ادب الطف الجزء التاسع ::: 31 ـ 45
(31)
اجيزه ما صحت إليّ روايته وثبتت لديّ إجازته من كتب اصحابنا الأبرار ومؤلفات اسلافنا الثقات الأخيار المتصلة اسانيدهم بالأئمة الأطهار ، الآخذين علومهم عن جدهم وسيدهم المصطفى المختار ، المتلقاة من جبرائيل الأمين من الرب الملك القهار صلى عليه وآله الأكرمين الأبرار ، ولا سيما الكتب الأربعة التي عليها المدار المشتهرة في جميع الأزمان والأمصار اشتهار الشمس في رابعة النهار وهي : الكافي الوافي ، ومن لا يحضره الفقيه ، والتهذيب ، والاستبصار ، للمحمدين الثلاثة الأوائل الثقاة العلماء الأخيار والجوامع الأربعة وهي : الوسائل ، والوافي ، والحدائق ، وبحار الأنوار للمحمدين الثلاثة المتأخرة الأبرار ، والمحدث المحقق البحراني جليل المقدار ، وغيرها من مؤلفات اصحابنا الأعيان ومصنفات ثقاتنا الأخيار ذوي الايقان والاتقان ، بل الله أجداثهم بمياه الرضوان وأحلّهم من الجنان أعلا مكان ، بل وجميع كتب علماء الإسلام من العربية واللغوية والأدبية والرياضية والهندسية مما عُلم نسبة الجميع إلى مؤلفيها الأعيان. فأجزتُ له ادام الله ايامه واسبغ عليه أنعامه ان يروي جميع ذلك عني ، عن السيد الرضي العالم العابد ، العامل الكامل الزاهد ، المعرض عن الدنيا وأهلها المقبل على الآخرة وشغلها التقي النقي المتتبع اللوذعي الزكي سيدنا المبرور المحبور السيد مرتضى ابن المرحوم المبرور العالم السيد مهدي الكشميري النجفي تغمده الله برحمته وغفرانه وأحلّه دار كرامته ورضوانه ، عن جملة من المشايخ العظام والعلماء الأعلام وأساطين الايمان والإسلام وذوي النقض والابرام. وقد أجازه اكثر علماء زمانه وفضلاء عصره وأوانه عرباً وعجماً وهم كثيرون ، فلنذكر منهم المشاهير منهم تبركاً بذكرهم وتشرفاً بنشر فضلهم وفخرهم ، فمنهم فخر الشيعة وركن الشريعة حجة الاعلام وعلم الاعلام الذي أذعنت له إجلالاً واعظاماً الملوك والحكام وألقت له فضل الزمام ، العلم العلامة الحبر الفهامة المرحوم المبرور الميرزا محمد حسن الشيرازي قدس الله تربته ، ومنهم العالم السري والعامل الزكي صاحب المصنفات الكثيرة والتحقيقات


(32)
الشهيرة السيد السند السيد محمد مهدي القزويني النجفي المجاور بالحلة السيفية برهة من الزمان قدس الله سره ونور قبره ، ومنهم العالم الامين والامام المحقق المكين الزاهد العابد صاحب هداية الانام في شرح شرايع الإسلام الاوحد الامين شيخنا المبرئ من كل شين الشيخ محمد حسين ابن المرحوم الشيخ هاشم الكاظمي النجفي روّح الله روحه وتابع فتوحه ، ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل ذي الفضل والشرف شيخنا الشيخ محمد طه نجف ، ومنهم العالم الرباني والعالم الصمداني الشيخ لطف الله المازندراني قدس الله نفسه وطهر رمسه ، ومنهم العالم المحقق المدقق الكامل الأمين المرحوم المبرور الحاج الميرزا محمد حسين ابن المرحوم الحاج ميرزا خليل الطهراني تغمده الله برحمته وحباه بدار كرامته ، ومنهم المولى العلامة المحقق المدقق الفهامة الميرزا حبيب الله الرشتي النجفي قدس سره ، ومنهم العالم العامل الرباني المحقق الصمداني الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري.
    وهؤلاء العلماء الاعلام والاجلاء العظام كلهم ما عدا سيدنا التقي السيد مهدي القزويني وشيخنا ذا الشرف الشيخ محمد طه نجف كلهم يروون عن الإمام العلامة الفقيه المحقق صاحب الجواهر الذي ثبتت له المنّة على علمائنا الأواخر ، عن المحقق الأفخر والشيخ الأكبر كاشف الغطاء عن الشريعة العَراء شيخنا الشيخ جعفر النجفي ، عن الوحيد المجدد الرباني الاغا باقر البهبهاني عن والده الأفضل الأكمل الشيخ محمد ، عن شيخنا غواص بحار الأنوار وراصد أسرار الأئمة الأطهار الشيخ محمد باقر المجلسي عن أبيه التقي النقي المحقق المدقق جامع العلوم والمعارف واليقين الشيخ محمد بهاء الملة والدين عن والده المحقق المدقق عز الدين الشيخ حسين ابن الشيخ عبد الصمد العاملي الجباعي الحارثي عن شيخنا العالم الرباني الشيخ زين الدين الشهيد الثاني ـ ح ـ وعن سيدنا العلامة الزكي الصفي السيد محمد مهدي القزويني الحلي النجفي عن عمه العالم العامل ذي الكرامات والمآثر السيد باقر القزويني عن خاله بحر العلوم والمحيي من آثار


