ادب الطف الجزء السادس ::: 46 ـ 60
(46)
والأدبية ورثاه عامة الأدبا البلدين النجف والحلة فمنهم العلامة الشهير الشيخ محمد علي الأعسم بقصيدتين مطلع الأولى :
خطوب دهتني أضرمت نار أشجاني وأغرت بإرسال المدامع أجفاني
    ويقول في آخرها مؤرخاً عام وفاته :
وإذ عطلت منه المدارس أرخوا تعطل درس العلم بعد سليمان
    ومطلع الثانية :
لقد تضعضع ركن المجد وانهدما واليوم ثلم من الاسلام قد ثلما
    ومنهم الشيخ يونس بن الشيخ خضر ـ وهو ممن قرأ عليه ـ فقد رثاه بقصيدة مطلعها :
ألا ما لشمل المجد أضحى مبددا فأورثنا حزناً طويلاً مدى المدى
    ومنهم العالم الفاضل الشيخ حسن نصار بقصيدة مطلعها :
لم تبك عيني مدى الأيام مفقودا إلا التقي سليمان بن داودا
    ومنهم محمد بن اسماعيل بن الخلفة بقصيدة مطلعها :
بمن سرى الركب يفري مهمة البيد وخداً ومخترق صم الجلاميد
ومنهم العالم الجليل الشيخ مسلم بن عقيل الجصاني بقصيدة مطلعها :
الدهر لا يبرح خوانا ياطالما فرق إخوانا
    ومنهم الملا حسين جاوش ومطلع قصيدته :
ألا خلياني يا خليلي من نجد وتذكار سعدي في حمى بانة السعد


(47)
    وابلغ من رثاه العالم الأديب الشيخ محمد رضا النحوي بقصيدة بليغة قال فيها :
ألما عـلى دار الـنبـوة وانـشـدا ألمـا مـعي نـخلع رداء الحيا أسىً ( سليمان ) هذا العصر ( آصف ) عرشه صـحبت له والعيش شهـب سنونه فكان إذا صال الـردى لـي جـنة وكان سميري في الدجـى كلما زقا فلو كان يـفدى بـالنـفس فـديته تباين دمعي في رثـاه ومـقـولـي فـهذا جرى مثل الجمـان منظـما فـكـنا لعمري ( مالكاً ) (1) و ( متمما ) بها من قضى لما قضى الدين والهدى على فـقد من بالمكرمات قد ارتدى و ( لقمانـه ) إن جار دهـر أو اعتدى خلائق تحـكي الروض باكرة الندى يـرد الـردى عنـي وعضباً مجرداً صدى ونميري كـلـما كضني صدى ولكن صرف الـدهـر لا يقـبل الفدا وإن كان كـل عن جوى قد تصـعدا وذاك وهي مـثـل الـعتيـق مبـددا وأصبحت ( شماخا ) (2) وكان ( مـزردا ) (3)

1 ـ مالك بن نويرة التميمي فارس شاعر صحابي. وفي أمثالهم :
فتى ولا كمالك. قتله خالد بن الوليد سنة 12 هـ ومتمم أخوه شاعر فحل وأشهر شعره رثاؤه لأخيه مالك.
2 ـ لقب معقل بن ضرار المازني الذبياني : شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والاسلام وهو من طبقة لبيد والنابغة ، وكان أرجز الناس على البديهة ، شهد القادسيه : وتوفي في ( موقان ) سنة 22 هـ.
3 ـ والمزرد : لقب أبيه ضرار.


(48)
المتوفى 1212
سـعد الـفائزون بالنصـر يوماً أحسنوا صـحبة الحسين وفازوا صـبروا للـنزال ضحـوة يوم وأصيـبوا بـقـرب ورد ظماء أبـدلوا عـن حرور يوم تقضى سبقوا في الـمجال سبقاً بـعيداً ضيعـوا عـترة النبي وأمسـوا عز فيه النصير لابن البتول أحسن الفوز بالحباء الجزيل ثـم باتـوا بـمنزل مأهول فأصابوا الورود في سلسبيل جـنة الخلد تحت ظل ظليل وبقينـا نـجول في التأميل وهـم بـين قـاتل وخذول
    وقال :
الدين من بعدهم أقوت مرابعه والشرع من بعدهم غارت شرايعه

عن الديوان المخطوط بخط السيد محمد صادق بحر العلوم ـ مكتبة الامام الحكيم العامة النجف رقم 388.

