الغدير ـ الجزء العاشر ::: 141 ـ 150
(141)
ينزه ذيله عن كل ما يدنس المسلم الصحيح ويشينه ويزري به ؟ أو مس بكرامة من قدس الاسلام ساحته عن كل طعن ومسبة ؟ هذا ابن هند ، وهو ابن النابغة ، وهما هما.
    وهل نسي هاهنا ما عنده من الجرح في رجال هذا الاسناد الوعر لروايته التي أزالت عنه الاشكال الموهوم ، وبينت الوهم المزعوم الواقع في الحديث ، وسكت عما فيه من الغمز ؟ مرسلا إياه إرسال المسلم كأنه جاء بالصحيح الثابت ، وفيه مع رجال مجاهيل سيف بن عمر الذي قال السيوطي نفسه في اللئالي 1 : 199 في غير هذا الحديث : إنه وضاع.
    وقال في ص 429 في حديث آخر : فيه ضعفاء أشدهم سيف.
    وقد فصلنا القول في ترجمة الرجل في 8 : 86 ، و 335 : إنه ضعيف متروك ساقط كذاب وصاع متهم بالزندقة.
    أفبالموضوع المكذوب يزول الاشكال ويبين الوهم ؟ اللهم غفرانك.
    4 ـ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يطلع من هذا الفج رجل من أمتي يحشر على غير ملتي.
    فطلع معاوية (1).
    وفي لفظ ابن مزاحم : يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت حين يموت على غير سنتي. كتاب صفين ص 247.
    أخرجه الحافظ البلاذري في الجزء الأول من تاريخه الكبير قال : حدثني عبد الله بن صالح ، حدثني يحيى بن آدم عن شريك عن ليث عن طاووس عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت يوم يموت على غير ملتي.
    قال : وتركت أبي يلبس ثيابه فخشيت أن يطلع فطلع معاوية.
    وقال : وحدثني إسحاق قال : حدثنا عبد الرزاق بن همام ، أنبأنا معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : كنت جالسا.. الخ.
    الاسناد قال العلامة السيد محمد المكي بن عزوز المغربي : الحديث الأول رجاله كلهم من رجال الصحيح حتى ليث فمن رجال مسلم وهو ابن أبي سليم وإن تكلم فيه لاختلاط
1 ـ تاريخ الطبري 11 : 357.

(142)
وقع له في آخر أمره ، فقد وثقه ابن معين وغيره كما أفاده الشوكاني ، على أن التوهم يرتفع بالسند الثاني الذي هو حدثني إسحاق.. الخ.
    لأن الرواي فيه عن طاووس عبد الله ابنه لا ليث ، والسند متين ولله الحمد (1).
    5 ـ وفي الحديث المرفوع المشهور أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال : إن معاوية في تابوت من نار في أسفل درك منها ينادي : يا حنان يا منان الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين (2).
    6 ـ عن أبي ذر الغفاري قال لمعاوية : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وقد مررت به : اللهم العنه ولا تشبعه إلا بالتراب (3).
    7 ـ عن أبي ذر الغفاري قال لمعاوية : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إست معاوية في النار.
    فضحك معاوية وأمر بحبسه. راجع تمام الحديث في الجزء الثامن ص 312 ط 1.
    8 ـ مرفوعا : إذا ولي الأمة الاعين ( كذا ) الواسع البلعوم الذي يأكل ولا يشبع فليأخذ الأمة حذرها منه.
    قال أبو ذر : أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأنه معاوية.
    وفي لفظ : لا يذهب أمر هذه الأمة إلا على رجل واسع السرم ، ضخم البلعوم. راجع 312 من الجزء الثامن ط 1.
    9 ـ أخرج نصر بن مزاحم في كتاب صفين ، وابن عدي ، والعقيلي ، والخطيب ، والمناوي من طريق أبي سعيد الخدري ، وعبد الله بن مسعود مرفوعا : إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه.
    وفي لفظ : يخطب على منبري فاقتلوه.
    وفي لفظ : يخطب على منبري فاضربوا عنقه.
    وفي لفظ أبي سعيد : فلم نفعل ولم نفلح.
    وقال الحسن : فما فعلوا ولا أفلحوا (4).
1 ـ العتب الجميل ص 86.
