ادب الطف الجزء الثامن ::: 271 ـ 285
(271)
    ومن مؤلفاته مجموع في ( الأدعية والاحراز ) جمع فيه ما رواه عن مشايخه في الحديث والاجازة وعلى رأسهم عمّ والده أبو المعز السعيد محمد القزويني وجدّه الميرزا صالح القزويني ، ويروي عنه بواسطة :
    أوله : قد جمعت في هذه الأوراق صور أدعية واحراز وبعض الأخبار المروية جميعاً عن أهل بيت العصمة الواصلة إليّ إجازة روايتها وقراءتها حذراً على شموسها من الافول وإشفاقاً على أوراقها من الذبول.
    أخبرني السيد جودت القزويني أن نسخة الأصل عند السيد عبد الحميد القزويني التي أضاف اليها ما استجدّ له من الاحراز ، قال رأيته في مكتبته في قضاء ( طويريج ) وله أرجوزة في المنطق لم يعثر عليها ، أما ديوانه الذي ينيف على الألف وخمسمائة بيت في أغراض مختلفة فتوجد نسخة منه أو أكثر في مكتبات آل القزويني ، فمن نتفه ونوادره قوله في العتاب متضمناً قاعدة منطقية :
أمن المـروءة أن تبيح لعاذل خلفتني بجفاك ( مفهوم ) الضنى وصلا وتهجر مدنفاً مشتـاقا وغدا فؤادي للجوى ( مصداقا )
    وقال متضمناً قاعدة اصولية :
وآعد بالوصل إذ تحقق فقمـتُ بالانتظار حولا تعبداً بالدليـل ( صرفا ) أني بطول الهوى مطوق لعلّ باب الوفـاء يطرق لأن لفظ الدليـل ( مطلق )
    وله في الجناس :
وشـادن قـلـت لـه لم يُبق ، لي لا والهوى صلني ، فلمـا وصـلا بالوصل صومٌ ( وصلا )
    ومن ثنائياته قوله :
السيف قد ينبو ـ أخا المجد ـ والـ والمـاجـد الحـبـر إذا زلـّت الـ جواد قد يكبو ، وقد يعثر أقدام في صاحبـه يعـذر


(272)
    وله :
لما رأى نار وجدي أباح رشـف لمـاه قد أضرمتها شجوني وقال ( يا نار كوني )
    ومن طرائفه قوله مشطرا :
( يقول أنا الكبيـر فوقروني ) أكلّ كبير جسـم عظـمـوه ( إذا لم تأت يوم الروع نفعاً ) ولا تسمو بعلـم أو بخلـق وأكبر منـه جثـمـان البعـيـر ( ألا ثكلتك أمـك مـن كـبـيـر ) ولا في السـلـم تسمـح باليسيـر ( فما فضل الكبـيـر على الصغير )
    وقال مخمساً ، والاصل لبعض الادباء :
عاشرت أبناء الورى فهجرتهم فغدوت منفرداً وقـد نـاديتهم وبلوت جلّ قبيلتي فعرفتهم يا إخوة جرّبتهـم فوجدتهم
من إخوة الأيام لا من إخوتي
فاخترت من حسن التجنب عنهم هيهات أطمـع بعـد ذلك فيهـم ما لو سئلت لكنت أجهل مَن هم فلأنفضـنّ يـديّ يـأساً منهم
نفض الأنامل من تراب الميت
    ومن نوادره ما رسمه بخطه قائلاً : تطرق ديارنا تصوير سيدنا ومولانا أمير المؤمنين وسيد الوصيين معكوساً عما وجد في خزائن اليونان ، مصوراً بالقلم في ماضي الأزمان ، فأمر عمي السيد محمد (1) سلمه الله جمعاً من الادباء بأن ينظم كل بيتين. وبعد أن نظم هو حرسه الله ، أمرني وأمر ابن عمي السيد محسن بأن ينظم كلانا ، فخدمنا تلك الحضرة إذ امتثلنا أمره ، والذي يحضرني منها بيتاه ـ حفظه الله وهي هذه :
1 ـ هو أبو المعز السيد محمد القزويني المتوفى 1335 ه‍.