(33)
آبائه الدروس والرسوم السيد مهدي الطباطبائي ، عن جملة من مشايخه الاعلام ، منهم المحدث المحقق الرباني الشيخ يوسف العصفوري البحراني صاحب الحدائق الناضرة وغيرها من المصنفات الفاخرة ، عن جملة من المشايخ العظام منهم العالم الأفخر والمحقق الأكبر الشيخ حسين إبن الشيخ محمد بن جعفر الماحوزي البحراني ، عن شيخه علامة البشر والعقل الحادي عشر العالم الرباني والمحقق الذي ليس له ثاني الشيخ سليمان الماحوزي البحراني عن شيخه الفقيه والحبر النبيه الشيخ سليمان ابن الشيخ علي بن أبي ظبية الشاخوري البحراني ، عن العلامة المحدث النبيه الوحيد الفقيه الشيخ علي بن سليمان القدمي البحراني الملقب بأم الحديث ، عن شيخنا العلامة البهائي رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم وجعل الجنة مثواهم.
    ـ ح ـ وعن شيخنا ذي المجد والشرف الشيخ محمد طه نجف عن العالم التقي سلمان زمانه الزاهد العابد الحاج شيخ ملا علي ابن المرحوم الحاج ميرزا خليل الطهراني النجفي قدس الله سره ، عن شيخه العلم الظاهر الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر.
    ـ ح ـ وعن شيخنا الفقيه الأمين الازهد الشيخ محمد حسين الكاظمي النجفي والتقي الشيخ لطف الله المازندراني كلاهما عن شيخنا علم الأعلام الإمام المرتضى المحقق المدقق الشيخ مرتضى الأنصاري ( والنسبة للانصاري لكونه من ذرية جابر بن عبد الله بن حزام الأنصاري ) عن شيخه العالم الأمجد الشيخ أحمد النراقي صاحب المستند وغيره ، عن أبيه العالم المحقق الشيخ محمد مهدي النراقي صاحب مشكاة العلوم وتجريد الاصول وجامع السعادات في تهذيب النفس ومكارم الأخلاق ( وهو من ذرية أبي ذرّ الغفاري الصحابي ) عن شيخه المحقق المدقق الشيخ يوسف البحراني رضي الله عنهم.
    ـ ح ـ وعن شيخنا العلامة الشيخ سليمان الماحوزي البحراني عن السيد السند السيد هاشم ابن المرحوم السيد سليمان التوبلي الكتكتاني البحراني صاحب


