ادب الطف الجزء التاسع ::: 271 ـ 285
(271)
كم بموسى الحجام عـاد كليمـا لو على ابن الهموم ضاق خناق عمـمـوه بلـؤلـؤ وعقـيـق وهو وادي العقيق كم جمـرات موقـد شعلـة كعلـوة عمـرو ذو بيان لو خاصم الجمـر فيـه وأديـب لا بـابـلـي ولـكـن أنا ضـام ولـم أرد نهـر فيـه صعقاً خـرّ بالدمـاء مضـرج وكشفنـا عنـه لقلنـا تـفـرج فهـو ملــك معمـم ومتـوّج عنه ترمى معصومة ساعة الحج من سناها نـار البروق تـأجـج لانطفـا حـرّه وبـاخ وأثلـج فمه فـي فـم المقبّل قـد مـج حيث فيه من العوارض كوسـج
    وسمعت الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء يتحدث عن شاعرية الشبيبي الكبير ويقول كنا بصحبة والدي الهادي في شريعة الكوفة واتخذنا المسجد مقراً لنا فزارنا الشيخ الجواد وكان نازلاً على النهر فشكونا عدم وجود حليب البقر ، والطبيب يوصي باستعماله فقال الشيخ : إنه متوفر بالقرب منا وأخذ يرسل لنا كل يوم زجاجة مملوءة وكان يختم رأسها ببطاقة فيها قصيدة من نظمه.
    وكتب للعالم الجليل الشيخ أحمد كاشف الغطاء على سبيل المداعبة :
يمن لذاتك بيت من علاً سمكا وخصّني فيه فرداً لا يشاركني أما اعتبرتَ بهم يوم الهريسة مذ قالوا لنا سرر البُنيّ نقسمها صيّر غداي غداة الاربعا سمكا سواك ، فالنفس تأبى الشرك والشُركا ألقوا أناملهم من فوقها شَبَكا ما بيننـا والبقايـا والجلـود لكـا
    وسمك ( البُنيّ ) هو المفضّل من الأسماك في شط الفرات وموضع السُرّة منه أطيب المواضع.
    وفي مجلس ضمّ نخبة من الادباء العلماء وهم الشيخ الشبيبي والشيخ آغا رضا الأصبهاني والشيخ هادي آل كاشف الغطاء والسيد جعفر الحلي صاحب ديوان ( سحر بابل ) وفي يد أحدهم كتاب ( العقد الفريد ) لابن عبد ربه إذ مرّت


(272)
فقرة من كلام العرب وهي : نظرت بعيني شادنٍ ظمأن. فاقترح أحدهم أن يشترك الجميع في جعل هذه الفقرة مطلع قصيدة ، فاستهلها لسماحة الشيخ الهادي بقوله :
نظرت بعيني شادن ظمأن ظمياء بالتلعات من نعمان
    فقال سماحة الشيخ الشبيبي :
وتمايلت أعطافها كغصونها ما أشبه الأعطاف بالأغصان
    وقال السيد جعفر الحلي :
وشدا بذاك الربع جرس حلّيها فتمايلت طرباً غصون البان
    وتبعهم سماحة الشيخ الأصفهاني بقوله :
هيفاء غانية لها من طرفها أسياف غنج فقن كل يمان
    وإذا هي قصيدة عامرة في 56 بيتاً مثبتة بكاملها في ديوان سحر بابل.
    وقال :
لا أكثر الله من قومي ولا عـددي لي قاتلٌ فـوق خدّيـه دمي ولـه وخـادعٍ جـاء فتّانـاً بنـغمتـه مُصفـدي بقيـود لا فكـاكَ لهـا حسا البحارَ وفـي أحشائه طمـعٌ واستوعبَ الماء لا من غُلةٍ وظماً إن لم يكونوا لدى دفع الخطوب يدي حُكـمٌ يُخـوّلـه أنّ القتيـل يـدي حتى استقـرّ فكانـت زأرةُ الأسـد واضيعةَ النفس بين القيـد والصَفـد إلى امتصاص بقايـا النـزرِ والثمد وصاحـب الماء ظمآن الفؤاد صدي
* * *
البس لخصمك ـ إن لاقاك مفترساً ـ فها هي النثـرةُ الحصـداء تخرقهـا وقـل لشعبك يجمـع شملـه لـعـلاً مطروقةَ الصبر لا منسوجةَ الزرد يد القوي التـي تعي عـن الجلـد فلا تُنال العـلا في شملـه البـدد


