الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء الحادي عشر ::: 221 ـ 230
(221)
الفتوني سنة 1107.
    20 ـ الشيخ صفي الدين بن فخر الدين الطريحي في إجازته للشيخ أبي الحسن الشريف الفتوني سنة 1111 وفي غير واحد من إجازاته.
    وأشار إلى هذا النسب الذهبي الشيخ جعفر الخطي البحراني (1) المتوفى سنة 1028 في قصيدته التي جارا بها رائية شيخنا البهائي ومدحه فيها ، وكتب الشيخ تقريضا عليها ، يقول فيها :
فيا بن الأولى أثنى الوصي عليهم بصفين إذ لم يلف من أوليائه وأبصر منهم جند حرب تهـافتوا سراعا إلى داعي الحروب يرونها أطاروا غمود البيض واتكلوا على وأرسوا وقد لاثوا على الركب الحبا فقال وقد طابت هنالك نفسه فلو كنت بوابا على باب جنة بما ليس تثني وجهه يد إنكار وقد عض ناب للوغى غير فرار على الموت إسراع الفراش على النار على شربها الاعمار مورد أعمار مفارق قوم فارقوا الحق فجار بروكا كهدي أبركوه لجزار رضى وأقروا عينه أي إقرار كما أفصحت عنه صحيحات آثار
    أشار إلى ما كان عليه قبيلة همدان يوم صفين وكان فيهم البطل المجاهد جد المترجم له ( الحارث ) فأثنى عليهم أمير المؤمنين عليه السلام وقال : يا معشر همدان ! أنتم درعي و رمحي ما نصرتم إلا الله وما أجبتم غيره.
دعوت فلباني من القوم عصبة فوارس من همدان ليسوا بعزل بكل رديني وعضب تخاله لهمدان أخلاق ودين يزينهم وجد وصدق في الحروب ونجدة متى تأتهم في دارهم تستضيفهم جزى الله همدان الجنان فإنها فوارس من همدان غير لئام غداة الوغا من شاكر وشبام إذا اختلف الأقوام شعل ضرام وبأس إذا لاقوا وجد خصام وقول إذا قالوا بغير أثام تبت ناعما في خدمة وطعام سمام العدى في كل يوم زحام

1 ـ توجد ترجمته في ( سلافة العصر ) و ( أنوار البدرين ).

(222)
فلو كنت بوابا على باب جنة لقلت لهمدان : ادخلي بسلام (1)
    ومؤسس شرف هذا البيت الرفيع ( الحارث الهمداني ) كان صاحب أمير المؤمنين عليه السلام والمتفاني في ولائه ، والفقيه الأكبر في شيعته ، وأحد أعلام العالم ، أثنى عليه جمع من رجال العامة (2) ذكره السمعاني في ( الخارفي ) من ( الأنساب ) وقال : كان غاليا في التشيع.
    وعده ابن قتيبة في المعارف ص 306 من الشيعة في عداد صعصعة بن صوحان وأصبغ بن نباتة وأمثالهما ، وترجم له الذهبي في ( ميزان الاعتدال ) ج 1 ص 202 وقال : من كبار علماء التابعين.
    ونقل هو ابن حجر في تهذيب التهذيب ص 145 عن أبي بكر ابن أبي داود أنه قال : كان الحارث أفقه الناس ، وأحسب الناس ، وأفرض الناس ، تعلم الفرائض من علي عليه السلام.
    وفي ( خلاصة تهذيب الكمال ) ص 58 : إنه أحد كبار الشيعة.
    وروى الكشي في رجاله ص 59 بإسناده عن أبي عمير البزاز عن الشعبي قال : سمعت الحرث الأعور وهو يقول : أتيت أمير المؤمنين عليا عليه السلام ذات ليلة فقال : يا أعور ! ما جاء بك ؟ قال : فقلت : يا أمير المؤمنين ! جاء بي والله حبك.
    قال : فقال : أما إني سأحدثك لتشكرها ، أما إنه لا يموت عبد يحبني فيخرج نفسه حتى يراني حيث يحب ، ولا يموت عبد يبغضني فخرج نفسه حتى يراني حيث يكره.
    قال : ثم قال لي الشعبي بعد : أما إن حبه لا ينفعك وبغضه لا يضرك (3) وحدث الشيخ أبو علي ابن شيخ الطايفة أبو جعفر الطوسي في أماليه ص 42 بإسناده عن جميل بن صالح عن أبي خالد الكاملي (4) عن الأصبغ بن نباتة قال : دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في نفر من الشيعة وكنت
1 ـ كتاب صفين لابن مزاحم ص 310 ، 496 ط مصر ، شرح ابن أبي الحديد 1 : 492 ، ج 2 : 294.
2 ـ خلا أناس منهم حناق على العترة الطاهرة ، يتحرون الوقيعة في شيعتهم ، فخلقوا له إفكا ، و نبزوه بالسفاسف مما لا يقام له عند المنقب وزن.
3 ـ قول الشعبي هذا مناقض لما جاء به النبي الأعظم في حب أمير المؤمنين عليه السلام وبغضه من الكثير الطيب ، راجع ما مر في أجزاء كتابنا هذا وما يأتي.
4 ـ كذا والصحيح : الكابلي.


