ادب الطف الجزء السادس ::: 31 ـ 45
(31)
سنة الف وماية ونيف وستين من الهجرة حج بيت الله الحرام. وله في حجه قصيدة مطلعها :
انخ المطي فقد وفدت على الحمى والثم ثراه محييا ومسلما
    ثم عظم بعدئذ اتصاله بالحاج سليمان بك الشاوي الحميري الذي كانت له الرئاسة المطلقة والكلمة النافذة في بغداد.
    وكان الحاج سليمان بك يقدر فضله ويأنس بأدبه الجم ولم يزل يحمي جانبه ويدافع عنه إلى أن توفاه الله. وكانت وفاته حسب المشهور في سنة 1212 ودفن في مقبرة أسرته في الكاظمية غير أن الحجر الذي وجد في داخل السرداب يدل على أن تاريخ وفاته سنة 1201 والله أعلم (1).
( ادبه وشعره )
    استقبل الناس شعر الشيخ كاظم الأزري كفصل الربيع من السنة نسيمه المنعش وأزهاره العبقة. جاء بعد شتاء مجهد طويل لأنه جمع بين جزالة اللفظ وجمال الأسلوب ورصانة التركيب وحسن الديباجة. وفيه جاذبية ، فالذي يقرأ قصيدة من شعره لا يتركها حتى ينتهي منها وفيه نشوة كالراح تدفع شاربها إلى المزيد منها ليزداد نشوة وسروراً. وأكثر الخبراء بالأدب يعدون الشيخ كاظم الأزري في طليعة شعراء العراق وذلك في بعض مناحيه الشعرية ، ومن فحولهم
1 ـ قال الشيخ الطهراني في ( الذريعة ) قسم الديوان : كانت وفاة الشيخ كاظم الأزري 1 ج 1 سنة 1211 ـ والمدفون بالكاظمية تجاه المقبرة المنسوبة الى الشريف المرتضى ، كما وجد بها على لوحة قبره.
أقول : المقبرة تسمى بمقبرة المرتضى نسبة الى ابراهيم المرتضى ابن الامام الكاظم (ع).


(32)
البارزين في المناحي الآخرى. ويصعب التمييز بين قصائده من ناحية السلاسة والطلاوة والرقة والانسجام وهو صاحب الهائية التي تنوف على أكثر من خمسمائة بيت ويعرفها الناس بقرآن الشعر وبالملحمة الكبرى وهذه القصيدة الفذة في بابها هي صدى نفسه الكبيرة الخصب الممرع طبعت على حدة مع تخميسها للشيخ جابر الكاظمي (1). أما ديوانه فقد عني السيد رشيد السعدي بطبعة سنة 1320. وتلاقفته الأيدي بوقته ولا زال الناس يتطلبونه ويستنسخونه. على أن الديوان لم يستوعب شعره كله بل لايزال عند بعض الحريصين على الأدب قسم منه غير مطبوع. وفي تتمة أمل الآمل : كان فاضلاً متكلماً حكيماً أديباً شاعراً مفلقاً تقدم على جميع شعراء عصره وقال في « التتمة » عن القصيدة الهائية : كانت تزيد على ألف بيت أكلت الأرضة جملة منها كانت النسخة موضوعة في دولاب خوفاً عليها ولما أخرجوها وجدوا جملة منها قد تلف فقدموها إلى السيد صدر الدين العاملي فأخرج منها هذا الموجود اليوم الذي خمسه الشيخ جابر.
    وإليك نبذة صغيرة من شعره الذي أصبح يدور على الألسن كالأمثال السائرة : منها قوله :
وما أسفي على الدنيا ولكن على ابل حداها غير حاد
    وقوله :
وقد تأتي الخديعة من صديق كما تأتي النصيحة من معاد

1 ـ قال الشيخ محمد محرز الدين في ( معارف الرجال ) جاء في هدية الأحباب ، عن شيخ الفقهاء صاحب كتاب ( جواهر الكلام ) انه كان يتمنى أن تكون القصيدة الأزرية في صحيفة أعماله ، وكتاب الجواهر في صحيفة أعمال الأزري.

