(166)
ورد دارهـا المخضلة الربع بالندى
وطف حيث ما غير الملائك طائف
وسـل مـا تشامن سيب نائلهم فما
هـم الـقوم آثـار المعارف منهـم
هـم علـة الإيـجاد بـدءاً ومنتهى
تباعـدت عـنكـم لا ملالا ولا قلى
وجئتكم والـدهـر عـضت نيوبـه
فـكن لـي يا اسكندر العصر معقلا
إلـى كـم نـعادي من وددناه رقبة
( ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى )
وانكـد من ذا أن يـبيت مـصادقا
وفـي النفس حاجات وعدتم بنجحها
فـدونكـما فضفاضـة البرد ما سما
على أنهـا لم تـقض حقاً وعـذرها
| |
ترد جـنة للوفد طاب بها الخلد
لديها وجبريـل بـأفنائـها عبد
لسـائـلهـم إلا بنيـل المنا رد
على جبهات الدهر ما برحت تبدو
وما قبلـهم قـبل وما بعدهم بعد
ولكن بـرغمي عـنكم ذلك البعد
علي وعهدي وهي عني بكم درد
وكهفا يكن بيني وبين الردى سد
وخوفا ونصفي الود من لا له ود
صديقا يعاديـه لخوف عدى تعدو
( عدواً له مـا مـن صداقته بـد ) (1)
وقد آن يا مـولاي أن ينجز الوعد
بنعتك ( بشـار ) إلـيهـا ولا ( برد )
بأن المـزايـا الغـر ليس لها حد (2)
|
1 ـ البيت من أمثال المتنبي.
2 ـ عن الجزء الخامس من شعراء الحله أو البابليات للخاقاني ص 29 كما رواها السيد الأمين في الأعيان ، أما الشيخ اليعقوبي في ( البابليات ) فقد نسبها للشيخ أحمد النحوي.
(167)
وقال مخمساً قصيدة السيد نصر الله الحائري التي قالها في بناء قبة أميرالمؤمنين عليه السلام :
إلى كـم تـصول الرزايا جهارا
فيا من على الدهر يبغى انتصارا
| |
و توسعنـا في الزمان انكسارا
إذا ضـامك الدهر يوما وجارا
|
فلذ بحمى امنع الخلق جارا
تمسك بحب الصـراط السوي
إمـام الهدى ذو البهاء البهـي
| |
أخي الفضل رب الفخار الجـلي
علـي الـعلي و صنـو النبـي
|
وغيث الولي وغوث الحيارى
جمال الجمال جلال الجلال
بـعيد الـمنال عديم المثال
| |
جميـل الخصـال حميـد الخلال
هزبـر الـنزال و بحـر النـوال
|
وشمس الكمال التي لا توارى
فـياقبـة زانهـا مشهـد
سنا نورها في الورى يوقد
| |
لـمن فضلـه الدهـر لا يجحـد
هـي الشمـس لكنهـا مـرقــد
|
لظل المهيمين عـز اقتـدارا
هي الشمس من غير حر يذيب
لـقد طالـعتنا بأمـر عجيب
| |
ولا ضير للمنتأي والقريب
هي الشمس لكنهـا لا تغيب
|
ولا يحسد الليل فيهـا النهارا
هي الشمس جلت ظلام العنا
فـلا الليـل يستـرها إن دنا
| |
وبشرنا سعـدهـا بـالـمنى
ولا الكسف يحجب منها السنا
|
ولم تتخذ برج نحس مدارا
(168)
هـي الشمس تبهر في حسنها
وتمحو دجى الخوف من أمنها
| |
وتهدي لـذي اليمـن في يمنها
هي الشمس والشهب في ضمنها
|
قناديلها ليس تخشـى استتارا
بدت وهي تزهو بتبرية
شقيقة حسـن شقيقـة
| |
منمـقـة أرجـوانية
عروس تحلت بوردية
|
ولم ترض غير الدراري نثاراً
هوت نحوها الشهب غب ارتفاع
ولم ترعن ذا الجنـاب انـدفاع
| |
لتعلو بتقبيل تلـك البقـاع
فها هي في قربها والشعاع
|
جلاها لعينـيك در صفـارا
عروس سبت حسن بلقيسها
زهت فزها حسن ملبوسها
| |
وعم الورى ضوء مرموسها
