ادب الطف الجزء السادس ::: 256 ـ 270
(256)
الملا حسين جاويش
    الحسين بن ابراهيم بن داود. من أسرة تعرف قديماً بآل « جاوش » وقد وجدت شهادات موقعة بخطوط جماعة منهم في وثيقة رسمية مصدقة من نائب الحلة « القاضي » سنة 1101 هـ « إحدى ومائة وألف » وهي تخص بعض أوقاف السادة الأقدمين من « آل كمال الدين » ومن الشهود فيها عثمان بن مصطفى جاوش ـ جد المترجم ـ ويوجد حتى اليوم شارع قديم في إحدى محلات الحلة الشمالية يدعى بـ « الجاووشية » بالقرب من مرقد أبي الفضائل بن طاوس نسبة إلى الأسرة المذكورة التي نبغ منها شاعرنا المترجم ويعرف في المجاميع القديمة بالملا حسين جاوش. مولده ونشأته ومسكنه ووفاته في الحلة ولم يتحقق لدينا تاريخ ولادته لنعرف مدة عمره سوى أن وفاته كانت سنة 1237 هـ ولم يكن ممن يجتدي بأشعاره أو يساوم ببنات أفكاره وإنما كان يمتهن بعض الحرف التي يعتاش منها وهو معدود في شعراء أواخر القرن الثاني عشر وأوائل الثالث عشر تبودلت بينه وبين أدباء عصره مراسلات ومساجلات ونظم كثيراً من القصائد في جملة من الحوادث التي وقعت بين أهل الحلة والعشائر والحكومة يومئذ كما جاء في تاريخ الحلة بهذا القرن وشعره جزل الألفاظ عذب الأسلوب مكثر فيه من رثاء آل الرسول « ص » رأيت له قصيدة في رثاء الحسين (ع) في كتاب ( المجالس والمراثي ) للفاضل الأديب الشيخ أحمد بن الحسن قفطان النجفي سنة 1285 ومن خطه نقلتها من الفصل الثالث من الكتاب المذكور :
    وله من قصيدة في الرثاء :
هاج أحزان مهجتي وشجاها خطب من جل في الآنام عزاها


(257)
هل يـولي أمـر الخلافة إلا سيد الأوصياء في كل عصر من رقى منكب النبي وصلى ذاك مولـى بسيفـه وهـداه من بنى أصلها وشاد علاها تاجها عقدها منـار هداهـا معه في السماء يـوم رقاها آية الشرل والضلال محاها
    وله في رثاء السيد سليمان الكبير المتقدم ذكره والمتوفى سنة 1211 هـ.
الا خليـانـي يا خليلـي مـن نجـد فما هاج وجدي ذكر حزوى وحـاجر ولا تعذلاني إن قضيت مـن الأسـى فما أنا من يصغي إلى الـعـذل سمعه سلا ظاهر الأنفاس عن بـاطن الأسى أفي كل يوم لـي حبيــب مفـارق لقد ذهب العيـش الـرغـيـد بذاهب وعطل أحكام ( الشـرايع ) فقـد مـن ومن سبل ( الارشاد ) ضاقت ( مسالك ) فلهفـي عليـه ثـم لهفـي لـو أنـه ولـو رد ميـت بـالبـكـاء لـرده أصاب الردى عمداً ( سليمان ) عصرنا على الحلة الفيحـاء مـن بعـده العفا وكان لهـا كفـاً تـكـف بـه الأذى يحامي عن الديـن القـويم بمـرهف وتذكار سعـدى في حمى بانة السعد ولا رامـة فيهـا مرامي ولا قصدي وخدد دمع العين فـي سكبه خـدي واني في شغل عن العذل بالـوجـد فإن الذي أخفيـه أضعاف ما أبدي (1) إلى القبر أضعان المنايـا بـه تخدي هوى في الثرى لما رقى ذروة المجد هو المقتدى في الحل منها وفي العقد الرشاد وكانت قبـل واضحة النجـد (2) يفيد الفتى طـول التلهـف أو يجـدي بكائـي وأنـى يسمـح البيـن بالرد أخا النسب الوضاح والحسـب العـد (3) فقد غاب عن آفـاقهـا قمـر السعد وقد جذه صرف الحمام مـن الـزند اللسان كما تحمى العـرينـة بـالأسد

1 ـ البيت مطلع قصيدة للشريف الرضي وأخذه المترجم بتصرف.
2 ـ النجد : الطريق المرتفع ومنه قوله تعالى ( وهديناه النجدين ).
3 ـ العد بالكسر : القديم.


