كتاب الغدير ـ الجزء الثاني ::: 11 ـ 20
(11)
نور سطع من الأرض الحرام ، فودع يغوث بالسلام. فكلمت قومي ما سمعت فإذا هاتف يقول :
هل تسمعن القول يا عوام ؟ قد كشف دياجر الظلام أم أنت ذو وقر عن الكلام؟ وأصفق الناس على الاسلام
    فقلت :
يا أيها الهاتف بالعوام لست بذي وقر عن الكلام
فبينن عن سنة الاسلام
    قال : وما كنت والله عرفت الاسلام قبل ذلك فأجابني يقول :
أرحل على اسم الله والتوفيق إلى فريق خير ما فريق رحلة لا وان ولا مشيق إلى النبي الصادق المصدوق
    فرميت الصنم وخرجت أريد النبي صلى الله عليه وآله فصادفت وفد همدان يدور بالنبي فدخلت عليه فأخبرته خبري فسر النبي صلى الله عليه وآله ثم قال : أخبر المسلمين : وأمرني بكسر الأصنام فرجعت إلى اليمن وقد امتحن الله قبلي بالاسلام وقلت في ذلك :
من مبلغ عنا شآم قومنا بأنا هدانا الله للحق بعدها وإنا سرينا من يغوث وقربه ومن حل بالأجواف سرا وجهرا تهود منا حائر وتنصرا يعوق وتابعناك يا خير الورى (1)
    5 ـ أخرج أبو نعيم في دلايل النبوة 1 ص 34 عن العباس بن مرداس السلمي قال : دخلت على وثن يقال له ( الضمار ) فكنست ما حوله ومسحته وقبلته فإذا بصايح يصيح يا عباس بن مرداس ؟
قل للقبايل من سليم كلها : أودى ( ضمار ) وكان يعبد مرة إن الذي ورث النبوة والهدى هلك الأنيس وفاز أهل المسجد قبل الكتاب إلى النبي محمد بعد ابن مريم من قريش مهتد
    فخرج العباس في ثلثمائة راكب من قومه إلى النبي صلى الله عليه وآله فلما
1 ـ أسد الغابة 4 ص 193 ، الإصابة 3 ص 41.

(12)
    رآه النبي تبسم ثم قال : يا عباس بن مرداس كيف كان إسلامك ؟ فقص عليه القصة فقال : صدقت وسر بذلك (1).
    6 ـ أخرج أبو نعيم في دلايله 1 ص 33 عن رجل خثعمي قال : إن قوما من خثعم كانوا مجتمعين عند صنم لهم إذ سمعوا بهاتف يهتف :
يا أيها الناس ذوو الأجسام ما أنتم وطائش الأحلام أعدل ذي حكم من الحكام ويردع الناس عن الآثام ومسندوا الحكم إلى الأصنام هذا نبي سيد الأنام يصدع بالنور وبالاسلام مستعلن في البلد الحرام
وأخرج أبو نعيم عن عمر قال : سمعت هاتفا يهتف ويقول :
يا أيها الناس ذوو الأجسام ما أنتم وطائش الأحلام أما ترون ما أرى أمامي ؟ أكرم به لله من إمام ومسندوا الحكم إلى الأصنام فكلكم أوره كالنعام (2) قد لاح للناضر من تهام قد جاء بعد الكفر بالاسلام
والبر والصلات للأرحام (3)
ورواه الخرائطي كما في تاريخ ابن كثير 2 ص 343 بإسناده واللفظ فيه :
يا أيها الناس ذوو الأجسام ما أنتم وطائش الأحلام أكلكم في حير النيام ؟ من ساطع يجلو دجى الظلام ذاك نبي سيد الأنام أكرمه الرحمن من إمام من بين أشياخ إلى غلام ومسند الحكم إلى الأصنام أم لا ترون ما الذي أمامي ؟ قد لاح للناظر من تهام قد جاء بعد الكفر بالاسلام ومن رسول صادق الكلام

1 ـ ابن شهر آشوب في المناقب 1 ص 61 ، تاريخ ابن كثير 2 ص 341.
2 ـ في البحار 6 ص 319. فكلكم أوره كالكهام. وروه فهو أوره. أي حمق. الكهام : الكليل. البطئ. المسن.
3 ـ الخصايص الكبرى 1 ص 133.