(33)
    وقوله :
إن من كان همه في المعالي هجر الظل واستظل الهجيرا
    وقوله :
لا تعجبا لفساد كل صحيحة فالناس في زمن كجلد الأجرب
    وقوله :
لا تنوحي إلا علي لديهم ما على كل من يموت يناح
    وقوله :
ولسوف يدرك كل باغ بغيه المرء ينسى والزمان يؤرخ
    وقوله :
ذريتي أذق حر الزمان وبرده فلا خير فيمن عاقة الحر والبرد
    وقوله :
فتيقظ إذا رأيت عيون الحظ يقظى ونم إذا الحظ نامـا
    وقوله :
ولو كان في الجبن استراحة أهله لما سهرت عين القطا وغفى الرند
    أما ملحمته الشهيرة التي استهلها بقوله :
لمن الشمس في قباب قباها شف جسم الدجى بروح ضياها
    فقد تضمنت كثيراً من الأمثال والروائع وهي من أروع ما قيل في مدح الرسول الأعظم وعترته الطيبين وهي على جانب كبير من الجزالة والبلاغة وقوة


(34)
الاحتجاج وقد طبعت غير مرة مع تخميسها ، بالحروف الحجرية أولاً ثم أعيدت مرة بعد مرة.
    أقول وان والديوان المشار إليه فيه اغلاط كثيرة وجملة من الأشعار منسوبة له ولم تصح هذه النسبة كالبيتين الواردتين في ديوانه ـ حرف الراء ص 125.
قـالـوا حـبيبك ملـسوع فقلت لهم قالوا بلى من أفاعي الأرض قلت لهم من عقرب الصدغ أم من حية الشعر فكيف ترقى أفـاعي الأرض للـقمر
    وقد أثبتهما الحافظ الدميري في ( حياة الحيوان ) قبل أن يولد الأزري بقرون وذلك في مادة ( العقرب ) ولا يخفى ان وفاة الدميري كانت لسنة 808 ولم يذكر الدميري صاحبهما بل جاء بهما على سبيل الاستشهاد فقال :
    وإليك جملة من روائع الأزري في الإمام الحسين (ع) :
هـي الــمعالم ابـلتـها يـد الغـير يا سعد دع عنك دعـوى الحب ناحية أيـن الأولى كـان اشراق الزمان بهم جار الزمان علـيهم غيـر مكتـرث وكـم تـلاعـب بـالأمـجاد حادثة لا حــبـذا فـلك دارت دوائــره وان يـنل مـنك مـقدار فلا عجـب وكيف تأمن مـن مكـر الزمان يـدا أفدي القروم الأولـى سارت ركائبهم ما أبـرقت في الوغـى يوماً سيوفهم يسـطو بـكل هـلال كـل بدر دجى هـم الاسود ولـكن الـوغـى اجـم وصارم الـدهر لا ينفـك ذا أثر وخلـني وسـؤال الارسم الـدثر اشـراق نـاحـية الآكام بالزهر وأي حـر عـليه الدهر لم يجر كـما تـلاعبت الغـلمان بالأكر علـى الكرام فـلم تترك ولم تذر هل ابن آدم الا عـرضة الخطر خـانت بـآل عـلي خيرة الخير والموت خلفهم يسري على الأثر إلا وفاض سـحاب الهام بالمطر بجنح ليل من الهيجاء مــعتكر ولا مـخالب غير البيض والسمر


