مكتبة الاسلامية ::: شعر

ادب الطف الجزء الثامن ::: 121 ـ 135

(121)

مـولى للنظـم يـكمّلـه نفحات الطـي بعنصـره صلحـت لله سـريرتـه يـا ثالث بـدري عالمنا مَـن قاسك في أحد فأنا مولى يحلولي المدح به

فيقيـم المـلك ويقعده تبـدو ، والطيّب مولده فالصالح مـا كتبت يده بـل أنت لفضلك مفرده في وصف علاك افنّده فلهـذا رصـت أُردده

ترجم له صاحب الذريعة وصاحب الحصون المنيعة وقال : كانت لي معه صحبة وصداقة وسافر إلى عدن ونال منها ثروة عظيمة ، وكان عالماً بالايقاع مشهوراً بصناعة الموسيقي وقد تخرج عليه جماعة ، وكان له ديوان شعر قد جمعه في حياته وله شعر كثير في مدح الأئمة عليهم السلام وله اليد الطولى في التشطير والتخميس أقول : ذكر أكثره الخاقاني في ( شعراء الحلة ) واليعقوبي في ( البابليات ) ، وقال يرثي أمير المؤمنين عليه السلام :

أيا عين جودي في دم الدمع واجمدِ وهـذا أمير المؤمنين أصابه ابـن فيا شمس غيبي يا نجوم تساقطـي فمن لليتامى والأيامى ومَـن بـه وصيّك يا خيـر النبييـن رأسـه تهدم مـن ذاك الحمى اليوم سوره ونادي بأعلى الصوت يا آل غالب أيضرب بالمحراب رأس عميدكم سيـوفكم فـلّت أم الخيل عطّلت فـوالله لا أنسـى عليـا وشيبـه وحـفّ بـه أبناؤه وتصارخـت

ويـا نار قلبي كيـف لـم تتـوقـّد مـلجـم فـي محـرابـه بمـهنـد فسـرّ هـداك مات في سيف ملحـد بنـو مضـر تعلـو بمجـدٍ وسـؤدد لقد شجّ في المحراب في سيف معتدي فقـم وانشـر الرايات في كل مشهـد غـدا الدهر في قطع مـن الليل أسود ويلتـذّ منكـم هـاشمـيٌ بمـرقـد أُم السمـر أمسـت بينكـم في تـأوّد يخضـب مـن قانى الـدم المتـورد عليـه اليتامى مـن ذرارى محمـد

(122)

وأعول جبريـل الأمين تهدمت الا إن أشقـى الأشقياء بسيفـه وكبّرت الأملاك في أفق السما

من الدين أركان بها الدين يهتدى تعمّـد أتقى الأتقيا صهر أحمـد وكلٌ ينادي مات والله سيـدي ⁽¹⁾

وقال مخاطباً أبا الفضل العباس ابن أمير المؤمنين عليهما السلام :

أبا الفضل يـا مـن به يُرتجى فحقـّـق رجائـي بما رمتـه وأنت ابن قطب رحى الكائنات فـلا تتـركنـي فـي حيـرة

محط الخطايا من المذنبين فأنت المشفع في العالمين وصي النبي الكتاب المبين فغيركم ليس لي من معين

وترجم له الشيخ محمد حرز الدين في ( معارف الرجال ) وأتى على طائفة من شعره وقال : توفي في طهران سنة ( 1320 ) واقبر هناك بمقبرة الشاه عبد العظيم الحسني.

1 ـ عن مخطوط الدر المنظوم في الحسين المظلوم للسيد حسن الموسوي الخطيب.

