كتاب الغدير ـ الجزء الثاني ::: 61 ـ 70
(61)
المعالي ، وأبي عبد الله محمد بن عمر بأسانيدهم عن سعد بن طريف الحنظلي عن أبي جعفر محمد بن علي ( الإمام الباقر ) قال : نادى ملك من السماء يوم بدر يقال له : رضوان :
لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي
    ثم قال : قلت : أجمع أئمة الحديث على نقل هذا الجزء كابرا عن كابر رزقناه عاليا بحمد الله عن الجم الغفير كما سقناه ، ورواه الحاكم مرفوعا ، وأخرجه عنه البيهقي في مناقبه ، أخبرنا بذلك الحافظ ابن النجار ، أخبرنا المؤيد الطوسي ( إلى آخر السند ) عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله يوم بدر : هذا رضوان ملك من ملائكة الله ينادي :
لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي
    وأخرجه محب الدين الطبري باللفظ المذكور في رياضه ص 190 ، وذخاير العقبى ص 74 ، والخوارزمي في المناقب ص 101 حديث جابر ، وفي كتاب ( صفين ) لنصر بن مزاحم ص 257 ، وفي ط مصر ص 546 عن جابر بن نمير ـ الصحيح : عمير ـ الأنصاري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول كثيرا :
لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي
( ومن شعر حسان )
وإن مريم أحصنت فرجها فقد أحصنت فاطم بعدها وجاءت بعيسى كبدر الدجى وجاءت بسبطي نبي الهدى (1)
    يشير إلى ما صح عن النبي الطاهر في بضعته الصديقة ( فاطمة ) : إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار. أخرجه الحاكم في المستدرك 3 ص 152 وقال : هذا حديث صحيح الاسناد. والخطيب في تاريخه 3 ص 54 ، ومحب الدين الطبري في ( ذخاير العقبى ) ص 48 عن أبي تمام في فوائده ، وصدر الحفاظ الكنجي الشافعي في ( الكفاية ) ص 222 بإسناده عن حذيفة بن اليمان قال قال رسول الله : إن فاطمة أحصنت فرجها فحرمها الله وذريتها على النار ، وفي ص 223 بسند آخر عن ابن مسعود بلفظ
1 ـ ذكره ابن شهر آشوب السروي في ( المناقب ) 4 ص 24.

(62)
حذيفة ، والسيوطي في ( إحياء الميت ) ص 257 عن ابن مسعود من طريق البزاز وأبي يعلى والعقيلي والطبراني وابن شاهين ، وأخرجه في ( جمع الجوامع ) من طريق البزار والعقيلي والطبراني والحاكم بلفظ حذيفة اليماني ، وذكر المتقي الهندي في إكماله في ( كنز العمال ) 6 ص 219 من طريق الطبراني بلفظ : إن فاطمة أحصنت فرجها وإن الله أدخلها بإحصان فرجها وذريتها الجنة. وابن حجر في ( الصواعق ) من طريق أبي تمام (1) والبزار والطبراني وأبي نعيم باللفظ المذكور وقال : وفي رواية فحرمها الله وذريتها على النار. ورواه في ص 112 من طريق البزار وأبي يعلى والطبراني والحاكم باللفظ الثاني ، وذكره الشبلنجي في ( نور الأبصار ) ص 4 باللفظين.
( الشاعر )
    أبو الوليد حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي ابن عمرو بن مالك النجار ( تيم الله ) بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة ابن ثعلبة العنقاء ( سمي به لطول عنقه ) ابن عمرو بن عامر بن ماء السماء بن حارثة الغطريف ابن امرؤ القيس البطريق ابن ثعلبة البهلول ابن مازن بن الأزد بن الغوث ابن بنت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبا بن يشحب بن يعرب بن قحطان (2).
    بيت حسان أحد بيوتات الشعر ، عريق في الأدب ونظم القريض ، قال المرزباني في ( معجم الشعراء ) ص 366 : قال دعبل والمبرد : أعرق الناس كانوا في الشعر آل حسان فمنهم يعدون ستة في نسق كلهم شاعر : سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام. ا ه‍. وولده عبد الرحمن المذكور شاعر قليل الحديث توفي 104 ، وفيه وفي والده حسان قال شاعر.
فمن للقوافي بعد حسان وابنه ومن للمثاني بعد زيد بن ثابت
    وأما المترجم نفسه فعن أبي عبيدة : إن العرب قد اجتمعت على أن حسان
1 ـ في الصواعق : تمام. والصحيح : أبو تمام.
2 ـ كذا سرده أبو الفرج في الأغاني 4 ص 3.


