ادب الطف الجزء السادس ::: 136 ـ 150
(136)
    ومن شعره في رثاء الإمام الحسين (ع) :
يـوم ابن حيدر والأبطـال عـابـسـة والسمـر من طـرب تـهـتز مـائسة رامـت أمـيـة أن تـقـتـاد ذا لبـد فانصاع كالـضيغـم الكـرار مـنتدراً يلقى الـكمـاة بثـغـر باسم فـرحـاً حتى إذا لـم يـدع للشرك مـن سكـن وافـتـه داعـية الـرحـمن مسـرعة نـفسي الـفـداء لـه والـسمـر واردة مـضـرج الـجسم مـا بلـت له غلل دامي الجبيـن تـريب الـخد منعـفـر مـغسـل بنـجـيـع الـطـعن كفنـه قـضى كـريماً نـقي الثـوب من دنس يـا قائـداً جمـح الأعـداء طـوع يـد لئن رمتـك سهـام الدهـر عـن إحـن كنـت المجـير لمـن عادى فحـق لـه يـا مـخرس المـوت إن سامتـك نائبة يـا صـار مافـل ضرب الهام مضربه لو تعلم البيـض مـن أردت مضـاربها ولو درت عـاديات الـخيل من وطأت إن كورت منك كف الشرك شمس ضحى والشـمس فـي عنبر الهيجاء تنتقب والبيض في قمـم الأقـران تختضب منـه وتحجب بدراً ليس يحتـجـب بصولة ريـع منهـا الجـحفل اللجب كأنهـم لنـدى كفيـه قـد طلبـوا إلا وقـامـت بـه من بأسه النـدب فـخر وهـو يـطيل الشكر محتسب من نحره والمواضي البيض تختضب حتى قضى وهـو ظمآن الحشا سغب على الثـرى ودم الأوداج يـنسكـب سافي الريـاح ووارتـه القنا السلب يـزينـه كـلـما يـأتي ويـجتنب كيـف استقادتـك منها جامح ذرب وقارعتك مـواضيـه فـلا عـجب أن يـطلـب الثأر لـما أمكن الطلب من النوائـب كيـف اغتالك الشجب ولا تعـاب إذا مـا فـلت القـضب نبـت وفـل شـباها الروع والرهب أشلاءه لاعتراهـا العـقر والنـقب فما على الشمس نقص حين تحتجب


(137)
ما كنت أحسب والأقـدار غـالبة فكم عفيفـة ذيـل للبتول سـرت تطوي على جمرات الوجد أضلعها بأن شمل الهدى الملتام ينشعب على أضالع لـم يشدد لها قتب وقد أضر بها الإغماء والسغب
    وله في رثاء الحسين (ع) :
يا ناعي ابن رسول الله هـجت لـنا نعيت لو تدري من تنعاه ما ضحكت يا وقعة الطف كم عين بك انذرفت افيك يقضون آل المصطفى عطشاً حزناً ودمعاً على الخدين مدرارا أسنان فيـك ولا سامرت سمارا وللهداية كـم ركـن بـك انهارا والماء طـام فليت الماء قد غارا