(123)

السيد ميرزا الطالقاني
المتوفى 1315

من شعره في رثاء الحسين :

طـربت ومـا شوقـي لباسمة الثغـر ولسـت بصـب هاجـه رسـم منزل وليـس حنينـي للركائـب قـوّضـت ولــيس بكائـي للـغـوير وبـارق فـكم لـهم يـوم الـطفـوف نـوائب غـداة تـداعـت للـحسين عـصابة وجـاءت لأخـذ الـثار طـالـبة بما فثارت حمـاة الـدين مـن آل غالب فكـم ثلمـوا البيض الصفاح وحطّموا برغم العلى خروا على الأرض سجّداً

وهمتُ وما وجـدي لساكنة الخدر ورجعُ حمامات ترجّـع في الوكر فقوّض يوم البين من قبلها صبري ولكن لآل المصطفـى السادة الغر بكتها السما والأرض بالأدمع الحمر مـدرعة بالشـرك والغيّ والغـدر سقاهـا علي فـي حنين وفي بدر يهـزهم شـوق إلى البيض والسمر الـرماح وقامـوا للكفاح على جمر وظـل وحيـداً بعدهم واحد الدهر

ومنها :

وراح إلى الفسطاط ينعى جـواده فهـذي تنـادي يا حماي وهـذه ( فواحـدة تحنـو عليه تضمـه ) ألا في أمـان الله يا مودع الحشا عزيز على الكرار أن ينظر ابنه

ففرّت بنات الوحي شابكـه العشر رجايَ وهـذي لا تبوح من الذعر واخرى تنادي والدموع دما تجري لهيباً بـه ذاب الأصم من الصخر يُخلّى ثلاثاً في الطفـوف بلا قبر

(124)

السيد ميرزا ابن السيد عبد الله بن أحمد بن حسين بن حسن الشهير بمير حكيم الحسيني الطالقاني النجفي ، علامة كبير وأديب شهير وشاعر مقبول. ولد بالنجف عام 1246 ونشأ بها ونال حظا وافراً من الأدب وقرض الشعر ، لازم الزعيم الديني الشيخ محمد حسين الكاظمي والشيخ ميرزا حبيب الله الرشتي وتخصص بالفقه ونال درجة الاجتهاد فرجع اليه بالرأي كثير من البلدان. وبالاضافة الى علمه الواسع كان مثالاً للخلق العالي فقد كان يساند الشيخ محمد طه نجف ويحضر بحثه تقوية لجانب الزعامة الروحية ، ذكره الشيخ علي كاشف الغطاء في الحصون والسيد حسن الصدر في التكملة والطهراني في نقباء البشر.
توفي بالنجف الأشرف يوم الخميس 13 رجب عام 1315 ودفن بمقبرة جده السيد مير حكيم في الصحن الحيدري ورثاه فريق من أصدقائه واقيمت له الفواتح في العراق وايران والهند من قبل مقلديه. وهذه احدى روائعه التي قالها في مدح جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام :

بحبك أيهـا الظبـي الغريـر تحيـد مراوغـاً عني نفوراً ليالٍ أكـؤوس الصهباء فيهـا ونحـن بها بلا كدرٍ وريـب على وادٍ حصاه يشع نـوراً يموج غـديره بتولى علـيٍ وراءك يا حسود فمت بغيظ

فـؤاد الصب مسجون أسيـر كـذاك الظبـي عادته النفور عـلينا فـي مسرتهـا تـدور وحسن الحب أن عفّ الضمير ومـن فيّاحـه فـاح العبيـر وصفـو السلسبيـل هو الغدير فإن أبا تـراب هـو السفيـر

* * *

شربت ولاءه بغدير خم كفته خلافة من بعد طه

زلالاً إنه العـذب النمير بها للمؤمنين هو الأمير

(125)

تــولاه الاله وقـال بلـّغ فقـام مبلّغاً يـدعو بأمـر أضاء الدين والإسلام فيـه وقـد ظهرت مناقبه وبانت

بـه وأبن ، فقد حان الظهور وعـاه ذلـك الجـمّ الغفيـر فحيـدر كلـه ضوء ونـور كما ظهرت شموس أو بدور

* * *

أبـا حسن بصـون المجد خذهـا بتـاج الله قـد تـوجـت قـدراً يحار العقـل في معناك وصفـاً فضائلك النجوم وليس تحصـى وسل أحـداً وخيبـر أو حنينـاً أجلّك ـ والـورى لعلاك دنـوا صفاتك كالجواهر ما استعيـرت

مـزايا فـي صفاتـك تستنيـر وزيـّن فـي خلافتـك السريـر ولا بـدع إذا حـار الـبصيـر يقـلّ بـجنبهـا العـدد الكثيـر بها هل غيرك الأسـد الهصـور خضوعاً ـ أن يكون لك النضير ومـن عـَرض سواك المستعير

