ادب الطف الجزء السابع ::: 226 ـ 240
(226)
ما كان أوعر من يـوم الحسين لهم سلا ضبا الظلم من أغمـاد حقدهما وقام ممتثلا بالـطـف أمـرهـمـا يا ثابتـا فـي مقـام لـو حـوادثه لله أنت فكـم وتـر طلـبـت بـه قد كان غرسا خفيا في صـدورهم واطلعت بعد طول الخـوف أرؤوسها واستأصلـت ثـأر بدر في بواطنها وتلكم شبهة قامـت بهـا عصـب ومذ أجالوا بـأرض الطف خيلهـم لم يطلب الموت روحا من جسومهم حتى اذا ما بهم ضاق الفضا جعلت وغص فيهم فم الغبـرا فكـان لهم ضربت بالسيف ضربا لو تساعده بل لو يشاء القضا أن لا يكون كما لكنكم شئتـم مـا شـاء بـارئكم وما قهرتم بشيء غير ما رضيت لا تشمتـن ـ رزايـاكـم عدوكم تتبعوكم ورامـوا محـو فضلكـم أنى وفي الصلوات الخمس ذكركم فما أعابك قتل كنـت تـرقـبـه وما عليك هـوان أن يشـال على كأن جسمك موسى مذ هوى صعقا كفى بيومـك حـزنـا أنـه بكيت بكاك آدم حـزنـا يـوم تـوبتـه لو لا ... لنهـج الغصـب قد شرعا ونـاولاها يزيـدا بئسـمـا صنـعا ببيض قضب هما قدمـا لهـا طبعـا عصفن في يذبـل لانـهـار مقتـلعا للجـاهليـة فـي أحشـائهـا زرعا حتى اذا أمنوا نار الوغـى فـرعـا مثل السـلاحف فيما اضمرت طمعا وأظهرت ثار من في الدار قد صرعا على قلوبهـم الشـيـطـان قد طبعا والنقع أظلـم والهنـدي قـد لمـعـا الا وصارمـك المـاضي لـه شفعا أسيافكم لهم فـي المـوت متسـعـا فم الردى بعد مضـغ الحـرب مبتلعا يد القضا لا زال الشـرك وانقـشعا قد كان غير الذي تهـواه مـا صنعا فحكمه ورضـاكـم يجريـان معـا له نفـوسكـم شوقـا لمـا فضـعا فما أمات لكـم وحيـا ولا قـطـعا فخيب الله من فـي ذلـكـم طمـعا لدى التشهـد للتـوحيـد قـد شفعا به لك الله جـم الفـضـل قد جمعا المياد منك محيا للدجـى صـدعـا وأن رأسـك روح الله مـذ رفـعا له النبيون قدمـا قبـل أن يقـعـا وكنت نورا بساق العرش قد سطعا


(227)
ونـوح أبكيـتـه شجـوا وقـل ـ بأن ونار فقـدك فـي قلـب الخـلـيل بها كلمت قلب كـليـم الله فـانبـحـسـت ولـو رآك بـأرض الـطـف منفـردا ولا أحـب حيـاة بعـد فـقـدكـم يا راكـبـا شذ قميـا فـي قـوائمـه يجتاز متقـد الرمـضـاء مسـتـعـرا فـردا يـكـذب عينـيـه اذا نظـرت عج بالمدينة واصـرخ فـي شـوارعها ناد الذيـن اذا نـادى الصـريـخ بهـم يكاد ينفـد قـبـل القـصـد فعـلهـم من كـل آخـر للهـيـجـاء أهبـتـها لا خيله عـرفـت يـومـا مـرابطهـا يصغي الى كل صوت عل مصطرخا قل يا بني شيبـة الحمـد الـذيـن بهم قوموا فقد عصفـت بالـطـف عاصفة ان لم تسـدو الفضا نقعا فلـم تـجـدوا لا أنتـم أنـتـم ان لـم تـقـم لـكـم نهارهـا أسـود بـالنـقـع مـرتكـم فلتلطـم الخـيـل خـد الارض عادية ولتملأ الارض نعيا من صـوارمكـم ولتذهل اليـوم منكـم كـل مرضعـة لئن ثوى جسـمـه فـي كـربلاء لقى نسيتم أم تـنـاسـيـتـم كـرائمكـم اتهجـعـون وهـم أسـرى وجـدهم يبكـي بدمـع حكـى طوفانه دفعا نيـران نـمـرود عنه الله قد دفعا عيناه دمعا دمـا كالغيث منهـمـعا عيسى لما اختار أن ينجو ويـرتفعا ولا أراد بغيـر الطـف مضطجعا يطوي أديـم الفيافي كلـمـا ذرعا لو جازه الطير في رمضائـه وقعا في القفر شخصا وأذنـيه اذا سمعا بصرخة تمـلأ الـدنيـا بها جزعا لبوه قبل صدى مـن صوته رجعا بنصر من لهـم مستنجـدا فـزعا تلقاه معتقـلا بـالـرمـح مدرعا ولا على الارض يوما جنبه وضعا للأخذ في حقه مـن ظالميـه دعا قامت دعائـم ديـن الله وارتفـعا مالت بـأرجاء طود العز فانصدعا الى العلا لكـم مـن منهـج شرعا شعواء مرهـوبـة مرأى ومستمعا وليلها أبيض بالقضـب قـد نصعا فخد عليا نـزار للثـرى ضـرعا فان ناعي حسين فـي السماء نعى فطفله مـن دمـا أوادجـه رضعا فرأسه لنساه فـي السبـاء رعـى بعد الكرام عليهـا الـذل قد وقعا لعمه ليل بـدر قـط مـا هجعـا