(223)
فيهم فجعل يعني الحارث يتأود في مشيته ويخبط الأرض بمحجنه وكان مريضا فأقبل عليه أمير المؤمنين عليه السلام وكانت له منه منزلة فقال : كيف تجدك يا حارث ؟! قال : نال الدهر مني يا أمير المؤمنين ! وزادني أوارا وغليلا اختصام أصحابك ببائك قال : و فيهم خصومتهم ؟ قال : في شأنك والبلية من قبلك ، فمن مفرط غال ، ومقتصد قال ، ومن متردد مرتاب ، لا يدري أيقدم أو يحجم.
    قال : فحسبك يا أخا همدان ؟ ألا إن خير شيعتي النمط الأوسط ، إليهم يرجع الغالي وبهم يلحق التالي قال : لو كشفت فداك أبي وأمي الرين عن قلوبنا وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا ، قال : قدك فإنك امرؤ ملبوس عليك ، إن دين الله لا يعرف بالرجال بل بآية الحق ، فاعرف الحق تعرف أهله ، يا حار ! إن الحق أحسن الحديث والصادع به مجاهد ، وبالحق أخبرك فأعرني سمعك ثم خبر به من كانت له حصانة من أصحابك ألا إني عبد الله وأخو رسوله وصديقه الأول ، قد صدقته وآدم بين الروح والجسد ، ثم إني صديقه الأول في أمتكم حقا ، فنحن الأولون ونحن الآخرون ، ألا وأنا خاصته يا حار ! وخالصته و صنوه ووصيه ووليه صاحب نجواه وسره ، أوتيت فيهم الكتاب وفصل الخطاب و علم القرون والأسباب ، واستودعت ألف مفتاح يفتح كل مفتاح ألف باب يفضي كل باب إلى ألف ألف عهد وأيدت.
    أو قال : أمددت بليلة القدر نفلا ، وإن ذلك ليجري لي ومن استحفظ من ذريتي ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، وأبشرك يا حارث ! ليعرفني والذي فلق الحبة وبرء النسمة وليي وعدوي في مواطن شتى ، ليعرفني عند الممات وعند الصراط وعند المقاسمة قال : وما المقاسمة يا مولاي ؟! قال : مقاسمة النار أقاسمها قسمة صحاحا أقول : هذا وليي وهذا عدوي.
    ثم أخذ أمير المؤمنين عليه السلام بيد الحارث وقال : يا حارث ! أخذت بيدك كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيدي فقال لي واشتكيت إليه حسدة قريش والمنافقين لي : إنه إذا كان يوم القيمة أخذت بحبل أو بحجزة يعني عصمة من ذي العرش تعالى وأخذت يا علي ! بحجزتي وأخذ ذريتك بحجزتك وأخذ شيعتكم بحجزتكم ، فماذا يصنع الله بنبيه ؟ وما يصنع نبيه بوصيه ؟ خذها إليك يا حارث ! قصيرة من طويلة أنت مع من أحببت ، ولك ما احتسبت ، أو قال : ما اكتسبت.
    قالها ثلثا فقال الحارث وقام يجر ردائه جذلا : ما أبالي ربي


