ادب الطف الجزء التاسع ::: 16 ـ 30
(16)
بأبي رضيع دم الـوريد فطامه فـكأن نـبلتـه محالـب امـه إذ أنس لا أنسى الـعفرني ثاوياً ثاو وعين الشمس لم ترَ شخصه فـي سهـم حـرملة ولما يفطم وكأن مـا درّت لـبان مـن دم حلو الشمائل حول نـهر العلقمي مذ غاب في صعد القنا المتحطم (1)
    آل اسد الله اسرة علمية برز فيها خلال القرنين الأخيرين عدد من رجال العلم والأدب وفي طليعتهم جدهم الاعلى فقيه عصره المعروف الشيخ اسد الله الكاظمي التستري المتوفى سنة 1234 ه‍. الذي عرفوا به وانتسبوا اليه. وكان من جملة من اشتهر منهم مترجمنا الفقيه الاديب الشيخ عبد الحسين ابن الشيخ محمد تقي ابن الشيخ حسن ابن الشيخ اسد الله الكاظمي. ولد في النجف الأشرف سنة 1283 ه‍. أيام كان أبوه يسكنها للدراسة وطلب العلم وقضى سني الطفولة هناك ، ثم حل في الكاظمية ـ تبعاً لأبيه ـ وهو في الحادية عشرة من العمر ، وبدأ فيها دراسته وتعلّمه على ضوء المنهج الدراسي السائد حينذاك وكان والده العلامة الشيخ محمد تقي هو الاستاذ الأكبر له خلال هذه المرحلة ، وبدافع من ذكائه وألمعيته وجد في نفسه القدرة على البحث والتأليف فكتب رسالة في الاستثناء سماها ( المقابيس الغراء ) كما كتب كرّاساً في تفسير حديث ( اتباع النظرة النظرة ) وفي سنة 1310 ه‍. عاد إلى النجف لغرض الدراسة العليا والتخصص في علوم الدين على يد اعلام الشريعة فدرس على الفقيه الشيخ رضا الهمداني وغيره وكتب خلال مكثه في النجف حاشية على مباحث القطع من كتاب القطع من كتاب الرسائل في اصول الفقه للشيخ مرتضى الانصاري. وعاد إلى الكاظمية بعد إكمال دراسته العالية في سنة 1324 ه‍. فاذا به الفقيه البارز والمدرّس المرموق والفاضل المشهود له بالفضيلة ، واتجهت به همته بعد عودته فقام بشرح كتاب استاذه الآخوند الخراساني في اصول الفقه شرحاً يقوم بمهمة ايضاح غوامض الكتاب وتبيان دقائقه وتفصيل ما أجمل فيه وفي غرة ربيع الثاني سنة 1330 ه‍ أتمّ كتابة الجزء الأول من الشرح المذكور وسماه ( الهداية في شرح
1 ـ مجلة البلاغ الكاظمية ، السنة الخامسة.

(17)
الكفاية ) ثم عرض مسوّدة الكتاب على فقيه العصر الشيخ محمد تقي الشيرازي إمام الثورة العراقية فاعجب به وكتب له تقريضاَ ، وقد تمّ طبع الجزء الأول من الكتاب بمطبعة الآداب ببغداد سنة 1331 ه‍. وكتب المؤلف على صفحته الاولى هذه الأبيات :
ما انفك يا بن العسكري تمسكي أقسمت أن أهـدي الـيك هدية هـذا الـكتاب هـدية مني لكي أبداً بحبلٍ من ولاك متـين ولقد عزمت بأن أبرّ يميني أُعطى كتابي سيدي بيميني
    نظم الشعر في مقتبل عمره وعالج أكثر ألوان الشعر من غزل ونسيب ووصف إلى تهان ومدائح ومراث ، ومن اجتماعيات واخوانيات إلى اخريات في المناسبات الدينية ، ومن قصائد عمودية وموشحة إلى مقطعات مخمّسة ومشطرة ، وفي مجموع شعره نماذج رائعة تدل على شاعريته وسلامة ذوقه. ترجم له البحاثة الشيخ محمد حسن آل ياسين في مجلة البلاغ الكاظمية وجمع ما تسنّى له العثور عليه من شعره من غزل ومديح ورثاء وتخاميس وتشاطير وما جاء في أهل البيت وفي الحسين خاصة كما ترجم له الشيخ السماوي في ( الطليعة من شعراء الشيعة ) وذكر قصيدة من غزله واليكم بعض ما جاء في الترجمة ، قال الشيخ السماوي :
    فاضل أخذ الفضل عن أب فأب وتنقل اليه بالنسب وزانه بالحسب وضمّ اليه الأدب فهو فقيه اصولي صميم غير فضولي له كتب مصنفة في العلمين ومدائح في آل البيت النبوي كثيرة وأكثر منها مراثي الحسين ، عاشرته فرأيت منه امرءاً سليم الجانب صافي النية كثير الحافظة متنسكاً تقياً فمن شعره قوله مصدراً ومعجزاً قصيدة في مديح النبي (ص) مهملة.
    وله كثير من التصدير والتعجيز في الأئمة عليهم السلام وقصائد غرر في مراثي الحسين (ع) ولد سنة الف ومايتين وسبع وثمانين وتوفي في أواسط ربيع الآخر من سنة الف وثلثمائة وستة وثلاثين في الكاظميين ودفن بها مع أبيه رحمه الله.
الطليعة ج 237 / 1