(49)
قد اشتفى الكفـر بالإسلام مـذ رحلوا ودائـع الـمصطفى أوصى بـحفظهم صـنـائـع الله بـدأ والأنـام لهـم أزال أول أهــل الـغـي أولـهـم وزاد ما ضعضع الاسلام وانصدعت كمين جـيش بـدا يوم الطفوف ومن يـا رمـية قـد أصابت وهي مخطية وفجعـة مـا لـها في الـدهر ثانية كـل الـرزايا وإن جـلت وقائـعها والبغي بالحـق لمـا راح صادعـه فـضيـعوها فـلم تـحفظ ودائـعه صنايـع شـد ما لاقــت صنايعه عن موضع فيه رب العرش واضعه مـنه دعـائـم ديـن الله تـابعـه يـوم السـقيفة قـد لاحـت طلايعه من بعـد خـمسين قد شطت مرابعه هانـت لـديـها وإن جـلت فجائعه تنسى سـوى الـطف لا تنسى وقائعه
    وقال :
هذا مصـاب الـذي جبريل خادمه هذا مصاب الشهيد المستضام ومن سبـط الـنبي أبـي الأطهار والده صـنو الزكـي جنى قلب البتول له مـطهـر ليس يغشى الريب ساحته لله طـهر تـولـى الله عـصمته لله مـجـد سـمـا الأفلاك رفعته ضيـف ألـم بأرض وردها شرع لهفـي علـى مـاجد أربت أنامله ناغاه فـي المهـد إذ نيطت تمائمه فـوق السـموات قد قامت مآتمه الكرار مـولى أقام الدين صارمـه أقسومـة لـيس فـيها مـن يقاسمه وكيف يغشى من الرحمـن عاصمه أراده رجس عظـيمـات جرائمـه مـاد العـلا عـندما مادت دعائمه قـضى بها وهو ظامي القلب حائمه علـى السـحاب غدا سقيـاه خاتمه


(50)
    وقال :
لله مـرتضـع لـم يـرتضع أبداً يـعـطيـه إبهامـه آنـا وآونـة سر بـه خـصه باريـه إذ جمعت غـرس سقاه رسول الله من يـده ذوت بـواسـقه إذ أظـمأوه فـلم عـدت عـليه يد الجانين فانقطعت قضى على ظمأ والـماء قد منعت هموا بإطفـاء نور الله واجـتهدوا لـم أنسـه إذ ينادي بالطغاة وقـد ترجون جدي شفيعاً وهو خصمكم من ثدي أنثى ومن طاها مراضعـه لسانـه فـاستوت مـنه طبايـعـه وأودعـت فـيه عـن أمـر ودايعه وطاب من بعد طيب الأصل فارعه يـقطـف من الثمر المطلول يانعـه عن مـجتنى نبعـه الزاكي مـنافعه بـمشرعات الـقنـا عنه مـشارعه في وضع قدر مـن الرحمن رافـعه تجمعـوا حـولـه والـكل سامـعه ويل لمـن خصمـه في الحشر شافعه


(51)
    السيد مهدي أو محمد مهدي ابن السيد مرتضى ابن السيد محمد الحسيني البروجردي المعروف ببحر العلوم الطباطبائي من نسل ابراهيم طباطبا من ذرية الحسن المثنى ابن الامام الحسن الزكي ابن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
    ولد بكربلا ليلة الجمعة في شوال سنة 1155 وتوفي بالنجف سنة 1212 ودفن قريباً من قبر الشيخ الطوسي وقبره مزور مشهور.
    رئيس الإمامية وشيخ مشايخهم في عصره والملقب ببحر العلوم عن جداره واستحقاق لم تسمح بمثله الأيام ، له الكرامات والمكاشفات وشهرته بالزهد والتقوى والإخلاص والعبادة لا تحتاج إلى بيان وأساريره وأنواره غنية عن البرهان ، ترجم له جملة من الباحثين وذكروا كثيراً من أخلاقه وصفاته وعددوا مصنفاته ومؤلفاته منها :
    1 ـ كتاب المصابيح في العبادات والمعاملات ينقل عنه الفقهاء.
    2 ـ الدرة النجفية ، منظومة في بابي الطهارة والصلاة من الفقه يتجاوز عدد أبياتها الألفين ، وقد أطبق العلماء والأدباء على أنها لا يوجد لها نظير ، الشروع في نظمها سنة 1205 كما أرخها هو بقوله :
غراء قد وسمتها بالدرة تاريخها عام الشروع ( غرة )
    3 ـ تحفة الكرام في تاريخ مكة والبيت الحرام.