بدت تحـت أحمـر فانوسها
|
لنا شمعـة نـورها لا يوارى
هي الشمع ضاء بأبهى نمط
كفانا سنا النور منهـا نقط
| |
وقد قميـص الديـاجي وقط
هي الشمع ما احتاج للقط قط
|
ولا النفخ اطفأه مـذ أنـارا
جلا للمحـب جلا كربه
ترفرف شوقا إلى قربه
| |
وأهدى الضياء إلى قلبه
ملائكـة الله حفـت به
|
فراشاً ولم تبغ عنه مطارا
فيا قبة شاد منهـا المحـل
ولا عجب حيث فيها استقل
| |
بعـزفـق للأعـادي أذل
هي الترس ذهب ثم استظل
|
به فارس ليس يخشى النفارا
(169)
غمامة تبر جلت غمة
ومرجانة بهرت قيمة
| |
اطلت وكم قد هدت امة
وياقوته خلطت خيمـة
|
على ملك فساق كسرى ودارا
عقيق يفوق الحلى في حلاه
الى حيـدر ليس تبغي سواه
| |
غداة تسامى بأعلى علاه
ولم يتخذ غير عرش الآله
|
له معدنـاً وكفـاه فخـاراً
فكم قد عرتنا بها زهوة
فقلت ولي نحوها صبوة
| |
لدى سكرة مالها صحوة
حميـا الجنان لها نشوة
|
تسر النفوس وتنفـي الخمـارا
فيالـك صهباء في ذا الوجود
ترى عندها الناس يقظى رقود
| |
تجلت أشعتها في السعود
إذا رشفتها عيون الوفود
|
تراهم سكارى وما هـم سكارى
هي الطود طالت بأعلى العلا
غـدت لعلـي العلـى موئلاً
| |
ولم ترض غير السهى منزلا
عجبت لها إذ حـوت يـذبلا
|
وبحراً بيوم الندى لا يبـارى
فيا أيهـا التبر لما استتم
فما زلت أطلب برهان لم
| |
فخارا وركن العلى فاستلم
وكنت أفكر فـي التبر لم
|
غلا قيمـة وتسامى فخـارا
وكيف غدا وهو مستطرف
مطل على هامهم مشرف
| |
وبين السلاطين مستظرف
إلى أن بدا خوفها يخطف
|
النواظر مهمـا بـدا واستنارا
فثم تسامى إلى نسبة
| |
تسامى ونال علا رتبة
|
(170)
ولم يخش في الدهر من سبة
| |
وما يبلغ الدهر من قبة
|
بها علم الملك زاد افتخارا
فيـا قبـة نلت عـزاً وجاه
ومع حسنها فهي عين الحياه
| |
وعين النضار بك اليوم تاه
ومذ كان صاحبـهـا للأله
|
يدان يدا نعمـة واقتـدارا
يرى الركب ان ضل حاديهم
لهـا آيـة الفتـح تهـديهـم
| |
يداً في علاها تناديهم
يد الله من فوق أيديهم
|
بدت فوق سر طوقها لا تبارى
يد ربح البذل في سوقها
تسامت إلى أوج عيوقها
| |
ترى البذل أحسن معشوقها
وقد رفعت فوق سرطوقها
|
تشير إلى وافـديهـا جهارا
(171)
وافى المشيب مهجهجاً ومخبـراً
فلئن صبـوت لاصبـون تكلفاً
وخدور مثلك يـا أميـم هجرتها
قد غرني دهري فنلت جرائمـاً
أبكي وما في العمر ما يسع البكا
هذا الحسين ابن النبـي وسبطه
هـذي بنـات محمد ووصيـه
أبكـي علـى الأيتام عز كفيلها
لهفـي لزين العـابدين مصفداً
لو أن فاطمة تشاهد مـا جرى
فلتلبس الدنيـا ثيـاب حدادهـا
| |
انـي بلغـت مـن الطريق الأكثرا
ولئـن جذلـت لأجذلـن مكـدراً
وصحوت من سكر الهوى متبصرا
والدهر مـن عـاداته أن يـغدرا
فالحزن أن أبكـي الحسيـن لتغفرا
أمسى طريحاً في الطفـوف معفرا
أمست سبـايا ضائعـات حسـرا
مرعـوبة يـا للورى ممـا ترى
يرنـو النسـاء ولا يطيق المنظرا
أجرت من الآمـاق دمعـاً أحمرا
فالنـور نور الله غيب فـي الثرى
|
(172)
السيد محمد جواد العاملي النجفي المتوفى 1226.
