ادب الطف الجزء السادس ::: 301 ـ 315
(301)
الشيخ عمر رمضان الهيتي الاصل البغدادي المسكن
    جاء في المسك الأذفر :
    كان في معرفة اللغة العربية لا يطاول وفي معرفة وقائع العرب لا يساجل قرأ سائر العلوم وبرع في المنقول والمفهوم ولا سيما فن الأدب ومعرفة كلام العرب لقد كان يشار اليه فيهما بالبنان ، ولا يختصم في ذلك اثنان ، وكان في الخط ابن مقلة ، وبذلك اعترف كبار زمانه وأقروا له ، وقد كتب كثيراً من الكتب الفريدة وجمع بخطه اللطيف عدة مجامع مفيدة وكان له شعر فصيح ، وقعت بينه وبين الشاعر الشهير السيد عبدالغفار منافرات ومشاجرات ، أفضت بهما إلى المهاجات ، فهجا كل منهما صاحبه وعدد عليه عيوبه ومثالبه ، وهذه شنشنة من مضى من الآباء وسبق ، كما وقع مثل ذلك بين جرير والفرزدق ، ولو لا خوف الأطناب لأثبتنا ذلك في هذا الكتاب ، ولما انتقل المترجم إلى رحمة الله أسف عليه السيد عبدالغفار غاية الأسف ورثاه بهذه القصيدة
رمينا بأدهـى المعضلات النوائب وفقد الذي نرجو أجل المصائب
    إلى أن قال :
فمـن لـفؤاد راعـه فـقـد إلـفـه وجـفن يـهل الـدمـع مـن عبراته على عمر الرمضان ذي الفضل والنهى فاصبح مـن أشجانه نهب ناهب على طيب الأعراق وابن الاطايب أحاطت بي الأحزان من كل جانب


(302)
أذابت عليـه يوم مـات حشاشتي بكيت وما يجدي الحزيـن بكـاؤه فتى كـان فينا حـاضراً كل نكبة وقـد كـان مثل الشهد يحلو وتارة وكـم أخبر التجريب عن كنه حاله لسان كحـد السيف مـاض غراره وكم صاغ من تبر القريض جمانة وزانـت قـوافيه من الفضل أفقه وادرك فـضل الأولـين بما اتى مـعان بنـظم الشعر كان يرومها فتى كان يصميني الردى في حياته فتى ظلت أبكي مـنه حياً وميتـاً رعيت لـه من صحبة كل واجب سقى الله قبراً ضمـه مـزنة الحيا ولا زال ذاك القبر مـا ذر شارق وأمـسيت في قلب من الحزن ذائب وضاقت علي الأرض ذات المناكب فغاب ولكن ذكـره غــير غـائب لكالـصل نفاثاً ســموم العـقارب ويظهـر كـنه الـمرء عند التجارب وأمـضى كلاحاً من شفار القواضب وأفـرغ مـعناه بــأحـسن قالـب فـكانـت كـأمثال الـنجوم الثواقب فـقصر عــن إدراكـه كل طالب أدق إذا فـكرت مـن خصر كاعب ولـما تـوفـي كان أدهى مصائبي أصبـت علـى الحالين منه بصائب ولو كان حياً ما رعى بعض واجبي وبـلغ في الـجنات أعـلى المراتب تجـود عـليه ذاريـات السـحائب
    توفي رحمه الله تعالى في نيف وخمسين بعد المائتين والألف.
    وجاء في سمير الحاظر وأنيس المسافر للشيخ علي كاشف الغطاء ص 310 قال :
    مما كتبه المرحوم عمي الشيخ حسن إلى السيد عمر رمضان ولم تقف على أبيات نفس الأسم وهي على سبيل المداعبة.
سلام من محب ليس يسلو هواك وان تقادمت الليالي


(303)
يحن الى لقاك حنين صادِ دعاه منه داعي الشوق لما قضى ظمأ الى الماء الزلال نوى ضعنا وهم على ارتحال
    فكتب السيد عمر في جوابه
شبيـه أبـيه في عمل وعلم يـعز عـلي والـرحمن أني خلت منك الـديار وان قلبي سألبس بعد بعدك ثوب حزن نعم أو أن تهيء لي خيـالا ويا من لم يزل حسن الفعال أرى منك الديار غدت خوالي وحقك من ودادك غير خالي جديـد لـيس تـبليه الليالي لطيفك لست أقنـع بـالخيال