(138)
    هذه القصيدة صدورها للشيخ أحمد النحوي ، وأوائل الإعجاز لولده الشيخ محمد هادي ، وثوانيها للشيخ أحمد الحلي ، وثوالثها لولده الشيخ محمد رضا النحوي.
عـج بالـمطـى قلـيلاً أيها الحادي على أشم عـراراً في ربى الـوادي رفقـاً بـهن فقد قاسين طول سرى كـآنهـا من جفاهـا بـعض أعواد أمـا تـراها بـراها الشوق مذ زمن قـد آذنـت فـيه أحـبابي بابـعاد تصـبو لنجـد وما نـجد وساكنـه كلا ولـيس لنـجـد بـل إبــراد لهـا فـؤاد معنى في مـعاهـدها سقى المعاهد سحاً صـوب مـرتاد ترتاح إن لاح في الآفاق ضوء سناً صبح به يهتـدى حيث الدجى بادي تصد عـن وردها إن فاح ريح صباً بـما تـضمن مـن أخـلاق أمجاد فـاستبق فيهـا بقايا كي ننيـخ بها على مـزار شـهيد نـجـل أمجاد وسائل الركـب عن سكان أجياد ما سـرت إلا بـأحشاء وأكـباد وما يعانين مـن وخـد واسـآد وضـرهـا فـرط أغوار وأنجاد ومـسهـا حـز أقـتاب وأقـتاد إلى كـرام بهم رشدي وإرشادي إلا شفاء غليل الظامئ الصادي وأيـن نـجد لا نـجاد وإسـعاد لا يـستقر إذا ما رجـع الحادي ما حال في عهده عن خير عهاد نـور الثنية مـن غربي بـغداد بـرق تألـق وهنأ والدجى هادي وتترك الروض غفلا غير مرتاد من العـواصم مـن أكناف بغداد على مـهابط وحي نـورهم باد عـلى مصارع أمجـاد وأنجـاد


(139)
على مـحل بـه الأمـلاك عـاكفة عـلـى تــلاوة آيــات وأوراد علـى حـمى كربلا شوقا لساكنهـا أفـديه في طـارفـي مني واتلادي إن جئتهـا فـأطل منك الوقوف بها وسح دمـعـا بـإصـدار وإيـراد نبـكي عـلى أسد قد خر منجـدلا كستـه بيـض المواضي حمر أبراد لهـفي له جسداً قـد ضـمخوه دماً علـى الـثـرى بين أهضام وأنجاد لهفي لـه وهو فـرد قـد أحاط به جـيش لآل زيـاد نـسـل أوغـاد يـا عصبة ما رعت حق البتول ولا حق الـوصي وأبـدت غـل أحقاد لهفي لـه والـعدى تنتابــه زمراً والـراس منـه مشال فـوق أعواد لهفي لبـدر بـدا منـه السرار على حـكـم الإلـه وفيه كـل اسعـاد لهفي لشمس ضحى بـالنور مشرقة تغنى بأنوارهـا عـن كـل وقـاد أبـدى الـحمام عليهم شجوه ولـه عـليه فـرط بـكاء بـعـد تعداد عـوجا قليلا كذا عن أيمن الوادي والخـلـق فيه سـواء عاكف بادي عج بالحمى يا رعـاه الله من وادي هـادي الـبريـة واشوقاه للهـادي غـذيت در التصـابي قبل ميلادي فـاخلـع نـعالك فيها إنها الوادي زواره الـوحـش مـن سيد وآساد يـاليـت أني له دون الورى فادي ثـاو على الترب ملقى بـين أجساد كأن أثـوابـه مـجت بـفرصـاد بنـو أميـة لا تـحصى بـتعـداد جيش كهام كصوب العارض الغادي راعت ذمام النبي المصطفى الهادي عـادت عـلى بـادئ بالبر عواد بـكـل لـدن أصـم الكـعب مياد لـم أحـص عـدتـهم إلا بـعداد أيـدي الـعدى طـول أزمان وآباد أرض الطفـوف بأرمـاس وأنجاد قـد أخمـد النور منهـا أي إخماد لـهفي على كـوكب بـالسعد وقاد طـوق الـكآبة أضحى قـيد أجياد تبكـي السماء بدمـع رائـح غادي


