ادب الطف الجزء الثامن ::: 136 ـ 150
(136)
صـرم الـقضاء بـسيفه أرواحها صـمدت اليهـا القوم تـبرد غلّها صرعى بحرّ الشمس في صيخودةٍ صدع المصاب بهم حشا ابن محمد صـابته رامـيـة الـمنايا غـرة صهلت عواديهـا وجالـت فوقـه صكت خـيام المحصنات بغـارة صـارت توزع رحلـها وتسومها صعداء أزهـر فوقها رأس الذي صانت امـية في الخدور نساءها صفـدت لشقـوتها إمام زمانهـا ورمى بها جنح الهدى بحصاص ضرباً يـزيل كلا كلا ونواصي رمضـاؤها مشبـوبة الأعراص لا غـرو ، كـل درة الغواص بسهـام مَـن لله فيهـا عاصي من كل ممدود الـقرى رقـاص حيث العـدو بسلبهـا متواصي خسـفاً ولـم تظفر لها بخلاص مـن فتية بيض الوجوه خماص وبنات أحمـد في متون قلاص زيـن العباد مـنزّه الأعيـاص
    ومن روضته في حرف الغين :
غارت بحار الدين والشرك طغى غماء أودت بحشاشـات الهـدى غيـر عجيب منك يا دهر الجفـا غـادرت آسـاد الشرى فـريسة غداة حفـّت بالـحسين عصـب غالـبت الديـن اجتهـاداً لـلشقا غنّى لها الشرك غروراً فصـبت غـدا اليـها السبـط في أراقـم غـارت ولولا ما قضى الله لـها غـول المنايا غـالها فانـتثرت لــما على الحـق الضلال نبغا حـزناً لارزاء الـهـداة البلغـا تطـرد آساداً وتـأوي الـوزغا للذئـب حتـى في دمـاها ولغا شيطـانها للشـرك فيهـا نزغا هيهـات ما في نفسهـا لن تبلغا وارتاح مها القلب والسمع صغى تنفث سماً في حشى مَن قد بغى في الفوز بالحتف أبادت من طغى صرعى وحزناً بازل الدين رغى


(137)
غفـت بـرغـم المجد منها أعين غـمار هيجاهـا فريداً خاضهـا غادٍ بها ورائـح يختطف الارواح غـرائب الـطعن أراهـا بـغـتة غارت مياه الأرض فالسبط قضى غلالـة الـذلّ لـقد لـبستـهـا كـم سهرت ترتاح حباً للوغى السبطُ وفيها زاخر الحتف طغى حـتى لـم يـزل مـبلّـغـا ونال بالـصارم مـنها المبتغى ظـماً ومـنها جـرعةً ما بلغا يا حرب ، والعار لها قد صغا
    ومن الروضة الحسينية في حرف الهاء :
هان صعب الخطوب حيث تناهى هـم هـداة الأنام عـلماً ونسكا هـدّ ركن الـهـدى غداة ألمّت هـدمـت عـزهـا أباطيل قوم هـدرت للـوغى فـحول لويٍّ هتـفت باسـمها الـمنايا بـيوم هـال أقـدامهـا الكماة فطاشت هـي في حـزمهـا أشدّ نفوذاً هجرت طيب عيشها واستطارت هـل أتى مـثلها سمعت كـرام هاك مني جوى يزيل الرواسي هبّ حامي الذمار للحرب فرداً لـرزايا الـهداة من آل طــه وبهـا باريء الـنسائـم بـاهـا بهـم الـحادثات مـن مبتداهـا كان في الغيّ والضلال اقتداهـا فـأطارت مـن الكـماة حشاها فـيه لـم تـبلغ النفوس مناهـا لانـدهـاش بهـا فسيح خطاها في حشا الخصم من نصول قناها لوصال الحمـام حـيـن دعاها قـد سعـت للـردى بها قدماها وبـبرحـائـه يـضيق فضاها صـكّ داني الجموع في أقصاها