2 ـ تاريخ الطبري 11 : 357 ، كتاب صفين ص 243 واللفظ للأول.
3 ـ راجع ما أسلفناه في الجزء الثامن ص 312 ط 1.
4 ـ كتاب صفين 243 ، 248 ط مصر ، تاريخ الطبري 11 : 357 ، تاريخ الخطيب 12 ، 181 ، شرح ابن أبي الحديد 1 : 348 ، كنوز الدقائق للمناوي ص 10 ، اللئالي المصنوعة 1 : 424 425 ، تهذيب التهذيب 2 : 428.


(143)
    قال الأميني ذكره السيوطي في اللئالي المصنوعة 1 : 424 ، 425 بعدة طرق لابن عدي والعقيلي وزيفها ، غير أن البلاذري أخرجه بغير تلكم الطرق في تاريخه الكبير قال : حدثنا يوسف بن موسى وأبو موسى إسحاق الفروي قال : حدثنا جرير بن عبد الحميد حدثنا إسماعيل بن أبي خالد والأعمش عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه.
    فتركوا أمره فلم يفلحوا ولم ينجحوا.
    رجال الاسناد :
    1 ـ يوسف بن موسى أبو يعقوب الكوفي.
    من رجال البخاري وأبي داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة في صحاحهم ، وثقه غير واحد.
    2 ـ جرير بن عبد الحميد أبو عبد الله الرازي ، من رجال الصحاح الست ، مجمع على ثقته.
    3 ـ إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي الكوفي ، أحد رجال الصحاح الست متفق على ثقته.
    4 ـ الأعمش سليمان بن مهران أبو محمد الكوفي ، أحد رجال الصحاح الست ليس في المحدثين أصدق منه.
    5 ـ الحسن البصري ، أحد رجال الصحاح مجمع على ثقته.
    فلم يبق في الحديث غمز إلا من ناحية إرساله وهو لا يعد علة في مثل المقام إذ لا يهم القوم عرفان الصحابة الراوي للحديث لعدالة الصحابة كلهم عندهم.
    فالحديث صحيح لا مغمز فيه وإرساله يجبر بإسناد متصل قال البلاذري : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، حدثنا حجاج بن محمد ، حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري أن رجلا من الأنصار أراد قتل معاوية فقلنا له : لا تسل السيف في عهد عمر حتى نكتب إليه قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا رأيتم معاوية يخطب على الأعواد فاقتلوه.
    قالوا : ونحن سمعناه ولكن لا نفعل حتى نكتب إلى عمر فكتبوا إليه فلم يأتهم جواب حتى مات.
    رجال الاسناد :
    1 ـ إسحاق بن أبي إسرائيل أبو يعقوب المروزي ، من رجال البخاري في الأدب


(144)
المفرد وأبي داود والنسائي ، وثقه ابن معين ، والدارقطني ، والبغوي ، وأحمد بن حنبل.
    2 ـ حجاج بن محمد المصيصي أبو محمد الأعور ، أحد رجال الصحيحين وبقية الصحاح.
    3 ـ حماد بن سلمة أبو سلمة البصري ، من رجال مسلم في صحيحه ، والبخاري في التعاليق وبقية أصحاب السنن ، أجمع أئمة أهل النقل على ثقته وأمانته.
    4 ـ علي بن زيد بن جدعان أبو الحسن البصري ، من رواة مسلم في صحيحه ، والبخاري في الأدب المفرد ، وأصحاب السنن ، شيعي ثقة صدوق.
    5 ـ أبو نضرة المنذر بن مالك العبدي البصري ، من رجال صحيح مسلم ، والتعاليق للبخاري ، وبقية السنن ، وثقه ابن معين ، وأبو زرعة ، والنسائي ، وابن سعد ، وأحمد ابن حنبل.
    6 ـ أبو سعيد الخدري الصحابي الشهير.
    وبهذا الطريق ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب 7 : 324 فقال : وأخرجه الحسن بن سفيان في مسنده عن إسحاق عن عبد الرزاق عن ابن عيينة ، عن علي بن زيد ، والمحفوظ عن عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان عن علي ، ولكن لفظ ابن عيينة : فارجموه.
    أورده ابن عدي عن الحسن بن سفيان.