(35)
ثـاروا ولـولا قـضاء الله يمسكهـم أبـدوا وقائـع تنسي ذكـر غيرهـم غــر المـفارق والأخلاق قد رفلوا لله من فـي فــيافـي كربلاء ثووا سل كربلا كم حوت منهم بدور دجى لم أنـس حـامـية الاسلام مـنفردا رأى قـنا الدين مـن بعد استقامتها فـقام يجمع شـملا غـير مـجتمع لـم انسه وهـو خواض عـجاجتها كم طـعنة تـتلظى مـن أنـاملـه وضربــة تـتجلـى من بـوارقه وواحد الدهر قد نـابـتـه واحـدة مـن آل أحـمد لم تتـرك سـوابقه اذا نضى بردة التشكيل عنـه تـجد ما مسـه الخـطب الا مس مـختبر فـأقبل النصـر يسعى نحوه عجـلا فأصدر النصـر لم يطـمع بـمورده يا مـن تسـاق المنـايا طوع راحته لله رمحـك اذ ناجـى نـفوسـهـم يـا ابن النبيين مـا للعلـم من وطن يـا نيـرا راق مرآه ومـخــبـره لاقاك مـنفرداً أقـصى جمـوعهـم صالـوا وصلت ولـكن أين منك هم لـم تـدع آجالـهم إلا وكـان لهـم حتى دعتك من الأقـدار أشـرفهـا لم يتركوا لبني سفيـان مـن أثـر والوخز بالسمر ينسي الوخز بالأبر من الـمحامـد في أسنى من الحبر وعندهـم علـم ما يجري من القدر كـأنــها فلك للأنـجـم الـزهر صفر الأنامل من حام ومـنتصـر مـغمـوزة وعليها صدع مـنكسر منها ويجبر كـسراً غـير مـنجبر يشق بالسـيف مـنهـا سورة السور كالبرق يقدح من عود الحيا النضـر كـالشمس طالعـة من جانبي نهـر مـن الـنوائب كانت عبـرة العبـر فـي كـل آونة فـخراً لــمفـتخر لاهوت قـدس تـردى هيكل البـشر فمــا رأى مـنـه إلا اشرف الخبر مـسعـى غـلام إلى مولاه مبتـدر فعـاد حـيران بين الورد والصـدر مـوقـوفـة بين قوليـه خذي وذري بصادق الـطعـن دون الكاذب الأشر الا لديك وما للحلــم مـن وطــر فـكـان للـدهر ملء السمع والبصر فـكنـت أقدر مـن ليـث على حمر ألنقش في الرمل غير النقش في الحجر جـواب مصـغ لأمر السيف مؤتمر إلـى جوار عـزيـز الـملك مقتـدر


(36)
فـكنـت أسـرع مـن لبى لـدعـوته إن يـقتلوك فـلا عــن فـقد معرفة لـم يـطلبوك بـثار أنـت صاحـبـه أي المــحاجـر لا تـبكي عليك دمـا لهفـي لـرأسـك والـخطار يـرفعـه قد كنت في مشـرق الدنيـا ومغربـها ما انـصفتك الـظبى يا شمس دارتـها ولا رعتــك الـقنا يا ليث غـابتهـا كـم خضت فيـها بيـوم الروع معمعة فـعـاد خـصمك والـخذلان يـتبعـه ايـن الظبي والقنا مما خصـصت بـه أما درى الـدهـر مـذوافـاك مقتنصاً يا صفقة (1) الديـن لم تنفق بضاعتها (2) ومـوسما للوغى في كربـلاء جـرى أنظـر إلـى الدهـر قـد شلت أنامله وأصبـحت عـرصـات العلم دارسة يـادهـر حـسبك ما أبديت من غير (3) أمسى الهدى والندى يستصر خان لهم (4) يـا دهـر مـالك ترمي كل ذي خطر جـررت آل علـي فـي الـقيود فهل تــركـت كـل كـمي مـن لـيوثهم حاشاك من فشل فيها ومن خور الشمـس مـعروفة بالعين والأثر ثـار لـعـمرك لو لا الله لم يثر ابـكيـت والله حتى محجر الحجر قسرا فيطرق رأس المجد والخطر كالحـمد لم تغن عنها سائر السور إذ قـابلتـك بـوجـه غير مستتر إذ لـم تـذب لحيـاء منك أو حذر ينبو بها غرب حـد الصارم الذكر وعـدت تـرفل في برد من الظفر لـولا سهـام اراشتـهـا يد القدر بـأن طـائره لـولاك لـم يـطر في كربلاء ولم تربح سوى الضرر بـبيعـة فــاز فيـها كـل متجر والـعلم ذو مـقلة مـكفوفة البصر كـأنـها الـشجر الـخالي من الثمر أيــن الأســود أسود الله مـن مـضر والـقوم لـم يـصبحوا إلا على سفر عـن المـناكب بـعد العز في الحفر للقوم عـندك ذنـب غــير مغتفر فرائسـاً (5) بين ناب الكلب والظفر

