ادب الطف الجزء السابع ::: 196 ـ 210
(196)
رعى الله جسما بالسيوف موزعــا ورأس فخار سيم خفضا فما ارتضى بــنفسي الذي واسى أخاه بنفســه رنا ظـاميا والـماء يـلمع طـاميا ومـا همـه الا تـعـطش صبيـة على قربه منه تنائى وصولــــه ولـم أنسه والماء مــلء مــزاده ومـا ذاق طـعم الماء وهو بقربه تـصافحه البيض الصفاح دواميــا مضت بالهدى في يوم عاشور نكبـة فليت علي الـمرتضى يـوم كربـلا وللـخفرات الـفـاطميات عـولـة حــواسر بعد السلب تسبى وحسبها لــــها الله اذ تدعوا أباها وجدها وقلـبـا على حـر الظما متقلبـا سوى الرفع فوق السمهرية منصبا وقام بمـا سـن الأخاء وأوجبـا وصعد أنفـاسا بهـا الدمع صوبا الى المـاء أوراهـا الاوام تلهبـا وأبعد ما ترجو الـذي كان أقـربا وأعداه ملء الارض شرقا ومغربا ولكـن رأى طعـم المنيـة أعذبا وتعدو على جثمانـه الخيـل شزبا لديها العقول العشر تقضي تعجبـا يـرى زينبا والـقوم تسلب زينبا وقد شرق الـحادي بـهن وغربا مصابا بأن تسبي عيانا وتسلبــا فلم تـر لا جـدا لديهـا ولا أبـا
    السيد راضي بن السيد صالح بن السيد مهدي الحسيني القزويني النجفي البغدادي شاعر موهوب. ولد في النجف الاشرف عام 1235 ونشأ بها ودرس على والده مبادئ العلوم والاصول والادب واستمد من مجالس النجف ومن أعلام الادب روحا أدبية عالية ، ساجل فحول الشعراء وباراهم ، ولما انتقل أبوه الى بغداد انتقل معه عام 1259 وسافر الى ايران أكثر من مرة واتصل بالشاه ناصر الدين القاجاري وكانت له منزلة في


(197)
نفس الشاه ومكانة سامية ، كما كانت له صلات مع أمراء العراق في عهد الدولة العثمانية وتجد في ديوانه كثيرا من التقاريظ والموشحات لشعر عبد الباقي العمري والسيد حيدر الحلي وغيرهما توفي بتبريز في شهر المحرم عام 1285 هـ والمصادف 1868 م ونقل جثمانه الى النجف فدفن تحت الميزاب الذهبي في الصحن الحيدري وخلف ولدين هما : الشاعر السيد احمد والسيد محمود ، ورثاه فريق من الشعراء منهم أبوه السيد صالح الشاعر الشهير والآتية ترجمته.
    جمع ديوانه أخوه السيد حسون بن السيد صالح وفرغ من جمعه له في 15 شعبان 1341 هـ ، وقد ترجم له البحاثة علي الخاقاني في شعراء الغري وقال : ذكره صاحب الحصون المنيعة في ج9 ص206 وقال عنه : كان أديبا وشاعرا بارعا مفلقا ، جيد النظم رقيق الغزل حسن الانسجام ماهرا في التشطير والتخميس لا يكاد يعثر على مقطوعة أو ( دو بيت ) وقد استحسنهما الا خمسهما.
    وتوفي بعده والده المعمر عالم بغداد الجليل في وقته والمعاصر للعلامة الشيخ محمد حسن آل ياسين في سنة 1305 هـ.
    فمن قوله في تخميس أبيات أبي نؤاس :
ليت شعري كم خضت للشعر بحرا وبشعري لما اكتسى الكون فـخرا منه توجت مفرق الدهـر درا قيل لي أنت أشعر الناس طرا
في المعاني وفي الكلام البديه
مثل ما رق في الزجاج مدام وكما ضاحك الرياض غمام رق معنى له وراق انتظام لك من جيد القريض نظام
يثمر الدر في يدي مجتنيه
كم معان أبرزتهن شموسا بمبان زينت فيها الطروسا