(126)

الشيخ أحمد آل طعّان
المتوفى 1315

من قصيدة في الحسين :

على الطـف عرّج ولا تعجلا وحُلّ وكا المـدمع المستفيض ووشى بها عرصات الطفوف على أن أفضل بـرّ الرسول ملوك الكمال الكمـاة الاولى فمـن باسـل باسـم ثغـره

ففيـه التعجـّل لـن يجملا وأجر المسلسل والمـرسـلا لتكسي بهـا خير وشيٍ حلا بكـاؤك قتلـى ربى كربلا بنـوا إذ بنـوا منزلاً أطولا إذا سهل الخطب أو أعضلا

العالم العامل الشيخ أحمد ابن الزاهد العابد الشيخ صالح بن طعان بن ناصر ابن علي الستري البحراني ، ولد سنة 1251 ه‍ وكان جامعاً لأنواع الكمالات ومحاسن الصفات محبوباً لدى الخاص والعام وهو من الذين عاصرهم صاحب ( نور البدرين ) فقال : لم أرَ في العلماء ممن رأيناهم على كثرتهم مثله. كان من أهل ( سترة ) ـ جزيرة في البحرين ـ ثم انتقل مع والده إلى ( منامه ) وقرأ على السيد علي بن السيد اسحاق أكثر العلوم من نحو وصرف ومعاني وبيان وتجويد ومنطق وغير ذلك حتى أقر اقرانه له بالفضيلة واشتغل بالتصنيف والتأليف وأجوبة المسائل التي ترد عليه حتى منّ الله عليه بالتشرف بزيارة العتبات المقدسة فحضر ابحاث العلماء بالنجف الأشرف كالشيخ الانصاري والملا علي ابن الميرزا خليل ولما توفي الشيخ الانصاري رثاه بقصيدتين

(127)

ورجع إلى بلاده وتردد على القطيف مبلّغاً مرشداً إلى أن توفاه الله ليلة الاربعاء يوم عيد الفطر سنة 1315 ، وقبره المقدس في الحجرة التي فيها العالم الرباني الشيخ ميثم البحراني المتصلة بالمسجد بقرية ( هلتا ) من الماحوز من البحرين.
أقول وعدد صاحب أنوار البدرين جملة مؤلفاته الكثيرة وقال : وله ديوان شعر في مدح النبي والأئمة عليهم السلام ومراثيهم ، جمعه بعض الاخوان وطبعه بعد وفاته وسماه ب‍ ( الديوان الأحمدي ) ولم يستوف جميع أشعاره ، وله في رثاء المرحوم الشيخ مرتضى الانصاري المتوفى 1281 ه‍.
ومن شعره في الحث على الانفاق :

يا فاعل الخيـر والاحسان مجتهداً فالله يجــزيك أضعافاً مضاعفة

أنفق ولا تخشَ من ذي العرش إقتارا والـرزق يأتيـك آصالاً وأبكـارا

وله قصيدة جارى بها الشيخ البهائي والشيخ جعفر الخطي في الإمام المنتظر مطلعها :

سقى عارض الانوا بوطفاء مدرار ولا بـرحت أيدي اللواقح غضـة

معاهد يهدي من شذا طيبها الساري توشّي بروداً مـن رباها بأزهـار

وفي الذريعة : الشيخ أحمد بن صالح بن طعان بن ناصر الستري البحراني المولود سنة 1251 والمتوفى 1315 صاحب التحفة الأحمدية طبع ديوانه الكبير وترجم له السيد الأمين في الأعيان فقال : كان عالماً علامة فقيهاً اصولياً متبحراً في الحديث والرجال من علماء آل محمد علماً ونسكاً وعبادة جليل القدر كثير التصنيف ، رأس في القطيف والبحرين ، وهو عالم القطيف والمرجع للدنيا والدين بتلك البلاد قصده الطلاب من كل فج ، وله منظومة في التوحيد ، قال ابن اخته في ( أنوار البدرين ) انها لم تتم ⁽¹⁾ وترجم له الباحث المعاصر علي الخاقاني في ( شعراء الغرى ) ونقل عن أنوار البدرين جملة مؤلفاته وعدد منها 30 مؤلفاً وطائفة من أشعاره.

