ادب الطف الجزء التاسع ::: 241 ـ 255
(241)
    قال مؤنباً سفير الحسين مسلم بن عقيل أول الشهداء :
لـو أن دمـوعـي استهلت دمـا قـتـيـلٌ أذاب الـصفـا رزؤه وأورى الحجـون بنار الشجـون أتى أرض كـوفان فـي دعـوةٍ فـلـبّـوا دعـاه وأمّـوا هـداه وأعطوه من عهـدهـم مـا يكا وما كان يحسب وهــو الوفـي فـديـتك مـن مفـرد أسلمـوه وألجـأه عــذرهـم أن يحـل ومذ قحـمـوا منـه في دارهـا إبان لهم كيف يضرى الشجـاع وكـيـف تهـب اسود الشـرى وكـيف تفـرق شهـد الـزات ولـما رأوا بـأسـه لا يطـاق أطلّوا عـلى شرفات السطـوح ولـولا خـديعتهـم بـالأمـان لـما أنـصفـت بالبكا مسلـما وأحـزن تـذكـاره زمـزمـا وأشجى المقـام وأبكـى الحِـما لـها الأرض خاضعـة والسمـا لينقذهـم مـن غـشاءِ العـمى د إلى السهل يستدرج الأعصمـا أن ينقضـوا عـهـده المبرمـا لحكـم الـدعي فـما استسلمـا فـي دار طـوعـة مستكـتمـا عـريناً أبـا اللـيث أن يقحمـا ويـشـتـد بأسـاً إذا أسلـمـا إذا رأت الـوحش حـول الحِمـا بـغاتـاً تطيـف بهـا حـوّمـا وماضيـه لا يـرتـوي بالدمـا يرمـونـه القصـب المضرمـا لمـا أوثـقـوا ذلك الضـيغمـا


(242)
وكيف يـحس بمكـر الأثيـم لأن ينسني الدهر كل الخطوب أتـوقف بيـن يـدي فاجـرٍ ويشتم أسرتـك الطاهـريـن وتقـتل صبـراً ولا طالـبٌ وترمى إلى الأرض من شاهق فإن يحطموا منك ركن الحطيم فلستَ سوى المسك يذكو شذاه لإن تخلو كـوفان من نـادبٍ فـإنّ ضـبـا الطـالبين قـد ذها منهم النقـع فـي أنجـم من ليس يقـترف المأثمـا لم ينسني يومـك الأيومـا دعيٍّ إلـى شرهـا منتمـا وهو أحـقّ بـأن يُشتمـا بثارك يسـقيهـم العلقمـا ولم ترمِ أعداك شهب السما وهدوا من البيت ما استحكما ويـزداد طيبـاً إذا حطّمـا علـيك يقـيـم لك المأتمـا غدت لك بالطف تبكي دمـا أحالوا صباح العدى مظلمـا
    السيد رضا الهندي شيخ الأدب في العراق والعالم الجليل المؤرخ والبحاثة الشهير وهو ابن السيد محمد ابن السيد هاشم الموسوي الهندي (1) ، ولد قدس سره في الثامن من شهر ذي القعدة سنة 1290 ه‍. وهاجر إلى سامراء بهجرة أبيه سنة 1298 ه‍. حين اجتاح النجف وباء الطاعون ، وكان خامس اخوته الستة ومكث يواصل دروسه في سامراء وكان موضع عناية من آية الله المجدد الشيرازي لذكائه وسرعة البديهة وسعة الاطلاع ، وفي النجف واصل جهوده العلمية على أساطين العلم حتى نال درجة الاجتهاد وعندما انتدبه المرحوم السيد أبو الحسن الأصفهاني للارشاد وذلك بعد أن شهد سابقاً له مراجع الطائفة كالشيخ محمد حسن آل صاحب الجواهر والشيخ الشربياني والملا محمد كاظم الخراساني ويروي إجازة عن أبيه وعن الشيخ أسد الله الزنجاني والسيد حسن الصدر والسيد أبو الحسن والشيخ آغا بزرك الطهراني.
1 ـ ينتهي نسب الاسرة الى الامام العاشر من أثمة أهل البيت علي الهادي عليه السلام.

(243)
    مؤلفاته :
    1 ـ الميزان العادل بين الحق والباطل في الرد على الكتابيين ـ مطبوع.