(63)
أشعر أهل المدن وإنه فضل الشعراء بثلاث : كان شاعر الأنصار. وشاعر النبي في أيامه صلى الله عليه وآله. وشاعر اليمن كلها في الاسلام. قال له النبي صلى الله عليه وآله : ما بقي من لسانك ؟ فأخرج لسانه حتى قرع بطرفه طرف أرنبته ثم قال : والله إني لو وضعته علي صخر لفلقه ، أو على شعر لحلقه ، وما يسرني به مقول من معد (1) وكان وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يضع له منبرا في مسجده الشريف يقوم عليه قائما ويفاخر عن رسول الله ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح أو فاخر عن رسول الله (2).
    كانت الحالة على هذا في عهد النبي صلى الله عليه وآله ، ولما توفي صلى الله عليه و وآله مر عمر على حسان وهو ينشد في المسجد فانتهره (3) فقال : أفي مسجد رسول الله تنشد ؟ فقال : كنت أنشد وفيه من هو خير منك. ثم التفت إلى أبي هريرة فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : أجب عني ، أللهم أيده بروح القدس ؟ قال : نعم. قال أبو عبد الله الآبي المالكي في شرح صحيح مسلم 317 : وهذا يدل على أن عمر رضي الله عنه كان يكره إنشاد الشعر في المسجد ، وكان قد بنى رحبة خارجه وقال : من أراد أن يلغط أو ينشد شعر فليخرج إلى هذه الرحبة.
    كل ذلك على خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وفي وقته أفحمه حسان بما ذكر من قوله : لكن لا رأي لمن لا يطاع. وقبل حسان نهاه النبي صلى الله عليه وآله عن فكرته هذه وفهمه بما هناك من الغاية الدينية المتوخاة حين تعرض على عبد الله بن رواحة لما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يطوف البيت على بعير وعبد الله آخذ بغرزه وهو يقول :
خلوا بني الكفار عن سبيله خلوا فكل الخير مع رسوله

1 ـ البيان والتبيين للجاحظ 1 ص 68 و 150.
2 ـ مستدرك الحكام 3 ص 287 بإسناده صححه هو والذهبي.
3 ـ كذا في لفظ ابن عبد البر في الاستيعاب ، وابن عساكر في تاريخه 4 ص 126 ، وفي لفظ مسلم في الصحيح 2 ص 384 : فلحظ إليه. وفي لفظ لأحمد في مسنده 5 ص 222 : فقال : مه.


(64)
نحن ضربناكم على تنزيله ويذهل الخليل عن خليله ضربا يزيل الهام عن مقيله يا رب إني مؤمن بقيله
    فقال له عمر : أو هاهنا يا ابن رواحة أيضا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أو ما تعلمن أولا تسمع ما قال ؟ ؟! ! ( وفي رواية أبي يعلى ) إن النبي قال : خل عنه يا عمر ؟ فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل (1).
    وكان حسان من المعروفين بالجبن ذكره ابن الأثير في ( أسد الغابة ) 2 ص 6 وقال : كان من أجبن الناس. وعده الوطواط في ( غرر الخصايص ) ص 355 من الجبناء وقال : ذكر ابن قتيبة في كتاب ( المعارف ) : إنه لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله مشهدا قط قالت صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله : كان معنا حسان في حصن فارغ يوم الخندق مع النساء والصبيان فمر بنا في الحصن رجل يهودي فجعل يطوف بالحصن ( وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله ، وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا ، ورسول الله والمسلمون في نحور عدوهم لا يستطيعون أن ينصرفوا إلينا إن أتانا آت ) قالت : قلت : يا حسان ؟ أنا والله لا آمن من أن يدل علينا هذا اليهودي أصحابه ، ورسول الله صلى الله عليه وآله قد شغل عنا فأنزل إليه واقتله ، قال : يغفر الله لك ( يا بنة عبد المطلب ) ما أنا بصاحب شجاعة ، قال : فلما قال لي ذلك ولم أر عنده شيئا اعتجرت (2) ثم أخذت عمودا ونزلت إليه فضربته بالعمود حتى قتلته ، ثم رجعت إلى الحصن وقلت : يا حسان أنزل إليه واسلبه فإنه لم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل ، فقال : ما لي بسلبه من حاجة [ يا بنة عبد المطلب ] (3) وكان حسان اقتدى في فعله بهذا الشاعر في قوله :
باتت تشجعني هند وماعلمت لا والذي منع الأبصار رؤيته إن الشج اعة مقرون بهاالعطب ما يشتهي الموت عندي من له إرب

