الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء الحادي عشر ::: 361 ـ 370
(361)
جرحت عيناه خدي مهجتي صادني في شرك من شعره حيث لحظي خده قد خدشا عجبا للأسد هل صاد رشا ؟
    إلى أن قال :
حيدر الكرار أزكى ناعل ما غشى الليل نهارا نصحه نور عين الدين قد رد وقد قتل الكفار في صارمه لم يدن للات يوما قط بل قد شفى الاسلام من داء به ولقد أصبح في خم له جاد بالقرص وصلى العصر إذ وله قد كلم الثعبان إذ من بني آدم أو حاف مشا مذهب شكا على القلب غشا رد طرف الشرك منه أعمشا ولربع الأنس منهم أوحشا عبد الله وبالتقوى نشا وجلا من أعين الدين الغشا شاهد عدل أبى أن يرتشا رده لما له غشى العشا ظنه الناس أتى كي ينهشا (1)

( الشاعر )
    الشيخ عبد الرضا بن أحمد بن خليفة أبو الحسن المقري الكاظمي ، من أفذاذ القرن الثاني عشر وعلمائه وأفاضله الجامعين لفضيلتي العلم والأدب ، ترجمه سيدنا أبو محمد الحسن في [ تكملة الأمل ] وأطراه بالعلم والفضل ، وقال : توفي حدود سنة ألف ومائة و عشرين ، وعزى إليه ديوانه المرتب على الحروف في مدح الأئمة عليهم السلام ، وقد وقفنا عليه ونقلنا عنه ما أثبتناه وهو يربو على الثلاثة آلاف والخمسمائة بيتا.
1 ـ نظم شاعرنا المقري في قصائده هذه جملة ضافية من مناقب أمير المؤمنين مما صدع به النبي الأمين ، يوجد تفصيلها فيما يأتي من مسند المناقب ومرسلها ، وإن أسلفنا بعضها في طيات الأجزاء الماضية.


(362)
القرن الثاني عشر
ـ 98 ـ
علم الهدى محمد
لك الحمد ذا المجد والكبرياء لك الحمد يا من علا في الدنو لك الحمد في البدء والانتهاء لك الحمد يا من دنى في العلو
    إلى أن قال من قصيدة تبلغ 151 بيتا :
مننت على الخلق في كل حين ببعث نبي بشير نذير ونصب وصي من الأصفياء فها نحن جئنا نحن إليك إلهي بحق الرسول الأمين بحق الوصي أخيه السري وصي الرسول بأمر حكيم سليل الخليل وليد الحرم ضياء الرشاد بهاء الهدى ولي الأنام نبص الغدير لإتمام نعماك نور اليقين إلى نهج جنات عدن يشير لتشييد ما اسس الأنبياء بحق الهداة الكرام عليك جسيم الأيادي على العالمين بمجد سني وعز علي أتى من لدنك بلطف عميم عديل النبي في معالي الشيم إمام العباد رواء الندى أمير الكرام ونعم الأمير
القصيدة
( الشاعر )
    علم الهدى محمد بن المولى محمد محسن بن مرتضى الكاشاني ، نيقد تبرز علما وأدبا وتقدم فضلا وحسبا ، وجمع الفضايل موروثا ومكتسبا ، هو ابن المحقق الفيض علم الفقه وراية الحديث ، ومنار الفلسفة ، ومعدن العرفان ، وطود الأخلاق ، وعباب العلوم والمعارف ، هو ابن ذلك الفذ الذي قل ما أنتج شكل الدهر بمثيله ، وعقمت الأيام عن أن تأتي بمشبهه.