    2 ـ بلغة الراحل في الأخلاق والمعتقدات.
    3 ـ الوافي في شرح الكافي في العروض والقوافي.
    4 ـ سبيكة العسجد في التاريخ بأبجد ، ( وقد فُقِدَ ).
    5 ـ شرح غاية الايجاز في الفقه.
    ترجم له في الحصون المنيعة فقال : فاضل معاصر وشاعر بارع وناثر ماهر له إلمام بجملة من العلوم ، ولسانه فاتح كل رمز مكتوم ومعرفته بالفقه والاصول لا تنكر وفضائله لا تكاد تحصر ، رقيق الشعر بديعه ، سهله ممتنعه خفيف الروح حسن الأخلاق طيب الأعراق ، طريف المعاشرة لطيف المحاورة ، جيد الكتابة وأفكاره لا تخطئ الاصابة.
    وترجم له السيد الأمين في الأعيان والشيخ الطهراني في نقباء البشر والسماوي في الطليعة والخليلي في ( هكذا عرفتهم ) والخاقاني في شعراء الغري وغيرهم من الباحثين. وكان يدعوني للخطابة في داره بالمشخاب وأقضي ساعات بالمحادثة معه فكان حديثه دروساً جامعة مملوءة بالفوائد وكنت في منابري أتلو شعره الذي قاله في أهل البيت عامة وفي الحسين خاصة ومما حدثني به أن داراً للشيخ مولى اغتصبها الشيخ حرج فأعلن المرجع غصبيتها وعدم جواز الدخول اليها فتحاماها الناس فرجع الغاصب عن رأيه وردّ الدار إلى صاحبها فنظم السيد :
صبرت يا مولى فنلت المنى فالحمد لله الـذي لـم يكـن والصبر مفتاح لباب الفرج يدخلني الدار وفيها ( حرج )
    كما روى لي قوله :
غزا مهجتي بصفاح اللحاظ ولم أرى من قبـل أجفانـه ولوع بظلمي لا يصفح جنوداً إذا انكسرت تفتح


(244)
    ومن روائعه التي اشتهرت وحفظها القاصي والداني قصيدته ( الكوثرية ) والمقطع الأول منها في الغزل وباقيها في مدح الإمام أمير المؤمنين علي (ع) :
أمفلّج ثغرك أم جوهـر قد قال لثغرك صانعـه والخال بخدك أم مسـك أم ذاك الخال بذاك الخدّ عجبا من جمرته تذكـو ورحيق رضابك أم سكر انـا اعطينـاك الكوثـر نقطّتَ به الورد الأحمـر فتيت الندّ علـى مجمـر وبها لا يحتـرق العنـبر
    وقال من قصيدة رقيقة :
الخال فـي وجـنتيك قد لثمـك ولـم تنلـني الـذي أنـلـتهمـا نحلت مثل السـواك فـيك فمـا يـا كشحـة طـال عدل قامتـه يا جفنه اعتاد بالـضنى جسـدي يا غصـن طـاولت قـدّه فلئـن ويا عـنيقـيد قـسـت وفرتـه يا كعبـة الحسن لـيس يحسن أن يا أسعـد الخـال فـوق وجنتـه يا آس فوق الشقيق مَـن رقـمك من ملأ الريـق بالرحيـق ومـن من فيك أجرى نواظـري سحبـاً بميسم الشوق قـد كـوى كـبدي أنشـاك لـي نـشـوة ومنتزهـاً مولاي هـل أنـت راحـم كلفـا والشعـر أهـوى مقبلاً قدمك فليتني قد لثمـت مَـن لثمـك ضرك لو أنني رشفـت فمك فأشك اليه من الذي هضمـك فليحتمل فوق سقمـه سقـمك يقصفك ريح الصبا فما ظلمك فيك ، فان استطع شربت دمك تريع بالصـد من أتى حرمك لقد قضى حجـه من استلـمك يا در بين العقيق من نظمـك بمسك خال عليـه قد ختمـك لما رأت كالوميض مبتسـمك مَن بسمات الجمال قد وسمـك من أودع الراح والأقاح فمـك لو كنت يوماً مكانـه رحمـك


(245)
    وقال من قصيدة :
