ادب الطف الجزء السابع ::: 166 ـ 180
(166)
وفي الشبيبة قـد قاسيت كل عنا ان كان آخـر أيـامـي كأولها اذا فماذا أرى في أرذل العمر أعـوذ بالله مـن أيامي الأخر
    فهل يسعك بعد وقوفك على هذه الغرائب الا أن تؤمن به وتعتقد انه معجزة الدهر لا نابغة العصر الذي هو فيه فقد كان رحمه الله سريع البديهة حسن الروية كثير الارتجال فقد قرأت في احدى مجاميع البحاثة الاديب علي بن الحسين العوضي الحلي وهو من معاصري الكواز ما هذا نصه وقد نقلت ذلك من خطه قال : تذاكرت يوما أنا والكواز المذكور فيما كان يرتجله الشعراء الاقدمون من الاراجيز والقصائد فقال لي لا تعجب واكتب ما أملي عليك اذا شئت ثم ارتجل مقطوعة رقيقة لم يحضرني منها سوى قوله :
أخوي هذي أكـؤس ا واذا انتـحبت صبـابة لا تعجبا مـن صبوتي ما كنت بدعا في الغرا لشوق المبرح فأشربا مـما دهـاني فانحبا ومن المـلام تـعجبا م ولست أول من صبا
    وقال العوضي أيضا : كان هو وأخوه الشيخ صالح يمشيان معي فتذاكرنا من أنواع البديع تشبيه الشيء بشيئين فقلت في ذلك :
عاطيته صرفا كأن شعاعها شفق المغيب ووجنة المحبوب
    فأجاز أخوه مرتجلا :
فغدت وقد مزجت بعذب رضابه شهدا يضوع عليه نشر الطيب


(167)
    وأجاز هو رحمه الله فقال :
وشربت صاف من لماه كأنه ماء الحيا أو دمعي المسكوب
    وكان يوما في احدى أندية بغداد فسأله الحاضرون وفيهم العلامة السيد ميرزا جعفر القزويني والشاعر الشهير عبدالباقي الفاروقي العمري وأمين أفندي آل الواعظ وطلبوا منه تخميس البيتين المنسوبين لابن الفارض فقال على البديهة :
زعم اللائم المطـيل بعذلي يا نديمي على الغرام وخلي مثله يسـتزل باللـوم مثـلي غن لي باسم من أحب وخلي
    كل من في الوجود يرمي بسهمه
أين حبي اذا أطعت الاعادي فوحق الـوداد يا بن ودادي بحبيب هواه اقصى مرادي لا أبالي ولو أصاب فؤادي
انه لا يضر شيء مع اسمه

    ومات له ولد صغير ودفن في المقبرة المشهورة حول « مشهد الشمس » في الحلة فقال وأبدع في رثائه :
ليهن مـحاني مشهـد الشمس انه وكان قديما مشهد الشمس وحـدها ثوى بدر انسي عندها بثرى القبر فعاد حديثا مشهد الشمس والبدر
    أقول وقد نسب الدكتور مهدي البصير هذين البيتين للشيخ صالح الكواز وهو الاخ الاكبر للشاعر المترجم له.
    مولده : اختلف في سنة وفاته وعمره والاصح ما أخبرني به المرحوم الشيخ علي بن قاسم الحلي أحد شيوخ الادب المعمرين في الحلة والمعاصرين لصاحب الترجمة انه توفي في مرض السل سنة 1283 هـ أو قبلها بسنة وعمره فيما يعتقد لم يتجاوز 38 سنة