(363)
    والمترجم له مقتف أثر والده المقدس ، وتشف عن تضلعه من العلوم آثار الباقية ، منها كتاب المواعظ البالغ عشرين ألف بيت ، وفهرس الوافي لوالده الفيض ، وحواش على الوافي ، وتعاليق على مفاتيح الشرايع لوالده ، كتاب تحفة الأبرار الفارسي في الأصول الخمسة ، والأعمال الحسنة والسيئة ألفه سنة 1100 ، كتاب العلماء في فضائلهم وإنهم خلفاء الأئمة عليهم السلام ، مرآت الجنان في الأدعية ، رموز إلهي فارسي في الأدعية والأعمال اليومية والأحراز والعوذات ، كتاب سرور صدور الأولياء في كيفية الصلاة على المصطفى وآله ، وفيه قصيدته التي أخذنا منها ما ذكرناه ، وقال صاحب الروضات ص 543 : إن له كتاب لطيف بالفارسية جمع فيه بين الأصول والفروع والأخلاق ، وينسب إليه أيضا خطب ورسائل منيفة
    وترجمه سيدنا صدر الدين الكاظمي في [ تكملة الأمل ] وقال : عالم فاضل محدث فقيه رجالي جيد الطريقة حسن الخط فاضل في الأدب خبير بالحكمة ، جامع لفضائل رأيت من مصنفاته نضد الايضاح ، وكتاب معادن الحكم في مكاتيب الأئمة عليهم السلام ( إنتهى ملخصا ) وترجمه صاحب ( نجوم السماء ) في ص 225 وقال : تلمذ على والده له كتاب نضد الايضاح ، رتب كتاب إيضاح الاشتباه للعلامة الحلي على أحسن نمط وطبع مع فهرست الشيخ (1) لم نقف علي تاريخي ولادة المترجم له ووفاته غير إنه استنسخ نخبة والده سنة 1055 وبطبع الحال إنه كان في ذلك التاريخ بالغا مبالغ الرجال ولا أقل من أن يكون مراهقا وذكر ولده الشيخ جمال الدين إسحاق على ظهر بعض كتبه ودعا له بدوام الظل في سنة 1112 ، فكان حيا بين التاريخين لكنه يظهر مما كتبه ولده الآخر المولى نصير الدين سليمان سنة 1123 على مفاتيح الشرايع لجده وترحمه على والده أنه توفي قبل السنة المذكورة ، فتكون وفاته بين التاريخين الأخيرين ، ويقدر عمره بما يتراوح بين السبعين والثمانين.
1 ـ في ليدن سنة 1271.

(364)
القرن الثاني عشر
ـ 99 ـ
الشيخ علي العاملي
أجل حديث الصبا والخرد الغيد واستمطر الدمع من جفني القريح على وامنح أبثك حزنا عن رسيس هوى لمستهام كئيب القلب معمود شرخ الشباب وعصر غير مردود وعن فؤاد بنار البين موقود
    إلى أن يتخلص إلى مدح أمير المؤمنين عليه السلام ويقول :
المنهل العذب للظامي أبا حسن والطاهر النسب السامي من امتنعت مولى إذا عد ذو مجد وذو شرف وكل محمود أوصاف يقاس به يمم إليه ونكب كل مقتصد هو الجواد ومن ساواه ممتنع مجيب كل مضام عند نازلة مولى البرية والمعني في سور من قد أعاد الهدى من بعد ما درست ومهد الحق والاسلام حين عفت ففي المكارم يدعى بابن بجدتها لذاك ألقى رسول الله حيث طما وقال في يوم ( خم ) حين قال له : من كنت مولاه حقا فالوصي له القائد الخيل في الهيجاء مقرنة ومن لكل مضام خير مورود صفاته الغر عن حصر وتحديد يوم الفخار تجده خير معدود يغدو لديه ذميما غير محمود من الأنام تجده خير مقصود الوجود في كل عصر غير موجود ملبيا وكفى عونا إذا نودي الذكر الحكيم بمدح غير محدود أعلامه أبدا من بعد تشييد رسومه وتوارى أي تمهيد وفي الملاحم مقدام الصناديد بحر الهياج إليه بالمقاليد جبريل : بلغ مقالا غير مردود مولى على شاهد منهم ومشهود من النجائب بالمهرية القود
[ القصيدة وهي كبيرة جدا ]


(365)
( الشاعر )
    الشيخ علي بن أحمد الفقيه العادلي العاملي الغروي. من رجال عاملة القاطنين بالعراق ، موصوف بالعلم والأدب والفضيلة ، وقفت على ديوانه وقد كتب على ظهره هذا ديوان الشيخ الإمام العلامة ، فريد دهره ، ووحيد عصره ، وقدوة الأدباء ، وقبلة الشعراء ، الشاعر الأديب الأريب النبيه علي بن أحمد الفقيه العاملي نسبا والغروي مولدا ومسكنا.
    قرأ على المدرس الشريف الأوحد السيد نصر الله الحايري ، وبأمره دون شعره وقال في أول ديوانه ما ملخصه : اجتمعت مع السيد نصر الله بن حسين بن إسماعيل الحسيني فأمرني بأن أجمع شمل ما نظمت من القوافي بعد الشتات ، وأؤلف بينهن مدونا ، ولعمري إن أمره لمطاع ، ومخالفته لا تستطاع ، فامتثلت لما أشار إليه ، وأجبت ملبيا لما دعاني بالحث عليه.
    ولأستاذه السيد المدرس ثناه على ديوانه بقوله :
ديوان مولانا علي ذي الندى قد ضمن اللؤلؤ إلا أنه كالروض إذ قد جاده سحابه [ عذب فرات سائغ شرابه ] (1)
    رتب المترجم له ديوانه على مقدمة وأبواب وخاتمة ، كان رحمه الله رحالة تجول في بلاد ايران ونزل بشيراز وأصفهان ، وغادرها إلى النجف الأشرف سنة 1120 ، وله في الباب الخامس من ديوانه قصيدة يمدح بها السيد المدرس الحائري سنة 1122 مجيبا قصيدة السيد التي مدحه بها وهي تعرب عن مقامه الشامخ في الفضائل ، ونبوغه في الأدب ، وتحليه بالنفسيات الكريمة ، ألا وهي :
قم فاجل شمس الراح للندماء فمجامر الأزهار فاح أريجها والطل فوق الورد أضحى حاكيا ولئالئ الأنداء قد لاحت ضحى كي تنجلي فيها دجى الغماء عبقا بنار البرق ذي الألاء صدغا أحاط بوجنة حمراء بشقائق راقت لعين الرائي

