كتاب الغدير ـ الجزء الثاني ::: 251 ـ 260
(251)
به ينعش الله جمع العباد أتاني برهانه معلنا كمن صد بعد بيان الهدى ويجري البلاغة في الناطق فدنت ولم أك كالمائق إلى حبتر وأبي حامق
    فقال الطائي : أحسنت الآن أتيت رشدك. وبلغت أشدك. وتبوأت من الخير موضعا ومن الجنة مقعدا. وأنشأ السيد يقول :
تجعفرت باسم الله والله أكبر ............
    ذكر منها خمسة أبيات ثم ذكر من بائيته المذكورة ستة أبيات فقال : وأنشد فيه ( يعني الصادق عليه السلام ) :
أمدح أبا عبد الإله سبط النبي محمد تغشى العيون الناظرات عذب الموارد بحسره بحر أطل على البحور سقت العباد يمينه يحكي السحاب يمينه الأرض ميراث له يا حجة الله الجليل وابن الوصي المصطفى أنت ابن بنت محمد فضياء نورك نوره فيك الخلاص عن الردى أئني ولست ببالغ فتى البرية في احتماله حبل تفرع من حباله إذا سمون إلى جلاله يروي الخلايق من سجاله يمدهن ندى بلاله (1) وسقـى البلاد ندى شماله والودق يخرج من خلاله والناس طرا في عياله وعينه وزعيم آله وشبيه أحمد في كماله حذوا خلقت على مثاله وظلال روحك من ظلاله وبك الهداية من ضلاله عشر الفريدة من خصاله
    6 ـ كلمة الأربلي : قال في ( كشف الغمة ) ص 124 : السيد الحميري رحمه الله كان كيسانيا يقول برجعة أبي القاسم محمد بن الحنفية فلما عرفه الإمام جعفر بن محمد
1 ـ كذا في النسخة وأحسبه : نواله.

(252)
الصادق عليهما السلام الحق والقول بمذهب الإمامية الاثنى عشرية ترك ما كان عليه و رجع إلى الحق وقال به ، وشعره رحمه الله في مذهبه مشهور لا حاجة إلى ذكره لاشتهاره. وينبأك عن مذهبه الحق الصحيح قوله :
على آل الرسول وأقربيه أليسوا في السماء هم نجوم ؟ فيا من قد تحير في ضلال رسول الله يوم [ غدير خم ] وثاني أمره الحسن المرجى وثالثه الحسين فليس يخفى ورابعهم علي ذو المساعي وخامسهم محمد ارتضاه وجعفر سادس النجباء بدر وموسى سابع وله مقام علي ثامن والقبر منه وتاسعهم طريد بني البغايا وعاشرهم علي وهو حصن وحادي العشر مصباح المعالي وثاني العشر حان له القيام أولئك في الجنان بهم مساغي سلام كلما سجع الحمام وهم أعلام عز لا يرام أمير المؤمنين هو الإمام أناف به وقد حضر الأنام له بيت المشاعر والمقام سنا بدر إذا اختلط الظلام به للدين والدنيا قوام له في المأثرات إذن مقام ببهجته زها البدر التمام تقاصر عن أدانيه الكرام بأرض الطوس إن قحطوا رهام (1) محمد الزكي له حسام يحن لفقده البلد الحرام منير الضوء الحسن الهمام محمد الزكي به اعتصام وجيرتي الخوامس والسلام
    نقد أو إصحار بالحقيقة
    قال الدكتور طه حسين المصري في ـ ذكرى أبي العلاء ـ ص 358 : التناسخ معروف عند العرب منذ أواخر القرن الأول والشيعة تدين به وببعض المذاهب التي تقرب منه كالحلول والرجعة ، وليس بين أهل الأدب من يجهل ما كان من سخافات الحميري وكثير في ذلك.
1 ـ الرهمة : المطر الخفيف الدائم ج رهم ورهام.