    ومن رثائه في الإمام الحسين (ع) :
لتذكار يوم الطف عيشي منغصُ يمـثّلـه قـلبي لـعيني فتنثـني وطرف الهدى من صيّب الدمع أحوصُ كـأن لـها داء الـعمى يـتـربـص


(138)
فيا ليت شعري هل أُصيب حشى الهدى كـنازلـة فـي يـوم حـلّ ابن فاطم باصحاب صـدق ناهـضين إلى العلا تعالى بهـا فخـراً سما المجد مذ غدت مساعير حـرب فيهـم تهتدى الـوغى اسـودٌ تحـامـاهـا الاسـود بسالـة قساور فـي الهـيجاء مـنهـا أراقـمٌ إلـى أن جـرى حكم الالـه فغودرت أُفـدّيهم صرعـى تـضوّع نـشرهـم فعـاد فـتى الـهيجاء فـرداً بـعزمةٍ يـراودهـا ثـبت الـجنان فلـم تخل أما ومـسـاعـيه الـحسان تـحفّـها فـلو شاء أن يـمحو بكـف اقـتداره ولكنه اخـتار الـمقـامـة راغـبـاً بسهـم الـقضا قـلب أُصيب فـغاله بضـاحـية هـيجاء يـذكـو شياحها وأعظـم ما لاقى الحشا بـعد قـتلـه دخـولـهـم بالـصافنات وبالـقنـا وقـد كنّ قـبل الـطف غـابات ملبد يـطوف عـلى أبـوابها مـلك السما فـأضحت تـقاضاها الـطغاة ديونها اسارى على عجـف من النيب هـزل فايّـاً تقـاسى مـن جوى ، أخدورها بقـارعـة منها الهـدى يتـقلـّص ثـرى كربلا فـيه الرواحل ترقص بأحساب مـجد في عـلاها تقعصوا لنصر الهدى بالسيف والرمح تقعص بكل محياً ما عـن الـبدر ينقـص بيـوم لها داعـي الردى يـتربص لهـا نفثة الـدرع الـمجهم تخلص ضحايا على وجه البسيطة تـفحص بأنوار قدس نحوها الشمس تشخص طموح الـردى يعطـو بها ويقلّص سوى أنـه بـاز الـمنايا مغـرّص مزايا لها طرف الكواكب أحـرص سواد الورى فهو الحريّ الـمرخّص بمقعـد صـدق بـالنعيـم يقمـص على عجل من أسهم الشرك مشقص وعين ذكاً من نـور معناه ترمـص جوىً فيه يغلو الصبر والدمع يرخص خـدوراً تحامـاها الاسود فـتنكص ببيض المواضي والقنا الخط تحرص خصوصاً ومن نور الإمامة يقبـص بنهـب وإحـراق ورحـل يقلـص صعاب إذا ما أمـعن الـسير ترهص هتكـن ولا حـام يـذب ويحـرص


(139)
أم السبط والأطياب صرعى على الثرى أم الناهـك السجـاد والـقيـد عـضّه أألله حـامـي الــدين كـوكب عـزه تـجرّعـه صابا وإن هـو يـشتـكـي إلـى الله أشكـو لوعه : ترقص الحشا لها نسجت من بارع الريح أقمص وأغـلالـه جـيد الإمامة تقرص بـه لبني الـزرقاء أعداه تشخص لـغوباً اليه السوط بالقسـر يخلص جـوىً ولديها أدمع العين ترخص
    وقال في الامام الحسين عليه السلام :