(228)
فليـت شعـري مـن العباس أرقه وهادر الدم مـن هبـار سـاعة اذ ما كان يفعل مـذ شيـلت هوادجها بنـي علـي وانتـم للنجـا سببـي ويوم لا نسـب يبقـى سوى نسب لوما أنهنه وجـدي فـي محبتكـم فانها النعمة العظمـى التي رجحت من حاز من نعم البـاري ولا يتكم من لي بنفس على التقـوى موطنة أنينـه كيـف لـو أصـواتهـم سمعا بالرمح هودج من تنمـى لـه قرعا (1) قسرا على كل صعب في السرى ضلعا في يـوم لا سبـب الا وقـد قطـعـا لجدكـم وأبــيكـم راح مـرتـجـعا قذفـت قلبي لما قـد نـالنـي قطـعا وزنـا فلو وزنت بالـدهـر لارتفعـا فلا يبـالـي بـشـيء ضر أو نفـعا لا تحفلن بدهـر ضـاق أو وسـعـا
    وقال :
أما فـي بيـاض الشيب حلم لأحمق وما بالأولـى بـانـوا نذير لسامـع وان امرءا سرن الليـالـي بظعـنه وسيان عند الموت من كان مصحرا وهل تؤمن الدنيا التي هـي أنـزلت ولا سد فيها ( السد ) عمـن أقامه به يتلافى مـن ليـاليـه مـا بقي فان مناديهم ينادي الـحـق الحـق لاسرع ممن سـار مـن فوق أينق ومن كان من خلف الخباء المسردق سليمان مـن فـوق البنـاء المحلق طريق الردى يـومـا ولا رد مالقي

1 ـ هبار بن الاسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى من قريش كان شاعرا هجا النبي قبل اسلامه وأباح النبي دمه يوم فتح مكة لانه روع زينب بنت رسول الله (ص) زوجة أبي العاص بن الربيع حين حملها حموها الى المدينة ليلحقها بأبيها بعد وقعة بدر فتبعهما هبار وقرع هودجها بالرمح وكانت حاملا فأسقطت ما في بطنها ، فقال (ص) : ان وجدتموه فاقتلوه ، وجاء في ( الجعرانة ) قرب مكة فأسلم فقال صلى الله عليه وآله : الاسلام يجب ما قبله.