(273)
ولينتفض من غبار الموت متحـداً سـرّ التقـدم أن القـومَ سعيهـم إجعـل لنفسك من معقولها عُـدداً قد ضعّف الحق مَن تُطوى طويته ركّن مقرّك تأمـن كـل قارعـة وذُمّ كـل فـرار مـن مـبارزةٍ لا تقرب الحشد مرفوعاً به زجلٌ أحلى الحديث حديثٌ قال سامعُـه شتـان بيـن خطيبي أمةٍ خَـطبا هذا يجيء بزُبد القولِ ممتخضـاً فالموتُ أولى بشعـب غير متحـد لغايـة وحـدوهـا سعـيَ منفـرد فعُدة العقل كـم تأتي عـلى العـدد على البغيضين ، سوء الخُلق والحسد إن العواصفَ لا تقوى عـلى أحـد إلا فـرارك مـن غـيٍّ إلى رشـد إن لم يكن لصلاح الشعـب والبـلد لمـجتليـه اسـقني مشمولَـه وزِد سارٍ على القصد أو ناءٍ على الصدد وذاك يجمعـُه مـن ذاهـب الزَبَـد
* * *
يا من يسودُ قـبيلا وهـو سـؤدده واختر رجال المساعي الغر مدخراً وارصُد بهم من كنوز السر أثمنهـا إن الرجـال دنـانيـرٌ وأخلصهـا ولا يغرنّك من تحت الـردا جـسدٌ لا يكسب الطوق حسناً جـيد لابسه والناس كالنبتِ منـه عرفـجٌ وكباً والشعر كالسحر في مهد الخيال معاً لكنما السحـر مطبـوعٌ على عُقَـد أسدد طريقَ العلا من هظمه وسُد منهم بيـومك هـذا معقـِلا لغـد فقد تباح إذا أمسـت بـلا رصـد من كذّب السبكُ فيه قـول منتقـد فالمرء قيمتُه بـالروح لا الجسـد وإنـما حـسنـه الـذاتيّ بالجـيد والشعر كالناس مـنه جـيّدٌ وردي تجاذباً حـلمـةً واستمسكـا بثـدي والشعر مطبوعه الخالي عن العُقَـد
* * *
كان الضعيف إذا مدّ القـوي يـداً واليوم ظلّ ضعيف القوم مضطهداً كم شجّة أوضحتـه وهو معتـدلٌ ببيت مضطرباً فـي موطن قلـق لظِلمه ردّها مدفوعـةً بيد وارحمتاه لمظلومٍ ومضطهد كما تعاقبَ طُرّاق على وَتد كأنه زئبقٌ في كفّ مرتعـد


(274)
    وقال أيضاً :
بكّر على صيدك فالوقت فرص وابتدع الآثـار يُقفـى نهجهـا واجعل لهذي النفس منك قـوةً ولا تـقـل كـان أبـي فإنما إعمل فما بعد الصبا من عمل إذا تكاسلت فما تربـح سـوى وطامـع لـم تـكفـه جفنتـه تطاحنت محالـك الدنيـا لـه فهـل تـراه قـانعـاً أم أنـه فلا يلـومـنّ سـوى لهاتـه ما أجهل الإنسان اما تستـوي ولا تجئ في أُخريـات مَن قنـص فـخيـر آثـار الفتى مـا يُستقـص يمـكنها الصبر على صاب الغصص حديثه الماضـي أساطيـر قـصص والبـدر إمـا بـلـغ التـمّ نقـص ما تترك الموسى بعارض الأحـص وكم ذبيـح في حواشيهـا فحـص وقسّمت من أجلـه تلـك الحصص يثرد قرص الشمس مع تلك القرص من جاوز المقدار في المضغ فغص بلاجـة الوجـه لديـه والبـرص
* * *
مَن لي من الفتيان بابن حرةٍ يفتح للقتـام عيـنَ أجـدل إن تدعـه لبّاك منـه ناشيء يقطع بالـرأي وريد خصمه ما نكّس البند ولا يوماً نكـص كأنما العثير كحـل للرمـص قد نشر الوفرة بعد ما عقـص وقوله في موقف الأحكام نص
    يا ربة الفسطاط :
تسافل الصدق بأرقى العصور وانتشر الرعـب بهـذا الفضا واشتمل الدهـر حداد الأسـى فوادح عمّـت فأضحت لهـا وصوّحت أرياف هذي الدنـا وانتبه الفاجـرُ مـن نومـه واحتجـب الحق بعهـد السفـور فكـل يـوم هـو يـوم النشـور مذ عوفي الحزن ومات السـرور جـداول تعـمى وعـين تغـور فأين ـ لا أين ـ رياض الزهور إلـى الـدعارات ونـام الغيـور