(52)
    4 ـ الفوائد الرجالية المسمى بـ رجال السيد بحر العلوم طبع بمطابع النجف سنة 1385 هـ ويقع في أربعة أجزاء ويحتوي على كثير من الفوائد والتحقيقات الرجالية وعلى تراجم عدد كبير من رجال الحديث والرواية.
    إلى غير ذلك من الرسائل والنوادر. أما آثاره ومآثره فمنها تعيين وتثبيت مشاعر الحج ومواقيت الإحرام على الوجهة الشرعية الصحيحة ، وكانت قبل ذلك مقفلة مهملة فبقي قدس سره ما يقرب من ثلاث سنوات في مكة في هذا السبيل ولا يزال عمل الشيعة ـ اليوم ـ على نموذج تعيينه للمشاعر والمواقيت. أضف إلى ذلك آثاره في مسجد الكوفة ومسجد السهلة كما هي اليوم.
    ولآية الله بحر العلوم مقبرة خاصة بجوار قبر الشيخ الطوسي بالنجف الأشرف. عليها قبة كبيرة كقباب الأئمة وهي من الكاشي الأزرق ، رثاه ردم كبير من الشعراء المشهورين والفطاحل المرموقين كما مدحوهن في حياته ، ونذكر من الذين رثوه الشيخ ابراهيم يحيى العاملي ، والسيد أحمد العطار ، والشيخ جعفر كاشف الغطاء والسيد جواد العاملي.
    وقصيدة السيد بحر العلوم اللامية يرد على قصيدة مروان بن أبي حفص في ( تحفة العالم ) للسيد جعفر بحر العلوم ج 1 ص 247.
    قال الشيخ الطهراني في الذريعة ـ قسم الديوان ـ ديوان السيد محمد مهدي نسخة خطية توجد عند أحفاده ، وله الدرة المذكورة في ج 8 ص 109 وله القصيدة في حساب عقود الأنامل.
    من شعره قوله في رثاء مسلم بن عقيل :
عين جودي لمسلم بن عقيل لرسول الحسين سبط الرسول


(53)
لشـهيد بـين الأعـادي وحـيد جـاد بـالنفس للحسين فـجودي فـقلـيل مـن مـسلم طل دمع أخـبر الطـهـر انـه لـقتـيل وعـليه الـعيون تـنهال دمـعاً وبـكـاه الـنبي شـجـواً بفيض قائـلاً : إنـني إلـى الله أشـكـو فابك مـن قـد بكاه أحمد شجـوا وبكــاه الـحسين والآل لـمـا كان يومـاً علـى الحسين عظيماً مــنذراً بـاذي يـحـل بـيـوم ويـح ناعـيه قد أتى حيث يرجى أبـدل الـدهـر بـالـبشير نـعياً فاحثـوا الـركـاب للثـأر لـكن فــيهـم ولـده وولــد أبـيـه خصـه الـمصـطفى بحبين حب قـال فـيه الـحسين أي مـقـال ابن عـمي أخــي ومن أهل بيتي فأتـاهــم وقـد أتـى أهـل غدر تـركـوه لـدى الـهيـاج وحيداً وقـتيل لـنصر خـير قتـيل لـجـواد بـنفسـه مـقتـول لـدم بعـد مسلـم مـطلـول في وداد الـحسيـن خير سليل هـو للـمؤمـنين قصد السبيل من جـوى صدره عليه هطول مـا ترى عترتي عقيب رحيلي قبـل مـيلاده بـعـهد طويل جاءهـم نـعيـه بـدمع همول وعلـى الآل أي يـوم مـهـول بعـده في الطفـوف قبل الحلول أن يجـيء الــبشير بالمأمـول هكـذا الـدهـر آفـة من خليل ثـأروه بـكـل ثــأر قـتـيل كم لهـم في الـطفوف من مقتول مـن أبــيه له وحـب أصيـل كشـف الـسـتر عن مقام جليل ثقتـي قــد أتـاكـم ورسولـي بـايـعوه وأسـرعوا في النكول لعـدو مـطالــب بـذحــول