(168)
فيكون مولده والحالة هذه سنة 1245 ونقل نعشه الى النجف ودفن في وادي السلام واتفقت بعد وفاته بقليل وفاة خاله الشيخ علي العذاري فقال أخوه الشيخ صالح يرثي أخاه المذكور وخاله معا من قصيدة مطلعها :
وقع السيف فوق جرح السنان خبر اني لاي جرح أعاني
    ولقد تخرج المترجم له على أخيه الشيخ صالح واستفاد من ملازمته ومن الشاعر الكبير السيد مهدي بن السيد داود وجمع أخوه في حياته ديوان أخيه الى ديوانه وسماهما « الفرقدان » وقد بذلت قصارى الجهد في الحصول على نسخة ذلك المجموع من مظانه في الحلة أيام اقامتي فيها فلم أتوفق وحالت دون ذلك عوائق لم أجد لبيانها سبيلا ، واليك بعض ما وقفت عليه من رقيق شعره وكله يكاد يقطر رقة وسلاسة :
يا مالكي لي في الحشى عطفا على دنـف أضر من نور وجهك نار مالك بحاله تصـحيـف حالك
    وله :
شاب رأسي والهم فيكم وليد قتل الصبر كالحسين شهيدا وبلى الجسم والـغرام جديد لا لذنب والهجر منكم يزيد
    وله :
يا صاحـب العين الكحيلـة تحتها ومعـذبي بجحيـم نيران الهـوى وتقول لي أهلكت نفسك في الهوى الخد الاسيل وقاتلي في ذا وذي لم لم تكن من نار حبك مـنقذي شغفا ولو أنصفتني ( انت الذي )


(169)
    وله :
كلفت بمـياس القـوام مهفهف فما الصـبح الا خده وهو نير فيا معـرضا عني وحبك مقبل سأجعل من حبي اليك وسـيلة وأرسل أشواقي اليك مع الصبا ترى منه لين الغصن والغصن مائل وما الليل الا فرعه وهـو حـائل ويا هاجري والهـجر للصب قاتل اذا هي اعـيتني الـيك الـوسائل اذا انقطعت مني الـيك الـرسائل
    وله يهجو بخيلا :
ومتيم بالبخل مثل هوى وتـراه يحـمل عيـبه لـو قيل كفك بالعطاء الاليف بـحب الفـه بين البرية فوق كتفه همت لهـم بقطع كفه
    وله من قصيدة :
أمعودي حال الضـنى حتى لقد عطفا فقد ذهبت بمهجتي النوى خذ جسمي البالي اليك ترحه من أخفى الضنى جسدي على عواده وشكا اليك الجفن طـول سهاده بلـواه أو فاسمـح بـرد فؤاده
    وربما يشتبه غالبا في كثير من مجاميع المراثي الحسينية فينسب بعض قصائد المترجم لسميه ومعاصره الشيخ حمادي نوح أو لأخيه الشيخ صالح الكواز ـ وبالعكس ـ وها نحن نثبت مطالع قصائده في أهل البيت خاصة تمييزا لها عن سواها من مراثي غيره فمنها النونية التي مطلعها :
حتى م تألف بيضكم أجفانها والى م تنتظر الرماح طعانها
    والحائية التي يستهلها بقوله :
حسبتك من بعد الجماح أمسيت طوع يد اللواحي


(170)
    والعينية التي أولها :
أما الأحبة ما لهم رجع ألفوا النوى وتأبد الربع
    ومن نفائسها قوله :
أوصى النبي بـوصل عترته هـذي رجـالـهـم يغـسلها والماء يشـربه الورى دفـعا وأبت هناك ( الخفض ) أرؤوسها فكأن ما أوصى به القطع فيـض الدما ويلفـها النقع ولآلـه عـن ورده دفـع فغدا لهن عـلى القنا ( رفع )
    واللامية في رثاء أبي الفضل العباس بن علي (ع) :
أرأيت يوم دعوا رحيلا من حملوا العبء الثقيلا
    أقول ورأيت ديوان الشاعر عند السادة آل القزويني في قضاء الهندية وقد كتب بخط جيد وفيه كل شعره ونقلت منه بعض القصائد ومنها هذه الرائعة الرقيقة في الامام الحسين (ع) :
ألا مـا لقلـبي مـمـا بـه أهل راعه فقد عصر الشباب نعم كان يصبو زمان الصبا يعـير مـسامـعـه للغـنا فأصبح لا الشـوق من شأنه ولكن شجاه بأرض الطفوف عشية بالطف حـزب الاله أراد ابن هند رؤوس الفخار يكـلف جفـني بتسـكابه أم هـاجه ذكـر أحـبابه لعـهد العـذيب وأتـرابه ويشنى الغـداف لتنـعابه (1) ولا حـب ميـة من دابه مصاب الحسين وأصحابه رماها الضلال بـأحزابه تنقاد طـوعـا لأذنـابه

1 ـ الغداف : رغاب القيظ.