1 ـ واصفقة خ ل
2 ـ بضاعته خ ل.
3 ـ عبر خ ل.
4 ـ بهم خ ل.
5 ـ فريسة خ ل.


(37)
أمـا تـرى عـلم الاسـلام بعدهـم من ذاكـر لـبنات الـمصطفى مقلا وكـيــف أسـلو لآل الله أفــئدة هـذى نـجائـب للـهادي تـقلـقلها وهــذه حــرمات الله تـهـتكـها لم انس مـن عـترة الهادي جحاجحة قـد غـير الطعـن منهم كل جارحة هـم الأشـاوس تمضي كـل آونـة من المعـزي نبـي الله فـي مــلأ أن يـتركـوا زينة الـدنيـا فـانهـم وان أبـوا لـذة الأولـى مــكـدرة انى تصيب اللـيالي بـعدهـم غرضاً بنـي أمـية لا تـسري الـظنون بكم سـيفا مـن الله لـم تفلل مـضاربـه كـم حرمـة هـتكـت فـيكم لفاطمة أيـن المـفر بـني سفـيان مـن أسد مـؤيد الـعز يستسقـى الـرشاد بـه وينــزل المـلأ الأعـلـى لخدمـته يـا غـاية الـدين والدنـيا وبـدءهما ليست مصيبتكـم هـذي التـي وردت لقـد صـبرتـم على أمـثالـها كرماً فهـاكـم يـا غـيـاث الله مـرثيـة يـرجـو الاغـاثـة منكم يوم محشره سمي كـاظمكـم اهــدى لـكم مدحاً حييتـم بـصـلاة الله مـا حيـيــت والكـفر ما بـيـن مطوي ومنتشر قـد ولـكتـها يـد الضراء بالسهر يعـار منـها جـنـاح الطائر الذعر ايـدي النجائـب من بدو ومن حضر خـزر الحواجب هتك النوب والخزر يسقون مـن كــدر يكسون من عفر الا المـكارم فـي أمـن مـن الـغير وذكرهـم غـرة في جبهـة السيــر كانـوا بـمنزلـة الأرواح للـصـور من حضرة الـملك الأعلى علـى سرر فقـد صفـت لهـم الأخرى من الكدر والقـوس خـاليـة مـن ذلك الـوتر فان للثـأر ليثـا مـن بنـي مـضـر يبـري الـذي هـو من دين الإله بري وكـم دم عـندكـم للمـصطفى هـدر لـو صـاح بـالفلك الدوار لـم يـدر انـواء عـز بلطـف الله مـنهمــر مـوصـولـة زمـر الأملاك بالزمـر وعصـمة الـنفر العـاصين من سقـر كــدراء أول مـشروب لـكـم كـدر والله غـير مـضيـع أجـر مـصطبر مـن عبـد عـبدكم المعروف بالأزري وأنتــم خـير مـدخـور لـمـدخـر اصفـى مـن الـدر بل أنقى من الدرر يـذكـركـم صـفحات الصحف والزبر