(273)
هو تمثال حيدر الطهر فأعجب زره وألثمـه واستلمـه وعظّم ليدٍ صوّرت له تمثالا شكل تمثاله تنل آمالا
    وبيتاي هما :
قيل لي في مثال حيدر شرّف قلتُ عن ضمّه العوالم ضاقت نور عينيـك إنـه نبـراس عجباً كيف ضمه القرطاس
    وتقدم في هذا الكتاب بيتان للشيخ يعقوب النجفي المتوفى 1329 حول هذا التصوير المقدس.
    ومن شعره في الغزل :
كم تمنيت والمحـال قرينـي كم تحـدثت باسم ليلى شجوناً ما تخيلت أن فيـه شبـابـي فلي الله مـن قتيـل لحـاظ أن يكـون الحبيـب طوع يميني وهـو القصد في حديث شجوني ينقـضي بـين زفـرة وأنيـن من عيـون فـديتهـا بعيـونِ
    وله :
ضاقت عليَّ مساكن البلد أحبيب بعدك لم أجل أبداً ما كنـت أعلم قبل بينكم هل لي بأوباتٍ أفوز بها مذ بان عنـي منيـة الكبـد عينيّ مـن وجـد على أحد أن النوى يوهي قـوى جلدي منكم وابذل جلّ ما بيــدي
    وأرسل كتاباً إلى والده الهادي من النجف عن لسانه ولسان إخوته يستعطفونه فيه بزيادة رواتبهم التي خصصها لهم في كل شهر ، أثناء دراستهم وذلك سنة 1325 نثبت قدر الحاجة منه : أدام الله مولانا وحرسه وحفظ ذلك الغصن الذي أثمر العز مذ غرسه وجعله مفتاحاً لكل فضل ارتجت أبوابه ومصباحاً تستضيء به أرباب العلم وطلابه ، أي ومننك السابقة وأياديك اللاحقة لأنت الذي لبست للندى غلالته والله أعلم حيث يجعل رسالته ، نعوذ


(274)
بك من إفلاس صال علينا بجنوده ، وفاجأنا بعدته وعديده ، يبتغي قتل كل معسر ويرتّل ربي يسر ولا تعسر ، فتحصّن منه مَن تحصن وما لنا حصن سواك ، وتطامن للذل من تطامن وكيف يتطامن مَن يؤمل جدواك :
وأنت لنا درع حصين وصارم ونلقى جيوش العدم فيك فتنثني بهن على الدهر الشديد نصول رماح لها مفلـولة ونصـول
    فيا بقيت يا جمّ المناقب وزعيم العز من آل غالب منهلاً للوارد ومنتجعاً للوافد ، ترشد بهداك الساري وتكسو بفيض أناملك العاري ، فوفر أرزاقنا بما أنت أهله فإنك فرع الكرم وأصله ، فإنا لا نرجو بعد الله سواك ولا نقبل إكرام كل مكرم إلاك ، ولك الفضل أولاً وآخراً وباطناً وظاهراً :
وارع لغرس أنت أنهضته لولاك ما قارب أن ينهضا
    وقد صدر هذه الرسالة بقصيدة طويلة مدرجة في ديوانه المخطوط. وهذه قطعة من شعره الذي أبّن فيه عمّ والده وهو السيد حسين ابن السيد مهدي قدس سره :
اعاتب دهراً ليس يصغي لعاتب اعاتب دهراً جبّ غـارب هاشم ولفّ لواء مـن لـويٍّ ونال من وغار على بيت المكارم والهدى وأفجـع في فقد الحسين محمداً مصائبنا لم تحص عداً وهونت نعتك السما يا بدرها نعي ثاكل فقدنـاك عيشاً إن تتابع جد بها بجيش المنـايا لا يـزال محاربي وغالب غلبـاً من نـزار وغالـب قصيّ العلا أقصى المنى والمآرب فأرداه ما بيـن النـوى والنوائب وآل أبيـه خيـر مـاش وراكب مصيبتـك الدهماء كل المصائب إلى البلد القاصي بدمع السحائب (1) فقدناك غوثاً للامور الصعـائب

1 ـ يشير إلى هطول الأمطار يوم وفاته.

