ادب الطف الجزء السابع ::: 256 ـ 270
(256)
ثاو على الرمضـاء غيـر موسد وبنات وحي الله مـا بيـن العدى أسرى تساق على النياق حواسرا نهب قفـار البيد ناحـل جسمها ومروعة تدعـو الكفيل وما لها تحنو عليـه قـواضب وحراب تطوى بهن فـدافـد وشعـاب ولهن من حلـل العفاف حجاب بالسير واستلب القلوب مصاب الا بقـارعـة السيـاط جواب (1)
    هو السيد موسى بن السيد جعفر بن السيد علي بن السيد حسين الطالقاني النجفي. ولد في النجف سنة 1250 هـ وكانت وفاته سنة 1298 ودفن بالنجف.
    معروف بالفضل والادب وله ديوان يحتوي على شعره بمختلف المناسبات. ومن شعره قصيدة رائية يمدح بها الميرزا باقر بن الميرزا خليل الرازي النجفي ويهنئه بزفاف ولديه الشيخ صادق والميرزا كاظم ومن شعره أيضا قوله :
أحباي قـد ضـاق رحب الفضا ومـذ راعنـي هـول ليل النوى فكـم ليـلـة بتـهـا سـاهـرا وقد جال فـي الجو جيش الغمام فيخفق قلبـي لخفـق الـريـاح سهرت وقـد نـام جـفن الخليل وحق لهـا دون قلبـي العـنـا فما غـاب عـن عينـهـا الفها علي وأظلم غـرب وشـرق تيقـنـت أن القيـامـة حـق وللريـح حـولي رفيف وخفق وطبل الرعيـد بعـنـف يدق ويسكب جفنـي اذا لاح بـرق ونحت وغنت على الدوح ورق واني بالنـوح منـهـا أحـق ولا هاجهن الى الكـوخ شأوق
    وطبع أخيرا ديوانه بمطابع النجف ، وأعقب الشاعر الاديب السيد محمد تقي المتوفى سنة 1354 وتأتي بعون الله في الجزء الآتي تراجم لأسرة آل الطالقاني.
1 ـ عن الديوان.

(257)
سأمـضي لـنيل الـمعالـي بدارا يـطالبني حسبـي بـالنـهـوض تقـول لـي النـفس شمـر وسر فما أنت بـاغ بـهـذا الـقعـود فـقلـت سأخلـع تـوب الهـوان وأجـلبهـا كـل طـلق الـيدين وأنصب نـفسي مرمى الـحتوف كـيوم ابن أحمـد والعـاديـات غـدات حسين بأرض الطفـوف أتت نحوه مثل مـجرى السـيول تحاولـه الضيـم في حكـمهـا فـأقـسـم اما لـقـاء الحمـام بـآسـاد ملـحـمـة لا تـكـاد وغلب اذا مـا انتفضوا للوغـى بكل كـمـي تسـير الـنفـوس وذي عـزمات يخـال الـردى فـدى لـسراة بـني غـالـب حمـاة الـنزيل كـرام القبـيل وأطـلب فوق السماكين دارا وأن لا أقـر بـدار قــرارا مسير همام عـن الضيم سارا تظمى مرارا وتـروى مرارا وأدمي الاكـف دماء غـزارا يؤجج في دارة الـحرب نارا اذا ما تنادى الـرجال الفرارا تثـير بـأرجـلهـن الغـبارا وبحر المنـايا علـيه استدارا حرب بخـيل مـلأن القفارا ويأبى له السيـف الا الفخارا أولا يــرى للأعـادي ديارا تعرف يـوم الهياج الحـذارا أباحوا رقاب الاعادي الشفارا على صفحتي سيفه حيث سارا اذا سعر الحـرب كاسا عقارا حمام العـدو اذا النـقـع ثارا اذا صـوح العام أرضا بـوارا