1 ـ تاريخ ابن عساكر 7 ص 391.
2 ـ أي لبست المعجر. وفي سيرة ابن هشام : احتجزت يقال : احتجزت المرأة : أي شدت وسطها.
3 ـ وإلى هنا ذكره ابن هشام في سيرته 3 ص 246 ، وابن عساكر في تاريخه 4 ص 140 ، وابن الأثير في أسد الغابة 2 ص 6 ، والعباسي في المعاهد 1 ص 74 ، والجمل التي جعلناها بين القوسين من لفظ ابن هشام.


(65)
للحرب قوم أضل الله سعيهم ولست منهم ولا أبغي فعالهم إذا دعتهم إلى نيرانها وثبوا لا القتل يعجبني منهم ولا السلب
    ( قال الأميني ) : هذا ما نقله الوطواط عن ( المعارف ) لابن قتيبة لكن أسفي على مطابع مصر وعلى يد الطبع الأمينة فيها فإنها تحرف الكلم عن مواضعها فأسقطت هذه القصة عن ( المعارف ) كما حرفت عنه غيرها.
    ولد المترجم قبل مولد النبي القدسي صلى الله عليه وآله بثمان سنين ، وعاش عند الجمهور مائة وعشرين سنة ، وقال ابن الأثير : لم يختلفوا في عمره. وفي المستدرك 3 ص 486 ، وأسد الغابة 2 ص 7 : أربعة تناسلوا من صلب واحد عاش كل منهم مائة وعشرين سنة وهم : حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام.
    يكنى بأبي الوليد ، وأبي المضرب ، وأبي حسام ، وأبي عبد الرحمن ، والأول أشهر ، وكان يقال له : الحسام. وذلك لكثرة دفاعه عن حامية الاسلام المقدس بشعره. وروى الحاكم عن المصعب أنه قال : عاش حسان ستين في الجاهلية وستين في الاسلام. وذهب بصره وتوفي على قول سنة 55 (1) أعمى البصر والبصيرة كما نص عليه الصحابي الكبير سيد الخزرج قيس بن سعد بن عبادة لما عزله أمير المؤمنين عليه السلام من ولاية مصر ، ورجع إلى المدينة فإنه حينما قدمها جاءه حسان شامتا به وكان عثمانيا بعد ما كان علويا فقال له : نزعك علي بن أبي طالب وقد قتلت عثمان فبقي عليك الإثم ولم يحسن لك الشكر. فزجره قيس وقال : يا أعمى القلب وأعمى البصر ؟ والله لولا أن القي بين رهطي ورهطك حربا لضربت عنقك ، ثم أخرجه من عنده (2)
1 ـ هذا أحد القولين في المستدرك ، وقد كثر الخلاف في وفاته ، وصحح ابن كثير في تاريخه سنة 54.
2 ـ تاريخ الطبري 5 231 ، شرح النهج لابن أبي الحديد 2 ص 25.


(66)

(67)
3 قيس الأنصاري
قلت لما بغى العدو علينا حسبنا ربنا الذي فتح البص حسبنا ربنا ونعم الوكيل رة بالأمس والحديث طويل
    ويقول فيها :
وعلي إمامنا وإمام يوم قال النبي : من كنت مولاه إنما قاله النبي على الأمة لسوانا أتى به التنزيل فهذا مولاه خطب جليل حتم ما فيه قال وقيل
    