(140)
على البهـا مـن أبنـاء أحـمـد لا لهفي عليهـم وقـد سارت ظعائنهـم بـأمـرة ابـن زيـاد أصـل إلحاد لهفي على طـود مـجد هـد شامخه بـوقـعـه قد شفـى أضغان حساد لهفي على بحـر جـود غاض مورد فـجـرع النـبت منه غلة الصادي لهفـي عـلى خـاشـع لله مـبتهل وخيـر عـبادهـا نسـكاً وزهـاد لهفى على نجله السـجاد حلف ظناً مـغللا بـيـن أغـلال وأصـفاد يـرى الـعدى وأهـاليه بأسرهـم غـدوا حيـارى بـأطـفال وأولاد من كل ذات شجى ترثي لحال شج حزينـة لـم تـزل في أسـر أنكاد مقروحة القلب من سقم وطول ضناً قـد شفـها فقــد آبـاء وأجـداد تشكـو الظما وهجير الصيف متقـد ياليت أبـحرها تـرمـي بـأنفـاد ماذا يقـول بنو حرب إذا عـرضوا وقد أتـوا بيـن مـغلـول ومـنقاد وقـام ثـم عـلـي والـبتول مـعاً علـى البـها ليل مـن أبناء عباد والمـوت خـلفهم يـسري بميعاد كأنهـا إبـل يـحدو بـها الحادي مـجـدلا بـين أجبـال وأطـواد وركن مـجد بـأرض الطف منئاد وكان يـشرع مـنـه كـل وراد وكــان ريــاً لــوراد ورواد فـي أسـر قـوم لدين الكفر عباد لهفـي عـلى راكـع لله سـجـاد مـكـبل بيـن أغـلال وأقـيـاد أخفـاه طول الضنا من غير عواد أسرى وليس لهم في القوم من فادي والسقـم ينفض فيهم صبغة الجادي تطـوي الضلوع على جمـر وإيقاد وذي قيـود غـدا يـرثـي لـمنقاد قرحـى الـجفون بتسـكاب وتسهاد قـد دب منـها بـأعضاء وأعضاد غرثى ولـم تلق غير الدمع من زاد والــمــاء طـام لـرواد ووراد والـكل عـات على أهل الهدى عاد والـخلق طراً وقـوف بين أشهـاد فـي مـوقف العرض كل شجوه باد


(141)
والكـل يهتف هـذا يـوم ميعاد وكان فيها شفيع الـخلق خصمهم ومنهـم أظـهر الشكـوى بترداد يا عثرة ما يقال الـدهر عاثرها عـند الـوفود غداً في شر وفاد مولاي يا ابن أجل المرسلين علا والنار مـا بيـن إلـهاب وإيـقـاد والله مـطلع مـنهـم بـمـرصـاد والحـاكـم الله فـي ذيالك الـنادي كبابها الدهر يابن المصطفى الهادي والشـر أخبث مـا أوعيت من زاد وأكـرم الناس مـن قار ومن بـاد

يا مـن إلـيه لقد ألقيت أقيادي إليك مـن أحـمد عذراء فائقة مدوا بها أحمداً مـن خير إمداد يعيي السلامي أن يأتي بمشبهه والخـالدي وبشـر وابن خلاد ومن هم لمعادي خير إعـدادي أضحت إجازتها من نجله هادي ومـن رضـا در إنشاء وإنشاد نظمـا ويـعجز عنها نجل عباد أيـن الخليعي منها وابـن حماد (1)

1 ـ عن الرائق مخطوط المرحوم السيد أحمد العطار

(142)
الشيخ محمد رضا النحوي
توفي 1226
    ابن الشيخ أحمد بن الحسن الملقب بالشاعر ـ الحلي النجفي مولده بالحلة في أواسط القرن الثاني عشر وقضى الشطر الأول من حياته فيها والثاني في النجف على عهد آية الله السيد محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي ، جمع إلى الفقه والحديث آداب اللغة العربية واحتل مكانة سامية في الأوساط العلمية والادبية ، وهو أحد الفطاحل الخمسة الذين كان يعرض السيد الطباطبائي عليهم منظومته الفقهية الشهيرة الموسومة بـ « الدرة » إبان نظمها فصلاً بعد فصل لإبداء ملاحظاتهم ومناقشاتهم العلمية حولها وهو من أبطال « وقعة الخميس » التي هي عبارة عن مساجلة أدبية اتفقت في عهد السيد بحر العلوم ونظم فيها شعراء ذلك العصر كالسيد محمد بن زين الدين والشيخ محمد بن الشيخ يوسف من آل محي الدين والسيد صادق الفحام وبحر العلوم وكاشف الغطاء وصاحب الترجمة وسميت باسم وقعة الخميس التي جرت بصفين زيادة في المطايبة والظرف وهي مدونة في عدة من المجاميع العراقية المخطوطة.
    كان النحوي أكبر شعراء عصره بلا مراء وأطولهم باعا في النظم وأنقاهم ديباجة لا يجاريه أحد منهم في حلبة ، وشعره رصين البناء متين الأسلوب وألفاظه محكمة الوضع لا تكاد تعثر على كلمة مقتضبة في شعره وقد جمع فيه بين الإكثار والإجادة وقلما اتفق ذلك لغيره.