(54)
لسـت أنساه إذ تسارع قـوم وأحـاطـوا بـه فكان نذيراً صال كالليث ضارباً كل جمع وإذا اشتـد جـمعهم شد فيهم فرأى القـوم منـه كـر علي نـحوه مـن طغاة كل قبيل باقتحام الرجال وقع الخيول بشبـا حـد سيـفه المسلول بحسام بقـرعهـم مـفلول عمه في النزال عند النزول


(55)
المتوفي 1214
أيـها الـعاشـق ما هذا القلى تـدعـي الحب وتختار النوى قعـد الـجسم بـرغمي عنهم حبـذا الحـي التهـامي الذي ملأ الأحشاء حـزنـاً إذ هوى أي غـيث مـن بـني فاطمة أي ليـث مـن بـني فاطـمة أي مـولى مـن بـني فاطمة أي بـدر مـلأ الـدنيـا سـناً أي عــذر لـعيـون فقـدت كيف لا تجري دمـوعـي للذي أين أنت اليوم يا حامي الحمى رب ذي عـيش مـرير طعمه إن حزني كلـمـا بـردتــه أبـعـد الله نـوى الـقلب الذي أنت في الشـام وهم في كربلا ما كـذا تفـعل أصحاب الولا والحشـا يـجتاب أجواز الفلا نـزل اليـوم علـى حكم البلا بـدره الـمقتول ظلماً في الملا فقـدت منـه الصوادي منـهلا صادفت منـه العوالـي مقتـلاً قـتـل الإسـلام لـما قـتـلا وجـلا كـل ظـلام وانـجلـى منـه نـور الـنور أن لا تهملا رزؤه أبـكـى النبـي الـمرسلا ومـزيـل الـخطب لـما نـزلا عـذب الـموت لـديـه وحـلا بـشـآبـيـب الدمـوع اشتعـلا كلمـا طـال بـه الـعهد سـلا


(56)
أتــرى أي أنـاس غـيركم أتــرى أي أنـاس غـيركم أبقـوم غـيركـم قـد أنزلت أبقـوم غـيركـم يا هل ترى ليـت شعـري أعلى المرتضى أتـرى مـن نـصـر الله بـه أترى مـن كان صنو المصطفى من عنى الـقائل جهـراً لا فتى يـا قتـيل الغـاضريات الذي وجـد المـحتاج بـحراً طامياً ودهم أجر كتـاب فـصـلاً بـرز الـهادي بـهم مبتهلا آيـة التـطهير فـيما أنـزلا كـمل الدين الذي قـد كـملا أم سـواه مـنكب الهادي علا حين فـر الجمـع طه المرسلا حيـدر أم غـيره فـيما خـلا غيـر مـولانا علي ذي العـلا قــتل الـدين لـه إذ قــتلا يقــذف الـدر فـعاف الوشلا
    وقال :
بـنفسي أقـمار تهـاوت بـكربلا بنفسي سليل المصطفى وابن صنوه أذاب فـؤادي رزؤهـم ومـصابهم فـقل لابـن سـعد أتعس الله جـده نسـجت سرابـيل الضلال بـقتلـه وليس لها إلا القلوب لـحود يذود عن الاطفال وهو فريد وعهدي به في النائبات جليد أحظك من بعد الحسين يزيد ومزقت ثوب الدين وهو جديد
    وقال :
لله أي مـصاب هـد أركاني عز العزاء فلا صبر ولا جلد وما بكيت لأن الحي من يمن ولا تلهفت لما بـان مـرتحلا وحادث عن جميل الصبر ينهاني فكيـف تـطمع من مثلي بسلوان سار الغـداة بـخلانـي وخلاني من حاجر بغصون الرنـد والبان