(34)
البرهان الكبير في التفسير ، ومدينة المعاجز ، ومعالم الزلفى ، وغاية المرام ، وغيرها عن جملة من المشايخ الكرام منهم الفقيه النبيه التقي الشيخ فخر الدين ابن طريح النجفي الرماحي صاحب مجمع البحرين والمنتخب.
    ـ ح ـ وعن شيخنا الشيخ سليمان الماحوزي البحراني عن شيخه طود التحقيق ومركز التدقيق الشيخ احمد ابن الشيخ محمد بن يوسف المقابي المقشاعي البحراني عن أبيه المذكور وعن المولى المجلسي وابيه عن شيخنا البهائي.
    ـ ح ـ وعن شيخنا العالم الرباني الشهيد الثاني عن جملة من المشايخ منهم المحقق الشيخ علي الميسي العاملي عن المحقق الثاني شمس الدين الشيخ علي بن عبد العال الكركي العاملي عن المحقق الفقيه العابد الزاهد الشيخ علي بن هلال الجزائري عن العالم العامل شمس الدين الشيخ محمد المعروف بابن المؤذن العاملي عن الشيخ الفاضل ضياء الدين علي عن أبيه وشيخه المحقق الأجل شمس الملة والدين أبي عبد الله الشيخ محمد بن مكي الشهيد الأول صاحب الذكرى واللمعة وقواعد الاصول وغيرها عن جملة من المشايخ العلماء الاعلام منهم السيد المحقق السيد عميد الدين صاحب شرح تهذيب الاصول ومنهم فخر المحققين ابو طالب الشيخ محمد عن ابيه العلامة على الاطلاق شيخ مشايخ الدنيا فضلاً عن العراق آية الله في العالمين جمال الملة والدين الشيخ حسن عن والده المحقق الافخر الشيخ يوسف ابن المطهر الحلي عن المحقق شيخ مشايخ العراق نجم الدين الشيخ جعفر بن سعيد الحلي الهذلي صاحب الشرائع والمعتبر والنافع وغيرها.
    ـ ح ـ وعن العلامة عنه وعن السيدين الجليلين النبيلين الأعلمين الأفضلين رضي الدين ذي الكرامات السيد علي صاحب كتاب الاقبال والطرائف والمهج وغيرها ، وأخيه جمال الدين المحقق السيد احمد صاحب المصنفات الكثيرة التي من جملتها بشرى الشيعة في احكام الشريعة ، في مجلدات كثيرة ابني آل أبي طاووس قدس الله ارواحهم ونوّر أشباحهم.


(35)
    ـ ح ـ وعن العلامة الحلي عن المحقق الحكيم المتكلم نصير الملة والدين الخواجه محمد بن محمد بن الحسن الطوسي.
    ـ ح ـ وعن العلامة الحلي قدس الله سره عن الفيلسوف الحكيم العالم الرباني الشيخ ميثم ابن الشيخ علي ابن الشيخ ميثم بن المعلا البحراني الماحوزي صاحب الشروح الثلاثة على نهج البلاغة وكتاب البحر الخضم وقواعد العقائد وغيرها.
    ـ ح ـ وعن العلامة الحلي عن الفاضل الفقيه التقي الشيخ حسين ابن المحقق المدقق الشيخ علي بن سليمان الستري البحراني ، وهو والمحقق الشيخ ميثم كلاهما عن أبيه الشيخ علي المذكور عن العلامة محقق الحقائق الشيخ أحمد بن سعادة البحراني الستري ايضاً صاحب كتاب قواعد العقائد في علم الكلام وقد شرحها المحقق والخواجه شرحاً جيداً.
    ـ ح ـ وعن المحقق الحلي عن العلامة الفهامة الشيخ بن نما عن الفاضل أبي عبدالله محمد بن ادريس الحلي العجلي صاحب كتاب السرائر.
    ـ ح ـ وعن المحقق الحلي عن السيد الجليل السيد فخار الدين عن الفقيه الشيخ شاذان بن جبرائيل القمي عن ابي القاسم الشيخ محمد بن جرير الطبري الامامي عن المفيد الثاني ابي علي الحسن عن والده شيخ الطائفة المحقة وعماد الفرقة الحقة الشيخ محمد بن الحسن الطوسي صاحب تهذيب الأحكام والاستبصار والمبسوط والنهاية وغيرها عن الشيخ الامام السعيد أبي عبدالله الشيخ محمد بن النعمان المفيد البغدادي عن الامام أبي القاسم الشيخ جعفر بن قولويه صاحب كامل الزيارات وغيره عن الشيخ الامام رئيس المحدثين الفقيه ابي جعفر محمد ابن علي بن موسى بن بابويه القمي عن أبيه الفقيه علي بن بابويه وعن جملة مشايخه المذكورين في مشيخة من لا يحضره الفقيه أعلى الله درجاتهم وضاعف حسناتهم.