(18)
    السيد مصطفى بن الحسين الحسيني الكاشاني الطهراني النجفي. ترجم له الشيخ السماوي في الطليعة فقال : فاضل العصر علماً وبحره فضلاً وطوده حلماً واديب باللسانين نثراً ونظماً ، رأيته شيخاً قد حلّ الدهر سبكه وترك له تقاه ونسكه ولكن لم يستطع مقاومة همته العالية فهو اليوم واقف نفسه لقضاء حوائج الاخوان عند السلطان دافع نفسه في مضائق لا يصلها كل انسان ، له ديوانا شعر : ديوان بالفارسية وديوان بالعربية كله مديح لأهل بيت النبوة عليهم السلام فمنه قوله :
شمـت برق الحمى وآنست نارا يا نسيم الحـمى أفضت دموعي فـذكرت الـحمى ومعـهد انس وزمانـاً بالـرقمـتين تقـضى كم قـلوب بلـيل جعدك ضلّت خلّ عنك النسيب يا صاح كم ذا وحـسن الفخر والعـلى بـعـلي انـت شرفـت زمزماً والمصلى حـازت الـكعبة التي خارها الله فاحبسا العيس كي نحيي الديارا وفـؤادي رمـيت فـيه شرارا وشـذى مـن نسيمـه اسحارا فجـرت أدمـعي لـه مـدرارا وهـي فـيه مكبـلات أسارى تـذكر الحـي والحمى والديارا واقضين في مـديحه الاوطارا بل وركـن الحطيم والمستجارا بـمـيلادك الـسعـيد فـخارا


(19)
لو على الارض منك قطرة علم انت مولى الورى بما نصّ خير ايها المرتضى فداؤك كل الكون رمـد قـد أذلـني عـند عـام لـم يزدني الـدواء إلا سقـاما فـأعـد نورها فانـك مـولـى نـزلـت عادت القفار بحارا الرسل يوم الغدير فيك جهارا لا زلـت للـورى مـستجارا وتـداويـت فـيه منه مرارا لـم يفدني العـلاج إلا خسارا قـد ملكت الاسماع والابصارا
    قال : وهي طويلة اخبرني ولده الفاضل السيد ابو القاسم ان اباه السيد مصطفى رمدت عيناه وعجز الأطباء عنها وأيسوا منها حتى استجار بأمير المؤمنين وولده الحسين فأخذ من تراب قبريهما واكتحل به فبرئتا كما ذكر في شعره وكما رأيته أنا صحيحاً سوياً ومن شعره :
أشمـس افـق تـبدت أم مـحياك سـريـت واللـيل داج جنح ظلمته رميت قلبي بسهـم اللحـظ فاتكـة فتكت بالصب من هذا الصدود فمن كـذي فقـار عـليٍّ يوم سلّ على مـولى الأنام الذي طافت بحضرته معارج المصطفى الافلاك يصعدها والمسك قد ضاع لي أم نشر رياك ثـم اهـتديت ببـرق مـن ثناياك امـا عـلمـت بأن القـلب مثواك بالـصد أوصاك او بالـفتك افتاك اصحـاب بـغي وإلحاد واشراك كـرام رسل اولي عـزم واملاك ومنكب المصطفى معراجه الزاكي
    وكل قصائده طوال وله غير ذلك من مراث حسينية. ولد سلمه الله في حدود سنة الف ومائتين وستين كما اخبرني به ولده المذكور وقد جاء نعيه إلى النجف وانه توفي بالكاظمين لليلتين بقيتا من شهر رمضان من سنة 1332.
    أقول : ترجم الكثير من الباحثين وذكروا أن وفاة المترجم له كانت في سنة 1336 ه‍. ليلة الثلاثاء 19 رمضان وذلك في بلد الكاظمية ولعل الشيخ السماوي اشتبه عليه أو زلّت جرّة القلم ، فالسيد ممن خرج في سنة 1333 ه‍.