(253)
    كنت لا أعجب لو كان هذا العزو المختلق صادرا ممن تقدم طه حسين من بسطاء الأعصر الخرافية الذين قالوا وهم لا يشعرون ، وجمعوا من غير تمييز ، وألفوا لا عن تنقيب ، وعزوا من دون دراية. لكن عجبي كله من مثل هذا الذي يرى نفسه منقبا ويحسبه فذا من أفذاذ هذا العصر الذهبي ، عصر النور ، عصر البحث والتنقيب الذي مني بمثل هذا الدكتور وأمثال من جمال مستنوقة (1) يسرون حسوا في ارتغاء (2) يريدون أن يفخذوا أمة كبيرة تعد بالملايين عن الأمة الإسلامية بنسبة الالحاد إليهم من تناسخ وحلول ، فتلعن هؤلاء أولئك لاعتقادهم بكفرهم ، وتغضب أولئك على هؤلاء عندما يقفون على مثل هذا الإفك الشائن ، فيقع ما لا تحمد مغبته من شق العصا وتفريق الكلمة ، وذلك منية من قيض طه ( حسين ) لمثل هذا المعرة وأثابه عليها.
    ألم يسائل هذا الرجل باحث عن مصدر هاتين الفريتين ؟! هل قرأهما في كتاب من كتب الشيعة ؟! أم سمعهما عن شيعي ؟! أو بلغه الخبر عن عالم من علماء الإمامية ؟! وهؤلاء الشيعة وكتبهم منذ العصور المتقادمة حتى اليوم تحكم بكفر من يقول بالتناسخ والحلول وتدين بالبرائة منه ، فهلا راجع الدكتور هاتيك الكتب قبل أن يرمي لا عن سدد ؟! وتخط يمينه لا عن رشد ؟! نعم سبقه في نسبة التناسخ إلى السيد ابن حزم الأندلسي في ( الفصل ) وقد عرفت ابن حزم ونزعاته في الجزء الأول ص 323 ـ 339. وأما القول بالرجعة فليس من سنخ القول بالتناسخ والحلول وقد نطق بها الكتاب والسنة كما فصل في طيات الكتب الكلامية وتضمنته التآليف التي أفردها أعلام الإمامية فيها ، وقد عرف من وقف على أخبار السيد وشعره وحجاجه برائته عن كل ما نبذه به من سخافة إن لم يكن الدكتور ممن يرى أن التهالك في موالاة أهل البيت ومودتهم ومدحهم والذب عنهم سخافة.

    حديثه مع من لم يتشيع
    لم يكن يرى السيد لمناوئي العترة الطاهرة صلوات الله عليهم حرمة وقدرا ، وكان يشدد النكير عليهم في كل موقف ويلفظهم بألسنة حداد بكل حول وطول ، و
1 ـ مثل ساير.
2 ـ مثل يضرب.


(254)
له في ذلك أخبار منها :
    1 ـ عن محمد بن سهل الحميري عن أبيه قال : انحدر السيد الحميري في سفينة إلى الأهواز ، فما رآه رجل في تفضيل علي عليه السلام وباهله على ذلك ، فلما كان الليل قام الرجل ليبول على حرف السفينة ، فدفعه السيد فغرقه ، فصاح الملاحون : غرق والله الرجل. فقال السيد : دعوه فإنه باهلي (1)
    2 ـ إن السيد كان بالأهواز ، فمرت به امرأة من آل الزبير تزف إلى إسماعيل ابن عبد الله بن العباس ؟ وسمع الجلبة فسأل عنها فأخبر بها ، فقال :
أتتنا تزف على بغلة زبيرية من بنات الذي تزف إلى ملك ماجد وفوق رحالتها قبه أحل الحرام من الكعبه (2) فلا اجتمعا وبها الوجبة
    فدخلت في طريقها إلى خربة للخلاء فنهشتها أفعى فماتت فكان السيد يقول : لحقتها دعوتي.
    3 ـ عن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن إسماعيل بن جعفر قال : خرج أهل البصرة يستسقون وخرج فيهم السيد وعليه ثياب خز وجبة ومطرف وعمامة فجعل يجر مطرفه ويقول :
إهبط إلى الأرض فخذ جلمدا لا تسقهم من سبل قطرة ثم ارمهم يا مزن بالجلمد فإنهم حرب بني أحمد
    4 ـ حدثني أبو سليمان الناجي قال : جلس المهدي يوما يعطي قريشا صلات لهم وهو ولي عهد ، فبدأ ببني هاشم بسائر قريش فجاء السيد فرفع إلى الربيع ـ حاجب المنصور ـ رقعة محتومة وقال : إن فيها نصيحة للأمير فأوصلها إليه. فأوصلها ، فإذا فيها :
قل لابن عباس سمي محمد أحرم بني تيم بن مرة إنهم لا تعطين بني عدي درهما شر البرية آخرا ومقدما