(258)
تـداعوا صبـاحـا لورد المنون بنـفسي بـحور نـدى غيضت بـنفسي بـدور هـدى غيـبت بنـفسي جسوما بـحر الهجـير بنـفسي رؤوسـا بسـمر القنـا وطـفـلا يـكابـد حـر الأوام وحـسرى تصـعـد أنفـاسها ترى قومها جثمـا في الـعراء فيـا راكبـا ظـهـر غيداقـة بأخفـافهـا تتـرامى الـحصى أنخها صباحـا بـجنب البقـيع بـأن دماء بـني الـوحي قـد وان ابـن أحـمد منـه العـدى ونسوته فـوق عـجف النيـاق يطـفن بـها فـدفـدا فـدفـدا تقول وقـد خلفـت في الثـرى ألا أين هـاشم أحـمى الـورى لتنظـر ما نـال مـنا العـدى وتروي صدى بيضها مـن دما ألا يا بني الطهر يا مـن بـهم اليكم بني الـوحي من ( جعفر ) تـباري الـنجوم بألـفاظهـا وصلى عليكـم الـه السمـاء فانـتثروا في الصعيد انتثارا وكان يمد نـداهـا البحـارا ومنها هـلال السماء استنارا ثلاث ليال غدت لا تـوارى يـطاف بـهن يـمينا يسارا وآخر يلقى المواضي حـرارا فتعرب عما أسـرت جـهارا فينهمر الدمع منها انهـمـارا طوت قطع البيد دارا فـدارا فتـقدح كالزند مـنها شرارا وناد حماة المعـالي نــزارا أطلت لدى آل حرب جبارا (1) تـبل سنانـا وتـروي غرارا تحـملهن الاعـادي أسـارى ويقطعن فيـها ديـارا ديـارا جسومـا لاكفائهـا لا تـوارى ذمارا وأزكى الـبرايا نجـارا فتعدو على آل حـرب غيارى عداهـا وتـطلب بالثـار ثارا يغاث الانام اذا الدهـر جـارا بديعة فكـر بكـم لا تـجارى وان هي قد أصبحت لا تبارى مـا فلك الكائـنات استـدارا

1 ـ جبار بالضم الهدر والباطل.

(259)
    جاء في ( البابليات ) هو أبو موسى جعفر بن معز الدين المهدي ابن الحسن بن أحمد الحسيني القزويني ، الحلي مولدا ومنشأ ومسكنا. قال عنه معاصره شيخنا الاجل العلامة الشيخ علي آل كاشف الغطاء « ره » في « الحصون » : ( كان عالما فقيها أصوليا منشئا بليغا رئيسا جليلا مهابا مطاعا لدى أهالي الحلة مسموع الكلمة عند حكامها وأمرائها. ولما هاجر أبوه الى النجف في أواخر حياته استقل هو بأعباء الرئاسة في الحلة وأطرافها ، فكان فيها مرجع الفقراء وموئل الضعفاء تأوي الى داره الالوف من الضيوف من أهل الحضارة والبادية التي مرجعها لواء الحلة لاجل حوائجهم وهو يقضيها لدى الحكام وولاة بغداد غير باخل بجاهه ، وكان ثبت الجنان طلق اللسان يتكلم باللغات الثلاث : العربية والتركية والفارسية ودرس العلوم اللسانية في الحلة وحضر مدة مكثه في النجف على خاله الشيخ مهدي بن الشيخ علي في بحوثه الفقهية وفي الاصول على الشيخ مرتضى الانصاري والملا محمد الايرواني وبعد رجوعه الى الحلة حضر عند والده كما حضر عنده جماعة من فضلاء الحلة. وله من المؤلفات « التلويحات الغروية » في الاصول و « الاشراقات » في المنطق وغيرهما وكان أغلب اشتغاله في حسم الخصومات و قضاء حوائج الناس مما ترك ألسن الخاصة والعامة تلهج بالثناء عليه الى اليوم وكانت الدنيا زاهرة في أيامه وعيون أحبابه قريرة في حياته ) اهـ.
    وقد ذكره خاتمة المحدثين الشيخ النوري في « دار السلام » بعبارات تدل على علو مقامه. وأنبأنا سيدنا الاستاذ الاعظم شقيقه السيد محمد عن عمر أخيه المترجم له يوم وفاته كان خمسا وأربعين سنة فيكون مولده سنة 1253 وهي السنة التي