(143)
    درس المبادئ من النحو والصرف والمعاني والبيان ونظائرها على والده الشيخ أحمد ـ المتقدم ذكره ـ والفقه والأصول على العلامة بحر العلوم ومن بعده على الفقيه الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء وقد ذكره صاحب روضات الجنات في آخر ترجمة بحر العلوم وعبر عنه بالشيخ محمد رضا « النجفي » ويحتمل أن أصل الكلمة « النحوي » وصحفت بالنجفي وأشار إلى مرثيته السيد ولم يذكر منها سوى مادة التاريخ وهو شطر واحد « قد غاب مهديها جداً وهاديها ـ 1212 ونقل ذلك عن السيد صدر الدين العاملي.
    وكان ابوه يمرنه على النظم ـ كما مرن البازي كف الملاعب ـ ويقحمه في تلك المضامير الرهيبة منذ عهد الصغر وفي السفر والحضر ويشجعه على مجاراته والاشتراك معه في مرتجلاته واليك هذه القطعة التي شارك في نظمها اباه وهو يافع حين قدما من الحلة الى النجف لزيارة المشهد العلوي ولاحت لهما القبة الذهبية من بعيد وذالك من بعد تذهيبها ببضعة اعوام فقال الوالد لولده : ( انظر اليها تلوح كالقبس ) فقال الولد : أو برق غيث همى بمنبجس ثم شرع كل منهما باجازة بيت بيت وقد علمنا ما هو للشيخ احمد بقوسين وما هو غفل منها ـ فهو لولده الرضا :
( أنظر إلـيها تلوح كالقبس ) ( أو غرة السيـد الإمام أبي يا حبـذا بقعـة مبـاركـة ( شاهدت فيها بدر التمام بدا يهـدي البرايا ونور حكمته ( إن فاه نطقي بغير مدحته مـن قام للضـد فيه مأتمه أو بـرق غيث همـى بمنبجس الأطهار من قد خلا من الدنس ) فاقـت بتقديسهـا على قـدس فقلـت نور الإلـه فاقـتبس ) يجلـو سنـاه غيـاهب الغلس أبـدلني الله عنـه بالخـرس ) وأصبح الطير منه في عرس


(144)
( سل عنه بدراً فكم بحملتـه هذا عن السرج خـر منجدلا ( وأصبح البر وهو بحـر دم يفتـرس الأسـد وهي شيمته ( جدد رسم الهدى وقد طمست يكفيك فخراً ما جاء في خبر ( اليك وجهت همتي فـعسى من طـائح رائح ومرتكـس ) وذا قضى نحبه على الفـرس فما جرى سـابح على يـبس ) كم فارس وهو غير مـفترس أعـلامه فهو غيـر منطمس ) الطائر صدق الحديث عن أنس أبـدل حظـاً بـحظي التعس )
    واجتاز اعلى غلام عامل يصنع سفينة فاشتركا في نظم هذه القطعة والصدور منها إلى الوالد والإعجاز لولده المترجم :
ورب ظـبـي مـروع ذلت له الخشـب طوعا فقلـت يا ريـم مـاذا فـقـال أبـغي سفينـا فـقلت دونـك فاصنع شـراعها من فـؤادي يروع في الهجر روعي كـذلـتي وخـشوعي تبـغي بـهذا الصنيـع لـرحـلتي ورجـوعي سـفينة من ضلـوعي وبحـرها من دموعـي
    وبعد وفاة والده انقطع إلى ملازمة السيد صادق الفحام فكان له أبا ثانياً ـ ومربياً حانياً وله معه مساجلات مثبتة في ديوانيهما ورأيت السيد في ديوانه المخطوط يعبر عنه غالباً بـ « الولد الأكرم » وطوراً ينعته بـ « الأديب العارف الكامل » وقد حفظ النحوي لسيده الصادق تلك