    وطريق الحسن بن سفيان هذا أيضا صحيح رجاله كلهم ثقات ، وبهذا الاسناد أخرجه ابن عدي كما في ميزان الاعتدال 2 ص 128 قال : حدثنا الحسن بن سفيان ، قال : حدثنا ابن راهويه.
    قال : حدثنا عبد الرزاق عن ابن عيينة ، عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد مرفوعا : إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه.
    قال : وحدثنا ، محمد بن سعيد بن معاوية بنصيبين حدثنا سليمان بن أيوب الصريفيني حدثنا ابن عيينة.
    وثناه محمد بن العباس الدمشقي عن عمار بن رجاء عن ابن المديني عن سفيان ( ابن عيينة ).
    وثناه محمد بن إبراهيم الاصبهاني ، حدثنا أحمد بن الفرات ، حدثنا عبد الرزاق ، عن جعفر بن سليمان عن ابن جدعان نحوه.


(145)
    إسناد آخر :
    وأخرجه ابن حبان من طريق عباد بن يعقوب ، عن شريك ، عن عاصم ، عن زر عن عبد الله مرفوعا : إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه.
    تهذيب التهذيب 5 : 110.
    رجال الاسناد :
    1 ـ عباد بن يعقوب الأسدي أبو سعيد الكوفي ، من رجال البخاري والترمذي و ابن ماجة ، وثقه ابن خزيمة ، وأبو حاتم ، وقال الدارقطني : شيعي صدوق.
    2 ـ شريك النخعي الكوفي ، من رجال مسلم في صحيحه ، والبخاري في التعاليق وأصحاب السنن الأربع ، وثقه ابن معين ، والعجلي ، ويعقوب بن شيبة ، وابن سعيد ، وأبو داود ، والحربي.
    3 عاصم بن بهدلة الأسدي الكوفي أبو بكر المقري ، من رجال الصحاح الست متفق على ثقته.
    4 ـ زر بن حبيش الكوفي ، مخضرم أدرك الجاهلية ، من رجال الصحاح الست.
    5 ـ عبد الله بن مسعود الصحابي العظيم.
    فالاسناد صحيح رجاله كلهم ثقات.
    فللحديث طرق أربعة صحيحة لا غمز فيها غير أن ابن كثير حببته أمانته أن لا يذكر من طرق الحديث إلا الضعيف كما أن السيوطي راقه أن لا ينضد في سلك لئالئه إلا المزيف ساكتا عن الأسانيد الصحيحة حفظا لكرامة ابن هند.
    وهذا الحديث معتضد بحديث صحيح ثابت متسالم عليه ألا وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما.
    وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : من بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع ، فإن جاء أحد ينازعه فاضربوا عنق الآخر (1) وللقوم تجاه حديث ( إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه ) تصويب وتصعيد و جلبة ولغط ، رواه أناس بالموحدة مع زيادة ، أخرجه الخطيب عن الحسن بن محمد الخلال
1 ـ مر تفصيل هذين الصحيحين في هذا الجزء ص 27 ، 28.

(146)
عن يوسف بن أبي حفص الزاهد عن محمد بن إسحاق الفقيه ، عن أبي نضر الغازي عن الحسن بن كثير عن بكر بن أيمن القيسي عن عامر بن يحيي الصريمي ، عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا : إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاقبلوه ، فإنه أمين مأمون.
    قال الخطيب : لم أكتب هذا الحديث إلا من هذا الوجه ، ورجال إسناده ما بين محمد بن إسحاق وأبي الزبير كلهم مجهولون (1).
    ونص الذهبي في الميزان وابن حجر في لسانه في ترجمة الحسن بن كثير وبكر بن أيمن وعامر بن يحيى على أنهم مجاهيل ، والأقوال في أبي الزبير محمد بن مسلم المكي متضاربة من ناحية الجرح والتوثيق ، و صرح بجهالة الاسناد ابن كثير في تاريخه 8 : 133.
    وزيادة ( فإنه أمين مأمون ) أقوى شاهد على بطلان الرواية واختلاقها ، وقد فصلنا القول في أمانة الرجل ج 5 ص 264 و ج 9 : 292.
    وجاء آخر وهو جاهل بتحريف من روى ( فاقتلوه ) بالموحدة.