(224)
بعد هذا متى لقيت الموت أو لقيني. قال جميل بن صالح فأنشدني السيد بن محمد في كتابه :
قول ( علي ) لحارث عجب : يا حار همدان من يمت يرني يعرفني طرفه وأعرفه وأنت عند الصراط تعرفني أسقيك من بارد على ظمأ أقول للنار حين تعرض للعرض دعيه لا تقربيه إن له كم ثم أعجوبة له حملا ؟ من مؤمن أو منافق قبلا بنعته واسمه ومـا فعلا فلا تخف عثرة ولا زللا تخاله في الحلاوة العسلا : دعيه لا تقبلي الرجلا حبلا بحبل الوصي متصلا
    توفي الحارث الهمداني سنة 65 كما ذكره الذهبي في [ ميزان الاعتدال ] ، وابن حجر نقلا عن ابن حبان في [ تهذيب التهذيب ] ج 2 ص 147 ، والمؤرخ عبد الحي في [ شذرات الذهب ] ج 1 ص 73 ، فما في [ خلاصة تذهيب الكمال ] ص 58 من أنها سنة 165 ليس بصحيح.
    والمترجم له شيخنا ( الحسين ) أحد أعلام الطايفة ، وفقهائها البارعين في الفقه و أصوله والكلام والفنون الرياضية والأدب ، وكان إحدى حسنات هذا القرن ، والألق المتبلج في جبهته ، والعبق المتأرج بين أعطافه ، أذعن بتقدمه في العلوم علماء عصره ومن بعدهم ، قال شيخه الشهيد الثاني في إجازته له المؤرخة ب‍ 941 المذكورة في كشكول شيخنا البحراني صاحب ( الحدائق ) : ثم إن الأخ في الله المصطفى في الأخوة المختار في الدين ، المرتقى عن حضيض التقليد إلى أوج اليقين ، الشيخ الإمام العالم الأوحد ، ذا النفس الطاهرة الزكية ، والهمة الباهرة العلية ، والأخلاق الزاهرة الإنسية ، عضد الاسلام والمسلمين ، عز الدنيا والدين حسين بن الشيخ الصالح العالم العامل المتقن المتفنن خلاصة الأخيار الشيخ عبد الصمد بن الشيخ الإمام شمس الدين محمد الشهير بالجبعي أسعد الله جده ، وجدد سعده ، وكبت عدوه وضده ، ممن انقطع بكليته إلى طلب المعالي ، ووصل يقظة الأيام بإحياء الليالي ، حتى أحرز السبق في مجاري ميدانه ، وحصل بفضله السبق على سائر أترابه وأقرانه ، وصرف برهة من


(225)
زمانه في تحصيل هذا العلم ، وحصل منه على أكمل نصيب وأوفر سهم فقرأ على هذا الضعيف.. إلخ.
    وأثنى عليه معاصره السيد الأمير حيدر بن السيد علاء الدين الحسيني البيروي في إجازته للسيد حسين المجتهد الكركي بقوله : الشيخ الإمام الزاهد العابد العامل العالم ، زبدة فضلاء الأنام ، وخلاصة الفقهاء العظام ، فقيه أهل البيت عليهم السلام ، عضد الاسلام ، والمسلمين ، عز الدنيا والدين حسين بن الشيخ العالم.
    إلخ.
    وفي [ رياض العلماء ] : كان فاضلا عالما جليلا أصوليا متكلما فقيها محدثا شاعرا ماهرا في صنعة اللغز وله ألغاز مشهورة خاطب بها ولده البهائي فأجابه هو بأحسن منها وهما مشهوران وفي المجاميع مسطوران.
    وقال المولى مظفر علي أحد تلاميذ ولده البهائي في رسالة له في أحوال شيخه : وكان والد هذا الشيخ في زمانه من مشاهير فحول العلماء الأعلام والفقهاء الكرام ، وكان في تحصيل العلوم والمعارف وتحقيق مطالب الأصول والفروع مشاركا ومعاصرا للشهيد الثاني ، بل لم يكن له قدس الله سره في علم الحديث والتفسير والفقه والرياضي عديل في عصره وله فيها مصنفات.
    وقال المولى نظام الدين محمد تلميذ ولده البهائي في ( نظام الأقوال في أحوال الرجال ) : الحسين بن عبد الصمد بن محمد الجبعي الحارثي الهمداني الشيخ العالم الأوحد ، صاحب النفس الطاهرة الزكية ، والهمة الباهرة العلية ، والد شيخنا واستاذنا ومن إليه في العلوم استنادنا أدام الله ظله البهي من أجلة مشايخنا قدس الله روحه الشريفة ، كان عالما فاضلا مطلعا على التواريخ ماهرا في اللغات ، مستحضرا للنوادر والأمثال ، وكان ممن جدد قراءة كتب الأحاديث ، ببلاد العجم ، له مؤلفات جليلة ، ورسالات جميلة.
    وفي ( أمل الآمل ) : كان عالما ماهرا محققا مدققا متبحرا جامعا أديبا منشئا شاعرا عظيم الشأن ، جليل القدر ، ثقة من فضلاء تلامذة شيخنا الشهيد الثاني.. الخ.
    إلى كلمات أخرى مبثوثة في الإجازات ومعاجم التراجم.
    وعرف فضله عاهل ايران بوقته السلطان شاه طهماسب الصفوي ، فسامه تقديرا وتبجيلا ، وقلده شيخوخة