(229)
واعظـم ما يلقـى من الدهر فادح فمن بين مسمـوم وبـيـن مشـرد غداة بني عبـد المنـاف انـوفهـم سرت لم تنكب عـن طـريق لغيره الى أن اتت أرض الطفوف فخيمت وأخلفها من قد دعاهـم فـلـم تجد فمالت الى ارمـاحهـا وسيـوفهـا تعاطت على الجرد العتاق دم الطلا فما برحت تلقـى الحـديـد بمثله الى أن تكسرن العـواسـل والظبا لو ان رسـول الله يبـعـث نظرة وهان عليه يوم حمـزة عـمـه ونال شجى من زينب لم ينله من فكم بين من للخدر عادت مصونة وليت الذي أحنى على ولد جعفر يرى بيـن أيدي القوم أبناء سبطه وريـانـة الاجفان حرانة الحشى فقل للنجوم المشرقات ألا اغربي رمى شمـل آل المصطفـى بالتفـرق وبـيـن قـتـيـل بـالدمـاء مخلـق أبت أن يساف الضيـم منـهـا بمنشق حذار العدى بل بالـطريـق المطـرق بـاعـلا سنـام للـعـلاء ومـفـرق سوى السيف مهما يعطها الوعد يصدق وأكرم بها انصـار صـدق وأخـلـق ولا كمعـاطـاة المـدام المـعـتـق قلوبـا فتثـنـي فيلـقـا فوق فيلـق ومـزقـت الادراع كــل مـمـزق لـردت الـى انـسـان عيـن مؤرق بيـوم حسيـن وهو أعظـم مـا لقي (1) صفية اذ جـائـت بدمـع مـرقـرق ومن سيروهـا فـي السبـايـا لجلق بـرقـة أحـشـاء ودمـع مـدفـق (2) سبايا تهـادى مـن شقـي الي شقي ففي محرق قـامـت تنـوح ومغرق ولا ترغبي بعـد الحسيـن بمشـرق

1 ـ يشير الى مصرع سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب يوم أحد وموقف أخته صفية على جسده ورأته وقد مثلت به هند بنت عتبة وشقت بطنه وأكلت كبده فحولها الله في فمها حجرا.
2 ـ يشير الى عطف النبي (ص) على أولاد جعفر بن أبي طالب الطيار في الجنة بجناحين خضراوين ، وذلك لما قتل في ( مؤتة ) سنة 8 من الهجرة.


(230)
وقل للبحار الزاخرات ألا انضبي مضى من نداه مدها بالتدفق
    وقال : وهي من روائعه ، وأولها :
هل بعد موقفنا على يبرين أحيا بطرف بالدموع ضنين
    ومنها :
قـال الحـداة وقد حبست مطيهم ماذا وقـوفـك في ملاعب خرد وقفوا معي حتى اذا ما استيأسوا فكأن يـوسـف في الديار محكم من بعد ما أطلقت ماء شئوني جـد العفا بـربعها المسكون خلصوا نجيا بعد ما تركـوني وكأنني بصواعـه اتهمونـي
    الى أن يقول :
قلبي يـقل مـن الـهموم جبالها وأنا الذي لـم أجزعـن لرزيـة تلك الـرزايا الـباعثات لمهجتي كيف العـزاء لهـا وكـل عشية والبرق يذكرني ومـيض صوارم والرعد يعرب عن حنين نسائكـم يندبن قومـا ما هتفـن بذكرهـم السـالبين النـفس أول ضربـة لا عيب فيهم غير قبضهم اللـوى سلكوا بـحارا مـن دماء أمـية لو كـل طعنـة فارس بأكفهـم حتى اذا التقمتهم حـوت القـضا نبذتهم الهيجـاء فـوق تلاعهـا فتخال كلا ثـم يونس فوقـه وتسيخ عن حمل الرداء متوني لـو لا رزاياكـم بني ياسيـن مـا ليس يبـعثه لـظى سجين دمكـم بحمرتـها السماء تريني أردتكم فـي كف كـل لـعين في كل لحـن للشجـون مبين الا تضعضـع كل ليـث عرين والملبسين الموت كـل طعـين عند اشتباك السمر قبض ضنين بظهور خـيل لا بطـون سفين لـم يـخلق المسبار للمطعـون وهي الاماني دون كـل أمـين كالـنون ينبذ بالعـرى ذا النون شجر القـنا بدلا عـن اليقطين