(20)
إلى الجهاد متجهاً البصرة والشعيبة وقد أبلى بلاءاً حسنا هناك كاخوانه أمثال السيد الداماد وشيخ الشريعة والسيد مهدي الحيدري واخوانهم المؤمنين وكان المترجم ممن يؤخذ برأيه وتدبيره وعند رجوعه أقام بالكاظمية وكان الوجه الناصع في البلد تأتم به الناس في صلاته ، ترجم له الشيخ حرز الدين في ( معارف الرجال ) فقال : السيد مصطفى ابن السيد حسين بن محمد علي بن محمد رضا الحسيني الكاشاني الطهراني المولود حدود سنة 1266 ه‍. في كاشان ونشأ في بيت والده العالم الجليل كما قرأ بعض المقدمات عليه وانتقل إلى أصفهان لطلب العلم ثم إلى طهران ثم بعد اداء فريضة الحج حط رحله في النجف الأشرف وفي اخريات أيامه أصبح مشهوراً بالتحقيق في الاصول وفي نظري أنه اصولي أعمق منه فقيهاً واستقل بالتدريس بالنجف. وكان شاعراً أديباً نظم الشعر العربي الجيد والفارسي في المديح والرثاء للأئمة المعصومين. وكانت داره بالنجف حافلة بالعلماء والوجهاء دمث الأخلاق لين الجانب بعمق وتفكير ودهاء وعلى جانب عظيم من السخاء والمروءة والذوق العربي والسليقة الممدوحة.
    أقول : وذكر الشيخ جملة من مؤلفاته.


(21)
    استجار بأبي الفضل العباس (ع) يوم مرضه وقال :
ندبت أبا الفضل الذي هو لم يزل يـمدّ عـلى جسمي السقـيم بكفه قديماً حديثاً في النوائب يقصد وإن لم تكن يوم الطفوف له يد
    السيد عدنان الغريفي : ابن السيد شبر بن السيد علي المشعل الأصغر ابن السيد محمد الغياث بن السيد علي المشعل الأكبر بن السيد احمد المقدس بن السيد هاشم البحراني بن السيد علوي عتيق الحسين عليه السلام بن السيد حسين الغريفي البحراني.
    ولد في البصرة في غرة جمادي الثانية سنة 1283 ه‍. وتوفي في الكاظمية في الخامس من شعبان سنة 1340 ه‍. ونقل إلى النجف الأشرف ودفن في إحدى حجر الصحن العلوي الشريف عن يسار الداخل من الباب السلطاني. وهو العلم الشهير الغني عن التعريف أجيز في الاجتهاد والفتوى ولم يبلغ الثلاثين من عمره وكان آية في الحفظ والذكاء. وله شعر كثير ورائق. وقد ترجمه أرباب المعاجم وكتب الدكتور حسين علي محفوظ رسالة في أحواله سمّاها ( النابغة البحراني ).