(275)
وباغـت الخلق انعكـاس ولا صدور قوم أصبحت في القفا لا يفخـر الداني إذا ما عـلا يعتدل العيـش بعكس الامـور وأظهر حلّت محـلّ الصـدور إن اللباب المحض تحت القشور
* * *
آلفـة القبـة أيـن الخـبا ، طبعك طبع الـريم لـو أنـه لكنما نسمـةُ هـذا الهـوى لا ترفعي الرُقع في موكـب ولا تزوري في الدجى جارة وربة الفسطـاط أين الخـدور دام على عادتـه فـي النفـور ما قويـت إلا لرفـع الستـور وجهك فيه يا ابنة العرب ( نور ) ففي غواشي الليل إفـك وزور
    بلادك :
بـلادك إنها خيـر البقـاع بلادك أرضعتك العز فاحفظ بلادك أصبحت لحماً غريضاً فقل للضاريـات ألا اقذفيـه أرى ضرماً وليس له لهيـب وأنسمة يسبـل السمنُ منهـا وقطعانا تـلاوذ وهي سغـب فما زالت على فزع ورعـب نظرنا في السياسة فاجتهدنـا فألـفينـا بحيرتهـا سَرابـاً إذا كالـت فقيـراط بصـاع فقـم ثبـّت بهـا قـدم الدفـاع لها حـق الامومـة والرضـاع تمطـق فيـه أشـداق السبـاع ففـي أوصالـه سـمّ الأفاعـي وهل نـار تكـون بـلا شعـاع تـوزع بـيـن أفـواه جـيـاع وتمنـع عـن مدانـاة المراعـي تفرّ مـن الذئاب إلـى الضبـاع وخضنا في القيـاس وفي السماع يحـوم الوهم منـه على التمـاع أو اكـتالـت فقـنطـار بصـاع


(276)
    ومن روائعه قوله :
يا ما طل الوعـد ما هـذي الأساطيـرُ الـعـدل منـك سمعنـاه ولـم نـره إن قلت عصري عصر النـور مفتخراً وهـل يفيـد جمال الـوجـه ناظـره أفـراد قومك عاشـوا عيشـة رغـداً بيوتهـم مـن بيـوت الشعب مدخلهـا تمسي سـواءً لـو أن الحـال أنصفهـا أقـول للـغـرف اللاتـي ستائـرهـا تواضعي واعـرفي قـدر البُنـاة فمـن فأيـن مـا ثبـت البانـون مـن أُطـم هـذا الخـورنق مطمـوس بـلا أثـر يا حارث الأرض والساقـي وباذرهـا إذا أتـاك رجـال الخـرص فألـقهـم إن باغتـوك بنـار شـبّهـا غضـب فأحفظ بقايـا حبـوب منهـم سقطـت طارت من الغـرب والأطماع أجنحـة ألا نكيـرَ عـلـى أعـلام حـاضـرة كـالعبـد صبغتـه السـوداء ثـابتـةٌ تقدمـوا فانتـظـر يومـاً تأخـرهـم لا تعجبـن إذا راجـت لـهـم صـور ولا تـخـل أنهـم حـرّاس ممـلكـة مـن الغرائـب أن الهـرّ فـي وطنـي زادت على السمع هاتيك المعاذير والجور منك أمام العين منظـور فظلمة الظلم ما في فجرها نـور والبرقع الدكن فيه الحسن مستور وما دروا أنها ماتـت جماهيـر ومـن عمايره تلـك المقاصيـر لكنمـا هـي مهـدوم ومعمـور لها بمسح جبيـن الشمس تأثيـر صنايع الشعب رصتك المقاديـر وأين ما شاده كسـرى وسابـور وذي المدائن لا بهـوٌ ولا سـور قتّـر إذا نفـع المحـروم تقتيـر بطلعة برقـت منهـا الأساريـر وسعّرتها من العسف الأعاصيـر فـلـلبقايـا ببغـداد منـاقـيـر والغاية الشـرق واللقـط الدنانيـر قضت بتعريفهـم تلـك المناكيـر على المسمى بهـا والاسم كافـور والدهـر يومـان تقديـم وتأخيـر فالعصـر رائجـة فيه التصاويـر فطالمـا تسرق الكـرم النواطيـر ليـثٌ يـدلُّ وان اللـيـث سنـّور