(231)
خـذ فـي ثنائهـم الجميل مقرضا هم أفضل الشهداء والقتلى الاولـى ليت المواكـب والوصي زعيمـها بالطف كي يروا الاولى فـوق القنا جعلـت رؤوس بـني النبى مكانـها وتتـبعـت أشقـى ثمـود وتبـع الـواثـبين لـظلـم آل مـحمـد والـقائـلين لـفاطــم آذيـتنـا والـقاطعيـن أراكـة كـيما تقيل ومجمعي حـطب على البيت الذي والـداخـلين عـلى البتولـة بيتها والقـائـديـن امامـهـم بـنجاده خلوا ابن عمي أولا كشف للدعـا ما كان ناقـة صالـح وفصيلهـا ورنت الى القبر الشريـف بمقلـة قالـت وأظفار المـصاب بقلبـها أبتاه هذا ......................... أي الـرزايـا أتـقـى بـتجـلـد فقدى أبي أم غصـب بعلي حـقه أم أخذهـم ارثي وفاضـل نحلتي قهروا يتيمـيك الحسين وصـنوه باعوا بضائع مكرهـم وبزعمهـم واذا أضـل ـ الله قومـا أبصروا فالقـوم قـد جلوا عن التأبين مدحوا بوحي في الكتاب مبين وقفوا كموقفهم علـى صفـين رفعت مصاحفها اتقاء مـنون وشفت قديم لواعج وضـغون وبنت على تأسيس كل لعـين ومحمـد ملقـى بـلا تكفـين فـي طـول نوح دائم وحنين بظل أوراق لهـا وغصـون لم يجتمع لولاه شمـل الـدين ....................... والطهـر تدعـو خلفهم برنين رأسي وأشكـو للاله شجونـي بالـفضل عنـد الله الا دونـي عبـرى وقـلب مـكمد محزون أبتـاه قـل على العداة معيني تبعـا ومال الناس عـن هرون هو في النوائب ما حييت قريني .................. أم جهلـهم قدري وقد عرفوني وسئلتهم حـقي وقـد نهروني ربحوا وما بالقوم غـير غبين طرق الهداية ضلة فـي الدين


(232)
الشيخ محمد نصار
المتوفى 1292
فأتتـه زينـب بـالجـواد تقـوده وتقول قد قطعت قلبـي يـا أخي فلمن تنادي والحماة علـى الثرى ما في الخيـام وقد تفانـا أهلهـا أرأيـت أختـا قـدمت لشقيـقها فتبادرت منـه الـدموع وقال يا فبكت وقالت يا ابن أمي ليس لي يا نور عيني يـا حشاشة مهجتي ورنت الى نحـو الخيـام بعولة قوموا الى التوديع ان أخـي دعا فخرجن ربات الخدور عـواثرا الله ما حال العليـل وقـد رأى فيقوم طـورا ثم يكبـو تـارة فغدا ينـادي والدمـوع بـوادر هذا أبـي الضيـم ينعـي نفسه أبتـاه انـي بعد فـقـدك هالك والدمع مـن ذكـر الفراق يسيل حزنـا فيا ليـت الجبـال تزول صرعى ومنهم لا يبـل غليل الا نـسـاء ولـّه وعــلـيـل فرس المنون ولا حمـى وكفـيل أختاه صبـرا فـالمصاب جليـل وعليك ما الصبـر الجميل جميل من للنساء الضـائـعـات دليـل عظمى تصب الدمع وهي تقـول بـجـواده ان الفـراق طـويـل وغـدا لها حـول الحسين عويل تلك المـدامـع للـوداع تسيـل وعراه من ذكـر الوداع نحـول هل للوصول الـى الحسين سبيل يا ليـتـنـي دون الابـي قتيل حـزنـا واني بعدكم لـذلـيـل


(233)
    الشيـخ محمـد بن الشيخ علي بن ابراهيم آل نصار الشيباني أو الشبامي اللملومي (1) النجفي المعروف بالشيخ محمد بن نصار.
    توفي في جمادى الاولى سنة 1292 في النجف الاشرف ودفن في الصحن الشريف عند الرأس وهو من أسرة أدب وعلم ، أصلهم من لملوم سكنوا النجف لطلب العلم وتوفي منهم في طاعون سنة 1247 ما يقرب من أربعين رجلا طالبا للعلم وهم غير أسرة آل نصار المعروفين في النجف الذين منهم الشيخ راضي رحمه الله يسكنون محلة العمارة.
    والمترجم له فاضل أديب له شعر باللغتين الفصحى والدارجة وقل ما ينعقد مجلس عزاء للحسين عليه السلام فلا يقرأ شعره الدارج. ولعل السر أن الناظم كان من أهل التقوى ، ولشدة حبه لاهل البيت سمى كل أولاده باسم علي وجعل التمييز بينهم في الكنية فواحد يكنى بأبي الحسن والثاني بأبي الحسين وهكذا.
    أقول وأطلعني السيد ضاحي آل سيد هادي السيد موسى على مخطوطة بخطه ومن تأليفه المسمى ( لملوم قديما وحديثا ) ان الشيخ علي والد الشيخ محمد نصار قد أقام في ناحية الشنافية
1 ـ لملوم قرية كانت على شاطيء الفرات ، اندرست في حدود 1220 هـ وتفرق أهلها في البلاد لذهاب الماء عنهم بانتقال مجرى الفرات عنها ، سكن معظم أهاليها قرية الشنافية ، وكان والد المترجم له قد سكنها الى أن مات فيها ، كذا ذكر صاحب الحصون المنيعة.