القلـب أزمـع عن هـواه وأعرضا فـالشيـب داعـية المنون وواعـظ أو بـعد ما ذهـب الـصبا أيدي سبا هـيهات فاتـك مـا تـروم فـإنـه وأقـم لـنفسك مأتـماً حـيث الـذي فالـجسم أنحـله الفـتور وعـاث في روّح فـؤادك بالـتـقـى وأرح بـه وأنـدب أئـمتك الكـرام فـقد قضى ما بـين مـن لـعب السمام بـقلـبه ومـن اغـتدى طعم السيوف بمعركٍ حـذر الــدنيـة بـاذلاً حـوبـاءه فمـتى اُبـاء الضيم حـلّ بساحـها فـانـظر بعـين القـلب قتلى كربلا لـم تلـو جيداً للـدنـية واصـطلت بأبي الـذين تـسرعـوا لحـمامهـم رووا صدى البيض الحداد وفي الحشا كـم أنـعش الـعافين فـضل نوالهم لمـا نـأى عـنه الشباب مقوّضا بمـثاب حجة فاحص لن يدحضا تـرجـو البقاء أسالمتك يد القضا وطرٌ تقضّى من زمانك وانقضى أضحى يؤمّك عنك أمسى معرضا أحشاك عـضب النائبات المنتضى نفساً بيوم معادها تلقـى الـرضا هـذا الـزمان عليهم ما قد قضى فـوهى وكـان لشانئيه مـمرضا لـقنا نـفوس الـدارعين تمخضا ومَن ارتدى بالعزّ لا يخشى القضا ذلٌ وتـرضى طـرفها أن يغمضا حـيث الـعدو بـجمعه سدّ الفضا هيجـاء غـرب لسانها قد نضنضا دون الحسين فاحرزوا عين الرضا شعل الظـما تشتد لا شعـل الغضا واخصوصب الوادي بذاك وروّضا


(140)
وارتاح بـالـعز الـمؤيد جارهم ما شاقهم زهر الجنان إلى الردى لكنـما غـضباً لـدين آلـهها فقضوا كما شاؤا فتلك جسومهم ونزيلـهم نـال الـكرامة والرضى وحـرير سندسهـا وعيش يرتضى قامت لنصر المجتبى ابن المرتضى فـوق الصعـيد بنورها الهادي أضا
    وقال أيضاً في رثاء الامام عليه السلام :
يـا دهـر حسبك جائرا تسطو كـم شامـخ بالـعز ملـتمـع بـيدي صـروفك لا بـهدم يد ومـهذب فـيه العـلى شمخت إن عـطّ مـلبسه لـحـادثـة وإذا العـلى بـرزت بـجليتها خبطـت بـه الدنيا وكم بوغىً الله كـيف جـمعتَ غـاشـية في كربلا من حيث جاش بـها يـوم بـه جمـع ابـن فاطمة بأمـاجـد من دونـه احـتقبت قامـت عـلى ساق عـزائمها وعـلى الـظما شربت دماءهم لـم تنتهل مـن بـارد عـذب حتى قـضت والـفخر يغبطها فـغدا ابـن فاطـمة ولا عضد بأبـي الـوحيد وطوع راحـته فاقصر أمالك بالوفا ربطُ بمـلاط فـخر زانه ملط سامي ذرى عـلياه ينحطّ سبـط الـيدين لسانه سلط فـقلوب أهل الفضل تنعط فـعلاؤهـا لعقودها سمط لحسامـه إن زارهـا خبط يـا دهـر لما تجتمع قـط من حزب آل امية رهـط عـزماً لـه الأفلاك تنحط أذراع حـزم نسجها سبط فجثت وبرق سيوفها يخطو بيض الضبا والذبّل الرقط أحشاؤهـا وغليلـها يعطو وإلـى القيامـة ذلك الغبط إلا العلـيل وصارم سلـط يـوم الهياج القبض والبسط


(141)