هو السيد محمد جواد ابن السيد محمد بن محمد العاملي الشقرائي النجفي من كبار علماء الأمامية وفطاحل فقهائهم في هذا القرن.
ولد في شقراء من قرى جبل عامل في حدود 1160 ونشأ هنالك فقرأ بعض مقدمات العلوم ثم هاجر إلى العراق ولما ورد كربلاء على عهد الوحيد البهبهاني حضر على السيد الطباطبائي صاحب ( الرياض ) ثم حضر على الأستاذ الوحيد البهبهاني لازم بحثهما مدة حتى حصل قسطاً وافراً من العلم وعرف بالفضل وأجيز من البهبهاني فجاء إلى النجف وحضر على السيد مهدي بحر العلوم والشيخ الأكبر كاشف الغطاء والشيخ حسين نجف بقى ملازماً لأبحاثهم زمناً طويلاً ، وكتب له المحقق القمي صاحب « القوانين » إجازة من قم بتاريخ ( 1206 ) والمعروف عنه إنه كان كثير الإنكباب على الاشتغال ، ولا يقدم على ذلك عملاً من الأعمال ولم تشغله حتى الحوادث. فقد صرح في آخر بعض مؤلفاته أنه فرغ والوهابي محاصر للنجف وأهلها مشغولون مع سائر العلماء بالدفاع وكانت له يد معهم في مباشرة الأمور وتهيئة اللوازم حتى انه كتب رسالة في ذلك. أخذ اسم المترجم يشتهر يوماً فيوماً حتى أصبح من مراجع عصره واستقل بالتدريس فتخرج عليه جم غفير من الأعلام الأجلاء كالشيخ جواد ملا كتاب والشيخ محمد حسن صاحب « الجواهر » والشيخ محسن الأعسم والشيخ الأغا محمد علي الهزار جريبي والسيد صدر الدين العاملي والشيخ مهدي ملا كتاب والسيد علي الأمين من بني عمه وولده السيد محمد وسبطه الشيخ رضا بن زين العابدين الأسدي الحلي والميرزا عبدالوهاب المجاز منه باجازة تاريخها ( 1225 ) وغيرهم ممن لا يحصى ، قضى عمره الشريف بالتصنيف والتأليف والدرس والبحث وخدمة الدين إلى أن توفي
(173)
في ( 1226 ) في النجف ودفن في الحجرة الثالثة من حجر الصحن الشريف من الجهة القبلية بين بابي الفرج والقبلة وترك آثاراً جليلة تدل على تحقيقه وتدقيقه وتبحره في الفقه والأصول وتتبعاته لأقوال الفقهاء من المتقدمين والمتأخرين وما امتاز به من ضبط واتقان مع جودة الخط وأهم آثاره وأشهرها ( مفتاح الكرامة ) في شرح ( قواعد العلامة ) من خيرة أسفار المتأخرين جمع أكثر أبواب الفقه بأسلوب جيد وهو في اثنين وثلاثين مجلداً ألفه بأمر أستاذه كاشف الغطاء أيام اشتغاله عليه كما صرح به في أوله قال : امتثلت فيه أمر أستاذي الإمام العلامة الحبر الأعظم الشيخ جعفر جعلني الله فداه