(260)
توفي فيها جده لأمه الشيخ علي بن الشيخ جعفر ومن هنا يظهر لك السهو الذي ورد في ترجمته في « أعيان الشيعة » من كونه « تخرج بخاله الشيخ علي » لان الشيخ علي جد المترجم لا خاله. وولادته سنة وفاة جده ، فكيف يكون تخرج عليه ، والصحيح انه تخرج بخاله الشيخ مهدي بن الشيخ علي كما ذكرنا آنفا ، ومما يؤكد لدينا أن مولده كان في الحلة قوله في فقرات نثرية من رسالة طويلة بعث بها الى خاله وأستاذه المهدي يخبره بوصوله الى الحلة عائدا اليها من زيارة النجف ويصف استقبال الحليين له : « وطلعت علينا هوادي الخيل وجرت الينا أبناء الفيحاء مثل مجرى السيل فأمطنا بتلك الارض نقاب التعب وشققنا بها قميص النصب ثم دخلنا بابل وحللنا تلك المنازل :
بلاد بها حل الشباب تمائمي وأول أرض مس جلدي ترابها
    أجاب داعي ربه أول المحرم سنة 1298 في الحلة وحمل نعشه على الرؤوس والاعناق الى النجف وما مروا فيه بمكان الا واستقبل مشيعا بالبكاء والعويل ودفن في رأس الساباط مما يلي « التكية » من الصحن الحيدري. وقد حدثنا الوالد رحمه الله عما شاهده في النجف يوم ورود جثمانه اليها مما لم يتفق مثله لعظيم مات قبله وخرج الناس لتغسيله في بحيرة النجف في الموضع المعروف بـ ( البركة ) ولما رجعوا به للصلاة عليه في الصحن الحيدري تقدم والده المهدي وأم الناس للصلاة فانصدعت الجماهير أيما انصداع وارتفعت الاصوات بالنحيب من كل جانب فعندها تقدم العالم الرباني الشيخ جعفر الشوشتري وأم الجماعة ليسكن هيجان الناس وصلى أبوه عليه مأموما بصلاة الشيخ والى ذلك أشار الشيخ حمادي نوح في مرثيته له :


(261)
لو لا الامام صدوق الـنسك يقـدمنـا في ( جعفر ) الصادق الهادي اقتدت أمم سوى أبيك اماما قط ما اعتبروا صلت عليك وأملاك السما أمروا
    ورغب الشيخ المذكور أن يكون قبره قريبا منه فعمر له قبرا من حجرات الصحن مقابلا له وبينهما الطريق ودفن السيد حيدر الحلي بينهما بعد ست سنوات. وأقيمت له المآتم في كل مكان ورثته شعراء النجف والحلة وغيرهما حتى أن السيد حيدر جمع مراثيه ورتبها وجعل لها مقدمة شجية سماها : « الاحزان في خير انسان » تقع في 95 صحيفة واليك أسماء الشعراء الذين أبدعوا في تأبينه ورثائه « 1 » أخوه السيد ميرزا صالح « 2 » أخوه السيد محمد « 3 » أخوه السيد حسين « 4 » السيد حيدر الحلي « 5 » السيد محمد سعيد الحبوبي « 6 » السيد ابراهيم الطباطبائي « 7 » الشيح حمادي نوح « 8 » الشيخ محسن الخضري « 9 » السيد جعفر الحلي « 10 » الحاج حسن القيم « 11 » السيد عبد المطلب الحلي « 12 » الحسين ابن السيد حيدر « 13 » الشيخ عباس الاعسم « 14 » السيد جعفر زوين « 15 » الشيخ حسين الدجيلي « 16 » الشيخ علي عوض « 17 » الشيخ حسون الحلي « 18 » الشيخ محمد التبريزي « 19 » الشيخ حسن مصبح « 20 » الشيخ درويش الحلي « 21 » الشيخ عباس العذاري « 22 » الشيخ محمد الملا. وربما رثاه بعضهم بقصيدتين أو ثلاث.
    حياته العلمية والادبية :
    أما حظه من العلم والعرفان فهو البحر الذي لا ينزف وقد