(57)
ولا نـزعـت إلى سلمـى بذي سـلم لكن تذكـرت يـوم الطـف فانهملت هـو الحسين الـذي لولاه ما وضحت نفـسي الفـداء لـمولى سار مرتحلا طـارت لـه من بني كوفان مسرعة فسار يـطوي الـفلا حـتى أناخ بهم وقـام فـيـهم خــطيباً مـنذراً لهم حفـت بـه خـير أنصار لـه بذلت حتى قضوا بالمواضي دونـه عطشا طـوبى لهم فلـقد نالـوا بـصبرهم ومـا نسيبت فـلا أنسـاه مـنـفرداً يسطـو على جمعهم بالسيف منصلتا ضرب يـذكرنا ضرب الوصي وعن مصيبـة أبلـت الدنـيـا وساكنـها وكيف ينسى امرؤ رزءاً بـه فجـعت انفقـت فـيك لجين الـدمع فانبجست أمسي وأصبح والأحـزان تنـضحني حتى أرى مـنكم البـدر المـطل على منى مـن المـنعـم الـمنان أرقـبها وكم له من يـد عـندي نصرت بهـا أحببتـكم حـب سـلمان ولـي أمـل صلى الإلـه على أرواحكـم وحـدا ولا عشوت إلـى نمى بـنعمـان دمــوع عيني وشبت نار أحزاني معالـم الديـن للـقاصي وللدانـي مـن الحجـاز إلى أكنـاف كوفان صحائف الغدر مـن مثنى ووحدان بفتيــة كـنجـوم الليـل غـران وهـو الملـي بـإيضـاح وتـبيان منهـا الـفـداء بـأرواح وأبـدان وكـل حـي وان طال المدى فإني خيـراً وراحـوا إلى روح وريحان بيـن العـدى دون أنصار وأعوان كالليث شد علـى سرب من الضان منابـت الأصل ينبي نبت أغصان وهـي الـجديـدة ما كر الجديدان كريمـة الـمصطفى من آل عدنان عيني عليك بـياقوت ومـرجـان من عـبرتي بدمـوع ذات ألـوان أهل البسيـطة من قاص ومن داني والـمن مـرتـقب مـن عند منان على الزمـان وقـد نادى بحرماني أن تجعلوني لـديكـم مـثل سلمان إليكـم كـل احـسان ورضـوان


(58)
    الشيخ ابراهيم بن الشيخ يحي بن الشيخ محمد بن العاملي الطيبي
    قال السيد الأمين في الأعيان : ولد سنة 1154 بقرية الطيبة من جبل عامل ـ لبنان ـ وتوفي سنة ( 1214 ) بدمشق عن 60 عاماً ودفن بمقبرة باب الصغير شرقي المشهد المنسوب إلى السيدة سكينة وكان له قبر مبني وعليه لوح فيه تاريخ وفاته رأيته وقرأته فهدم في زماننا.
    كان عالما فاضلاً أديباً شاعراً مطبوعاً ، نظم فأكثر حتى اشتهر بالشعر (1).
    وكانت له اليد الطولى في التخميس فقد ولع به فخمس جملة من القصائد المشهورة كالبردة ، ورائية أبي فراس الحمداني في الفخر وميميته في مدح أهل البيت ولا ميته المرفوعة التي قالهافي الأسر ، وعينية ابن زريق البغدادي ، وكافية السيد الرضى المكسورة وزاد عليها مخمساً وجعلها في مدح النبي ، ورائية ابن منيرالمعروفة بالتترية ، بل قيل انه اكثر المشهور من غرر الشريف الرضي ، وإنه خمس ديوان الأمير أبي فراس برمته.
    سافر إلى العراق فأقام به مدة ، قرأ في أثنائها على السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي والشيخ جعفر النجفي صاحب كشف الغطاء ، ثم سافر لزيارة الرضا عليه السلام ثم عاد إلى دمشق وتوطنها إلى أن مات.
    له أرجوزة في التوحيد وجدتها بخطه وجمعت شعره في ديوان كبير يقارب سبعة آلاف وخمسمائة بيت بعد تفتيش وتنقيب كثير ورتبته على حروف المعجم انتهى. أقول : ونشر كثيراً منه في الأعيان من مدائحه في الرسول الأعظم والامام
1 ـ وورث ذلك منه أولاده واحفاده ، فكلهم شعراء وأدباء كولديه للشيخ نصر الله والشيخ صادق وحفيديه الشيخ ابراهيم بن نصر الله والشيخ ابراهيم بن صادق وولده وغيرهم.