(171)
ورام مـن العـز دفـع الأبـي فنـبه للـحـرب مـن لا يـنام أخا الشـرف الـباذخ المستطيل وملتـجأ الـخائـف المسـتجير رأى الصعب في طلب العز في فـقارع أخـبـث كـل الانـام ومـذ فقدوا استقـبل القـوم فر ولو شاء يذهب من في الوجود ولـكـن دعـته لـورد الردى فجانـب للعـز ورد الـحـياة فـلو كـان حـيا نبي الهـدى ولو كنـت فاطـمة تـنظرين خـلعـت فـؤادك للحـزن أو فما خـلت من قـد براه الاله به الخـطب ينـشب أظـفاره وبيـت سـما رفعة فـاغتدى تخـر الـملـوك لـه سـجدا تطـيل الـوقـوف بـأبـوابه تضـيع فـيه حقـوق الالـه وتـدرك ثــارات أوثـانـها وتهتك منـه الحـجاب الـذي وتسـبى كـرائـمـه جهـرة فلـيت الـوصي يـراهن في تجوب بها الـبر عجف النياق وكـافلـها نـاحـل يشـتكي ومن يدفع الليث عـن غابه الا عـلـى نـيـل أرابـه على الـكون طـراً باحسابه اذا عـضه الـدهر في نابه المنـية سهـلا لـطـلابـه بأزكـى الانـام وأطـيـابه دا فرد الخمـيس لاعـقـابه لـكان القـدير بـأذهـابـه سجـية ذي الشـرف الـنابه وجرعه الحـتف مـن صابه ( محـمد ) كان المـعزى بـه سـلـب الـعـدو لاثـوابـه كـساك المـصاب بجلـبابه فـي الـدهر غـوثا لمنتابه ويمـضي بـه حـد أنـيابه وشـهب السما دون أطـنابه وتهوي الـملائك فـي بابه وتـستاف تـربـة أعـتابه ولم تـرع حـرمة أربـابه أمـيـة في قـتـل أوابـه مـلائكـه بعـض حجـابه الـى أشـر الغـي كـذابه يد الشـرك أسـرى لمرتابه فـيقـذفهـن لأسـهـابـه مع الاسر من ضر أوصابه


(172)
يصـابرها محـنا لـم تدع يشاهـد أرؤوس سـمر العدا وفي الترب أجسامهم صرعا ويرعـى نساه ويـرعيـنه يـراهـن أسرى وينـظرنه فـينحب شجوا على ما بها الى أن تحل بـأرض الشئام مـن الحلم شيـئا لأربابه تمـيس بأرؤس أحـبابه بقضب الضلال وأحزابه بمنسجم الـدمع منـسابه بأسر الضـلال ونصابه وتنحب شجوا على ما به عداها الغـمام بتـسكابه


(173)
    قال في رثاء الحسين (ع) :
هـل فـي الـوقوف على ربى يبرين وهل الوقـوف عـلى الامـاكن منقع حتام تتبع لحظ طـرفك مجـري الـ والام تنفث مـؤصـدا الـزفرات عن تخفي الأسى وغريب شأنك في الأسى ولقد بلـوت الحـادثـات وكـان لي وتجلـدي مـا فـي كـعـوب قناته ورزين حلمي لا يطيش لمـحـنـة وغزيـر دمـعـي لا يزال مصونه وخطوب آل محمـد ضـعّـفن من هم خيرة الباري ومهبـط وحـيـه هم نور حكمـتـه وبـاب نجـاته أمـنـاؤه فـي أرضـه خلـفـاؤه وهـم الألـى عيـن اليقين ولا هم ما لي من الاعـمال الا حـبـهـم برء لداء فـي الـفـؤاد دفيـن غللا وقد بقـيـت بغيـر مكين ـعبرات اثـر ركـائب وظعون جمر بأخبية الحشـى مكـمـون باد يـفسره غـروب شـئـون في الخطب صبر لا يزال قريني لردى يريد الغمز ملمـس ليـن جلت وان قطع الزمـان وتيـني الا لـذل شـامـل فـي الـدين أركان دين الله كـل حـصـين حقا ، وعيـبة علـمـه المخزون أبدا وموضع سره المـكـنـون فـي خلقـه أبنـاء خـير أمين من كل هول في المعـاد يقينـي في النشأتين وحبهم يكـفـيـني