(234)
منذ هجرته اليها من ( لملوم ) وكان عالما فاضلا ، عاش حوالي ثمانين عاما الى أن توفي سنة 1300 هـ.
    وجاء في شعراء الغري : الشيخ محمد نصار بن الشيخ علي ابن ابراهيم بن محمد الشيباني اللملومي الشهير بـ ( ابن نصار ) شاعر معروف وأديب شهير ذكره صاحب ( الحصون المنيعة ) فقال : كان فاضلا كاملا ، أديبا لبيبا ، شاعرا ماهرا ، حسن المعاشرة صافي الطوية صادق النية ، وكان أكثر نظمه على طريقة نظم البادية حتى نظم واقعة الطف من أولها الى آخرها على لغتهم يقرؤها ذاكروا مصاب الحسين (ع) في مجالس العزاء وله في هذا النظم القدح المعلى ، وكان رحمه الله من أخص أحبابي حين مهاجرتي من كربلاء ، أيام والدي وبقائي في النجف لتحصيل العلم ، وقد كان يتلو لي أغلب ما كان ينظمه في القريض ولكني كنت في شغل عن كتبه وثبته في الدفاتر ، ولم أقف على شيء منه حين كتابتي لهذه الترجمة سوى هذه الابيات في وصف ( سماور ) الجاي :
وأعجم غناني بصوت مركب حشاشته جمر الغضا وزفيره وقد فك شدقيه فعض حمامة من النار والماء النمير المصفق يطيـر شواظا عن لهيب محرق تزق بنيهـا بالمـدام المـروق
    ومن نظمه في الغزل كما في مجلة العدل الاسلامي :
أمرقص القرطين فـي لفتاته قسما بجيدك يا غزال وعرفه وأبيلجين تسايلا عن مرقص رقص الحشى بضرام هجرك صالي لقد أزدريـت بجيـد كـل غـزال الاصداغ سيـل الصبح تحـت ليال


(235)
خوف الصـدود كتمت عنك صبابتي فـأعر لسانـي السمـع بثـة وامق شهد الوشاح عليـك مـذ أنطقـتـه وبقوس حاجبك النبال بريتها وعن المخـالـط خيفة العذال يشكو ضناه عسى ترق لحالي حقا بأنك مخـرس الخـلخال من نرجس وأرشتها لقتـالـي
    ومن شعره في الغزل كما في شعراء الغري :
خلت من ظباء الابرقيـن ربـوعها أتألف رسل الابرقيـن مهـابة الـ وقفنا وللاحشاء رقص على الغضا اودعها فـوق الكثيـب ومهجتـي أسائلها والعين عبـرى متـى اللقا عقـارب صدغ لا يفيـق لـديغها ونبعة قـد ـ لا يقـوم طعينـهـا وخـد أسيـل روق الصـون ماءه ولما استقل الركب فاضت مدامعي فهيهات يا عين المعنى هجوعها نفـور وأيدي القانعيـن تـروعها وقد رقصت فـوق النطاق فروعها تودعها فـوق الكثيـب ضلـوعها فتعرب عن بعد التـلاقي دمـوعها ورقش جعود ليس يـرقـى لسيعها وأسياف لحظ لا يداوي صريعها نزت كبدي منه فهـاج ولـوعـها وحلق من عين المعنـى هجـوعها
    وقوله :
ومذ استقـلوا ظاعنين وأيقن الـ من كل أبلـج لا تـلـيـن قناته يستوقف العيس المثـارة بعـدما أمقوضيـن قفـوا لصـب ريثما فاذا خدت أيـدي المطي وكنتم مروا برمـل البـان يومـا علما استاف نفخة رمله العبـق التـي واذا سجـا الليـل البهيـم فانني ـفئتان أن هيهـات يلتقيـان عزت مدامعه لدى الحدثـان غنت حداة الركب بالاظعـان يقضي لبانة قلبـه الـولهان ممن يقول بذمـة الـخـلان عثر الزمان بنا برمـل البان علقـت بـواديه من الاردان اشتـاقكـم فقفوا على الكثبان