(262)
أجيز بالاجتهاد والفتوى من والده ومشاهير علماء عصره وقد اجتمعت في ذاته الكريمة المتناقضات فانه جمع الى عظيم الهيبة والعزة ونظافة البزة وترف العيش ، تواضع جده النبي وزهد والده الوصي وكان مع شغله الدائم بادراة شؤون الاسرة والبلد واهتمامه بكل صغير وكبير من أمور الناس وابتلائه بمخالطة الحكام وأولي الامر وما أودع الله له من المحبة في قلوبهم والهيبة في عيونهم لا يفوته ورد من أوراده ولا ذكر من أذكاره ولا نافلة من صلاته وما ظنك بمن أصبح موضع الثقة عند والده بحيث ينوب عنه في صلاته وفي كل ما يتعلق به من مهماته. وأما طول باعه في النظم والنثر فحدث ولا حرج. ولولا خوف الاطالة وخشية الملل لذكرنا نماذج من رسائله التي كاتب بها جماعة من العلماء والادباء كخاليه الشيخ مهدي والشيخ عباس والسيد جعفر الخرسان والسيد نعمان الالوسي وآل جميل وغيرهم وكلها تدل على تضلعه في الحكمة والفلسفة والادب والتاريخ واللغة. وقد أثبت سيدنا الامين في « الاعيان » كثيرا من رسائله وقليلا من مراثيه الحسينية ومقاطيعه الشعرية ، وكتب في صدر رسالة الى خاله العباس بن علي بن جعفر كاشف الغطاء :
الى الخال الذي في وجنة الدهر غدا خال ومن فـاق على الآل بأقـوال وأفعال وبالسيف وعند الصيف صوام وصوال ويوم المحل للوافـد بـالعسجد هـطال هو ( العباس ) والبسام ان جاد وان جال فلا زال وحيدا بين أهل الفضل لا زال
    وكتب اليه أخوه العلامة السيد حسين من النجف الى الحلة وقد


(263)
    بلغه عنه أنه كان مريضا :
بنفسي وقـل بـهـا أفـتـديـك ويـفديـك ما مـنـك قـد نـلته وجـودك علـة هـذا الـوجـود وشخصك انـسان عـين الـزمان على مضض كم طويت الضلـوع ومـا بيـن جنبي ذات الـوقـود فـلو أنهـا أضـرمـت للـخليل ( لـو أن مولى بعبـد فدي ) جـميعا ومـا ملكتـه يدي وجـودك بلغة من يجتـدي ولـولاك ضـل فلـم يهتد بليلـة ذي الـعائـر الارمد يشـب سناهـا الى الفرقـد ونودي ـ يا نار ـ لم تبرد
    فأجابه سيدنا المترجم :
أبا المرتضى قد غبت عني بساعة فكـم ليلـة قد بتـهـا مـتيقنـا أكابد مـن طول الليالي شدائـدا على حالة لم أدر من كان عائدي وما طلبت نفسي سوى أن أراكم بها الموت أدنى من جبيني الى نحري بأنـي ألاقي في صبيحتـها قـبري كـأن الليالـي قـد خلقـن بلا فجر هـناك ولـم أشعـر بزيد ولا عمرو وليس سوى ذكراكم مـر في فكـري
    وله :
الطرف بعدك لا ينفك في سهـر يعقوب حزنك أبلاه الضنى فعسى والقلب بعدك لا ينفـك في شغل من رد يوسف لطفا أن يردك لي
    وكتب الى أخويه العلامتين محمد والحسين بعد شفائه من مرضه :
أيا أخـوي الـذيـن هـما عذرتكما حيث لم تحضرا لقد بطشت بي كف السقام أعز على النفس من ناظري ولم يك من غاب كالحاضر على غفـلة بـطشة القادر