إلخ طبع أكثر هذا الكتاب في ثمان مجلدات ضخام ، سبع منها في مصر وطبع الثامن في دمشق بسعي العلامة السيد محسن بن عبدالكريم الأمين العاملي من أقارب المترجم في « 1333 » وترجمة مفصلاً في آخر مجلد المتاجر وسرد نسبه إلى عيسى بن يحيى المحدث بن الحسين ذي الدمعة ابن زيد الشهيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وله أيضاً شرح كتاب الطهارة من « الوافي » ألفه من تقريرات درس أستاذه الطباطبائي ، وألف من تقريره أيضاً حاشيته على كتاب التجارة من ( القواعد ) وجاشية كتاب الطهارة من المدراك وهي تقرير درس الشيخ حسين نجف وحاشية الدين والرهن من القواعد من تقرير أستاذه كاشف الغطاء وله حاشية أول ( تهذيب الأصول ) رأيت هذه الخمسة الأخيرة في مجموعة عند حفيده السيد عبدالحسين بن محمد ابن الحسن بن محمد ابن المؤلف وله رسالة في حكم العصيرين العنبي والتمري ألفهما بأمر أستاذه كاشف الغطاء وقرضها أستاذه الشيخ حسين نجف و ( الرحمة الواسعة ) في المضايقة والمواسعة ألفه بأمر أستاذه صاحب ( الرياض ) وحاشية على الروضة على كتاب المضاربة والوديعة والعارية والمزارعة والمساقاة والوصايا والنكاح والطلاق وهي على بعض ما مر غير تامة ورسالة في جواز العدول عن العمرة إلى الأفراد عند الضيق وشرح ( الوافية ) في الأصول مجلدان ورسالة في الشك في الشرطية والجزئية وأخرى في مناظرة شيخه كاشف الغطاء مع المحقق السيد محسن الأعرجي ومكاتباتهما في المسائل العلمية وتعليقه على مقدمة
(174)
الواجب من ( المعالم ) ورسالة في التجويد وأخرى في رد الإخباريين وثالثة في وجوب الذب عن النجف لأنها بيضة الإسلام وأخرى في حكم المقيم الخارج عن الترخص و ( أهل البراءة ) رأيته في ( مكتبة الشيخ هادي آل كاشف الغطاء ) كما فصلته في ( الذريعة ) ج 2 ص 113 إلى غير ذلك وكان شاعراً له مدائح لأساتذته وأراجيز ثلاث في الخمس والزكاة والرضاع ذكرناها في الجزء الأول من ( الذريعة ) وذكر مشايخه في الرواية في إجازته للأغا محمد علي الهزار جريبي ورأيت إجازته للشيخ حسن بن محمد علي العبودي بخطه أشركه فيها مع ولده الشيخ محمد طاهر بن الحسن وتاريخها ( 1225 ) وخلفه من ولده العلامة السيد محمد المذكور فقد خلف ( 1 ) السيد عباس الذي لم يعقب و ( 2 ) السيد حسين و ( 3 ) السيد حسن والد السيد جواد المعاصر الذي حدثني بذلك.
