين : وقفت له بخطه على جملة من القصائد في الرثاء على الحسين (ع) عقيب كتاب ( اللهوف على قتلى الطفوف ) بخطه أيضاً ، وكان خطه في غاية الجودة والملاحة ، ولا أدرى عمّن روى من المشائخ والله العالم ، ولم أقف على تاريخ لوفاته ضاعف الله حسناتنا وحسناته.
    وقال الشيخ فرج آل عمران القطيفي في كتابه ( تحفة أهل الايمان في تراجم علماء آل عمران ) ما نصه : رأيت بخط الشيخ حسين هذا كتاب ( العشرة الكاملة ) للشيخ سليمان الماحوزي كتبه بأمر أستاذه الشيخ ناصر بن عبد الحسن المنامي ، فرغ من كتابته سنة 1142 هـ وذكر نسبه هكذا : حسين ابن محمد بن يحيى بن عبد الله بن عمران القطيفي. أقول وفي الكتاب ما يدل على أنه عاش الى سنة 1186 هـ. انتهى.
    أما صديقنا المعاصر الشيخ على منصور المرهون فقد ترجم له في كتابه ( شعراء القطيف ) وعدّه من شعراء القرن الحادي عشر ، وهو وهمٌ.
    وقال في التحفة : ومما يناسب ذكره هنا هذه الفوائد المهمة والأربع عشرة عدداً ميموناً منها اثنتا عشرة فائدة قد نقلتها من خط صاحب الترجمة على ظهر كتاب بخطه ، وتاريخ كتابته 20 ج 2 سنة 1147 هـ والاخيرتان نقلتهما من خط الفاضل الشيخ حسين ابن المترجم أدام الله تأييده.


(324)
    وقال بعدما ذكر القصيدة التي هي في صدر الترجمة ما نصه :
    أقول ورأيت له أيضاً سوى هذه القصيدة ثلاث قصائد غرر حسينيه : تائية ، ولاميّة ، ونونيّة ، وقد استنسختها عندي بخط حسن.
    وهذا هو مطلع القصائد :
1 ـ خذ بالبكا ، فالـدار عن عرصاتها 2 ـ لأي مصاب مدمـع العـين يسبلُ 3 ـ كم ذا الوقوف على الاطلال حيرانا ظـعن النزيل فاوحشـو ساجـاتها ومن أي خطب يوهن القلب ، نعول وكم تنادي بها خِلا وجيرانا. انتهى
    أقول : واليك رائعتين من اللاتي أشار اليها :
خذ بالـبكا فالدار عـن عرصاتها ما بـا لهـا بعـد الانيس تنكـّرت ان عطـّلت تلك الـربوع قطا لما لا غـرو قد كانـت مـنازل فتـية هـم روح كـل الكائنات وسـرها عـائت بهم أيـدي البلا فتفـرقوا مـن بعد ما كتـبت امية نـحوهم فأتى الحسـين لهم هـناك برهطه فأبى بأن يعـطي الدنيـة ، سامحاً فهـناك قـد غـدرت أمـية بعدما لله مـوقـفـه ومـوقـف فتـية يتواثـبون عـلى المنـية أشبـهوا شـمّ الأنـوف كـريمـة أحسابـهم من بينـهم سبط الــنبي بوجـهه يحمي حمى الديـن الحنيف بعزمة ظعـن النزيل فأحشوا ساحاتها أعـلامها وذوى نضـير نباتها غمر الانام الـرفد مـن بركاتها حازوا المحامد من جميع جهاتها حـقاً ومـن أربابهـا وولاتـها ورمـتهم أيـدي النوى بشـتاتها كتـباً يلوح الافك في صفـحاتها أهل النهى وذوي التـقى وثقاتها بالنـفس غير مـؤمـَل لحـياتها كتبوا له والغـدر مـن عـاداتها عدموا النصير ولو دعت لم يأتها الآسـاد فـي وثباتـها وثباتـها حلّوا مـن العلـيا عـلى ذرواتها ســيما النبوة حائـزاً قسـماتها تحكـي الاسود الـربد في غاباتها