(277)
جرياً على العكس كم وجه يكون قفـاً يا لانقلابٍ بـه العصفور صقر ربـى تبـدل الناس والأرض الفضاء علـى يا من رأى الدير والخابور مـن قـدم خوفي على الوطـن المحبوب ألجمني كـأنني مـذ غـدا حتماً عـلى شفتي أفحص فؤادي يا دهر تجـد حجـراً يُرمى البرئ نزيـه النفس طاهرهـا مثل البغيـة يطـوي العهـر رايتهـا فيـا سيوفاً قيـون الغـدر تشهرهـا نحرتـم وطعنتـم قلـبَ مـوطنكـم لا تستهينـوا بضعـف في جوارحنـا كبرتـم الأنفـس اللاتـي مشاعـرها زجاجـة الخـط ان أمسـت تكبّرهـا مطـاول الفلـك الأعلى قصرت يـداً ما في يديـك خسوف البـدر مكتمـلاً انظـر إلـى القبـة الزرقـاء عاليـة واستغرق الفكر في مجـرى مجرّتهـا مـوج مـن النـور عـال لا يسكّنـه كأنـه والنجـوم الـزهـر طـالعـة يـا طائـرين علـى بيـض مجنحة وكـم قفـاً ولـه وجـهٌ وتصديـر والصقر ذو المخلب المعوج عصفور أديـمهـا لاح تبـديـل وتـغييـر لا الدير ديرٌ ولا الخابـور خابـور فلـم يـذع لـي منظـومٌ ومنثـور ليـث يكـظ على أشداقـه الزيـر (1) صلـداً ولكنـه بالخطـب منقـور بالموبقات وذنـب اللـص مغفـور وبندُها فـوق ذات الخـدر منشـور ما هكـذا تفعل البيـض المشاهيـر حتـى يقـال مطاعيـن منـاحيـر فـكـم دم قـد أسالتـه الأظـافيـر لها وان طال فيهـا العمـر تقصيـر فالذرّ ليس لـه فـي العيـن تكبيـر فالآن أيسـر مـا حاولـت ميسـور وليس فيها لقـرص الشمـس تكويـر وسقفـهـا بنجـوم الزهـر مسمـور فذاك بحرٌ يفيـض اللطـف مسجـور إلا الـذي مـن سنـاه ذلـك النـور سـجنجـل نبـتـت فيهـا الأزاهيـر حطـوا على الوكنات الجوّ أو طيـروا

1 ـ الزير : الدن.

(278)
ما هذه الأرض تبقى وكر طيركـم لقد أمنتـم على خفّاقهـا خطـراً هوى مـن الجهـة العليا لهوتهـا رحى تدور لهذا القطـر طاحنـة الشرق يبكي وسنّ الغرب ضاحكة يا ربة الخدر عن نظارك احتجبي وطهّـر النفس بالأخلاق فاضلـة شُذّي أزارك ممدوداً فكم نظـري ولا الوقوف لها في الجور مقدور وكم تجيءُ من الأمن المخاطيـر والصور منحطمٌ والظهر مكسور ومن مطاعمهـا الديـار والدور لصوتها أهـو رعد أم مزاميـر إن الحجاب لمنصوصٌ ومأثـور فـانهـا لـك تنزيـه وتطهيـر على الخيانة أضحى وهو مقصور
    ومن شعره أيضاً :
هذه خيلنا الجياد الصفوافن لا تسسها فكم بها ذات متن نفرت عن منابت الهون مرعىً أن تفض في الرمال فهي سيول تطحن الشوس في رحاها دقيقاً لست أدري مطاعم من كرام كيف تظمى والبيض مثل السواقي عبرت لجة المنايا وجازت ورأت من صنايع البيض فيها يا له موقف اختلاط فسهم ومخاليب أجدل في سييبٍ أين لا أينها أخافت فأمسى باعدت مشرع الفراتين طوعاً ما ظننا أن السوابق منها ما أراها هانت فذلّت ولكن أنفت أن تقاد في يد راسن يدرك الحس من يمينك ماين ويداها ما خاضتا الماء آجن أو تخض في الدماء فهي سفائن والدم الماء والنسور العواجن الطير للوحش في الوغى أم مطاعن مائجات يفعمن غدر الجواشن ساحليها مياسراً وميامن بأكف الجرحى الرماح محاجن في قراب وانصل في كنائن ونواصي طمرةٍ في براثن سبّها في الوكون ليس بآمن وعلى الكره تحتسي النزر آسن ملحقات بما اقتناه المراهن درست حال شعبها المتهاون