(226)
الاسلام بقزوين ، ثم بخراسان المقدسة ثم بهراة ، وفوض إليه أمر التدريس والافادة ، وكان يقدمه على كثير من معاصريه بعد أستاده المحقق الكركي ، فنهض المترجم له بعبء العلم والدين ونشر أعلامهما بما لا مزيد عليه ، فخلد له التاريخ بذلك كله ذكرا جميلا تضيئ به صحايفه ، وتزدهي سطوره ، ومما خصه المولى سبحانه به وفضله بذلك على كثير من عباده ، وحري بأن يعد من أكبر فضايله الجمة ، وأفضل أعماله المشكورة مع الدهر ، إنه نشر ألوية التشيع في هرات ومناحيها ، وأدرك خلق كثير بإرشاده الناجع سعادة الرشد ، وسبيل السداد ، واتبعوا الصراط السوي المستقيم.
( مشايخه والرواة عنه )
    يروي شيخنا المترجم له عن لفيف من أعلام الطايفة وأساتذة العلم. منهم :
    1 ـ شيخنا الأكبر زين الدين الشهيد الثاني وأخذ منه العلم.
    2 ـ السيد بدر الدين الحسن بن السيد جعفر الأعرجي الكركي العاملي.
    3 ـ الشيخ حسن صاحب ( المعالم ) ابن الشهيد الثاني.
    4 ـ السيد حسن بن علي بن شدقم الحسيني المدني.
    ويروي عنه :
    1 ـ السيد الأمير محمد باقر الاسترابادي الشهير ( داماد ).
    2 ـ الشيخ رشيد الدين بن إبراهيم الاصفهاني بالاجازة المؤرخة بسنة 971.
    3 ـ السيد شمس الدين محمد بن علي الحسيني الشهير بابن أبي الحسن ، كما في إجازة العلامة المجلسي للسيد نعمة الله الجزائري المؤرخة بسنة 1075.
    4 ـ السيد حيدر بن علاء الدين البيروي كما في إجازته للسيد حسين الكركي.
    5 ـ الشيخ أبو محمد بن عناية الله البسطامي كما في إجازته للسيد حسين الكركي.
    6 ـ المولى معاني التبريزي كما في إجازات البحار ص 134 ، 135.
    7 ـ الميرزا تاج الدين حسين الصاعدي كما في الإجازات ص 135.
    8 ـ الشيخ حسن صاحب ( المعالم ) كما في إجازة الأمير شرف الدين الشولستاني للمولي محمد تقي المجلسي.


