ادب الطف الجزء التاسع ::: 211 ـ 225
(211)
ويا ليتَ مَن في الليل كان يصونها يقـوم مـن الأجـداث حيّاً وعينه تمنّيتُـهُ لمـا استـجارت بقومهـا تقول لهم والخيل مـن كل جانـب أيا إخوتي كيـف التصبر والعـدا فإن لم تقومـوا للكـفاح عـوابساً فكـم طفلـة لما أُقيمـت بخدرهـا فيا لـخدور قـد أُبيحـت ونسـوة فأمـست بلا حـام عـقائل حيـدر وأضحت تحيل الطرف بعد حماتهـا وراحت على عجف النياق أســيرة مـن الـوهم مهمـا كلفته مزارهـا ترى بين أيـدي الظالمـين فرارهـا ليسمع منها كيف تـدعـو نـزارهـا أحاطت بهـا لما استباحـت ديارهـا أعارت خدور المحصنات صغارهـا فمَن بعدكم في الروع يحمي ذمارهـا عليها الـعدى قامـت تأجـج نارهـا أُريعت وعـين السبط ترعى انذعارها أزالت ضـروب الهـائلات قرارهـا فلـم تـرَ إلا مَـن يريـد احتقارهـا تجـوب الفيافـي ليلهـا ونهـارهـا
    الشيخ مهدي الظالمي هو أحد الفضلاء المشهورين بالجدّ والفضل والعلم والأدب نظم باللغتين : الفصحى والدارجة وكتبتُ ديوانه يوم كانت كل محفوظاتي هي الشعر والشعر فقط ولا أُدوّن إلا الشعر عثرت على ديوانه فكتبته ولم يزل في مخطوطاتي ولا زلت أتصوّرُه جيداً طويل القامة حسن الهندام هادئ الطبع يزدحم الشباب على حلقة درسه ويشار اليه بالبنان. ترجم له الخاقاني في شعراء الغري فهو المهدي بن الهادي بن جعفر بن راضي بن حمود بن اسماعيل ابن درويش بن حسين بن خضر بن عباس السلامي ، من أسرة علمية نجفية وسبق وأن مرّت ترجمة الشيخ حمود الظالمي ، ولد في النجف سنة 1310 ه‍. ونشأ ذواقة للعلم والأدب والدرس والبحث ولم يعمّر كثيراً فقد وافاه الأجل عصر الخميس الثاني من ربيع الثاني عام 1359 ه‍. ودفن في الصحن الحيدري الشريف في الإيوان الذهبي ورثاه فريق من تلامذته وعارفي فضله وأبّنوه شعراً ونثرً وخلّف ولداً أديباً لا زالت قريحته تفيض بالأدب الحي.


(212)
لـنا جيرةٌ بالأبـرقـين نـزول تواعدني الأيـام بالقـرب منهـم أجيراننا ما القلب من بعد بينكـم أجيراننا بالخيف ما زال بعدكـم فهيهات صفو العيش منا وللهدى تحمّل أضعان الطفـوف عشـية ألا قاصداً نحـو المدينة غـدوة أيا فـتـية بـان السّلـو بينهـم رأيت نساء تسأل الركب عنكـم تطلّع من بعد إلى نحـو داركـم نوادب اقذين الجفون مـن البكـا نـوادب أمثال الـحمام سواجعاً حملن على عجف النياق حواسراً تجاذبها السير العنيـف عصابـة تشيم رؤوساً كالبدور علـى القنا وتبصر مغلول الـيدين مصـفّداً سقى ربعهم غيثٌ أجـشّ هطـول فتـلك ديـون والزمـان مطـول بسالٍ ولا الصبر الجميل جمــيل لنا الدمـع جـارٍ والعـزيز ذليـل تبــدّد شـمل واستـقـلّ قبيـل وأقفـرن منهـم أربـع وطلـول يـبلّـغ عنـي مسمـعاً ويقــول وجاور قلبي لـوعـة وعـويـل تلـوح عـليهـا ذلـة وخمـول بطرف يصوب الدمع وهو كلـيل وأعشبن مغنى الطف وهو محـيل لها فوق كثبان الطفـوف هـديـل لهـا كل يـوم رحـلـة ونـزول لها الشرك حاد والنفـاق دلـيـل لهـن طلـوع فـوقـهـا وأفـول يراه من السير العـنيـف نحـول