(198)
كنت حقا لدرها قاموسا فلماذا تركت مدح ابن موسى
والخصال التي تجمعن فيه
خل ما قلت من بديـع نظام واصنع المدح في امام همام ودواعي تشوق وغـرام قلت لا أستطيع مدح امام
كان جبريل خادما لأبيه
    ومن شعره قوله في الغزل :
خل عنك الهوى ودعوى التصابـي ان تـوديـعــك الشـباب وداع طالمـا أجـج الـهـوى لك نارا ذهبـت بـالمنى الـشبيبـة عني يا خـليلي هـل تـعـود لـيـال حيث شرخ الشباب غـض قشيب يا حـمام الاراك دعني وشجوي هل لاحبـابنا غـداة استقـلـوا كدرى ما صفـا بهـم فعسى أن وبروحي من الظبا شمس خـدر حي بدرا حـيا بشمس الـمحيا لك أشكو من سقم عينيك سقمـا فتـكت بالـحشى لواحظ ريـم بت أجني من وجـنتيه ورودي وخلعـت العـذار في خلـوات ورثى رحمـة لـقلـب مـذاب واعتنقنا حـتى الصبـاح بليل من معيد ما مر من عهد وصل في رياض مثل النضار صفاء بعد عصر الصبا وشرخ الشباب لـوصال الـكواعـب الاتراب في الحشى من صبابة وتصابي مثل أمس فمـا لها مـن اياب سلفـت فـي سوالف الاحقاب يا رعى الله عهد شرخ الشباب ما باحشاك من جوى مثل ما بي مـن دنـو بعد النوى واقتراب تصفوه لهم فيصفـوا شرابـي قد توارت من النوى في حجاب وحباها بالمزج شهب الحبـاب وعذابا من الثنـايـا الـعذاب تتقي فتكـهـا أسـود الغـاب وورودي من سلسبيل الرضاب بين شكوى الهوى ونشر عتاب وبكـى رقـة لـصب مصاب فيه زرت على العفاف ثيابـي فيه عيشي حلا وساغ شرابـي وحياض مـثل اللجين المـذاب


(199)
    ذكره صاحب روضات الجنات من جملة أساتيده الذين تلقى عنهم العلم فقال : ومنهم السيد السند ، النبيل المعتمد والفقيه الاوحد الامير سيد محمد بن السيد عبد الصمد وهو السيد النسيب الحسيني الاصبهاني المنتهى اليه رياسة التدريس والفتوى في هذا الزمان بأصبهان ، لم نر أحدا يدانيه في وصف الاشتغال بأمر العلم والتعليم ، كان معظم تلمذه وقرائته على المرحوم الحاج محمد ابراهيم ، وعلى الفاضل العلاني الكربلائي سيد محمد بن الامير سيد علي الطباطبائي.
    وكتب سلمه الله في الفقه والاصول كثيرا منها شرحه الشريف الموسوم بـ ( أنوار الرياض ) على الشرح الكبير المسمى بـ ( رياض المسائل ) ومنها كتاب سماه ( العروة الوثقى ) في الفقه وآخر سماه ( الغاية القصوى ) في الاصول. ومنها منظومته الفقهية التي لم يكتب مثلها في الاستدلال المنظوم. ونظمه رائق فائق جدا لفظا ومعنى ، وأنشد كثيرا بالعربية في مراثي أبي عبدالله الحسين (ع). وهو الان متجاوز ببناء عمره السعيد حدود السبعين. انتهى (1) توفي بأصفهان سنة 1287.
1 ـ روضات الجنان الطبعة الثانية ج 2 ص 106.