شعره في الرثاء :
تساور رزء فـادح الخطب فـاقم
سلوا يـوم حفت بالحسين خيامهم
فتى الحرب يغنيه عن الجيش بأسه
يخـرون لا لله إن كــر سـجداً
لـك الله تستبقـي وتردي جحافلاً
لك الله مكثـوراً أضر به الظمـا
فللسمر فـي الجنبين منه مشارع
وفي الجسم منـه للنصول مدارع
فخر علـى عفر الثرى عن جواده
وقد طبق الافـلاك رزءاً مصابه
وجـل جلال الله مـا ينبغي لـه
فمـن مبـلغ الزهـراء أن بناتها
أفاطم قومي يا بنة الطهر واندبي
| |
فخرت من الديـن القويم القوائم
ولـيس لهـا إلا الرماح دعـائم
ويكفيه عن نصر النصير العزائم
ولكـن لمـاضيه تخـر الجماجم
كأنك في الأعمار قـاض وحاكم
ولا ورد إلا المرهفات الصوارم
وللنبل فـي الجنبين منه مطاعم
وفي الهـام منه للمواضي عمائم
وقـامت عليـه في السماء مآتم
فما أحد منهم ـ خلا الله ـ سالم
ولكن قلبـاً قد حـوى الله واجم
أسارى حيارى ما لها اليوم راحم
يتامـاك أو قتلاك فالخطب فاقم
|
(175)
ولسيدنا قصائد في الكتب المتضمنة لمرائي أهل البيت ، منها في الحسين قصيدته التي أولها :
زموا الركائب للرحيل وأزمعوا
| |
فذرى الدموع مودع ومودع
|
وأخرى أولها :
عواد على الإسلام صال بها الكفر
| |
فحتى م حتى م التجلد والصبر
|
وثالثة كان مطلعها :
صال الزمان بماضي الغرب مطرور
| |
فأوسع المجد جرحاً غير مسبور
|
(176)
المتوفي سنة 1227
دمـوع بـدا فوق الخدود خدودها
أتـملك سادات الأنـام عـبيدهـا
وتبـتز أولاد النبي حـقـوقـهـا
ويمسي حسين شاحـط الدار دامياً
وأسرته صرعى على الترب حوله
قضوا عـطشاً يا للرجال ودونهم
غدوا نحوهم من كل فـج يقودهم
يعز عـلى المختار أحمد أن يرى
تـموت ظـماً شبانها وكهـولها
تمـزق ضرباً بالسيوف جسومها
وتترك في الحر الشديد على الثرى
وتهـدى إلى نحو الشئام رؤوسها
أتضربهـا شـلت يـمينك إنـها
ويسرى بـزين العابدين مكـبلا
بنفسي أغصاناً ذوت بـعد بهجة
وفتيان صـدق لا يضام نـزيلها
حـدا بهـم الحادي فتلك ديارهم
| |
ونار غـدا بين الضلوع وقودها
وتخضع في أسر الكلاب أسودها
جهاراً وتـدمي بعد ذاك خدودها
يعـفره في كـربـلاء صعيدها
يطوف بهـا نسر الفلاة وسيدها
شرائع لـكن ما أبيـح ورودها
على حنـق جـبارهـا وعنيدها
عـداها عن الورد المباح تذودها
ويفـحص من حر الاوام وليدها
وتسلب عـنها بعـد ذاك برودها
ثلاث لـيال لا تشـق لـحودهـا
ويـنكتها بـالخيزران يـزيدهـا
وجـوه لـوجه الله طال سجودها
تجاذبـه السيـر الـعنيف قيودها
واقمـار تـم قـد تولت سعودها
وأسيـاف هـند لا تفل حـدودها
طوامـس ما بين الـديار عهودها
|
(177)
كأن لـم يكـن فـيها أنيس ولـم تكن
أبا حسن يا خـير مـن وطئ الـثرى
أتصبح يـا مـولى الورى عن مناصب
وايـن بنـو سفيان مـن مـلك أحـمد
أتـملك أمـر الـمسلمين وقــد بـدا
ألا يـا أبـن هـند لا سقى الله تربـة
أتسلـب أثـواب الـخـلافـة هاشمـاً
وتقضـي بـهـا ويـل لأمـلك قسوة
فواعـجبـاً حتى يــزيـد يـنالـها
وواحــزنـاً مـمـا جـرى لمحمد
يسـودهـا الـرحـمن جـل جـلاله
فمـا عـرفـت تـالله يـوماً حقوقها