يسـطو فـتصعق من بوارقه يا روضـة الـدنـيا وبهجتها تقضي ظماً والـماء تـشربه الله أكـبـر أيّ نـازلــة سلـبت مـن الـدنيا أشعتها يقضي ابن فاطمة ولا رفعت وبـعزمه كـف الردى يسطو ودليـلها إن راعـها خـبط عصب الشقا والوحش والرط بالـدين قـام بعبئـها السبط وبـها السماء اغـتالها الشط سـوداء مـلؤ إهابهـا سخط
    وهذا نموذج من شعره في الغزل ـ وهذه القطعة من الروضة :
سل عن جوى كبدي لظى أنفاسي سـفك الـغرام دمي ولا من ثائر سـيان حـدّ السيف والمقل التي سرّ الهوى أودعت قـلبا واثـقاً سأقـول إن عـدنا وعاد حديثنا تخبرك عنه وما له من آس كمهلهل فـيه عـلى جساس بسوادها يبيض شعر الراس لولا الدموع وحرقة الأنفاس واها لقلبك مـن حديد قاسي
    ومن غزله قوله :
أهلاً بها بعـد الصدود بكـر كغصن الـبان تختال في بـرد الصبا فسكرتُ في نـغماتـه حتى إذا صال الصبا ألـوى فـقمتُ معانقا مضنى الحشاشة قائلاً عُدلي بوصلك وادّكـر حتى تريح من الجوى فـرنا إليّ بمـقـلـة هيـفاء واضحة الخدود باكره الصبا بربى زرود أحـبب بهاتيك الـبرود وطربت فيه بغير عـود ح على الدجنّة في عمود شغفـا بـه جـيداً بجيد حـذر القطيعة والصدود يا ظبي ( أوفـوا بالعقود ) قـلباً بـه ذات الوقـود تصطاد هـاصرة الاسود


(142)
متلفتاً كالريم حلأ حذر الوشاة فليتهم وتذكر العهد القديم ه الرماة عن الورود فزعوا لقاطعة الوريد فجاد بالوصل الجديد
    ترجم له صاحب الحصون المنيعة ترجمة ضافية وقال : جمع ديوانه بنفسه وبخطه الجيد ويبلغ خمسة عشر الف بيت كله من الرصين المحكم وأكثره في مدايح ومراثي أهل البيت عليهم السلام كما ضمّنه مفاكهات ومراسلات مع العلماء من أحبابه والادباء والاشراف من أترابه ، أقول وكان الشيخ السماوي يحتفظ بنسخة من الديوان ويقول البعض أنها مستنسخة من نسخة المرحوم الحاج مهدي الفلوجي الحلي ، وترجم له الشيخ اغا بزرك الطهراني في ( نقباء البشر في القرن الرابع عشر ) وترجم له البحاثة المعاصر علي الخاقاني في شعراء الحلة.
    جاء في ( طبقات أعلام الشيعة ) ج 2 صفحة 430 : الشيخ حسين الحلي ، هو الشيخ حسين بن مصبح الحلي النجفي فاضل جليل. كان من فضلاء عصره في النجف ، ويظهر من بعض الخصوصيات أنه كان من الأجلاء. استعار بعض الكتب العلمية في حدود ( 1240 ) كما على ظهر ( إثبات الهداة ) في النصوص والمعجزات في مكتبة السيد اغا التستري في النجف ، فالظاهر أن وفاته بعد التاريخ ، وهو جد الشاعر الشهير الشيخ حسن مصبح الحلي ابن حسين ابن المترجم ، المولود في حدود ( 1246 ) المتوفى في 1317 ه‍ كما ترجمناه في ( نقباء البشر ) م 1 صفحة 429.