(145)
اليد وما زال يتذكرها فيشكرها له في حياته وبعد وفاته وإليك قسماً كبيراً من قصيدته التي رثاه فيها وهي تنيف على ( 70 ) بيتاً لتشاهد اللوعة والحزن العميق في رثائه ( الصادق ) :
خـليلي عـوجا بالديـار وسلمـا ألمـا معي نقضي حقوقـاً تقدمت فـحلا عزالي الدمع فيهـا وأرخيا خـليلي ثوبا عن دمـوعي بسقيها سلاهـا دنو الدار ممن نأت بهـم لعـل الليالي أن تعـود كما بـدت سـلاها سقاها الله مـا بال أفقهـا وغاضت بحار العلم فيها وقد طمت هـوى قمر الأقمـار من آل هاشم أصم به الناعـي ذوي السمع لانعى فيـا نائياً لـم ينأ عنا وإن رمـت بـرحت وما بارحت خطرة خاطر شطرت عليك العمر شطرين عبرة سأستغرق الأحوال فيك ولم أقـل ويا والـداً ربيـت دهـراً ببـره لساني عصاني في رثائك محجما وكـان إذا جـالت قـداح مياسر وحـوما معي طيرا على ذلك الحمى فمـا نصف أن تسلمـاني وتسلمـا وإن كان ما بي من جوى ليس فيكما فعيني إذا استقطرتهـا قطرت دمـا « عسى وطن يدنـو بهم ولعلمـا » « وأن تعتب الأيام فيهم وربما » (1) وقد أزهر الأكـوان أصبح مظلمـا عبابا وقد سامت بأمواجهـا السمـا فأظلـم ذاك الـحي فيهـم وأعتمـا وأخـرس فيـه النـاطقين وأبكمـا بـه مزعجـات البين أبعد مـرتمى وبنت و مـا باينت مـن ذكره فمـا تجيـش بجاريهـا ووجداً تضرمـا « إلى الحـول ثم اسم السلام عليكما » ومن بعدمـا ربى وأحسـن أيتمـا وعهدي بـه إن أحجم القرن مقدمـا عـلى خطباء الـقوم فيك المتممـا

1 ـ هذا العجز وما قبله مطلع قصيدة لأبي تمام الطائي

(146)
فـأنت الذي فـللت حـد غـراره ولولا الذي بي منك شعشعت أفقها وهـا أنا ذا قـدمت ما ليس ينبغي لئن كـان عن فكـر عليل معبـراً سقى عهدك المعهود بالصدق والوفا ولا بـرحت تعتـاد مثواك بالثنـا ولا زايلت تلك الريـاض مودعـا فيـالك رزء جـب مـن آل غالب لـوى من لوي حيث كانت لواءهـا وكان جرازاً يأكـل الغمـد مخذمـا شموسـاً وصيـرت القـوافي أنجما لمثــلك عـذر إليــك تـقدمــا فـقد جـاء عن ود صحيح مترجمـا سماء (1) من الرضوان ما دامت السما مـلائكـة الـرحمـن فـذا وتوأمـا مـن الـودق نضاخ الحيـا ومسلمـا سـنـامـا لآفـاق البـلاد تـسـنمـا وهـد ذرى عليـا قـريش وهـدمـا
    ومنها يعزي السيد بحر العلوم ويمدحه :
فتى قرن الـباري سلامـة خلقـه هـو الخلف المهدي بورك هاديـاً تكفـل بـالأيتـام فـهو لهـم أب فـتى كلمـا أبدى الجميل أعـاده عـزاء وإن عـز العزاء وسلوة فما العمر ما عاش الفتى غير طائف ومـا هـذه الأيـام إلا بــوارق وما كان هذا الـعيش إلا صبابـة وعـزاك من عـزاك عنه مؤرخا وصحتهـم في أن يـصح ويسلمـا وبـورك مهديـا إذا النهج أبهمـا وحـامى عن الإسلام فهو له حمى وإن صنع المعروف زاد وتمـّمـا عليـه وإن خلت السلـو محرمـا أطـاف كـرجع الطرف ثم تصرما ألقن غروراً أو هي الـركب هوّمـا تـمر لمـاضـا أو خـيالاً مسلمـا على الصادق الود السما أمطرت دما