(200)
    ذكره في أنوار البدرين في شعراء القطيف فقال : العالم العامل الشيخ علي بن الشيخ احمد بن الشيخ حسين آل عبد الجبار ، كان حكيما فيلسوفا أديبا محققا له ديوان شعر كبير في مراثي الحسين عليه السلام ومدائح آل محمد (ع) من الشعر الجيد وله منظومة في اصول الدين وأخرى في التوحيد ورسالة في التجويد ورسائل آخر بخطه وحواشي كثيرة على الكتب الفقهية. بل قل ما رأيت كتابا من كتبه أو رسالة من الرسائل مما دخل في ملكه الا وله عليه حواشي وتحقيقات. فمن شعره في القناعة قوله :
لـقد طالبتني النفس من سوء حرصها فـقلـت لـها هـاتي كـفيلا بـأنني برزق غد والموت منها بمرصد اذا ما ملكت الرزق أبقى الى غد
    توفي رحمه الله وقد نيف على الثمانين سنة 1287 ، ورثاه شيخنا الصالح العلامة الامجد الشيخ صالح بمرثية وأرخ وفاته بقوله في آخر المرثية :
( غاب بدر المجد ) ذا تاريخه يا ليوم فيه بدر المجد غاب


(201)
    قال في الحسين عليه السلام :
بيـن البـين لـوعتي وسهـادي أيهـا الـمدلجـون باله ريضوا أنقـضتم عـهود ودي كما قـد مفـردا لـم يجد لـه من نصير هم أسود العرين في الحرب لكن قـد ثنوا خيلهم شوازب تعـدو وعلا فـي هـياجهـم ليل نقع فـدنا منـهم القـضا فتهاووا وبقـى ثابت الـجلاد وحـيدا مستغيثا ولم يجـد من مغـيث جزر الكفر حـطم السمر فـل يا لقومي لفادح ألـبس الـدين كـم نفوس أبـية رأت الموت هي عزت عن أن تسام بضيم وصدور حوت علوم رسول الله وجرت مـقلتي كصوب العهاد عـن سراكـم سويعـة لفؤادي نقضـوا للحسين حـق الـوداد غـير صـحب بسيرة الاعداد نابهم في الهياج سـمر الصعاد تسبق الريح في مجاري الطراد لا يرى فيه غير ومض الحداد جـثما عـن متون تلك الجياد بيـن أهـل الضلال والالحاد غـير رمـح وصارم وجواد البيض لـف الاجناد بالاجناد ثيـاب الاسى لـيوم المعـاد لـديـها كـمـوسم الاعـياد فأسيـلت على الظبا والصعاد أضـحت مـغارة للـجيـاد


(202)
    أبو داود العالم الاديب السيد مهدي بن داود بن سليمان الكبير ، ميلاده في الحلة سنة 1222 ونشأ بها نشأة صالحة على أخيه السيد سليمان الصغير وجد واجتهد ودرس اللغة وآدابها واستقصى دواوين العرب وتواريخهم وأيامهم حتى أصبح مرجعا ومنهلا يستقي منه رواد الادب ، ونهض بأعباء الزعامة الدينية والادبية التي كان يقوم بها أعلام أسرته مـن قبلـه ، ودرس الفقـه علـى العلامـة صـاحب ( أنوار الفقاهة ) ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء ـ يوم كان مقيما بالحلة ـ ثم هاجر الى النجف فحضر في الدروس الفقهية على الشيخ صاحب ( الجواهر ) وقد رثى أستاذيه المذكورين بقصيدتين كلتاهما في ديوانه المخطوط.
    جاء في ( البابليات ) عند ترجمته ما يلي :
    كان من النسك والورع والتقى على جانب عظيم بحيث يأتم بصلاته كثير من الصلحاء في مسجد خاص ملاصق لداره في الحلة يعرف بمسجد « أبو حواض » لوجود حوض ماء كبير فيه وكان هذا المسجد كمدرسة أدبية لتلاميذه الذين يستفيدون منه وهم جماعة من مشاهير أدباء الفيحاء وهم بين من عاصرناهم أو قاربنا عصرهم كالشيخ حسن مصبح والشيخ حمادي الكواز والشيخ حسون بن عبدالله والشيخ علي عوض والشيخ محمد الملا والشيخ علي بن قاسم والشيخ حمادي نوح الذي طالما عبر عنه في ديوانه المخطوط بقوله : ـ سيدنا الاستاذ الاعظم ـ وقد وجه المترجم أكبر عنايته في التهذيب دون هؤلاء لابن أخيه وربيب حجره الشاعر المفلق السيد حيدر فانه مات أبوه وهو طفل صغير فكفله هذا العم العطوف فكان له أبا ومهذبا كما صرح بذلك في قصيدته التي رثاه فيها وقلما يوجد مثلها في مراثيه ومطلعها :