(258)
فيا بدر تـم غالـه الخسف بعدما وشمساً تغشاهـا الكسوف وطالما بكيتك للود القديـم وكـم بكـى وقد حال مني كل شـيء عهدته فهذي جفوني من دموعي في حياً هدى في الدجى المسترشدين إلى الرشد جلت ظلمات الشـك في القرب والبعد عليك من الناس امـرؤ غيـر ذي ود فلم يبق محفوظاً عليـك سـوى عهدي وقلبـي مـن ـر الكآبـة فـي وقـد
    وهي طويلة. وفي آخرها يؤرخ عام وفاته بقوله :
وصدر جنان الخلد وافى مؤرخاً سليمان طب نفساً فمأواك بالخلد
    وفي قوله وصدر جنان الخلد إشارة إلى « الجيم » لأن عجز البيت وفيه مادة التاريخ ينقص ثلاثة وفي الجيم يتم العدد « 1211 » وكان سريع البداهة حاضر النكتة. نزل هو والشيخ صالح التميمي الشهير ضيفين على رجل من بني « لام » بين واسط والبصرة فلم يكرم مثواهما وزاحمهما من شدة جشعه على الزاد الذي قدمه إليهما في صحن صغير فنظما هذه القطعة المشتركة والصدور منها للتميمي والاعجاز لصاحب الترجمة.
رأينا من عجيب الدهر صحناً كأن حنو صـاحبـه عـليه تدافـع دونـه كلتا يـديـه يـود بـأن عينـاً لا تـراه فلو بالخلـد قابلــه اكيـل ذميم الخلق والأخـلاق أمسى لعكس الحظ عاشـرنا أناساً صغير الحجـم بين يدي لئيم ( حنو المرضعات على الفطيم ) (1) مدافعة الغيـور عـن الحريم فيحجبه بـكهـف أو رقـيـم لفر به إلـى أصـل الجحيـم يزاحمنا علـى العيـش الذميم بطرق اللـؤم اهـدى من تميم

1 ـ هو لأبي نصر أحمد السليكي المنازي من أبيات مشهورة وقد تضمن شاعرنا عجز البيت.

(259)
فغضب التميمي من تعريضه في البيت الأخير وأمسك عن النظم فاعتذر المترجم بأن القافية عرضت له في الطريق.
    « ايضاح » أن المترجم له غير ملا حسين ـ بالتصغير والتشديد ـ الحلي الذي كان شعره مقصوراً على اللغة العامية صاحب القصائد الزجلية من « الميمر » وغيره في مدح وادي بن شفلح « رئيس زبيد » المتوفى سنة 1271 وبينه وبين الشيخ عبدالحسين محي الدين صاحب ( ذرب بن مغامس ) رئيس خزاعة مطارحات في اللغة نفسها وله نوادر وحكايات مضحكة مع العلامة السيد مهدي القزويني المتوفي سنة 1300 ومع الشيخ جعفر الصغير حفيد كاشف الغطاء المتوفى سنة 1290 كما في « العبقات العنبرية » وكل هؤلاء متأخرون عن عصر شاعرنا ( ابن جاوش ) ولكن سيدنا الأمين ـ في الـ ج 26 من الاعيان ذكر أن وفاة الملا حسين الشاعر العامي سنة 1212 وهذا التاريخ أيضاً متقدم على عصر هؤلاء بكثير والصواب أن وفاته في اخريات القرن الثالث عشر ويحتمل أن ولادته كانت في التاريخ الذي ذكر في الأعيان. انتهى عن ( البابليات ).