(143)
    قال من قصيدة يرثي بها الحسين (ع) :
لهفي لـزينب بعد الصون حاسرة تقول وآضيعتا بـعد الحسين أخي وأخـرجـوا السيد السجـاد بينهم إذا وَنـى قـنّعوه بالـسيـاط وإن وقـد سروا ببنات المصطفى ذللا ما بيـن باكـيـة للخـدّ لاطـمة وبـين قائلـة يـا جـدنا فـعلوا بين اللـئام ومنـها الـخدر مبتذل من لي وقد خاب مني الظن والأمل يساق قـسراً وبالاغـلال يـعتقل مشى أضـرّ بـه مـن قـيده ثقل تسرى بها في الفيافي الأنيق البزل وبيـن ثاكـلة أودى بهـا الـثكل بنا علـوج بني مروان ما فعلـوا
    وقال :
يا قلـب ذب كـمداً لما أيلـومني الـخالي بهم قـد جـرعـتني علقما أجسامـهم فـوق الثرى وعـقائل المختار تسبى وحملن من بـعد الخدور قـد ناب أبـناء النبيّ أين الخليّ من الشجيّ أرزاء نـهر الـعلقميّ ورؤوسهم فـوق الـقنيّ بـعدهـم لابن الـدعيّ سوافـراً فـوق المطيّ
    هو ابن الشيخ جعفر بن نظر علي ، وبجده هذا يعرف بين الحليين فيعبرون عنه ب‍ ( الشيخ محمد بن نظر علي ) ويلقبونه بالمحدث أيضاً لطول باعة وسعة


(144)
أطلاعه في علم الحديث ، فقد كان ذا إحاطة واسعة بأحاديث النبي وأهل بيته الأطهار خصوصاً ما ورد منها في صحاح الإمامية وما ألف بعدها من الكتب المعتبرة وقد استفاد كثيراً في هجرته من الحلة إلى النجف من منبر العلامة المتأله الشيخ جعفر التستري ومن ثمة اشتهر أمره بالصلاح والورع وحسن الأساليب في مواعظه وخطابته المنبرية ، ودرس عنده جماعة منهم الشيخ محمد حسين بن حمد الحلي ، وقد ترك جملة من الاثار والمجاميع المخطوطة كان قد دوّن فيها ما وعاه من مشايخه وما انتخبه من أُمهات الكثب في سيرة أهل البيت وآثارهم وقد تلف قسم منها وبقي بعضها عند صهريه على كريمتيه ، الأول منهما خطيب الفيحاء الشيخ محمد آل الشيخ شهيب ( والد الدكتور محمد مهدي البصير ) والثاني السيد جعفر ابن السيد محمد حسن آل السيد ربيع ـ من أطباء العيون في النجف ـ وكان المترجم له رحمه الله يحب العزلة ولا يغشى أندية الفيحاء على كثرتها يوم ذاك عدا نادي آل السيد سلمان في عهد المرحوم السيد حيدر وعمه السيد مهدي بن السيد داود لقرب بيته من بيوتهم. وما زال منقطعاً إلى التهجد والاذكار في مسجدهم الواقع تجاه داره وهو المعروف بمسجد ( أبو حواض ). كانت ولادة المترجم له في الحلة سنة 1259 على التقريب ونشأ وتأدب فيها وكان يقضي شهري المحرم وصفر في البصرة للوعظ والارشاد في المحافل الحسينية كغيره من الخطباء فعاد في آخر سنيّ حياته منها وقد أُصيب فيها بمرض الحمى النافضة ( الملاريا ) فلم تمهله إلا أياماً حتى أجاب داعي ربه سنة 1317 ه‍ أو قبلها بسنة ، ورثاه جماعة من شعراء الفيحاء الذين كانوا معجبين بفضله ونسكه منهم الأديب الحاج عبد المجيد الشهير بالعطار والشاعر الفحل الحاج حسن القيم ـ فمن قصيدة القيم قوله :