(59)
أمير المؤمنين والأئمة من أهل البيت عليهم السلام. وترجم له صاحب ( الحصون ) ج9 ص 181 والشيخ السماوي في ( الطليعة ) والأستاذ علي الخاقاني في ( شعراء الغرى ) ج 1 ص 1.
    وقال أيضاً :
أرابها نـفثة مـن صـدر مصـدور أوفت عـلي وقالـت وهي مـجهشة لا تـضـجـرن لآمـال أوابـدهـا فقلت هـيهات مـثلي غـير منتجـع خـطـب أحـم لـو التاث الـنهار به حـوادث يـنزوي قـلب الـحزين بها قتـلاً واسـراً وتـشريـداً كـأنـهـم غـداة جـب سنـام المجد من مضـر هو الـحسين الـذي لولاه ما نـظرت غضنـفر سن للـحامين حـوزتـهـم سيم الهـوان فطاب الـموت في فمه وحولـه من بني الـزهراء كـل فتى بيـض الوجوه إذا ما أسفروا خلـعوا وبينهم خـير أصحاب لهـم حـسب وقـد أظـلهـم جـيش يسـير بـه يـمضون أمر ابن هند في ابن فاطمة فـصادفـوا منه في غاب القنا أسدا مـن كل معتصم بـالـحـق ملـتزم ما أنس لا أنـس مسراهم غداة غدوا وهجـرة للـجفا مـن غير مهجور مـا بـال صفوك مـمزوجاً بتكدير نـدت فـما زلـن في قيد الـمقادير برق الـمنى وهو مزرور على الزور لـم يـنفـجر فـجـره إلا بديجـور إلى وطـيس بـنار الـوجـد مسجور عشيـرة الـمصطفى في يوم عاشور وهـاشـم بالـعوالـي والـمباتـير عين إلى عـلـم للمـجد منـشـور بذل النفوس وإلغـاء الـمـحـاذيـر وتـلك شنـشنة الأسـد المـغاويـر يغشى الوغى بجنان غـير مـذعور على الـظلام جـلابيباً مـن الـنور زاك ومـمدود فـضل غير مقصور باغ يرى العـدل ذنباً غـير مـغفور تبـت يـدا آمر مـنهـم ومـأمـور يسري ومن حـولـه الأشبال كالسور بـالـصدق مـتسم بـخير مـذكور إلى الكريـهـة فـي جـد وتـشمير


(60)
ثـاروا وقـد ثوب الـداعي كما حملت فـلا تـعايـن مـنهم غـير مـندفع كـل يـرى العز كل العز مصرعـه وحين جاء الردى يبغي الـقرى سقطوا طـوبى لـهـم فـلقد نالوا بصبرهـم كريهـة شكـر الباري مساعـيهــم مـبرئـيـن من الآثـام طـهـرهـم ولـو شهدت غـداة الطف مـشهدهـم ولـست أدري أسـوء الـحظ أقـعدني ويـنثني عـن حياض الموت نحو خباً ولم يـزل بـاذلا في الله مـهـجتـه حتى تجلـى عـليه الحق مـن كـثب قـضى فللدين شمـل غـير مـجتمع فـأبـعد الله عـينـاً غيـر بـاكـية يـا للرجـال لـجرح غـير مـندمل فـهل تـطـيب حيـاة وابـن فاطمة وفي الشـآم يـزيـد فـي بـلهنيـة وما نسيـت فـلا أنـساه مـنجـدلا والفاطـميات فـوضى يـرتمين على يلهجن بالمرتضى يا خير من رقصت عطفـاً على حرم التقوى فقد فـجعت جـدعـت أنـف قريش بالحسام ومذ يـا للـكريـم الـذي أمـست كرائمه فخيـم الضـيم فـينا حـين فـارقنا يا ليـت عيـن رسـول الله نـاظرة أسد العـريـن على سـرب اليعافير كـالسـيل يـخبـط مثبوراً بمثـبور بـالسيـف كـي لا يعاني ذل مأسور على الثـرى بـين مـذبوح ومنحور أجـراً وأي صبـور غـير مـأجور فـيها ويـا رب سـعي غير مشكور دم الـشهـادة مـنهـا أي تطـهـير بـذلت نـفسي وهـذا جـل مقدوري عن ذلك اليـوم أم عجزي وتقصيري علـى بـنـات رسـول الله مـزرور يـجر نـحو الـمنايـا ذيـل محبور فـخر كالنجـم يحكي صاحب الطور وللمـكارم ربـع غـير مـعــمور لـرزئـه وفـؤاداً غـير مـفطـور عمر الزمـان وكسر غـير مجـبور فـوق الـتراب طـريحاً غير مقبور مــرفـه بـين مـزمـار وطنبور تـرضـه الـقوم بالجرد المـحاضير أشلائـه بـعـد تـضـميخ وتـعفير بـه النـجائب تـحت السرج والكور بصـارم مـن سـيوف الله مـشهور مضيـب دبـت الـينا بـالـفواقـير مـسبيـة بعـد احصـان وتـخديـر وأدرك الوتـر منـا كـل مـوتـور ايتامــه بـين مـقـهور ومـنهور
ادب الطف الجزء السادس ::: فهرس