(264)
فغودرت في لهوان المنون فكـم ليلـة بتهـا والضنا على أن نـفسي تشتاقكـم تداركـني الله من لطفـه ولـست بـناه ولا آمـر ضجيعي كليلة ذي العائر (1) كشوق الربى للحيا الماطر فأصبحت في فضله الوافر
    وكان ـ ره ـ على سرعة خاطره في النظم غير مكثر منه لانه يعد الشعر دون مقامه وليس له من القصائد المطولة سوى ما قاله في أجداده الطاهرين (ع). وقد حدثنا جماعة من معاصريه أنه كان يستقبل هلال المحرم من كل عام بقصيدة يؤبن فيها جده الحسين (ع) وتنشد في المأتم الذي ينعقد في دارهم العامرة طلبا للأجر ومساهمة في تلك الخدمه الكبرى.
    أقول وقد جمع الشيخ اليعقوبي رحمه الله هذه القصائد في كراسه ونشرها وأسماها بـ ( الجعفريات ) طبعت بمطابع النجف الاشرف سنة 1369 هـ واليك واحدة منها :
سل عن أهيل الحي من وادي النقـا يقــدح زنـد الشوق في قلبي اذا وفـي لهيـب لـوعتي وعـبرتي ما أومض البرق بأكناف الحـمى ولا انبرت ريح الصبا من نحوهم من ناشـد لي بـالركاب مهجـة عـهـدتـهـا أسـيـرة بحبهـم يا أيـها الـغادون مـني لـكـم أمغـربا قد يمموا أم مشرقا ذكرت في زرود ما قد سبقا أكاد أن أغرق أو أحـترقـا من أرضهم الا وقلبي خفـقا الا شممت مـن شذاها عبقا قد تبعت يوم الرحيل الانيقا فمن لها يـوم المسير أطلقا شوق أذاب الجسم مني أرقا

1 ـ العائر : الذي في عينه قذى.

(265)
أبقـيتـم مضنى لـكـم لا يرتجى لو يحمد الدمع على غير بني أحمد القاتليـن الـمحـل ان تتـابعـت والـقائـدين الـجيش يملأ الفضا والباذلـيـن فـي الالـه أنـفسا انسان عيني في بحـار أدمـعـي وبحـر أحـزاني مـديـد وافـر اذا ذكـرت كـرب يـوم كـربلا جـل فـهان كـل رزء بـعـده وعـصبة مـن شيبـة الحمد لها قادت لها الجيش اللهـام عندمـا وقـامـت الـحرب تحييها على فـاستقبلـت فرسانهـا باسمـة واستنهضت قواطعا كم قطـعت ما أغسقت ظلمـة لـيل نقعـها فأحرقت شهب ظباها كل شيطا كم مفـرد لا ينثني حتى يـرى لله يومهم وقـد أبكـى السمـا ما سئموا ورد الردى ولا اتقوا حتى تفانوا والأسى في مصرع لـه الشـفا ولا تسليـه الـرقى (1) مـنه الـدمع حـزنـا لا رقـا (2) شهـب السنين جـمـعـا وفرقـا رعبـا وسكـان البسيـط رهقـا لاجلها مـا فـي الوجـود خلقـا لما جرى يوم الطـفوف غـرقـا لـو مد منـه الـبحر مـا تـدفقا تكاد نفسي حزنـا أن تـزهـقـا يـأتي وأنسـى كـل رزء سبقـا حرب رمت حربا يشيب المفرقـا جـاش قـديم كـفرهـا واتفقـا ساق لـما منهـا رأت في الملتقى الثـغر بـعزم ثابـت عـند اللقا رأس رئـيس وأبانـت مـرفقـا الا جلا فجـر سنـاها الغسقـا (3) ن وغى للسمع مـنهـا اسـترقـا صحيح جمع القـوم قـد تـفرقـا لـه دمـا طـرز فـيـه الافـقـا بأس العـدا ولا تـولـوا فـرقا (4) فـيه التقى الدين الحنيف والتقى (5)

1 ـ الرقى : جمع رقية العوذة.
2 ـ رقأ الدمع جف. وسكن.
3 ـ الغسق : ظلمة أول الليل.
4 ـ فرق : الفزع والخوف.
5 ـ الاسى جمع أسوة القدوة وتأسوا آسى بعضهم بعضا.