(38)
سرت تطوي الوهاد إلى الروابي نـفور مـن بنات العيس تفري تعـير الـريح اخـفاقـاً خفاقاً تريـك الـجيد قـائمـة فـتلقى تلـوح على الربي نسراً وتهوي تـمر على الحزون كومض برق تـخال ذميلها في السـهل سرباً وإن وخــدت بـجرعاء وتلـع تسيح على الفيافي القفر تطـوي تــراها إن حـدوت لها ظليماً تعيـر الريـم لفتتـها وتضوي فـإن تشنق لها خرمـت أو أن فدعها والمسـير فـحيث تهوى إلـى ظل الإلـه وسـر قـدس إلى البـطل الكـمي وبحر جود إلى علـم الهـدى ومنار فضل ولا تهوى الهشيم ولا الجوابي مـهامـه دونها شيب الغراب وتـغني بالسراب عن الشراب على خـمس تسير من الهباب هـوي المصلتات إلى الرقاب تألـق بيـن مـركوم السحاب من الكدري فـر مـن العقاب تلـوت بـينـها مـثل الحباب مـفاوز عـاريـات من ذئاب تذعر بـين هاتيـك الشـعاب بـأعضاد مـن التـبر المذاب لها أسلست تهـوى في العذاب طـلاب دونـه أعلى الطلاب تلألأ من ذرى أعلى الـحجاب سواحـله النـدى دون العباب إلى بحر الندى فصل الخطاب


(39)
إلـى نـور العلي ومن لديـه صراط مسقيـم بـل حكيـم قـسيم النار والـجنات بـين إلى مـن قـال فيـه الله بلغ وإلا لـم تـكن بلـغت عني فقـام له بـها بـغدير خـم ألا من كنـت مـولاه فهـذا فـوالي من يواليـه وعـادي بـأمـر الله قومـوا بايعـوه فـبايعه الـجميع وما تأنـى فمنهم مؤمـن سراً وجهـراً ومنهـم من أبى ويقول جهراً فلما كـذبـوا المـختار فيها فبرهانان ذانـك مـن إلـهي أمن فـي داره أمسى مـنيراً ومن أفق السما قـد خر نجم لـذلك أنـزل الـرحمن فيـه لـه الآيـات في الآيات تتلى كيوم أكـمل الإسـلام فيـه معاجز حـارت الأوهام فيها وأن الـمصطفـى للعـلم دار وكلهم أحمـداً جمـل وضب وثـعبانـاً ولـيثاً ثـم موتى وشق البـدر للهـادي وردت علي وهـو في أم الكـتـاب بـأمـر الله في يوم الحسـاب الخلائـق كلها يـوم المئـاب لأحـمـد بـعد تعظيم العتاب ولـم تك سامعـاً فيه جـوابي خطيباً معلناً صوت الخـطاب لـه مولى يـنوب بـكم منابي مـعـاديه ومـن لعداه صابي على نهج الهدايـة والصـواب شريـف أو دنـي أو صحابي ومنـهم مـن ينافق في ارتياب نـبيكم بـها أضـحى يـحابي هوى النجمان يا لك من عجاب لحيـدرة فـأيـهمـا المحـابي أم الـهاوي لـتعجـيل الـعذاب على الشيطان يهـوي كالشهاب لسورة سـائـل سوء العـذاب بمـحكمـها وتـأويل الصواب ونعـمتـه تـتـم بـلا ذهـاب فـلا تـحصى بـعد أو حساب وحيدر سورها بل خـير بـاب وخاطب حيدراً خـرس الذياب رماماً قد بلـوا تحـت التـراب ذكـاء للـوصـي المستـطاب