    أو أنه لم يرقه ذلك التحريف فوضع رواية في أن معاوية غير معاوية بن أبي سفيان.
    أخرج الحافظ ابن عساكر عن محمد بن ناصر الحافظ عن عبد القادر بن محمد عن ابن إسحاق البرمكي ، عن أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال : قال لي أبو بكر بن أبي داود لما روى حديث إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه : هذا معاوية بن تابوت رأس المنافقين وكان حلف أن يبول ويتغوط على منبره وليس هو معاوية بن أبي سفيان.
    قال السيوطي في اللئالي 1 : 425 بعد ذكر الرواية : قال المؤلف : وهذا يحتاج إلى نقل ، ومن نقل هذا ؟ قلت : قال ابن عساكر : هذا تأويل بعيد والله أعلم.
    قال الأميني : هل عندك خبر بتاريخ معاوية بن تابوت ؟ وإنه أي ابن بي هو ؟ ومتى ولدته أم الدنيا ؟ وأنى ولد ؟ وأين ولد ؟ ومن رآه ؟ ومن سمع منه ؟ ومن الذي أوحى خبره إلى أبي بكر بن أبي داود ؟ وهل هو أبر يمينه أو حنثها ؟ وهل رآه
1 ـ كذا نجده في المطبوع من تاريخ بغداد وحكاه عنه حرفيا ابن حجر في لسان الميزان 2 ص 247 ، وفي اللئالي 1 : 426 نقلا عن التاريخ بلفظ : قال الخطيب : محمد بن إسحاق كثير الخطاء والمناكير ، ومن فوقه إلى أبي الزبير كلهم مجهولون به.

(147)
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على منبره وقتلوه ؟ أو لم ير حتى اليوم ، ولن يرى قط إلى آخر الأبد ؟.
    ونظير هذا التأويل قد جاء في حديث فاطمة بنت قيس قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن معاوية وأبا جهم خطباني فقال النبي صلى الله عليه وسلم : معاوية صعلوك لا مال له.
    حكى الرافعي إنه ليس هو معاوية بن أبي سفيان الذي ولي الخلافة بل هو آخر.
    الإصابة 3 : 498 نعم : هكذا أوله الرافعي حبا لابن هند غير أن النووي قال : وهذا غلط صريح فقد وقع في صحيح مسلم في هذا الحديث : معاوية بن أبي سفيان.
    قال الأميني : عرفه مسلم بابن أبي سفيان في صحيحه 4 : 195 ، وأبو داود في السنن 1 : 359 ، والنسائي في سننه 6 : 208 ، والطيالسي في مسنده ص 228 ، والبيهقي في السنن الكبرى 7 : 471.
    فالتأويل بغير معاوية بن أبي سفيان غلط صريح كما قاله النووي.
    ولابني كثير وحجر في تزييف حديث ( فاقتلوه ) خطة أخرى ، قال ابن كثير في تاريخه 8 : 133 ، هذا الحديث كذب بلا شك ، ولو كان صحيحا لبادر الصحابة إلى فعل ذلك ، لأنهم كانوا لا تأخذهم في الله لومة لائم.
    وقال ابن حجر في تطهير الجنان (1) يلزم على فرض صحته نقيصة سائر الصحابة إن بلغهم ذلك الحديث ، أو نقيصة من بلغه منهم وكتمه ، لأن مثل هذا يجب تبليغه للأمة حتى يعملوا به ، على أنه لو كتمه لم يبلغ التابعين حتى نقلوه لمن بعدهم ، وهكذا فلم يبق إلا القسم الأول وهو أن يبلغهم فلا يعملون به ، وهو لا يتصور شرعا إذا لو جاز عليهم ذلك جاز عليهم كتم بعض القرآن أو رفض العمل به ، وكل ذلك محال شرعا ، لا سيما مع قوله صلى الله عليه وآله : تركتكم على الواضحة البيضاء. الحديث.
    ما أحسن ظن هؤلاء القوم بالصحابة ؟ وما أجمله لو كان يساعده المنطق ؟ لو لم يخالفه التاريخ الصحيح ، أو الثابت المسلم من سيرة الصحابة ، أو ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله من أقواله التي تلقتها الأمة بالقبول ، ورواها أئمة الحديث في الصحاح والمسانيد مما أسلفنا شطرا منه في الجزء الثالث 261 ، 262 ط 1.