(213)
وتنظر ذياك العزيز علـى الـثرى فتدعـو حماة الجار من آل هاشـم أهاشم هبّي وامتطي الصعـب انـه أهاشم قومي وانتضي البيض للوغى أصبراً وأنجـاد العشـيرة بالعـرا أصبراً ورحل السبط تنهبـه العـدا أصـبـراً وآجام الأسـود بكربـلا وتلك على عجف النـياق نساؤكـم عهدتكـم تأبـى الصغـار أنوفكـم فما بالكم لم تنض للثـار قضبكـم كأن لم يكن للجار فيكـم حمـيـة ألـم يأتـكـم أن الحـسين رميـة وكم لكم في السبي حرّى من الجوى وكم لكم في التـرب طفـل معفـر وكـم طفلـة لليتم أمسـت رهينـة وحسرى تدير الطرف نحو حميّهـا فتذهل حتى عن تبـاريح وجدهـا وأبرح مـا قـد نالكـم أن زينبـاً شكت وانثنت تدعـو الحسين بعبرة تنادي بصوت صدع الصخر شجوة أخيّ عيون الشـرك أمست قريـرة أراك بعيني دامـي النحـر عافـراً نعـم أيقنـت بالسبي حـتى كأنهـا له الليل ستـرٌ والهجـير مقـيل بصوت له شـمّ الجبال تـزول لك السير إن رمت العراق ذلول فوِترك وتـرٌ والذحـول ذحول على الترب صرعى فتية وكهول فموتك ما بين السـيوف قليـل بها النار شبّت والهزبـر قتـيل لـها الله تسبـى والكفيل علـيل وأسيـافكـم للراسيـات تزيـل فتحمّر من بيض الصفاح نصول ولا كان منكـم جعفـر وعقيـل على الترب ثاوٍ والـدماء تسيـل ثكـول وفي أسر الـعدو عليـل صريع وفي فيض الدماء رمـيل ولـيس لها يـوم الرحيل كفـيل فتبصره في الأرض وهو جديـل وتنحاز للدمع المصـوب تذيـل لها بين هاتيك الشعاب عـويـل تـصـدع مها شارف وفصـيل وكادت له السبع الطباق تـزول بقتلك قرّت والـمصاب جلـيل عليك خيول الظالميـن تجـول لما نابها وهي الوقـور ذهـول


(214)
    الحاج حسين الحرباوي ، هو شاعر بغدادي رأيت له عدة قصائد يمدح بها أمير المحمرة الشيخ خزعل خان المتوفى سنة 1355 ه‍. فلا بد وأن يكون من معاصريه ، ولقد أثبتها الشيخ جواد الشبيبي في مؤلفه المخطوط عن أمير المحمرة. وذكره الباحث علي الخاقاني في شعراء الحلة وهو ليس بحلّي حيث أنه وجد له شعراً مع شعراء الحلة وذكر له مقطوعة في الغزل أولها :
تشعشعت فتولّت عندها الظلـم أهلاً به مقبلاً كالبدر حين غدا شمس براحة بدر جاء يبتسم بين السحائب يبدو ثم ينكتـم


(215)
عـن ناظري بان الكـرى ورقادي وتمكنـت كـل الهمـوم بمهجتـي لما ذكرت شباب عصر قـد مضى أيقنت بالـترحـال عـن دار بهـا وتسعّرت نار الأسى بفـؤادي والجسـم أنحلـه السقام البادي في غفلة ونفى المشيب سوادي أنفقت فيها العمر في الأعـياد
    ومنها في الإمام الحسين عليه السلام :
قالت له الأصحاب يا مولى الـورى فجزاهـم خيـراً وأقـبل للـعـدى وبقي يصول عليهـم في عـزمـة ضاها أباه المرتضى ليث الشـرى مـذ كرّ فـرّوا خـشية من بأسـه نفـديـك بالأرواح والأولاد والسيف مسلول من الأغماد فكأنه ليث هـزبـر عـاد لم يختشِ أحداً من الأضداد كالحمر إذ فرّت من الآساد
    ومنها :
يا آل بيت محمد المختار يـا أنتم ملاذ المذنبين من الورى أنا عبدكم ( درويش بن محمد ) ذخري ومَن فيهم صفا مـيلادي وبكم أصول على الزمان العادي أرجو السلامة في غد بمعـادي