(275)
الشيخ باقر حيدر
المتوفى 1333
    قال في مطلع قصيدة في الامام الحسين عليه السلام وهي من القصائد المطولة :
إن لم أكن باكيـاً يوم الحسين دما لا أشكر العيـن إلا إن بكـت بدم وأنت يا قلب إن لم تنتثـر قطعـاً إن كنت مرتضعاً من حبّ فاطمة فقد جـرت لحسيـن دمعهـا بدم ونكبة زلزلت في الارض ساكنها تنسي الحوادث في الدنيا إذا قَدُمت يا بن النبـي الذي في نور طلعته أصات ناعيك في الدنيـا فأوقرها قد جلّ رزؤك حتى ليس يعظم لي لك الـفـرات أبـاح الله مـورده إن كال قيل ـ ولا ذنب أتيت به ـ لا والهـوى لم أكن أرعى له ذمما أولا فيـاليتهـا تشكو قذى وعمى في أدمعي لم تكن في الحب منتظما لا تترك الدمـع من أحشاك منفطما فجارها في البكا وابك الحسين دما وأوقفت فـي السما أفلاكها عظما وحادث الطف لا يُنسـى وإن قدما زان الهدى وأزال الظلـم والظلما مسامعاً واشتكت أسماعهـا صمما في الدهر من بعد رزءٌ وإن عظما ففيم تصدر عنـه ظامياً ولمــا فمـا لطفلك منـه لم يبـلّ ظمـا
    الشيخ باقر حيدر هو ابن الشيخ علي بن حيدر ولد في النجف ونشأ على الفضيلة واشتغل بطلب العلم الديني ورحل إلى سوق الشيوخ وهذه المنطقة تدين


(276)
بالولاء لهذا البيت ، فكان المترجم له موضع تقدير واحترام من كافة الطبقات. ترجم له صاحب الحصون ، وفي الطليعة : كان فاضلاً مشاركاً مصنفاً هاجر من بلده سوق الشيوخ إلى النجف فحضر على علمائها ثم هاجر إلى سامراء فحضر على السيد ميرزا حسن الشيرازي ثم عاد إلى النجف بعد وفاة السيد الشيرازي ثم عاد إلى محله واستقلّ بالزعامة وكان أديباً له مطارحات مع بعض الشعراء وله مراث للائمة الأطهار ، ومن آثاره حاشية على القوانين في مجلدين ، وتقريرات استاذه الشيرازي ومنظومة في الأصول. توفي في سوق الشيوخ سنة 1333 ونقل نعشه إلى النجف الأشرف وأعقب ثلاثة أولادهم ، الشيخ جعفر ، والشيخ محمد حسن والشيخ صادق ، وللمترجم له ديوان شعر يحوي فنون النظم وهذا نموذج من نظمه. مرثية للشهيد الحسين عليه السلام وهذا المقطع الأول منها.
سرى البرق يحدو المثقلات من الوطف ولو أن مـاء العيـن يشفـي ربـوعها فلله ما ضـمـتـه أكنـاف كـربـلا لقد حسد المسـك الفـتـيـت تـرابها فلهفي لقوم صـرعـوا فـي عراصها بها أرخصوا الأرواح وهـي عـزيزة فما تضـرب الـهـامـات إلا تنصّفت بأيمانهم يستـأنس السيـف فـي اللـقا فأقلـت عزاليهـا وخفّت على الطف بكيت دماً لكـنّ دمعـي لا يشـفـي من الجـود والمجـد المؤثل والعرف فما مثله الداري من المسك في العرف عطاشى على الشاطـي وقلّ لهم لهفي فدىً لهـم روحي وما ملكـت كفـي وخير الظبـا ما يقسـم الهام بالنصف كما في التلاقي يأنـس الالف بـالالف