1 ـ الظاهر : باهلني.
2 ـ يعني عبد الله بن الزبير وقد تحصن بالبيت الحرام وقاتل به.


(255)
إن تعطهم لا يشكروا لك نعمة وإن إئتمنتهم أو استعملتهم ولئن منعتهم لقد بدءوكم منعوا تراث محمد أعمامه وتأمروا من غير أن يستخلفوا لم يشكروا لمحمد إنعامه والله من عليهم بمحمد ثم انبروا ؟؟ لوصيه ووليه ويكافئوك بأن تذم وتشتما خانوك واتخذوا خراجك مغنما بالمنع إذ ملكوا وكانوا أظلما وابنيه وابنته عديلة مريما وكفى بما فعلوا هنالك مأثما أفيشكرون لغيره إن أنعما ؟! وهداهم وكسا الجنوب وأطعما بالمنكرات فجرعوه العلقما
    قال : فرمى بها إلى أبي عبيد الله معاوية بن يسار الكاتب للمهدي ثم قال : اقطع العطاء. فقطعه ، وانصرف الناس ، ودخل السيد إليه ، فلما رآه ضحك وقال : قد قبلنا نصيحتك يا إسماعيل ؟ ولم يعطهم شيئا.
    5 ـ عن سويد بن حمدان بن الحصين قال : كان السيد يختلف إلينا ويغشانا ، فقام من عندنا ذات يوم فخلفه رجل وقال : لكم شرف وقدر عند السلطان فلا تجالسوا هذا فإنه مشهور بشرب الخمر وشتم السلف. فبلغ ذلك السيد فكتب إليه :
وصفت لك الحوض يا بن الحصين فإن تسق منه غدا شربة فمالي ذنب سوى أنني ذكرت امرأ فر عن مرحب فأنكر ذاك جليس لكم لحاني بحب إمام الهدى سأحلق لحيته إنها على صفة الحارث الأعور (1) تفز من نصيبك بالأوفر ذكرت الذي فر عن خيبر فرار الحمار من القسور زنيم أخو خلق أعور وفاروق أمتنا الأكبر شهود على الزور والمنكر
    قال : فهجر والله مشايخنا جميعا ذلك ولزموا محبة السيد ومجالسته. الأغاني 7 ص 250 ـ 254.
1 ـ هو الحارث الأعور الهمداني المتوفى سنة 65 من مقدمي أصحاب أمير المؤمنين يأتي ذكره في ترجمة والد شيخنا البهائي في شعراء القرن العاشر.