(36)
    ـ ح ـ وعن شيخ الطائفة عن سيدنا الامام المرتضى علم الهدى وعن الشيخ المفيد عن علم الاعلام وحجة الاسلام أبي جعفر الشيخ محمد بن يعقوب الكليني ثقة الاسلام صاحب الكافي الوافي بالأحكام وجميع الطرق التي لأصحابنا ترجع إلى شيخ الطائفة الطوسي وقد ذكرها في الفهرست وغيره وعن شيخنا الشيخ المفيد طاب ثراه عن مشايخه ورجاله الذين ذكرهم ثقة الاسلام في الكافي إلى أن تنتهي أسانيد هؤلاء الثقاة الأعلام عن أئمتنا الطاهرين الكرام المتصلة أخبارهم الى جدهم وسيدهم الرسول المصطفى عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام عن جبرئيل الأمين عن رب العالمين.
    ثم ليعلم سيدنا وعمادنا ومولانا وملاذنا ان لهؤلاء المشايخ الكرام المذكورين من المبدأ إلى الختام طرقاً كثيرة وروايات وفيرة لو أردنا استقصاءها لكانت في مجلد ضخم ، وفي هذا كفاية والله ولي التوفيق والهداية. وأحسن ما جمعهم على الترتيب الأنيق والاسلوب الرشيق الشيخ الفاضل صاحب الحدائق في لؤلؤته ، والمحدث الشيخ عبدالله بن صالح السما هيجي البحراني في اجازته الكبرى التي أجازها الفاضل الشيخ ناصر الجارودي القطيفي والفاضل المتتبع ثقة الاسلام الحاج ميرزا حسين النوري في المجلد الثالث من مستدرك الوسائل وغير ذلك جزاهم الله خير الجزاء وحباهم أفضل الحباء ، من أراد ذلك فليرجع إلى ما هنالك.
    ولنختم هذه الاجازة الشريفة بحديث متصل الاسناد إلى سادات العباد أئمتنا الأمجاد حتى ينتهي إلى الرسول المصطفى خيرة الملك الجواد وأفضل من برأه الله من جميع الخلق والعباد ، فنقول بالسند المتقدم إلى رئيس المحدثين أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي أعلى الله مقامه في دار المقامة قال حدّثنا محمد بن القاسم الجرجاني قال حدثنا محمد بن يوسف بن زياد وعلي بن


(37)
محمد بن سنان عن ابويهما عن مولانا وسيدنا أبي محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي ابن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه أمير المؤمنين عليهم الصلاة والسلام قال قال رسول الله (ص) لبعض أصحابه ذات يوم يا عبد الله : أحبب في الله وأبغض في الله ووالِ في الله وعادِ في الله فانه لا تنال ولاية الله إلا بذلك ، ولا يجد رجل طعم الايمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك ، وقد صارت مواخاة الناس يومكم هذا على علاء الدنيا عليها يتواددون وعليها يتباغضون وذلك لا يغنى عنهم عن الله شيئاً ، قال الرجل يا رسول الله كيف لي أن أعلم أني واليت في الله وعاديت في الله ، ومَن وليّ الله حتى أواليه ، ومن عدوّه حتى أعاديه. فأشار رسول الله (ص) الى علي عليه السلام ، وقال : أترى هذا ، قال بلى ، قال صلى الله عليه وآله : وليّ هذا وليّ الله وعدوّ هذا عدوّ الله ، فوالِ وليّ هذا ولو أنه قاتل أبيك ، وعادِ عدوّ هذا ولو أنه أبوك وولدك. انتهى كلامه عليه وآله الطاهرين صلوات الله وسلامه.
    فليرو سيدنا ومولانا أدام الله ظلاله وأصلح أحواله وأزاد في الصالحات والطاعات اقباله وكثر في الفرقة الناجية أمثاله لمن شاء وأحب محتاطاً في ذلك سلك الله به وبنا وباخواننا المؤمنين أحسن المسالك وجنبنا جميعاً جميع المهالك انه وليّ ذلك سائلاً من ذاته السليمة وأخلاقه التي هي على نهج الهداية مستقيمة أن يمدّنا بصالح الدعوات ولا سيما في مظان الاجابات.
    وكتب العبد الجاني علي بن حسن بن علي بن سليمان البلادي البحراني عفى الله عن ذنوبهم أجمعين وأعطاهم خير الدنيا والدين بحق محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم كل آن وحين والحمد لله رب العالمين. باليوم 18 من شهر


(38)
جمادي الثانية من السنة 1327 السابعة والعشرين بعد الثلثمائة والألف هجرية على مُهاجرها وآله آلاف الصلوات والتحية.
الختم
ظن علي بربه حسن