(203)
أظبى الردى انصلتي وهاك وريدي ذهب الزمان بعدتي وعديدي
    ومنها :
وأنا الفـداء لـمن نشأت بـظله ما زلت وهو علي أحنى من أبي ما لي وللايـام قـوض صرفها والدهر يرمقني بعين حسود بألذ عيش في حماه رغـيد عني عماد رواقي الممـدود
    وقال في كلمات نثرية صـدر فيهـا تخميسه لقصيـدة عمـه الداليـة فـي ( العقد المفصل ) ولا غرو ان حذوت مثاله وشابهت أقوالي أقواله فان من حياضه مشربي ومن أدبه كان ادبي فترانا حر يين بقول المؤمل بن أميل الكوفي :
وجئت وراءه تجري حثيثا وان بلغ الصغير مدى كبير وما بك حيث تجري من فتور فقد خـلق الـصغير من الكبير
    لـه مصنفـات في الادب والـلغـة والتـاريخ أحسنهـا علـى مـا قيل « مصباح الادب الزاهر » وهـو الـذي يروي عـنه ابن أخيه السيد حيدر في كتاب ( العقد المفصل ) ـ ولا وجود له اليوم ـ وله مختارات من شعر شعراء العرب في جزئين ضخمين سلك فيهما طريقة أبي تمام في ديوان الحماسة وقد استفدنا منهما كثيرا يوم كنا في الحلة وكتاب في أنواع البديع وكتاب في تراجم الشعراء المتقدمين ونوادرهم وكأنه لخص فيه تراجم جماعة من شعراء اليتيمة ووفيات ابن خلكان وغيرهما ، رأيت قطعة كبيرة منه بخط الخطيب الاديب القاسم بن محمد الملا نقلها عن نسخة الاصل وديوان شعره الذي لم يكن مجموعا في حياته بل كان في أوراق متفرقة أكثرها بقلم ابن أخيه حيدر وقد جمعها حفيد المترجم


(204)
السيد عبد المطلب بن داود بن المهدي وكلف بنسخها الشيخ مهدي اليعقوبي وجعله في جزئين مرتبين على الحروف ، الاول في مديح ورثاء جماعة من علماء عصره في النجف والحلة ، كآل بحر العلوم وآل كاشف الغطاء وآل القزويني وآل كبه في بغداد ، وقد أورد ابن أخيه كثيرا منه في العقد المفصل و « دمية القصر ـ ـخ ـ » والثاني في مدح ورثاء أجداده الطاهرين (ع) ويقع في « 128 » صفحة وقد نظم هذا القسم في أيام كبره وأتلف ما قاله من الشعر في أواسط حياته في بعض الناس وقد رأيت له مقطوعة يتأسف فيها على ما فرط به من مديح ورثاء لغير آل الرسول (ص) ممن لا يضاهيه في السؤدد ولا يساويه في شرف المحتد ، منها قوله :
فوا خجلتي منكم أفي الشيب مذودي أأمدح مـن دونـي ومجدي مجده وفرعي مـن أعلـى أرومة هاشم لـغيركـم جـيد الـمدايـح لافت من الارض حيث الفرقدين التفاوت على شـرف المـجد المؤثل نابت
    والى ما قاله في أهل البيت (ع) أشار ابن أخيه في العقد المفصل حيث قال عن عمه المذكور ما لفظه : أوصى الي في بعض قصائد كان نظمها في مدح جده وعترته أن أجعلها معه في كفنه ا هـ وألمح الى ذلك في مرثيته لعمه بقوله :
وأرى القريض وان ملكت زمامه لم ترض منه غـير ما ألـزمته وجـريت في أمـد اليه بـعيد من مدح جدك طائرا في الجيد
    وفيه تلميح الى قوله تعالى : « وكل انسان ألزمناه طائره في عنقه » وقد أثبت بعض مراثيه الحسينية سيدنا العلامة الامين في