(22)
    ومن شعره قوله مؤرخاً إصلاح مرقد أبي الفضل العباس (ع) :
مثوى أبو الفضل العباس ثوى فيه قـصر مشيـدٌ وبـيت عزّ جانبه عـبد المجـيد علا سلطانه شرفاً أرسى على الشرف الأوفى قواعده أنى يضاهى علاً قل يا مؤرخـه مثـوى تـودّ الثريـا أن تدانيـه من أن يساويـه بيت أو يضاهيـه وزاده بسطـة في الحـكم باريـه فجـازت الفـلك الأعـلى أعاليـه ( مثوى أبي الفضل والسلطان بانيه )
    أقول : زوّدنا بهذه الترجمة صديقنا العلامة الورع السيد محيي الدين الغريفي سلمه الله كما تفضّل بتراجم أعلام الاسرة وستأتي قريباً إن شاء الله ، وكتب البحاثة شيخنا الشيخ اغا بزرك الطهراني عن المترجم له وقال : مات أبوه وهو صغير فربّاه خاله السيد سلمان ، وكانت دراسته في النجف على عمه السيد علي والد السيد مهدي البحراني ، والميرزا حبيب الله ، والسيد محمد سعيد الحبوبي. وتلمذ عليه السيد ناصر الاحسائي والخطيب السيد صالح الحلي ، وأخصهم به الشيخ عيسى ابن الشيخ ناصر الخاقاني القائم مقامه ووصيه والقيم على أولاده الصغار وهم : علي ، حسن ، محمد علي وشبير.
    مؤلفاته وآثاره : قبسة العجلان ، حاشية على العروة ، حاشية على القوانين ، ارجوزة في الحج ، الأنساب المشجرة وهو عند ولده السيد حسن في المحمرة. وترجم له الخاقاني في دليل الآثار المخطوطة ، قال : وقد جمعت ديوانه من مختلف المجاميع المخطوطة ويبلغ مائة وستين صفحة ، وفرغت من جمعه في النجف 10 ذي القعدة سنة 1361 ه‍. وترجم له تلميذه وابن عمه السيد مهدي في بعض إحازاته. وذكر لنا الدكتور حسين علي محفوظ أنه جمع أشعاره في مجلد ضخم وأسماه ( النابغة البحراني ) ومؤلفه ( قبسة العجلان ) مطبوع طباعة حجرية وعلى هامشه قصيدته المتضمنة لحديث الكساء الشريف ، وأولها :
دع عنك حزواء واترك شعب سعدان واستوقف العيس في أكناف كوفان


(23)
    وحدثني العلامة الجليل المغفور له السيد عباس شبر عن سيرة المترجم له شيئاً كثيراً ، قال : وجاء في تاريخ وفاته على لسان الشيخ جمعة الحائري :
ونعى به الروح الأمين مؤرخاً عدنانُ قوّض بعدك الاسلام
    وللحاج عبد المجيد العطار مؤرخاً :
بوركت من تربة ضممت فتى فمـا تعـدّى الحجا مؤرخـها كان لعين الـزمان انسانا جنات عدن مثوى لعدنانا
    ذكره صاحب الحصون المنيعة فقال : هو فاضل معاصر تركه أبوه بسن الطفولة وقد كفلته امه وسعت في تربيته فهاجر إلى النجف ودخلها وهو ابن الأربعة عشرة سنة وكان بهذا السن يحفظ أربعة عشر الف بيت من الشعر ، ويحفظ القصيدة طالت أو قصرت بمجرد تلاوتها.
    ومن شعره قوله وقد أرسلها للحجة الكبير الشيخ عبد الكريم الجزائري :
على الجزع حيث الجزع بالبيض مونق نعـان لظمياء الـوشاحـين لـم تزل تعـان بعين الـشهب حـصباء أرضه فكـم غاضت الكف الخضيب خضيبة أعـاريـب لا ذل الحـضارة نـافـق أواسط يحـميها عـن الـضيـم خلقها غـيارى فـلا ذكـر النـساء بجـائز إذا عـبرت بالغـرب زفـرة عـاشق وماشـيـة مـشي الـنـزيف كأنـما مـهـذبـة الأطـراف تـحسب أنهـا مـنـعـمـة لـو لا تـورّد خـدهـا مـراح بأطراف الرماح مسردق حـذاراً إذا مرت به الريح تخفق ويفضح طوق البدر بدر مطـوق وكم دق قاب القوس قوس مفوق لديها ولا عـزّ الـبداوة مخلـق وعن شظف الألفاظ منها التخلـق لديها ولا يلفـى لديهـا التعشـق تنفس منها بالظبا البيض مشـرق يميل بعطفيهـا السلاف المـروق كما تتشهى صوّرت يـوم تخلـق لأيقنت أن الحسن إذ ماج زيبـق