1 ـ عن الذريعة 8 ج 23 صفحة 99.

(128)

أبو الفضل الطهراني
المتوفى 1316

قال من قصيدة توجد بكاملها في ديوانه المطبوع :

هـناء بـميلاد فرخ البتول ومَـن لاذ فطرس في مهده ومَـن عـوّض الله عن قتله وأن يستجاب دعاء الصريخ وأن جـعـل الله من فضله فـيا طـيبها تـربة أخجلت فتى سنّ بـين الكرام الاباء فـآثـر سلّة بيض السيوف فصال كـوالـده صـولـة

وسبـط الـرسول وريـحانـته فـعـاد لـما كان من عـزتـه بـأن الأئـمـة مـن عـترتـه إذا مـا دعـا الله فـي قـبتـه شفـاء البـريـة في تــربتـه نـوافج مـسك عـلى نـفحتـه فـسار الابـاة عـلـى سـنّتـه وورد الـحـتوف عـلى ذلـته غدت ترجف الأرض في خيفتـه

الميرزا أبو الفضل الطهراني هو العالم الأديب الأريب يقول الشيخ القمي في ( الكنى ) : هو خاتم رقيمة الأدب والفضل الحاج ميرزا أبو الفضل صاحب كتاب شفاء الصدور في شرح زيارة عاشور ، قال من قصيدة يرثي أباه صاحب التقريرات في الاصول وهو أبو القاسم كلانتر :

دع العيش والامال واطـوِ الأمانيا رمى الدهر من سهم النوائب ماجداً وعـلامـة الـدنـيا وواحد أهلها

فـما أنـت طول الدهر والله باقيا أغـر كـريماً طاهر الأصل زاكيا ومَن كان عن سرب العلوم محاميا

(129)

الى أن قال :

وقد نلت من عبد العظيم جواره

جوارٌ له طول المدى كنت راجيا ⁽¹⁾

ويقول الشيخ القمي : والميرزا أبو الفضل عالماً فاضلاً فقيهاً اصولياً متكلماً عارفاً بالحكمة والرياضة مطلعاً على السير والتواريخ ، أديباً شاعراً حسن المحاضرة ينظم الشعر الجيد ، له ديوان شعر بالعربية ، ومن شعره في الحجة ابن الحسن صاحب الزمان صلوات الله عليه :

يا رحمـة الله الـذي وابن الذي في فضله لـذنا ببيتك طائفـين فعسى نفوز برحـمة

عـمّ الأنـام تطوّلا نزل الكتاب مـرتلا تخضـعاً وتـذلـلا مـن ربنا رب العلى

وله أيضاً :

مولاي يا باب الحـوائج إنني لا أرتجي أحداً سواك لحاجتي

بك لائذ وإلى جنابـك أرتجي أحداً سواك لحاجتي لا أرتجي

توفي في طهران 1316 ونقل إلى النجف الأشرف ودفن في وادي السلام ، وديوانه يضم الكثير من مراثي أهل البيت عليهم السلام ومدائحهم وقسم كبير في النصائح والمواعظ كما له طائفة كبيرة من الشعر في مدح السيد المجدد السيد حسن الشيرازي. يشتمل ديوانه على 407 صفحات طبع في طهران سنة 1370 رأيته بمكتبة أمير المؤمنين العامة بالنجف برقم 554 / 40 وفيه قصيدة يجاري بها تائية دعبل بن علي الخزاعي ، وأولها :

شجاني نياح الورق في الشجرات

فهاجت إلى عهد الحمى صبواتي

ولا يغيب عنا بأن المجارين لقصيدة دعبل بن علي الخزاعي هم عشرات من الشعراء وشرحت عدة شروح طبعت مستقلة.

1 ـ لأنه دفن في جوار عبد العظيم الحسني بالري قرب طهران وفي صحن حمزة ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام في مقبرة أبي الفتوح الرازي. أقول : وعبد العظيم الحسني جليل القدر عظيم الشأن وعلى جانب عظيم من التقوى والعبادة ، أشاد إمامنا محمد الجواد بشأنه وجلالته وقد ترجمنا له ترجمة مفصلة في كتابنا ( الضرائح والمزارات ).