(325)
حتى قضى والكائـنات بأسرها ذا غلّه لـم يطف لاهب حرها في الأرض عارٍ والسماء تودّلو تبكي لـه عين السحائب حسرة وبكى له البيت العتـيق وزمزم لهفي له وهو الهـزبر ومَن اذا لهفي وما يجدي التلهّف والأسى دفاع معـضلها وحامـل ثقلها وسفيرها ونـذيرها وخطيـبها أترضـّه خيل العداة بعـدوها تتلوا محامـد ذاته وصفاتـها في كربلا من ماء عذب فراتها وارته أوضـمته فـي هالاتها وتـودّ لو ترويـه من قطراتها والمعشران ومن عـلا عرفاتها عدّ المكارم كان مـن ساداتـها لفتـى قريش الغروا بن كماتها وملاذها المدعـو في أزماتـها أن ناب خطب بل إمام صلاتها والهفـتاه لـه وعظــم جناتها
* * *
يا راكباً تهـوي بـه موارة عرّج على قبر النبي بطيبة قل يا رسـول الله آلك قتلوا هذا حبيبك بالعـراء ورأسه هذا حبيبك بالطفوف مجدلاً واهتف بفاطمة البتول مبلّغا تطوي سهوب الارض في فلواتها وانع الحسين ونادي في حجراتها لم يـرع حق الله في حـرماتها حملـت أميـة في رفيع قناتـها ما بـين جـندلها وحـرّ صفاتها مـا حـلّ في أبنـائها وبناتـها
    وللشيخ حسين بن محمد بن يحيى بن عمران القطيفي :
كم ذا الوقوف على الاطلال حيرانا مـا أنت أول مـن بانـت أحبـته أيـن الحبيب الـذي قد كنتَ تعهده وكـم تـنادي بـهـا خـلا وجيرانا فبات وهو شجيُّ القلب ولهانا وساكن الدار عن ساحاتها بانا


(326)
كأنهـا لـم تـكن مـأوى لمنقطـع او لـم تكن أهلها قـطب الوجود ولا بيـوتـهم بفـنون الـذكـر مفـعمة في البؤس شوس وفي جنح الظلام لهم لم تدر ويحـك أن القـوم حـلّ بهم فـأصـبحوا لا تـرى إلا مساكنهـم ما بين من سيمَ خسفاً أو سقي جرعاً وبـين من ذهبوا أيـدي سبا وغدوا لـكن أعظـمها خطـبا وأفـظـعها يا صاح حادثـة الطف التـي ملأت لـم أنس فيه الحسين الطـهر محدقة يدعـو النصير بقلـب غـير منذعرٍ سـوى بنيه الـكرام الغـرّ مع نـفر قـوم اذا الـشر أبـدى ناجذيه لـهم لا يسألـون أخاهـم حـين يـندبهم كم فيـهم في لظى الهيجاء مـن بطل شـمّ الانـوف بهاليـل خضارمـة بيض بإيمانـهم زرق النـصال وفي صلـيل بيض المـواضي عندهم نغمٌ لولا القـضاء لافنـوا من بسالتـهم حتى فنوا في مـحاني الطف تحسبهم وكهف أمـن يفيد الخـير أزمانا سحاب جود يـفيد الرفد هتـانا كم قسموا الليل تسبيحاً وقـرآنا حـال تظنـهم اذ ذاك رهـبانا خطـبٌ أصمّ به الناعـون آذانا لم يبق منها صروف الدهر تبيانا ذعاف سـمٍّ الى أن حـينه حانا محـلئين بأقصى الأرض بـلدانا رزءاً يؤجج في الاحشاء نـيرانا قلـوب كل ذوي الايـمان احزانا بـه الأعـاديّ فـرسانا وركبانا ولـم يجد ثَـمّ انـصاراً وأعوانا بنـي أبيه عـلوا شـيباً وشـبانا طـاروا اليه زرافـات ووحـدانا في النائبات على ما قال بـرهانا مثل العفرنا اذا ما هـيجَ غضبانا تخالهم في مـجال الـروع عقبانا رؤوسهـم لامعات البيـض تيجانا ويحسبون القـنا الخـطيّ ريحـانا جيش الضلال كأن الجيش ما كانا عقــداً تبـدد ياقـوتاً ومـرجانا