1 ـ السماء من أسماء المطر.

(147)
    وحسبك شاهداً على سمو منزلة المترجم ما كتب به إليه شيخ الفقهاء في الشيخ جعفر كاشف الغطاء ـ قدس سره ـ ضمن رسالة :
يكلفني صحبي القريض وإنما ألم يعلموا أن الكمـال بأسـره ألم تر مولانا الرضا نجل أحمد عـلى أنه للفضل قطب وللنهى غدا في الورى رباً لكل فضيلة تجنبت عنـه لا لـعجز بـدا مني غدا داخلاً في حوزتي صادراً عني إذا قال شعراً لم يحكم سـوى ذهني مـدار وفي الآداب فـاق ذوي الفن وحاز جميل الذكـر في صغر السن
    فأجابه النحوي على الروي والقافية :
ألا أيها المولى الذي سـار ذكـره ومن كلمـا اعتاصت وندت عويصة إذا نحـن أثنـيـنا علـيـك فإنمـا ونعنيك بالذكـر الجمـيل فيـنتـهي أتانـي نظـام منـك ضمـن ألوكة نظمت الـنجوم الزاهرات قـلائـداً ألذ على الأسماع من مطرب الغنـا فكـان سروري عـند كل مسـاءة وكان دليـلي حيث ضلت مسـالكي فخذهـا كمـا تهوى نسيجة وحدها عـلى انها لم تحـك دراً نظمتـه مسير الصبـا قـد عبقت سائر المدن وأعيـت علـى الأفهام كان لها مدني يعـود عليـنـا مـا عليـك به نثني إلينـا كـأنـا فيـه أنفسـنا نعـنـي يفوق نظام الدر في النظـم والحسـن وقلـدتنـيهـا منـك منـا بـلا مـن وأحلى على ذي الخوف من وارد الأمن أسـري به همي وأجلـو بـه حزني عـلي ومصبـاحي بكـل جدى دجن مقدرة في السـرد محكـمة الوضـن (1) وإن شاكلـته في الروي وفي الـوزن

1 ـ السرد : الذرع. والوضن : النسج ومنه قوله تعالى : على سرر موضونة.

(148)
    وفي المترجم يقول العلامة الأديب الشيخ محمد علي الأعسم من قصيدة :
وقف على الشيخ نجل الشيخ ثم وقل ويـا ذبالتـه مـن نـوره اتـقدت مـلكتـم النظـم والنثر البديـع وكم وكـم لكـم آيـة غـراء بـان بها يا نبعة نبعت من ( أحمد ) الزاكي ونفحة نفحت من عرفـه الذاكي سمـا لدعـواه قـوم غير ملاك نهـج الـهدى لم تدع شكا لشكاك
    والأبيات من قصيدة نظمها الأعسم في محاورة أدبية جرت في مجلس الميرزا أحمد النواب في كربلاء حول قصيدة السيد نصر الله الحائري اشترك فيها النحوي وجماعة من معاصريه وحكموا فيها السيد بحر العلوم وهي غير « معركة الخميس » وقد أثبتها سيدنا الأمين في الـ ج 11 من الأعيان ، وهنأه صديقه ومعاصره السيد أبراهيم العطار والد السيد حيدر ـ جد الأسرة الحيدرية في بغداد والكاظمية ـ بقصيدة عند قدومه من زيارة خراسان ـ منها ـ :
قد جد في مسيرة حتى هوت وزار فيها قبر قدس قد ثوى نـال مـن الله الرضا زائره ( كميت ) هذا العصر ( بحترية ) فلـو أتـى سحبان في زمانه أنـى يبـارى وأبوه « أحمد » الطاهر الأخلاق والذات الذي أعاد ميت الفضل حياً بعدها شوقـا إلـى طوس به مطيه فيه ابن موسى المجتبى « عليه » لا سيما الشيخ « الرضا » سميه ( طائيـه ) ( كنـديه ) ( رضيه ) لبـان مـا بيـن الأنـام عيه الفضل إمـام الشعـر بل نبيه مـن بـاهـر الفضل له جليه طبـق أقطـار الفـلا نعيـه