(174)
مـهـمـا أسـأت وقـد نسأت رثاءهم واذا تقـاعد منطقـي عــن مـدحهم أو ما درت تلـك الـجـوارح شفـها وحديث فاجـعـة الطـفـوف أذالـها اني متـى مـثـلتـها سعـر الجـوى ومتى أطـف بالطـف من ذاك العرى وذكـرت ما لم أنسـه مـن حـادث حيـث ابـن فـاطمة هنـاك تحوطه وهم الألى قد عـاهـدوه وأوثـقـوا حتى أناخ بهـم بمـا يـحـويه من غدروا به والغـدر ديـدن كـل ذي ورموه ـ لا عرفوا السداد ـ بأسهم ولديـه مـن آسـاد غـالـب أشبل وأماثـل شـربـوا بـأقـداح الولا سبقـوا بجـدهـم الـوجـود وآدم وهم الألـى ذخـر الاله لنـصـره لا عيب فـيهـم غيـر أنهم لدى الـ وعـديـدهم نزر القليل وفي الوغى والكـل ان حمـي الوطيس يرى به ما رنة الاوتـار فـي نغـمـاتـها كـلا ولا ألحـان معـبـد عنـدهم ثاروا كما شاء الهـدى وتسـنـموا وعدوا لقصدلو جرت ريـح الصبا واذا الهجان جـرت لقصد أدركت بـدر الـولا لـرثـائـهم يدعوني نهضت جميع جـوارحـي تهجوني رزء الاطائب من بنـي يـاسـين دمعا به انبجست عـيـون عيوني مني بأذكى مـن لظـى سجـيـن جعلت أراجيف الاسى تـعروني ما زال يغري بالشمـال يميـنـي زمر الضلالة وهو كالمـسـجون عقـدا لـبيـعـته بكـل يمـيـن آل وأمـوال وخـيـر بـنـيـن احـن بكـل دنـيـة مـفـتـون من كف كفر عن قسـي ضـغون يخشى سطاها ليث كـل عـريـن صافي المودة من عيـون يـقـين ما بين مـاء فـي الـوجود وطين في كربـلا مـن مبـدأ التكـوين ـهيجاء لا يخشـون ريب منـون كـل يـعـد اذا عـدا بمـئـيـن قبض اللوا فرضا علـى التـعييـن أشهـى لديـهـم مـن صليل ظبين في الروع أطرب من صهيل صفون صهوات قـب أيـاطـل وبطـون معهم به وقـفـت وقـوف حرون قصبا يقصر عنه جـري هجـيـن