(279)
فبكتـه الآمــال دوح خـلاف أي دوح فـي أصله عـذل لاحٍ ضعفت أنفسٌ ترى فـي دواهـا وإذا صـارع المريـض المنايتا كيف يرجى إشفاق أعدى طبيب يصف الهدم للجسـوم علاجـاً ناعم البال لـيس تزهـو بشيء إن من بات فوق ليـن الحشايـا قد يعيـن العِـدا عليـه بـرأي ظهـرت للعيـان منـك خفايـا قلـت انـي للمحسنيـن مسـاو يا دريس الآثـار جـدد حديثـاً أحزم النـاس ناهـض بعظـام كم ركبنـا ليستظـل ابـن فجّ كـم صروح تبلّطـت برخـام قل لأهل السواد لا جـاورتهـم ضربتكـم أيديكـم فافتـرقتـم وضيع قضـي عليهـا ضيـاع فلقتكـم فواحـصٌ مـذ رأتكـم لم يقـم تحـت ظلـه متضامـن وعلـى فـرعـه ترنّـم لاحـن وهـو الـداء حفظهـا بمعـاون والطبيـب العـدو فالمـوت حاين حرّك الداء طبعـه وهـو ساكـن فكـأن البنـاء نقـض المساكـن نعمـة لا يـذبّ عنهـا مخاشـن غير موف عهـداً عليـه لخايـن وبـسيـف مـصالـح ومهـادن ومـن الستـر إن يكـنّ كوامـن والمسـاوي تقـول أنـت مبايـن مرسلاً عنك لا حديـث العناعـن من مساعيـه لا عظـام الدفائـن من هجير الضحى ويعصـم راكن طحنتها رحى الخطوب الطواحـن فـي البوادي شقايـق وسواسـن وخـلا مـعبـد وفـارق سـادن وكـنـوز تحـوّلـت لخـزائـن هضباً قد ركـدن فـوق معـادن
    وبي ألمٌ :
طبيبي ما عرفتَ عياء دائـي أنا أدري بدائي فهو ضعـف وبـي ألـمٌ يؤرقنـي فتعـي وحمّى خالطت عرقاً بجسمي وأنت معالج الـداء العيـاء السواعد عن صراع الأقوياء يميني فيه عن جذب الـرداء فباتا مزمعين على اصطلائي


(280)
وكنتُ خلقـتُ من ماء وطين مللت العائديـن وقـد أمالـوا وقالوا : إن صحتـه ترقّـت وقالوا : قد شفيت فقلت كفوا أرى شبحاً يسير أمامَ عينـي وآخر عن مظالمـه تنحّـى تبكّيـه المواعـظ لا اختيـاراً مشى في غيـر عادته الهوينى وقـد ألف السكينة لا صلاحـاً فيا كبراء هذا العصـر كونـوا وسيروا فـي تواضعكم بشعب وأنقى ربوة في الأرض قلـب ولا مثل القناعـة كنـز عـزٍ ويا عصر الحديد أوثق وصفّد ويا مطر القذائف كـم شـواظٍ وأذيـال المعاسيـر الحيـارى وعقبى الظلم ان حانت نـزولاً فلا الكاسـي تحصّنـه دروعٌ حياة المـرء أطيبهـا حيـاء وأنفس ما يخلـّف معجـزات ومَن غالى وأغرق في مديـح كمدخـرٍ جواهـره الغوالـي وربّ ممـدّح إفـكـاً وزوراً وما بنـت القوافي بيـت مجد وما أثر الفتى بالشعـر يبقـى فها أنا صرتُ مـن نـارٍ وماء إليّ رقـابَ إخـوان الصفـاء فقلت : أرى انحطاطي بارتقائي فمـن عللـي تعاليـل الشفـاء لغـايتـه فـأحسبـه ورائـي وأكـره فـي مغـادرة الشقـاء فأين الضحـك في زمـن العناء ولـكـن لا يسابـق بالـريـاء كـلـصٍ تـاب أيـام الـوبـاء يـداً تطـوي لبـاس الكبريـاء تـواضعكـم لـه درج ارتقـاء أعـدّ لغـرس فسـلان الأخـاء يـدوم وكـل كنـز للـفـنـاء وكهرب يـا زمـان الكـهربـاء لو دقـك في نفـوس الأبـريـاء بـهـا كـم لاذ أربـاب الثـراء جرى منها العقاب علـى السـواء ولا العـاري يـلاحـظ للعـراء فلا تطـب الحيـاة بـلا حيـاء يـرتـل آيـهـا دانٍ ونـائـي وفـرط حين أفـرط في الثنـاء لشـدتـه فبيعـت فـي الرخـاء أتاه المـدح مـن بـاب الهجـاء لمـن قـد بـات منقـضّ البنـاء ولـكن بـالعـفـاف وبـالابـاء