(130)

الشيخ حسن مصبّح
المتوفى 1317

من شعره في الحسين :

حـيّ دار الأحـبـاب بالـدهناء تلك دار عـرفـت فيها التصابي لـست أنـسى مهما نسيتُ ظباءً بلحـاظ تـرمي سهـاماً ولـكن وثغـور تـضـم لعـسة ريـق تلـك تفتـرّ عـن جمـان أنيـق وخـدود كـأرجـوانٍ عـليـها وقـدود تـمـيس كالـبان لـيناً وخـصور تكـاد تـنقـدّ مهـما يـا خليلـيّ كـم ليالٍ تقـضّت نادمـتني الحسان فيهـا ونامـت ليت شعري هل يسمح الدهر فيها لكـن الـدهـر شأنـه الغدر لا بل له الـغدر بالأماجـد حـتى ودهتهـم بـكل لأواء جـلـّت

كـم بهـا طاب مربعي وثوائي بعد ما قوّض الصبا عن فنائي في حماهـا أخجلن ريم الظباءِ لم تصـب غـير فلذة الأحشاءِ هي أحلى من راحـة الصهباء إن بدا شـقّ مـهجة الـظلماء طـاف ماء الشباب في لئـلاء هـي ريّانـة بـماء الـصباء هـبّ ريـح الصبا بلين الهواء مـزهـرات بـروضة غـناءِ أعـين الـعاذلـين والـرقباءِ بـعـدما أذعـنت لجدّ انقضاء تلـقاء إلا معـانـداً للـوفـاءِ أشـرقـتهم صـروفه بالعناء أن يـرى مثلـها بـنو حـواءِ

(131)

أي عـذر لـه وآل رسـول الله ملـكـت إمـرة عـليها ضلالا وسقتها باكـؤس الـجور حـتفاً ضاق رحب الفلى بها حيث حلّت يوم جاء الحسين في خير صحب حلّـقت فـيهم عن الضيم عـزاً اسدُ غاب إن صرّت الحرب نابا تـخذتـها أبـناء في يـوم بؤس أضرمـوها وغىً بأمضى شفـار هـي غـرثى الشبا وقد أوردوها وثووا في الصعيد صرعى ولكن وغـدا السبط مـفرداً بين قـوم تارة للـنساء يـرنـو وطـوراً

شـتى مـخافة الـطـلقـاءِ حسد الفضل والـنهى والعلاء فيه غصت شجى لهى العلياءِ وتـرامـت بـها أكفّ البلاء وكـرام مـن آلـه الـنجباء أنفسٌ دونهـا ذرى الـجوزاء أجمها في الهياج بيض الضُباءِ فـرأتهـا مـن أكـرم الأبناء أنحلتـها غـمداً طلى الأعداءِ مـن رقـاب الكماة بحر دماء لـم يـبلّو الـحشى بقطرة ماء كـفروا بالـكتاب والأنـبيـاء ينظر الماجدين رهـن الثـواء

الحسن بن محسن الملقب بمصبح ⁽¹⁾ الحلي. كان عالماً فاضلاً أديباً شاعراً ، أخذ صبغة الشعر عن الكوازين الشيخ صالح والشيخ حمادي وعن الشيخ حمادي نوح وأقام بالنجف يطلب العلم عشرين سنة. له ديوان شعر في ستمائة صفحة جمعه بنفسه ونسخه بخطه ، ولد في الحلة حوالي سنة 1247 ودرس مبادئ النحو والصرف والمعاني والبيان على أبيه وغيره من مشايخ الفيحاء ثم بعث به والده إلى النجف وعمره لم يبلغ العشرين سنة للدراسة ولم يزل مقيماً بها حتى توفي أبوه فعاد إلى الحلة وأقام بها إلى أن توفي سنة 1317 وكان على محجة أسلافه من

1 ـ نسبه إلى جده الأعلى الشيخ مصبح ـ بتشديد الباء الموحدة ـ يرجع أصله إلى قبيلة آل يسار التي يقطن معظمها بين سدة الهندية والحلة.