(175)
حتـى اذا مـا غـادروا مهج العدى وفد الردى يبغـي قـراه وكلـهـم فلذاك قد سقطـوا على وجه الثرى وشروا مفاخـرهم بأنفـس أنفـس طوبى لهم ربحـوا وقد خسر الألى وغدا عميد المكـرمـات عميدهم ظامي الفؤاد ولا معـيـن له على يرنو ثغور البـيـد وهـي فسيحة ويرى كراديس الضـلال تراكمت ويكر في تلك الصفوف مجـاهدا ويعود نحو سرادق ضربت على وكرائم عبث الأسـى بقلـوبهـا يسدي لها الوعظ الجميل وذاك لا ونوائب عـن حمـل أيسر نكبة ثم انثنـى يلقـى الصوارم والقنا قسما بثابت عـزمـه ـ واليتي لو شاء اقراء الردى مهج العدى أو شـاء افنـاء العـوالـم كلها أنى ومحتوم المنـايـا كـامـن لكن لسر في الغيـوب وحـكمة وخبا ضياء المسلمين ومحم الذ وبنات خير المرسلين برزن من من كل زاكية حصان الذيل ما ولصونهـا أيدي النبوة شيدت وأجل يوم راح مفخـر هاشم نهبـا لكـل مهـنـد مسنـون حـب القرى بالنفس غير ضنين ما بيـن مـذبـوح وبين طعين ينحـط عنهـا قـدر كـل ثمين رجعوا هناك بصفقـة المغـبون من بعدهم كالـوا لـه المحزون قوم حموا عـنـه ورود معيـن شحنت مراصدها بـكـل كمين وكأنها قطـع الجـبال الجـون كر الوصي أبيه فـي صـفـين أزكـى بنـات للهـدى وبنيـن فغدت فـواقـد هـدأة وسكـون يجدي ذوات لواعـج وشجـون منهـا تسيـخ منـاكب الراهون بـأغـر وجـه مشـرق وجبين بثبات عـزمتـه أبـر يمـيـن طرأ لأضحت ثم طـعـم منون قسرا لأومـيء للـمـنايا كوني ما بين كاف خطـابـه والنـون سبقت بغامض علمه المخـزون كر المبيـن غـدا بغـيـر مبين دهش المصاب بعولـة ورنيـن ألف سوى التخديـر والتحصين من هيبة الباري منيـع حصون فيه أجب الظهـر والعـرنيـن


(176)
يـوم بـه تلك الفـواطـم سيـرت من فوق غارب كـل أعجـف عاثر وتقـول للحامي الحـمـى ومقـالها عطـا علـي ولا أخـالك ان أقـل أو لست تنـظرنـي وقد هتك العدى من بعد أن تـركوا بنيك على الثرى عارين منبوذيـن فـي كنـف العرا تلك الرزايا قـد أشبـن مـدامعـي أيمـس عيني الكرى وعلى الـثرى من غير دفن وهو أفضـل ميـت أسـرى تلـف أبـاطحا بحزون في السير صعب القود غير أمون كـدموعهـا مـن لـؤلؤ مكنون عطفا علي تغض طـرفك دوني خدري وهدمت الطغاء حصوني ما بين مذبـوح وبـيـن طعين من غير تغسيل ولا تكـفـيـن بدم الفؤاد كما أشبـن قـروني جسم الحسين أراه نصب عيوني في قلب كل مـوحـد مـدفون
    الشيخ ابراهيم بن صادق بن ابراهيم بن يحيى بن محمد بن سليمان بن نجم المخزومي العاملي الطيبي. ولد في قرية الطيبة من قرى جبل عامل سنة 1221 وتوفي بها سنة 1284.
    كان من العلماء الافاضل ، خفيف الروح درس في النجف الاشرف وكان سفره اليها سنة 1252 ـ أقام بالنجف سبعا وعشرين سنة وبضعة أشهر قرأ على الشيخ حسن بن الشيخ جعفر صاحب كاشف الغطاء وأخيه الشيخ مهدي وعلي الشيخ مرتضى الانصاري ويروي عنهم بالاجازة ـ له منظومة في الفقه تزيد على الف وخمسمائة بيت وله قصائد عامرة في مدح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وقد كتب بعضها في الحرم العلوي المطهر وكان شاعرا وناثرا. ومما روى عنه قوله :
    وقلت أمدح سيدي ومولاي أمير المؤمنين صلوات الله عليه