(149)
    وإليك من شعر النحوي في الغزل والنسيب قوله :
ذكـرت لياليـاً سلفـت بجمع وأذكـر من نسيـم رياض نجد وأومض بارق في الجزع وهناً وغـرد طـائـر يملـي حديثاً بجمـع لـو تعطفـتـم قلوب فمنـوا واصليـن عقيـب هجر فبت لذكـرها شرقاً بدمعي معاهـد جيـرة نزلوا بسلع يترجم عن قلوب ذات صدع فعذب خاطري وأراح سمعي تبدد شملهـا من بعد « جمع » وجودوا منعميـن عقيب منع
    وقال :
آه من محنتي ومن طول كربي كلما استـوقـد الغـرام بلـبي وعنائي إذا تـذكـرت صحبي صحت في لوعتي وحرقة قلبي
الحريق الحريق حقاً وربي
ذبـت حتى رثى لـي العـذال حاولـوا بـرأه وذاك محـال مـذ رأوني أضر بي الاشتعال فاتـوا بالميـاه نحوي وقالـوا
اين هذا الحريق قلت بقلبي

    وله :
صحا من خمار الشوق من ليس وجده وعـاد غـرامـي فيكـم مثلـما بدا أطعـت غـرامـاً فـي هواكم ولوعة كوجدي وقلبي من جوى البين ما صحا وأمسى هيامـي مثـلـما كـان أصبحا وخالفـت عـذالاً عليـكـم ونـصحـا


(150)
ألا فليلم في الحب من لام و الهـوى وكم قد سترت الحب والدمع فاضحي وكنيت عنكـم إن خطرتم بغيركـم وصرت بنـوحي للحمـام مجاوبـا فتدعو هديـلا حين أهتف باسمكـم وما وجدت وجدي فتغتبـق الجوى ولو صدقت بالنوح ما خضبت يداً ولي دونها إلـف متى عن ذكـره إذا ما تجاهشنا البكـا خيفـة النوى فيا غائبـا ما غـاب عني ونـاز تقربك الذكرى على القرب والنوى فأنت معي سـراً وإن لم تكن معي أبيـّاً عـلى اللـوام وليلـح مـن لحـا ومـا جـرت العينـان إلا لتفـضحـا وغـالبني الشـوق المـلـح مصرحـا إذا هتفـت ورقـاء في رونـق الضحى كلانـا بـه الـوجـد المبـرحّ برحـا وتصطبح الأشجـان ممسى ومصبحـا ولا اتخذت في الروض مسرى ومسرحا نحـاني لذكـراه مـن الوجـد مانحـا وجدنـا بـدمع كـنت أسخى وأسمحـا عـلى بعـده مـا كـان عني لينزحـا وبـرح جوى مـا كـان عني ليبرحـا جهـاراً فمـا أدنـاك مـني وانزحـا
    وكتب إلى صديق له :
سلام عليكـم والمفـاوز بيننـا فإن لم يجّنئي بالسلام كتابكـم أأحبابنا والمرء يا ربما ارعوى وبالرغـم مني من بعيـد مُسلّم فـإني راضٍ بالسـلام عليكـم وأغمض والأحوال عنه تترجم
ادب الطف الجزء السادس ::: فهرس