الدهر أبدع فيك فعله ولقد ملكت نصابـه انــا توجهنا اليـك عجباً لدين هواك شا ولهّتَ قلبي في الهوى ارحم عزيزاً لـم يكن دنفـاً إذا نام الـورى حتى حباك الحسن كله أفـلا تزكّيـه بقبلـه وأنت للعشــاق قبله ع نظامه في كل ملّـه عطفاً على قلبي المولّه لولاك يرضى بالمذلـه سهر الدجـى إلا أقلّـه
    وتحدثتُ يوماً في موقف من مواقف الخطابة عن ميلاد أمير المؤمنين عليه السلام فروى لي من شعره قوله :
لما دعـاك قدماً لأن جزيته بين قريش بأن تولـد في البيت فلبيتـه طهّرت من أصنامهم بيته
    ومن محاسن التواريخ قوله مؤرخاً وفاة الزعيم السيد نور السيد عزيز الياسري :
هذا ضريح فيه نور الهـدى وكيف يخشى ظلمات الثرى وهو بنور الله مغمور أرخ ضريح ملؤه نور
    وكتب على الصورة :
انظر إلى هذا المثال فكل ذي بصر يراه يقول هذا نورُ
    ومن نوادره قوله لما كتب السيد محسن الأمين ( التنزيه لأعمال الشبيه ) وهي مجموعة ظنون نقلت اليه فبنى عليها واعتقد بصحتها فاندفع يكتب قال السيد رضا :
ذرية الزهراء ان عـددت فلا تعـدّوا محسناً منهـم يوماً ليطري الناس فيها الثـنا لأنها قـد أسقـطت محسنـا


(246)
    وأرخ عام مقتل الإمام الحسين عليه السلام :
صرخ النادبون باسم ابن طاها لم يصيبوا الحـسين إلا فقيـداً وعليه لم تحبس الدمعُ عينُ حينما أرخوه ( أين الحسين )
    وقال مؤرخاً تجديد باب الإمامين العسكريين في سامراء سنة 1345 ه‍.
قـل لمن يمموا النقـى وأمّـوا جئتـم سر مـن رأى فاقيمـوا زرتم لـجتي عطـاء وفضـل خيرة الناس هم ومَن ذا يساوي قيل أرخ باب التقـي فأرخّـت ( ادخلوا الباب سجـداً إن بـاب من حمى العسكري أفضل خطه أبد الدهر في سـرور وغبطـه يغتدي في يديهما البحـر نقطـه في المزايا آل الـنبي ورهطـه ببيت فـي قلبي الـوحي خطـه العسكريين دونـه بـاب حطـه )
    وذكر الشيخ السماوي في ( الطليعة ) نماذج من أدبه الحي وألوان من غزله الرقيق ما تطرب له القلوب وتهفو له الأسماع وتسيل له القرائح ولولا الإطالة لنقلت كل ما ذكره الشيخ في مخطوطته ولكني أروي ما علق بالذاكرة من تلك الدرر ، قال لي مرة : كتبت رسالة إلى ولدي السيد أحمد ـ وكان مصطافاً في صيدا ـ لبنان ـ وفيها :
وكنا إن أردنا منك وصـلا قصرنا نستعين على التلاقي أصبناه ولـو نمشـي رويـدا باشراك الكرى لنصيد ( صيدا )
    الحلبة الأدبية التي اشترك بها السيد ورائعته المملوءة بالاحتجاج في أيام السلطان عبد الحميد وردت من بغداد قصيدة لعدد من علماء النجف والقصيدة تتضمن الانكار على وجود صاحب الأمر حجة آل محمد وأولها :
أيا علماء العصر يا من له خبـر لقد حار مني الفكر في القائم الذي فمن قائل في القشر لبّ وجـوده وأول هـذيـن الـذيـن تقـررا بكل دقيق حار في مثله الفكـر تنازع فيه الناس والتبس الأمـر ومن قائل قذ ذب عن لبّه القشر به العقل يقضي والعيان ولا نكر


(247)