(281)
ومصطنع الرجال بما توالت إذا دهمتـه نـازلـة فـدوه كذا الانسان مهمـا شاء يعلو عليهم راحتاه من العطاء فسابقهم إلى شرف الفداء وإلا فهو من إبـل وشاء
    ألا قتل الانسان ..
تباعدت عن ريحان ريفك والعصف توسطـتِ أزهـار الربيـع جديبـة خيال الكرى مـا مرّ منـك بمقلـة سهـرت وغلمـان الحدائـق نـوّمٌ وجاورت هاتيك القصـور شواهـقاً طوى السائح المقتص صفحة ذكرها ومـرّ عليها الشاعـر الفحل مطرقاً أجارة هذا القصـر نوحك مزعـجٌ أدرتِ الرحى في الليل يقلق صوتها تطوف عليها بالكـؤوس نواصعـاً يُـرشّفنهـا ما ساغ بالكـأس شربه لـو اسطاع هذا الصرح شحّ بظلـه إلى أين يعلـو فـي قرون حديـده يحاول نطح الكبش وهـو ببرجـه ألا قتــل الإنسـان مـاذا يريـده أبى أن يسـاوي نوعه في شـؤونه وعالـج لاعن حكمة ضـعف نفسه فيا بنـتَ حيّي الركائـب والدجـى ومَن نبـّة الجزار من سنة الكـرى سمعـت الأغاني فاستمالك لحنهـا وأعرضت يا لمياء عن نفحة العرف وكيف يكون الجدب في الكلأ الوحف فرحت من الأشجان مطروفة الطرف أهم حرس الأزهار أم فتيـة الكهـف بدار بلا بهـو وبيـت بـلا سقـف وأصبح مكسوراً لها قلـم الصحفـي كأن لم يكن في شعره بارع الوصف لآنسةٍ فيـه أكبّـت علـى العـزف وجـارتك الحسنـاء تنقـر بالـدفّ كواعب أتراب طبعـن على اللطـف وشربك من ضحٍّ وكأسـك من كـف على بيتك العاري عن الستر والسجف أهل يأت في أمن من الهـدّ والنسـف ويذهل عمـا راع قـارون بالخسـف وقد جاز حـدّ المسرفيـن أما يكفـي فجار على صنفٍ ورقّ على صنـف متى عولج الضعف المبـرّح بالضعف على صهوات الحي منسـدل السـدف لينحرهـا غيـر المسنـات والعجـف وملت ـ وحاشا ـ للخلاعة والقصف