(327)
باعـوا نفوسـهم لله بـل غضـبوا فظل فـرداً أخـو العلياء واحـدها حامي الحقيقة محـمود الطريقة انسا يـأبى الدنـية أن تدنـو الـيه وان فلم أجد قـط مـكثوراً وقد قـتلت حتى هوى في ثرى البوغآء تحسبه تضـمه الأرض ضمّ المسـتهام به يبـكي لـه الـملأ العلوي قاطـبة والـملة السمـحة الغراء خـاوية يبكـي له مجـده السامي ونائـله يـا راكباً يقـطع البـيدا بلا مهل ان جئت طيبة عزّ الطهر أحمدَ في وقل تركت سـرياً مـن سـراتكم أنتم ليـوث الوغى في يـوم معركة وليتـكم يا مساعـير النـزال ويا قد اخرجوا بعـد أمنٍ من عـقائلهم مـا بيـن ساحبـة للـذيل نـادبة تدعو أيا جدُ فتّ الدهر في عضدي يا جد كنـتُ بكم في منعـة وعلا يا جـد لـم تـرع أعدانا قرابـتنا هذا حبـيبك عـار بالعـراء لـقى بائـت امية بالخـسران بـل تربت لاجـله فحباهـم مـنه رضوانـا قطب الورى منبع الاسرار مولانا ن الخلـيقة بل أعلى الـورى شانا يعطي القيـاد إلى من عـهده خانا حـماته وهو يبـدي ابشـر جذلانا في الأرض وهو يفوق النجم كيوانا حتى تلـفّ عـليه التـرب أكـفانا والأرض حـزناً عليه صلـدها لانا عـروشها تبـكه وجـداً وأشجـانا واللـيل يبكيـه كم احـياه أحـيانا يطوي المـهامه آجـاما وغيـطانا بنيـه ب ل عـزّ عدنانا وقحـطانا مجدلا فـي مـوامـي البـيد ظمآنا فـكيف أوليتـموه اليـوم خـذلانا غلـب الرجـال اغثـتم ثمّ نسـوانا اسـرى كمثل قـطاً قد ريع وسنانا بـالـويل مـلآنة وجـداً وأحـزانا وثلّ عـرشي وأوهى مـنه أركـانا اجـرّ في عـرصات الفـخر أردانا منكم بل القرب مـن علياك اقصانا ترضّ جـرد المـذاكي منـه جثمانا أيـديهـم ولقـوا ذلاً وحـرمـانـا


(328)
تباً لهـم قطـعوا أرحامـهم وبغـوا وخـاصـموا الله اذبـاؤا بمـوبقـةٍ لعـل رحـمة ربي أن تـداركـنـا حتى نكـفّ بـه بـأس الذين بغـوا يا بن الغطاريف والسادات من مضر لـو كنتُ شاهد يوم الطـف رزئكم الـقـادحـين زنـاد المـجد دأبهـم نفـديكـم ولقـد قـلّ الفـداء لـكم لـكن تأخـر حظـي فألتـجأت الى وازنت ما قالـه عبـد الحسـين أبو ( عجـم الطلول سقـاك الـدمع هتانا فصغـتها بنـت فـكر يستــمدّ بها والـوالـدين بـكم أرجـو نجاتهـما والاهل والصـحب ثم التابعـين لكم اشكـوا لكم مس ضرٍ قـد تـكأدني فانتـم خير مـن يخشى واكـرم مَن صلى الالـه عليكم كـلما صدحـت واستـبدلوا بهـدى الايمانا كفـرانا وصفـقة أورثت في الحشر خسرانا بصاحب العصر أعلى الخلق بـرهانا ويـملأ الأرض أمنـاً ثـمّ ايـمانـا والمـصدرين شـبا الهـندي ريـانا من كل اشوس من ذي المجد ( عمرانا ) كم أوقدوا القـرى والـروع نيـرانا مـنـا ونبـذل أرواحـاً وأبـدانـا مـديحـكم في الـورى سراً واعلانا ذئب (1) فأعجز فيـما قـال سحبانا ما أفظع الخطب لو افصحت ما كانا ) حسين من فضلكم في الحشر احسانا واستـميح لهـم عفـواً وغـفـرانا مـن البـريـة اخـوانـاً وجيـرانا مـا أن اطيـق له حـمـلاً اذا حانا يُرجـى وكم بكـمُ الـرحمـن نجانا قمريةٌ وعـلت في الـدوح اغـصانا

1 ـ يعني به الشاعر الكبير عبد الحسين أبو ذئب المتوفى سنة 1151 هـ الذي مرت ترجمته فان الشاعر جاراه على قصيدته التي تجدون مطلعها في البيت الثاني.