(205)
( الدر النضيد ).
    وهذه نماذج من شعره :
    قال من قصيدة في مدح المرحوم الحاج محمد صالح كبه :
نسيم الصبا استنشقت مـنك شذا الند فـذكرتني نـجـدا وما كنت ناسيا ليال قصيرات و يا ليت عـمرهـا بـهـا طلـعت شمس النهار فلفها قـد اختلست منها عـيوني نظـرة وفي وجنتيها حـمرة شـك ناظري وفي نحـرها عقد توهمت ثغـرها وما كـنت أدري ما الـمدام وانـما وقبل اهـتزاز الـقد ما هـزة القنا ومـن قربهـا مالـت برأسي نشوة وان زال سكر البعد من سكر قربها تعشقتـها طـفـلا وكهـلا وأشيبا ولـم تـدر ليلـى أنني كـلف بها وما علمت من كتم حبي لمن بـكت فـأذكـر سعدى والغـرام بـزينب وان قلت شوقي بـاللـوى فبحاجـر وما ولعـت نفسي بشيء من الـذي وليس الفتى ذوالحـزم من راح سره فهل سرت مجتازا على دمنتي هـند ليال سرقناهـا من الدهـر في جعـد يمـد بـعمري فهو غاية مـا عندي ظلامـان مـن ليل ومن فاحم بـعد أرتني لـهيب الـنار في جـنة الخلد أمـن دم قلبـي لونها أم مـن الورد لآلأه نـظـمـن مـن ذلك الـعقـد عرفت مذاق الراح مـن ريقها الشهد وقبل حسام اللحظ ما الصارم الهندي صـحوت بها يا مي من سكرة البعد فلا طب حتى يـدفع الـضد بالضد وهـما عرته رعشة الـرأس والـقد وقلـبي مـن نار الصبابـة في وقد جفوني ولا قلبي لمن ذاب في الوجد وأدفـع في هنـد ومـية عـن دعد أو المنحنى فاعلـم حننت على نـجد ذكـرت ولكن تعلما لنفس ما قصدي تناقـله الافـواه للـحـر والـعـبد


(206)
    وله يهنيء الحاج محمد صالح كبة في عرس ولده المصطفى :
أتتك ومنها الشمس في الوجه تشرق رشيقـة قـد في سهام لـحاظهـا ولـم تشبه الاغـصان قـامة قدها ولـيس التـي بالماء يورق غصنها لقـد فضحت في عينها جؤذر النقا تـميس وقـرطاها قليقـان والحشا ونشـر الخزامي في الـغلائل يعبق حشا صبها عن قوس حاجب ترشق وأنـى ومـنهـا قـد مـية أرشق كـمن هـو من ماء الشبيبة مورق وان هـي في عينيه تـدنو وترمق على وفق قرطيها من الشوق يخفق
    وله :
وكم ذي معال بات يخفض نفسه تصاغـر حتى عـاد يكبر قدره فأضحى وعن عليائه النسر يقصر ويكبر قدر المرء من حيث يصغر
    وله
اقـطع هـديت عـلائق النفس تمسي وتأمل في الصباح ترى أتعيش في أمل الى الرمس خيرا فتصبح مثلمـا تمسي
    وله :
كم تقي للخلق يظهر نسكا فهو في نسكه تظن أبا ذر ولباري النفوس في السر عاص وعـند التحقيق فابـن العاصى
    أجاب المترجم له داعي ربه في الرابع من محرم الحرام أول سنة 1289 هـ في الحلة ونقل الى النجف الاشرف كما أرخ ذلك تلميذه الشيخ محمد الملا في آخر مرثية له بقوله :
وحين مضى جاء تاريخه مضى عجلا لجنان النعيم
    ومن هنا يتحقق ان ما نشرناه في « العرفان » وما نقله عنه