( ما يتبع الشعر )
    هذه الأبيات أنشدها الصحابي العظيم ، سيد الخزرج ، قيس بن سعد بن عبادة بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام بصفين ، رواها شيخنا المفيد ، معلم الأمة المتوفى 413 في ( الفصول المختارة ) 2 ص 87 وقال بعد ذكرها : إن هذه الأشعار مع تضمنها الاعتراف بإمامة أمير المؤمنين ، فهي دلائل على ثبوت سلف الشيعة وإبطال عناد المعتزلة في إنكارهم ذلك.
    وذكرها في رسالته في معنى المولى وقال فيها : قصيدة قيس التي لا يشك أحد من أهل النقل فيها ، والعلم بها من قبوله كالعلم بنصرته لأمير المؤمنين وحربه أهل البصرة وصفين معه ، وهي التي أولها :
قلت لما بغى العدو علينا حسبنا ربنا ونعم الوكيل
    فشهد هكذا شهادة قطعية بإمامة أمير المؤمنين عليه السلام من جهة خبر يوم الغدير ، صرح بأن القول فيه يوجب رياسته على الكل وإمامته عليهم.
    ورواها سيدنا الشريف الرضي المتوفى 406 في خصايص الأئمة ، وقال : إتفق حملة الأخبار على نقل شعر قيس وهو ينشده بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام بعد


(68)
رجوعهم من البصرة في قصيدته التي أولها :
قلت لما بغى العدو علينا : حسبنا ربنا ونعم الوكيل
    وهذان الشاعران [ قيس وحسان ] صحابيان شهدا بالإمامة لأمير المؤمنين شهادة من حضر المشهد وعرف المصدر والمورد.
    وأخرجها العلم الحجة الشيخ عبيد الله السدابادي في المقنع ـ الموجود عندنا ـ فقال : قالوا : ومن الدليل على أن أمير المؤمنين هو الإمام المنصوص عليه قول قيس بن سعد بن عبادة ، وهذا من خيار الصحابة يشهد له بالإمامة ، وإنه منصوص عليه ، وإنه خولف ، وقال الكميت بن زيد يصدق قول قيس بن سعد وحسان بن ثابت.
    ورواها العلامة الكراجكي المتوفى 449 في كنز الفوائد ص 234 فقال : إنه مما حفظ عن قيس بن سعد بن عبادة وإنه كان يقوله بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام بصفين ومعه الراية.
    وأخرجها أبو المظفر سبط ابن الجوزي الحنفي المتوفى 654 في ( التذكرة ) ص 20 فقال : إن قيس أنشدها بين يدي علي بصفين.
    ورواها سيدنا هبة الدين الراوندي في ( المجموع الرائق ) ـ الموجود عندنا ـ و المفسر الكبير الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره 2 ص 193 ، وشيخ السروي الآتي شيخنا الشهيد الفتال في ( روضة الواعظين ) ص 90 ، وسيدنا القاضي نور الله المرعشي الشهيد 1019 في ( مجالس المؤمنين ) ص 101 ، والعلامة المجلسي المتوفى 1111 في ( البحار ) 9 ص 245 ، والسيد علي خان المتوفى 1120 في ( الدرجات الرفيعة ) ـ الموجود عندنا ـ في ذكر غزوة صفين ، وشيخنا صاحب ( الحدايق ) البحراني المتوفى 1186 في كشكوله 2 ص 18. وجمع آخر من متأخري أعلام الطايفة.
( الشاعر )
    أبو القاسم وقيل : أبو الفضل (1) قيس بن سعد بن عبادة بن دليم (2) بن حارثة ابن
1 ـ وقيل : أبو عبد الله. وقيل : أبو عبد الملك.
2 ـ في تهذيب التهذيب : دليهم.