(277)
هلّ المحـرم فاستهــل بـكائـي ماعدت يا عاشـور الا عاد لي لهفي على تلك الجسوم على الثرى أسفاً على تلـك الـوجـوه كأنها من كل وضاح الجبيـن لهـاشـم فيه لمصـرع سيـد الشهداء كمدي وهجتَ لواعج البرحاء تصلى بحرّ حرارة الرمضاء الأقمار قد تُربِّن في البوغاء يُنمى لرأس الفخـر والعلياء
    الشيخ طاهر ابن الشيخ حسن أديب معروف وعالم فاضل ، ولد في النجف 1260 ونشأ بها ودرس عند الشيخ حسن المامقاني وكانت عشيرة السودان في لواء ميسان تعتز به وتفتخر بعلمه وأدبه ، وكان ولده الشاعر الشهير الشيخ كاظم يتحدث عن شعر أبيه وعن ديوانه الذي يضم أكثر من ستة آلاف بيت غير أنه فقد في بعض أسفاره ولم يبق لديه إلا سبع قصائد في رثاء الإمام الحسين عليه السلام ، وللمترجم له شهرة أدبية. توفي في ميسان سنة 1333 ه‍ ونقل جثمانه إلى النجف ودفن في وادي السلام ، ذكره الشيخ النقدي في ( الروض النضير ) فقال : كان من أهل الفضل والأدب ، جميل اللفظ حسن المحاورة بديهي النظم وترجم له البحاثة المعاصر علي الخاقاني في شعراء الغري وروى جملة من أشعاره من رثاء وغزل ومراسلات.
    أقول ورأيت في مخطوطة بمكتبة ( حسينية الشوشترية ) رقم 132 خزانة 131 جملة من المراثي الحسينية من نظم الشاعر المترجم له وهذه أوائل القصائد :
1 ـ أمـن دمنتي نجـران عيناك تهمل 2 ـ فيا ثاويـاً والـذل لـم يلـو جيده 3 ـ لا غمـضت هـاشـم أجفـانهـا 4 ـ اليك الوغى يابن الوغى تعلن الندبا لك الخير لا يذهـب بحلمك منزل وردت الردى كالشهد عذب الموارد إن لـم تسـل بالطعـن إنسانهـا فلبّ النـدا منها فيا خير مَن لبّى


(278)
من شامخات المجد دك رعانها خطب أطاش من الورى أذهانها
    ومنها :
ما آمـنـت بالله لمـحـة نـاظـر ودعت لبيعتـهـا ابـن مَن بحسامه من معشـر لهـم العلـى ووليـدهم لهم الفواضـل والفضـائـل ناطق في هل أتى جاءت نصوص مديحهم وبآية التطهـيـر محـكـم ذكـرها يا ما أجلّ مكـانهـا بـذرى العلى فسرى لحـربهـم بأكـرم فتـيـة مرهوبة السطـوات إن هي جردت كرهوا الحيـاة عـلى الهوان وإنما فجلوا دجى الهيجـاء بالغـرر التي بأبي الاولى قد عانقـوا أسـل القنا وثوت كما يهـوى الحفـاظ لأنفس نهبت جسـومهـم الصفـاح ومنهم مذ خالفتـه وحـالفت أوثـانها لله أذعنـت الورى إذعانـهـا يسقى غـداة رضاعه ألبانـها فيها الكتاب مفصّـل تبيـانـها ما كان أوضح للمريـب بيانها قد خصها شرفاً وأعلـى شانها بذرى العلى يا ما أجلّ مكـانها يذكي لهيب سيوفهـم نيـرانها بيض السيوف وكسّرت أجفانها يتصعب الشهم الأبـيّ هـوانها قد علّمت شمس الضحى لمعانها والبيض حتـى وزعت جثمانها دون الهدى قد فـارقت أبدانها تخذت رؤوسهـم القنا تيجانها