وكيـف وهـذا الوقـت داع لمثلـه وما هو إلا ناشـر العـدل والهـدى وإن قيل من خوف الطغات قد اختفى ففيه توالى الظلم وانتشر الشـر فلو كان موجوداً لما وجد الجور فذاك لعمري لا يجوّزه الحجـر
    إلى أن يقول :
وإن قـيل إن الاختفاء بـأمر مَـن فـذلك أدهى الـداهيات ولـم يقـل أيعجز رب الخلق عن نصر حزبـه فحتام هذا الاختفـاء وقـد مضـى وما أسعد السرداب في سر من رأى فيا للأعاجيـب التي مـن عجيبهـا فيـا علمـاء المسلـمين فجاوبـوا وغوصوا لنيل الدر أبحـر علمكـم له الأمر في الأكوان والحمد والشكر بـه أحـدٌ إلا أخـو السفـه الغمـر على غيرهم حاشا فهـذا هـو الكفـر من الـدهـر آلاف وذاك لـه ذكـر له الفضل عن أمّ القرى ولـه الفـخر ان اتخـذ السرداب برجاً لـه البـدر بحـق ومن رب الورى لكـم الأجـر فـمنهـا لنا لا زال يستـخرج الـدر
    فانبرى للجواب جماعة من فطاحل الأدب وفرسان الشعر ولغة العرب :
    1 ـ الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء بقصيدة تربو على 300 بيتاً ، على الوزن والقافية نظمها سنة 1317 ه‍. وهي السنة التي وردت بها القصيدة ، والقصيدة مثبتة في مخطوطنا ( سوانح الأفكار في منتخب الأشعار ) ج 4 / 230.
    2 ـ السيد محسن الأمين العاملي بقصيدة على القافية والروي ب‍ 309 بيتاً وشرحها شرحاً مبسوطاً وأسماها ( البرهان على وجود صاحب الزمان ) طبعت بالمطبعة الوطنية بالشام عام 1333 ه‍.
    3 ـ قصيدة الشيخ محمد جواد البلاغي المتوفى 1352 ه‍. أيضاً على الوزن والقافية طبعت في آخر كتابه ( حاشية البيع ) كما أثبتها السيد الأمين في ترجمته في أعيان الشيعة.


(248)
    4 ـ كتاب كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار للعالم الكبير الحاج ميرزا حسين النوري ، طبع سنة 1318 ه‍.
    5 ـ قصيدة الشيخ رشيد الزبديني العاملي المتوفى بالنجف سنة 1317 ه‍.
    6 ـ قصيدة الشيخ عبد الهادي شليلة ابن الحاج جواد البغدادي المعروف بالهمداني والمتوفى سنة 1333 ه‍.
    7 ـ ارجوزة للسيد علي محمود الأمين العاملي المتوفى سنة 1328 ه‍. في ماية وتسعة عشر بيتاً ذكره السيد الحجة السيد حسن الصدر في ( التكملة ).
    8 ـ قصيدة الشيخ محمد باقر الهمداني البهاري.
    9 ـ قصيدة السيد رضا الهندي المترجم له وهذه قصيدته :
يمـثلك الشوق المبـرح والفكـر ولو غبتَ عني ألف عام فإن لـي تراك بكل الناس عيني فلم يكـن وما أنت إلا الشمس يـنأى محلّها تمادى زمان البعـد وامـتدّ ليلـه ولو لم تعللني بـوعدك لـم يكـن ولكن عقبـى كـل ضيق وشـدة وان زمان الظلـم ان طـال ليلـه ويُطوى بساط الجوز في عدل سيدٍ هو القائم المهدي ذو الوطأة التـي هو الغائب المأمول يـوم ظهـوره هو ابن الإمام العسكري محمــد كذا ما روى عنه الفريقان مجمـلا فـأخبارهـم عـنه بـذاك كثيـرة ومولده ( نـور ) بـه يشرق الهـدى فلا حجبٌ تخفيك عني ولا ستـر رجاء وصال ليس يقطعه الدهـر ليخلوَ ربعٌ منك أو مهمـه قفـر ويشرق من أنوارها البر والبحـر وما أبصرت عيني محياك يا بدر ليألف قلبي من تباعدك الصبـر رخاءٌ وإن العسر مـن بعده يسر فعن كثب يبدو بظلمائـه الفجـر لألوية الدين الحنيف بـه نشـر بها يذر الأطواد يرجحها الـذر يلبيه بيت الله والركن والحجـر بذا كله قد أنبأ المصطفى الطهر بتفصيله تفنى الدفاتـر والحبـر وأخبارنا قلّت لها الأنجم الزهر وقيل لظامي العدل مولده ( نهر )