(207)
الزركلي في « الاعلام » من ان وفاته سنة 1287 كان سهوا. والى وفاته في المحرم يشير ابن أخيه السيد حيدر في مرثيته له :
فكـأنما أضـلاع هاشم لـم يكن لـم تـقض ثكل عمـيدها بمحرم يـبكي عـليه الديـن بالعين التي ان يـختـلط رزءاهـما فكلاهما أبه نعـى الناعي لها عمرو العلى أبـدا لـها عـهد بقلب جليد الا وأردفـها بثـكل عـميد بكت الحسين أباه خير شهيـد قصما قرى الايمان والتوحيد أم شيبة الحمد انطوى بصعيد
    ورثاه عامة شعراء الحلة الذين شهدوا يومه بعدة قصائد أشهرها قصيدة الشاعر المجيد المتوفى بعده بعام واحد الشيخ صالح الكواز حيث يقول :
تعـاليت قـدرا أن تكون لك الفدا وكيف تفـدى في زمان ولم يكن فقل لقريش تخلع الصـبر دهشة وتصفق جـذا الراحـتين بمثلها لقد عمها الرزء الذي جدد الاسى فان أبا داود عـاجلـه الـردى حذا حذو آباه الألى أسسوا العلى اذا لبس الـدنيا الـرجال فانـه فـوالله ما ضلت علـيه طريقها فمـا مـالت الايـام فيه بشهوة اذا مـا توسمت الـرجال رأيته فلله ذاك الـطـود مـاذا أزالـه نفوس الورى طـرا مسودا وسيدا لـدينا بـه الذبـح العظيم فتفتدى وتلـبس ثـوبا للـمصيبة أسـودا وتغضي على الاقذاء طرفا مسهدا عليهـا بمـا خـص النبي محمدا وكان الذي ينتاشنا مـن يد الردى فـوطد مـن فوق الاساس وشيدا لعمـري منـها شـذ ما قد تجردا ولو شاء من أي النواحي لها اهتدى ومـا ملـكت منـه الـدنية مقودا أقلـهم مـالا وأكــثرهـم نـدى ولله ذاك الـنور مـن كان أخمـدا


(208)
    وجاء في شعراء الحلة للخاقاني السيد مهدي بن السيد داود بن السيد سلمان الكبير الحلي. أشهر مشاهير شعراء عصره ، نشأ على أخيه السيد سلمان الصغير المتوفى 1247.
    له آثار قيمة توجد في الحلة عند حفيده السيد هادي بن السيد حمزة ومن بينها ديوانه ويقع في جزئين ، ونسخة أخرى من ديوانه عند الخطيب الشيخ مهدي الشيخ يعقوب جمعة سنة 1329 رأيته بخطه ، وقد جاء في أول الجزء الاول قوله في رثاء كريمة الحاج محمد صالح كبه :
من بكى الخدر والتقى والحياء وعلى ذي الاعواد آسية تحمل هل قضت معدن التقى حواء أم تلـك مـريـم العـذراء
    وجاء في أول الثاني قوله في رثاء سيد الشهداء الحسين بن علي (ع) :
سقت من رقاب لوى دماءا وفي أرضهـا نثـرت منهم وفي الطف في بيضها جدلت أميـة في قضبها كربلاءا نجوما ففاقت بهن السماءا أماجـد من حزبهم نجباءا
    وترجم له السيد الامين في أعيان الشيعة وسماه بـ ( السيد داود الحسيني الحلي ) ، وقال في جزء 30 من الاعيان : هو من الطائفة التي منها السيد حيدر الحلي الشاعر المشهور ، ولم يمكننا الان تحقيق ذلك ولا معرفة شيء من أحواله سوى أنه أديب شاعر ، وعثرنا من شعره على قصيدة في رثاء الحسين عليه السلام من جملتها :
ما ان أثار لحربه في كربلا ظلما قتامه