(304)
احبس ركابك ساعة يا حادي لله أشـكو زفـرة لـم يطفها ما لي أراك ودمع عينك جامد قلبوه عن نطع مسجى فـوقه ذي كربلا فانشق عبير الوادي دمع بصوب كمستهل غوادي أو مـا سمعت بمحنة السجاد فـبكت لـه أملاك سبع شداد
    وفي آخرها
ابـلغ عـلوج أمية وسمية وقل اعملوا ما شئتم وأردتم أهل الفساد وعصبة الالحاد إن الإله لكـم لبا لمرصاد
    جاء في أنوار البدرين : هو الشيخ علي بن محمد بن حبيب التاروتي القطيفي كان من شعرائها المجيدين والفصحاء المادحين الراثين وهو أيضاً من العلماء الفاضلين إلا أني لم اطلع على حقيقة أحواله ، وذكر له الشيخ يوسف البحراني في ( الكشكول ) قصيدة مطولة عدد فيها مواقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، وترجم له العلامة المعاصر الشيخ علي المرهون في كتابه ( شعراء القطيف ) وقال : توفي سنة 1250 أقول ولا بد أن تكون وفاته قبل هذا التاريخ لأنه قال في ترجمته ما نصه : ذكره الشيخ يوسف البحراني في كشكوله فاطرة ، وإذا علمنا أن الشيخ يوسف كانت وفاته 1186 أي قبل المترجم بـ 64 سنة ثبت لنا كونه حياً قبل هذا التاريخ.


(305)
المتوفي 1250
عرج على شاطي الفرات ميمماً قــبر ثوى فيه الحسين وحوله مولى دعوه للهـوان فهـاجـه فانساب يختطـف الكماة ببارق صلى الإله على ثراك ولم يزل قبـر الأغر أبي الميامين الغرر أصحابه كالشهب حـفت بالقمر والليـث ان أحـرجته يوماً زأر كالبرق يخطف بالقلوب وبالبصر روض حللت حماه مطلول الزهر
    لم نعثر له على ترجمة وافية سوى أنه توفي بقرية الطيبة من جنوب لبنان وانه عالم فاضل ، أديب شاعر ومعروف بالشيخ صادق بن ابراهيم بن يحيى العاملي


(306)
خـل الـنسيب فـلسـت بالـمرتاد مـالـي وكـاعبـة تكلفني الـهوى واذكـر مـصاب الطف فهي رزية يوم أصاب الشرك فيه حشى الهدى يـوم غـدا فـيه عـلى رغم العلا الله اكـبر يـاليـوم فـي الـورى يوم به عجـت بنـات مـحــمد أمـا الـحسين فـفـي الوهاد وإننا أهـون بـكـل رزيــة إلا التـي لك فـي جـوانحنا زعازع لم تزل مـولاي يـا مـن حـبـه وولاؤه أينـال مـني مـا عـلمت شـفاءه وعلـيكم صـلى المهيمن ما سرت لهـو الـحديث بـزينب وسعاد شتـان بـين مـرادها ومرادي فصم الضلال بها عرى الارشاد بمــسدد الأضـغان والأحقاد رأس الحسين هـديـة ابن زياد لبـست بـه الأيـام ثوب حداد مـن مـبلغ عـنا النبي الهادي في الإسر و السجاد في الأصفاد صدعت بعاشوراء كـل فـؤاد منها تصب من الجفون غوادي حـرزي ومدخري ليوم معادى ويريد لي سوءاً وأنـت عمادي نيب الفـلا وحـدا بهن الحادي