(260)
المتوفى 1240
خـذ بالبكـاء فمـا دمع بمذخور يوم تنـقبـت الدنيـا بغـاشيـة واردف المـلأ الأعلـى براجفة يوم سرى ابن رسول الله يجلبها ترغو عليها فحول من بني مضر من كل مزدلف للروع يصحبـه حيث السلاهب تنزو في شكائمها واصيد مطمئن الجأش لو جأشت وللجبال الرواسي فـي دكـادكها فلو تراها وقد شالـت نعـامتهـا لما رأيـت سـوى معزى يبددها حتى إذ حـم أمـر الله وانتزعت وافاة شمـر فألفـاه علـى رمق وشال رأس رئيس المسلمين على من بعد نازلة في عشر عاشور من المصاب لفقد العالم النوري أللعـوالـم آنـت نفخة الصور قب البطون تهادى في المضامير معودون علـى حـز المنـاحير أنف حمى وجاش غير مذعـور نزو الثعابن في مشبـوبـة القور في الروع وعوعة الأسد المغاوير مور بدكدكة الجـرد المحـاضير والقوم ما بيـن مطعون ومنحـور زئير ذي لبـدة دامـي الأظافيـر مراشة سددت مـن كـف مقدور فكان ما كان من إنفـاذ مسطـور أصم مـطـرد الكعبين مطـرور


(261)
من مبلـغ الرسل أن رأس ابن سيدها وهل درت هاشـم أن ابـن بجـدتها ومن معزي الهدى في شمـس دارته وهل درى البيت بيت الله أن هـدمت وفتيـة مـن رجـال الله قد صبروا حتى تـراءت لهـم عـدن بزينتها وان رزءاً بكـت عيـن النبـي له ورب ذات حـداد مـن كـرائمـه تدعو وتعلم ما في النـاس مستمـع الله فـي رحـم للمصطفـى قطعت ما ظنكـم لـو رأى المختار أسرته من عاطش شرقت صم الرمـاح به وثاكـل مـن وراء السجـف قائلة أمثل شمـر لحـاه الله يـحمـلنـا ويولغ السيف في نحر ابـن فاطمة بنـات آكلـة الاكبـاد فـي كلـل وذات شجو لها فـي الصدر ثائرة تقـول والنفس قد جاشت غواربها يا والدي من يسوس المسلمين ومن ومـن تـركت على الإسلام يكلؤه وهل جعلـت على التنزيل مؤتمناً إليه بالعتـاق القـب ضـابحـة في مجلـس الـراح بين اليم والزير (1) لقـى تزملـه هـوج الاعـاصيـر إذ سامها القـدر الجـاري بتكويـر منه عتـاة قريـش كـل معمــور على الجـلاد وعـانـوا كل محذور مآ تمـاكـن عـرس الخرد الحور لذاك في الديـن كسـر غير مجبور تخاطب القـوم فـي وعظ وتـذكير لكنها نفثـة مـن قلـب مصـدور مـن بعـده وذمـام منـه مخفـور بالطف ما بين مقتـول ومـأسـور وذى براثن فـي الاصفـاد مشهور يا جدغوثا فرزئي فـوق مقـدوري شعث النواصي على الاقتاب والكور لله مـا صنعـت أيـدي المقـاديـر والفاطميـات تصـلى فـي الهياجير تشـب في كـل تـرويـح وتبكيـر والدمـع ما بيـن تهـليـل وتحـدير يقـوم بالامـر فـي حـزم وتـدبير من كل مبتـدع بالكفـر مغـمـور يقيـه مـن رب تحـريـف وتغييـر بكـل اشـوس فـلال الـمبـاتـيـر

1 ـ البم : العود والوتر. والزير : مخالطة النساء.