(209)
    ثم استدرك في جزء 31 فقال : وعلمنا بعد ذلك انه عم السيد حيدر الحلي ، فاذا هو السيد داود بن سليمان بن داود بن حيدر.
    أقول والصحيح كما ذكرنا سابقا فهو السيد مهدي بن السيد داود بن سليمان الكبير. وديوانه يضم مختلف ألوان الشعر وعدة قصائد في الامام الحسين (ع) فمنها ما وسعنا تدوينها :
قف بـين أجـراع الطفوف في عـرصة فيـها ابن فا في ثلـة مـن آل عـدنان الضاربيـن عـلى الطريق والـمانعـين ذمـارهـم وبـدور مـجد نور فخـ بيض الوجوه وفي الوغى مـن دأبهـم يـوم اللـقا بـأبي كـراما مـن ذؤا عـكفـوا بقضبهم عـلى وحـموا ببيض ظبا الموا شربـوا على ظمأ دوين وبـقى حليف المجد غيـ يلقـى الـصفوف كملتقا فـترى السيوف به تطير حتى اذا حـم الـقـضا وغـدت هـنالك زيـنب وانـحب أسـى بــدم ذروف طـمة غــدا نهـب الحتـوف ذوي الـشـرف الــمـنيـف قـبـابـهم لقــرى الضـيوف بالـقـضب في اليوم المخـوف ـرهم عـلى الـقمرين مـوفي حـمـر الأسنـة والـسيـوف جـزر الكـتائـب والـصفوف بــة هــاشـم شم الانـوف قـوم عـلى الـعـزى عكوف ضـي بـيضـة الدين الحنيف السبـط كـاسات الـحـتـوف ـر الـعضب لم ير من حليف ه بـاسمـا زمـر الـضيوف مـع الـسواعــد والكفـوف فـهوى وغـودر بـالخسوف تـدعـوه عـن كبد لـهيـف


(210)
    ومن مراثيه :
بأبي مـن بـكت عـليه السماء واستثارت في الكون حين هوى يا لحى الله عصبة قد أريقـت ما وفت عهد خاتم الرسل فيهم هي من يوم حرب بدر وأحـد فقضى ظاميا لدى الماء حـتى حوله من بني أبيه ومن أصـ بذلـوا دونـه نفوسا عزيزات بـأبي أنفسا على السمر سالت ووجوها تعفرت بثرى الـغبـ وأكفا تـقطعت وهي يـوم الـ وصدورا عـدت عليها العوادي يا لها وقعة لها رجت الـغبـ ليس تسلى بيدى الزمان كأن في يا بـن بنت النبي أنتم رجـائي فاشفعوا لي اني مسيء وأنتـم وعـليكـم مـن الاله صـلاة ونـعتـه الامــلاك والانبيـاء فـي الـترب ريـح لاجله سوداء بظباهـا مـن آل طــه دمـاء كيف يرجى مـن اللئام الـوفـاء زرعـت فـي قلـوبهـا الشحناء ود مـن أجـله يـغـور الـماء ـحـابـه الـغر مـعشر نجباء بيـوم قـد عـز فيـه الــفداء حـذرا أن يـسـؤهـن قـمـاء ـرا وكـانت تـجلى بهـا الغماء ـمـحل للخـلق ديـمة وطـفاء وهـي للـعلم عـيبـة ووعـاء ـرا ومالت من عظمها الخضراء كـل يـوم يـمـر عـاشـوراء يـوم نـشر الورى ونعم الرجاء لـمـوالـيكـم غـدا شفـعـاء وسـلام مـا حــنت الـورقاء
    ونكتفي عن ذكر البقية من قصائده الحسينية بذكر مطالعها :
1 ـ خطب دهى مضر الحمرا وهاشمها 2 ـ سلب الردى من رأس فهر تاجها وفل في مرهفات الموت صارمها قسرا وأطفأ في الطفوف سراجها
25 بيتا.
ادب الطف الجزء السابع ::: فهرس