(236)
    توفي رحمه الله في جمادي الاولى من عام 1292 وقد ناهز عمرة الستين ودفن في رأس الساباط من الصحن الشريف بين قبر المرحومين : ميرزا جعفر القزويني وقبر السيد حيدر الشاعر ، وخلف ولدين : الاكبر الشيخ جعفر (1) كان في سلك أهل العلم ، والاصغر من الكسبة.
    وذكره صاحب التكملة فقال : عاشرته ورافقته مدة فحمدت صفاته خفيف الروح رقيق الحاشية ، كثير الدعابة الى تقى وديانة وتمسك بالشرع جدا.
    ومن طريف ما حدث به انه قال : قصدت قبر الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام بخراسان في سنة 1285 هـ فامتدحته بقصيدة ـ وأنا في الطريق ـ على عادة الشعراء في قصدهم الملوك ، وأكملتها قبل دخولي المشهد الشريف بيوم واحد ، وكان مطلعها :
يا خليلي غلسا لا تريحا أوشكت قبة الرضا أن تلوحا
    ومنها قوله :
ان قبرا لا طفت فيه ثراه منع المسك طيبه أن يفوحا
    قال رحمه الله : فلما دخلت المشهد الشريف وزرته ونمت
1 ـ توفي بالمشخاب يوم السبت 29 من جمادي الاولى سنة 1356 هـ ونقل الى النجف ودفن في الصحن الشريف بالقرب من والده.

(237)
تلك الليلة ، رأيت في منامي الامام الرضا عليه السلام جالسا على كرسي في روضته الشريفة فسلمت عليه وقبلت يديه فرحب بي وأدناني ، وأعطاني صرة ، وقال افتحها ففيها مسك أذفر ففتحتها فوجدت فيها فتاتا لا رائحة له ، فقلت لا رائحة له ، فتبسم الرضا (ع) وقال : ألست القائل :
ان قبر لا طفت فيه ثراه منع المسك طيبه أن يفوحا
    فهذا مسك أذفر منع طيب ثرى قبري رائحته. فانتبهت وأنا فرح بما شاهدت.
    ومن قوله في رثاء الامام الحسين (ع) :
ان قبر لا طفت فيه ثراه يا مدلجا في حندس الظلماء بكرا مقحما ان شمت لمعة قبة المولى فعرج عندما
واخضع فثمة بقعة خضعت لادناها السما
واحث التراب على الخدود وقل أيا حامي الحمى يا مخمدا يوم الوغى لهب الوطيس اذا حمى
ومفلـقـا هـام العـدى ومنظما صيـد الـورى قم فالحسيـن بكـربلاء قد أمـه جـيـش بـه مقتادة شعث النـواصي فتقاسمتهـا السمـهرية وغدا ابن احمد لا يرى فهنـالكـم أم العدى ان سـل أبيـض مخذما ان هـز أسمـر لهـذما طـريـدة لبـنـي الاما رحب البسيـطـة أظلما كـل أجـرد أدهــمـا والمـواضـي مـغـنما الا القنـا والمـخـذمـا بطـل البـسـالـة معلما (1)

1 ـ عن مجلة ( العدل الاسلامي ) السنة 2 العدد 6.