بادرا في بردة النسك أدرجاه لـي بقـايا كـبد بيـنكـما واعقدا اليوم على التقوى رداه بالبـكا يـا ناظـريّ اقتسماه
    وهذا الشيخ وان كان ذا موهبة شعرية ولكنه لا ينظم إلا في اهل البيت عليهم السلام. ( انتهى عن البلابليات )


(145)
مـصائب عـاشورا تـهيج تضرمي بها المجد ينعى مصدر الفيض إذ غدا فلله من يوم بشهر محرم بلا قيّم يأوى إليه وينتمى
    ومن قصيدة أخرى :
فيا مضر الحـمرا ويا أُسـد الشرى وأمـنع مَن في الأرض جاراً وجانبا فـيا مطعمي الأضياف يـوم مجاعة ويا مخمدي نار الـوغى إن تضرّمت وبـدر واحـد يشهـدان لـهـاشـم ولـما بـدت من آل حرب ضغائن وأخـرجت الـمولى الحسين مروّعاً فلهفي عـليه مـن وحـيد مضيّـع بنـي مضر مـاذا القعود عن العدا وكيف بقـى ملقى ثلاثاً على الثرى ويا غوث مَـن يبغي الندا ويريد وأمـنتح مـَن أمـّت اليه وفود ويا خـير مَن يبنى العلا ويشيد وشبّ إلـى الحرب العوان وقيد ورب السما من فوق ذاك شهيد لثارات بـدر أظـهرت وحقود وقـد سبقـت مـنكم اليه عهود على الماء يقضي وهو عنه بعيد وفي كربلا مـولى الوجود فريد تـواريه مـن نسج الرياح برود


(146)
    الشيخ محمد بن عز الدين الشيخ عبد الله العوامي القطيفي. اشتهر بأبي المكارم لمكارم أخلاقه ، ولد رحمه الله سنة 1255 ه‍ ثالث شهر شعبان وبدت طلائع النبوغ على أساريره ونمت مداركه ومعارفه فأصبح منهلاً ينتهل منه وبحراً يغترف السائلون من عبابه ، حج سنة 1317 ه‍ فأبهر الحاج بعلمه وكرمه وسخائه وعطائه ، وعندما تشرف بزيارة الرسول صلى الله عليه وآله واستقرّ بالمدينة المنورة فاجأه السقام فمكث أياماً والمرض يلازمه حتى قبضه الله اليه في عصر يوم السابع والعشرين من شهر محرم الحرام سنة 1318 وعمره ثلاث وستون سنة فدفع بالبقيع ، وأولاده أربعة كلهم من أهل الفضل ، أما آثاره العلمية فهي :
    1 ـ أجوبة المسائل النحوية ، كتاب مختصر.
    2 ـ المناظرات في مسائل متفرقة.
    3 ـ المسائل الفقهية.
    4 ـ ديوان شعره يحتوي على : منظومة في عقائد الاصول ، من توحيد وعدل ونبوة وإمامة ومعاد.
    شكوى وعتاب :
    ترجمت في هذه الموسوعة بأجزائها الثمانية لمجموعة كبيرة من ادباء البحرين والاحساء والقطيف ممن كانوا في زوايا النسيان ذلك لأن بلاد البحرين من أقدم بلاد الله في العلم والأدب والتشيع لأهل البيت وعريقة في الشعر. وأمامنا ردم من القصائد لم نقف بعد على ترجمة أربابها وكم كتبنا واستنجدنا بعلمائها وادبائها ليزودونا بمعلومات عن تراثهم وحياة أسلافهم ، ولكن لا حياة لمن تنادي.