(132)

النسك والصلاح فقد حج مكة المكرمة 25 مرة متطوعاً تارة ونائباً ومعلماً اخرى حتى توفاه الله فنقل الى النجف ودفن فيها وكان على جانب عظيم من عزة النفس وعلو الهمة ، تعرف على امراء آل رشيد ومدحهم ولم يقبل عطاياهم لطيف المحاضرة حسن المحاورة ، كثير النظم شاعراً مبدعاً. قال الشيخ اليعقوبي في ( البابليات ) وللمترجم له ثلاث روضات ـ والروضة هي أن يلتزم الشاعر يجعل أول كل بيت من القصيدة وآخره على حرف واحد من الألف إلى الياء فيكون مجموعها ( 28 ) قصيدة ، وفي ذلك من التكلف والتعسف ما لا يخفى على أرباب هذه الصناعة.
أما روضات المترجم له فالاولى في الغزل ، والثانية في مدح أمير المؤمنين علي (ع) ، والثالثة في رثاء الحسين عليه السلام واليك نماذج من روضته الحسينية قال في حرف الباء :

بان العزاء وواصل الكربُ بلّـغ بني فـهر وقـل لهم بعد ابن فاطمة يسوغ لكـم بـدر إذا ما شعّ في غسق بدرت اليه ضلالة ورمت بأبـي الـقتيل وحوله فئة بلغوا بموقفهم ذرى شرف بك يا محانى كربلا غربت بكت السماء دما وحقّ لها بدرت تطارح نوح نسوتها بأبي عقائلهـم وقد برزت بكـرت تجاذبها بـراقعها

بالطف يوم تفانت الصحبُ أودى بشامخ عزكـم خطب مـن سلسبيل فراتها شرب منه يضييء الشرق والغرب تلك الأشعة بالخفـا حـرب أخنى عليها الطعن والضرب من دونه الـعيوق والقـطب أقمار مجـد ضمـها الترب مـن جـوّها تتساقط الشهب ورق الـحمى وأنـينها ندب حـرى الـفؤاد ورحلها نهب حرب ولا من هاشـم نـدب

(133)

ومن روضته الحسينية في حرف التاء :

تجـاذنبـي فـؤادي النائبات تعمدنـي مـن الأرزاء سهم تحييهـا الـملائك كـل يوم تمدّ لها الأكف بنـو الأماني تبارك مبـدع الألطاف فيها تضييء بكربلا منهم بـدورٌ تـوفّوا بالفرات ولـم يبلّوا تقلّبهم على الرمضاء عدواً

وتمـضغه أسى مـنها لهاةُ بـه ثكـلت حشاشتها الهداة وتغلبها على الأمـر الطغاة وتقطـع كفهـا ظـلماَ شباة ومن وصف الاله بها صفات بـرغـم الدين تمحقها ظُباة أُواماً ليته غـاض الفـرات بأرجلها الـخيول الصافنات

ومن روضته الحسينية في حرف الثاء :

ثلّـة قـلّ عـدّها وهي عزماً ثكـلت منهـم الـشريعة غلباً ثم جلّى الوحيد عزماً وحـزماً ثغـرة الــدين سـدّها وعليه ثلـج الـقلب فـي الكريهة لا ثلّـث النيريـن مـنه مـحيّاً ثلّه صـارم الـقضا ولعمري ثـغر ديـن الاله قطب فهذي ثكـلت صيدهـا فعادت نهابا ثوب هذا المصاب عمر الليالي

في الوغى لا تروعها الأحداثُ لـهم وحـيها الـقديـم تراث فهـو الـصقر والكـماة بغاث فـخر هـذا الزمان طراً يُلاث يرهب قرناً ولا لديه اكتـراث فسنا الـضوء بـينها أثـلاث كان قـدماً بـه القضاء يُغاث محصنات النبي أسرى غـراث للأعادي بـرودها والـرعاث ليس يـبلى والحـادثات رثاث

ومن روضته الحسينية في حرف السين :

سلّ الجوى قلبي ولا من آسِ

والجسم أحرقه لظى أنفاسي

(134)