(177)
وعلى أبنائه الائمة الميامين ، وقد كتبت جملة من هذه القصيدة على دور ضريحه المقدس من الجوانب الاربع في 20 رجب سنة 1271 ، ذكره سيدنا الحسن الصدر في ( التكملة ) فوصفه بالعالم الفاضل المحقق والاديب الشاعر المفلق.
    وكتب الاديب المعاصر السيد حسن الامين عن شاعرية الشيخ ابراهيم صادق تحت عنوان ( علائق شعرية عراقية عاملية ) في مجلة البلاغ الكاظمية العدد السادس السنة الثانية وترجم له شيخنا الطهراني في ( الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة ) قال : وآل صادق من أشرف بيوت العلم في جبل عامل وأعرقها في الفضل والادب نبغ فيهم أعلام في الفقه والشعر لم تزل آثارهم غرة ناصعة في جبين الدهر ولا سيما شعراؤهم الافذاذ الذين طار صيتهم في الآفاق ، وكانوا يعرفون قبل الشيخ صادق بآل يحيى نسبة الى جدهم الذي كان من صدور علماء عصره وأدبائه. أقول وسبق أن ترجمنا في هذه الموسوعة لجده الكبير الشيخ ابراهيم بن يحيى.
    قال مستجيرا بالامام الحسين (ع) :
يا سيد الشهـداء يـا مـن حبـه وابن الامام المـرتضى علم الهدى وابـن المطهرة البتول ومن عنت واخا الزكي المجتبى الحسن الذي وأبـا عـلي خير أربـاب العلى وافاك عـبـدك راجيـا ومؤملا فاعطف عليه بنظرة تـوري بها فرض وطـاعتـه اطـاعة جده سر الاله مبـين منهـج حـمـده غر الـوجوه لنور بـاذخ مجـده نور الهدى مـن نـور غرة سعده وامام كـل مـوحد مـن بـعـده منك الحبا ورضاك غـاية قصده ـ يا خير مقصود ـ شرارة زنده


(178)
وأنله منـك شفـاعة يمسي بها وأقله سطوة حادث الزمن الذي فلأنت أكرم مـن همت أنواؤه من لطف باريه بجنة خلده أخنى عليه بجـده وبجهده يوم العطاء لوفده من رفده
    وله يمدح الامام أمير المؤمنين (ع) وهي تزيد على 150 بيتا :
هـذا ثـرى حـط الاثيـر لـقـدره وضريح قدس دون غايـة مـجـده أنى يقاس به الـضـراح عـلا وفي جدث علـيـه مـن الاله سـرادق ودت دراري الـكـواكـب أنـهـا والسـبعـة الافـلاك ود عليـهـا عجبـا تـمـنـى كـل ربـع أنه ووجوده وسع الـوجـود وهل خلا كشاف داجية القـضاء عن الورى هزام أحـزاب الضـلال بصارم سباق غايـات الفـخـار بحلـبة عم الوجود بسابـغ الجـود الذي أنى تساجله الغيـوث نـدى ومن أم هل تقـاس بـه البحار وانما فافزع اليه من الخطوب فان من واذا حللت بطـور سـينا مجده فأخلع اذا نعليك انك فـي طوى وقل السلام عليك يا من فضله مولاي جد بجميلك الاوفى على يرجوك احسانا ويأملك الرضا ولعـزه هـام الثـريـا يخضع وجلاله خفض الضـراح الارفع مكنونه سر المهيـمـن مـودع ومن الرضا واللطف نور يسطع بالدر مـن حصبائـه تتـرصع لو أنه لثـرى علـي مضـجع للمرتضـى مولى البرية مربع في عالم الامكان منه مـوضع بعزائم منهـا القـضـا يروع من عزمه صبـح المنايا يطلع فيها السواري وهي شهب تطلع ضاقت بأيده الجـهـات الاربع جدوى نداه كل غيـث يهمـع هي من ندى أمـداده تـتـدفع ألقى العصا بفنـائـه لا يفزع وشهدت أنوار التجـلـي تلمع لجلال هيبـتـه فـؤادك يخلع عمن تمسك بـالـولا لا يمنع عبد له بجميـل عفوك مطمع فضلا فأنت لكـل فضل منبع