(147)
    قال يرثي الامام الحسين (ع) :
إن تكـن جازعاً لها أو صبورا تصحبنك الضدين ما دمت حياً ربـما استكثر الـقليل فـقـير فـكأن الـفـقير كـان غـنياً فـحذاراً من مـكرها في مقام نذرت أن تسيء فـعلاً فأمست يـوم عـاشور الـذي قد أرانا يـوم حفـت بابن النبي رجال عـمروهـا في الله أبيات قدس ما تـعرّت بالطف حتى كساها لـم تـعثّر أقـدامها يوم أمسى بقلـوب كـأنما الـبأس يدعو رفعت جـرد خيلهم سقف نقع حاليات يرشحن بالـدم مرجاناً عشقوا الغـادة الـتي أنشقتهـم فـتلقـوا سهـامهـا بصـدور فليالـيك حـكمها أن تـجـورا نـوبا تـارة وطـوراً سـرورا وغـنيٌ بـها استـقل الـكثيـرا وكـأن الـغـني كـان فـقـيرا لـيس فـيه تـحاذر الـمحذورا في بني المصطفى تقضّي النذورا كـل يـوم مصـابه عـاشـورا يمـلؤن الـدروع بـأساً وخـيرا جـاورت فـيه بـيته المعـمورا الله فـي الخلـد سنـدساً وحريرا قـدم الـموت بالـنفوس عـثورا هالـقرع الخطوب كوني صخورا ألـف الـطير في ذراه الوكورا ويـعـرقـن لـؤلـؤاً مـنثـورا مـن شـذاهـا النقع المثار عبيرا تـركـوهـن للـسهام جفـيرا


(148)
لازمـوا الـوقفـة التي قطّرتهم فـخبوا أنجـماً وغـابوا بدوراً مـن صـريـع مـرمل غسّلته ومـعـرى عـلى الثرى كفنته عـفّر الـترب منـهم كل وجه ونساء كـادت بأجنحة الـرعب قد أداروا بسوطهم فلك الضرب صرن في حيث لو طلبن مجيراً لـو يـروم القطا المثار جناحاً يا لـحسرى القـناع لم تلف إلا أوقـفوها عـلى الجسوم اللواتي فغمرن النحور دمعاً ولـو لـم علّ مستطرقاً يرى الليل درعـاً يبلغـن المهـديّ عـني شكوى قل له إن شمـمت تـربة أرض وتزودت نـظـرة مـن محـيّا قـم فأنـذر عداك وهو الخطاب كائناً للمنون هارون في البـعث قـد دجا في صدورهم ليل غي أو مـا هـزّ طـود حلمك يوم يوم أمسى الحسين منعفر الخـد أفـتديـه مخـدّراً صار يحمي ليس تدري محبوكة الدرع ضمّت تحت ظـل الـقنا عفيراً عفيرا وهـووا أجبلا وغاضوا بحورا من دماء السيوف ماء طمورا أُمّـه الحرب نقـعها المستثيرا عـلّم الـبدر في الدجا أن ينيرا شظايـا قـلوبـها أن تـطـيرا عليـهنّ فـاغـتدى مسـتديرا بسوى السوط لـم يجدن مجيرا لأعـارتـه قـلبها الـمذعورا آثمـاً مـن أمـية أو كـفـورا صـرن للبيض روضة وغديرا يـك قانٍ غـسلن تلك الـنحورا وعـلى نـسجه الـنجوم قتيرا قـلّ فـي أنها تضيق الصدورا وطأت نعله ثـراهـا العطـيرا تكتسي من بهـائه الشمس نورا الفصل أن تجـعل الحسام نذيرا لـموسى عـوناً لـه ووزيـرا فـيه يـهوى نجم القنا أن يغورا كان للـحشر شـره مستطـيرا يـن فـيه ونـحـره منحـورا بشبا السيف عـن نساء الخدورا شخصـه في ثـباتـه أم ثـبيرا


(149)
أعدت السيف كفه في قـراهـا صار موسى وآل فرعون حرباً وأصريعـاً بثوب هيجاء مدرو كيف قرت في فقد مسكنها الأر وقضى في الهجير ظام ولكـن صار سدراً لجسمه ورق البيض أحسين تقـضي بغـير نصير بأبـي رأسـك المشهرّ أمسى فغدا في الوغى يضيف النسورا والعصى السيف والجواد الطورا جـاً وفي درع صـبره مقسورا ض وقـد آذنـت لـه أن تمورا بحشى حـرهـا يذيـب الهجيرا ونـقع الـهيجا لـه كـافـورا مستظاماً فـلا عـدمت النصيرا يحـمل الـرمح منـه بدراً منيرا