(266)
غـص بهـم فم الردى من بعد ما فكـم خـليل مـن بني أحمد ألقاه وكـم ذبيـح مـن بـني فاطمـة وكـم كلـيم قـد تـجلت للـورى يا خـائـضا أمـواج تيـار الفلا من فوق مـفتول الـذراع سابـح يـكاد أن يـخرج مـن اهـابـه لوكان لا يهوى الانيس في السرى وطـائـر الـخيال لـو رام بـأن عـج بـالبقيع نـاعـيا لأهـلـه قل يا بنـي فهـر الألى سيوفهـم والمرغمـين يـوم بـدر بالظبـى والفـاتـحين يـوم فـتـح مكـة حي علـى الحـرب فقـد القحـها عادت بها هـدرا دماؤكـم لـدى ورأس سبط أحمـد يهـدى لمـن والطاهـرات مـن بنـات فاطـم لا عذب الماء الفـرات لامـرئ ولا سقى الرحمـن صوب عـفوه وآعـجبا يقضي الحسين ظـامـيا كـان بهـم وجـه الزمان مشرقا بنـار الـحرب نـمرود الشـقـا يرى الفنا في ربـه عيـن البقـا أنـواره مـذ خر يـهوى صـعقا كــأنــه البـرق اذا تـألـقـا قـد عـز شـان شـأوه أن يلحقا اذا تـولـى مـغربـا أو مـشرقا رأيـتـه لـظلـه قـد سبـقــا يـجري علـى مـنوالـه لـحلقـا مهابط الوحي وأعــلام الـتقـى أوهـت قوى الضلال حين استوسقا مـعاطس الـشرك وآناف الشـقا بـقضـبهـم للديـن بـابا مـغلقا بالطف أبناء الـعتـاة الطلقـا (1) رجـس عـن الديـن الـقويم مرقا يـوما بـشرع أحـمد مـا صـدقا لم تـبق منـها الـنائـبات رمـقا عـلى ولا آل الـنبـي خـلـقـا مـن مـنه أبـناء النبي ما سقـى ومـاؤه الـقـراح مـا تـرنـقـا

1 ـ يشير الى قول النبي (ص) يوم الفتح لاهل مكة اذهبوا فأنتم الطلقاء وكان منهم أبو سفيان وابنه معاوية.

(267)
وللسماء كيف لم تهو على الغبر والارض ما ساخت بأهليها وقد يا لك من رزء به قلب الهـدى وفادح أبكـى السموات العـلى عسـى يـديـل الله من أميـة بحيث لم تلف لهـا من ملجـأ ا وقـد هوى الحسين صعقـا ثـوى عليها عاري الجسم لقى شـجوا بنيـران الهموم احترقا دمـا بـه جـيد الاثـير طوقا يـوما لقاؤه يشـيب المـفرقـا ينجي ولا في الارض تلقى نفقا


(268)
الشيخ صادق أطيمش
المتوفى 1298
    قال يرثي الحسين (ع) :
أرق بالطف وكف الدمع سكبا غـداة أقامـت الهيجاء حرب رمت حزب الاله به وقـادت سطت فسطا أبو الاشبال فردا الى أن خـر في البيدا صريعا ألا أبـلغ سراة المـجد كعـبا أتعلـم بـابن فاطـمـة ذبيحا وهل تـدري كرائمه أسـارى وأن ستورهـا عنها أمـيطت فقـد أمسى بـه الاسـلام نهبا وآل أميـة بـالطـف حـربا عليهم مـن بني الطلقاء حزبا وأوسعـهم بها طـعنا وضربا وأظلـم يومـه شـرقا وغربا وعـدنان الاولى ولـوي عتبا سقته مـن نجيـع النحر شربا تجوب بهن صعب العيس سهبا وقد هتـك العـداة لهـن حجبا
    الشيخ صادق بن الشيخ احمد أحد أعلام الفضل ورجال الادب ، وهو أشهر رجال هذه الاسرة وأول من اشتهر منها بالعلم هاجر الى النجف على عهد والده فاشتغل بطلب العلم ودرس على علماء عصره فأصبح أحد أعلام النجف علما وفضلا وأدبا ثم كر راجعا الى بلاده بعد أن حاز رتبة الاجتهاد ونزل في الارض العائدة الى جده فأخذ بمجامع القلوب وأقبلت عليه الوجوه