(262)
والباتـرات تجلـت عن مشارقها والزاغبية تحـت النقـع لامعـة لولا انتظـار ليـوم لا خلاف به يوم أرى الملة البيضـاء مسفرة وموكب تحمـل الأمـلاك رايته ملك إذا ركـب الـذيـال تحسبه فتى يروقك منه حيـن تنـظـره وكـم اجال العقول العشر خابطة وان من يقتدي عيسى المسيح به كأننـي بجـنـود الله محـدقـة والجن والإنس والاملاك خاضعة والمـسلمـون أعـز الله جانبهم ولا مغـارب إلا فـي المنـاحير لمع الثـواقـب فـي آناء ديجور لشطـر الـوجـد قلبي أي تشطير عن كل أبيـض ذي جـدٍ وتشمير أمام ملك على الازمـان منصـور نوراً تجلى لموسى من ذرى الطور لألاء فـرق بنـور الله محبــور في كنهه بين تعـريـف وتنكيـر لذاك يكبـر عـن تحـديـد تفكير من حوله بيـن تـهليـل وتكبيـر له فاكبـر بتصـريـف وتسخيـر في ظله بيـن مغبـوط ومسـرور


(263)
    الشيخ محمد رضا الازري
    ولد سنة 1162 وتوفي 1240 في بغداد ، درس العلوم العربية على أخيه الشيخ يوسف الازري وعلى غيره من فضلاء عصره وولع بحفظ القصائد الطوال من شعر العرب فقد رووا عنه انه كان يحفظ المعلقات السبع وقسماً كبيراً من أشعار الجاهلية والإسلام مضافاً إلى الخطب والاحاديث المروية عن العرب. وكان نشيطاً مفتول الساعدين قوي البنية معدوداً من أبطال الفتوة بين اقرانه وهو أصغر أخوته.
    أهم شعره في رثاء أهل البيت ، وقد حدثت في زمانه واقعة الوهابيين المعروفة في التاريخ حينما احتلو كربلاء ونهبوها وقتلوا من أهلها ما يزيد على خمسة آلاف نسمة وذلك سنة 1216 فنظم على أثرها ثلاث قصائد تشتمل على مائتين وستين بيتا ذكر بها الواقعة المذكورة وختم كلاً منها بتأريخ وإذا لاحظنا تواريخ قصائده رأينا اكثرها نظمت بعد وفاة أخيه الشيخ كاظم الأزري.
    ورأيت له قصيدة يرثي بها السيد جواد العاملي صاحب كتاب مفتاح الكرامة في الفقه ومؤرخاً في كل شطر منها عام وفاته ، والقصيدة أولها :
أنخها على الاعلام واعقل ونادها وسل آية جاست ركاب جوادها
    رواها الشيخ علي كاشف الغطاء في سمير الحاظر.
    وللشيخ محمد رضا الأزري يصف بطولة العباس بن أمير المؤمنين يوم كربلاء :
أو ما أتاك حديث وقعة كربلاء يوم أبو الفضل استجاربه الهدى أنى وقـد بلـغ السمـاء قتامها والشمس من كدر العجاج لثامها

رواها الشيخعلي كاشف الغطاء في سمير الحاظو ج 2 ص 100.

(264)
والبيض فـوق البيض تحسب وقعها فحمـى عرينـتـه ودمـدم دونهـا من بـاسـل يلـقـى الكتيبـة باسماً وأشـم لا يحـتـل دار هضيـمـة أو لـم تـكـن تـدري قـريش أنه بطـل أطـل علـى العـراق مجلياً وشـأى الكـرام فـلا ترى من أمة هو ذاك مـوئلهـا يـرى وزعيمها وأشدهـا بأسـاً وأرجحهـا حجـى من مقدم ضـرب الجبـال بمثلهـا ولكم له مـن غضبـة مضـريـة أغرى به عصب ابن حرب فانثنت ثم انبـرى نحـو الفـرات ودونه فكـأنـة صقـر بـأعلـى جوها أو ضيغم شئـن البرائـن ملـبـد فهنـا لكم ملـك الشـريعة واتكى فأبت نقيـبتـه الـزكيـة ريهـا وكذلكـم مـلأ المـزاد وزمهـا حتى إذا وافى المخيم جـلجلـت فجلا تلاتـلهـا بجـاش ثابـت ومذ استطـال اليـهـم متطلعـاً حسمت يديه يد القضـاء بمبـرم واعتقاه شرك الردى دون الشرى الله اكبـر أي بـدر خـر مـن فمن المعزي السبط سبـط محمد زجل الـرعود إذا اكفهر غمامها ويذب من دون الشرى ضرغامها والشـوس يـرشح بالمنية هامها أو يستقل علـى النجـوم رغامها طلاع كـل ثنـيـة مقـدامـهـا فاعصوصبت فـرقاً تمور شآمها للفخر إلا ابن الوصـي إمـامهـا لو جل حادثـهـا ولـد خصامهـا لو ناص موكبها وزاغ قـوامهـا من عزمه فتزلـزلـت أعلامهـا قد كـاد يلحق بالسحاب ضرامها كلح الجبـاه مطـاشـة أحلامها حلبـات عـاديـة يصل لجامها جلى فحلق ما هنـاك حمـامهـا قد شد فانتشـرت ثبـى أنعـامها من فوق قائـم سيفـه قمقامهـا وحشى ابن فاطمة يشب ضرامها وانصاع يرفل بالحديـد همـامها سوداء قد مـلأ الفضا إرزامهـا فتقاعسـت منكـوسـة أعـلامها كالأيم يقـذف بالشـواظ سمـامها ويد القضـا لـم ينتقض إبرامها ان المنايا لا تطيـش سهـامـها أفق الهداية فاستشـاط ظـلامها بفتى له الاشراف طأطـأ هامها