(256)
    6 ـ عن معاذ بن سعد الحميري قال : شهد السيد إسماعيل بن محمد الحميري رحمه الله عند سوار القاضي بشهادة ، فقال له : ألست إسماعيل بن محمد الذي يعرف بالسيد ؟ فقال : نعم. فقال له : كيف أقدمت على الشهادة عندي وأنا أعرف عداوتك للسلف ؟ فقال السيد : قد أعاذني الله من عداوة أولياء الله وإنما هو شيء لزمني. ثم نهض فقال له : قم يا رافضي ؟ فوالله ما شهدت بحق. فخرج السيد رحمه الله وهو يقول :
أبوك ابن سارق عنز النبي ونحن على رغمك الرافضون وأنت ابن بنت أبي جحدر لأهل الضلالة والمنكر
    ثم عمل شعرا وكتبه في رقعة وأمر من ألقاها في الرقاع بين يدي سوار. قال : فأخذ الرقعة سوار فلما وقف عليها وخرج إلى أبي جعفر المنصور وكان قد نزل الجسر الأكبر ليستعدي على السيد فسبقه السيد إلى المنصور فأنشأ قصيدته التي يقول فيها (1) :
يا أمين الله يا من‍ إن سوار بن عبد الله نعثلي (2) جملي جده سارق عنز لرسول الله والذي كان ينادي يا هناة اخرج إلينا فاكفنيه لا كفاه الله سن فينا سننا كانت ـصور يا خير الولاة من شر القضاة لكم غير مواتي فجرة من فجرات والقاذفة بالمنكرات (3) من وراء الحجرات (4) إننا أهل هنات شر الطارقات مواريث الطغاة

1 ـ أولها :
قم بنا يا صاح وأربع في المغاني الموحشات
    2 ـ قال الأستاذ العدوى في تعليقه على الأغاني 7 ص 261 : نعثل في الأصل : اسم رجل يهودي من أهل المدينة ، وقيل : نعثل : رجل لحياني ( طويل اللحية ) من أهل مصر. كان يشبه به عثمان رضي الله عنه إذا نيل منه.
3 ـ آخذنا هذا البيت من الأغاني 7 ص 261 ، والطبقات لابن المعتز ص 8.
4 ـ إشارة إلى نزول آية الحجرات في بني العنبر أجداد القاضي سوار.


(257)
فهجوناه ومن يهجو يصب بالفاقرات (1)
    قال : فضحك أبو جعفر المنصور وقال : نصبتك قاضيا فامدحه كما هجوته فأنشد رحمه الله يقول :
إني امرؤ من حمير أسرتي آليت لا أمدح ذا نائل إلا من الغر بني هاشم إن لهم عندي يدا شكرها يا أحمد الخير الذي إنما حمزة والطيار في جنة منهم وهادينا الذي نحن من لما دجا الدين ورق الهدى ذاك علي بن أبي طالب دانت وما دانت له عنوة ويوم سلع إذ أتى عاتبا يخطر بالسيف مدلا كما إذ جلل السيف على رأسه فخر كالجذع وأوداجه بحيث تحوي سروها حمير له سناء وله مفخر إن لهم عندي يدا تشكر حق وإن أنكرها منكر كان علينا رحمة تنشر فحيث ما شاء دعا جعفر بعد عمانا فيه نستبصر وجار أهل الأرض واستكبروا ذاك الذي دانت له خيبر حتى تدهدا عرشه الأكبر عمرو بن عبد مصلتا يخطر يخطر فحل الصرمة الدوسر (2) أبيض عضبا حده مبتر ينصب منها حلب أحمر
    وكان أيضا مما جرى له مع سوار ما حدث به الحرث بن عبيد الله الربيعي ، قال : كنت جالسا في مجلس المنصور وهو بالجسر الأكبر وسوار عنده والسيد ينشده :
إن الإله الذي لا شيء يشبهـه آتاكم الله ملكا لا زوال له وصاحب الهند مأخوذ برمته آتاكم الملك للدنيا وللدين حتى يقاد إليكم صاحب الصين وصاحب الترك محبوس على هون
    حتى أتى القصيدة والمنصور يضحك فقال سوار : هذا والله يا أمير المؤمنين ؟ يعطيك
1 ـ الفاقرة : الداهية الشديدة. هذا البيت أخذناه من طبقات ابن المعتز ص 7.
2 ـ الصرمة بالكسر : القطيعة من الإبل. الدوسر : الضخم الشديد.