(329)
المتوفى 1190
تخـفي الاسـى وهـمول الدمع يظـهره هـذا فـؤادك أضحـى الـهم يـؤنـسه تـهفـو إلـى ربـع دار بـان آهـلهـا وان جرى ذكر مـَن حلّ العقـيق جرى فقف على الطف واسمع صوت صارخهم ونـادِ بالـويل في أرجـائـه حـزنـاً وأمـزج دمـاء دمـوع العين من دمهم فقد هـوى ركـن ديـن الله وانـدرست وقـد خـلا مـن رسـول الله مسـجده يا سيـدي يـا رسـول الله قـم لـترى هـذا عـليٌ نـفـوا عـنه خـلافـتـه قـادوه نـحو فـلان كـي يبـايـعـه من أجل ذاك قضى باالسـيف مضطهداً كـأنـه لـم يكن صنـو النـبـي ولـم والسقم يثبت ما قد صرت تنكره وذاك طرفك أمسى النوم يضجره فالصبر تجفـوه والسلوان تهجره لذكرهم من عقيق الدمـع أحمره يشكو الظما وحديث الحال ينشره فليس يحـمد مـن عان تصـبّره لأي يـوم سـوى ذا اليوم تذخره ربوعه واختفى في التـرب نيّره لفقـده ونـعـاه اليـوم منـبـره في الآل فوق الذي قد كنت تخبره وأنكر النص فـيه مـنك منـكره بالكره منـه وأيـدي الجور تقهره شبـيره وقـضى بالسـم شبـّره يكن مـن الـرجس باريـه يطهره


(330)
تلك فـاطـمـة لـم يـرع حـرمتها وذا حسيـنك مقـتول بـلا ســبب صـدوه عـن ورد مـاء مع تحـققهم فبارز القـوم يروي السـيف من دمهم كالليـث يفـترس الفـرسان عابـسة وخـرّ للأرض مغـشياً علـيه بـما فجاءه الشـمر يسعى وهـو في شغل حتـى ارتقى مرتـقىً لـم يرقه أحدٌ فمذ رأت زينب شمـراً على الجـسد قالـت أيا شـمر ذا سـبط النبي وذا فلا تطأ صـدره الـزاكي فتهشـمه يا شمر لا تود روح المصطفى سفهاً يا شمر ويحك قـد خاصمت في دمه مـاذا تقـول إذا جـاء الحسـين بلا أو أبـرزت ثوبـه المدمـوم فاطمة أم كيف تقـتل ريحان النـبي ومـَن من دق ضلعها لهـا بالباب يكسره مـبضع الجـسم دامـيه معـفره بـأن والـده المـورود كـوثـره والرمـح يـورده فيهم ويـصدره ولم تـكن كثرة الاعـداء تـذعره أصـيب بالسـيف وآراه معـفّره بنفـسه مـا له مَن عـنه يزجـره فكان مـا كان مـما لسـت أذكره الدامي الشـريف وفي يمناه خنجره نحتر لنحرير عـلم انـت تنـحره فإنـه مـورد التـقوى ومصـدره وأنـت تعـرفـه حقـاً وتنـكـره مَن أنت في الحشرترجـوه وتحذره رأس وربـك يشـكـيه ويـثـأره في الحشر في موقف الاشهاد تنشره بُـكـاؤه كان يـوذيـه ويضـجره
     وفي آخرها :
يا آل أحـمد ما أبقـى الالـه لنا العامـلي الفتـوني المـحب لـكم صلى عليكم آله العرش ما سجعت مدحاً وراء الذي في الذكر يذكره ومَن بطيب ولاكم طاب عنصره ورق وما لاح فوق الأفق نيـره (1)

1 ـ عن المجموع ( الرائق ) للمرحوم السيد أحمد العطار ج 2 ص 323 مخطوط مكتبة الامام الصادق ـ حسينية آل الحيدري بالكاظمية ـ العراق.
ادب الطّفّ الجزء الخامس ::: فهرس