(179)
هيهات ان يخشـى وليـك من لظى ويهولـه ذنـب وأنـت لـه غـدا ويخاف من ظمأ وحـوضك في غد يا من اليـه الامـر يـرجع في غد وله مـآل ثـوابهـا وعـقـابـها أعيت فضـائلك العقول فما عسى وأرى الألى لصفات ذاتـك حدودا ولآي مجدك يا عظيم المـجـد لم عجبي ولا عجب يلين لـك الصفا ولك الفلا يطوى ويعـفـور الفلا ولك الرمام تهـب مـن أجـداثها والشمـس بعد مغيـبـها ان ردها فهي التـي بك كـل يـوم لم تزل ولك المناقب كـالكـواكب لم تكن فالدهر عبـد طايـع لـك لم يزل ولئن أطـاع البحر موسى بالعصا ولـئن نجت بالرسل قبلك أمه وصفاتك الحسنى يقصر عن مدى ويهوله يـوم القيـامـة مطـلـع من كـل ذنـب لا محـالـة تشفع لذوي الولا مـن سلسبيـل متـرع ولديه اعمال الخلايــق تـرفـع يعطي العطـاء لـمـن يشاء ويمنع يثني بمدحتك البـليـغ المصـقـع قد أخطأوا معنـى عـلاك وضيعوا يتدبروا وحديـث قـدسـك لم يعوا والماء من صـم الصـفـا لك ينبع لدعاك من أقصى السـباسب يسرع والشمس بعد مغيبهـا لـك تـرجع بالسر منك وصي مـوسـى يوشع من بدء فطرتها تغـيـب وتطـلع تحصى وهل تحصى النجوم الطلع وكذا القضا لك من يميـنك أطوع ضربا فموسـى والعصا لك أطوع فلقد نجت بـك رسل ربـك أجمع أدنى علاهـا كـل مـدح يصنـع
    وله ايضا في مدحه عليه السلام :
أشاقك من ربي نجـد هواها ونبه وجدك المكنـون برق نعم وألم بي سـحـرا نسيم فألمني وذكرنـي عهـودا بلاد لي بساحتهـا أنـاس ومن نسمـات كاظمة شـذاها تألق في العشيـة مـن ربـاها يحدث عن شـذا وادي قـراها بعامل لا عـدا السقـيـا ثراها ولي صحب كرام فـي حمـاها


(180)
أحـن لجـانـب الشـرقـي منها وتلعب بـي لـذكـراهـا شجون واشتـاق ( الخيـام ) وثـم صحبا نعمت بقـربهـا زمنـا ونفـسي فكم من كاعـب ألفـت فـبانت وكم هرعـت لتـلك وكم أقامت وكم قطعت هنالـك مـن ثمـار بحيث العيش صفـو واللـيـالي ولمـا أن رأيت الجـهـل عارا وان النفس لا تـنـفـك تسـعى رددت جماحها فـارتـد قـسرا وحركني الـى التـرحـال عنها فهبت بي لمـا أبـغـي عصوب مـعـودة عـلـى أن لا تـبالي كسـتـهـا عزمة الرائي شحوبا اذا مـا هجهج الحادي وأضحت وأمست بـعـد ارقـال وخـب يخـيل لـي بـأن البـر بحـر الى أن مسـت الاعـتاب أبدت وقـد لاحت لعينـيـها قبـاب هنالـك قـرت الوجـناء عينا وأنحت جانب الغروي شـوقا فوافت بعد جـد خـير أرض فألقت في مفاوزهـا عصاها أبي الحسنين خير الخلق طرا حنيـن مـروعـة ثكلـت فتاها كما لعبت برايـاهـا صـبـاها عليـه راح مزرورا خـبـاهـا برغم الحلم تمرح فـي غـواها تمج الكاس عـذبـا مـن لماها بسوق اللهو طارحـة عصـاها لعمر العـز عـذب مجتـنـاها غوافل راح مأمـونـا قضـايا وان العـمـر أجـمـلـه تناهى الى الشهـوات فاغـرة لـهـاها وألـوت عن كثـير مـن شقاها عـزائـم قـد أبـت الا قـلاها تلف الارض لـفـا فـي سراها بفـري مـفـاوز نـاء مـداها وتـدآب الـسـرى عنقـا براها تثيـر النقع مـن طـرب يـداها تغـافـل وهـي نـافحـة براها يسارع فـي المسيل الـى وراها رغاها تشتكـي نصـبـا عراها يرد الطـرف عن بـادي سناها ونالت بـالسـرى أقصـى مناها يجاذبها لمـا تـبـغـي هـواها يضاهي النيريـن سنـا حصاها وأرست فـي ذرى حامي حماها وأكرم مـن وطـاهـا بعد طاها
ادب الطف الجزء السابع ::: فهرس