(307)
حبيب بن طالب البغدادي
    الشيخ حبيب ابن الشيخ طالب بن علي بن احمد بن جواد البغدادي الكاظمي مسكنا الشيبي المكي أصلا نزيل جبل عاملة كان حياً سنة 1249 شاعر مجيد متفنن خفيف الروح يجمع شعره الرقة والانسجام وأنواع الطرائف. أصله من الكاظمية سكن جبل عاملة ثم عاد إلى الكاظمية وتوفى هناك له شعر كثير ومن شعره قصائد في مدح أهل البيت عليهم السلام.
    قال الشيخ الطهران في طبقات أعلام الشيعة : هاجر إلى جبل عامل فسكنها وصحب أمراء البلاد ومدحهم بقصائد جيدة ثم عاد إلى العراق في سنة 1243 من ( تبنين ) فنظم أرجوزة طويلة ضمنها ما لاقاه في طريقه وجعلها بمثابة الرحلة أرخ فيها ابتداء سفرته من دمشق وسامراء والكاظميين وكربلاء والنجف وغيرها. رأيناها ضمن مجموعة شعرية. فوفاة المترجم بعد التاريخ ورأيت من شعره ما يدل على حنينه إلى بلده كقوله في آخر قصيدة :
وطنـي يـعز عـلـي إلا أنـه إن جئـتم دار السـلام فـبلغوا واشرح لهم متن الصحيفة قائلا ألف السهام البعد من جور القسي عني السلام أولى المحل الأقدس إنـي حـملت صـحيفة المتلمس


(308)
وقال في أهل البيت عليهم السلام : (1)
بنـي النبـي لـكم فـي القلب منزلة يـلومني الناس في تركـي مديحـكم عذراً بني المصطفى إن عنكم جمحت فـلا أرى الـوهـم والأفهام مدركة سبقـتم الناس فـي علـم ومـعرفة وأنــتـم كـلمات الله إذ رفـعـت بهـا عني الذكر في لو كان ما نفدت وعندكم علم مـا في اللوح مرتـسخ لكـنما النـاس فـي عشواء خابطة إن شاهدوا الحق فيما لا تحيـط بـه تـجارة الله لـم تـبـذل نفائـسهـا وربما خاضت الألبـاب إذ شـعرت شامـوا ظـواهر آيـات لـها وقفت وهم على خوض ما ألفوه مـن أثـر فلـيس يـدري لتشعيب الظنون بـه وكـلمـا شيـم مـن آثـار معجزة فـالحجب عن سعة الآثار ما بخلت أدنى الـمديـح لكم أن قيل خادمكم نجا بـأسـمائـكم نـوح فقيل لكم ورب مدح لـقوم عـنكـم جنحوا نأتي من الوصف ما لا يدر كون له ولـو أتينـاهـم في حق وصفهـم فأين هم عن مدى القوم الذين لهـم بهـا لـغير ولا كـم قط ما جنحا وكم زجرت بكم مـن لامني ولحا قريحتي وهي مثل الزند مقتـدحا ما عنون الذكر من أسراركم مدحا والأمـر تـم بـكم ختماً ومفتتحا وآدم مذ تـلقـى عهدهـا نجحـا فـكيف تـنفذهـا أبيات من مدحا وما جرى قلم الباري بـه ومـحا ليلاً وآثاركم في المعجزات ضحى عقولهم جعـلـوا للـحق منتزحا إلا لمن كان عن غش الهوى نزحا ومضاً من النور دون السترقد لمحا ألبابـهم غيـر أن الوهم قد شرحا كمثل أعمـش من بعد رأى شبحا أسانحاً ما رأى أم بارحـاً سرحـا فإنهـا رشح ما عن فيضكم طفحا والحكم في صفة الأسرار ما سمحا جبريل والملأ الأعلى بكـم صلحا سفـن الـنجاة وأمـر الله ما برحا أنشدته حيث عـذري كان متضحا معنى ولا شربوا مـن كاسه قدحا لأوهـم الناس أن الـروم قد فتحا صنع المهيمن ممن خف أو رجحا