(69)
أبي حزيمة [ بالحاء المهملة المفتوحة ] (1) ابن ثعلبة بن ظريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأكبر (2) بن حارثة بن ثعلبة. إلى آخر النسب المذكور ص 56. أمه فكيهة بنت عبيد بن دليم بن حارثة.
    هو ذلك الصحابي العظيم ، كان يعد من أشراف العرب ، وأمرائها ، ودهاتها ، وفرسانها ، وأجوادها ، وخطباؤها ، وزهادها ، وفضلائها ، ومن عمد الدين وأركان المذهب.
    ( أما شرفه )
    فكان هو سيد الخزرج وابن سادتها ، وقد حاز بيته الشرف والمجد جاهلية وإسلاما ، قال سليم بن قيس الهلالي في كتابه : إن قيس بن سعد كان سيد الأنصار وابن سيدها. وفي كامل المبرد 1 ص 309 : كان شجاعا جوادا سيدا. وقال أبو عمرو الكشي في رجاله ص 73 : لم يزل قيس سيدا في الجاهلية والاسلام وأبوه و جده وجد جده لم يزل فيهم الشرف ، وكان سعد يجير فيجار وذلك له لسؤدده ، ولم يزل هو وأبوه أصحاب إطعام في الجاهلية والاسلام ، وقيس ابنه بعده على مثل ذلك. وفي الاستيعاب 2 ص 538 : كان قيس شريف قومه غير مدافع هو وأبوه وجده. وفي أسد الغابة 4 ص 215 : كان شريف قومه غير مدافع ومن بيت سيادتهم. وقال ابن كثير في تاريخه 8 ص 99 : كان سيدا مطاعا كريما ممدوحا شجاعا. وقال المترجم له في أبيات له :
وإني من القوم اليمانين سيد وبز جميع الناس أصلي ومنصبي وما الناس إلا سيد ومسود وجسم به أعلو الرجال مديد
    وكان والده أحد النقباء الاثنى عشر الذين ضمنوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم إسلام قومهم والنقيب : الضمين. راجع تاريخ ابن عساكر 1 ص 86.
    ( وأما إمارته )
    ففي العهد النبوي كان من النبي صلى الله عليه وآله بمنزلة صاحب الشرطة
1 ـ وقيل : حارثة بن خزيم بن أبي خزيمة بالمعجمة المضمومة ، تاريخ الخطيب 1 ص 177.
2 ـ هنا يتحد المترجم مع حسان في النسب.


(70)
من الأمير يلي ما يلي من أموره (1) وكان حامل راية الأنصار مع رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض الغزوات ، واستعمله على الصدقة ، وكان من ذوي الرأي من الناس (2) وبعده ولاه أمير المؤمنين عليه السلام مصر وكان أميرها الطاهر.
    كان قيس من شيعة علي عليه السلام ومناصحيه بعثه علي أميرا على مصر في صفر سنة 36 ، وقال له : سر إلى مصر فقد وليتكها ، واخرج إلى ظاهر المدينة ، واجمع إليك ثقاتك ومن أحببت أن يصحبك حتى تأتي مصر ومعك جند ، فإن ذلك أرعب لعدوك وأعز لوليك ، فإذا أنت قدمتها إنشاء الله فأحسن إلى المحسن ، واشدد على المريب ، و أرفق بالعامة والخاصة فإن الرفق يمن.
    فقال قيس : رحمك الله يا أمير المؤمنين ؟ قد فهمت ما ذكرت ، فأما الجند فإني أدعه لك ، فإذا احتجت إليهم كانوا قريبا منك ، وإن أردت بعثتهم إلى وجه من وجوهك كان لك عدة ، ولكني أسير إلى مصر بنفسي وأهل بيتي ، وأما ما أوصيتني به من الرفق والاحسان فالله تعالى هو المستعان على ذلك.
    فخرج قيس في سبعة نفر من أهله حتى دخل مصر مستهل ربيع الأول فصعد المنبر فجلس عليه خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وقال : الحمد لله الذي جاء بالحق. وأمات الباطل ، وكبت الظالمين ، أيها الناس ؟ إنا بايعنا خير من نعلم بعد نبينا محمد ( صلى الله عليه وآله ) فقوموا فبايعوا على كتاب الله وسنة رسوله ، فإن نحن لم نعلم لكم بذلك فلا بيعة لنا عليكم.
    فقام الناس فبايعوا واستقامت مصر وأعمالها لقيس وبعث عليها عماله إلا أن قرية منها يقال لها : خربتا (3) قد أعظم أهلها قتل عثمان وبها رجل من بني كنانة يقال له : يزيد ابن الحارث فبعث إلى قيس إنا لا نأتيك فابعث عمالك فالأرض أرضك ولكن أقرنا على
1 ـ صحيح الترمذي 2 ص 317 ، سنن البيهقي 8 ص 155 ، مصابيح البغوي 2 ص 51 ، الاستيعاب 2 ص 538 ، أسد الغابة 4 ص 215 ، الإصابة 5 ص 354 ، تهذيب التهذيب 6 ص 394 ؟ ؟ ، مجمع الروايد 9 ص 345.
2 ـ تاريخ ابن عساكر ، تاريخ ابن كثير 8 ص 99.
3 ـ بفتح الخاء وكسرها وكسر الراء المهملة ثم الموحدة الساكنة.
كتاب الغدير ـ الجزء الثاني ::: فهرس