(238)
    وقال في العقيلة زينب الكبرى :
هاج وجـدي لزينـب اذ عـراها يوم أضحت رجالها غرضا للنبـ ونعـت بيـن نسـوة ثـاكـلات آه والهفـتـاه مـاذا تـقـاسـي ولمن تسكب المـدامع مـن عين ألنهـب الخـيـام أم لعـلـيـل أم لاجسـامهـم على كثب الغبـ أم لرفع الرؤوس فوق عوالي الـ أم لاطفالها تقـاسـى سيـاق الـ أم لسير النسـاء بيـن الاعـادي وهي ما بينهـن تنـدب مـن قد فادح فـي الطفوف هد قـواها ـل والسمر فـيـه هاج وغـاها تصدع الهضـب في حنيـن بكاها من خطوب تربـو على ما سواها جفـا جفـنـهـا لـذيـذ كـراها ناحل الجسـم أم عـلـى قتـلاها ـراء مخضوبة بفـيـض دمـاها ـسمر أم رض صدر حامي حماها ـموت أم عظم سيرهـا وسـراها ثاكـلات ينـدبـن يـا آل طـاها ندبته الامـلاك فـوق سـمـاهـا
    ووجدت في بعض المخطوطات الحسينية ملحمة كبيرة للشيخ محمد نصار في الامام الحسين عليه السلام ، على وزن ملحمة الدمستاني ، وأولها :
شيعة المختار نوحوا واندبوا فخر الفخار بدموع جاريات من أماقيها غزار


(239)
أحمد قفطان
المتوفى 1293

    قال من قصيدة في الحسين (ع) :
لم يشجنـى طلـل الديار الأبكم أنـى يجاذبنـي هـوى آرامها لو لا المحرم ما سفكت مدامعا يـوم الحسين بكربلاء وصحبه فتقلدوا بيض السيوف وأفرغوا من كل خـواض المنايا عابس حفظوا وصية احمد في سبطه كـلا ولا رسـمـا بهـا أتـوسم وانا الجـموح لـهـن لا أستسـلم لسوى المحـرم سفكـهـن محرم ضربوا القباب على البلاء وخيموا حلق الدروع على القلوب وأقدموا أو قطبت صيـد الـوغـى يتبسم ووقـاه بـالارواح كـل منـهـم
    الشيخ احمد بن الشيخ حسن قفطان السعدي الرباحي النجفي ، ولد سنة 1235 وكان من النحاة والملمين باللغة والتاريخ والفقه والاصول ، ونثره خير من شعره ، صحب شبلي باشا مدة اقامته في الحلة في ولاية نامق باشا وكان دائما يراسله ويكاتبه وكذا مع سائر ولاة العثمانيين. قال السماوي في الطليعة بعد ما وصفه بالعلم والكمال : كان غاية في الذكاء


(240)
والحفظ وجودة الخط ، خفيف الروح سريع البديهة ، درس على الشيخ صاحب الجواهر والشيخ الانصاري ، له القوافي الشبلية والصنايع البابلية وله المجالس والمراثي ، توفي سنة 1293 ودفن بوادي السلام.
    له شعر كثير في مدح الأئمة من أهل البيت ورثائهم ، وله في معاصريه من الاعلام والاعيان مدح ورثاء كآل بحر العلوم وآل القزويني وآل كاشف الغطاء والشيخ الانصاري وغيرهم وشعره تغلب على أكثره الجودة ، ذكره السيد الامين في ( الاعيان ) فقال : والمترجم قرأ في النجف وعانى صناعة الادب حتى أصبح من مشاهير أدبائها ، وله شعر ونثر كثير مبثوث في المجاميع لو جمع لكان ديوانا كبيرا. والشيخ الطهراني يقول في ( الكرام البررة ) : انه ولد في النجف سنة 1217 وانه كان ماهرا في النحو والعروض واللغة والتاريخ والفقه والاصول ، خفيف الروح سريع البديهة له نوادر وحكايات ، وكان أصم يخاطب بالكتابة والاشارة لكنه شديد الذكاء يفهم المرء لاول وهلة حتى أنه يسبق المنشد الى القافية ، ومن طرائفه انه قيل له وقد مر به أكبر أولاده : هذا يخلفك وهو لسانك فقال : هذا هو سمعي. يشير الى ما أصيب من الصمم ، وكما برع في النظم بالفصحى فقد برع بالنظم باللغة الدارجة وكان حسن الخط شأن أسرته التي امتازت بجودة الكتابة وقد عدد الشيخ الطهراني جملة من المخطوطات بخط يده ، وترجم له صاحب ( الحصون ).
    وذكر الشيخ السماوي في ( الطليعة ) من نوادره قال أخبرني
ادب الطف الجزء السابع ::: فهرس