(258)
بلسانه ما ليس في قلبه ، والله إن القوم الذين يدين بحبهم لغيرك ، وإنه لينطوي في عداوتكم. فقال السيد : والله إنه لكاذب وإنني في مديحكم لصادق ، ولكنه حمله الحسد إذ رآك على هذه الحال ، وإن انقطاعي ومودتي لكم أهل البيت لعرق لي فيها عن أبوي ، وإن هذا وقومه لأعداؤكم في الجاهلية والاسلام ، وقد أنزل الله عز وجل على نبيه عليه وآله السلام في أهل بيت هذا (1) إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون. ( سورة الحجرات 4 ) فقال المنصور : صدقت. فقال سوار : يا أمير المؤمنين إنه يقول بالرجعة ، ويتناول الشيخين بالسب والوقيعة فيهما. فقال السيد : أما قوله : باني أقول بالرجعة فإن قولي في ذلك على ما قال الله تعالى : و يوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون ( سورة النمل 83 ) و قد قال في موضع آخر : وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ( سورة الكهف 47 ) فعلمت أن ها هنا حشرين أحدهما عام والآخر خاص. وقال سبحانه : ربنا أمتنا اثنتين و أحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل ( سورة غافر 11 ) وقال الله تعالى : فأماته الله مائة عام ثم بعثه ( سورة البقرة 259 ) وقال الله تعالى : ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم ( سورة البقرة 243 ) فهذا كتاب الله عز وجل وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يحشر المتكبرون في صور الذر يوم القيامة (2) وقال صلى الله عليه وآله : لم يجر في بني إسرائيل شيء إلا ويكون في أمتي مثله حتى المسخ والخسف و والقذف (3) وقال حذيفة : والله ما أبعد أن يمسخ الله كثيرا من هذه الأمة قردة و خنازير (4) فالرجعة التي نذهب إليها ما نطق به القرآن وجاءت به السنة. وإنني لاعتقد أن الله تعالى يرد هذا ـ يعني سوارا ـ إلى الدنيا كلبا أو قردا أو خنزيرا أو ذرة فإنه والله متجبر متكبر كافر. قال : فضحك المنصور وأنشد السيد يقول :
1 ـ راجع تفسير الخازن 4 ص 174.
2 ـ أخرجه الترمذي والنسائي والمنذري في الترغيب والترهيب 3 ص 225 ، وابن الدبيع في تيسير الوصول 4 ص 151.
3 ـ راجع سنن ابن ماجة 2 ص 503.
4 ـ راجع سنن ابن ماجة 2 ص 489 ، والترغيب والترهيب 3 ص 107.


(259)
جاثيث سوارا أبا شملة فقال قولا خطأ كله ما ذب عما قلت من وصمة وبان للمنصور صدقي كما يبغض ذا العرش ومن يصطفي ويشنأ الحبر الجواد الذي ويعتدي بالحكم في معشر فبين الله تزاويقـه عند الإمام الحاكم العادل عند الورى الحافي والنائل في أهله بل لج في الباطل قد بان كذب الأنوك الجاهل من رسله بالنير الفاضل فضل بالفضل على الفاضل أدوا حقوق الرسل للراسل فصار مثل الهائم الهائل
    قال : فقال المنصور : كف عنه. فقال السيد : يا أمير المؤمنين البادي أظلم يكف عني حتى أكف عنه. فقال المنصور لسوار : تكلم بكلام فيه نصفة ، كف عنه حتى لا يهجوك. الفضول المختارة 1 ص 61 ـ 64.
    وروى أبو الفرج للسيد مما أنشده المنصور في سوار القاضي قوله :
قل للإمام الذي ينجى بطاعته لا تستعينن جزاك الله صالحه لا تستعن بخبيث الرأي ذي صلف تضحي الخصوم لديه من تجبره تيها وكبرا ولولا ما رفعت له يوم القيامة من بحبوحة النار يا خير من دب في حكم بسوار جم العيوب عظيم الكبر جبار لا يرفعون إليه لحظ أبصار من ضبعه كان عين الجائع العاري
    فدخل سوار ، فلما رآه المنصور تبسم وقال : أما بلغك خبر أياس (1) بن معاوية حيث قبل شهادة الفرزدق واستزاد في الشهود ، فما أحوجك للتعريض للسيد ولسانه ثم أمر السيد بمصالحته وأمره بأن يصير إليه معتذرا ففعل فلم يعذره ، فقال :
أتيت دعي بني العنبر فقلت لنفسي وعاتبتها أيعتذر الحر مما أتى أروم اعتذارا فلم أعذر على اللؤم في فعلها: أقصري إلى رجل من بني العنبر ؟!