(216)
والسامعين قصيدتي يا سادتي صلـى عليكم ربكم يا سادتي والكاتبين لطرسهـا بـمداد ما غرّد القمري في الأعواد
    والقصيدة طويلة وهذا جيّدها :
    درويش الصحّاف ابن الحاج محمد الصحاف البغدادي ، شاعر أديب له مجموعة مخطوطة جمع فيها بعض القصائد في رثاء الإمام الحسين سيّد الشهداء (ع). ووالده أديب شاعر.
    والذي يظهر أن المجموعة كتبت حدود سنة 1350 ه‍. قال الباحث السيد جودت القزويني : إستعرت هذه المجموعة من الخطيب السيد أحمد المؤمن البصير وفيها شيء من نظمه.


(217)
    قال في أرجوزته الغرّاء المسماة ب‍ ( الأنوار القدسية ) المطبوعة بمطابع النجف ، في فصل تحت عنوان مولد السبط الشهيد :
أسفر صبح اليُمن والسعـادة أسفر عن مرآة غيب الـذات تعرب عن غيب الغيوب ذاته يُنبئ عـن حقيقـة الحقائـق لقـد تجلـّى أعظم المجالـي روح الـحقيقـة المحمديـه فيض مقدّس عن الشوائـب تنفّس الصبح بنور لم يـزل وكيف وهو النفس الرحماني به قوام الكلـمات المحكمـة تنفّس الصبح بالاسم الأعظم بل فالق الإصباح قد تجلّـى فأصبح العلـم ملاء النـور ونار مـوسى قبس من نوره أشرق بدر من سماء المعرفة عـن وجه سرّ الغيب والشهادة ونسخـة الأسماء والـصفـات تفـصح عن أسمائـه صفاتـه بالحق والصدق بوجـه لائـق فـي الذات والصفات والأفعالِ عقل العقـول الكمّـل العلـيّه مفيض كل شاهــدٍ وغائـب بل هو عـند أهله صبح الأزل في نفس كل عـارف ربانـي به نظام الصحـف المكرّمـه محى عـن الوجود رسم العدم فلا تـرى بعـد النهـار ليـلا وأي فوز فـوق نـور الطـور بل كل ما في الكون من ظهوره به استـبان كل إسـم وصفـه


(218)
بـه استـنار عالـم الإبـداع به استنار ما يـرى ولا يُـرى فهو بوجهـه الرضي المرضي فـلا تـوازي نـوره الأنـوار غــرّتـه بارقـة الفـتـوّة تبدو علـى غـرّتـه الغـراء باديـة مـن آيـة الشهامـة من فوق هامة السماء همتـه ما هامة السمـاء من مداهـا أم الكتاب في عـلوّ المنزلـه تمّـت بـه دائـرة الشهـاده لو كشف الغطاء عنك لا ترى وهل ترى لملتقـى القوسـين فـلا وربّ هـذه الـدوائـر والـكل تـحـت ذلك الشعـاع من ذورة العرش إلى تحت الثرى نور السمـاوات ونـور الأرض بل جـلّ أن تدركـه الأبـصار قـرة عـيـن خاتـم الـنبـوّة شارقـة الـشهامـة الـبيضـاء دلائـل الإعـجـاز والكرامـة تكـاد تسبـق الفـضاء مشيتـه إن إلـى ربـك مـنتـهـاهـا وفي الإبا نقطـة باء الـبسملـه وفـي محـيطهـا لـه السيـاده سـواه مركـزاً لهـا ومحـورا أثـبـت نقطـة مـن الحسيـن جـلّ عـن الأشباه والـنظائـر
* * *
بشـراك يـا فاتحـة الكتاب وآية التوحيــد والرسالـة بل هو قـرآن وفرقان معـا هو الكتاب الناطـق الإلهـي ونـشأة الأسمـاء والشؤون لا حكم للقضاء إلا ما حكـم رابطـة الـمـراد بالإرادة ناطقة الوجود عين المعرفة فـي يـده أزمّـة الأيـادي بالمعجز الباقي مدى الأحقاب وسرّ معـى لفظـة الجلالـه فـما أجـلّ شأنـه وأرفعـا وهو مـثال ذاتـه كما هـي كـل نقـوش لـوحه المكنون كأنـه طـوع بنانـه الـقلـم كأنـه واسـطـة الـقـلادة ونسخة اللاهوت ذاتاً وصفـة بالقبض والبسط علـى الـعباد