(279)
    وفي آخرها :
ما بال اسد نزار وهـي إذا سطت رقدت وما ثـارت إلى ثـاراتـها لا أدركت بشبا القـواضب مطلباً لم يغنها عن قرع واتـر مجـدها ألويّ دونك فالبسـي حلل الجوى هذا أبـو السجـاد غيـر مشيـع تخشـى الأسود ضرابها وطعـانها بالخيـل تحمـل للـوغي فرسانها في المجد إن هـي حاولت سلوانها بالبيـض قـرع بنانهـا أسنـانها وبفيض دمعـك فاصبغـي أردانها بثرى الطفوف مصافحـاً كثبـانها
    الشيخ جواد ابن الشيخ عبد علي ترجم له اليعقوبي في ( البابليات ) فقال : سمعت من جماعة من شيوخ الحلة ان هذا الشاعر انحدر من اصل فارسي وإنما استوطن أجداده الحلة قبل قرنين أو أكثر وكانت ولادة المترجم له ونشأته في الحلة ، وحين رأى أبوه استعداده ورغبته بالعلم والأدب أرسله إلى النجف وهو ابن خمس عشرة سنة من اجل طلب العلم الديني فسكن مدرسة ( المهدية ) قرب مسجد الطوسي ومكث فيها مدة حياته الدراسية فحظي بقسط وافر من الفضل والأدب ثم هو يتردد على مسقط رأسه الحلة حتى إذا كانت سنة 1334 قدم الفيحاء جرياً على عادته وعداته فمرض ولازم الفراش وتوفي آخر ذي الحجة من السنة المذكورة وحمل جثمانه إلى النجف الأشرف ، وعمره يوم وفاته يقارب الخمسين سنة.
    كان المترجم له ناظما مكثراً جمع ديوان شعره في حياته وصار الديوان في حيازة أخيه الشيخ كاظم ، وله قطعة يهنيء بها العلامة الحجة الشيخ هادي كاشف الغطاء بزفاف ولده الشيخ محمد رضا ، وقصيدة يتوسل فيها بالنبي وآله أولها :
أبيتُ ونار الوجد ملء الحيازم تسـاورني أفعـى الهموم بناقع أكفكف من فيض الدموع السواجم من السم تخشى منه رقش الأراقم


(280)
    وله اخرى لامية في التهنئة أيضاً رواها الخاقاني في ( شعراء الحلة ).
    وترجم له هناك فقال : كانت له صحبة وعلاقة مع الخطيب الشهير الشيخ محمد علي قسام وبينهما مساجلات شعرية ، والمترجم له كان لبقاً سريع الجواب قوي البديهة قال الخطيب قسام : كنت احتفظ له بمجموعة من الشعر أكثرها في مراثي الامام الحسين ، وكان قصير القامة نحيف البدن خفيف العارضين.
    ذكره صاحب ( الحصون المنيعة ) في كتابه ( سمير الحاضر ) وروى له طائفة من أشعاره في مختلف المناسبات ، وهذه إحدى روائعه :
كم تغاضيك علـى الجور احتمالا أيها الغائب كـم تشكـو الـورى قطعت أكبـادهـا الشكـوى أما أترى الأرض عليـك اتسـعـت أين عنـهـا لك قد طاب الثوى كـل يـوم لك منهـا ألـسـنٌ كلما زادتـك عتبـاً فـي النوى هل للقيـاك لهـا مـن منهـج أو ما ترنو إلـى صبـح الهدى لك كم ضجّ الهدى يـا غـوثه يستغيـثـان إلـى عـدلك من يستثيـرانـك فـي ثـارهـما صرخا عن لوعـة واستنهضا أو ما ينهضـك العـزم الـذي هل أبى سيفُك في يـوم الوغى ولقد هـدّ تغاضيـك الجبالا لك من طول تخفّيك اعتلالا آن أن تمنحها منـك وصالا وعليهـا ضاقت الدنيا مجالا ولماذا دونـك المقـدار حالا بفنون العتب ينشـرن المقالا زدتها في وَعدِ لقيـاك مطالا كيف علّمـها للقيـاك احتيالا فوقه امتدّ دجى الغـيّ وطالا وشكا الدين الحنيـفيّ انتحالا أهل جور فيهما ساؤوا فعالا ومن الضرّ يبـثـانـك حالا خير ندب ثبتـا فيـه اعتدالا ناره أذكى من الجمر اشتعالا والقنا الخطيّ سـلّا واعتقالا