ومـا قـتل السبـط الشهيد ابن فاطم
يميناً بـرب الـنهي والأمـر ما أتت
وما أن أرى يطفي الجوى غير دولة
تعيــد علينـا شرعة الحـق غضة
أمـا والذي لا يعـلم الغيـب غيـره
وتقـدم مـن أرض الحجاز جنودها
فـعجـل رعـاك الله ان قلـوبنـا
وتـلك حـدود الله فـي كـل وجهة
عليـك سـلام الله مـا انسكب الحيا
| |
تـروح لها من كل أوب وفودها
وسارت به قب المهاوي وقودها
الخـلافة مدفوعاً وأنت عميدها
وقد تعست في الغابرين جدودها
بكـل زمان كفـرها وجحودها
ثويت بمثواها ولا أخضر عودها
وتطردها عـنها وأنت طريدها
إلى فاجـر قامت عليه شهودها
وهل دابه إلا الـمدام وعـودها
وعـترته من كل أمـر يكيدها
وتأبى شرار الخلق ثم تسودهـا
ولا رعيت في الناس يوماً عهودها
لعمـرك إلا يـوم ردت شهودها
بمـا قد أتـوه عادهـا وثمودها
تدين لها في الشرق والغرب صيدها
وتزهـر بها الدنيا وتعلو سعودها
لئـن ذهبـت يوماً فسوف يعيدها
وتخـفق في أرض العراق بنودها
يزيـد علـى مـر الليالي وقودها
معطـلة مـا أن تقـام حدودهـا
وأبقلت الأرضون واخضر عودها
|
(178)
السيد محسن الاعرجي
السيد محسن بن الحسن بن مرتضى الأعرجي الكاظمي المعروف بالمحقق الكاظمي والمحقق البغدادي صاحب المحصول والوسائل ، توفي سنة 1227 وقد ناف على التسعين وقيل في تاريخ وفاته : بموتك محسن مات الصلاح. ودفن في الكاظمية وقبره مزور وعليه قبة.
عالم فقيه محقق مدقق مؤلفاته مشهورة زاهد عابد تقي ورع جليل القدر وهو صاحب كتاب ( المحصول في الأصول ) و ( الوافي في شرح وافية ملا عبدالله التوني ) و ( شرح مقدمات الحدائق ) وترجم له صاحب ( معارف الرجال ) فقال :
السيد
محسن بن السيد حسن بن مرتضى بن شرف الدين بن نصر الله بن زرزور ابن ناصر بن منصور بن أبي الفضل النقيب عماد الدين موسى بن علي بن أبي الحسن محمد بن عماد بن الفضل بن محمد بن أحمد البن بن محمد الأشتر (1) الحسيني الأعرجي الكاظمي. ولد ببغداد سنة 1130 هـ وكان من العلماء المحققين والفقهاء المقدسين الزاهدين العابدين. أخفى علمه الجم وجود أقطاب العلماء الأعلام ومراجع التقليد العظام ، وكان أديباً شاعراً له نظم كثير مثبت في المجاميع المخطوطة ومن شعراء العلماء الثمانية عشر الذين قرضوا القصيدة الكرارية لابن فلاح الكاظمي في مدح أميرالمؤمنين ، حج بيت الله الحرام سنة 1199 هـ وكان سفره مع العلماء الذين ساروا بركب الشيخ الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء ومن العلماء السيد
1 ـ ابن عبيدالله بن علي الصالح بن عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر ابن الامام زين العابدين علي ابن الحسين.
(179)
محمد جواد صاحب مفتاح الكرامة والشيخ محمد علي الأعسم ونظرائهم.
أساتيذه :
تتلمذ على الأغا محمد باقر البهبهاني المتوفى سنة 1205 هـ وعلى السيد محمد مهدي بحر العلوم الطباطبائي والشيخ جعفر كاشف الغطاء النجفي واجازه. وتتلمذ عليه جمهرة من العلماء منهم الشيخ عبدالحسين الأعسم المتوفى سنة 1246 هـ والشيخ إبراهيم الكلباسي المتوفى سنة 1261 هـ.