(265)
وأخ كـريـم لـم يخـنـه بمشـهـد تالله لا أنسـى ابـن فـاطـم إذ جلا من بعـد أن حطـم الـوشيـج وثلمت حتـى إذا حــم الـبـلاء وانـمـا وافـى بـه نحـو المخـيـم حـاملاً وهوى عليـه مـا هنـالـك قـائـلاً اليوم سـار عـن الكتـائـب كبشهـا اليــوم آل إلـى التـفـرق جمعنـا اليـوم خـر مـن الهـداية بـدرهـا اليوم نامت أعيـن بـك لـم تنـم أشقيق روحي هـل تـراك علمت إذ إن خلت أطبقت السمـاء على الثرى لكن أهـان الخطـب عنـدي أننـي من مبـلـغ أشيـاخ مـكـة إنــه من مبلـغ أشيـاخ مـكــة انــه مـن مبلـغ أشيـاخ مـكـة إنــه الله أكـبـر أي غـاشيــة علـت الله أكـبـر مـا أجــل رزيــة يـوم بـه وتــر النـبـي وحيدر وقلـوب صبيتهـم بقلبهـا الظمـا وبنـوهـم أسـرى يعـض متونهم ورؤوسهم فوق الرمـاح شـوارع هذي المصائب لا مصائب اليعقوب هذا جزاء محمد من قومه سمعا أبا الفضل الشهيد قصيدة حيـث الســراة كبـا بها أقدامها عنـه العـجـاجـة يكفهر قتامها بيض الصفــاح ونكست أعلامها أيدي القضـاء جرت بـه أقلامها من شاهقـي عليـاء عـز مرامها اليوم بـان عن اليمين حسـامهـا اليوم غــاب عـن الصلاة إمامها اليوم حـل مـن البنـود نظـامها اليوم غـب عن البلاد غمـامهـا وتسهـدت أخـرى فعـز منـامها غودرت وانـثـالت عليـك لئامها أو دكدكت فـوق الربى أعـلامها بك لاحق أمراً قـضى عـلامهـا قد غاض زاخرهـا وزال شمامها قد شـل سـاعـدها وفل حسامها قد دق مارنـهـا وجـب سنامها بيت الرسالة واستـمـر قتـامها مضت الدهو وما مضـت أيامها وبنو العواتك شيخهـا وغـلامها والمـاء عـائثـة بـه أنعـامها غل السلاسل تـارة وسقـامهـا وعلى البطاح خـواشع أجسامها وإن صـدع الهـدى إلمـامهـا فلبئس ما قد أخلفتـه طغـامهـا أزرية مسكـاً يفـوح ختـامها