1 ـ هامش الصواعق المحرقة ص 60.

(148)
    وهل عمل الصحابة أو عيونهم بأمره صلى الله عليه وآله في قتل ذي الثدية بعد ما عرفه إياهم بشخصه ، وأنبأهم بهواجسه المكفرة ، واعترف الرجل بها ؟ أو خالفوه وضيعوا أمره ونبذوه وراء ظهورهم وهو بين ظهرانيهم ؟ راجع ما مر في الجزء السابع ص 216 ـ 218 ط 1.
    وهل عملوا بما صح وثبت عندهم من قوله صلى الله عليه وآله وسلم إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما ؟ أو قوله : من أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان ؟ أو قوله : فإن جاء آخر ينازعه ـ الإمام ـ فاضربوا عنق الآخر ؟ إلى صحاح أخرى مرت جملة منها في هذا الجزء ص 20.
    10 جاء من طريق زيد بن أرقم وعبادة بن الصامت مرفوعا : إذا رأيتم معاوية وعمرو بن العاص مجتمعين ففرقوا بينهما فإنهما لن يجتمعا على خير (1).
    11 ـ ورد مرفوعا : يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت حين يموت وهو على غير سنتي.
    فطلع معاوية.
    كتاب صفين لنصر بن مزاحم.
    12 ـ من كتاب لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية : أتاني كتابك كتاب امرئ ليس له بصر يهديه ، ولا قائد يرشده ، دعاه الهوى فأجابه ، وقاده الضلال فاتبعه ـ إلى أن قال : ـ وأما شرفي في الاسلام وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله وموضعي من قريش فلعمري لو استطعت دفعه لدفعته.
    وفي لفظ : فقد أتتني منك موعظة موصلة ، ورسالة محبرة ، نمقتها بضلالك ، وأمضيتها بسوء رأيك ، وكتاب امرئ ليس له بصر يهديه ، ولا قائد يرشده ، قد دعاه الهوى فأجابه ، وقاده الضلال فاتبعه ، فهجر لاغطا ، وضل خابطا. العقد الفريد 2. 233 ، الكامل للمبرد 1 : 157 ، وفي ط 225 ، كتاب صفين ص 64 الإمامة والسياسة 1 : 77 ، نهج البلاغة 2 : 5 ، شرح ابن أبي الحديد 1 : 252 ، ج 3 : 302.
    13 ـ من كتاب له عليه السلام إلى الرجل : فاقلع عما أنت عليه من الغي والضلال على كبر سنك وفناء عمرك ، فإن حالك اليوم كحال الثوب المهيل الذي لا يصلح من جانب إلا فسد من آخر ، وقد أرديت جيلا من الناس كثيرا ، خدعتهم بغيك ، وألقيتهم في موج
1 ـ راجع الجزء الثاني ص 127 ط 1.

(149)
بحرك ، تغشاهم الظلمات ، وتتلاطم بهم الشبهات ، فجاروا عن وجهتهم ، ونكصوا على أعقابهم ، وتولوا على أدبارهم ، وعولوا على أحسابهم ، إلا من فاء من أهل البصائر ، فإنهم فارقوك بعد معرفتك ، وهربوا إلى الله من موازرتك ، إذ حملتهم على الصعب ، وعدلت بهم عن القصد نهج البلاغة 2 : 41 ، شرح ابن أبي الحديد 4 : 50.
    14 ـ من كتاب له عليه السلام إلى الرجل : فإن ما أتيت به من ضلالك ليس ببعيد الشبه مما أتى به أهلك وقومك الذين حملهم الكفر وتمنى الأباطيل على حسد محمد صلى الله عليه وآله وسلم حتى صرعوا مصارعهم حيث علمت ، لم يمنعوا حريما ، ولم يدفعوا عظيما ، وأنا صاحبهم في تلك المواطن الصالي بحربهم ، والفال لحدهم ، والقاتل لرؤسهم ورؤس الضلالة ، والمتبع إن شاء الله خلفهم بسلفهم ، فبئس الخلف خلف اتبع سلفا محله ومحطه النار. شرح ابن أبي الحديد 4 : 50.