(281)
كيـف تغضـي وعـداك انتهرت أخـرّت أكـرم مقــدامٍ بــه أمنـت سطـوة مرهـوب اللقـا ولـتـيـمٍ وعــدّيٍ أمـــره وبـه مـن عبـد شمس لعبـت أتـرى حقـك مـا بيـن العـدا وشـبـا عضبـك مغمـود ولا يـا لمـوتـورٍ علـى أوتـاره غـرّ إمهـالك جبـّار الـورى نـاكلاً عـن مـدرج الحق ولم أعلـى ثـارك في طيب الكرى والظبـا مـا ألفــت أجفانهـا والمـذاكـي يتصاهلـن وكـم زعجت في صوتها بيض الظبا فـأثـرهـا للـوغي ضـابحـة بالمـواضي والقنا السمـر التي ينثنـي القـرم عـن الطعن بها والمنـايا تسبـق الطعـن إلـى والمـلأ البيـداء عـدلاً بعـدما واحتكم بالسيف فيمـن بشبـا وانتقـم مـن فتيـة أفنـاكـم كـم لكم في الأرض مطلول دم والـذي قـد طلّ بالطف لـه محكـم الديـن وسامـوه زوالا يـوم ( خم ) بلـغ الديـن الكمالا فاستقـادتـه على الأمن اتكالا آل يـوم اغتـصـبـوا لله آلا فتيـة منهـا شكا الداء العضالا تتـهـاداه يـمـينـاً وشمـالا ينتضي عن غضب الله انسلالا يتردى بـردة الصبـر اشتمالا وبه الغيّ على الرشـد استطالا يـر مـن بطشـك بأساً ونكالا تمنح الجفـن وحاشاك اكتحـالا طمعاً في طلـب الثـار نصالا لك مـن طول الثوا تشكو ملالا وعليـه هـزّت السمـر الطوالا فـي ذراهـا هبـة الاسد صيالا نفثـة المـوت يعلّمـن الصلالا خـوف لقياه من الروح انفصالا نفسه مـن قبل أن يلقـى القتالا ملئـت ظلماً وجـوراً وضـلالا ظلمها جـرح الهدى عزّ إندمالا ظلمها في الحكـم سمـّاً وقتـالا طبـق الآفاق نـوحاً يـوم سالا مادت الخضرا وركن العز مالا


(282)
أو مـا وافاك مـا في كـربلا نـزل الكـرب بـها إذ دعيت يوم حـرب ملأت صدر الفضا سادهـا نشوان في أدنى الورى فرأى مـن بأس خواض الوغى لم يـكن إلا على شـوك الـقنا حـامـلاً ألـوية الـعـزّ إلـى لـذرى العـزّ بـه هــمّتـه بقـروم شحـذت في عـزمها أنهـلوها يوم سلـّوهـا دمـاً فهـم الآساد في الحـرب وقد وهـم غاية طــلاب النـدى ما دعـاهـا لـنزال أو نـدى فـهـي للداعي ولـلراجي لها أرضعت طـفلهم الحرب سوى عـوذت بـالبيض من شبّ لها يـعـقد العـز لناشيهـا علـى ما تثـنـت في اللقـشا إلا رأى زفّهـا المجـد لكفـؤ إن سرى وجـلاها لـكريــم نـفسـه خضبت من بـعد ما زفّـت له ولـهـا طاب اعتناقاً في دجـا وجثـت في موقف دقّـت بـه مـن حـديث يـنسف الشـمّ الثقالا آلـك الأطـهار للــحرب نـزالا عصباً يقـتادهـا الغيّ عـجـالا رأسه لو قيس ما سـاوى النعـالا شدة قـد فـنيت فيهـا انذهـالا ماشياً في منـهـج العز اختيالا مـوقـف فيـه يراهـنّ ظـِلالا قوضت عـن مهبط الضيم ارتحالا قضب الهنـشد وسنّوها صقـالا فيه قـد درّت طلى الشوس سجالا كان يـوم السلـم يـدعوها رجالا ولـهم راجية قـد شـدّ الـرحالا هـاتـفٌ إلا أجابـتـه عجـالا تـمنح الـقصـد نـزالاً ونـوالا أنـه يأبى عـن الـدرّ فـصـالا أمّـه الهيجـاء أن يلقى اكتهالا رايـة قد زانهـا الفخـر جـمالا غادة قـد هـزّت الـعطف دلالا يـقدم الجمع بهـا جـلّ فـعـالا كرمت في ملتقى المـوت خصالا بـدم الأبطـال طـعناً ونصـالا مـعـرك فيه منى حـوباه نـالا أنف مَـن بالسوء يبغيها اغتيـالا