(24)
أتت وجبين الغرب بالشمس أحمر على حين لا قلب الصبور بواجف فظلت تـدير الـطرف وهو مقسّم ومـا أنـس للأشياء لا أنس قولها رويـدك ان الأمـر قـد جدّ جده تجـاوزت مقـدار الشهامـة فاتئد فقلت عـداك الـشر لم يبق منزع طغى الأمر حتى لست أستطيع حمله جـزتـك الجوازي يا بثينة ما الذي أفي الحق أن أقضي الزمان ولا أرى لـنا وفـؤاد الشرق بالنجم أبـلـق عليها ولا ظهر الـطريق مطـرق وظلت أرم القلـب وهـو مفـرق أفـق انـما أنـت اللبيب الموفـق وان فـؤاد الـدهـر بالسر ضـيق فغـير الـذي يممتـه بـك ألـق لقوس الهـوى لولا الحيا والتخلـق وما بي لولا الحلـم أبدا وأخـرق يضرك لـو اعتقت من ليس يعتـق رسـولاً يـمنى أو كـتاباً يشـوق
    ومن قوله في الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) :
إمام الهدى وغياث الورى إمام بـه هلك المبغضون كلا الجانبـين عـدوٌ لـه وحاكمها السيد المقسط وفي حبّه هلك المفرط وشيعته النمط الأوسط (1)
    وسئل يوماً عما يحفظ من الشعر فأجاب انه يستحضر ثلاثين الف بيت من الشعر ، وكان يحفظ أغلب المتون وشرح ابن الناظم على الألفية متناً وشرحاً ، معروف بالذكاء والفطنة وسرعة البديهة.
    وترجم له الخاقاني في شعراء الغري فذكر غرائب عن ذكائه وفطنته مما يدل أنه نابغة العصور ، قال وكان لا يسمع شيئاً إلا حفظه حتى اللغة الأجنبية من مرة واحدة على الأكثر ، ومن مرتين نادراً كاللغة التركية والفارسية والهندية
1 ـ ديوان السيد عدنان البحراني المخطوط.

(25)
والانجليزية. قال الخاقاني : بهذا أصبحت اصدق ما ذكره التاريخ عن ذكاء أبي العلاء المعري وحماد عجرد وأبي تمام. وقال مقترحاً على الشاعرين : السيد جعفر الحلي والسيد محمد سعيد الحبوبي تشطير هذه الأبيات الثلاثة من نوع لزوم ما لا يلزم قال :
واعجبا منك يا فـؤادي وانت يا قـلب تختشيه مرّ يريث الخطى وئيداً يسعرك الدمع وهو غيث وهـو غزال وأنت ليث كـذاك مشي القطاة ريث
    وفي مجموع اللغة خمس قوافي من هذا النوع ، فعجز كل واحد منهما عن التشطير وسجل الخاقاني مجموعة كبيرة من شعره على الحروف الهجائية (1).
    وفي كتاب ( الرجال ) المخطوط للباحث السيد جودت القزويني :
    اجتمع ذات يوم الشاعر المعروف السيد جعفر الحلي ، والعلامة الشهير السيد محمد سعيد الحبوبي في الصحن الحيدري الشريف ، فجاء المرحوم السيد عدنان ، فقال السيد جعفر ( للاتحاد الروحي بينهما ) : جاءتنا ريح السمك من البحرين !
    فوصل ، وسلم وقال : خير من الباقلاء فانها لا رائحة لها !
    فقال السيد جعفر له : إن رائحة الشعر لتتنسم من الحلة الفيحاء من مسير خمسة فراسخ !
    فقال له السيد عدنان :
إذا سالت دموع في خدود تبيّن من بكى ممن تباكا
    فأما ان تنظم ابياتاً ، وانا اشطرها في الحال ، واما ان انظم ابياتاً وامهلك إلى سنة ، فاستغرب قوله ، وقال قل : فقال السيد عدنان :
1 ـ كما قام الاستاذ هاشم محمد الغريفي البصري يجمع شعره أيضاً ، ولا يزال مجموعه مخطوطاً. وفقه الله لنشره.