1 ـ عن أعيان الشيعة

(309)
    وقال لما زار بسامراء مرقد الإمامين العسكريين سلام الله عليهما :
لله تــريـك سـامــراء فـاح بـه هنئـت يـا طـرف فـيما متعتك به لـم يطرق العقل باباً مـن سرائرهـم وفي المـعاجــز والآثـار تبصـرة هـذا الـكتاب فـسلـه عـنهم فبـه أبصر بعينيك واسمـع واعتـبر وزن وجـل بـطرفـك أيـماناً وميسـرة فهل تـرى العروة الوثقى بغيرهــم وهل ترى نار موسى غيـر نورهـم وهـل تـرى صفـوة الآيـات معلنة قـوم إذا مـدحـوا فـي كل مكرمة أضحى الثناء لهم كالشمس رأد ضحى إني و إن قل عن أوصافهم خـطري تعساً لقوم تعـامت عـن سنا شهـب إن الإمامـة والتـوحـيـد في قـرن يـا مـن إليهـم حملت الشوق ممتطيا المـاء يـحـملنـي والنـار أحملهـا أنتـم رجـائي وشـوقـي كـل آونة فـي يـوم لا والـد يـغني ولا ولـد ريـح النبـوة إشـماما وتعبيقا يـد الـمواهـب تـأييداً وتوفيقا إلا وكـان عـن الأفـهام مغلوقا لـرائـم غـرر الإيضاح تحقيقا صـراحة المدح مفهوماً ومنطوقا المعقول واختـبر المنقول تـوثيقا وطـف بسعيـك تغريباً وتشريقا حيـث الـولاء إذا بالـغت تدقيقا وهل ترى نعتهم في اللوح مسبوقا لـغيرهـم ما يـؤود الفكر تشقيقا قـال الكـتاب نعم أو زاد تصديقا وبات فـي غيـرهـم كذباً وتلفيقاً وهل تـرى زمـناً يـنتاش عيوقا إيـضاحـها طبق الأكوان تطبيقا فكيف يؤمـن مـن يختار تفريقا أقتـاب دجلـة لا خيلا ولا نـوقا من لاعج الوجد تبريـحاً وتشويقا وأنتـم فـرجي مهما أجـد ضيقا ولا يـفرج وفـر المال تـضييقا


(310)
المتوفي سنة 1250
اللـراعـبـيـة بـالأجـرع أم اسـتوجدت وأتـت مورداً أجـارتـنا ليس دعوى الأسى إلي حمـامة جـرع الـحمى فأمـا استطـعت حنينـاً لـه ودمـع إذا فــار تـنـوره عـذيـري مـن فـادح كلما وقـائـلـة وزعـيـم الأسى أتـعنـف عـينيك في أربـع سلـي أن جـهلت ولـما تعي غداة رأى الدين فـي خـامل وداع دعـاه ائـتنا للـهـدى ومن حـولـه تبـع إن دعـا صبـابـة وجـد فـلم تهجع تمـضمض مـنه ولـم تكرع بأن تخضبي الكف أو تسجعي فـليس الشـجي كـمن يدعى يلـف الـحنـايـا والإدعـى دمـاً لـم أقل يا جفوني أقلعي صغى مسمعي شب في أضلعي يسـدد عـن قـولـها مسمعي فـقلت وعـن عنـفي أربعي بـأن ابـن فـاطـمة قد نعي يـجر قـنـاه ولـم يـرفـع ولـم يـك هيـابـة إذ دعـي فـما حـمير مـن دعـا تبع


(311)
كـان الـنجوم بـهم تـهتدي فـحل بـوادي الندى لم يجد فما اسطاع من بينهم مرجعاً فقـالوا أطـعنا يـزيداً فكن فـقال أطـعتم ولمـا أطـع أبـى الله يـخضع جيدي له فبـات وبـاتوا ومـن بينهم فـوطـا قـلوب ذويه على فمـذ دعـت الحرب أقرانها رأيـت أولـئك مـن دارع دعـوا للـرماح الا فاشرعي يـا خـيلنا قد أعدت الدجى فوفى الذمام وأعلـى الـوفا وظل فتى لـم تهله الألوف يـرد الكماة كـذي لــبدة فـليت ومـا ليت من عله ولا شمر الشمر من جهلـه ولا كـرت الخيل إصدارها وياليـت فـارع رمـح بدا فـقـل للـسماء وداراتـها وللشهب إن فاخرتك التلاع إذا كـان نورك من نور من متى أشـرق البدر في تلعة وصارخـة إن أراد الـحيا أتـت نـحوه وبـأحشائها إذا حـلها الـبدر في مطلع أخـا ثـقة فيه لـم يـخدع وما كان في الأمر بالمرجع له طائعاً وامـض في مهيع لـه وسمعتم ولـم أسـمـع وسيفـي بـكفي وجدي معي مـواعـدة الـقرع بالأقرع لـقا أروع فـي تقى أورع وقارنـت العضب بالأخدع يـؤم الــهياج ومن أدرع وبـيض الصفاح ألا فاقطعي فغـيبي بـه تـارة واطلعي نـفوس أسيـلت على اللمع ولا بـالـفروقة في المجمع أغـار بـسـائـمه رتـع ولا غـالك الـسهم بالمنقع لـذبحك عـن ساعد أكوع بمقدس صـدرك والأضلع يـنؤ بـرأسـك لـم يرفع وقد وقع القطـب منها قعي فردي النقاب عـلى البرقع تلألأ فـيـها فـلا تـلمع وقـد كان في الفلك الأرفع لها الخفض قال أساها أرفع جـوى يـوقد النار بالمدمع