(266)
    ومن شعره في أهل البيت عليهم السلام :
ومـن يبـصر الـدنيا بـعين بصيرة ولـست أرى عـز الـعزيز بـمانع لمن يرفـع المـرء الـعمـاد مشيـدا وهـل دارع الا كـآخــر حـاسـر فصاحب لمن تهوى اصطحاب مفارق إذا لـم يـكن عقل الفتى مرشد الفتى وانـي أرى الايام شتى صـروفهـا ويا رب وتـر عند باغ لـذى تقـى رموا بيتـه بالمـرجـفات وهـدموا فسـل كـربلا ماذا جرى يوم كربلا وانـى وتلـكـم حمـرة في جبينها وما ظهرت من قبل ذلك في الاولى ولـو جـل رزء فـي النبيين مثله وهاتيكم اللاتي تسيـر علـى المطا وتلك النفوس السائلات علـى القنا وأسـرتـه فـي حالـة لو يراهم فمن بين مقطوع الـوتين وفاحص وكم ذي حشـى حرانة لو تمكنت ومرضعة مذهـولة عن رضيعها فمـن يبلغـن الرسل ان زعيمها يرى الدهر يوماً سوف ينجاب عن غد ولسـت أرى ذل الـذلـيل بـمخـلد وها هـادم اللذات مـنه بـمرصـد إذا ما رمـى المـقدور سهـم مسدد وفي الكـل رجـع نظـرة المتـزود فـليس إلى حـسن الثنـاء بـمرشد وأعـظـمهـا تـحكيم عـبد بسـيد ولـكن لا وتـر كـوتـر مـحمـد قـواعـده بـعـد البنـاء الموطـد مـصاب مـتى الأفلاك تذكره ترعد إلـى الآن مـن ذاك الجوي المتوقد لـراء ولـم تـعرف قـديماً وتعهد لـبانـت وفـي هـذا بلاغ لمهتدي حقائقـه يشهـرن فـي كـل مشهد تقاطـر منـه مـن أكـف وأكبـد بها هرقل لاستقـرع النـاب بـاليد بكفيـه عـن نـزع وبيـن مصفد لعطـت حوايـاهـا وطارت لمورد مخافة سلب يكشـف الستـر عن يد لذو عبـرة جيـاشية عـن تـوقـد


(267)
المتوفي 1241
أنزهو وقد ترنـو بياض المفارق أجدك في اللهو الذي أنت خائض تضـاحكك الأيام في نيلك المنى وما بسطت آمالها لك عن رضى ولكن لكي تصطاد من أم قصدها فلا تثقن مـن وعدها إن وعدها كأن الـمنايا مـلكتها صروفهـا لذاك أحلـت بالحسين مـصائبا غـداة أنـاخت بالطفوف ركابه سلامي على أرواحهم ، ودماؤهم خليلى زرهـم وانتشق لقبورهم وقـد مـر مسود الشباب المفارق وداعي الفنا يدعوك في كل شارق كفعـل نصـوح لـلدعـابة وامق ولا ضـحكت سنا إلى كـل عاشق بما نـصبتـه من شراك البـوائق كما قـد جرت عاداتها غير صادق فتطـرق من شاءت بشر الطوارق بها تضرب الأمثال في كـل خارق بكل فـتى للحـتف فـي الله تـائق تضوع بطيب في ثرى الأرض عابق تـجد تـربها كالمسك من غير فارق
    ويصف فيها شجاعة الحسين عليه السلام :
فكم فلقت ضرباته من جماجم فأقرب ما قد كان لله اذ هوى وطفل رضيع بالسهام فطامه وكـم فـرقـت صولاته من فيالق صريعا بلا جرم وعطشان ما سقي وذبح غـلام بالـحسام مـراهـق