(26)
واعجباً منك يا فـؤادي وانت يا قلب تختشـيه مرّ يريث الخطى وئيداً يسعرك الدمع وهو غيث وهـو غزال وانت ليث لذاك مشي القطاة ريث
    فقال المرحوم الحبوبي للسيد جعفر : ولا عمرك تستطيع تشطرها لأن في اللغة العربية خمس كلمات نظم السيد ثلاثاً ، وابقى اثنين ، وهنّ غيث ، وليث ، وريث !!
    نقل هذه القصة الخطيب المرحوم السيد محمد سعيد العدناني في الترجمة الضافية التي سميتها عن حياة الامام السيد عدنان البحراني ، وقد نقلها شفاهاً إلى العلامة الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء ، وعند انتهائه من سردها قال : فكّر الشيخ كاشف الغطاء وقال : لو كنت حاضراً لشطرتها فان هناك كلمة سادسة غابت عن فكرة السيد الحبوبي وهي ( غيث ، حيث ، ليث ، ريث ، ميث ، جيث ).
    فقال له العدناني : مرحباً بك يا سيدي كم ترك الأول للآخر !!
    ومن تخميساته التي لم تنشر قوله :
وغيداء بالليل البهيم تسترت فلما برزنا للمصاب وشمّرت فلـم ترني كفاً ولا هي أُبصرت بدا لي منها معصمٌ حين شمّرت
وكفٌ خضيبٌ زينت ببنان
جنيتُ على نفسي ، وما كنتُ جانيا وقمـتُ إلى رمي المحصب ساهيا فملـكتها بالـطوع مني بـنانـيا فو الله ما أدري ، وإن كنتُ داريا
بسبعٍ رميت الجمر أم بثمانِ
    ومن المهم أن أُشير إلى أن الخاقاني اشتبه في نسبة بعض الشعر إلى البحراني المذكور كما في شعراء الغري ج 6 ، ومن ذلك أبياته في ( هلال محرم ) صفحة 213 والتي أولها :


(27)
قيل ما بال السما مغبرة بعد صفو وهي ذات الحبك
    والصواب أنها للشاعر الكربلائي الحاج محمد علي كمونة وهي مطبوعة في ديوانه الذي حقّقه الاستاذ محمد كاظم الطريحي فراجعه إن أحببت.
    كما نسبَ له الخاقاني تخميساً لأبيات أبي نواس الشهيرة في الصفحة ( 228 ) من كتابه السالف الذكر ، وأول التخميس :
هات الصبوح ، وسارع فالاخلاءُ ألـم أقـل لك إذ حـارَ الأطباءُ من شدة السكر أمـواتٌ وأحياءُ دَع عنك لومي فإنّ اللوم إغراءُ
وداوني بالتي كانت هي الداءُ
    والصواب إن هذا التخميس للشاعر العبقري الحاج محمد رضا النحوي ، وهو مما لم يُطبع من شعره. وقد وقفتُ على مجموعة تخميساته ( مفردةً في كتاب ) ضمن مخطوطات مكتبة العلامة المرحوم الشيخ محمد حسن كبّة البغدادي المتفرقة ومن ضمنها التخميس المذكور.
ولا تخفي عليك قُبح هذه النسبة وبشاعتها (1) !!

1 ـ الرجال / مخطوط ـ الجزء الرابع للسيد جودت القزويني.

(28)
    الشيخ علي بن حسن بن علي بن الشيخ سليمان البلادي البحراني.
    من منظومته المسماة ( جامعة الأبواب ) لمن هم لله خير باب (1) :
ومولـد الـسبط شهيد كربلا وقيل في الخامس منه بعد أن قـد خـتم الله لـه الـشهادة بعاشـر المحـرم الـمشـوم مـصابـه قد هدّ اركان العلا فـلعنة الله عـلى مـَن قـتله ثالث شـعبان عـلى قول علا مضت من الهجرة ج فافهـمن كـما لـه قـد خـتم السعادة بكـربـلا بـالـحائر المعلوم وجـلبب الأكـوان شجواً وبلا ومَن رضي بفعل من قـد فعله
    الشيخ علي بن حسن بن علي بن سليمان البلادي البحراني المتوفى سنة 1340.
    ترجم نفسه في كتابه ( أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والإحساء والبحرين ) قال : توفي والدي الشيخ حسن عند رجوعه من الحج بالمكان المعروف ب‍ ( رابغ ) سنة 1281 ولي من العمر حينذاك ثمان سنوات ، وكان مولدي سنة 1274 ه‍. فدرست مبادئ العلوم في بلاد القطيف من نحو وصرف وبلاغة ثم
1 ـ وهي في مكتبتي بخطه.