(13)
أعدل ذي حكم من الحكام والبر والصلات للأرحام والرجس والأوثان والحرام يأمر بالصلاة والصيام ويزجر الناس عن الآثام من هاشم في ذروة السنام
مستعلنا في البلد الحرام
    7 ـ أخرج أبو نعيم عن يعقوب بن يزيد بن طلحة التيمي عن رجل قال : كنا بقفرة من الأرض إذا هاتف من خلفنا يقول :
قد لاح نجم فأضاء مشرقة ذاك رسول مفلح من صدقه يخرج من ظلماء عسوف موبقه الله أعلى أمره وحققه (1)
    8 ـ أخرج البيهقي وابن عساكر عن ابن عباس إن رجلا قال : يا رسول الله ؟ خرجت في الجاهلية أطلب بعيرا شرد فهتف بي هاتف في الصبح يقول :
يا أيها الراقد في الليل الأجم من هاشم أهل الوفاء والكرم قد بعث الله نبيا في الحرم يجلو دجنات الدياجي والظلم
فأدرت طرفي فما رأيت له شخصا فقلت :
يا أيها الهاتف في داجي الظلم بين هداك الله في لحن الكلم أهلا وسهلا بك من طيف ألم ماذا الذي يدعو إليه ؟ يغتنم
فإذا أنا بنحنحة وقائل يقول : ظهر النور ، وبطل الزور ، وبعث الله محمدا بالخيور. ثم أنشأ يقول :
الحمد لله الذي أرسل فينا أحمدا صلى عليه الله ما لم يخلق الخلق عبث خير نبي قد بعث حج له ركب وحث (2)
    9 ـ أخرج أبو سعد في ( شرف المصطفى ) عن الجعد بن قيس المرادي قال : خرجنا أربعة أنفس نريد الحج في الجاهلية فمررنا بواد من أودية اليمن إذا بهاتف يقول :
ألا أيها الراكب المعرس بلغوا إذا ما وقفتم بالحطيم وزمزما

1 ـ الخصايص الكبرى 1 ص 104.
2 ـ الخصايص الكبرى 1 ص 109.


(14)
محمد المبعوث منا تحية وقولوا له : إنا لدينك شيعة تشيعه من حيث سار ويمما بذلك أوصانا المسيح بن مريما (1)
    10 ـ أخرج الحاكم في المستدرك 3 ص 253 عن عيش بن جبر قال : سمعت قريش في ليلة قائلا يقول على أبي قبيس :
فإن يسلم السعدان يصبح محمد بمكة لا يخشى خلاف مخالف
    فظنت قريش أنهما سعد تميم ، وسعد هذيم ، فلما كانت الليلة الثانية سمعوه يقول :
أيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا أجيبا إلى داعي الهدى وتمنيا فإن ثواب الله يا طالب الهدى ؟ ويا سعد سعد الخزرجين الغطارف على الله في الفردوس منية عارف جنان من الفردوس ذات رفارف
    فلما أصبحوا قال سفيان : هو والله سعد بن معاذ وسعد بن عبادة (2)
    11 ـ روى ابن سعد في طبقاته الكبرى 1 ص 215 ـ 219 ما ملخصه : لما هاجر سول الله صلى الله عليه وآله من مكة إلى المدينة ومر هو ومن معه بخيمتي أم معبد الخزاعية وهي قاعدة بفناء الخيمة فسألوها تمرا أو لحما يشترون ، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك ، وإذا القوم مرملون (3) مسنتون (4) فقالت : والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى شاة في كسر الخيمة ، فقال : ما هذه الشاة يا أم معبد ؟ قالت : هذه شاة خلفها الجهد عن الغنم ، فقال : هل بها من لبن ؟ قالت : هي أجهد من ذلك ، قال : أتأذنين لي أن أحلبها ؟ قالت : نعم بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبا ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله بالشاة فمسح ضرعها وذكر اسم الله وقال : أللهم ؟ بارك لها في شاتها. قال : فتفاجت (5) ودرت واجترت (6) فدعا بإناء لها يربض (7) الرهط فحلب فيه ثجا (8)
1 ـ الخصايص الكبرى 1 ص 109.
2 ـ ورواه ابن شهر آشوب في المناقب 1 ص 59.
3 ـ نفد زادهم وافتقروا.
4 ـ مجدبون.
5 ـ من التفاج هو المبالغة في تفريج ما بين الرجلين ، وهو من الفج أي الطريق.
6 ـ من الجرة وهي : ما يخرجه البعير من بطنه فيمضغه ثانيا.
7 ـ أي يرويهم حتى يناموا ويأخذوا راحتهم.
8 ـ ثج الماء ثجوجا : سال.