(219)
بل يده العليـا يـد الافاضـة وفيه سرّ الكل في الكـل بـدا لك العروج في السماوات العلى في الأمر والخلق ولا غضاضة روحان في روح الكمال اتحـدا له العـروج في سماوات العـلا
مخايل النبوة في الحسين
أنـت مـن الوجود عين العين شبلك في القـوة والشجاعـة منطقك البلـيغ فـي البيـان طلـعتك الـغرّاء بـالإشراق صفاتـك الغـرّ له مـيراث لك الهنا يـا غايـة الإيجـاد وهو سفينة النجاة في اللجـج سلطان إقليـم الحفاظ والإبـا رافع راية الهـدى بمهجتـه به استقامت هـذه الشريعـة بنى المعالي بمعالـي همـمه بنفـسه اشترى حـياة الدين أحيى معالم الهـدى بروحـه حفّت رياض العلم بالسمـوم فأصبحت مـورقـة الأشجار أقعـد كـل قائـم بنهضتـه قامت به قـواعـد التوحيـد وأصبحـت قـوميـة البنيان غـدت بـه سامـية القباب فـكن قـرير الـعين بالـحسين نفسـك فـي العـزة والمناعـة لسانـك البديـع فـي المعانـي كـالـبدر في الأنـفس والآفاق والمجد ما بين الـورى تـراث بـمـدّه الـخيـرات والأيـادي وبابها السامي ومَـن لجّ ولـج مليك عـرش الفخر امـاً وأبـا كاشف ظلمـة العمـى ببهحتـه به علت أركـانهـا الـرفيعـة ما اخضرّ عود الدين إلا بدمـه فيـا لهـا مـن ثمـن ثميـن داوى جروح الدين من جروحه لـو لـم يروّهـا دم المظلـوم يـانـعـة زاكـيـة الـثمـار حتى أقـام الديـن بعد كبوتـه مـذ لجـأت بركنهـا الشديـد وعـزمـه عـزائـم القـرآن مـعـاهـد الـسنّـة والكتـاب


(220)
أفاض كالـحـيا عـلـى الـوراد وكضّه الـظما وفي طـيّ الحشـا والـتهـبت أحـشاؤه من الظمـا وقـد بكـته والـدمـوع حـمـر تـفطّر القلـب من الظما ومـا ومـن يـدكّ نوره الطـور فـلا تـعجـب مـن ثـباته الأمـلاك لا غـرو إنـه ابـن بجدة اللقـا شـبل علي وهـو ليث غـابـه كـرّاتـه فـي ذلك الـمضمـار سطا بسيفـه فغاضـت الربـى قام بحق السيـف بـل أعطـاه كأن منتضـاه محتـوم القضـا كأنـه طيـر الفـنا رهـيـفـه أو صرصر في يوم نحس مستمر ماء الحياة وهـو ظام صادي ريّ الورى والله يقضي ما يشا فأمطـرت سحائب القدس دما بيض السيوف والرماح السمر تفتـرّ الـعـزم ولا تـثلّمـا يندكّ طود عـزمه من الـبلا ومـن تـجـولاتـه الأفـلاك قد ارتقى في المجد خير مرتقى نعم وكان الغـاب فـي إهابه تكـوّر الليـل علـى النهـار بالدم حتى بلـغ السيل الزبـى ما ليس يعطـي مثلـه سـواه بل القضا في حدّ ذاك المنتهى يقضي على صفوفهم رفيقـه كأنهم أعجـاز نخـل منقعـر
الرأس الكريم
وفي المعالي حقها لما عـلا يتلو كـتاب الله والحقائـق قد ورث العروج في الكمال هو الذبيح في منى الطفوف هو الخليل المبتلـى بالنـار تالله ما ابتلى نبيّ أو ولـيّ له مصائب تـكل الألسـن على العوالي كالخطيب في الملا تشهـد أنـه الكتاب الـناطـق مـن جـدّه لكن على العـوالي لكنـه ضـريبـة الـسيـوف والـفرق كالـنار عـلى المنار في سالف الدهر بمثل ما ابتلي عنها فكيف شاهدتهـا الأعـين