    وترجم له صديقنا المعاصر الشيخ علي المرهون في ( شعراء القطيف ) وذكر له من المراثي للامام الحسين عليه السلام قصيدته التي يقول في أولها :
يا لخطب زلزل السبع الشدادا ورمى الاسلام سهمـاً صائباً ولقد أوهى من الدين العمادا فأصاب القلب منه والفـؤادا
    واخرى مطلعها :
هلّ المحرم فاخلـع حـُلّة الـطرب واحرم وطف كعبة الأحزان منتحراً والبس به حلل الارزاء والكـرب هدي السرور مدى الاباد والحقب


(39)
الشيخ عبدالله باش أعيان
المتوفى 1340

    الشيخ عبدالله ضياء الدين باش أعيان العباسي ، قال مشطراً البيتين الشهيرين وهما من نظم عثمان الهيتي المترجم في الأجزاء السابقة من هذه الموسوعة :
رمـيت الـخيزرانة من يميني سأتـركهـا ولا أصـبو اليها ولستُ بحامل ما عشتُ عوداً أأحمل في يدي عوداً غشوماً ولو كانت من الدنيا حطامي وأكـره أن أُشاهدها أمامي مدى الأيام أو يأتي حمامي بها قرعوا ثنايا ابن الامامِ
* * *
    الشيخ عبدالله ضياء الدين باش أعيان : هو ابن الشيخ عبد الواحد باش أعيان البصرة ترجم له الأديب المعاصر حسون كاظم البصري في مؤلفه المسمى ( ذكرى الشيخ صالح باش اعيان العباسي ) فقال : كان سماحته مثال المروءة ودماثة الخلق وكرم النفس واليد ، يتفقد الصغير والكبير والغني والفقير ، درس على علماء زمانه مثل الشيخ أحمد نور الدين الأنصاري والشيخ عبد


(40)
الوهاب الأنصاري والشيخ اسماعيل الكردي والشيخ أحمد الكوهجي والشيخ احمد الحلبي وأجازه أحد العلماء الألوسيين فأصبح عالماً فاضلاً وأديباً وشاعراً ونال رتبة من الحكومة العثمانية ، هي رتبة ( بلاد خمس ) وتعيّن في مناصب منها :
    1 ـ عضواً في محكمة التمييز بالبصرة سنة 1292 ه‍.
    2 ـ عضواً في المحاكم العدلية سنة 1297 ه‍.
    3 ـ وكيلاً لرئاسة محكمة الجزاء الشرعية والحقوق ومدعي عموم البصرة وعضواً في مجلس المعارف والأوقاف ، وعضواً في مجلس إدارة الولاية مدة خمس سنوات.
    وكان كثير القراءة والتتبع ، فترى معظم كتب الاسرة تحمل تعليقات وهوامش بخطه ، وألّف بضعة رسائل منها :
    1 ـ رسالة عن تراجم أعيان البصرة ، محفوظة في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد.
    2 ـ رسالة صغيرة عنوانها ( الفتوحات الكوازية في السياحة إلى الأراضي الحجازية ) وقد طبعت.
    3 ـ بحوث ورسائل في مختلف العلوم.
    وأنجب من الاولاد : ( 1 ) الشيخ عبد الواحد ( 2 ) الشيخ صالح الذي طبعت له ذكرى بقلم حسون كاظم البصري ( 3 ) الشيخ محمد أمين عالي وتوفي سنة 1340 ه‍.
    وهذا ثاني أنجاله وهو الشيخ صالح باش أعيان الذي لمع نجمه واشتهر فضله ، وذاع صيته واستوزر اكثر من مرة وتنقل في المناصب العالية. وكان مولده عام 1291 ه‍. ووفاته سنة 1946 م. 1365 ه‍. وكان من نظمه في مدح الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام :


(41)
وأقول للساقي فـديتك هاتها أيام نلتُ بها المسرة مثل ما قل للذي نظم القريض لغيره أجهلتَ حـق محمد في حيدر فاذا سكرت من الـمدام إليّ غـن نلـتُ المسرّة فـي ولاء ابي حسن متـمثلاً في الصيف ضيّعتَ اللبن قل لي بحقك ( هل أتى ) نزلت لمن
    واسرة آل باش تنحدر من صلب عمود الخلفاء العباسيين الذين تربعوا دست الحكم في بغداد ، إذ ان الأمير هاشم بن أبي محمد الحسن المستضيئ بالله العباسي هو رأس هذه الاسرة ومنه اخذت ترتفع بحلقات متينة متصلة بدقة واحكام إلى يومنا هذا. وترجم له الخاقاني فقال :
    عبدالله ابن الشيخ عبد الواحد ( باش أعيان ) العباسي الملقب بضياء الدين. ولد في البصرة 1263 ه‍. ونشأ بها محباً للخير والعلم والأدب ، كان مهيب الطلعة جليل القدر سمح النفس يتفقد الفقير. درس العلوم الدينية على جده لأمه الشيخ أحمد نور الأبصاري وعلى فريق من أعلام البصرة ، ولازم الحجة السيد ناصر ابن السيد عبد الصمد والعلامة السيد محمد شبّر الكاظمي ، وكانت مجالسه لا تخلو من الحوار العلمي والأدبي. اجتمع بالرحالة السيد محمد رشيد بن داود السعدي فكتب عنه في رحلته ( قرة العين في تاريخ الجزيرة والعراق والنهرين ). تقلّد عدة مناصب في الدولة العثمانية ، فقد عُيّن في سنة 1297 عضواً في المحاكم العدلية إلى سنة 1320 ه‍. ووُلي خلالها عدة وظائف منها وكيلاً لرئاسة محكمة الجزاء والشرعية والحقوق ومدعي العموم في البصرة. وعضواً في مجلس المعارف والأوقاف ، وعضواً في ادارة الألوية ، وتلقى عدة فرامين من السلطان عبد الحميد خان توفي بمسقط رأسه ـ البصرة ـ سنة 1340 ه‍. ودفن بمقبرة الاسرة الخاصة في جامع الكواز. له آثار منها رسالة في تراجم أعيان البصرة ـ توجد في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد ، وكتاب ( الفتوحات


(42)
الكوازية في السياحة إلى الأراضي الحجازية ) مطبوع ، ورسائل اخرى لم تكمل. وله تعليقات كثيرة على مئات الكتب المخطوطة بمكتبة الاسرة الخاصة. خلف أنجالاً ثلاثة : 1 ـ الشيخ عبد الواحد ، 2 ـ معالي الشيخ صالح المتوفى 1365 ه‍. والد الشيخ عبد السلام ، 3 ـ معالي الشيخ محمد أمين المتوفى 1340 ه‍.
    وفي ديوان السيد حيدر قصيدة يهنئ بها الشيخ عبد الله بزواج ولده الشيخ عبد الواحد وأولها :
عجل الصب وقد هبّ طروبا فتعدّى لتهانيك النسيبا (1)

1 ـ عن ديوان السيد حيدر تحقيق الباحث على الخاقاني.

(43)
    قال من قصيدة في الامام الحسين عليه السلام :
وراءك عني حسبي اليوم ما بيا أمن بعد يوم ابن النبي بكربلا غداة ابن هند شبّها نار فتنة وقاد لحرب ابن النبي جحافلا فهبّ لها حامي حمى الدين مفردا وما زال للأرواح يخطف سيفه تظلله سمر الرماح وتارة تريب المحيا في الصعيد معفراً ومن حوله أشلاء أبناء مجده وسارت بأطراف الأسنة والقنا وكُفّي ملامي لا عليّ ولا ليا يجيب فؤادي للصباية داعيا بها عاد جمر الوجد للحشر ذاكيا وأوقدها حرباً تشيب النواصيا بأهلي وبي أفدي الفريد المحاميا إلى أن هوى شلواً على الأرض ثاويا تهيل عليه العاصفات السوافيا ثلاثاً على وجه البسيطة عاريا دوام بنفسي أفتديها دواميا رؤوسهم يجلو سناها الدياجيا
    علي بن الملا حمزة الملقب بالخيري ، بغدادي الأصل حليّ النشأة والتربية ، يقول الشيخ اليعقوبي أن مولده سنة 1270 ه‍. توفي أبوه وهو لم يبلغ الحلم فهبط الحلة وأقام فيها مرتزقاً من كتابة الصكوك والوثائق الشرعية وما شاكل ذلك ، قال وفيه ذكاء غريزي وميل فطري لتحصيل الأدب ومعاشرة الادباء