(15)
حتى غلبه الثمال (1) فسقاها فشربت حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا وشرب صلى الله عليه وآله آخرهم وقال : ساقي القوم آخرهم ، فشربوا جميعا عللا بعد نهل (2) حتى أراضوا (3) ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء فغادره عندها ثم ارتحلوا عنها. الحديث. وأصبح صوت بمكة عاليا بين السماء والأرض يسمعونه ولا يرون من يقول وهو يقول :
جرى الله رب الناس خير جزائه هما نزلا بالبر وارتحلا به فيال قصي ما زوى الله عنكم سلوا أختكم عن شاتها وإنائها دعاها بشاة حائفتحلبت فغادره رهنا لديها لحالب رفيقين حلا خيمتي أم معبد فأفلح من أمسى رفيق محمد به من فعال لا يجازى وسؤدد فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد له بصريح ضرة الشاة مزبد (4) تدر بها في مصدر ثم مورد (5)
    12 ـ أخرج ابن الأثير في أسد الغابة 5 ص 188 عن أبي ذؤيب الهذلي الشاعر إنه سمع ليلة وفاة النبي صلى الله عليه وآله هاتفا يقول :
خطب أجل أناخ بالاسلام قبض النبي محمد فعيوننا بين النخيل ومعقد الآطام (6) تذري الدموع عليه بالتسجام
وهناك هواتف في شؤون العترة النبوية منها :
    13 ـ أخرج الحافظ الكنجي في كفايته ص 261 : لما ولد في الكعبة علي ( أمير المؤمنين ) دخل أبو طالب الكعبة وهو يقول :
يا رب هذا الغسق الدجي بين لنا من أمرك الخفي والقمر المنبلج المضي ماذا ترى في إسم ذا الصبي

1 ـ الثمال بضم الثاء واحدة ثمالة : الرغوة. وما بقي في الإناء من ماء غيره.
2 ـ عللا. بالتحريك : شربا بعد شرب. نهل بالتحريك : أول الشرب.
3 ـ من أراض إراضة : روى.
4 ـ الصريح : الخالص. الضرة : أصل الثدي. المزبد : القاذف بالزبد.
5 ـ ورواها أبو نعيم في دلايل النبوة 2 ص 118.
6 ـ واحده الأطم بالضم : الأبنية المرتفعة كالحصون.