(312)
تـقول أخـي يـا حمي الثغور أراك جـديـلا ويـوم الجلاد تغـيم فـتمطر هـام الـكماة أبيـح حـماك فـلا تـمتطي عـلام تـرشفـت من شفرة لعـلك حـين هجـرت الديار وكلت بأهليك قلـب العطوف فخل السرى يا ركاب الوفود فما في القرى لك من مطعم كان لم يشرع بـاب الـندى غـريـب بـعفرك والأربع بـغير قـراعك لـم يقـنع وتـرعـد في بارق اللـمع وبـح المنادي فـلم تسمـع مـذاقـة كـاس طلا مترع وآنـست فـدفـدة الـبلقـع واسكنتهـم بـحمى الأمـنع فـخبر مـن السير أن ترجع وما في الثرى لك من مطمع بـهن أو الـدين لـم يشرع

فيـا راكـباً ظـهر مـجدولة تـجافى الأباطح حزم الحزوم إذا لمـعت نـار طور الغري وصـل وسلم وصـل واستلم ونـاد وقل يا زعيم الصفوف قعدت وفي الطف أم الخطوب جثـت فـجثا بـازاها بنوك فلمـا تـضايق مـد السيوف أبيـدوا فـغصت بـهم بقعة أثر نقعها فحسين قصي فـقم فـانتظارك مـمـدودة وقـد وتـرته أكـف الترات إذا قعـد الشمـر في صدره إلام وأهلـوك فـي مـهلك شأت أربع الريح في أربع وجرعها حـزم الأجـرع فأنت بوادي طـوى فاخلع لقدس أبي الحسن الأنـزع ويـا قطب دائـرة الأجمع تقعقع فـي ضنك المـوقع على ركب قط لـم تـرفع كمشتبك الأصـبع الأصبع بها غص منهم فـم الأبقع لها رغبة العـين والمسمع وغلة أحشاه لم تقنع فأغرقت الرمـي بالمنزع فمـا لقعودك من موضع وشـمل بـناتك لم يجمع


(313)
أقـام الـقطيـع عـلى رأسـها واقـمـار أوجـهـهن الـذراع إذا مـا اشتـكين الظما والطوى تنـوح الـجياع على الساغبات كشكوى الفصال من المرضعات ألا وأبـاهـا وايـن الـغـيور ينـازع أجـيادها مـا جـمعن تأن مـن الايـن والاغـتراب مقـام الـملائـة والمـلفع منازلهـا عـوض الـبرقع وعـز الغياث على المفزع وتـبكي الـسواغب للجوع ونوح الفصيل على الرضع يراهـن في السبي كالزيلع وجـامـعة الأسر لم تنزع ينوء بهـا غارب الأضـلع