(40)
حسـام الله خـافـض كـل رفع صـفاتك معجـزات معـجـزات مـتى رامـوا حـقايـقها يضلوا وان يــجهلـها أبــداً ضـلالاً ألا يـامـحنـة الألــباب أنـى فيـالك مـحنـة للـخلق عـظمى وصاعقـة على الأبطـال تـهوي وطـوراً تحصـب الفرسان حصباً بـذلت لأحمـد نـفسـاً تسامـت جـزاك الله عـنه كـــل خــير أبا الحسنــين يـانـعـم المنادى يـعز عـليك لـو تـلقـى حسيناً قـتيـلاً ظامـياً والمـاء أضـحى غسيـلاً بـالـدمـاء لقـاً جريحاً ولـو شـاهـدت يـا مـولاي لما بـرزن مـن الـخيـام مـهتكات تـخـال نسـاءه لـمـا تـبـدت وكـل نـادب واعـظــم كـربي ثـواكـل لا تجـف لهـا دمــوع فـذي تـنعى عـليه بـلا قـنـاع وهـذي نـادب واطـول حـزنـي سبايـا بيـن شـر النـاس تسـري بنـات مـحمد أضـحت أســارى من الاشراك من بعد انتصـاب ذوي الألبـاب توقع في ارتياب عن التوحيد في تيـه التـصابي عن الاسـلام بـل أي انقـلاب بـحدك ذو ذكـاء فـيك صابي ورحمتها ويالك مـن عــذاب مـن الآفـاق طــوراً كالعقاب مـبيراً في الذهـاب وفي الإياب وحـزت بـبذلـها كــل الثواب أبـا الـحسنين مـن حصن مهاب إذا دهـم المصاب على المصاب رميـلاً فـوقه يـجثو الضـبابي مــبـاحـاً للذئـاب وللكـلاب على الـرمـضاء ووايـلاه كابي دهى نـسوانـه هول الـمصاب نوادب بـعـد صـون واحتجاب شـموساً قـد برزن من الحجاب وواذلاه واطـــول اكـتئـابـي محسـرة عـلى حـسر الـركاب وذي تبكي عـليـه بـلا نـقـاب ووجـدي باحتـراق وانـتحـاب علـى قـــتب مسلبـة الثيـاب حيارى بـعـد سبـي واسـتلاب


(41)
ورأس رئيسها في الرمح يتلو فوا لهفاً لذاك الشيب أضحى ألا أين الـرسول يرى يزيداً تمـثل نـادباً أرجاس حرب ألا يـا لـيـت أشـياخي ببدر فيارب مـن اللعنات ضاعف ومن آذى الرسول وسن ظلماً وأول ظالـم فــابـدأ بلعن فمنكـم سادتـي وبـكم إليكم عددت ولاءكم ذخري لحشري إليكم مـن سليـمان عـروساً فيامن حـبهم فخري وذخري عليكــم سـلم الباري وصلى أمـام الـركـب آيات الكتاب يعوض بالدماء عن الخضاب ينادي الخـمر يقرع خير ناب طروبـاً في مـجاوبة الغراب لذي الثارات قد شهدوا طلابي عليـه مـا علـى أهل الدباب علـى الـقربى وعظم للعذاب وآخـر تـابـع من كل باب ثـوابي واحـتجابي وانتسابي وحسـبي فيه في يوم الحساب برأي الشيب فـي سن الشباب ولاؤهـم ومـدحـهم اكتسابي بعـد الرمل مع قطر السحاب (1)

1 ـ عن الرائق ج 2 ص 412.