(16)
قال : فسمع صوت هاتف وهو يقول :
يا أهل بيت المصطفى النبي إن اسمه من شامخ العلي خصصتم بالولد الزكي علي اشتق من العلي
ثم قال : هذا حديث تفرد به مسلم بن خالد الزنجي وهو شيخ الشافعي.
    14 ـ ذكر الشبلنجي في نور الأبصار ص 47 : إن عليا ( أمير المؤمنين ) كان يزور قبر فاطمة في كل يوم فأقبل ذات يوم فانكب على القبر وبكى وأنشأ يقول :
مالي مررت على القبور مسلما يا قبر ما لك لا تجي ب مناديا ؟ قبر الحبيب فلا يرد جوابي أمللت بعدي خلة الأحباب
فأجابه هاتف يسمع صوته ولا يرى شخصه وهو يقول :
قال الحبيب : وكيف لي بجوابكم أكل التراب محاسني فنسيتكم فعليكم مني السلام تقطعت وأنا رهين جنادل وتراب ؟ وحجبت عن أهلي وعن أترابي مني ومنكم خلة الأحباب
    15 ـ روى ابن عساكر في تاريخه 4 ص 341 ، والكنجي في الكفاية عن أم سلمة قالت : لما كانت ليلة قتل الحسين ( الإمام السبط ) سمعت قائلا يقول :
أيها القاتلون جهلا حسينا كل أهل السماء يدعو عليكم قد لعنتم على لسان بن داود أبشروا بالعذاب والتنكيل من نبي ومرسل وقبيل وموسى وحامل الانج يل (1)
    
( موكب الشعراء )
    فمن هنا وهنا جاء بيمن السنة والكتاب من الصحابة الواكبين على الشعر مواكب بعين سيدهم نبي العظمة كالأسود الضارية تفترس أعراض الشرك والضلال ، وصقور جارحة تصطاد الأفئدة والمسامع ، وتلك المواكب كانت ملتفة حوله في حضره ، وتسري معه في سفره ، ورجالها فرسان الهيجاء ومعهم حسام الشعر ونبل القريض ، يجادلون دون مبدء الاسلام المقدس ، ويجاهدون بألسنتهم في سبيل الله ،
1 ـ ذكر ابن حجر منها بيتين ، ورواها شيخنا ابن قولويه المتوفى 367 ر 8 في كامله ص 30.

(17)
وفيهم نظراء :
    العباس عم النبي ، كعب بن مالك ، عبد الله بن رواحة ، حسان بن ثابت ، النابغة الجعدي ، ضرار الأسدي ، ضرار القرشي ، كعب بن زهير ، قيس بن صرمة ، أمية بن الصلت ، نعمان بن عجلان ، العباس بن مرداس ، طفيل الغنوي ، كعب بن نمط ، مالك بن عوف ، صرمة بن أبي أنس ، قيس بن بحر ، عبد الله بن حرب ، بحير بن أبي سلمى ، سراقة بن مالك.
    وقد أخذت هذه الروح الدينية بمجامع قلوب أفراد المجتمع ، ودبت في النفوس ودبجتها ، وخالطت الأرواح ، حتى مازجت نفوس المسلمات ، فأصبحت تغار على الدين وتكلأه ، وهن ربات الحجال تذب عن نبي الأمة ببديع النظم وجيد الشعر نظيرات :
    1 ـ أم المؤمنين ( الملكة ) خديجة بنت خويلد زوج النبي الطاهر صلى الله عليه وآله وكانت رقيقة الشعر جدا ، ومن شعرها في تمريغ البعير وجهه على قدمي النبي ونطقه بفضله كرامة له صلى الله عليه وآله قولها :
نطق البعير بفضل أحمد مخبرا هذا محمد خير مبعوث أتى يا حاسديه تمزقوا من غيضكم هذا الذي شرفت به أم القرى فهو الشفيع وخير من وطئ الثرى فهو الحبيب ولا سواه في الورى (1)
    2 ـ سعدى بنت كريز خالة عثمان بن عفان ، ومن شعرها في الدعاية الدينية :
عثمان يا عثمان يا عثمان ؟ هذا نبي معه البرهان وجاءه التنزيل والبرهان لك الجمال ولك الشان أرسله بحقه الديان فاتبعه لا تغيا بك الأوثان
فقالت : إن محمد بن عبد الله رسول الله ، جاء إليه جبريل يدعوه إلى الله.
    مصباحه مصباح ، وقوله صلاح ، ودينه فلاح ، وأمره نجاح ، لقرنه نطاح ، ذلت له البطاح ، ما ينفع الصياح ، لو وقع الرماح ، وسلت الصفاح ، ومدت الرماح ،
1 ـ بحار الأنوار 6 ص 103.