(227)
    9 ـ وملك علي يروي عنه بالاجازة المذكورة في [ أعيان الشيعة ] 26 ص 260.
    10 ، 11 ـ ولداه العلمان : شيخنا البهائي وأبو تراب الشيخ عبد الصمد.
    وقرأ عليه السيد علاء الدين محمد بن هداية الله الحسني الخيروي سنة 967.
( آثاره أو مآثره )
    ومن آثاره أو مآثره تآليف قيمة منها :
    شرح على القواعد ، شرحان على ألفية الشهيد ، الرسالة الطهماسية في الفقه.
    الرسالة الوسواسية ، رسالة في وجوب الجمعة ، وصول الأخيار إلى أصول الأخبار.
    الرسالة الرضاعية ، حاشية على الارشاد ، رسالة مناظرة مع علماء حلب (1).
    رسالة في الرحلة (2) ، رسالة في العقايد ، رسالة الطهارة الظاهرية والقلبية.
    رسالة في المواريث ، كتاب الغرر والدرر ، رسالة في تقديم الشياع على اليد.
    رسالة في الواجبات ، تعليقات على الصحيفة ، رسالة في القبلة ديوان شعره
    دراية الحديث ، كتاب الأربعين ، تعليقة على خلاصة العلامة
    رسالة في جواز استرقاق الحربي البالغ حال الغيبة.
    رسالة تحفة أهل الإيمان في قبلة عراق العجم وخراسان.
    رسالة في وجوب صرف مال الإمام عليه السلام في أيام الغيبة.
    جواب عما أورد على حديث نبوي (3) ، رسالة في عدم طهر البواري بالشمس.
( ولادته ووفاته )
    ولد شيخنا المترجم له أول محرم الحرام سنة 918 ، وتوفي سنة 984 في ثامن ربيع الأول في قرية المصلى من أرباض ( هجر ) من بلاد البحرين وكان عمره ستا وستين سنة وشهرين وسبعة أيام ورثاه ولده الأكبر شيخنا البهائي بقوله :
1 ـ للمترجم له رحلات فيها خطوات محمودة ومواقف تذكر وتشكر وراء صالح الأمة والسعي دون مناهج الدين والمذهب ، ورسالته هذه تجمع شتات تلكم المساعي ، راجع أعيان الشيعة لسيدنا الأمين.
2 ـ رسالة قيمة في الإمامة تجد جملة ضافية في أعيان الشيعة 26 : 248.
3 ـ من قوله صلى الله عليه وآله : إني أحب من دنياكم ثلاثا : النساء. والطيب. وقرة عيني الصلاة.


(228)
قف بالطلول وسلها أين سلماها ؟ وردد الطرف في أطـراف ساحتها وإن يفتك من الأطلال مخبرها ربوع فضل تباهي التبر تربتها عدا علي جيرة حلوا بساحتها بدور تم غمام الموت جـللها فالمجد يبكي عليها جازعا أسفا يا حبذا أزمن في ظلهم سلفت أوقات أنس قضيناها فما ذكرت يا سادة هجروا واستوطنوا هجرا رعيا لليـلات وصل بالحمى سلفت لفقدكم شق جيب المجد وانصدعت وخر من شامخات العلم أرفعها يا ثاويا بالمصلى من قرى حجر أقمت يا بحر ! بالبحرين فاجتمعت ثلاثة أنت أنداها وأغزرها حويت من درر العلياء ما حويا يا أخمصا وطأت هام السهى شرفا (1) ويا ضريحا علا فوق السماك علا فيك انطوى من شموس الفضل أزهرها ومن شوامخ أطواد الفتوة أرسا فاسحب على الفلك الأعلى ذيول علا وروّ من جرع الأجفان جرعاها وروح الروح من أرواح أرجاها فلا يفوتك مرآها وريّاها ودار أنس يحاكي الدر حصباها صرف الزمان فأبلاهم وأبلاها شموس فضل سحاب الترب غشاها والدين يندبها والفضل ينعاها ما كان أقصرها عمرا وأحلاها ؟ إلا وقطع قلب الصب ذكراها واها لقبلي المعنى بعدكم واها سقيا لأيامنا بالخيف سقناها أركانه وبكم ما كان أقواها وانهد من باذخات الحلم أرساها كسيت من حلل الرضوان أرضاها ثلاثة كن أمثالا وأشباها جودا وأعذبها طعما وأحلاها لكن درك أعلاها وأغلاها سقاك ؟ من ديم الوسمي أسماها عليك من صلـوات الله أزكاها ومن معالم دين الله أسناها ها وأرفعها قدرا وأبهاها فقد حويت من العلياء أعلاها

1 ـ أخمص القدم : ما لا يصيب الأرض من باطنها ، ويراد به القدم كلها. السهى : كوكب خفى من بنات نعش الصغرى. ومنه المثل : أريها السهى وتريني القمر. يضرب للذي يسأل عن شيء فيجيب جوابا بعيدا.