(42)
السيد سليمان الكبير
    السيد سليمان الكبير المزيدي توفي ليلة الأحد 24 جمادى الثانية 1211 أبو داود ويكنى بأبي عبدالله أيضاً ـ سليمان بن داود بن حيدر بن أحمد بن محمود بن شهاب وينتهي نسبه إلى الحسين ذي الدمعة ابن زيد الشهيد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) وكان جده الأعلى أحمد يعرف بالمزيدي لأنه يسكن قرية الميزيدة المنسوبة لآل مزيد ـ أمراء الحلة وتوفي ودفن فيها وقبره معروف يزار ، وأما ولده حيدر بن أحمد ـ جد صاحب الترجمة ـ فكان مرجعاً لسكانها ومن جاورها من تلك الأطراف والنواحي ويلقب بـ ( الشرع ) وهو لقب تطلقه العامة على من يتصدى لاستماع المرافعات بين الخصوم ونشر الأحكام الدينية ، وله في المزيدية مسجد وآثار لا تزال تنسب إليه ، ولذريته فيها اقطاع وضياع تعرف باسم آل شهاب ـ الجد الخامس للمترجم ـ وكان السيد المترجم يعرف بالمزيدي إيضاً ، ولاشتهاره بإتقان علم الطب وتأليفه فيه لقب بالحكيم أيضاً ونبغ من هذه الأسرة عدد ليس بالقليل في الفضل والأدب ومن مشاهيرهم ولده الحسين وحفيده السيد مهدي والسيد سليمان وولده السليمان حيدر الشهير وغيرهم.
    وقد ألف نجل المترجم السيد داود كتاباً في سيرة والده قال فيه :
    ولد السيد سليمان في النجف الأشرف عام 1141 ونشأ فيها وأخذ العلم عن علمائها حتى اشتهر بعلمي الأديان والأبدان ثم انتقل إلى الحلة سنة 1175.
    قال الشيخ اليعقوبي في البابليات : وقد عثرت على قصائد في مدح آل


(43)
البيت للسيد المترجم لم يثبت منها ولده في ترجمة أبيه بيتاً واحداً وهي مثبتة في كتاب ( الرائق ) بخط معاصره العالم الأديب السيد أحمد العطار المتوفى سنة 1215 هـ تحت عنوان : ـ مما قاله السيد سليمان ابن السيد داود أيده الله تعالى ـ الأولى في رثاء الحسين مطلعها :
سرت تطوي الوهاد إلى الروابي ولا تهوى الهشيم ولا الجوابي
    وهي 80 بيتاً.
    والثانية في مدح أميرالمؤمنين عليه السلام وهي 72 بيتاً ، ومطلعها :
حارت بكنه صفاتك الأفهام وتعذر الإدرا والإلهام
    والثالثة في مدحه عليه السلام وهي 56 بيتاً وإليك المختار منها :
ظهور المعالي في ظهـور النجائب فدع دار ضيم دب فيك اهتضامـها ولا تأس بعـد الخسف يوم فـراقها متى تـملك السلوان بـين ظبائهـا ولـيس أسود الغاب عند افتراسهـا إذا ظعنـت تلك الـظعائن خـلتها وتهزأ بالغصن الرتـيب إذا انثنت أحادي السـرى رفقاً بـمهجة واله فمـا لـي إلا عظم شوقي مـطية وعـج بي على أطلال دار عهدتها ديـار بـها كـم شيد للمجد ركنه ربـوع يـحير الـوافدين ربيـعها مـهابـط وحي أقـفرت وتنكرت ونيل الأماني بعــد طي السباسب كمـا دب في الملسوع سم العقارب ( على مثلها مـن أربـع وملاعب ) (1) إذا نظـرت عيناك بـيض الترائب لـشلوك يـوماً مـثل سود الذوائب بدورا تجلى فـوق تلك الـركائب وإن سفرت أزرت بنـور الكـواكب تناهبها في السـير أيـدي الـنجائب ولازاد لي غـير الدمـوع السواكب معاهد جود يوم بـخـل السحـائب بسـمر القنا والماضـيات القواضب سـحائب جـود عند بـذل الرغائب مـعالمها مـن فـادحـات المصائب

1 ـ مطلع قصيدة لأبي تمام.