(44)
فاتصل بآل السيد سليمان وطفق يختلف إلى ندوة شاعر الفيحاء السيد حيدر وتأثر بأدبه فكان من ملازمي داره ورواة أشعاره حتى نسخ الكثير من نظمه ثم صحب ولده السيد حسين وابن أخيه السيد عبد المطلب ، ولهما معه مسامرات ومراسلات. وسكن في أواسط عمره قرية ( ذي الكفل ) (1) واتصل بزعيمها يومذاك وهو الحاج ذرب بن عباس وهو السادن الرسمي لمرقد ذي الكفل فجعله كاتبه الخاص ونائبه على ادارة الأملاك والوقوف التي تحت تصرفه وتوليته.
    وكان رحمه الله بطل الرواية في قصة ( منارة الكفل ) التي هي مضرب المثل ، فيقال لكل شيء يغتصب علانية ( ما أشبهه بمنارة الكفل ) وخلاصة القصة كما نقلها اليعقوبي في ( البابليات ) عن المترجم له هي : تقدم الحاج ذرب بعريضة إلى السلطان عبد الحميد في سنة 1305 ه‍. بأن جامع ذي الكفل يعود للمسلمين بدليل وجود منبر ومحراب اسلامي ومنارة للأذان ، وأن اليهود تملكوه وبنوا فيه مخازن وبيوتاً وغرفاً يأوى اليها الزائرون منهم في عيد رأس السنة وعيد الكفارة وغيرهما من المواسم ، فأنكر اليهود كل ذلك فندبت الحكومة ببغداد رجلاً من موظفيها للكشف عن ذلك فجاء إلى قرية ذل الكفل وجلس في ظل المنارة وكتب تقريراً خلاصته ( أن لا منارة هناك ) فكتب الحاج ذرب إلى الاستانة كراسة صغيرة بحث فيها عن المسجد وحدوده القديمة ومساحته وما فيه الآن من بنايات حديثة لليهود وتاريخ المنارة وموضع المحراب والمنبر وما إلى ذلك ( بخط المترجم له وإملائه ) ورفع ذلك إلى الباب العالي في عهد السلطان عبد الحميد فأوفدت من الاستانة لجنة لحل النزاع واستيضاح الحقيقة ولكنها
1 ـ بلدة قائمة على ضفة الفرات اليسرى تقع في منتصف الطريق بين الحلة والكوفة ، فيها مدفن نبي الله حزقيال المسمى ب‍ ( ذي الكفل ) وتعرف القرية في المعاجم القديمة ( بئر ملاحة ) ونقل الدكتور مصطفى جواد في مجلة الاعتدال السنة الرابعة عن مزارات السائح الهروي : قبر ذي الكفل وهوحزقيل النبي في موضع يقال له ( برّ ملاحة ) شرقي قرية يقال لها ( قسونات ) وبهذه القرية قبر باروخ استاذ حزقيل ومعلمه ، وبها قبر يوسف الربان ، واليهود يزورونه ، وبها قبر يوشع وليس هذا ابن نون ، وبها قبر عزرا وليس هذا عزرا ناقل التوراة الكاتب.

(45)
عند وصولها بغداد توصل اليها اليهود بالمال وذلك بتوسط صالح دانيال فأيدت التقرير الأول ونفت وجودالمنارة في الكفل من دون أن تصل اليها وبعثت في تأييد قرارها من أخذ صورة فوتوغرافية للقرية في احدى جهاتها التي لا يظهر فيها شكل المنارة التي لا تزال باقية إلى الآن.
    وقد دوّن المترجم له في مجموعة له كتبها بنفسه لنفسه طائفة من أشعار جماعة من أدباء الحلة كان قد عاصرهم كالكوازين والسيد حيدر وابن عوض وبعض منظوماته في صباه وقليلاً من شعر المتقدمين ويصدر كل قصيدة يثبتها لمعاصريه بقوله :
    وقال سلمه الله تعالى ، مما يؤكد لنا أنها كتبت في أواخر القرن الثالث عشر ولم يزل مقيماً بالكفل إلى أن توفي يوم الثلاثاء 28 رجب من سنة 1340 ه‍ وحمل إلى النجف الأشرف ودفن فيها وعمره قد أناف على السبعين ، ذكر له الشيخ اليعقوبي في البابليات بعض منظوماته ومراسلاته وقصيدتين في الإمام الحسين عليه السلام ذكرنا في صدرالترجمة واحدة أما الثانية فمنها :
قـذيت لآل محمد عين الهدى فمخضب بالسيف عند سجوده ومكابـد سـمّ العـدو بمهجة والشرك قد أمسى قرير عيون في كـف أشقى العالمين لعين تفدى النفوس لسرّها المكنون
ادب الطف الجزء التاسع ::: فهرس