(229)
عليك مني سلام الله ما صدحت على غصون إراك الدوح ورقاها
    قال صاحب ( رياض العلماء ) : ورثاه جماعة من الشعراء.
    وللمترجم له قصيدة جارى بها البردة للبوصيري يمدح بها الرسول الأعظم و خليفته الصديق الأكبر أولها :
ألؤلؤ نظم ثغر منك مبتسم ؟ أم نرجس ؟ أم أقاح في صفى بشم ؟!
    والقصيدة طويلة تناهز 129 بيتا وقد وقف سيد الأعيان منها على 69 بيتا فحسب أنها تمام القصيدة فقال : تبلغ 69 بيتا ثم ذكر جملة منها ، ومن شعر المترجم له قوله :
ما شممت الورد إلا وإذا ما مال غصن لست تدري ما الذي قد إن يكن جسمي تناءى كل حسن في البرايا رشق القلب بسهم إن ذاتي وذواتي آه لو أسقى لأشفى زادني شوقا إليك خلته يحنو عليك حل بي من مقلتيك فالحشى باق لديك فهو منسوب إليك قوسه من حاجبيك يا منايا في يديك خمرة من شفتيك
    وله قوله وهو المخترع لهذا الروي :
فاح عرف الصبا وصاح الديك قم بنا نجتلى مشعشعة لو رآها المجوس عاكفة إن تسر نحونا نسر وإن وانثنى البان يشتكي التحريك تاه من وجده بها النسيك وحدوها وجانبوا التشريك مت في السير دوننا نحييك
    وذكر شيخنا البهائي في كشكوله ص 65 لوالده على هذا الروي ثمانية عشر بيتا أولها :
فاح ريح الصبا وصاح الديك فانتبه وانف عنك ما ينفيك
    وعارضها ولده الشيخ بهاء الدين بقصيدة كافية مطلعها :


(230)
يا نديمي بمهجتي أفديك خمرة إن ضلـلت ساحتها يا كليم الفؤاد ! داو بها هي نار الكليم فاجتلها صاح ناهيك بالمدام فدم قم وهات الكؤس من هاتيك فسنا نور كأسها يهديك قلبك المبتلى لكي تشفيك واخلع النعل واترك التشكيك في احتساها مخالفا ناهيك (1)
    وخلف المترجم على علمه الجم وفضله المتدفق ولداه العلمان : شيخ الطايفة بهاء الملة والدين الآتي ذكره وهو أكبر ولديه ولد سنة 953 ، والشيخ أبو تراب عبد الصمد بن الحسين المولود بقزوين ليلة الأحد وقد بقي من الليل نحو ساعة ثالث شهر صفر سنة 966 كما في ( الرياض ) نقلا عن خط والده المترجم له ( الشيخ حسين ) وصرح والدهما المترجم له في إجازته لهما إن البهائي أكبر ولديه ، وللشيخ عبد الصمد حاشية على أربعين أخيه شيخنا البهائي وفوائده على الفرائض النصيرية ، وكتب الشيخ البهائي باسمه فوائده الصمدية ، يروي بالاجازة عن والده المقدس الشيخ حسين ، ويروي عنه العلامة السيد حسين بن حيدر بن قمر الكركي توفي سنة 1020 ، ترجمه صاحبا ( الأمل ) و ( الرياض ) وغيرهما ، وورثه على علمه الغزير ولداه العالمان : الشيخ أحمد بن عبد الصمد نزيل هرات ، يروي عنه بالاجازة السيد حسين بن حيدر بن قمر الكركي الراوي عن والده أيضا.
    وأخوه الشيخ حسين بن عبد الصمد كان قاضي هرات ، قال صاحب [ رياض العلماء ] : كان شاعرا ماهرا في العلوم الرياضية له منظومة بالفارسية في الجبر والمقابلة.
    يروي عن عمه شيخنا البهائي بالاجازة توجد بعض تعاليقه على بعض الكتب مؤرخا بسنة 1060.
    وأما سائر رجالات هذه الأسرة الكريمة فوالد المترجم له الشيخ عبد الصمد من نوابع الطايفة ، وعلمائها البارعين ، وصفه شيخ الطايفة الشهيد الثاني في إجازته لولد المترجم له بالشيخ الصالح العامل العالم المتقن ، وأثنى عليه السيد حيدر البيروي في
1 ـ إلى آخر الأبيات المذكورة في [ خلاصة الأثر ] 3 : 449 ، وريحانة الألباء للخفاجي ، و كشكول ناظمها ص 65.
الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء الحادي عشر ::: فهرس