(269)
والاعيان من تلك الانحاء فصار من المراجع في القضاء والفتيا وكان شهما هماما سخيا كريما مرجعا لامراء المنتفك يرجعون اليه ويأخذون برأيه ، جلب قلوب الناس بتقواه وسماحته وكرم أخلاقه ولما امتاز به من أمهات الغرائز علا شأنه وارتفع ذكره فقصده أهل الفضل من ذوي الحاجات والمعوزين قال معالي الشبيبي عنه : كان فقيها كبيرا وأديبا ضليعا وصارت اليه الرئاسة والامامة في تلك الديار ( ديار المنتفك ) وله بها ضياع ومزارع معروفة الى اليوم وهو جد الشبيبي الكبير لأمه وهو الذي قام بتربيته وكان كثير الرعاية له والعناية به حريصا على تربيته وتهذيبه.
    وكان شاعرا مجيدا شعره سلس اللفظ فخم المعنى خفيف على السمع.
    توفي سنة 1299 في الغراف ونقل الى النجف ودفن فيها وخلف عدة أولاد أكبرهم وأشهرهم الشيخ باقر وهو ممن هاجر الى النجف واشتغل بتحصيل العلم حتى صار من أهل الفضل وكان والد المترجم له الشيخ احمد هو أول من هاجر الى النجف وغرس بذرة العلم في هذه الاسرة على عهد الشيخ الكبير صاحب كشف الغطاء وكان من أهل العلم.
    أقول ومقبرته المدفون بها تقع في محلة البراق احدى محال النجف ، ورأيت في كتب النسب سلسلة نسبه فهو صادق بن محمد ابن احمد بن اطيمش الربعي نسبة الى ربيعة القبيلة العربية الشهيرة في التاريخ ورأيت في بعض المخطوطات مراسلات ومكاتبات كثيرة وله مراث في الائمة الطاهرين عليهم السلام كما روى السماوي في ( الطليعة ) ذلك.


(270)
ناصر بن نصر الله
المتوفى 1299
أرقـنى رزء لآل المصـطفى رزء الحسين السبط سبط احمد لـه أنسه يجـوب كـل فدفد وأبأبي مـعفرا عـلى الـثرى أفـلاكـها تعـطـلت لفقـده أنديـة العــلم ألا فـاندرسي حتى لـذيذ الغـمض مقلتى جفا خـير بـني حوا عـلا وشرفا يشـق منه صفـصفا فصفصفا ورأسه في الرمح يتلو المصحفا أملاكـها تبـكي علـيه أسـفا عمـيدهـا مـربعـة لقـد عفا
    العالم الشيخ ناصر بن احمد بن نصر الله أبو السعود القطيفي ، له شعر كثير في مراثي الامام الحسين (ع) وله منظومة في الاصول الخمسة. وآل نصر الله وآل أبي السعود قبيلتان عريقتان في النسب لهم الزعامة ولمع منهم أدباء وشعراء وصلحاء ومنهم المترجم له ، قال في ( أنوار البدرين ) : هو من المعاصرين وقد قرأ علي كثيرا من شعره توفي سنة 1299 وتاريخ وفاته ( تبكي المدارس فقد ناصرها ).
    وللمترجم له ولد اسمه الشيخ عبدالله بن الشيخ ناصر ، ذكره صاحب انوار البدرين بعد ترجمة أبيه فقال : وله ولد صالح فاضل عالم اسمه الشيخ عبد الله سلمه الله له شعر كثير في الرثاء على سيد الشهداء وله منظومة في صاحب العصر والزمان وله قصيدتان في رثاء شيخنا العلامة الصالح الرباني وكان ممن قرأ عليه وحضر لديه. انتهى.
ادب الطف الجزء السابع ::: فهرس