(249)
فيا سائلي عن شأنـه اسمـع مقالـة ألـم تـدر أن الله كـوّن خـلـقـه ومـا ذاك إلا رحـمـة بـعـبـاده ويعلـم أن الفكـر غايـة وسعهـم فـأكـرمـهـم بالمرسليـن أدلـة ولم يؤمن التبليغ منهم مـن الخطـا ولو أنهم يعصونه لاقتـدى الـورى فنزهـم عن وصمة السهو والخطـا وأيـّدهـم بالمعـجزات خـوارقـا ولم أدرِ لم دلّت على صدق قولهـم ومن قال للناس انظرو في ادعائهم ولو أنهم فيـما لهـم مـن معاجـز لغـالى بهـم كل الأنـام وأيقـنوا لذلك طــوراً ظـافـرين تراهُـم كذلك تجري حكمة الله في الـورى وكان خلاف اللطف واللطف واجب هـي الـدر والفكر المحيط لها بحر ليمـتثلـوه كـي ينالـهـم الأجـر وإلا فمـا فيـه إلـى خلقهـم فقـر وهـذا مقـام دونـه يقـف الفكـر لما فيه يرجى النفع أو يختشى الضر إذا كان يعروهم من السهو ما يعـرو بعصيانهم فيهـم وقـام لهـم عـذر كما لم يدنس ثـوب عصمتهـم وزر لعاداتنا كـي لا يقـال لهـا سحـر إذا لـم يكن للعقـل نـهيٌ ولا أمـر فإن صـح فليتبعهـم العبـد والحـر على خصمهم طول المدى لهم النصر بـأنهـم الأرباب والـتبـس الأمـر وآخـر فيهـم ينشب الناب والظفـر وقـدرتـه فـي كل شيء لـه قـدر إذا من نـبيٍّ أو وصيٍّ خـلا عصـر
    وجوب عصمة الأنبياء :
أينشيء للانسان خـمس جـوارح وقلباً لها مثل الأميـر يـردهـا ويترك هذا الخلق في ليل ضلّـةِ ( فذلك أدهى الداهيات ولـم يقـل فأنتج هذا القول إن كنت مصغياً تحسّ وفيها يدرك الـعين والأثـر إذا أخطأت في الحسّ واشتبه الأمر بظلمائه لا تهتدي الأنجـم الزهـر به أحدٌ إلا أخـو السفـه الغمـر ) وجوب إمام عـادل أمـره الأمـر


(250)
    الإستدلال بكتبهم :
وإمكان أن يقـوى وإن كـان غائبـاً وإن رمت نجح السؤل فأطلب ( مطالب ففيـه أقـرّ الشافـعي ابـن طـلحة وجـادل مـن قـالوا خـلاف مقاله وكـم للجـوينيّ انتـضمن فـرائـد فـرائد سـمطيـن المعالـي بدرّهـا فوكّـل بها عينيـك فـهي كواكـب على رفع ضرّ الناس إن نالها الضر السؤال ) فمن يسلكه يسهل له الوعر برأي عليه كـل أصحابـنا قـرّوا فكان عليهم في الجدال لـه النصـر من الدر لـم يسعد بمكنونها البـحر تحلّـت لأن الحـلي أبهـجه الـدر لدرّيهـا أعـياني العـدّ والحـصر
* * *