(283)
مـوقف قـد حلقـت رهبتـه ليس تشكـو سأم الحـرب وإن لـم تـزد إلا نشاطاً في وغى عـزةً حنـّت إلى ورد الردى فأشادوهـا معالٍ لـم يصـب وبها قـد هتـف اللطف الـى فتداعـوا وهـم هضب حجىً لـم تجد حرّى على لفح الظما كـم صريع عثرت فيـه الظبا والعوالـي وسـدته بعـدمـا ومعرّى لـم يجد برداً سـوى يـا قتيلاً ثكلـت منـه وقـد وجـديلاً شرقت بيض الظبـا وقفـت بعـد أفلاك الوغـى فهـوى والكـون قـد كاد له ثاوياً نحت القنا في صرعـة يتشكـى صـدره مـن غلّـةٍ جـرت الخيـل عليه بعدمـا فهـو طوراً للعوالي مـركـز بأبي مـن بكت الخضرا لـه وعـليه المـلأ الأعلى بهـا فغـدى النوح لـه شأناً وقد وعليـه قمـراهـا لبســا وبكته الأرض بالمحل ومـا يا مريد الرفد لا تعقل فمـن بحشـا الأسـد وأنستهـا المصالا شكت البيض مـن الضرب الكلالا جـدها ألفـى ضواريهـا كسالـى دون أن تسقـى على الهون الزلالا طائـر الوهـم لأدنـاهـا منـالا حضرة القـدس فلبـّتـه امتثـالا وتـهـاووا قمـراً يتلـو هـلالا وهجيـر الشمـس ريـّاً وظـلالا عثـرةً عـزّ عليـهـا أن تقـالا قطرته عن ذرى الخيـل الرمـالا صنعـة الـريح جنوبـاً وشمـالا عقمـت عـن مثلـه الحرب ثمالا بـدمـاه والقنـا السمـر انتهـالا فـي ملـمٍ قطبُهـا الثابـت غالا جـزعاً يفنى بمـن فيـه اختلالا قصرت عن شكرها الحرب مقالا لـو تلاقي زاخـراً جـفّ وزالا قُظُبـاً لاقـى وسمـراً ونـبـالا وهـو طـوراً صار للخيل مجالا بـدم عـن لـونه الافق استحالا حـرقاً لازمه الحـزن انفصـالا كـان تقديسـاً وحمـداً وابتهـالا ثـوب خسف أفـزع الكون وهالا كاد يجـري فـوقها الغيث انهلالا تبـرك النجـب بمـغنـاه عقـالا