سارت ركائـب آل بـيت محـمد سل عنهم وادي الطفوف فقد زها سقت الروابي العاطشات من الدما سيان يوم الروع غرب سيوفـها سئـمت لـقاءهم الكماة فأحجمت سمحت بأنفسها انتصاراً للـهدى

تجـتاز بين دكادك ورواسي خصباً بغيث نوالها الـرجاس وعلى الظما سبط النبي تواسي الموت كـل مخمد الأنفـاس رعبـاً ولم تظفر بغير اليأس والـدين طـعناً للقنا المياس

ومن روضته في حرف القاف :

قـل للمقـاديـر كـفاك سـبّة قد عفّر الصعيد منهـم أوجـهاً قـد غسّلتـها جـاريات دمـها قلب الهدى والدين والمجد مـعاً قم يا أمين الله يا حيدرة الطه‍ قد حلّ في الطف بنوك وبـها قام على ساق لها الحرب وقـد قـوّمت السـمر بكـف عزمة

إذ خـنتِ من آل النبي الموثقا من نورها الليل البهـيم أشرقا وكفنتها الريـح بـرداً عبـقا ذكـا بـواري حزنها واحترقا ‍ر ويا حتف العدا في الملتقى ظِـفر الردى انشبه كفّ الشقا جثـت غـضاباً ما تولّت فرقا قـد أرعفتها بالطعـان علقـا

ومن روضته في حرف الكاف ويخص فيها العباس بن علي :

كيـف أقـوى على الأسى وحماكا كـنت كالنيرين تـهدى إلى الرشد كلـما أسـدل الـضلال ظـلاما كـفرت بـالاله قـوم أضـاعت كرّ شبل الوصي فيها أبو الفضــل كـالـئاً صـفـوة الالـه أخـاه

يا إمـام الـورى أُبيح انتهاكا بديـن لـه الالـه ارتضاكـا بعـمود فـلقـته مـن هداكا حـرمات الـهدى بسفك دماكا فطاشت لا تستطيع حراكا من شأى في علائـه الأفلاكا

(135)

ومن روضته في حرف اللام :

لا أرانـي سلـوت رزءك كـلا لمـن الـعين تـذخر الدمع بخلا ليت شعري غداة خـرّ صريـعا لم أخل يصرع القضا مَـن الـيه لكـن الله شاء أن يـصـطفـيه لستَ أنـت الـقتيل يا خـير هاد لست أنت العفير في الترب وجهاً لارقا للعيون دمع ، ودمـع الدين لـست أنـسى بـنات أحـمد لما لفّهـا الوجـد بعـد سلب رداهـا ليت حامي الحمى يصـوّب طرفا

يا قتـيلاً بفـقـده العيش ولّى بعد يـوم أبكى منى والمصلّى سبـط طه كيف النـهار تجلى كان حكم القضاء عدلاً وفصلا شافـعـاً للـورى فعـزّ وجلا بل قلـوب الورى لرزئك قتلى بـل محـيّا الهـدى تـعفّر ذلا مـن فـوق وجيـنته استهـلا فـقـدت عـزّها فـلم تر ظلا وكساهـا مـن الـبراقـع ثكلا فـيرى عـزّهـا تحـوّل ذلا

ومن الروضة الحسينية في حرف الصاد :

صـدع الـفؤاد بحـادث غـراصِ صغـرت بـه الارزاء بل شابت به صـادٍ قضى ابن مـحمد في كربلا صافـته نـصرتـها بـيوم مكـدر صدّت عن الخدر الطغام وأفرغـت صدعت صفاة الشرك ضامية الحشا صالت وقد لبس القتام ضحى الوغى صكـت جمـوعـهـم بأية غـارة صـبرت كـما صبر الكرام وطيبها

خطب به الداني انطوى والقاصي مـمن أضـلّته السـماء نواصي فـي ما حـضيه مودة الاخلاص والمـوت فـيه جائـل الـقنّاص صبراً ودرع الصـبر خير دلاص وغدت تطالب خصمها بقصاص تدعو النجاء ـ ولات حين مناص شـعواء تختطف الهزبر العاصي فعلا تضوّع من شذا الاعيـاص

ادب الطف الجزء الثامن ::: فهرس