(282)
نشـدتك مـا أحلى وأحسن موقـعاً لك الله ما أحلاك من غيـر حليـة إذا طرق الجاني عريشـك لابسـاً أيرجع فـي خُفّى حنين كمـا أتـى ترومين منه العطف أنى ولم نكـن تنسمت نشـر الـورد وهو لأهلـه ولـو علمـوا أن النسيـم يـسوقه حتـى نبلغ الغايـات سعياً بأرجـل إذا مـا قطعنـا للأمـام فراسخـاً وقفنا نرى ما لا يصـح ارتكابـه ترى يا مريض القلب منك ابن علة وتختار موبـوء المواطـن للشفـا ومن فـرّ فـي لذاتـه عن بـلاده سواء فرار المـرء فـي شهواتـه فمن لك يـا هذي البلاد بمصلـح ويـجعلهـم صفاً لـرأي ورايـة أنغمـة هذا اللحـن أم نغمة الخشـف فجيـدٌ بـلا طـوق واذنٌ بلا شنـف فضاضة وجه قُـدّ من جلـدة العسف بغير حنـان أم تراجـع فـي خـف سمعنا لصمـاء الحجارة من عطـف وما لك منـه غيـر شمـك بالأنـف لساقوكـم يا أبريـاء إلى « العرفـي » تعامـت خطاها عن مقاومة الرسـف نـردّ مسافات مـن الخلـف للخلـف وليـس لنـا أمـر فنثبـت أو ننفـي يعالجهـا جهـلاً بمشمولـة صـرف ومن ذا الذي من موطن الداء يستشفي كمن فرّ عن طيب الحياة إلى الحتـف إلى حيث يردى أو فرارٌ من الزحـف يقـول لأيـدي العـابثيـن ألا كُفـي فإن خالفوه يضرب الصـف بالصف
    تنهدات ..
عـبر الزمان استجلبت عبراتي انى أعان على الجهاد بواحـد انى التفتُ رأيت خطباً هائـلاً وإذا أردت صراعها في نهضة نفسـي لماء الرافدين يسيلهـا يحيا به خصمي فأشرق بالردى لا دجلتي أمّ السيـول بدجلتـي والانت الأيـام صـدر قناتي وخطوبها يملأن ستّ جهاتي فكأنما الأهوال فـي لفتاتـي عاقتني الأيام عـن نهضاتي نفس يصعّده جوى الزفرات وأذاد عنه وفيه ماء حياتي كلا ولا هذا الفرات فراتي


(283)
لي من جناي ـ وما اقترفت جناية ـ واضيـمة الأكفـاء بعـد مناصـب ولوا الامور ولـو أطاعـوا رشدهـم مـن كـل كـأس يستجـد لـنفسـه الناهبـي رمـق الضعيـف وقوتـه قطعـوا البـلاد ومـنهـم أوصالهـا سكروا بخمـر غرورهـم والعامل ـ غزوا المصايـف والهـوى يقتادهـم هـم أغنمـوا مغـذّوهـم وتراجعـوا مـال تـكلفـت الجبـاة بـعسفهـم نهـبٌ مـن الحجرات صيح به وفى طارت شعاعاً فيـه أيـد لـم تـزل أدريـت « عاليـة » المصايـف إنـه سهـرت عيـون العامليـن لحفظـه بـذل القناطيـر الكـرام ومـا دروا فهـم كمن يهب المواشي لـم يكـن يـا مفقر العمـال إن يـك غيرهـم هـم عـدة السلطان فـي الأزمـات هم مالـه المخزون والحـرس الـذي انظـر لحـالتهـم تجـد أحيـاءَهـم باتوا وسقفهـم السمـاء وأصبحـت وتستـروا بيـن الكهوف فأيـن مـا غرقـى وأمـواج الهمـوم تقاذفـت أشواكه والقطف عنـد جناتـي حفظت مقاعـدَها لغير كُفـاة لسعوا وراء الحق سعـيَ ولاة حللاً ولكن مـن جلود عـراة والقاتلي الأوقـات بالشهـوات والقطع يؤلم مـن أكف جُفـاة المجهود بين الموت والسكرات لمسـارح الفتـيـان والفتيـات أفهذه العقـبى مـن الغـذوات إحضـاره لخـزائـن اللـذات عزف القيان يـردّ للحجـرات مخضوبة بالراح في الحانـات مالٌ تحدّر مـن عيـون بُكـاة فأضاعه الأقوام في السهـرات أو ساقها يُجمعـنَ مـن ذرّات فيها لـه مـن ناقـة أو شـاة سببـاً لاثـراء البـلاد فهـات هم حاملوا الأعباء في الحملات يفديه يـوم الروع في الهجمات صوراً مشين بأرجل الأمـوات خيل الجباة تغيرُ فـي الأبيـات رفعوه من طرف ومن صهوات بهـم لشاطي الظلم والظلمـات