(284)
قـد مضـى مـن لـم يزل يوقرها إن تـرد تـثـقـلـهـا آمـالـهـا فلتقطّـع فيـه أحشـاهـا جـوىً وذوى روض الأمـاني بـعـدمـا وجهـه ينـهـلّ بـالبشـر كمـا يـلـثـم الـوافـد منـه أيـديـاً يـا لخطـب نسـف البيـداء مـذ كـم قتيـل مـن بنـي الهادي به واسيـر عـضـّه قـيـد العـدى ونســاء سـجـَـفَ الله لـهـا قــد أحاطــت هيبـة الله بـه بـل لـو ان الـوهم في إدراكـه حجبـت فيـه التـي مـا شامهـا طـاشـت الأوهـام فيـه فـرأت أصبـحـت بـارزة منـه علـى ذعـرتها هجمـة الخيـل علـى فانجلـت عنـه وقـد سُـد الفضا وبعيـن الله أضحـت في السبـى نصلت وخداً ومـن طول السرى كلما قـد هتفـت فـي قـومهـا زجـرت بالشتـم مـن آسرهـا غـادرتـهـن الـرزايـا وُلّهـا يـا لهـا نـادبـة تـدعو ولـم قد مضى عنها المحامون الأولى كلما حنـّت لقتـلاهـا شجـى يـوم تأتي تحمـل الآمـال مالا فبـوفر الجـود يصدرن ثقـالا مَـن على نائـله كانت عيـالا كان يخضـلّ بجدواه اخضلالا يـده بالجـود تنهـلّ انهـلالا سحبـاً تسبق بالوكف السـؤالا زلـزل الأجبال منهـا والتلالا عنـد حرب دمُـه طلّ حلالا ويتيم فـي السبى يشكو الحبالا حـرم المنعـة عـزاً وجلالا فهـو بالطـرف منيع أن ينالا جـدّ لـم يـدرك لمعناه مثالا أبـداً إلاه شخصـاً أو خـيالا كونهـا في عالـم الدنيا محالا رغم عليا مضر حسرى وِجالا خـدرها أمّتـه امـّاً ورعـالا دونهـا تطلـب كهفـاً ومـآلا تمتطي قسراً عن الخدر الجمالا عنقـاً كادت بـأن تفـني هزالا إذ حدا الحادي بها والركب شالا وعليهـا السوط بالضرب توالى إذ تـرادفـن عليهـن انثيـالا تلـف للمنعة مـن فهر رجالا دونها يـوم الوغى ماتوا قتالا أنست النيب من الثكل الفصالا


(285)
الشيخ حسن البدر
المتوفى 1334
ومـن ينظـر الدنيـا بعين بصيرة ويـوقظـه نسيان مـا قبل يـومه ولا فـرق في التحقيق بين مريرها فكيف بنعماهـا يُغـرّ أخو حجى وهـل ينبغـي للعارفيـن ندامـة ومـا هـذه الدنيـا بدار استراحة ألـم تر آل الله كيـف تراكمـت أمـا شـرقت بنـت النبي بريقها أمـا قتل الكرار بغيـاً بسيف مَن عـدوّ إلـه العالمين ابـن ملجـم وإن أنس لا أنس الحسين وقد غدا قضى بعدما ضاقت به سعة الفضا فمـا لنـزار لا تقـوم بثـأرهـا فهـل رضيت عن سفك آل أمية هبوا القتـل فيكـم سيرة مستمرة أهان عليكم هجمة الخيل جدرهـا يجـدها أغاليطا وأضغـاث حالـم على أنهـا مهما تكـن طيف نائـم وما يُدّعى حلواً سوى وهـم واهـم فيقـرع إذ عنـه انزوت سنّ نـادم علـى فائتٍ غيـر اكتساب المكارم ولا دار لـذّاتٍ لغـيـر البهـائـم عليهـم صروف الدهـر أيّ تراكم وجـرعها الأعـداء طعـم العلاقم بغى وطغـى فيمـا أتـى من مآثم واشقـى جميع الناس مـن دور آدم على رغم أنف الدين نهب الصوارم فضاق لـه شجـواً فضاء العـوالم فتـرضع حربـاً من ضروع اللهاذم دماهـا بإجـراء الدمـوع السواجم فهـل عرفت كيف السبى ابنة فاطم كأن لم يكن ذاك الخبا خـدر هاشـم
ادب الطف الجزء الثامن ::: فهرس