(268)
الشيخ احمد زين الدين الاحسائي
    ولد بالمطير من الإحساء في شهر رجب سنة 1166 هـ كان من العلماء الراسخين في العلم ، والفلاسفة الحكماء العارفين المتأهلين المطلعين وقد ترك 140 كتاباً ورسالة ، وأجوبة بلغت 550 تقريباً. ومؤلفاته تربو على المائة مؤلف في مختلف العلوم الاسلامية نشرت أسماءها مكتبة العلامة الحائري العامة بكربلاء بكراسة خاصة ، كما نشرت له رسائل في كيفية السلوك إلى الله تعالى.
    هاجر إلى كربلاء ـ العراق وهو ابن عشرين سنة وحضر بحث الوحيد البهبهاني الاغا باقر والسيد الميرزا مهدي الشهرستاني والسيد علي الطباطبائي صاحب الرياض ، وفي النجف على الشيخ جعفر كاشف الغطاء وغيره ، ثم حدث طاعون جارف ألجأ الناس إلى مغادرة الاوطان فعاد المترجم إلى بلاده وتزوج بها وبعد زمن انتقل بأهله إلى البحرين وسكنها أربع سنين ، وفي سنة 1212 عاد إلى العتبات المقدسة بالعراق وبعد الزيارة رجع فسكن البصرة في محلة ( جسر العبيد ) ثم تنقل إلى عدة أماكن وذهب إلى ايران ثم عزم على الحج وتوفي بالحجاز قبل وصوله مدينة الرسول ( بثلاث مراحل وذلك في يوم الأحد ثاني ذي القعدة حرام 1241 فنقل للمدينة ودفن بالبقيع مقابل بيت الأحزان.
    وجاء في أنوار البدرين : العلامة الفاضل الفهامة الوحيد في علم التوحيد وأصول الدين الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي المطيرفي (1) وهو صاحب
1 ـ قرية من قرى الاحساء كثيرة المياه.

(269)
جوامع الكلم مجلدان كبيران مشتملان على جملة من الرسائل وكثير من التحقيقات وله شرح الزيارة الجامعة الكبرى وله شرح العرشية والمشاعر لملا صدر الدين الشيرازي ( ره ) تعرض فيما عليه وعلى تلميذه الملا محسن الكاشاني ( ره ) وله جملة من المصنفات وحاله أشهر من أن يذكر وقد ذكر أحواله بالبسط والبيان السيد المعاصر السيد محمد باقر الأصفهاني في كتابه ( روضات الجنات ). توفي ( قده ) مهاجراً لزيارة رسول الله (ص) وأئمة البقيع عليهم السلام سنة اثنين وأربعين ومائتين والف من الهجرة وله الاجازة من جملة من المشائخ العظام واساطين الاسلام منهم السيد السند بحر العلوم ومجدد آثار الايمان والرسوم السيد محمد مهدي الطباطبائي والسيد الأجل السري السيد مير علي الطباطبائي صاحب الرياض والشيخ الافخر الشيخ جعفر كاشف الغطاء وابنه الأجل الانور الشيخ موسى والعلامة المشهور الشيخ حسين آل عصفور وأخيه الأسعد الشيخ أحمد ابن الشيخ محمد آل عصفور والسيد الأجل الأمجد السيد محمد الشهرستاني والفاضل الأمجد الشيخ أحمد ابن العالم الرباني الشيخ حسن الدمستاني وغيرهم وقد وقفت على أكثر اجازاتهم له وفيها تفخيم له عظيم ويروي عنه جماعه من فحول العلماء منهم المحقق الشيخ محمد حسن ( صاحب الجواهر ) والسيد كاظم الرشتي والمحقق الحاج ابراهيم الكرباسي صاحب الاشارات وغيرهم قدس الله أرواحهم.
    اقول وللشيخ الاحسائي قدس الله نفسه قصائد في الامام الشهيد الحسين سماها بـ ( الأثني عشرية ) وقد طبعت مع ترجمتها للغة الفارسية.


(270)

    قال مشطراً بيتي السيد عمر رمضان
لـفظت الـخيزرانة من يميني فـأبـغض أن الامسهـا بكفي ولـست بممسك ما عشت عوداً أأمسك عـود سوء في يميني وإن كـانـت مهفهفة القوام وأكره أن أشاهـدهـا أمامي ولو أني عجزت عـن القيام بها نكثت ثنـايـا ابن الامام (1)

1 ـ عن سمير الحاظر ومتاع المسافر مخطوط المرحوم الشيخ علي كاشف الغطاء ج 1 ص 561.
ادب الطف الجزء السادس ::: فهرس