    15 ـ من كتاب له سلام الله عليه إلى الرجل : أما بعد : فطالما دعوت أنت وأولياؤك أولياء الشيطان الرجيم الحق أساطير الأولين ، ونبذتموه وراء ظهوركم ، وحاولتم إطفاء نور الله بأيديكم وأفواهكم ، والله متم نوره ولو كره الكافرون ، ولعمري ليتمن النور على كرهك ، ولينفذن العلم بصغارك ، ولتجازين بعملك ، فعث في دنياك المنقطعة عنك ما طاب لك ، فكأنك بباطلك وقد انقضى ، وبعملك وقد هوى ، ثم تصير إلى لظى ، لم يظلمك الله شيئا ، وما ربك بظلام للعبيد. شرح ابن أبي الحديد 4 : 51 ، و ج 3 : 411.
    16 ـ من كتاب له صلوات الله عليه إلى الرجل : أما بعد : فإن مساويك مع علم الله تعالى فيك حالت بينك وبين أن يصلح لك أمرك ، وأن يرعوي قلبك ، يا بن صخر يا ابن اللعين [ وفي لفظ : يا بن الصخر اللعين ] زعمت أن يزن الجبال حلمك ، ويفصل بين أهل الشك علمك ، وأنت الجلف المنافق ، الأغلف القلب ، القليل العقل ، الجبان الرذل.
    شرح ابن أبي الحديد 3 : 411 ، و ج 4 : 51.
    17 ـ من كتاب له عليه السلام إلى الرجل : قد وصلني كتابك ، فوجدتك ترمي غير غرضك


(150)
    وتنشد غير ضالتك ، وتخبط في عماية ، وتتيه في ضلالة ، وتعتصم بغير حجة ، وتلوذ بأضعف شبهة.
    فسبحان الله ما أشد لزومك للأهواء المبتدعة ، والحيرة المتبعة ، مع تضييع الحقائق ، واطراح الوثائق التي هي لله تعالى طلبة ، وعلى عباده حجة.
    نهج البلاغة 2 : 44 ، شرح ابن أبي الحديد 4 : 57.
    18 ـ من كتاب له عليه السلام إلى الرجل لما دعاه إلى التحكيم : ثم إنك قد دعوتني إلى حكم القرآن ، ولقد علمت أنك لست من أهل القرآن ولا حكمه تريد ، والله المستعان.
    كتاب صفين ص 556 ، نهج البلاغة 2 : 56 ، شرح ابن أبي الحديد 1 : 188.
    19 ـ من كتاب له عليه السلام إلى الرجل : أما بعد : فقد آن لك أن تنتفع باللمح الباصر من عيان الأمور ، فلقد سلكت مدارج أسلافك بادعائك الأباطيل ، واقتحامك غرور اللين والأكاذيب ، من انتحالك ما قد علا عنك ، وابتزازك لما قد احتزن دونك ، فرارا من الحق ، وجحودا لما هو ألزم لك من لحمك ودمك ، مما قد وعاه سمعك ، وملئ به صدرك ، فماذا بعد الحق إلا الضلال المبين. نهج البلاغة 2 : 125.
    20 ـ من كتاب له عليه السلام إلى الرجل : متى كنتم يا معاوية ! ساسة للرعية ؟ أو ولاة لأمر هذه الأمة بغير قدم حسن ؟ ولا شرف سابق (1) على قومكم ، فشمر لما قد نزل بك ، ولا تمكن الشيطان من بغيته فيك ، مع أني أعرف أن الله ورسوله صادقان ، فنعوذ بالله من لزوم سابق الشقاء ، وإلا تفعل أعلمك ما أغفلك من نفسك ، فإنك مترف قد أخذ منك الشيطان مأخذه ، فجرى منك مجرى الدم في العروق.
    كتاب صفين ص 122 ، نهج البلاغة 2 : 11 ، شرح ابن أبي الحديد 3 : 412.
    21 ـ من كتاب له عليه السلام إلى الرجل : فاتق الله فيما لديك ، وانظر في حقه عليك ، وراجع إلى معرفة ما لا تعذر بجهالته ، فإن للطاعة أعلاما واضحة ، وسبلا نيرة ، ومحجة نهجة ، وغاية مطلوبة يردها الأكياس ، ويخالفها الأنكاس ، من نكب عنها جار
1 ـ في نهج البلاغة : باسق.
الغدير ـ الجزء العاشر ::: فهرس