(44)
لقـد أوجـبت آي الـكـتاب ودادهـم بـهـم مـن عـلـي آيـة الله آيــة هـو الآية الكـبرى إمـام ذوي النهى فلو لـم يكـن خـير الـورى وإمامها ولـو لـم يكن مولى الورى مثل حيدر فـإن قلت نفس المصطفى كنت صادقا ولـم ير في يوم الوغـى غير ضاحك فـيا خــيرة الله الـعلي ومـن لـه ويا مـن كتـاب الله جــاء مـؤكداً وفي ( هل أتى ) ( النجم ) جـاء مـديحه ويا خـير يـدعـى لــدفـع مـلمة أياجد مـن أرجـو ومـثلك مـوئلـي تدارك أبا السبطين نجلك انه فخذهـا أبـا الأطـهار نفثـة مـغرم فواعـجبـاً هـل كيـف ترضى بأنني شكـوت ومـا حـالي عـليك بغامض وحاشاك أن تـبـقـي عليـك لـمادح وود سواهم لوزكا غـيـر واجـب فحازوا به في الفحر أعلى المـراتب هو العروة الوثقى رقـى أي غارب لما جاز أن يرقـى خـيار المناكب ( فـما هو إلا حـجة للنـواصـب ) (1) ولـو قلـت عين الله لـست بكاذب ولـم يقف يـوم الروع آثار هارب مناسـم مـجد فوق أعلى الكواكب مـودته في حـفـظ ود الأقـارب وفي ( العـاديات ) الغر بين الكتائب ويا خـير مـن يدعى لدفع النوائب ولست لأهـوال الــزمان بهائب يناجـيك فـيها يـا سليل الأطائب قليل اصطبار عند وقع المصائب أضام وأنـتم عـدتـي لـمآربـي ولا أنافـي الجلـى سـواك بنادب حقـوقاً وقـد سدت علي مـذاهبي
وله قصيدة في مدحه عليه السلام التزم فيها أن تكون جميع حروفها مهملة.
هو المسك أو رسم الإمام له عطر إمام همام ساد حلماً علـى الورى هو السر سر الله ولعالم الصدر وصهر رسول الله مولى له الأمر

1 ـ عجر بيت للمتنبي.

(45)
    وقد طارح جماعة من شعراء عصره كالنحويين والشيخ أحمد بن حمد الله والشيخ درويش التميمي ـ والد الشاعر الشهير الشيخ صالح التميمي وابن الخلفة والفحام والسيد شريف بن فلاح الكاظمي صاحب القصيدة الكرارية.
    فمن قصيدة لمحمد بن الخلفة يمدحه فيها :
يـا سـائلا عـن سيد فـاق الورى هـذا سـليمان بــن داود الــذي يرجى ويحذر في القراع وفي القرى بـفواضـل الحسنـات والاحسـان كـم فيـه للمـجد الأثـيل معـاني في يـوم مسـغبـة ويـوم طـعان
    آثاره :
    قال ولده داود : ـ أتقن العلوم وبرع في الطب والأدب وصنف بكل علم وفن كتاباً. قلت : ولم يذكر اسم كتاب منها بيد أني عثرت على رسالة له صغيرة الحجيم كبيرة الفائدة سماها « خلاصة الإعراب » رتبها على مقدمة وفصول أربعة وخاتمة من أحسن ما كتب في العربية على أوجز طرز وأسهل أسلوب مدرسي ، رأيتها بخطه الجميل ويظهر أنه كتبها لجماعة من تلاميذه وكنى نفسه في أولها بأبي عبدالله سليمان بن داود الحسيني ونسبها شيخنا في الجزء 7 من الذريعة إلى حفيده سليمان الصغير الذي شارك جده المترجم في الاسم دون الكنية ولعل بقية آثاره تلفت في حوادث الحلة الأخيرة :
    وفاته :
    توفاه الله إليه ليلة الأحد الـ 24 من جمادى الثانية سنة 1211 بالسكتة القلبية وحمل جثمانه إلى النجف في موكب مهيب مشى فيه مئات الرجال من أشراف الحلة وصلى عليه إمام الطائفة يومئذ السيد محمد مهدي بحر العلوم ودفن عند إيوان العلماء مقابل مسجد عمران وكان لنعيه صدى في الأوساط العلمية
ادب الطف الجزء السادس ::: فهرس