(29)
هاجرت إلى النجف لتحصيل العلوم ودرست على المرحوم الشيخ محمد حسين الكاظمي والسيد مرتضى الكشميري والشيخ محمود ذهب وقد أجازني استاذي الورع الزاهد التقي السيد مرتضى الكشميري إجازة رواية الكتب الأربعة وكتب جميع الأصحاب بل كتب جميع علماء الإسلام من الخاص والعام.
    ولي من الكتابات : 1 ـ منظومة في الاصول الخمسة أسميتها جواهر المنظوم. 2 ـ ومنظومة ثانية في معرفة الكبائر. 3 ـ منظومة في مواليد النبي والأئمة والزهراء ووفياتهم عليهم السلام سميتها ( جامعة الأبواب لمن هم لله خير باب ) ومنظومة سميتها ( جامعة البيان في رجعة صاحب الزمان ). 4 ـ حواش كثيرة على شرح إبن أبي الحديد. 5 ـ كتاب ( رياض الأتقياء الورعين في شرح الأربعين وخاتمة الأربعين ) يشتمل على 52 حديثاً مشروحة مبسوطة في الاصول والفروع والمواعظ والمناقب وغير ذلك من المؤلفات.
    توفي قدس سره صبيحة يوم الحادي عشر من شهر جمادى الاولى سنة 1340 وجاء تاريخ وفاته :
بدر سماء الدين لما اختفى فانبجست عيني دماً عندما دجا بأفق الحق ديجور أرختـه غـاب لنا نور
    أقول : وقد عثرت على إجازة كتبها بخطه لجدي السيد محمد شبّر قدس الله سره سنة 1327 ه‍. وها هي بختمه وتوقيعه وخط يده ، قال : بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين. أما بعد حمد الله الكريم على سبوغ أفضاله وجسيم آلائه والشكر لله على جزيل نواله وعموم نعمائه ، والصلاة والسلام على خيرته من بريته محمد وآله خزنة وحيه وامنائه. وبعد فيقول العبد الجاني علي بن المرحوم الشيخ حسن ابن المقدس الشيخ علي ابن المرحوم الشيخ سليمان البلادي البحراني عفى الله عنه وعنهم وعن جميع المؤمنين وأعطاهم بمنّه ولطفه خير الدنيا والدين بحق محمد المصطفى الأمين وآله الطاهرين الميامين صلى الله عليه


(30)
وعليهم أجمعين ، انه لما وفقني الله الكريم رب العالمين لزيارة مولاي أمير المؤمنين وسيد المسلمين وامام المتقين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين سهم الله الصائب وسيفه الضارب قمر بني هاشم أبي الحسن علي بن أبي طالب سلام الله عليه وعلى الطاهرين من بنيه الأطائب ، وتشرفت بالوقوف على ابوابه ولثم اعتابه ومنّ الله علينا بالاجتماع في أفضل البقاع ، الوادي المقدس الغروي والنادي الأقدس المرتضوي بالمولى الإمام صدر جريدة الأماجد الكرام وبيت قصيدة السادات العظام وزبدة العلماء الأعلام الورع اللوذعي التقي النقي العالم الكامل الزكي غصن الدوحة الأحمدية وفرع السلالة العلوية وثمر الجرثومة الفاطمية ، المولى والزكي الأنور السيد السند والركن المعتمد سيدنا السيد محمد ابن المرحوم المبرور المقدس العلي السيد علي ابن المرحوم المبرور الزكي السيد حسين ابن المقدس المبرور خدين الولدان والحور السيد الأيّد الأمجد العلامة الفهامة الأوحد ، العالم الرباني المجلسي الثاني صاحب التصانيف الكثيرة والعلوم الغزيرة ، المعجب ملائكة السماء بتقواه سيدنا السيد عبدالله المعروف ب‍ ( شُبّر ) ابن المرحوم المقدس الرضي السيد محمد رضا ابن السيد محمد ابن السيد محسن ابن السيد أحمد ابن السيد علي ابن السيد محمد ابن السيد ناصر الدين ابن السيد شمس الدين محمد ابن السيد محمد ابن السيد نعيم الدين ابن السيد رجب بن الحسن ابن السيد محمد ابن السيد حمزة ابن السيد احمد ابن السيد أبي علي علي ابن السيد عمر بن برطلّه ابن الحسن الأفطس ابن علي الأصغر بن الإمام زين العابدين بن الإمام السبط السعيد أبي عبد الله الحسين الشهيد ابن الإمام أمير المؤمنين وسيد المسلمين علي بن أبي طالب عليهم السلام.
نسبٌ كأن عليه من شمس الضحى نوراً ومن فلق الصباح عمودا
    الكاظمي النجفي ، أمدّه الله بالتوفيقات الربّانية وأيّده بالألطاف السبحانية والعنايات الصمدانية ، سألني وأنا احق بسؤاله وأن اكون من جملة تلامذته ورجاله لا من شكله وأمثاله ، لكن أمره المطاع واجب الاتباع ، أن
ادب الطف الجزء التاسع ::: فهرس