1 ـ هو أياس بن معاوية بن قرة المزني البصري ولاه عمر بن عبد العزيز قضاء البصرة توفي سنة 122 ، وحديث قبوله شهادة الفرزدق يوجد في الأغاني 11 ص 50 طبع 19 ص 50 طبع بولاق


(260)
أبوك ابن سارق عنز النبي ونحن على رغمك الرافضون وأمك بنت أبي جحدر لأهل الضـلالة والمنكر
    قال : وبلغ السيد أن سوار قد أعد جماعة يشهدون عليه بسرقة ليقطعه ، فشكاه إلى أبي جعفر ، فدعا بسوار وقال له : قد عزلتك عن الحكم للسيد أو عليه ، فما تعرض له بسوء حتى مات.
    7 ـ عن إسماعيل بن الساحر قال : تلاحى رجلان من بني عبد الله بن دارم في المفاضلة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فرضيا بحكم أول من يطلع فطلع السيد ، فقاما إليه وهما لا يعرفانه ، فقال له مفضل علي بن أبي طالب عليه السلام منهما : إني وهذا اختلفنا في خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت : علي بن أبي طالب. فقطع السيد كلامه ثم قال : وأي شيء قال هذا الآخر ابن الزانية ؟! فضحك من حضر ووجم الرجل ولم يحر جوابا. الأغاني ج 7 ص 241 ، وطبقات الشعراء لابن المعتز ص 7 عن محمد بن عبد الله السدوسي عن السيد نفسه.
    8 ـ في كتاب الحيوان للجاحظ ج 1 ص 91 شبه السيد ابن محمد الحميري عائشة رضي الله عنها في نصبها الحرب يوم الجمل لقتال بنيها بالهرة حين تأكل أولادها فقال :
جاءت مع الأشقين في هودج كأنها في فعلها هرة تزجى إلى البصرة أجنادها تريد أن تأكل أولادها
    أخباره وملحه
    روى أبو الفرج وغيره شطرا وافيا من أخبار السيد وملحه ونوادره لو جمعت ليأتي كتابا ونحن نضرب عن ذكر جميعها صفحا ونقتصر منها بنبذة يسع لذكرها المجال.
    1 ـ روى أبو الفرج في ( الأغاني ) 7 ص 250 بإسناده عن رجل قال : كنت أختلف إلى إبني قيس ، وكانا يرويان عن الحسن (1) فلقيني السيد يوما وأنا منصرف من عندهما ، فقال : أرني ألواحك أكتب فيها شيئا وإلا أخذتها فمحوت ما فيها. فأعطيته ألواحي فكتب فيها.
1 ـ هو أبو سعيد الحسن بن أبي يسار البصري المتوفى 110 ، قال ابن أبي الحديد : كان ممن قيل : إنه يبغض عليا عليه السلام ويذمه.
كتاب الغدير ـ الجزء الثاني ::: فهرس