    الشيخ حسن ابن الملا محمد القيّم الحلي أحد نوابغ عصره. كان شاعراً بارعاً من اسرة كانوا قوّاماً في بعض المشاهد فلذلك لقّب بالقيّم ، في شعره يحذو حذو المهيار ويعارض قصائده. كان أبوه أيضاً شاعراً خفيف الروح. والشيخ حسن القيم عارض قصيدة المهيار التي أولها :
لمن الطلول كأنهنّ رقوم تصحو لعينك تارة وتغيم
    بقصيدة شهيرة يرويها أكثر خطباء المنبر الحسيني وأولها :
عطن بذات الرمل وهو قديم حنّت بواديه الخماص الهيم
    ولد سنة 1278 ه‍ فاحتضنه أبوه ، وهو يومئذ استاذ الخطابة في بغداد والحلة ، حتى إذا نشأ وترعرع كان السيد حيدر الحلي ، والشيخ حمادي نوح من أوائل مَن تلقفوه وتعاهدوا ملكاته الأدبية. ثم كان له من حانوته الضيق الذي إذا أراد أن يدخله ينحني مع شدة قصره وضآلة جسمه ما يغنيه عن أن يمدّ يد الارتزاق لأحد ، حيث احترف فيه حياكة المناطق الحريرية المعروفة ب‍ ( الحُيُص ) ولعلّ هذه المهنة المتواضعة هي الباعث على الاعتقاد بأنه أُميّ لا يقرأ ولا يكتب رغم أن الشيخ محمد علي اليعقوبي يعلق على هذا الزعم بقوله :


(150)
وقد رأينا كثيراً من مسودات قصائده بخط يده عند ولده المرحوم عبد الكريم ولقد توفق الاستاذ الخطيب الشيخ اليعقوبي لجمع وتحقيق ديوان الشاعر القيم ونشره في مطابع النجف الأشرف سنة 1385 ه‍ وعثرت أخيراً على مخطوطة للخطيب السيد عباس البغدادي وفيه مرثية نظمها شاعرنا في رثاء سيدة من آل القزويني في سنة 1317 ويعزي العلامة الكبير السيد محمد القزويني قال :
هـي نـفس تقـدسـت فـحباها كـيـف منها الردى استطاع دنواً يا لـنفس لـها نـفائس أوصاف سكنت خـدرهـا الـمنيع إلى أن فهـب اللـحد في ثـراه طـواها شكـرت أجرها صحيفتها الملآى فمضت والـعفاف يتبعها بالنوح يا خطوب الزمان إن خلت أن لا فـقـد استعصمت بـبأس ( أبي بـدر عـلم وطـودُ حلم ولجيّ نير المحتد الـذي تتجلى الشمس طاهر البرد معدن الرشد سامي فالـقوافـي بنعـته انـشقتنـا جـمع الله فـيه شمل المعـالي سادة العالمين آل معـز الـدين فبكـم تكشف الـحوادث عـنا ولنا تُرسل السحائب من أنملكم واليـنا شوارق الـعلم مـنكـم محض تقديسها عُلا لا يُضاهى وبـأسد الـشرى يُحـاط خباها بـها الله للـمـلائـك باهـى سكـنت خـير مـرقـد واراها أفـهل يستطـيع طـيّ عـلاها بمـا قـدمـت فـيا بـشراهـا والـنسك ثـاكـلا يـنعـاهـا عـاصم الـيوم للعلى من أساها القاسم ) من كل معضل يغـشاها صـفات جـلّت فـلا تـتناهى فـيه فـيستشـف ضـيـاهـا المـجد غـوث الأنام في بأساها نفحات يحيى النـفوس شـذاها وأعـزّ الالـه فـيه حـماهـا فـيكم سـمت شريـعـة طـه وتـنال الـنفوس أقـصى مُناها حـفّـلا يـفـيـض نـداهـا تـتجـلّى فـنهـتدي بـهـداها
ادب الطف الجزء الثامن ::: فهرس