(221)
أعظمها رزء على الإسلام ضلالة لا مـثلها ضلالـه وسـوقها مـن بلد إلى بلد وأفظع الخطوب والدواهي ويسلب اللب حديث السلب تحمّلـت أميـة أوزارهـا وأدركت من النبي ثارهـا واعجبا يدرك ثار الكفـرة فيا لثارات النبي الهـادي سبي ذراري سيّـد الأنـام سبي بنات الوحي والرساله بين الملا أشنع ظلم وأشـد دخولها في مجلس الملاهي يا ساعد الله بنات الـحجب وعارها مذ سلبت أزارهـا وفي ذراريه قضت أوتارها من أهل بدر بالبدور النيّرة بما جنت به يـد الأعـادي
    الشيخ محمد حسين الاصفهاني نابغة دهره وفيلسوف عصره وفقيه الامة ، اتجهت الأنظار اليه وتخرّج على يده جملة من العلماء الأعلام ومن الكمال والأدب بمكان منشأ بليغاً باللغتين العربية والفارسية وخطه من أجمل الخطوط وهذه جملة من مؤلفاته :
    1 ـ كتاب في الفقه والأصول بأجمل اسلوب.
    2 ـ حاشية على كفاية الاصول أسماها ( نهاية الدراية ) طبع الجزء الأول منها في طهران.
    3 ـ رسالة في الصحيح والأعم.
    4 ـ رسالتان في المشتق.
    5 ـ رسالة في الطلب والإرادة.
    6 ـ رسالة في علائم الحقيقة والمجاز.
    7 ـ رسالة في الحقيقة الشرعية.
    8 ـ رسالة في تقسيم الوضع إلى الشخصي والنوعي.


(222)
    9 ـ عدة رسائل في مختلف أبواب الفقه تزيد على الثلاثين ، وديوان شعر فارسي في مدائح ومراثي آل بيت الوحي وكل شعره مشحون بالفلسفة والعرفان كما له ديوان ثاني في العرفانيات والحكميات وله أرجوزة بالعربية وهي التي أسماها ب‍ ( الأنوار القدسية ) فيها أربع وعشرون قصيدة في تاريخ حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الإثنى عشر وأولادهم صلوات الله عليهم أجمعين.
    كان بعد الفراغ من دروسه في الحكمة والفقه والأصول يتلو قطعة من نظمه فتلتذ العقول وترتاح النفوس وتعدّ تلامذته وجود هذه الذات من أعظم الرحمات مضافاً إلى سيرته التي هي مثال عملي عن خلقه وأدبه.
    وانطفأ هذا المشعل النيّر ليلة الخامس من شهر ذي الحجة الحرام سنة 1361 ه‍. عن عمر يناهز الستة والستين عاماً إذا كانت ولادته سنة 1296 ه‍.


(223)
ربع محى الحدثان رسمه كم رمـت كتمان الغرام أوحشت يا ربع الهـدى ولقـد أشابـت لـمّتـي بملمة طـرقـت فأنست يوم أبـيّ الضيـم فيـه وسقى الثـرى بدم العدوّ وافى لعـرصة كربـلا أقـمار تـمٍّ أسـفـرت وليوث حرب صـيّرت من كل فـارس بهمـة حتى إذا نـزل القـضا نهبتهم بيـض الضبـا يا صدمة الـدين الـتي هدّمـت أركان الهـدى قـتل الإمام إبن الإمام ما ذاق طعم الماء حتى ملقى على وجه الصعيد أجرى عليه الدهر حكمـه بـه ويأبى الـوجد كتمـه ولبست بعد الـنور ظلـمه نـوب تـشيّب كـل لمّـه كــل طـارقـة ملمـة أبى الـمذلّـة والـمذمّـه وأطعـم العـقبان لحمـه من هاشم في خير غلمـه بدجى الخطوب المدلهمـه سمر العوالي اللدن أجمـه ما همّـه إلا الـمهـمـة ء وأنقـذ المقدور حتمـه وتـقاسمتهـم أي قسمـه ما مثلها للدين صـدمـه وثلمت في الإسلام ثلمـه أخـو الإمام أبو الأئمـة صـار للأسياف طعـمه تدوس جرد الخيل جسمه