ورد من ينابيـع المودة مـورداً وفتّش على كنز الفرائد واستـعن ولاحظ به ما قد رواه الكراجكيّ وقد قيل قدماً في ابـن خولة إنه وفي غيره قد قال ذلك غيرهـم ومـا ذاك إلا لليقيـن بقـائـم وكم جدّ في التفتيش طاغي زمانه وحاول أن يسعى بإطفاء نـوره وما ذاك إلا أنه كـان عنـده به يشتفي من قبل أن تصدر الصدر به فهو نعم الذخر إن أعوز الذخـر من خبر الجارود إن أغـنت النـذر لـه غيـبة والقائـلون بهـا كثـر وما هم قليل في الـعداد ولا نـزر يغيـب وفي تعيينه التمـس الأمـر ليفشـىَ سـرّ الله فـانكـتم السـر ومـا ربحـه إلا الندامـة والخسـر من العترة الهادين في شأنـه خبـر
* * *
وحسبك عن هذا حديث مسلسل بأن النبي المصطفى كان عندها فأخبـر جبـريل النبي بأنــه وأن بنيـه تسعـة ثـم عدّهـم وأن سيطيل الله غيبة شخصـه لعـائشـة ينهيـه أبنـاؤها الغـر وجبريل إذ جاء الحسين ولم يدروا سـيقتـل عـدوانا وقاتلـه شمـر بأسمائهـم والتاسع القائـم الطهـر ويشقى به من بـعد غيبتـه الكفـر


(251)
وما قال في أمر الإمامـة أحمـد فقد كاد أن يرويـه كـل محـدث وفي جلّهـا أن المطيـع لأمرهـم ففي أهل بيتي فلـك نـوح دلالـة فمن شاء توفيق النصوص وجمعها وأصبح ذا جـزم بنصـب ولاتنـا وآخـرهـم هـذا الذي قلـت أنـه وقولــك ان الوقت داع لمـثلـه وقولــك ان الإختفـاء مخـافـة فقل لي لماذا غاب في الغار أحمـد ولِـم أُمـرت امّ الـكليـم بقـذفـه وكم من رسول خاف اعداه فاختفى ( أيعجز رب الخلق عن نصر حزبه وهـل شاركوه في الذي قلت انـه فقل فيه ما قد قلت فيهـم فكلهـم وإظهار أمر الله مـن قبل وقتـه وإن تستـرب فيه لطـول بقائـه ومكـث نبـي الله نـوح بقومـه وإني لأرجو أن يحيـن ظهـوره ويحيى به قطر الحيا ميّت الثـرى فتخضرّ مـن وكّاف نائـل كفـه ويطهر وجه الأرض من كل مأتم وتشقى به أعناق قـوم تطاولـت وأن سيليها اثنـان بعـدهمـا عشـر وما كاد يخلـو مـن تـواتره سفـر سينجو إذا ما حاق في غـيره المكـر على من عناهـم بالإمامـة يا حـبر أصـاب وبـالتوفـيق شـُدّ لـه أزر لـرفع العمـى عنا بهـم يجبر الكسر ( تنازع فـيه الـناس والتبس الأمـر ) إذا صحّ لـم لا ذبّ عـن لبّـه القشر من القتـل شيء لا يجـوّزه الحجـر وصاحبه الصديـق إذ حسُـن الحـذر إلى نيل مصر حين ضاقت بها مصر وكـم انبيـاء مـن اعاديـهم فـرّوا على غيرهم كلا فهـذا هـو الكفـر ) يـؤول الـى جـبن الإمـام وينجـرّ على مـا أراد الله أهـؤاؤهـم قصـر المؤجل لم يوعـد على مثلـه النصـر أجـابك إدريس والـيـاس والخضـر كذا نوم أهل الكهف نـصّ به الذكـر لينتشر المعروف فـي النـاس والـبر فتضحك من بشر إذا ما بكا القطــر ويـمطـرها فيض النجيـع فتحمـرّ ورجس فـلا يبقـى عليهـا دم هـدر فتأخذ منها حظهـا البيـض والسمـر


(252)
وخذه جواباً شافياً لـك كافيـاً وماهو إن انصفته قول شاعـر ولو شئت إحصاء الأدلة كلهـا وفي بعض ما أسمعته لك مقنع وان عاد إشكال فعد قائلاً لنـا معانيه آيـات وألفاظـه سحـر ولكنـه عقـد تحلّى بـه الشعـر عليك لكل النظم عن ذاك والنثـر إذا لم يكن في اذن سامعـه وقـر ( أيا علماء العصر يا من لهم خبر )
    ومن اشعاره حيث يطلب الرحمة من الله يوم النشور فيقول :
إلهي إذا أحضرتني ونشرت لي فقل لا تعدّوه وان كان حاضراً صحائف لاتبقى علي ولا تـذر فقد كان عبدي لا يعد إذا حضر