1 ـ يوجد في ديوانه ص 246.

(366)
فكأنها نطف الدموع تدافعت فانشط وأسرج لى كميتا روضت تجري بمضمار اللهى لكن غدا شمطاء ترقص في الزجاج وإنما يا حبذا وقد اجتلاها أهيف ما لاح لي ظبي سواه مقرطا وسوى ( علي ) ذي المعالي ما انجلى رب المفاخر من سما أوج السما ندب يرى بدل الرغائب واجبا ذو هيبة بالبشر شيبت مثلما راحاته الراحات تولي والعنا الثاقب الآراء نجل الثاقب الآراء يهتز عند الحمد إلا إنه مولى إذا اسود الزمان وأمه وإذا عتا فرعون فقر مؤمل لم تسمع العوراء منه وطالما من معشر حازوا النهى بفخارهم لا ينصتون إلى الغنا ولطالما ما أشرعوا الأرماح إلا أشرقوها تهديهم بدجى القتام غرائم غارت رماح الخط من أقلامهم فلكم زها فوق الطروس بطلها زهر يلوح الدهر غضا ناضرا ولكم سبت عقلا بسحر بيانها يا صاحب الفضل الذي من فضله في حرف جفن المقلة الرمداء بعد الشماس بمزجها بالماء عوض القتام لها دخان كباء برد الوقار يرى على الشمطاء نشوان من غنج ومن صهباء ومقلدا بالنجم والجوزاء قمر يمد الشمس بالأضواء بمكارم جلت عن الاحصاء للمجتدي والدهر ذو أكداء يبدي السحاب النار ضمن الماء للأولياء له وللأعداء نجل الثاقب الآراء عند النوائب ثابت الارجاء عاف حباه باليد البيضاء ألقاه من جدواه في دأماء أطفى توقد فتنة عمياء قد حبرت ديباجة العلياء نال الغني بهم ذوو استجداء من دم الأقران في الهيجاء لهم غدت تحكي نجوم سماء فلذلك ارتعدت لدى الهيجاء زهر له كم من الأحشاء ؟ والزهر يذبل عند فقد الماء وبحكمة من شعرها غراء يجنى جني بلاغة البلغاء


(367)
خذ روض مدح لم يجده القطر بل يبدي الشذى منه قبول قبولكم فأعوذ بالرحمن من أن يغتدي لا زال قدرك كاسمك السامي الذي ما خاط أجفان الورى وسن وما قد جاد منبته ولي ولاء لو حب في أسحار حسن رجائي بهجير هجرك شاحب الارجاء قد سار في الآفاق سير ذكاء شق الصباح غلاله الظلماء
    ولشاعرنا العاملي قصائد طوال في مدح الإمام أمير المؤمنين ورثاء ولده الإمام السبط الشهيد سلام الله عليهما ، ومن مديحه أمير المؤمنين قصيدة أولها :
الدهر أصبح لي معاند وأشارت الأيام نحوي وسطى علي وصال عامد بالمكاره والمكائد
    إلى أن يقول :
يا سعد وقيت النوى بالله إن جزت الغري وقف الركاب ونادها واخلع بها نعليك ملتثم واعمد إلى تقبيل أعتاب مولى البرية ذي التقى نجل الغطارفة الكرام كالبحر إلا إنه وقل : السلام عليك يا ومحط رحل المستضام يا آية الله التي والحجة الكبرى المناطة لولاك ما اتضح الرشاد كلا ونيران الضلالة لم والدين كان بناؤه وكفيت منها ما أكابد فعج على خير المشاهد هنيت في نيل المقاصد الثرى لله ساجد الإمام البر عامد علم الهدى حاوي المحامد الأريحيين الأماجد عذب المصادر والموارد كهف النجاة لكل وافد ! المستجير وكل وارد ظهرت فأعيت كل جاحد ! بالأقارب والأباعد ولا اهتدى فيه المعاند تكن أبدا خوامد لولاك منهد القواعد