(18)
وتقول في إسلام عثمان :
هدى الله عثمان الصفي بقوله فتابع بالرأي السديد محمدا وأنكحه المبعوث إحدى بناته فداءك يا بن الهاشميين ؟ مهجتي فأرشده والله يهدي إلى الحق وكان ابن أروى لا يصد عن الحق فكان كبدر م ازج الشمس في الأفق فأنت أمين الله أرسلت في الخلق (1)
    3 ـ الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى أخت النبي الأقدس من الرضاعة ، تقول في النبي صلى الله عليه وآله :
يا ربنا ؟ أبق لنا محمدا ثم أراه سيدا مسددا حتى أراه يافعا وأمردا وأكبت أعاديه معا والحسدا
وأعطه عزاً يدوم أبداً (2)
    4 ـ هند بنت أبان (3) بن عباد بن المطلب ، لها عدة قواف في النبي الطاهر صلى الله عليه وآله توجد في الطبقات الكبرى لابن سعد 4 ص 148 وهي تجابه هند بنت عتبة في وقعة أحد في قولها تفتخر بقتل حمزة ومن أصيب من المسلمين :
نحن جزيناكم بيوم بدر ما كان عن عتبة لي من صبر شفيت وحشي ؟ غليل صدري والحرب بعد الحرب ذات سعر أبي وعمي وشقيق بكري شفيت نفسي وقضيت نذري
فأجابتها هند بنت أبان بقولها :
جزيت في بدر وغير بدر صبحك الله غداة الفجر بكل قطاع حسام يفري يا بنت وقاع عظيم الكفر بالهاشميين الطوال الزهر حمزة ليثي وعلي صقري (4)
    5 ـ خنساء بنت عمرو حفيدة امرؤ القيس ، قد أكثرت من الشعر ، وأجمع أهل
1 ـ الإصابة 4 ص 372 و 328.
2 ـ الإصابة 4 ص 344.
3 ـ في الطبقات الكبرى لابن سعد وأسد الغابة : أثاثة بن عباد.
4 ـ أسد الغابة 5 ص 559 ، الإصابة 4 ص 421.


(19)
    العلم بالشعر أنه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها وكان النبي صلى الله عليه وآله يعجبه شعرها ويستنشده (1).
    6 ـ رقيقة ( بقافين مصغرة ) بنت أبي صيفي بن هاشم بن عبد المطلب بن هاشم هي التي أخبرت رسول الله بأن قريشا قد اجتمعت تريد شأنك الليلة فتحول رسول الله صلى الله عليه وآله عن فراشه وبات فيه علي أمير المؤمنين (2) لها شعر جيد منها قولها في استسقاء عبد المطلب لقريش ومعه رسول الله صلى الله عليه وآله يافعا أوله :
بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا وقد فقدنا الحيا واجلوذ المطر (3)
    7 ـ أروى بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وصاحبة الاحتجاج المشهور على معاوية يأتي في ترجمة عمرو بن العاص ، ولها شعر في رثاء النبي صلى الله عليه وآله منه أبيات أولها.
ألا يا عين ويحك أسعديني بدمعك ما بقيت وطاوعيني
ومنها أبيات مستهلها :
ألا يا رسول الله ؟ كنت رجاءنا وكنت بنا برا ولم تك جافيا
وتقول فيها :
أفاطم ؟ صلى الله رب محمد أبا حسن ؟ فارقته وتركته على جدث أمسى بيثرب ثاويا فبك بحزن آخر الدهر شاجيا (4)
    8 ـ عاتكة بنت عبد المطلب
    9 ـ صفية بنت عبد المطلب
    10 ـ هند بنت الحارث
    11 ـ زوج النبي أم سلمة
    12 ـ عاتكة بنت زيد بن عمرو
    13 ـ خادمة النبي أم أيمن (5) وكانت عايشة زوج النبي صلى الله عليه وآله تحفظ الشعر الكثير ، وكانت تقول :
1 ـ الاستيعاب ( هامش الإصابة ) 4 ص 295 ، 296 ، أسد الغابة 5 ص 441.
2 ـ الإصابة 4 ص 303.
3 ـ أسد الغابة 5 ص 455 ، الخصايص الكبرى 1 ص 80.
4 ـ توجد بقية الأبيات في الطبقات الكبرى لابن سعد 4 ص 142 ، 143.
5 ـ تجد شعر هؤلاء في طبقات ابن سعد 4 ص 144 ـ 148 ، مناقب ابن شهر آشوب 1 ص 169 وغيرهما.