(224)
لا يـرحـم الله الأولـى لـم يـرقبـوا لنـبيهـم خسرت تجارة من يكون أبَـنـي أمـيـة أنـتـم قطعوا من المختار رحمه فــي آلــه إلا وذمّـه شفيعه في الحشر خصمه في الناس كنتم شرّ أمّـة
    الشيخ الهادي ابن الشيخ عباس بن علي بن جعفر صاحب كشف الغطاء قدس سره. ولد بالنجف سنة 1289 ه‍. منشأه بيت العلم والكمال والهيبة والجلال فالدر من موطنه والذهب من معدنه ، كنت إذا نظرت إلى وجهه المبارك رأيت في أساريره النور وروعة العلم وهيبة العلماء وملامح النسك والعبادة ، نظم الشعر في حداثة سنّه مع أخدانه أبطال اشعر ونوابغ الفن أمثال الشيخ جواد الشبيبي والشيخ آغا رضا الأصفهاني والسيد جعفر الحلي وأضرابهم وتتلمذ على الملا كاظم الآخوند كثيراً والشريعة الأصفهاني والسيد محمد كاظم اليزدي ويروي إجازةً عن السيد حسن الصدر والشيخ آغا رضا الهمداني ونال من الحظوة العلمية مرتبة الإجتهاد وأصبحت قلوب الناس متعلقة به منجذبة اليه لفضله وعلمه وورعه وتقواه وتواضعه وسيرته الطيبة ، ما جلس اليه أحد إلا وانجذب اليه لروحانيته وأفاض عليه من نميره العذب. كنا نجلس في طرف المجلس احتراماً له وهو يدنينا اليه ويحدثنا بما يخص المنبر الحسيني وعن أثر وقعة الطف ويستشهد بشيء من منظومته المسماة ب‍ ( المقبولة الحسينية ) وهو صاحب مستدرك نهج البلاغة وكتاب ( مصادر نهج البلاغة ومداركه ) ، وشرح شرائع الإسلام ، وشرح تبصرة العلامة الحلي ، ورسالة تضم فتاواه وآراءه الفقهية أسماها ( هدى المتقين ) طبعت سنة 1342 ه‍. وله منظومة في النحو وأخرى في الإمامة ، أما المنظومة المسماة بالمقبولة فلا زال خطباء المنبر الحسيني يجعلونه موضع الشاهد لأحاديثهم الحسينية ومما قال في مدح النجف من قصيدة :


(225)
قف بالنياق فهـذه النجـف ربع ترجلـت الملـوك بـه حرم تطوف به ملائكة الــربّ أرض لها التقديس والشرف وبفضل عزّ جلاله اعترفوا الجليل وفيه تعتكـف
    وله أرجوزة في سيرة الزهراء سلام الله عليها ، ومنها :
ومَن بهـم بأهل سيد الـورى وهل أتى في حقها وكـم أتـى لما رووه في الصحيح المعـتبر وبضعة المعـصوم كالمعصوم لانـها مـن نفسـه مقتطعـه إلا الـذي أخـرجـه الـدلـيل ولم يرد في غـيرهـا ما وردا وآية التطهير قـد دلّـت علـى ( وقل تعالوا ) أمرها لن ينكـرا من آيـة ومـن حديـث ثبـتا من أنها بضعـة سيـد الـبشر في الحكم بالخصوص والعموم فحقها فـي حكمـه أن تتبعـه فـإنـنـا بـذاك لا نـقـول في شأنها فالحكم لـن يطـردا عصمتها من الذنـوب كمـلا
    توفي رحمه الله ليلة الاربعاء في 9 محرم الحرام سنة 1361 ه‍. وكان يوما مشهوداً واشترك سائر الطبقات بمواكب العزاء حتى أودع في مقبرتهم مع والده وجدّه رحمهم الله جميعاً وتعاقبت الشعراء على منصة الخطابة ترثيه بما هو له أهل وتندبه وكما أقيم له حفل أربعيني إشترك فيه كبار الكتّاب والخطباء والشعراء.
    ومن نتفه وملحه قوله :
قول إن الذي يموت يراني فتمنيت أن أمـوت مراراً حار همدان ـ عن علي رواه كـل يـوم ولـيلــة لأراه
    يشير إلى حديثنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) للحارث الهمداني إذ يقول : وأُبشرك يا حارث ليعرفني وليّ وعدوّي في مواطن شتى ، يعرفني عند الممات وعند الصراط وعند المقاسمة قال : وما المقاسمة يا سيدي قال : مقاسمة
ادب الطف الجزء التاسع ::: فهرس