(368)
حارت بك الأوهام و فمن اقتدى بك اهتدى يا من نعوذ باسمه وبه نلوذ من الزمان أنت المرجى في الفوادح مولاي معتقدي بإنك ومعاد أجسام الورى فلذلك الله العلي تدعو الأنام إلى الهدى خذها أبا حسن ! إلى اختلفت بمعناك العقايد وهوى ضلالا عنك حايد من كل شيطان ومارد ! وحين نودع في الملاحد والمؤمل في الشدايد علة الأشياء واحد يوم المعاد عليك عايد براك في الكونين قائد وعليهم في ذاك شاهد علياك أبكارا خرائد


(369)
القرن الثاني عشر
ـ 100 ـ
المولى مسيحا الفسوي
المولود 1037
المتوفى 1127
ما ارتحت مذ ركبت للبين جيراني يا صاحبي ! باتلافي أجيراني
    يقول فيها :
فضلي ومجدي وإتقاني ومعرفتي لو قلب الدهر أوراقي لصادفها دنياي قد ثكلتني فهي باكية واسوء بسط يد غلت إلى عنقي وقوست ألفي كالنون من نصب فيما ارتقابي سحبا غير ماطرة ؟ من لي بعاصف شملال يبلغني إلى الذي فرض الرحمان طاعته علي المرتضى الحاوي مدائحه ما أستعين بشملال ولا قدم تنزه الرب عن مثل يخبرنا كأن رحمته في طي سطوته عم الورى كرما فاق الذرى شمما فالدين منتظم والشمل ملتئم كالبرق في بسم والنار في ضرم فقاره وهي في غمد تجللها عادت بأجمعها أسباب حرماني آيات لقمان في أشعار حسان نجومها الدمع والعينان عيناني حتى بدى المزن بالأمطار باراني فكاد ينقلب ايران نيراني إلى م أرضى بأرض ليس ترعاني ؟! إلى الغري فيلقيني وينساني ؟! على البرية من جن وإنسان أسفار توراة بل آيات فرقان من ترب ساحته طوبى لأجفاني بأنه ورسول الله سيان آرام وجرة في آساد خفان روى الثرى عنما من نحر فرسان والكفر منهدم من سيفه القاني والماء في سجم من نهر أفنان آي الوعيد حواها جلد قرآن


(370)
قد اقتدى برسول الله في ظلم تعسا لهم كيف ضلوا بعد ما ظهرت فهل أريد سواه حيث قيل لهم هل ردت الشمس يوما لابن حنتمة ؟ هل جاد يوما أبو بكر بخاتمه وهل تظن تعالوا ندع أنفسنا أخص بالسطل والمنديل واحدهم ؟ أم ريثما صال عمرو بين أظهرهم أم خيبر كان وافى قبله بطلا ؟ أشالها لجميع الجند قنطرة ؟ أم ريثما انهزم الأصحاب في أحد من عصبة الشرك صفت حوله فئة سواه حامى رسول الله يطعنهم بالسيف والرمح والأنصال دافعهم حتى تبدد أهل الشرك وانهزموا والقوم بشرهم إبليس من كذب فارتاح أنفسهم سرا وقد ستروا وهل تصدق للنجوى سواه فتى هل في فراش رسول الله بات فتى لولاه لم يجدوا كفوا لفاطمة لولاه كان رسول الله ذا عقم لولاه لم يك سقف الدين ذا عمد لولاه ما خلقت أرض ولا فلك هو الذي كان بيت الله مولده والناس طرا عكوف عند أوثان لهم بوارق آيات وبرهان ؟ : هذا علي فمن والاه والاني ؟ أو هل هوى كوكب في بيت عثمان ؟ مناجيا بين تحريم وأركان ؟ في غيره نزلت ؟ عن ذاك حاشاني أم استحبوا بتفاح ورمان ؟ سواه صبغ منه السيف بالقاني ؟ سل المصاريع من مرصوص بنيان يجيزها الكل من رجل وركبان وظل خير الورى فردا بلا ثان ذات المخالب في أرياش عقبان بسمهري يحاكي لدغ ثعبان ؟ عن الرسول بإخلاص وإيقان شبه الحنادس إذ تمحى بنيران بقتل ( أحمد ) مصروعا بميدان أسرارهم خوف أبصار وآذان وقد مضى قبل نسخ الحكم يومان ؟ سواه إذ حف من نصل بنيران ؟ لولاه لم يفهموا أسرار فرقان لولاه ما اتقدت مشكاة إيمان لولاه لانهدمت أركانه الواني (1) لولاه لم يقترن بالأول الثاني فطهر البيت من أرجاس أوثان

1 ـ الواني : الضعيف البدن. يقال : نسيم وان : ضعيف الهبوب.
الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء الحادي عشر ::: فهرس