(314)
الشيخ حسن التاروتي
    الشيخ حسن التاروتي من نوابغ الشعراء ، اشتهر بجودة الشعر ، وهو حسن ابن محمد بن مرهون التاروتي ، جزل اللفظ جيد السبك ، ولعلك تعجب إذا علمت بأنه كان يصيد السمك ويمتهن ذلك ويقوت من الزراعة والسقاية ويتحدث الناس عنه بأنه كان مضيافاً سخي النفس كما كان جميل الوجه حسن الصورة توفى في أواسط القرن الثالث عشر.
    فمن شعره في الرثاء :
لـمن الشموس الطـالعات على قبا تصـبـو لـها ألـبابنا فـكأنـها مـن لي وقـلبي ضاع يوم سويقة مـن مبلغ عـني الشبـاب بـأنني ضيعت فيه فـما بصحف صحيفتي أضنـتنـي الأعـبـاء إلا أنـني قـوم جـعـلت ولائـهم ومديحهم أنـوار قـدس حـيث لا فلك يدور ومـهـللين مــكـبـريـن وآدم نـزل الـكتاب عليهـم فقضوا به سلوا لـه سيـفاً وقـادوا مقـنبـاً كـالـشهـب إلا أنـها فوق الـربى هي معصرات الصفو من عصر الصبا مـا بـين أفراس الـهوادج والـخبا مـن بـعـده ما عـدت إلا شيـبـا للـحافـظـين عـلـي إلا مـذنـبا مـتـمسك بـولاء أصـحاب الـعبا هـذاك مـعتصـماً وهـذا مـكسبـا ولا صـبح يـعـاقـب غـيـهـبـا مـن مـائـه والـطين لـن يـتركبا وأبـان فـضلـهم الـعظيم وأعـربا فـعلـوا بـمـا فـعلـوا ونافوا مقنبا


(315)
حازوا العلى فاقوا الملا شرعوا الهدى مـا للثنـاء عـليهـم وبـمدحـهـم سـل عـنهم الأعـراف والأحـقاف يـغنيك قـول الله عـن ذي مـقول هـذا هـو الـشرف الذي أسرى لهم حسـدوهـم نـيل المـعالي إذ غدوا مـا ذنـب أحـمد إذ أتـى بشريعـة ورضـوا بـما قـد قال في خم وقد فـدعـا عـلياً قـائـلاً مـن كـنت مـا زال حـتى بـان مـن أبطيهما ولـووا بـبيعـته عـلى أعـناقـهم والله لـو أوفـوا بـهـا لـتدفـقت لـو لـم يـحلوا عـهدها حل العهاد مـن عـاذري منهم وقد حسدوا بها الـحاكـم العدل الرضي الـمرتضى أسمـاهـم مـجداً وأزكـى مـحتداً وأبـرهــم كـفـا وأنـداهـم يداً وتـقدمـوه بـها ولـم يـتقدمـوا فـي يـوم جـدل ذا وذاك بضربة عـدلت ثـواب الـعالـمين وبوئت وأبـيه لـولا بـسطة مـن كـفـه وتهضموه كاظما حتي قضي ودعـوا إلـى حرب الحسين مضلة فأتوه لم يـرض الهـوادة صـاحباً فـي قتـية شرعـوا الذوابل والقنا بلو الصدى نصبو الحبا لزموا الإبا طـه تـنـوه والـمثانـي والـنبا والأنفال واسأل هل أتى واسأل سبا ومـديـحه عـمن أطـال وأطنبا مـن عبد شـمس كل عضو كوكبا أعلـى الورى نسباً وأعـلى منصبا هـلا أتوا أصفى للشرايع مـشربا نـصب الـحدائـج ثم قام ليخطبا مـولاه فـذا مـولاه طوعاً أو إبا بلـج أراه الـجـاحد المـتريـبـا حبـلاً بـآفة نـقضهم لـن يقظبا بـركـاتـها غـيثا عـليهم صيبا بـها ومـا اعتـاضوا جهاماً خلبا أولـى الـبرية بـالنبـي وأقـربا الـعالـما لـعلم الـوصي المجتبى وأعـفهـم أمـاً وأكـرمـهم أبـا واسـدهـم رايـاً وأصـدقـهم نبا لمـا رئوا عـمر بـن ود ومرحبا لا خـائفاً مـنهـا ولا مـترقـبا جمـع الضـلالة خـاسراً ما ثوبا دخـلوا بـها مـا أخـرجوه ملببا في فرضه بمهند ماضي الشبا الأهـواء فـاتبعوا السـواد الأغلبا فيـهم ولا أعطـى المقادة مصحبا وتـدرعـوا وعـلوا جـياداً شزبا
ادب الطف الجزء السادس ::: فهرس