مؤلفاته :
ألف كتاب الرسائل في الفقه في عدة مجلدات وهو كتاب متين وكانت أساتذتنا تقول : هو أحسن ما كتب وكتاب المحصول وكتاب الوافي وشرح مقدمات الحدائق والعدة في الرجال لم يتم ، خرج منه الفوائد الرجالية.
توفي في الكاظمية ودفن بها في داره سنة 1227 هـ.
وفي الذريعة ـ قسم الديوان : ديوان السيد محسن بن الحسن الشهير بالمقدس الأعرجي الكاظمي صاحب المحصول والعدة في الرجال وغيرهما من التصانيف ترجمة سيدنا الحسن الصدر في ( ذكرة المحسنين ) وقال : إن في ديوانه أشعار رائقة في المراثي وغيرها ، كما كتب السيد الخوانساري عنه في ( روضات الجنات ) وكتب عنه البحاثة العلامة الشيخ محمد حسن آل ياسين سلمه الله في مجلة البلاغ الكاظمية عدد 7 من السنة الرابعة وذكر له 20 مؤلفاً.
وجاء في بعض المجاميع المخطوطة قصيدته الميمية مقرضاً بها الكرارية مطلعها :
فضـل تكـل بحصـره الأقلام
ومنـاقب شهـد العـدو بفضلها
قد حزت آيـات السباق بأسرها
وشأوت أرباب القريض جميعهم
| |
وتهيـم فـي بيدائه الأوهام
فضل الامام فما عليك ملام
طفلا وما أعيى عليك مرام
فغدوا وليس لهم سواك إمام
|
(180)
وسـلكت فجـاً ليس يسلك مثله
يهدي العقول عقول أرباب النهى
وقصـائد لله كـم نـفدت لهـا
لا سيمـا المثل الذي سارت به
مدح الامام المرتضى علم الهدى
نفثـات سحـر مـا بهـا آثام
هذا هو السحر الحـلال وغيره
ومـدامة حليت ببـابل فانتشت
كـم ليلة بتنـا سكـارى ولهـا
ما الروضة الغناء باكرها الحيا
ما الغـادة الحسناء حار بخدها
خطرت تميس بعطفها فغدا لها
| |
ولطـالما زلـت بـه الأقدام
نثـر نثـرت عليهـم ونظام
بقـلوب أربـاب النفاق سهام
الركبـان وازدانت به الأيام
مولـى اليه النقض والابـرام
وعقـود در مـازهـا النظام
من نظم أرباب القريض حرام
مصـر لهـا وتهـامة والشام
طربـاً بهـا والحـادثات نيام
فتـعطرت مـن طيبهـا الآكام
مـاء الشباب وفي القلوب أوام
فـي كـل قلب حسرة وغرام
|
الخ ....
وقال في رثاء الحسين عليه السلام :
فـؤاد لا يـزال بـه اكـتـئـاب
علـى مـن أورث المختار حـزناً
ومـات لمـوته الاسـلام شجـواً
وأرجـفت البـلاد ومـن عليهـا
يقبـل نـحـره المـختار شوقـاً
فـيـا للـه مـن رزء جـليــل
ديـار لـم تـزل مـأوى اليتامـى
وكيـف تعطـلت رتـب المـعالي
كـأن لـم تلـف أمناً مـن مخوف
فـيـا غــوث الانـام وصـبـح داجي
| |
ودمـع لا يـزال لــه انصبـاب
تــذوب لـوقعـة الصم الصلاب
وذلـت يـوم مصـرعه الرقـاب
وأوشـك أن يحـل بهـا العـذاب
وتـدمـيـه الأسنــة والحـراب
وهــت منـه الشوامخ والهضاب
سـوام كيـف صـاح بها الغراب
بهـن وقـوضـت تلـك القبـاب
ولـم تحـلل بسـاحتهـا الركـاب
الظلام ومن به عرف الصواب
|
|