    ومن اشعاره :
أرى الكـون أضـحى نـوره يتوقـد وإيوان كسـرى انشق أعلاه مـؤذنـاً أرى امّ الشـرك أضحــت عقيمـةً نعم كاد يستولي الضلال على الـورى نـبـي بـراه الله نـوراً بـعـرشـه وأودعه مـن بعـد فـي صلـب آدم ولـو لم يكن في صلـب آدم مودعـاً لـه الصـدر بيـن الأنبيـاء وقبلهـم لأن سبقـوه بـالـمجـئ فـأنـمـا رسول له قـد سخّـر الـكـون ربـه ووحـده بـالـعـز بـيـن عبـاده وقـارن مـا بين اسمـه واسم أحمـد ومـن كـان بالـتوحيـد لله شاهـداً ولـولاه مـا قـلنـا ولاقـال قـائـل لأمر به نيران فـارس تخمـد بأن بناء الـدين عـاد يشيـد فهل حان من خير النبيين مولد فأقبل يهدي العالمين ( محمد ) وما كان شيء في الخليقة يوجد ليسترشد الضلال فيه ويهتـدوا لما قال قدماً للملائكة اسجـدوا على رأسـه تـاج النبوة يعقـد أتـوا ليبثـوا أمـره ويمهـدوا وأيده فهـو الرسـول المؤيـد ليجروا على منهاجه ويـوحّدوا فجـاحـده لاشـك لله يجـحد فذاك ( لطه ) بالرسالة يشهـد لما لك يوم الديـن أيـاك نعبـد


(253)
ولا أصبحت أوثانهـم وهـي الـتي لآمنـة البشرى مدى الدهر إذ غدت به بشر الانجـيل والـصحف قبلـه بسينا دعـا موسى وساعـير مبعث فمن أرض قـيذار تجلّـى وبعدهـا فسل سفر شعـيا ماهتافهـم الـذي ومن وعد الرحمـن موسى ببعـثـه وسل من عنى عيسى المسيح بقولـه لعمرك أن الحـق أبيـض ناصـع أيخلد نحـو الأرض متّبـع الهـوى ولولا الهوى المغوي لما مال عـاقل ولا كان أصناف النصارى تنـصروا أبا القاسم أصدع بالرسالـة مـنذراً ولاتخشى من كيد الأعادي وبأسهـم أيحذر من كيد المضلّـين مـن لـه علي يـد الهادي يصول بهـا وكـم وهاجر بالزهراء عـن أرض مكـة علـيك سلام الله يـا خيـر مرسـل حباك إلـه العـرش منـه بمعجـز دعوت قـريشاً أن يجيئـوا بمثلـه وكـم قد وعـاه منهـم ذو بلاغـة وجئت إلى أهـل الحجـى بشريعـة شريعـة حـق ان تقادم عـهدهـا عـليـك سـلام الله ما قـام عابـد لهـا سجدوا تهوي خشوعاً وتسجـد وفي حجرهـا خيـر النبيين يولـد وان حاول الاخفـاء للحـق ملحـد لعيسى ومـن فاران جـاء محمـد لسكـان سلع عـاد والعـود أحمـد بـه أمـروا أن يهتفـوا ويمجّـدوا وهيهات للرحـمن يخلـف موعـد سأنزله نحو الورى حـين أصعـد ولكنمـا حـظ ( المعانـد ) أسـود وعـما قـليل في جـهنـم يخلـد عن الحق يوماُ كيف والعقل مـرشد حديثـاً ولا كـان اليهـود تهـودوا فسيفك عن هام العدى لـيس يغمـد فإنّ ( عـلياً ) بـالـحسام مقـلـد ( أبو طالب ) حام وحيـدر مسعـد لوالده الـزاكي علـى أحـمـد يـد وخلّ ( علياً ) في فـراشك يرقـد اليـه حـديث الـعز والمـجد يسند تـبيد اللـيالي وهـو بـاق مـؤبّد فما نطقوا والصمت بالعـيّ يشهـد فأصبـح مبهـوتـاً يقـوم ويقعـد صفا لهم من مائهـا الـعذب مورد فما زال معنـى حسنهـا يـتجـدد بجنح الدجى يدعو ومـا دام معـبد


(254)