(284)
هـذي الضرائب لا تزال سياطـهـا لو يدرك الوطـن الذي ضيمـوا بـه ما هذه الأصوات ضعضعـت الربـى أصدى الحجيـج وقـد أنـاب لربـه أم هـذه الاسـر الكـريمـة أوقفـت أصوات مهتضميـن فـي أوطانهـم وعت الملائك فـي السماء صراخهم عقدات رمـل الـرافدين تضاعفـي قـلّ اصـطبـار النازليك وغلّهـم أرثـي لحاضـرهـم فأحمل بؤسـه قهـرتهـم أُم السـفـور وذلـلـت أصبحن يقعدن الحصيف عن الحجى ما هـذه الوقفـات وهـي خلاعـة ما ان مشيـن وراء سلطان الهـوى منـع الـسفـور كـتابنـا ونـبيّنـا تلك الوجوه هي الرياض بها ازدهت كانـت تكتّـم فـي البراقـع خيفـة واليـوم فتّحهـا الصبـا فتساقطـت صوني جمالـك بالـبراقـع إنهــا وإذا يـلاحقـك الحديـث ولـو أب خير الحديـث إذ جـرى مصبوبـه ايـاك والجـهـر الـذي حصياتـه فالجهر للرجـل المحاجـج خصمـه تستـوقـف الزعمـاء للضربـات مـاذا لقـوا لأنهـال بالحسـرات واستبكـت الآسـاد في الأجمـات طلبـاً لعـفـو الله فـي عرفـات مـن هـذه الأبـواب بالـعتبـات وارحـمتـاه لـهـذه الأصـوات ومن انتجوا في الأرض غير وعاة بعـواصـف الأرزاء والـنكبـات يـزداد بـالابـرام والـعـقـدات والـهـم أحـملـه لـجـيـل آت للناشئات مـصـاعـب العـادات ويقفن أغصانـاً علـى الطرقـات تفضي بهـن لـموقـف الشبهـات إلا سقـطـن بـهـوّة الـعثـرات فـاستنـطـقي الآثـار والآيـات للناظـريـن شقـائـق الوجنـات من أن تمـس حصانـة الخفـرات بـقواطـف الألحـاظ والـقبـلات ستر الحسـان ومظهـر الحسنـات فتـراجعـي عـن غنّـة النبـرات للسامـعيـن بقـالـب الاخـفـات يقذفـن حـول مسامـع الجـارات أو للخطيب يقـوم فـي الحفـلات


(285)
فضل الفتـى إخوانـه بعفافـه وضعي الصدار على الترائب انه وتماثلي في البيت صورة دميـة قد تعشق الحسناء لم ينظر لهـا والعشق أطهر ما يكون لسامـع والوجه مثل الورد لم يك عرضة وبروق ثغرك للمغازل أسقطـت أحدائق الزوراء لاطفك الهـوى قصدوك يقتنصون سربك سانحاً حتى إذا نصبوا الحبال تواثـبوا لعبت مقابيس الطِلابك دورهـا ورأيتها عـجباً فقلت لصاحبـي كان المؤمّل أنهـا نارُ القـرى فإذا هي النار التي سطع السنـا أتخوضها ذمـر الشباب بدافـع هبهم أضاعوا المال في لذاتهـم ما كان أضعفها نفوساً أذعنـت عجز الدليـل بأن يقـرّ سفينهـا وإذا النفوس تلبست فـي جهلهـا قالوا : التمدن ساح واختبر الثرى غرس الخلاف بأرضها فتهدلـت سالت بها عيـن الحياة بزعمهـم يا ظالمين أما لكـم مـن نزعـة وفضلتِ أنت عفائف الأخوات حق عليك فحق نهـدك ناتـي مكنونة الأعضاء في الحبرات إلا المثـال بصفحـة المـرآة الأخلاق لا بتبـادل النظـرات للشـم أصبـح ذابل الزهـرات درر الـحيـا بتـألق البسمات بـعبائـر الأرواح والنسمـات فأزور وجهك مشرق القسمات ووقعت يا زوراء في الشبكات فأذابت الجمرات فـي الكاسات ما هـذه النيـران في الجنـات يا عرب أو هي جذوةُ العزمات منهـا على الأقـداح والجامات من جهلهـم لنتـائج النشـوات أيضاع مثل العقل في الشهوات للجائـرين الوقـت والقـوات يوماً بسـاحل راحـة ونجـاة لا تطمئـن لحكمـة وعظـات فرأى « العراق » سريعة الأنبات منها قطـوف الـويل والهلكات وهـل الحياة تجئ مـن حيات عـن هـذه الأطوار والنزعـات
ادب الطف الجزء التاسع ::: فهرس