(20)
    أرويت للبيد اثنى عشر ألف بيت (1) وكان صلى الله عليه وآله يستنشدها الشعر ويقول : أبياتك. ومما أنشدت :
إذا ما التبر حك على محك وبان الزيف والذهب المصفى تبين غشه من غير شك ( علي ) بيننا شبه المحك (2)
    
( الشعر والشعراء عند الأئمة )
    هذه الدعاية الروحية ، والنصرة الدينية ، المرغب فيها بالكتاب والسنة ، والمجاهدة دون المذهب بالشعر ونظم القريض ، كانت قائمة على ساقها في عهد أئمة العترة الطاهرة تأسيا منهم بالنبي الأعظم ، وكانت قلوب أفراد المجتمع تلين لشعراء أهل البيت فتتأثر بأهازيجهم حتى تعود مزيجة نفسياتهم.
    وكان الشعراء يقصدون أئمة العترة من البلاد القاصية بقصايدهم المذهبية ، وهم صلوات الله عليهم يحسنون نزل الشاعر وقراه ، ويرحبون به بكل حفاوة وتبجيل ، و يحتفلون بشعره ويدعون له ، ويزودونه بكل صلة وكرامة ، ويرشدونه إلى صواب القول إن كان هناك خلل في النظم ، ومن هنا أخذ الأدب في تلك القرون في التطور و التوسع حتى بلغ إلى حد يقصر دونه كثير من العلوم والفنون الاجتماعية.
    وقد يكسب الشعر بناحيته هذه أهمية كبرى عند حماة الدين أهل بيت الوحي حتى يعد الاحتفال به ، والاصغاء إليه ، وصرف الوقت النفيس دون سماعه واستماعه من أعظم القربات وأولى الطاعات ، وقد يقدم على العبادة والدعاء في أشرف الأوقات وأعظم المواقف ، كما يستفاد من قول الإمام الصادق عليه السلام وفعله بهاشميات الكميت لما دخل عليه في أيام التشريق بمنى فقال له : جعلت فداك ألا أنشدك ؟ قال : إنها أيام عظام قال : إنها فيكم ، فلما سمع الإمام عليه السلام مقاله بعث إلى ذويه فقر بهم إليه وقال : هات فأنشده لاميته من الهاشميات فحظي بدعائه عليه السلام له وألف دينار وكسوة. وسنوقفك على تفصيل هذا الاجمال في ترجمة كميت والحميري ودعبل.
    ونظرا إلى الغايات الاجتماعية كان أئمة الدين يغضون البصر من شخصيات الشاعر
1 ـ الاستيعاب ( هامش الإصابة ) 3 ص 328.
2 ـ الكنز المدفون للسيوطي 236.
كتاب الغدير ـ الجزء الثاني ::: فهرس