    أما قصائده الحسينية التي تتكرر في المحافل والتي تتردد على كل لسان من خطباء وغيرهم فهذه مطالعها :
1 ـ كيف يصحو لما تقول اللواحي 2 ـ أيّان تنجز لي يا دهر ما تعـد 3 ـ أو بـعدما ابيضّ القذال وشابا 4 ـ إن كان عندك عبـرة تجريها 5 ـ يا دمع سـح بوبـلك الهتـن مَن سقتـه الهمـوم أنكـد راح قد عشّرت فيك آمالي ولا تـلد أصبو لوصل الغيد أو أتصابـى فأنزل بأرض الطف كي نسقيها لتحول بيـن الجـفن والـوسن
    أما الرائعة التي ختم بها حياته وطلب أن تكون معه في قبره فهي هذه القطعة الوعظية :
أرى عـمري مؤذنـاً بالذهـاب وتـفجـأنـي بـيـض أيامـه فـمن لي إذا حان مني الحـمام ومـن لـي إذا قلبتنـي الأكـف ومن لي إذا سرت فوق السريـر ومن لي إذا ما هـجرت الديـار ومن لـي إذا آب أهـل الـودا ومن لـي إذا منكـر جـد فـي ومن لـي إذا درسـت رمتـي ومن لي إذا قـام يـوم النشـور ومن لـي إذا نـاولونـي الكتاب ومن لي إذا امـتازت الفرقتـان وكيـف يـعاملني ذو الجـلال أباللطف وهو الغفـور الرحيـم تمـرّ لياليـه مـرّ السحـاب فتسلـخ مـني سـواد الشباب ولم أستطع منه دفعاً لما بـي وجـردني غاسلي مـن ثيابي وشيل سريري فوق الـرقاب وعوضت عنها بدار الخراب دعني وقد يئسوا مـن ايابي سؤالي فأذهلني عـن جوابي وأبلى عظامي عفر التـراب وقمت بـلا حجـة للحساب ولم أدرِ ماذا أرى في كتابي أهل النعيم وأهـل العـذاب فأعرف كيف يكون انقلابي أم العدل وهو شديد العقـاب


(255)
ويا ليت شعـري إذا سامـني فهل تحـرق النار عيناً بكـت وهل تحرق النار رجلاً مشت وهل تحرق النار قلباً أُذيـب بـذنبي وواخذني باكتسابـي لرزء القتيل بسيف الضبابي إلى حرم منه سامى القباب بلوعة نيران ذاك المصاب
    كانت وفاته بالمشخاب فجأة بالسكتة القلبية وذلك بعد ظهر يوم الاربعاء 22 جمادى الأولى سنة 1362 ه‍. المصادف 26 مارس سنة 1943 م. وحمل جثمانه على الأعناق إلى قضاء أبي صخير فالنجف في صبيحة اليوم الثاني وكان يوماً مشهوداً حتى دفن بمقبرة الاسرة الخاصة ، وأقام زعيم الحوزة الدينية السيد أبو الحسن الفاتحة على روحه في مسجد الشيخ الانصاري بالقرب من دار الفقيد وكنت أقوم بتأبينه في الأيام الثلاثة التي عقدت بها على روحه الفاتحة.
    وللسيد رضا الهندي نتف نوادر تكتب بمداد من نور ، فمنها هذان البيتان وقد كتبهما بمداد أحمر في صدر كتاب :
إذا جرى أحمراً حبري فليس لما لكن لأخبر كم أن الفـراق نضا أني حبست سواد العين عن قلمي عـليّ أسيافـه حـتى أراق دمي
    وقال متضمناً :
غير موصوف لكـم ما نالنا وأرعووا العهد الذي ما بيننا فصفوا لي بعدنا ما نالكم واذكرونا مثل ذكرانا لكم
    وكتب إلى أحد الأفاضل وكان قد وعده بزجاجة عطر :
أبا الفضل يا من غدت في الورى وعـدت بشيشـة عـطـر ولا نـوافح أخلاقه نافحه أشمّ لوعدك من رائحه
    وقال :
غزا مهجتي بصفاح اللحاظ ولـم أر مـن قبل أجفانـه ولوعٌ بظلمي لا يصفحُ جنوداً إذا انكسرت تفتح
ادب الطف الجزء التاسع ::: فهرس